كيف سلمت الاستخبارات التركية "الهرموش "إلى سوريا
غزة - دنيا الوطن
نشرت مواقع مؤيدة للأسد التقرير الاستخباري التالي :
شهدت تركيا منذ استلام حزب «العدالة والتنمية» الحكم نهاية عام 2002، تحوّلاً كبيراً على صعيد إدارة الحكم وفصل السلطات وتغيير الآليات والتشريعات التي تدار بها المؤسسات الرسمية في البلاد، في الوقت الذي كانت سلطة العسكر تتراجع، ونفوذها على السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية يتآكل نتيجة لهذه التغييرات.
وقد طاولت هذه التغييرات ولا تزال مؤسسات عُرفَت بسطوتها وحظوتها وكان الجيش على رأسها، ومن ثمّ طاول النقاش فيما بعد رسميا وإعلاميا المؤسسات الأمنية الأخرى كالقوات المسلحة التركية والشرطة والدرك، وبقيت منظمة الاستخبارات القومية التركية (MIT) بعيدة عن هذا النقاش وفي الظل حتى بداية الشهر الجاري عندما دار جدل واسع حول الاستخبارات التركية وطبيعة عملها ودورها وهيكليتها والجهة التي تخضع لها.
فقد انفجرت أخيراً فضيحتان ترتبطان بهذه المؤسسة وطبيعة عملها، ما سلّط الضوء عليها بشدة وجعلها مادة للتداول على المستويين السياسي والشعبي.
وترتبط الفضيحة الأولى باستدعاء مدير منظمة الاستخبارات التركية هاكان فيدان، رجُل رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان، للإدلاء بشهادته في ما يتعلّق باتهامات حول إجراء حوار غير قانوني وغير معلن مع حزب “العمّال الكردستاني” الذي يعتبر إرهابيا، وهو الموضوع الذي استغلته المعارضة التركية استغلالا شديدا لتضع أردوغان في الزاوية، خصوصا أنّ فيدان كان قد رفض الاستجابة لطلب المدعي العام، طالبا أن يتم ذلك بعد أخذ موافقة رئيس الوزراء، وهو ما أدى إلى إجراء تعديل قانوني عاجل يحمي رئيس الاستخبارات وبعض العاملين في المنظمة من المساءلة القانونية في المواضيع التي تم تكليفهم بها إلا بشرط الرجوع إلى رئاسة الوزراء.
وأظهرت الفضيحة الثانية قيام بعض عناصر الاستخبارات التركية باختطاف المقدّم المنشق من الجيش السوري حسين هرموش ومعه مصطفى قسّوم من مخيّم اللاجئين وتسليمه إلى السلطات السورية مقابل مكافأة مالية، وذلك بعد التحقيق الذي أجراه المدّعي العام في أضنة واتّهم فيه رسميا خمسة أشخاص بالضلوع في العملية، وبجرائم من بينها التجسس وتقييد الحريات.
وتشير المعلومات المتوافرة حتى الآن إلى أنّ أحد العناصر التابعين للاستخبارات التركية ويرمز اليه بـ (أُ. اس) اصطحب المقدم هرموش بسيارة تابعة للاستخبارات، متوجها إلى منطقة سامانداي تشليك في هاتاي ومن ثمّ سلّمه للنظام السوري، بعدما وضع هاتف هرموش في سيارة أُخرى اتجهت إلى غازي عنتاب لتضليل الشرطة التي ستعتقد أن هرموش اختفى هناك.
وعندما تناول الإعلام التركي هذه القضية وإصدر المدعي العام مذكرة توقيف بحق (أُ.س)، إتصل المدير الإقليمي للاستخبارات في منطقة هاتاي ويرمز إليه بـ (م. أ. أ.) بالمتّهم (أُ. س) ليبلغه أنّ موضوعه قد انكشف وأنّ كاميرا الشرطة قد التقطت صورا له مع هرموش في السيارة التي أقتاده فيها الى سامانداي تشليك.
