أخطر شهادات أبطال أكتوبر

أخطر شهادات أبطال أكتوبر
غزة - دنيا الوطن
الشيخ حسن علي خلف نجح في ضرب مركز القيادة الاسرائيلية بالعريش وكان سبباً في ازعاج موشي ديان شخصياً، يروي قصته البطولية: كان وجو السفينة (ليبرتي) الامريكية في مياه مصر الاقليمية سبباً في هزيمة 67 حيث قامت بالتشويش علي الاتصالات وإصدار أوامر عسكرية باللهجة المصرية لجميع الوحدات كي تتجه إلي الغرب ليظهر أن القيادة المصرية هي التي اعطت الأوامر بالانسحاب فتم ضرب أغلب قواتنا علي الارض.
مع وجود قوات من الجيش لم تنفذ أوامر الانسحاب الصادرة من السفينة وظلت صامدة تقاتل رغم احتلال سيناء.
ويضيف: نحن كأهالي سيناء قمنا بعمل مجموعات تلقائية دون اوامر لتحرير البلاد، لكن كان ينقصنا المعدات والتدريب اللازم والخبرة، واستشهد منا الكثيرون الي ان هاجرنا القاهرة بنفس الطريقة التي هاجر بها الضباط إلي السويس، وفي بادئ الامر تم القبض علينا ظناً أننا جواسيس لكن عندما اتضحت الامور قامت الاجهزة المصرية بإعدادنا وتدريبنا حتي وصل عدد المجاهدين في ذلك الوقت إلي (850) مجاهداً، وبدأت الاشتباكات تتزايد في عام 1969 حين عادت القوات المصرية من اليمن، حيث صدرت الاوامر باطلاق النار علي أي هدف متحرك علي الضفة وبدأت حرب الاستنزاف وتم تدريبنا علي اسلحة عديدة، وكان مجاهدو سيناء اصحاب تخصصات يختاروننا ولا يتم فرضها عليهم، وبدأت العمليات من الضفة الشرقية وفي العمق.
ويذكر خلف أهم عملية قام بها قائلاً: قمنا بضرب مقر القيادة العسكرية بالعريش والمطار ومستعمرات اليهود بالشيخ زويد وبعد تنفيذ العملية لم نغادر المكان حتي تهدأ الاوضاع لنعود سيراً علي الاقدام لقناة السويس مرة اخري.
وهي العملية التي هزت اسرائيل وجعلت وزير الدفاع موشي ديان يأتي إلي مقر القيادة بطائرته العسكرية وعندما سأله الصحفيون عن الفاعل قال «إنهم كالاشباح يظهرون ويختفون»!
ويحكي خلف عن واقعة اخري: استخدمنا الجمل لعبور القنال في حرب الاستنزاف حيث كان يعتقد الجميع أن الجمل هو سفينة الصحراء فقط لكننا اثبتنا أنه (سفينة البحار) أيضاً فكنا نستخدمه لنقل الصواريخ والاسلحة لمسافة 50 كيلو شرق القناة، ولم نكن نستطيع أن نسير 50 كيلو سيراً علي الاقدام خلف خطوط العدو فكان فكرة الاستعانة بالجمل يقطع القناة سباحة ثم ننقل الاسلحة علي زورق مطاطي وبعد العبور نقوم بتحميل الجمل بالاسلحة لضرب الاماكن المحددة لنا، كل ذلك كان يتم بالتنسيق مع سلاح المدفعية والاجهزة المعنية.
ويذكر الشيخ خلف قصة وقوعه في الأسر: كنا في احدي العمليات في الشيخ زويد وأسأنا التقدير واخترنا أحد الجمال لكن لم يستطع ان يكمل الطريق لأنه سمين حتي تم اكتشافنا من قبل القوات الاسرائيلية رغم أننا كنا نستخدم احذية من نوع معين لا يترك اثراً في الارض لكننا حوصرنا وتم إلقاء القبض علينا وتمت محاكمتي وحكم علي بالسجن 149 عاماً عن ثلاث تهم.
ومكثت في سجون اسرائيل 40 شهراً حتي تمت مبادلتي بالاسري بعد اكتوبر وأكن للسادات كل احترام لأن له فضلاً كبيراً علي وتم تكريمي منه..
