بعض سفارات فلسطين..حين تغيب المساءلة وتتسع الحناجر.(ج4)

بعض سفارات فلسطين..حين تغيب المساءلة وتتسع الحناجر.(ج4)
فهمي شــــراب *
"خان يونس ليست بعيدة عن موسكو".. و"سنقتل كل من اسمه فهمي".. هذا كل ما يستطعه أنصار دولة فسادستان! إطلاق سهام وحراب تهديداتهم الفارغة عبر البريد الالكتروني، ليذودوا عن حياض مكتسباتهم ومستقبل دولتهم التي آذنت بالفناء. ، لقد ضاق الأفق وانحصرت السبل واتسعت فقط الحناجر ، فهؤلاء تعودوا أن لا يواجهوا احتجاجات الناس بإجراء التغيير المرغوب وتلبية الحد الأدنى من مطالب الجماهير، وتمسكوا وتمترسوا بالتهديد والوعيد فقط كأداة لحل الخلاف، وقد نشهد معارك تشبه معركة الجمل المصرية، ليخرج ناطق بلسان الجميع ليقول في النهاية " لم نكن ننوي البقاء والاستمرار لولاية أخرى" . انه إعلان بالإفلاس والسقوط الأخلاقي . والتهديدات التي أرسلها صاحبها عبارة عن "شخص ارعن يضرب الهواء بالعصي" وتدل على أن القوة التي في أيديهم ستهوي تحت وطأة وزنها، لأنها تسير بغير هدىً و حكمة، ودون رشاد، ولأنهم وضعوا أنفسهم في موضع من " لا يُسأل عما يفعل"، بل يريدون أن يسكتوا صوتا صدح بما يجيش في صدور الناس من مكنونات الشعور بالقهر والسخط والظلم.
ولقد كشفت الثورة المصرية العديد من الحقائق بهذا الصدد، منها ضعف وهشاشة النظام والتمثيل الدبلوماسي الفلسطيني في الخارج، إذ عصفت تداعيات الثورة وآثارها بظروف الفلسطينيين في الخارج، اقلها: أن الفلسطيني مُنع من العودة لغزة لفترة ثلاث شهور على الأقل، حيث من جاء للعلاج، ومن جاء لإنهاء دورة تدريبية، ومن أنهى دراسته، لم يستطيع أي منهم العودة واضطر للبقاء رغما عنه، ودفع الكثير من التكاليف المترتبة على تجديد الإقامة والجواز وتكاليف إقامة هو في غنى عنها، والتي لم تكن بعض الدول على دراية كافية بظروف العالقين بها تقصيرا من سفاراتنا، حتى أن السفارة الفلسطينية في ماليزيا –كما باقي السفارات- لم تكن على دراية بالأمر وكانت آخر من يعلم، و بعد مرور أسبوع على قضية العالقين سألنا احد موظفي السفارة –سكرتير أول- وكنا أربعة أفراد؛ (عما إذا ما كنا عالقين؟!) وهل هناك من الأصل أناس عالقين! فهو لا يعرف عن العالقين شيئا.
ولكي اكشف باقي الحقيقة فانه وفي أيام أزمة العالقين فقد (تم منح تسهيلات خاصة واستثنائية وهي السماح للدبلوماسيين الفلسطينيين فقط وزوجاتهم وموظفي السفارات بالتنقل والسفر لمصر والعودة وقتما شاءوا لغزة، أما المواطنين الفلسطينيين فلا عزاء لهم) .
علق منا الكثير وبالآلاف في سوريا وفي بلجيكا وفي تركيا وفي الإمارات والسعودية والكويت والجزائر وتونس وفي كل بقاع الأرض حتى أمريكا اللاتينية، وذاق الفلسطيني من جديد الويل وكان الفلسطيني يتأرجح بين شعورين متنافرين : شعور الفرح بربيع الثورات العربية من جهة، وشعور الحزن والقلق واليأس بسبب انه عالق لدى الدول الأخرى رغما عنه.
واذكر أنني أثناء الأيام الأولى للثورة المصرية هاتفت صاحبي الماليزي لأقابله حسب الموعد الذي كان بيننا،فقال لي يا أخي فهمي، أنا في مصر الان، وآسف لعدم تمكني من مقابلتك. فسألته وماذا تفعل في مصر يا أخي في هذا الوقت تحديدا؟ فأجاب إننا ذهبنا لإحضار أولادنا وطلابنا وعالقينا بطائراتنا من مصر قبل أن يحصل لهم أي مكروه.. فشكرته وعذرته متمنيا له العودة بالسلامة. ومن ثم غرقت في بحر واقعنا المرير، وتفرق من ذهني ما كان مجتمعا، وتجمع من همي وحزني ما كان متفرقا.
الشعوب الأخرى تتسابق في إرسال السفن عبر الموانئ وإرسال الطائرات والطواقم البشرية لكي تأتي بأبنائها العالقين في مصر ونحن لا نستطيع أن نستأجر طائرة لنقل العالقين، وليست لنا قوة ضغط على الدول المضيفة لكي يسعفونا وينقذونا من الموت! وذلك ليس عن نقص في الموارد بل إهمالا وتقصيرا.