وقد اصدر المدعي العام بعدها مذكرة إضافية لاعتقال المدير الإقليمي للاستخبارات التركية في منطقة أضنة ن. ب، والمدير الإقليمي للاستخبارات التركية في مدينة هاتاي م. أ. أ. بعد التنصت على المكالمة التي أجراها الأخير مع المتّهم الرئيسي في عملية الاختطاف.
وقال احد الخبراء بالشؤون الأمنية لـ”الجمهورية”: “منظمة الاستخبارات عبارة عن خزنة سوداء مقفلة، وقد بقيت بعيدة عن النقاشات لأنها كما تعلمون منظمة غير شفّافة وتعتمد مبدأ السريّة في عملها. المشكلة على الأرجح أنّ إدلاء هاكان بشهادته يجعله يعتقد انه في موقع المتهم أو الضعيف وفي أحسن الحالات غير المسيطر على ما يجري داخل المؤسسة، ولأنه لم يرد أن يظهر بهذا المظهر، تعقّدت الأمور واضطر رئيس الوزراء الى الدفاع عنه”.
وأضاف: “حتى الآن استطاع أردوغان حماية رجله، لكنّ المنظمة ليست كفوءة ولا تقوم بعمل جيّد، وأن تنصيب رجل ولو كان جيداً وكفياً على سدّتها كـ”هاكان فيدان” لن يحل المشكلة بل سيعقدها، لأن المنظمة ليست عبارة عن شخص، إنما هي تحتاج إلى إعادة تأهيل بكاملها”.
وعن موضوع هرموش، قال هذا الخبير بالشؤون الأمنية: “منظمة الاستخبارات القومية قد لا تكون كلها تحت سيطرة الحكومة، وقد يكون هناك بعض العناصر التابعين لشبكة أرغانيكون لا يزالون يعملون في داخلها لمصلحتها أو لأجندتهم الخاصة التي تستهدف الإضرار بالحكومة. فكما تعلمون أنّ شبكة ارغانيكون جنّدت عناصر لها داخل كل المؤسسات بينهم إعلاميون وصحافيون وعسكريون وخبراء، ولذلك ليس مستبعداً أن يكون لها عناصر في الاستخبارات، لأن الاستخبارات مؤسسة مغلقة ما يتيح لعناصر كهؤلاء مقدارا كبيرا من التغطية بخلاف المؤسسات الأخرى”.
من جهته، دعا المتخصّص في مجال الأمن والإرهاب في منظمة البحوث الاستراتيجية “أوساك” إحسان بال عبر “الجمهورية” الحكومة الى الإسراع في كشف كل التفاصيل المتعلقة بمنظمة الاستخبارات القومية والمقدّم هرموش وتقديمها للرأي العام التركي، مؤكدا “أنّ ما تم يضرّ بالأمن القومي التركي ويقوّض خطاب السياسة الخارجية للبلاد”.
وتعليقاً على قضية هرموش، قال هذا المتخصّص الأمني: “لم اكن أتخيّل إمكان حصول هذا الأمر، ويمكن أن يكون خطأ فرد أو لعبة أكبر أو شيئا آخر محتمل، لأننا لا نعرف بعد التفاصيل الكاملة وحجم التورط في الموضوع. لكن هناك من وضع، عن قصد أو غير قصد، الاستخبارات في مواجهة السياسة الخارجية التركية، الامر الذي من شأنه تقويض عمل الأخيرة وجعله غير فعّال”، مشيرا إلى أنّه “سيكون من الصعب شرح هذه التعقيدات للسوريين أو غيرهم”، ومشددا على “ضرورة مراقبة هذه المؤسسة وعملها لكي لا تذهب في سياسات مناقضة لتوجهات الحكومة، خصوصاً أنّ الوضع حسّاس ودقيق”.
يذكر أنّ هرموش كان قد اختفى من معسكر اللاجئين السوريين في تركيا في آب العام الماضي ليظهر في سوريا لاحقاً ويتمّ إعدامه.