فبعد وقوعي في الأسر ومثولي أمام المحكمة الاسرائيلية قال المدعي العام العسكري «إن هذه الاسلحة الفتاكة الموجودة أمام اعينكم ـ يقصد الصواريخ ـ أتي بها هؤلاء المجرمون لكي يقتلوا النساء والاطفال الابرياء الذين لم يعرفوا في هذه الدنيا سوي الابتسامة وإنهم ـ حسن ورفاقه ـ عبروا القناة بدون إذن مسبق من الجيش الاسرائيلي».. لتبدأ مرافعة المحامي المنتدب من قبل المحكمة للدفاع عني وعن رفاقي حيث قال «إنكم تعلمون ان هؤلاء المتهمين عبروا القناة مرغمين حسب القوانين العسكرية المصرية ولذلك اطلب معاقبتهم حسب البند الثالث من قانون العقوبات المصري وهو السجن 10 سنوات ثم سأل القاضي المترجم عن نية احد المتهمين في الكلام، فقال حسن علي خلف «ورد علي لسان محامي الدفاع إنني عبرت القناة مرغماً حسب القوانين العسكرية المصرية وهذا غير صحيح فقد عبرتها بمحض ارادتي وسأعبرها كلما اتيح لي ذلك وورد علي لسان المدعي العسكري انني اتيت بهذه الاسلحة الفتاكة لاقتل بها النساء والاطفال الأبرياء الذين لم يعرفوا من هذه الدنيا سوي الابتسامة، وأنني عبرت القناة دون اذن مسبق من الجيش الاسرائيلي واوجه إليه سؤالاً أمام المحلفين «هل الجيش الاسرائيلي اخذ إذناً مسبقاً حين عبر قناة السويس ودمر مدرسة بحر البقر للأطفال الذين لم يعرفوا من هذه الدنيا سوي الابتسامة» فصرخ القاضي «اخرس» وقضي بأقصي العقوبة.
                رشاد حجاب: أسقطت عساف يا جوري في الأسر الشيخ رشاد حجاب 71 سنة أحد أبطال سيناء في حرب 73.. يقول: قوله تعالي «إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله أولئك هم الصادقون» كان مفتاح النصر مضيفاً: كنا نعمل من أجل الله وما وصلنا للنصر إلا بفضل من الله ورغم سجني وتعذيبي إلا أنني لم أعترف بشيء علي الإطلاق.
وعن دوره بعد نكسة 67 يقول: كان عمري 27 عاماً، وبدأنا بتوزيع «منشورات» من أجل توعية الشعب السيناوي بعدم التعامل مع العدو الاسرائيلي رغم كل الاغراءات وبدأنا في عمل «متاريس» لقطع الطرق علي العدو الصهيوني وكنا نكتب المنشورات باسم «ابناء سيناء الاحرار»، ومن أهم العمليات أننا أبلغنا القيادة السياسية عن تحركات (عساف ياجوري) حتي تم أسره من قبل القوات المسلحة المصرية، وكنا نتدرب علي كيفية استعمال أجهزة الاتصالات الخاصة لإرسال المعلومات الي القوات المسلحة وتطور الأمر وبدأت ومعي مجموعة بتصنيع عبوات ناسفة لإرهاب العدو مع رصد تحركاته وقمنا بتفجير (أتوبيس) تابع للجيش الصهيوني وهي الواقعة التي هزت إسرائيل بعدما قمنا برصد رحلة الاتوبيس حتي وصل إلي (سلة المهملات) التي وضعنا فيها المتفجرات وأعلنت منظمة تحرير سيناء مسئوليتها عن الحادث وكنت أكثر المجاهدين اعتقالاً في سجون الاحتلال الاسرائيلي.
ويشير الشيخ رشاد الي أصعب الأوقات قائلاً: كنت أعمل مدرساً بالتربية والتعليم وبعد النكسة فضلت الجهاد ضد اليهود وتنكرت لأعمل (شيالاً) بالأجرة والحمد لله لم نكن نسعي إلي مال أو جاه سوي رفع كلمة مصر.
