المحرر "عبد الرحمن شهاب" يتحدث عن رحلته الجهادية والأدبية

غزة - دنيا الوطن
عاد بروحِ فتية وبعزيمة متجددة لم تكسرها ظلمة السجن وجبروت الجلاد.. حمل بقلبه الإيمان والوعي والثورة فأبدع في مقارعة الاحتلال ومطاردته بالقلم والبندقية..

هي رحلة الصبر والاحتساب والثبات على الحق والصمود على ظلم الطغيان والجبروت الصهيوني.. هي مسيرة العناء والشقاء في سبيل الله التي خطها أحفاد الشقاقي الميامين بصمودهم وتضحياتهم وجهادهم وتمسكهم بخيارهم وتوجههم نحو النصر والعزة والتمكين..



الأسير المحرر " عبد الرحمن شهاب" اعتقلته قوات الاحتلال الصهيوني في بلدة جباليا بتاريخ 16/12/1988 بتهمة الانتماء لحركة الجهاد الإسلامي والمشاركة في عمليات جهادية، وكان حينها يبلغ من العمر ثمانية عشر عاماً.

تنسم الأسير المجاهد "عبد الرحمن شهاب" عبير الحرية في صفقة "وفاء الأحرار" بعد ثلاثة وعشرين عاماً من الاعتقال والمعاناة في سجون الاحتلال الصهيوني.

مــراسل موقع "الإعلام الحربي لـسرايا القدس" بلواء شمال قطاع غزة, استضاف الأسير المحرر القائد " عبد الرحمن ربيع شهاب " رئيس الهيئة القيادية لأسرى الجهاد الإسلامي في السجون الصهيونية والذي تنسم الحرية في صفقة وفاء الأحرار ، في حوار خاص, ليروي لنا رحلته الجهادية والأدبية داخل سجون الاحتلال، واليكم نص الحوار.

الانتماء للجهاد

وفي بداية حديثنا معه تحدث المحرر " عبد الرحمن شهاب" عن انتماءه لحركة الجهاد الإسلامي. حيث قال: " انتميت للجهاد بعد أن أمنت بالنهج الجهادي الذي تسير عليه والفكر الصواب لهذه الحركة وبعدما تأثرت بالأخ "عبد السلام شهاب" من جباليا والذي رافق الدكتور فتحي الشقاقي رحمه الله في جامعة الزقازيق وكان من المؤسسين للحركة في مصر ومن نواتها في جباليا وتأثرنا بهم عندما كان عمرنا 17 عاما وبعدها جاءت الضربة القوية لحركة الجهاد واعتقال الدكتور فتحي الشقاقي وبداية عمليات الجهاد الإسلامي القوية فتأثرنا جداً بهذا النهج الجهادي وتعرفنا على قلعة الجهاد الإسلامي الذي لا زال لحتى الأن مسجد الشهيد عز الدين القسام وكنت من المعجبين بخطب ودروس الشيخ عبد العزيز عودة والإخوة حافظ الشريف ومروان أبو شريعة والأخ عبد السلام شهاب ورياض أبو راس من أكثر الإخوة الذين تأثرت بهم، والعمل على حضور الندوات والدروس في مسجد عنان غرب منطقة الكرامة شمال غزة ومن ثم عملية الهروب من السجن ومعركة الشجاعية وعمليات الطعن للأخ المحرر خالد الجعيدي التي زادت في نفوسنا السير على النهج السليم نهج حركة الجهاد الإسلامي.

عملية الاعتقال

وعن عملية اعتقاله قال المحرر "شهاب" :عملية اعتقالي تمت بتاريخ16/12/1988 عندما كنت اكتب على جدران المنازل شعارات للحركة والمقاومة ضد الاحتلال برفقة إخوان لي من الحركة فمرت علينا سيارة "فولكس وقن" ونعرف السائق الذي فيها وعلى بعد 20 متر في الليل فإذا بقوات خاصة تخطف السيارة منه وتأتي لنا ولم نكن نراهم وقامت بعملية اعتقالنا، فكان في الوقت ذلك الجيش الصهيوني يمنع الكتابة على الجدران، ويأمر المواطنين بمسح أي كتابة على الجدران وكان من يكتب على يدفع ثمناً غالياً، أما اليوم تغير الأمر فعند خروجي من السجن رأيت الجدران مليئة بالكتابات والشعارات الجهادية، فكانت مجموعتنا التي تتكون من 8 أفراد أولى المجموعات التي تعتقل في الانتفاضة الأولى من أبناء الجهاد الإسلامي كلهم أفرج عنهم إلا أنا بقيت في الاعتقال، حيث تنقلت في غالب السجون من السجن المركزي إلى سجن أنصار والنقب والسبع وعسقلان ونفحة والرملة وهداريم وأخيرا إلى سجن رامون أمضيت 23 عاما ثم أفرج عني في صفقة وفاء الأحرار .

