طفلة فلسطينية ذاقت مرارة الغربة وعزمت على جمع شمل والديها

طفلة فلسطينية ذاقت مرارة الغربة وعزمت على جمع شمل والديها
الخليل - دنيا الوطن
فتحت عينيها على دنيا ليست بدنياها، جمعت بين حنين الوطن ودفء حضن الأم، كبرت، ولكنّها اقتربت بشوقها لربوع وطنها، انتظرت طويلا دون كلل أو ملل، أدركت معنى الوطن قبل أن تطأ ثراه، إنّه قدرها أن تكون همزة الوصل بين مدينة يطّا والنجف الأشرف،،،
فقد ولدت الطفلة"حنين" في مدينة النجف الأشرف لأب فلسطينيّ وأم عراقية، شاءت الأقدار أن تجمع بينهما قبل أربعة عشر عاما، حيث كان والدها قد التحق بإحدى الجامعات العراقية لمواصلة تعليمه هناك، ولكن الحظّ لم يحالفه، فقد منعته سلطات الاحتلال من السفر إلى العراق في السنة الثانية من دراسته،فلم يستسلم، بل سعى لمواصلة تعليمه، وكان له ما أراد، إذ حصل على بكالوريوس في تخصص الهندسة الميكانيكيّة من إحدى الجامعات الفلسطينية، وأصبح محاضرا في إحدى الكليّات التابعة لجامعة النجاح الوطنيّة في نابلس.
عاشت حنين تلك الفترة بعيدة عن وطنها، ووالدها، وأهلها، فكبرت وأصبح الهاتف وسيلتها في الاستئناس بكلمات والدها الذي لا تعرف منه سوى الصوت، فوعدها أن يحقّق لها أمنيتها بزيارة فلسطين بداية العطلة الصيفية، متخذا من ذلك وسيلة لتشجيعها على الدراسة والاجتهاد، فدرست وتفوّقت، وأبلغت والدها بنتيجتها التي كانت تطمح إليها، وتحت ضغط إصرارها، ولهفة والدها بلقائها؛ نجحت حنين في إقناع والدتها التي لم يبق لها سوى حنين في العراق ابنة وصديقة وأنيسا بأن تزور فلسطين، وتقيم بين أهلها فترة من العطلة الصيفية، لتتعرف ملامح من خاطبتهم دون أن تسعد عيونهم برؤيتها،،،
حضرت حنين إلى الأردن ، بعد تنسيق مسبق بين الطفلة ووالدها الذي رأى طفلة تسير في أرض مطار الملكة علياء الأردني بزيّ محتشم انتابه شعور أنها ابنته، فتقدم منها على وجل، والدموع تبرق من عينيه، هل أنت حنين؟؟؟ نظرت الطفلة إلى والدها صامتة،، ثم قالت" أنا حنين ابنتك،،،
لحظة لا يمكن وصف ملامحها؛ لا يسعها وصف أو كلام، بل يعجز الوصف عن وصف دقائقها، لحظة استطاعت حنين فيها أن تشطر قلبها إلى شقيّن، فهناك أم تعبت وصبرت وربّت، وهنا أب ووطن ،،،
وصلت حنين أرض مدينة يطّا ساعة غروب شمس يوم كان بمثابة فجر مشرق أضاء عالم والدها ، وأخذت تتعوّد نمط حياة لم تعهده من قبل،لازمت والدها في مختلف تحركاته، وأصبحت جزءا منه.
وكان أبوها يعدّ الساعات ويتمنى أن تطول حتى لا تقترب لحظة الفراق المنتظرة، فأمّها تنتظر، وتهاتفها يوميا صباح مساء، وهو لا يستطيع أن يستغني عنها، ولكنه لا يريد أن يضعها في موقف اختيار قد تشعر أنّها أجبرت عليه، إنّه على موعد مع الفراق حال الانتهاء من بعض الإجراءات الخاصة بإقامتها في فلسطين،،
وخلال هذه الفترة التي أصبحت حنين تتعود نمط الحياة الجديدة، طلبت من أمّها أن تمدّد تلك الفترة شهرا آخر، فوافقت أمّها على أن تبقي على اتصالها بها بشكل دائم، وما أن انقضى الشهر وإذا بحنين تهاتف أمّها قائلة" أمي،، أشعر أن هذا مكاني،، الذي يجب أن تكوني معي فيه،، أشعر أن عودتي إلى العراق ستحرمني من أمل العيش بينكما أنت وأبي، إن بقائي هنا سيكون بصيص الأمل الذي عشت لأجله، فلا تحرميني من محاولة الجمع بينكما ثانية على أرض فلسطين، ولا تفقدي الأمل بأن نلتقي هنا ونعيش معا،"
وفعلا كان لها ما أرادت، فقد أصبحت حنين اليوم إحدى طالبات مدارس فلسطين، تنهل من علمها، وتطمح بجمع شمل والديها على ترابها،،،،اللهم حقّق مرادهااااااا

التعليقات