ويمضي قائلاً: بعد القبض علي تأثرت جداً باستشهاد بعض أصدقائي تحت وطأة التعذيب وأحدهم فقد بصره بسبب شدة التعذيب وكان فلسطيني الجنسية لكنه كان يعمل مع مصر وكنا نستهدف معاً المواقع والمركبات الإسرائيلية والي ان جاء نصر أكتوبر وتم الإفراج عن مجموعتي ولم يتم الإفراج عني حتي عام 1975 بسبب إنكاري الشديد وصدر ضدي حكم بالسجن 93 سنة وتم استئنافه ليصل إلي 37 سنة خفضت إلي 5 سنوات مع إيقاف التنفيذ. 
                علي حسن محمد: عشت 18 شهراً خلف خطوط العدو علي حسن عياط محمد من أكبر شيوخ المجاهدين ترك طفله الرضيع وذهب لمجاهدة الأعداء في سيناء وكانت سنه لا تتجاوز 22 عاماً، فأكد قائلاً: رغم أن أعداد المجاهدين هو 757 مجاهداً إلا أنهم تخطوا 15 ألفاً وقد إثني عليهم الرئيس السادات عندما قال «نحصل علي المعلومات عن طريق أولادنا الذين يسيرون علي أقدامهم بينما تحصل إسرائيل علي معلوماتها بالتصوير الجوي»، والسادات كان يقصد بكلمة أولادنا «بدو سيناء» ويضيف.. قمنا بضرب اسرائيل في العمق وأكثر ما كان يفرحنا هو اعترافهم بالخسائر، وقمنا بعمليات استطلاع في حرب أكتوبر لتوجيه القوات المتجهة شرق القناة، بجانب كنا نتجه مع قوات الصاعقة كدليل ولم تتوقع إسرائيل أن الذي يقوم بذلك هم بدو سيناء..
ويروي عياط مهمته قائلاً: مكثت سنة ونصف السنة خلف خطوط العدو لجمع المعلومات وكان ذلك في 11/11/1967 ولم نتوقف حتي بعد انتصارات اكتوبر وساهمت في ضرب أحد المواقع الحصينة للجيش الاسرائيلي عن طريق رسم الموقع في ذهني ثم الإبلاغ عن تحصيناته للأجهزة المعنية فتم ضربه، ويؤكد عياط أنه قام بتجنيد أحد الرجال في اسرائيل قائلاً: لقد قمت بتجنيد أحد المعارف الذين يقيمون في غزة، واصطحبته الي القيادة المصرية التي أمدته بجهاز لاسلكي وظل يمدنا بالمعلومات لمدة تتجاوز 20 سنة وكانت مهمة ناجحة ومثمرة..
وعن عملياته الناجحة قال: في جنوب القنطرة وتحديداً في منطقة تسمي «التلبانة» كانت اسرائيل تضع الدبابات والمدرعات وذهبنا ليلاً وقبل وصولنا لنقطة الهدف نزلت الأمطار واحتار «الدليل» المصاحب لنا ثم وجدنا أنفسنا داخل معسكر العدو وكان الليل شديد السواد ثم قمنا بتركيب الصواريخ التي استغرقت 30 دقيقة ثم حدثت الانفجارات وظل معسكر الأعداء مشتعلاً من صلاة الفجر وحتي صلاة الظهر لتعترف اسرائيل بخسائر فادحة منها إصابة 50 جندياً وضابط من أفراد القاعدة ووفاة 60 آخرين..
                سلامة مسلم: عبرت 27 كيلو مترا داخل إسرائيل الشيخ سلامة مسلم سلامة «62 عاما» من أبناء العريش من أصحاب البصمة الواضحة في حرب الاستنزاف ويروي ذكريات جهاده قائلا:
كان جهادنا تطوعيا دون أجر من أجل مصر وكنت ضمن فرقة تقوم بنقل المعدات، وجمع المعلومات وتصوير المواقع ورصد تحركات العدو، وتم تدريبنا علي التصوير وأشياء أخري، وبدأنا بتصوير العدو من المواقع العسكرية التي كان يتمركز بها العدو علي أرض سيناء، وبإرسالها إلي المخابرات المصرية، وكنا لا نفشي سرا من العمليات للدرجة التي كنا نستعمل فيها «الجمال» أثناء عملية التصوير، حيث كنا نختبئ وراءها، ونجمع المعلومات عن تحركات العدو وقواته وأسلحتهم ومواقع تمركزها، وكافة العلومات التي كانت تطلب منا.
