شارون لبوش قبيل غزو العراق: "رجاءً تذكر أنك سوف تقهر وتحتل وأرحل" !

السويد - دنيا الوطن - ايهاب اسليم
تباينت المواقف الحكومية العالمية قبيل حرب الخليج الثالثة ما بين التأييد والمُعارضة لغزو بغداد سنة 2003, وبالتأكيد قد تغيرت الكثير من هذه المواقف منذُ ذلك الحين, لكن يُسلط هذا التقرير المُشترك للكُتاب والمُفكرين الأمريكيين والأوروبيين والأسرائيليين الضوء على المواقف العالمية قبيل الغزو.

 في سنة 2002, بدأت الولايات المتحدة حملةً للأطاحة بالرئيس العراقي الراحل صدام حسين, وكانت أمريكا خاضعةً لأدارة جورج دبليو بوش الذي زعمَ بأن "صدام حسين يُشكل تهديداً للسلام العالمي وراعياً للأرهاب الدولي وطاغية مُفرط".

أنقسمت الأراء حول الحرب الى حد كبير بين الدول, ورأت بعض الدول بأن "الولايات المتحدة فشلت في أثبات أن صدام حسين كانَ يملك برنامجاً لأسلحة الدمار الشامل", ورأى البعض أن "العراق بلداً ضعيفاً عسكرياً ويُستهان به ولايستحق القتال", والبعض أعتبرَ الحرب "فعلاً من أفعال الأمبريالية وأتهموا أمريكا بأنها تريدُ فقط السيطرة على النفط في العراق".

 في تحليل العدد يكشف أن هنالك تعقيدات دبلوماسية في العالم, فالبعض من الحكومات الوطنية نددت علناً بخطة غزو بغداد, وفي الوقت نفسه تقبل المساعدات الأمريكية المُخصصة للحرب أو دعم القوات بالمجهود الحربي ومحطات تزويد الوقود أو السماح للطائرات بالمرور في مجالها الجوي, وأدعى جورج دبليو بوش أن هنالك 15 بلد لايرغب بالكشف عن هويته أطلق عليهم تسمية "تحالف الظل".

قبل وقت قصير من بدء الحرب على العراق, أعلنت حكومة الولايات المتحدة عن تشكيل "تحالف الراغبين" مؤلفاً من 49 دولة, أضافة الى "تحالف الظل", بما يُشكل 64 دولة راغبة في أزالة صدام حسين بالقوة من السُلطة, ومن بين هذه البلدان النشطة في "تحالف الراغبين", هم: " بولندا, أستراليا, التشيك, بلغاريا, الدنمارك, المجر, أيطاليا, اليابان, لاتفيا, ليتوانيا, هولندا, الفلبين, البرتغال, رومانيا, سلوفاكيا, أسبانيا, تركيا, أوكرانيا, المملكة المتحدة والولايات المتحدة", وواجه هذا التحالف معارضةً شعبية قادها البعض من أعضاء البرلمانات ضد التوجه للحرب أو غزو بغداد.

قدمت أربع من هذه الدول دعماً مباشرأً في "مكافحة التمرد" بعد الغزو, وهم: "الولايات المتحدة, المملكة المتحدة, بولندا وأستراليا", وقدمت البلدان ألاخرى دعماً لوجيستياً وأستخبارياً وكيميائياً وبيولوجياً وسياسياً.

ويُمكن أختصار المواقف العالمية حول غزو العراق على النحو التالي:

