يوم الثقافة الفلسطينية في العاصمة البلغارية صوفيا

غزة - دنيا الوطن
في ذكرى يوم الثقافة، وميلاد شاعر الثورة الفلسطينية محمود درويش، اقامت سفارة دولة فلسطين لدى بلغاريا حفلا ثقافيا مميزا، وذلك في القاعة الثامنة في قصر الثقافة وسط العاصمة صوفيا، هذا وقد اكتظت قاعة التي تحمل معانِ رمزية لنخبة المثقفين البلغار والتي تعتبر تحفة معمارية تتوسط مدينة صوفيا بمحبي شعر محمود درويش المعروف للقارئ البلغاري من خلال سلسلة من الترجمات التي قامت بها السفارة سابقا، مثل "ذاكرة للنسيان"، و"الجدارية"، وديوان المختارات تحت العنوان "لا بعد بعدك". وفاق العدد الكبير للحضور كل التوقعات، حيث كان ملفتا للنظر عنصر الشباب الغالب بين الحاضرين، من طلاب الجامعات والثانوية المتخصصة في تدريس اللغات الشرقية، وعدد كبير من الاساتذة، وابناء الجالية الفلسطينية والعربية المقيمين في بلغاريا، بالاضافة الى عدد من سفراء الدول العربية والصديقة واعضاء السلك الدبلوماسي في بلغاريا، وعدد من ممثلي المنظمات الاهلية.

هذا وقد بدأ الحفل الذي تم تنظيمه بالتعاون مع المعهد الثقافي التابع لوزارة الخارجية البلغارية واتحاد الكتاب البلغار ومنتدى الثقافة العربية، بكلمة للسفير الفلسطيني في بلغاريا الدكتور أحمد المذبوح التي تحدث فيها عن الإرث الثقافي الفلسطيني وما قدمه شاعرنا المبدع والخالد محمود درويش من إضافة لهذا الإرث بشكل خاص وللثقافة العالمية وللإنسانية بشكل عام. وعن دور الثقافة الإنسانية في التقريب بين الشعوب والحضارات المختلفة. كما وشكر السفير الفلسطيني كل من ساهم في إحياء هذه المناسبة إضافة للضيوف الذين لبوا الدعوة وكذلك الحضور الذين غصت بهم قاعة قصر الثقافة الوطني.

وجاء في كلمة السفير ان الثقافة في فلسطين تشكل جزءا لايتجزأ من هوية الشعب الفلسطيني على مر التاريخ والعصور، حيث كانت فلسطين حاضرة في وجدان مثقفيها من فنانين وتشكيليين ومسرحيين. وكما كان جرح فلسطين عميقا ومؤلما في ذاكرة الشعب الفلسطيني، فهو ما زال حاضرا في وجدان فنانيه على امتداد العالم. واشار الى ان مستويات التعليم بين الفلسطينيين عالية وبشكل كبير، الامر الذي يجعلهم بالفعل أكبر نخبة من المتعلمين بين جميع الشعوب العربية.

واكد على ان المساهمات الثقافية لمجالات الفن والأدب والموسيقى والملابس والمطبخ أعربت عن تميز التجربة الفلسطينية، التي لا زالت تزدهر، على الرغم من الفصل الجغرافي الذي حدث في فلسطين التاريخية بين الأراضي الفلسطينية وإسرائيل والشتات.

ونوه الى ان اختيار تاريخ ميلاد محمود درويش يوما للثقافة الفلسطينية لهو تعبير عن مدى التلاحم والتواصل بين المثقف الفلسطيني وقضيته العادلة، حيث لا يمكن ان يتبين أيهما أعطى زخماً أكثر للآخر.