ويضيف: قمنا بتصوير موقع للطائرات وأماكن الرادارات قبل وبعد حرب أكتوبر، واستمرت مهمتنا حتي عام 1982، مشيرا إلي مهمة تصوير تمركز العدو بموقع «سد الروافعة» و«جبل خشاعة» والتي تطلبت دخوله لمسافة 7 كيلو مترات داخل حدود إسرائيل، إضافة إلي تصوير معسكر للوقود في «جرن»، ويحكي عن أصعب الأوقات قائلا: في إحدي العمليات قضيت عشر ساعات بلا ماء أو خبز.
وردا علي سؤال حول الإغراءات التي كانت تقدمها إسرائيل لأهل سيناء يقول سلامة: كانت تعرض مبالغ طائلة للتعاون معها وكانت وعود إسرائيل أكثر من ذلك، لكن القبائل ومشايخها والمجاهدين ضربوا عرض الحائط بكل ذلك، وفشلت إسرائيل في تجنيد أهل سيناء بل خدعناهم من أجل أن ندخل إلي مواقعهم لجمع المعلومات، وجميع القبائل في سيناء كافحت من أجل مصر، حتي كان قرار حرب أكتوبر، وهو قرار سليم حيث أعاد النصر الفخر لمصر والفضل لجميع من شاركوا، ولا ننسي عبقرية الرئيس أنور السادات الذي شل حركة إسرائيل وجعل سيناء خالصة للمصريين. 
                صالح بدوي: أبلغت بأعداد القوات الإسرائيلية المجاهد صالح محمد بدوي من أبناء العريش ـ أحد أصحاب الأدوار البطولية طوال سنوات المواجهة الست مع الجيش الإسرائيلي يروي فصولا من تلك البطولات قائلا:
بعد النكسة تحركنا تلقائيا وكنا شبابا في ذلك الوقت وكنا نريد التواصل مع أهلنا في مصر، فقمنا بتشكيل مجموعة اتصال علي 4 نقاط وكان ذلك في منطقة «بئر العبد» واتصلنا بالشيخ «متعب هجرس موسي» وهو من المجاهدين أصحاب الدور البارز في جمع المعلومات وإرسالها إلي اللواء عادل فؤاد- رحمه الله- ثم بدأت ومجموعتي في جمع المعلومات عن إسرائيل تمهيدا لإرسالها إلي القيادة السياسية حتي تم القبض علينا بعد يوم 6 أكتوبر 73 مباشرة، عندما قامت إسرائيل بتحديد مصدر إحدي المكالمات، حيث قبضت علي عبدالحميد الخليلي وسعد عبدالحميد وبصحبتهما جهاز الإرسال وتحت وطأة وبشاعة التعذيب اعترفا علينا وتم القبض عليّ، لكن حظي جاء مع ضابط تحقيق إسرائيلي «مابيفهمش حاجة» وتحت الضغط والترهيب، أدليت بأقوال خاطئة وقال «يا ابن الكلب انتوا عايزين تخدعوا إسرائيل».
وعن دوره في حماية رجال القوات المسلحة قال:
عند بداية احتلال إسرائيل لسيناء، كان يوجد ضباط وجنود مصرين بأعداد كبيرة فقمنا باستخراج بطاقات شخصية لهم تحت اسماء مستعارة ومهن غير حقيقية مثل «فلاح ومدرس» وبدأنا في ترحيلهم حتي لا يقعوا تحت أيدي الأعداء، تم ترحيل البعض إلي الشيخ زويد وبورسعيد ومنهم من كان يأوي إلي الشيخ عبدالعزيز أبو مرزوق في «بئر العبد» وأبو مرزوق رجل وطني كان يجتمع عنده الضباط والجنود، ويأخذهم إلي بحيرة البردويل ومنها إلي بورسعيد، ولم تكن إسرائيل تعلم بذلك علي الإطلاق، وكأنها كانت في «غيبوبة».
