الجزائر: تورط 150 نائب جزائرى في فضائح اعتداء واغتصاب وفساد

الجزائر: تورط 150 نائب جزائرى في فضائح اعتداء واغتصاب وفساد
تجاوز عدد النواب المتهمين بارتكاب تجاوزات في حق القانون العام، 150 برلماني، إلا أن تمتعهم بالحصانة البرلمانية حالت دون متابعتهم من طرف العدالة، فيما طالبت السلطات المعنية النواب المنتهية عهدتهم بإرجاع السلاح الذي منح لهم.

وكشفت مصادر موثوقة لـ "الشروق"، أن التجاوزات ترواحت بين الجنح والجنايات، على غرار قضايا تتعلق بالقتل، الفساد والتهديد، إشهار السلاح، استعمال النفوذ، المخالفات والجنح المرورية خاصة جنحة السياقة في حالة سكر، ناهيك عن الفضائح الأخلاقية التي شكلت حصة الأسد في مجموع القضايا التي ارتكبها النواب مثل الاغتصاب والتعدي على القصر، مما يكشف جسامة الأخطاء التي وقع فيها بعض ممثلي الشعب.

ومن أبرز الفضائح التي ارتكبت تحت غطاء الحصانة البرلمانية، حسب ما كشف عنه رئيس حزب الجبهة الوطنية الجزائرية موسى تواتي لـ"الشروق" هو تورط 3 نواب من مختلف التشكيلات السياسية في الاعتداء على قصر لم تتجاوز أعمارهن 17 سنة، إلى جانب تورط 3 آخرين في قضايا أخرى تتعلق بالمساس بالحق العام.

في سياق متصل، أقدم برلماني ينتمي إلى أحد أحزاب التحالف الرئاسي في 2009 على اغتصاب فتاة جامعية من معهد الحقوق ببن عكنون، وهو الحال نفسه تكرر مع نائب من الشرق الجزائري تورط في اغتصاب فتاة في السادسة عشرة من عمرها عنوة، وهي القضية التي ستكشف تفاصيلها محكمة سيدي أمحمد في حال انقضاء العهدة البرلمانية للمتهم خلال الأشهر القليلة المقبلة.

وأحدث نموذجان عن إشكالية الحصانة والتي وصلت حد القتل، ما وقع للنائب البرلماني "س. م" الذي قتل شابا كان يمارس رياضة العدو، وبغض النظر عن ملابسات هذه الحادثة، إلا أن القضية تدخل في إطار زهق روح إنسان والجريمة تصنف في ذروة الإجرام.

وتواصلت تجاوزات ممثلي الشعب لتصل إلى فصل أحد أعوان الشرطة من منصبه وشطبه من صفوف الجهاز بسبب أحد النواب الذي أقدم على صفعه بمطار هواري بومدين بسبب إصرار الشرطي على تفتيش النائب الذي كان يستعد للسفر، ومهما كانت الذرائع فإن الاعتداء على رجل أمن أثناء تأدية وظيفته، صنفه المشرع الجزائري في ذروة الجنوح، ناهيك عن عشرات النواب المتورطين في اعتداءات جسدية ولفظية ضد مواطنين وإشهار السلاح الناري متبوع بتهديدات يتم التحفظ عليها بحكم الحصانة التي يتمتع بها النائب في البرلمان أو عضو مجلس الأمة.

إلى جانب هذه القضايا التي خرجت إلى العلن، كشفت مصادر على صلة بالملف، المستور أن وزارة العدل تتلقى بين الحين والأخر نتائج تحقيقات أجهزة الأمن، حول تورط عشرات البرلمانيين في جنح وجنايات متفاوتة الخطورة، فيما أحال الوزير الطيب بلعيز العديد من القضايا على رئيسي غرفتي البرلمان خلال العشر سنوات الماضية، لكنها بقيت حبيسة الأدراج.