شهدت تركيا منذ استلام حزب «العدالة والتنمية» الحكم نهاية عام 2002، تحوّلاً كبيراً على صعيد إدارة الحكم وفصل السلطات وتغيير الآليات والتشريعات التي تدار بها المؤسسات الرسمية في البلاد، في الوقت الذي كانت سلطة العسكر تتراجع، ونفوذها على السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية يتآكل نتيجة لهذه التغييرات.
وقد طاولت هذه التغييرات ولا تزال مؤسسات عُرفَت بسطوتها وحظوتها وكان الجيش على رأسها، ومن ثمّ طاول النقاش فيما بعد رسميا وإعلاميا المؤسسات الأمنية الأخرى كالقوات المسلحة التركية والشرطة والدرك، وبقيت منظمة الاستخبارات القومية التركية (MIT) بعيدة عن هذا النقاش وفي الظل حتى بداية الشهر الجاري عندما دار جدل واسع حول الاستخبارات التركية وطبيعة عملها ودورها وهيكليتها والجهة التي تخضع لها.
فقد انفجرت أخيراً فضيحتان ترتبطان بهذه المؤسسة وطبيعة عملها، ما سلّط الضوء عليها بشدة وجعلها مادة للتداول على المستويين السياسي والشعبي.
وترتبط الفضيحة الأولى باستدعاء مدير منظمة الاستخبارات التركية هاكان فيدان، رجُل رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان، للإدلاء بشهادته في ما يتعلّق باتهامات حول إجراء حوار غير قانوني وغير معلن مع حزب “العمّال الكردستاني” الذي يعتبر إرهابيا، وهو الموضوع الذي استغلته المعارضة التركية استغلالا شديدا لتضع أردوغان في الزاوية، خصوصا أنّ فيدان كان قد رفض الاستجابة لطلب المدعي العام، طالبا أن يتم ذلك بعد أخذ موافقة رئيس الوزراء، وهو ما أدى إلى إجراء تعديل قانوني عاجل يحمي رئيس الاستخبارات وبعض العاملين في المنظمة من المساءلة القانونية في المواضيع التي تم تكليفهم بها إلا بشرط الرجوع إلى رئاسة الوزراء.
وأظهرت الفضيحة الثانية قيام بعض عناصر الاستخبارات التركية باختطاف المقدّم المنشق من الجيش السوري حسين هرموش ومعه مصطفى قسّوم من مخيّم اللاجئين وتسليمه إلى السلطات السورية مقابل مكافأة مالية، وذلك بعد التحقيق الذي أجراه المدّعي العام في أضنة واتّهم فيه رسميا خمسة أشخاص بالضلوع في العملية، وبجرائم من بينها التجسس وتقييد الحريات.
وتشير المعلومات المتوافرة حتى الآن إلى أنّ أحد العناصر التابعين للاستخبارات التركية ويرمز اليه بـ (أُ. اس) اصطحب المقدم هرموش بسيارة تابعة للاستخبارات، متوجها إلى منطقة سامانداي تشليك في هاتاي ومن ثمّ سلّمه للنظام السوري، بعدما وضع هاتف هرموش في سيارة أُخرى اتجهت إلى غازي عنتاب لتضليل الشرطة التي ستعتقد أن هرموش اختفى هناك.
وعندما تناول الإعلام التركي هذه القضية وإصدر المدعي العام مذكرة توقيف بحق (أُ.س)، إتصل المدير الإقليمي للاستخبارات في منطقة هاتاي ويرمز إليه بـ (م. أ. أ.) بالمتّهم (أُ. س) ليبلغه أنّ موضوعه قد انكشف وأنّ كاميرا الشرطة قد التقطت صورا له مع هرموش في السيارة التي أقتاده فيها الى سامانداي تشليك.