ويضيف الشيخ صالح: جمعنا معلومات عسكرية عن تحركات العدو، وفي أحد الأيام قمت بإعداد «رسم بياني» بأعداد القوات الإسرائيلية المتواجدة علي خط القنال، عن طريق ملاحظة أيام الإجازات التي كان العدو يعطيها لضباطه وجنوده، والحمد لله طلع البيان سليماً 100٪ وتم إرساله إلي اللواء عادل فؤاد الذي شكرني علي دقة البيان، إذ كانت تتراوح أعدادهم علي خط القنال ما بين 35 إلي 40 ألفاً، وقمنا برصد تحركات العدو علي أكمل وجه.
ورغم قسوة التعذيب إلا أننا كنا فرحين جدا بنصرأكتوبر المجيد ثم إن القوات المسلحة لم تتخل عنا داخل السجون الإسرائيلية فقد تم الإفراج عن 63 معتقلا منا بعد مفاوضات مع القيادات الإسرائيلية التي يصفها بأنها ترأس أسوأ بلد يمارس التعذيب علي المصريين وخاصة الأسري من المجاهدين لأنهم يكرهوننا. 
                عادل شلاش: أبي  زرع أخطر شبكة تجسس فى تل أبي رغم مفارقته الحياة في 2005 علي «سريره»، وسط أولاده، إلا أن قصص البطولات التي تروي عنه تملأ سماء قرية السلام بمحافظة شمال سيناء.. المجاهد السيناوي شلاش خالد عرابي الملقب بـ «هدهد بئر العبد» التقينا نجله «عادل» الذي حكي جانباً مهماً من بطولات أبيه، قائلاً: كان أبي يعمل في مهنة «البناء» وعندما وقعت نكسة 67 فارق النوم عينيه وأخذ مع مجموعة من المجاهدين يعملون علي رصد العدوان الإسرائيلي و«طرد» اليهود من سيناء، حيث التقوا ضباط المخابرات الحربية الذين كان لهم الفضل في تدريب المجاهدين وتأهيلهم تمهيداً لنصر أكتوبر، واستطاع أبي تكوين أخطر شبكة جاسوسية لمد الأجهزة المصرية بأخطر المعلومات عن العدو، بشهادة إسرائيل نفسها، مشيراً إلي أن المدعي العام العسكري الإسرائيلي «عوزي زاك» هو من وصفه «هدهد بئر العبد» وقال إن شبكته من أخطر شبكات الجاسوسية التي كشفتها في إسرائيل، حيث استطاع أفرادها نقل معلومات أمنية من الدرجة الأولي إلي الاستخبارات العسكرية المصرية.
ويشير عادل إلي ظروف وملابسات أسره وسقوطه في يد الأعداء وتعذيبه قائلاً: جري إطلاق النار عليه فأصيب في «فكه ولسانه» وتم أسره وقضي خمس سنوات داخل السجون الإسرائيلية تحت وطأة التعذيب ولم يعترف بشيء فلم يزده ذلك إلا صبراً، ولم تنفع جميع الحيل الإسرائيلية معه ليعترف علي شبكته ومن وراءها، فقضت المحكمة الإسرائيلية بسجنه 39 عاماً، وقال عنه القاضي باروخ أغروس: «لقد اختار ضباط المخابرات المصرية رجالاً من أبناء سيناء توسموا فيهم الفراسة، ودربوهم علي تمييز الأسلحة والوصف الجيد الدقيق لكل ما يشاهدونه، وهو ما جعل من «منظمة سيناء» التي تكونت من هؤلاء الرجال شيئاً يستحق أن يعمل له ألف حساب».
واختتم نجل «هدهد بئر العبد» قائلاً: لم تنس القوات المسلحة أبناءها فقد تم الضغط علي إسرائيل للإفراج عنه، ومنحه السادات نوط الامتياز من الدرجة الأولي، ولخطورة أبي رصد «الموساد» آلاف الدولارات للقبض عليه مرة أخري.