واضاف بأنه لم يبالغ الذين قالوا عن محمود درويش إنه واحد من أكبر شعراء الإنسانية في زماننا المعاصر مثله مثل لوركا الذي احبه وتأثر به، ومثل نيرودا واراغون، فهناك بعض الشعراء الذين اختارتهم الاقدار ليكونوا رموزا وليسوا‏ فقط مجرد شعراء‏.‏ وشاعرنا واحد من هؤلاء الشعراء‏.‏

وختم سعادته بأنه على الرغم من الصعاب التي تعترض طريقنا نحو الاستقلال والخلاص من اعتى احتلال وآخره، فقد حافضنا على ثقافتنا وتاريخنا وسقط رهان المحتلين على طمس ثقافتنا ودحرها، والحقيقة تقال ان ثقافتنا الفلسطينية تعمل في نسق واحد مع كل مكونات شعبنا من اجل اقامة دولتنا المستقلة وعاصمتها القدس.

وبعد كلمتي تكلمت السيدة لودميلا ديميتروفا، مديرة المعهد الثقافي التابع للخارجية البلغارية، مؤكدة على أهمية الثقافة المعنية بمد الجسور المتينة الحقيقية للتفاهم والتقارب فيما بين الناس.

وتلاها الشاعر البلغاري بيتكو براتينوف، نائب رئيس اتحاد الكتاب البلغار، الذي كان قد تعرف على محمود درويش شخصياً في ملتقى صوفيا العالمي للكتاب سنة 1987، ثم أنه كان من المفترض أن يعيد الشاعر الفلسطيني زيارته إلى صوفيا بمناسبة استئناف ملتقيات سنة 2006، لكنه تعذر له السفر لتردي صحته، ورغم غيابه فقد منحه اتحاد الكتاب البلغار جائزة (الوردة الفضية) لإبداعه الشعري الرفيع.

 بعد ذلك تحدث البروفيسور زخاري زخارييف، رئيس مؤسسة (سلافياني) وقائد الوفد الثقافي البلغاري الذي أقام أسبوع الثقافة البلغارية ضمن فعاليات القدس عاصمة الثقافة العربية 2009، وأقامت مؤسسته علاقة بمؤسسة محمود درويش في رام الله، فقد أعرب في كلمته عن أمله في تنشيط العلاقات الثقافية البلغارية الفلسطينية وترجمتها على أرض الواقع من خلال المزيد من الفعاليات، أما كتاب "في حضرة الغياب" فقد وصفه بأنه نِدّ لرواية الأديب اليوناني كازانثاكيس الشهيرة "تقرير إلى الغريكو". 

وكان المتحدث الأخير السيد رسلان طراد، رئيس منتدى الثقافة العربية الذي قام بتأسيسه عدد من الطلاب البلغار من هواة الثقافة العربية واختاروا محمود درويش اسماً لمنتداهم. وقد احتفلوا أمس بالذكرى الثالثة على انطلاقة مبادرتهم، من خلال مشاركتهم في تنظيم الأمسية وإلقاء مقتطفات مختارة من نص الكتاب.

وقد تم بمناسبة هذا اليوم الثقافي تقديم الترجمة البلغارية لكتاب الشاعر محمود درويش "في حضرة الغياب". حيث تحدثت مترجمة الكتاب السيدة مايا تسونيفا عن الشاعر والأثر الذي تركه شعره في نفسيتها وذاكرتها وعلاقتها بفلسطين القضية وفلسطين الشعر والأدب. واسترجعت وهي تغالب دموعها وقد بدا التأثر عليها وهي تسترجع من ذاكرتها اللحظة التي سمعت فيها صوت الشاعر في الهاتف وهو يعطي موافقته على ترجمة أولى كتبه إلى اللغة البلغارية.

وقد تخلل كلمات الحفل قراءة بعض المقاطع من كتاب درويش وشعره التي ألقاها اعضاء من منتدى الثقافة العربية، كما والقيت قصيدة للشاعر درويش بصوت الأسير الفلسطيني المبعد الدكتور عدنان جابر.

هذا وقد رافق قراءة شعر درويش عزف على العود أداه العازف الفلسطيني الفنان محمد الرفاعي، الذي اختتم الحفل بإغنية وطنية الهبت مشاعر الحضور. 

التعليقات