وقد اصدر المدعي العام بعدها مذكرة إضافية لاعتقال المدير الإقليمي للاستخبارات التركية في منطقة أضنة ن. ب، والمدير الإقليمي للاستخبارات التركية في مدينة هاتاي م. أ. أ. بعد التنصت على المكالمة التي أجراها الأخير مع المتّهم الرئيسي في عملية الاختطاف.
وقال احد الخبراء بالشؤون الأمنية لـ”الجمهورية”: “منظمة الاستخبارات عبارة عن خزنة سوداء مقفلة، وقد بقيت بعيدة عن النقاشات لأنها كما تعلمون منظمة غير شفّافة وتعتمد مبدأ السريّة في عملها. المشكلة على الأرجح أنّ إدلاء هاكان بشهادته يجعله يعتقد انه في موقع المتهم أو الضعيف وفي أحسن الحالات غير المسيطر على ما يجري داخل المؤسسة، ولأنه لم يرد أن يظهر بهذا المظهر، تعقّدت الأمور واضطر رئيس الوزراء الى الدفاع عنه”.
وأضاف: “حتى الآن استطاع أردوغان حماية رجله، لكنّ المنظمة ليست كفوءة ولا تقوم بعمل جيّد، وأن تنصيب رجل ولو كان جيداً وكفياً على سدّتها كـ”هاكان فيدان” لن يحل المشكلة بل سيعقدها، لأن المنظمة ليست عبارة عن شخص، إنما هي تحتاج إلى إعادة تأهيل بكاملها”.
وعن موضوع هرموش، قال هذا الخبير بالشؤون الأمنية: “منظمة الاستخبارات القومية قد لا تكون كلها تحت سيطرة الحكومة، وقد يكون هناك بعض العناصر التابعين لشبكة أرغانيكون لا يزالون يعملون في داخلها لمصلحتها أو لأجندتهم الخاصة التي تستهدف الإضرار بالحكومة. فكما تعلمون أنّ شبكة ارغانيكون جنّدت عناصر لها داخل كل المؤسسات بينهم إعلاميون وصحافيون وعسكريون وخبراء، ولذلك ليس مستبعداً أن يكون لها عناصر في الاستخبارات، لأن الاستخبارات مؤسسة مغلقة ما يتيح لعناصر كهؤلاء مقدارا كبيرا من التغطية بخلاف المؤسسات الأخرى”.
من جهته، دعا المتخصّص في مجال الأمن والإرهاب في منظمة البحوث الاستراتيجية “أوساك” إحسان بال عبر “الجمهورية” الحكومة الى الإسراع في كشف كل التفاصيل المتعلقة بمنظمة الاستخبارات القومية والمقدّم هرموش وتقديمها للرأي العام التركي، مؤكدا “أنّ ما تم يضرّ بالأمن القومي التركي ويقوّض خطاب السياسة الخارجية للبلاد”.
وتعليقاً على قضية هرموش، قال هذا المتخصّص الأمني: “لم اكن أتخيّل إمكان حصول هذا الأمر، ويمكن أن يكون خطأ فرد أو لعبة أكبر أو شيئا آخر محتمل، لأننا لا نعرف بعد التفاصيل الكاملة وحجم التورط في الموضوع. لكن هناك من وضع، عن قصد أو غير قصد، الاستخبارات في مواجهة السياسة الخارجية التركية، الامر الذي من شأنه تقويض عمل الأخيرة وجعله غير فعّال”، مشيرا إلى أنّه “سيكون من الصعب شرح هذه التعقيدات للسوريين أو غيرهم”، ومشددا على “ضرورة مراقبة هذه المؤسسة وعملها لكي لا تذهب في سياسات مناقضة لتوجهات الحكومة، خصوصاً أنّ الوضع حسّاس ودقيق”.
يذكر أنّ هرموش كان قد اختفى من معسكر اللاجئين السوريين في تركيا في آب العام الماضي ليظهر في سوريا لاحقاً ويتمّ إعدامه.
التعليقات