1- أسرائيل, لم تُقدم تل ابيب دعماً صريحاً للحرب, ويقول يوسي ألفر المُستشار الكبير لرئيس الوزراء الأسرائيلي السابق أيهود باراك -وزير الدفاع حالياً- في مقالة نشرها باللغة الأنجلزية في الثاني عشر من يناير كانون الثاني سنة 2007 بعنوان " شارون حذرَ بوش Sharon Warned Bush", بأن أسرائيل والولايات المتحدة لديهم علاقات وثيقة وأستراتيجية حيوية تُشكل دعامة لأمن أسرائيل, ورغمَ ذلك تحدُث خلافات علانية مع زعماء رؤساء الولايات المتحدة والتصرف حتى ضد السياسة الأمريكية أذا ما تُبرر هذه الخطوة سلامة المصالح الحيوية لأسرائيل, فرئيس الوزراء الأسرائيلي السابق أرئيل شارون لعبَ دور الحليف الصامت, أنتقد ولا يؤيد مغامرة العراق في العلن, وكانَ أحد أسباب الصمت النسبي الذي طُلبَ صراحة من واشنطن بأن أسرائيل تمتنع عن أعلان دعمها الصريح لغزو الدول العربية أو تتدخل بأي شكل من الأشكال لئلا مُباركتها تتحول لعنة على الولايات المتحدة في عيون العرب.

وأعترفَ شارون أن صدام حسين كانَ التهديد الخطير في الشرق الأوسط وأنه يعتقد بأن صدام يمتلك أسلحة الدمار الشامل, لكن وفقاً لمصدر من المُطلعين يقول ألفر: "شارون نصح بوش بود بأن لا يغزو العراق", ووفقاً لمصدر أخر وهو داني ايالون الذي كانَ سفير أسرائيل في الولايات المتحدة فأن بوش التقى بشارون قبيل الحرب, وقال شارون له بأن "أسرائيل لن تندفع بطريقة أو بأخرى فيما يتعلق بمُخطط العراق", وقد حذرَ شارون بوش أذا ما أصرَ على أحتلال العراق فأنه ينبغي على الأقل التخلي عن خطته لزرع الديمقراطية في هذا الجزء من العالم, من حيث الثقافة والتقاليد في هذا البلد هي ليست مبنية في العالم العربي, وكذلك نصحه بأن لا يذهب الى أحتلال العراق من دون أستراتيجية خروج قابلة للحياة وأن يكون مُستعداً لأستراتيجية مكافحة التمرد فيما لو كُانَ متوقعاً بأن يحكم العراق, وسيكون في نهاية المطاف تقسيم البلد الى عدة أجزاء مكونة له.

وفي نهاية الأجتماع قال شارون لبوش: " رجاءً تذكر أنك سوف تقهر وتحتل وأرحل, ولكن علينا أن نظل في هذا الجزء من العالم", وأضاف : "بأنه لا يُريد أن يرى المصالح الحيوية تتضرر بسبب التطرف الأقليمي وأمتداد العنف خارج الأراضي العراقية".

ويضيف ألفر في مقالته: "أنتهى الأحتلال الأمريكي للعراق بتقوية أيران, العدو رقم واحد لأسرائيل, وهنالك جزء كبير من العراق انزلقَ في المدار الأيراني, بينما يُهيمين على نحو متزايد في محافظة الأنبار غرب العراق المتشددين السنة الذين يمكن أن يشكلوا تهديداً لسوريا والأردن, وهذا الأخير شريكاً أستراتيجياً والعازل الجغرافي لأسرائيل".

2- أيران, أتسمت وجهة النظر الرسمية الأيرانية للسياسة الأمريكية في العراق بتناقض كبير خلال سنة 2002, من ناحية هي لا تثق بصدام حسين وهو ما عززَ موقفها بأن تقبل الأحتواء الأمريكي للعراق والسماح للمعارضة العراقية المتواجدة في أراضيها مُشاركة القوات الأمريكية عسكرياً وأستخبارياً في أحتلال بغداد على أن ينصب في مصلحتها بنهاية المطاف.