ويرى بعض رجال القانون بضرورة الإسراع في تعديل النظام الداخلي لمجلسي الشعب والأمة، بما يسمح لوكلاء الجمهورية والنواب العامين بإجراء المتابعات القضائية ضد النواب وأعضاء مجلس الأمة، في كل الجنح والجنايات غير المرتبطة بمهام عضو البرلمان وهو يمارس مهامه تحت قبة البرلمان.

الدستور القادم قد يُراجع شروطها وينظمها بضوابط محددة

نواب يختبئون وراء الحصانة البرلمانية لارتكاب تجاوزات

تسبب التفسير الخاطئ لكيفية تناول المشرع الجزائري لمفهوم الحصانة البرلمانية في وقوع الكثير من التجاوزات من قبل بعض النواب، وذلك تحت غطاء الحصانة، مع أن الدستور ينص على أن النائب يستفيد من هذا الامتياز داخل البرلمان فقط، بغرض تجنيبه الخضوع لمتابعات نظير تدخلاته أو انتقاده للسلطة.

وتنص المادة 109 من الدستور على أن الحصانة البرلمانية معترف بها للنواب وأعضاء مجلس الأمة خلال مدة نيابتهم ومهمتهم البرلمانية، ولا يمكن أن يتابعوا أو يوقفوا، أو ترفع عنهم أية دعوى مدنية أو جزائية أو يسلط عليهم أي ضغط بسبب ما عبروا عنه من آراء أو ما تلفظوا من كلام أو بسبب تصويتهم خلال ممارسة مهامهم النيابية.

ويضمن القانون للنائب عدم التعرض للمضايقات حين ممارسة مهامه، إذ بإمكانه أن يقول ما يشاء، غير أن فهم الحصانة البرلمانية حمل الكثير من الانحرافات، إذ أصبح ينظر إليها على أنها من ضمن أهم الامتيازات التي يحظى بها النائب، وهو ما جعل بعض المختصين في القانون يتوقعون بأن يعيد الدستور المقبل النظر في مفهوم الحصانة البرلمانية، من خلال وضع مجموعة من الضوابط تحدد مجالها، تفاديا لسوء استعمالها بسبب الفهم الخاطئ لمعناها.

ويقول في هذا السياق، مقرر لجنة الشؤون القانونية بالمجلس الشعبي الوطني زين الدين بن مدخن، بأن الحصانة البرلمانية لا تنهي المتابعة ضد النائب المتورط في ارتكاب تجاوزات بل توقفها مؤقتا، وذلك إلى حين انتهاء العهدة البرلمانية، بحجة تمكين النواب من أداء مهامهم بصفتهم ممثلين للشعب، ويصر المصدر نفسه على أن الجزائر لا تشكل استثناء في إقرارها للحصانة البرلمانية، التي لا يمكن اعتبارها في نظره امتيازا، بحجة أن الغرض منها هو رفع العراقيل أمام النواب أثناء القيام بمهامهم.

وتتولى وزارة العدل مهمة إخطار مكتب المجلس الشعبي الوطني، برفع الحصانة عن النائب المتورط في جناية أو جنحة، ويمكن لمكتب المجلس أن يلتمس إسقاط الحصانة لدى لجنة الشؤون القانونية التي تقترح سحب الحصانة في جلسة يصوت عليها باقي النواب، غير أن وزارة العدل لم تقدم أبدا على إخطار مكتب البرلمان بغرض إسقاط الحصانة، رغم وقوع الكثير من التجاوزات من طرف نواب مروا على الغرفة السفلى للبرلمان وآخرون يوشكون على إنهاء عهدتهم النيابية، وهو ما يثير بعض التساؤلات حسب تأكد متتبعين.

وتنص المادة 111 من الدستور على أنه في حالة تلبس أحد النواب أو أحد أعضاء مجلس الأمة بجنحة أو جناية، يمكن توقيفه، ويخطر بذلك مكتب المجلس الشعبي الوطني أو مكتب مجلس الأمة فورا، ويمكن المكتب المخطَر أن يطلب إيقاف المتابعة وإطلاق سراح النائب أو عضو مجلس الأمة.

التعليقات