تهمة الاعتقال

في البداية اعتقلت على الانتماء لحركة الجهاد الإسلامي والمشاركة في الكتابة على الجدران وفعاليات الحركة ولكن بعد ذلك تطور الأمر في السجن وأثناء التحقيق توفي عملاء للاحتلال فقررت إدارة السجن تنفيذ حكم مؤبد لكل الموجودين في خيمة الاعتقال وعددهم 28 سجينا أو واحد يضحي من اجل أن يتحرر الآخرون وعلى أثرها حكمت مؤبد وأفرج عن الإخوة الآخرين، ولكن كنت متوقع أن يتم اعتقالي اقل من 23 عاماً ولكن قدر الله كان أكثر من ذلك وصبرت واحتسبت إلى أن جاء الإفراج عني من سجون الاحتلال.

وسائل التعذيب
وعن وسائل التعذيب التي تعرض لها قال: " تعرضت لجميع أنواع التعذيب من الشبح والعزل الانفرادي والثلاجات وهي عبارة عن غرفة صغيرة بحجم الثلاجة من فوق مكيف بارد جداً وأنا اعتقلت في شهر 12 في الجو البارد فكان يضعني في الثلاجة واجلس على كرسي ويغلق الباب ومن فوق هواء بارد جدا ينفخ عليٌ، بالإضافة إلى وسائل تعذيب أخرى".

تخوف كبير

وخلال حديثنا معه حول شعوره عن إمكانية شمول اسمه ضمن المفرج عنهم قال المحرر شهاب لمــراسل موقع "الإعلام الحربي " بلواء شمال قطاع غزة:" كان شعوري أن يفرج عني في أي لحظة لأنه قبل ذلك تمت عمليات اسر جنود صهاينة وأنا داخل السجن ولم يفرج عني، ولكن عندما تم اسر الجندي الصهيوني شاليط كنت متخوف من عدم شمول اسمه ونسيانه كما حصل في صفقات أخرى وفي صفقة وفاء الأحرار تم نسيان أناس من الأحكام العالية أمثال علي الصفوري وعدنان الأفندي ومحمود عارضة وقد امضوا أكثر من 20 عام وهم من المحكوميات العالية، ورائد السعدي من جنين من الجهاد الإسلامي محكوم مؤبد وأمضى 21 عام ولم يتم إضافة اسمه في قائمة المنوي الإفراج عنهم وغيره من أسرى الضفة والخوف الأخر أن يتم إطلاق سراحه ولا تحتفظ به المقاومة بالمقارنة مع المساحة الجغرافية لغزة ولكن تم حفظه في أيدي رجال المقاومة خمس سنوات ولم يعلم عنه الاحتلال شيء وشن حربا على غزة لمعرفة مصيره بلا فائدة والحمد لله تم شمول اسمي في الصفقة لأنني من الأحكام العالية.

لحظة صعبة
وعن اللحظة الأصعب التي مر بها الأسرى المحررون, يقول شهاب: عندما بدءنا بالتجمع داخل القسم وأرادوا إخراجنا وقد بدءنا خطواتنا الأولى خارجه, شعرنا حينها بثقل في أقدامنا وأننا فعلا لا نستطيع أن نتقدم في المسير.

وقال شهاب خلال حديثه :" أنني كنت محكوم مؤبد كنت اخجل من الابتسامة داخل السجن, فكان يوجد معي في الغرفة الواحدة أسرى محكومين بـ5 مؤبدات ولم تشملهم الصفقة، رغم ذلك فقد كانوا يفرحون لنا غير آبهين ببقائهم داخل السجون.