ومن ناحية أخرى كانت الولايات المتحدة قد أعلنت منذُ سنة 1993 بأن أحتواء أيران ذو أهمية مساوية لأحتواء العراق, ويرى القادة الأيرانيين بأن القوات الأمريكية سوف تحاصرهم في العراق جنباً الى جنب مع تلك القوات المتواجدة في أفغانستان منذ سنة 2001, كما أن بوش قد أدرجَ أيران في محور الشر سنة 2002, لكن أرتفاع أستهداف القوات الأمريكية من قبل المتشديين العرب والعراقيين في بغداد ووسط وغرب العراق منذُ بداية سنة 2003 حتى منتصف سنة 2005 دفعَ صانعي السياسة الأيرانية الى تحدي الصياغة الأستراتيجية للأستفادة من الفرص الجديدة في حين تبقى طهران خارج مرمى تأييد أو معارضة الولايات المتحدة.

3- الأردن, الملك عبد الله عاهل الأردن نصحَ واشنطن بأن لا تخوض الحرب على العراق, وقالَ لصحيفة واشنطن بوست في الحادي والعشرين من أغسطس أب سنة 2002: "أن محاولة غزو العراق ستكون ذات خطأ كبير..وان المنطقة ستغرق في الفوضى", ولكن في وقت لاحق أعطى دعماً سرياً للتحالف الغازي في تحداً للرأي الساحق من الجمهور الأردني والحكومة الأردنية المُعارضة للغزو.

4- سوريا, عملت دمشق بالتنسيق مع روسيا والمانيا وفرنسا في مجلس الأمن ضد الحرب, ورفضت دمشق أيضاً الخضوع لطلب واشنطن للتعاون ضد بغداد, وقالَ ميخائيل وهبي مندوب سوريا في مجلس الأمن: " أعتقد أنه جرى تلفيق الأدلة التي قدمتها الولايات المتحدة الى مجلس الأمن بشأن أسلحة العراق..وقضية اسلحة الدمار الشامل هي مُجرد ذريعة لحرب من أجل مصالح أسرائيل..والشركات الأمريكية تأمل في الأستفادة من عقود أعمار البلاد بعد تدميرها".

 

5- الدول العربية, أدانة جامعة الدول العربية بالأجماع الحرب على العراق بأستثناء الكويت التي سمحت لقوات التحالف غزو العراق عِبر أراضيها, أما وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل قالَ علناً بأن الجيش الأمريكي لم يؤذن لأستخدام تراب المملكة العربية السعودية في أي وسيلة لمُهاجمة العراق, ومع ذلكَ كُشفَ في وقت لاحق أن هنالك جبهة تضُم الكويت والسعودية وبعض الدول العربية الأخرى لتقديم الدعم للقوات الأمريكية في أحتلال العراق, لكنهم لا يرغبون بالمُخاطرة في مُخالفة صدام حسين قبل الحرب من خلال جعل تلك البيانات علناً, كما أن الأعلان عن هذا الدعم سيؤدي الى تقوية موقف أسامة بن لادن وتنظيم القاعدة ولاسيما بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر أيلول سنة 2001.

6- الدول الأفريقية, أدان الأتحاد الأفريقي المؤلف من 52 عضواً الحرب على بغداد, في وقت تمتلك غينيا والكاميرون وأنغولا مقعداً في مجلس الأمن.

7- أسيا وأفريقيا وأوروبا وأمريكا الجنوبية, رفض شعبي واسع النطاق للحرب على بغداد في الأراضي الفلسطينية بما فيها القُدس والخليل وبيت لحم ونابلس وجنين وطولكرم ورام الله وقطاع غزة, وكذلك للعرب داخل أسرائيل والأردن ولبنان وسوريا ومصر وليبيا واليمن وعُمان والبحرين والسودان والجزائر والمغرب والصومال وموريتانيا وكينيا وناميبيا وجنوب أفريقيا وبعض مناطق الكويت, فضلاً الى مُظاهرات التنديد في العراق.

وكذلك شهدت بريطانيا وأيرلندا وأسبانيا والبرتغال وايطاليا وهولندا والنمسا وفرنسا وسويسرا واليونان والمانيا والسويد والنرويج وبلجيكيا والدنمارك وايسلندا والتشيك والبرتغال ورومانيا وقبرص وروسيا واوكرانيا وبيلاروسيا وبنغلادش وماليزيا واندونيسيا وفيتنام وتايلند وكولومبيا وفنزويلا والنيبال وسريلانكا والصين وأفغانستان وباكستان والمسكيك والبرازيل والأرجنتين وتشيلي والبيرو وجمهورية الدومينيكان, مُظاهرات عارمة رافضة للحرب على العراق.