       

                محمد بادي: شاركت في  نقل المقاتلين إلي بورسعيد يحكي المجاهد محمد بادي عياط عن بطولات أيام المواجهة مع العدو في سيناء قائلا: حضرت إلي اللواء عادل فؤاد فكلفنا بأخذ الجنود المصريين لنقلهم عن طريق البحر حتي يقوموا بعمليات فدائية ضد أهداف العدو، وكان معنا اللواء شريف عزت والعقيد إبراهيم شهاب وضباط آخرون من الجيش وكان معهم المجاهد شلاش عرابي وسلمان حسن وكنا ننقل الجنود الشاردين في الصحراء إلي بورسعيد فضلا عن ادخال المؤن التي ترسلها القوات المسلحة إلي أهالي سيناء، وكنا نكتم السر عندما يسألنا العدو الإسرائيلي من الضباط والجنود الذين ينفذون عمليات ضدهم
ويضيف: كنا ذات يوم ننقل الجنود والمؤن فقامت دورية إسرائيلية برصد الزورق الذي نستقله، وفتحوا النيران علينا، لكن تمكنا من الهرب، وظلوا يطاردوننا إلي أن اختبأنا في تبة للحماية من الضرب العشوائي وتمكنا من نقل الجنود سالمين إلي طريق بعيد حتي بورسعيد. فأهل سيناء رجالا ونساء وشبابا شيوخاً وأطفالا شاركوا في تحريرها حتي الجمال شاركت في ذلك بنقل «المؤن» والجنود إلي بر الأمان. 
                محمد عياط: كنت أصغر طفل في عمليات المقاومة كما كانت البطولات للكبار كان من نصيب الأطفال دور لا يقل أهمية في مقاومة العدو في سيناء، فقد كان محمد عياط طفلا لا يتعدي عمره 10 سنوات في عام 67 الآن هو رئيس قرية الروضة التابعة لمدينة بئر العبد ويذكر أن التلاحم بين الجميع هو ما أوصلنا إلي نصر أكتوبر 1973 وساعدنا علي الخروج من النكسة.. ويروي: كنت أبلغ من العمر 10 سنوات ولم أكن أستطيع أن أفشي سر الجنود المصريين الذين يتم نقلهم إلي بورسعيد وإلحاقهم بالجيش، فلا أحد كان يستطيع أن يفشي سرا، لأننا تربينا علي حب الوطن والإخلاص لمصر.
وأضاف: كنت أسير علي قدمي 10 كيلو مترات بالأغنام حتي أمحو آثار أقدام الجنود المصريين وحتي لا يتم تعقبهم من قبل الجنود الإسرائيليين، فكنا نعلم أن هناك جنودا مصريين نؤويهم ونساعدهم، وكان هناك فدائيون يقومون بعمليات عسكرية ضد أهداف إسرائيلية ما كان يسبب إزعاجا لإسرائيل، وحتي لا يتم القبض عليهم كنا نمحو آثارهم، وبجانب الأطفال والرجال كان للنساء دور بارز في تلك الحرب بإمداد الجنود بالطعام والمياه، وجميع سكان القرية البالغ عددهم آنذاك 200 نسمة كانوا يعملون في إيواء الجنود حتي تم نصرأكتوبر المجيد.
                يوسف النعامي: مشيت 25 كيلو مترا لأجل عملية استطلاع يوسف براك النعامي كان صاحب دور في تحرير سيناء يصفه بأنه «سري للغاية» حيث لا يسمح له حتي الآن بالكلام، إلا أنه كشف لنا عن جزء بسيط منه، قال: كنت حلقة وصل وكان معي جهاز لاسلكي لمتابعة الأخبار داخل سيناء وكنا نقوم بعمليات استطلاع، وذات مرة فوجئ الدليل بأننا 20 فردا في تلك العملية رغم معرفته بأننا أربعة فقط، حيث أردنا أن نستقل أحد المراكب وكان غير مسموح لنا بتشغيل موتور المركب حتي لا يسترعي انتباه العدو، لكننا بفضل الله ركبنا المركب بكامل القوة وتمت العملية بنجاح.
ويضيف: كان شعورنا بأن بلادنا محتلة بعد 67 مريرا جدا، لكننا كما ضحينا من أجل تحرير مصر، فإحساسي ببلدي جعلني أستمر في مهمات متواصلة لحوالي 6 أشهر، لم أكن أري فيها أهلي، بدافع الأمل في تحرير سيناء، ولم نتوان عن فعل أي شئ لمصلحة مصر متناسين أنفسنا لدرجة بلغت أن أسير علي قدمي لمسافة 25 كيلو مترا من الإسماعيلية إلي جبل الواحة وكان ذلك قبل حرب أكتوبر مباشرة.

التعليقات