وتابع حديثه: "شعرنا بأننا مفارقون لهؤلاء الإخوة, مررنا بشعور صعب للغاية وكانت لحظات قاسية, شعرنا حينها ولكثرة الألم أننا في لحظة انتزاع الروح عن الجسد, فمن تركناهم خلفنا هم قطعة منا ولا نعرف كيف سنعيش من دونهم".

تعليمه وحفظه للقرآن
وخلال سؤالنا له عن مسيرته التعليمية قال شهاب:" أنا دخلت السجن ولم يكن لدى أي مؤهلات دراسية وقررت الاهتمام بالعلم والثقافة وخصصت الـــ10 سنوات الأولى من السجن للقراء في كافة المجالات الثقافية وبعدها درست وحصلت على الثانوية العامة ثم انتسبت لكلية التجارة في جامعة القدس العربية المفتوحة وهى الوحيدة المتاحة أمامنا وحصلت على البكالوريوس ثم حصلت على الماجستير في العلوم السياسية وبدأت الإعداد للدكتوراه ثم جاء قرار الإفراج وسأواصل للحصول عليها, وكذلك أتممت حفظ القران الكريم في ستة شهور وعملت على تثبيته والحمد لله، ولي عدة دراسات ومؤلفات أدبية وعلمية من أهمها: جدلية الثقافة بين العلو الصهيوني والحل الإسلامي، ودراسة رؤية الشقاقي لتجاوز أزمة التحدي الغربية في قضية المرأة وقد كتبتها في ذكرى استشهاد الشقاقي قبل ثلاث سنوات.

موقفان لن أنساهما

وفي معرض سؤالنا له عن موقف صعب مر به داخل السجون قال:" حدث معي موقفين لن أنساهما في حياتي أما الأول الذي يتعلق بوالدتي حينما جاءت لزيارتي في سجن عسقلان وهي تقطع إحدى الشوارع فإذا بسيارة تدهسها ونقلت للمشفى ومكثت ثلاثة شهور وتعرضت لكسر في الحوض وكنت لا أراها وأنا داخل السجن وهي بعيدة عني فكان أصعب موقف لي وعند زيارتها لي المرة الثانية كانت غير قادرة نظرا لظروفها الصحية ولحتى اللحظة تعاني من الوجع بعد حوالي 18 سنة فكان أهلي يدفعوا الثمن مقابل تضحيتي من اجل الإسلام والقضية.

أما الموقف الأخر وهو عام 2005 عندما جاء الوالد لزيارتي وأثناء الزيارة تحقق الانجاز لنا بالتصوير مع الأهل فهي المرة الأولى من التصوير في أخر الزيارة قال الاحتلال للأهل أن يلتقوا بالغرفة معنا فقالو للوالد أن يقف فلم يقدر لأنه للمرة الأولى يريد أن يحتضنني في السجن بعد 17 عاماً .

واصبح معه هبوط ولم يقدر أن يقف وأنا في الجهة الأخرى من الزيارة لم أكن أسمع ماذا يحصل مع والدي كنت أراه فقط نتيجة انقطاع السماعات التي كنا نحكي بها مع أهلنا وكنت أراه وهو يتألم وجاءه أطباء السجن وكنت لا أقدر أن أصله وكنت أتفرج عليه ولم أستطع افعل شيء، وبعد استقراره تصورت معه وحضنته فكان أصعب موقفين.

كلمة أخيرة
كلمتي الأخيرة هي الحمد لله رب العالمين الذي منُ بالإفراج عنا وأترحم على شهداء عملية الوهم المتبدد لأننا بفضل الله وبفضلهم وإخوانهم المجاهدين الذين لا نعرفهم قد تحررنا وعدنا إلى أهلنا سالمين، كما لا أنسى الشكر والتحية لشعبنا الفلسطيني المجاهد الذي صبر في رغم المعاناة والحصار والدمار والحرب التي شنها الاحتلال الصهيوني على القطاع، كما لا أنسى أن أوجه التحية لقيادة حركة الجهاد الإسلامي وجناحها العسكري سرايا القدس على ما يبذلوه من جهاد وتضحية من اجل الدفاع عن مقدساتنا وعن وطننا الحبيب.

التعليقات