وقد أنسحبت هندوراس ونيكاراغوا وكوستاريكا والدومينيكان من تقديم الدعم المعنوي للقوات الأمريكية.

8- نيوزيلندا, أختلفت الحكومة النيوزيلندية مع جارتها أستراليا, حول عدم دعم الحرب من حيث المبدأ ولاسيما على أثر المظاهرات العارمة في لينغتون وأوكلاند وكرايستشيرش, ومع ذلك أرسلت الحكومة مجموعة من المهندسين غير القتاليين للمساعدة في أعادة أعمار العراق.

9- كندا, في حين شاركت كندا في حرب الخليج الثانية سنة 1991, الأ انها رفضت الأنخراط في الحرب على العراق بدون موافقة الأمم المتحدة, وفي السابع عشر من مارس اذار سنة 2003 قالَ رئيس الوزراء الكندي جان كريتيان في البرلمان: "كندا لن تشارك في غزو العراق", ويعزو سبب ذلك الى التظاهرات الشعبية الكبيرة التي شهدتها المُدن الكندية.

10- الكُرسي الرسولي, وهو كيان سياسي قانوني مُعترف به دولياً يرأسه "أسقف روما" أو "الكنيسة الكاثوليكية", أصدرَ موقفاً حازماً ضد غزو العراق, وأرسلَ البابا يوحنا بولس الثاني مبعوثه الخاص الكاردينال بيو لاجي الى واشنطن لأجراء مُحادثات مع الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش للتعبير عن رفض الكنيسة الكاثوليكية للحرب على العراق, وقالت الكنيسة الكاثوليكية لبوش بأن مُعظم الحروب الحديثة منذُ الحرب الأهلية الأمريكية لا تستوفي متطلبات الحروب العادلة التي وضعها رجال الدين "أي الهجمات على المدنيين والبنية التحتية كالماء والكهرباء والجسور", وعبرَ الكاردنال عن قلقه من أن تُدمر الكنائس والأديرة في العراق كما حدث في كوسوفو, وكانَ قلقاً على مصير الكلدان الكاثوليك في العراق, أما المطران جان لويس توران فقال أن الحرب من جانب واحد ستكون بمثابة جريمة ضد السلام وجريمة ضد القانون الدولي.

 وجورج دبليو بوش الذي كانَ عضواً في "الكنيسة الأسقفية" البروتستانتية في الولايات المتحدة الأمريكية قبل أن ينضم في سنة 1977 الى ثالث أكبر مذهبي مسيحي في "الكنيسة الميثودية المتحدة" البروتستانتية اللاهوتية التي تعود جذورها الى حركة أحياء جون ويلسي وتشارلز ويسلي داخل كنيسة أنجلترا, رفضَ نصائح الكنيسة الكاثوليكية في روما.

11- روسيا روسيا البيضاء, ندد الرئيس البيلاروسي الكسندر لوكاشينكو بالأجماع بالحرب على العراق, وأنضمَ رئيس الوزراء الروسي أيغور أيفانوف الى مواقف فرنسا والمانيا وقال: "مجلس الأمن لايمكن أن يتجاهل حقيقة بأنه تم أحراز تقدم كبير من قبل المُفتشين الدوليين برئاسة هانز بليكس والوكالة الدولية للطاقة الذرية برئاسة محمد البرادعي..وروسيا لديها مصالح نفطية في العراق والعراق يدين لروسيا بأكثر من 8 مليار دولار من الديون".

12- جزر سليمان, مثل كرواتيا وسلوفينيا, أدعوا بأنهم أعضاء في التحالف ضد بغداد, لكنهم يودون أن يكونوا بمنأى عن هذا التقرير.


التعليقات