فنحن نسمع عن بعض سفراء فلسطين في الخارج يرفضون أن يسكنوا في فيلات وبيوت إن لم يكن فيها حوض سباحة، ويصرون على البقاء أشهرا في فنادق ذوات خمس نجوم، محملين الشعب الفلسطيني تكاليف تغطية رفاهية عائلاتهم وذويهم . فهل ميزانية وزارة الخارجية الفلسطينية تستطيع تحمل مثل تلك النفقات ولا تستطيع تحمل عبئ إنقاذ الفلسطينيين من الجحيم.
فموظفو السفارات غارقون في همومهم الشخصية وفي ترقياتهم المستحقة وفي علاوات إضافية وتحسين أوضاعهم وفي ترتيب وضع أفضل لذويهم وإدخال من لا يحمل أي شهادة أو كفاءة السلك الدبلوماسي، كمرافق السفير وحارس السفير وعنصر الأمن الوفي، والمراسل الذي يجهز الشاي والقهوة وساعي البريد!! وقد حصل في سفاراتنا في دول الخليج.
وأنا هنا إذ أتحدث عن السفارات لا أغفل عن مأساة نعيشها في غزة ولا يفوتني التنويه بأنه وعلى ما يبدو أن التركيبة البشرية الفلسطينية كلها تحتاج لتأهيل ودورات تثقيفية وتنويرية في الصين واليابان والمانيا، ففي غزة أيضا ينشغل الأطباء عن المرضى بالحديث عن الترقيات والتغييرات والعمل الإضافي في العيادات، فوزارة الصحة كانت توفر كل شيء إلا الرعاية الصحية، وقد تدخل المستشفى سليما، فتخرج مريضا بعاهة يتسبب فيها طبيب متدرب أو مستهتر غير خائف من عواقب الأمور لقلة المساءلة، ويسافر عن طريق معبر رفح بسهولة من كان له واسطة!!
وعموما ولكي لا أكون جزء من المجتمع الساكت والفاسد والذي يغري بسكوته الظالم والفاسد فيتمادى ظانا بأنه "يحسن صنعا".
نريد أن نطرح بعض الأسئلة والتي بالإجابة عليها نخرج بحزمة توصيات يمكن للرئيس أبو مازن أو أي رئيس قادم أن يأخذها بعين الاعتبار:- لماذا يتجاوز السفير فترة الأربع سنوات المحددة له حسب القانون الدبلوماسي لعام 2005؟ وتمتد فترة ولايته لأربعين سنة؟ ألانه يقوم بإنشاء شركات تجارية تحتاج إلى وقت طويل لتدر عليه الأرباح؟
لماذا لا تتدخل السفارة لإخراج بعض الطلاب والأفراد المعتقلين لدى سجون الدول المضيفة وخاصة الذي يدخل غياهب السجون بدون تهمة بناء على بند قانون الطوارئ؟ أما الثابت عليه تورطه بجرم أو ذنب فليأخذ عقابه كاملا دون شفقة أو تعاطف من احد.
لماذا يتم إطلاق أيدي عناصر أمنية يتسترون بتاريخ نضالي وثوري مزعوم؟ فيعيثوا فسادا و إرهابا وقمعا داخل أروقة السفارة وخارجها كما في سفارة قبرص اليونانية، بأي حق يعتدي بالضرب على موظف في السفارة مشهود له بحسن السيرة والسلوك ومساعدة الجميع؟ ولماذا يوعز لأحد زعرانه وشبيحته لضرب احد أعضاء الهيئة الإدارية للجالية الفلسطينية؟ فقط لأن هذا الأخ قدم ملاحظات لوزير الخارجية رياض المالكي أثناء محاضرة ألقاها في زيارته الأخيرة لقبرص، وكان المالكي قد برر أن الحصار المفروض على غزة سببه حماس وليس إسرائيل.
فما كان لاعتراض الأخ إلا أن يواجه بالضرب المبرح بعد ذلك. وكأن تكميم الأفواه وقمع المنتقدين وإرهاب الفلسطينيين هو مبرر وجود أمثال هؤلاء في السفارات، فهل تلك هي السياسة المتبعة لدى وزارة الخارجية الفلسطينية؟. وإلا فما تبرير أن تعلم وزارة الخارجية ويبلغ أكثر من مسئول فلسطيني بتجاوزات هذا المدعو ولم يحرك أحدا ساكنا (ورسائل الجالية الفلسطينية لدي، حتى انه قد وصل بهم الحد للإعلان عن مقاطعة السفارة رسميا، لحين النظر في أمر هذا الشخص) فأين المحاسبة والمساءلة؟ وكيف لا يتمادى أمثال هؤلاء المفسدين وهم مسكوت عنهم ولا عقاب ولا حساب؟ وقد قيل "إذا امن العقاب أسيء الأدب".
لماذا لا يستطيع أي سفير جديد أن يغير طاقم السفارة العقيم والمحنط وغير المؤهل؟ ألأن أفراد السفارة متغلغلين في الأجهزة الأمنية ولهم سطوة مصدرها مكتب الرئيس أو وزير ما أو جهة ما داخل البلد المضيف؟؟؟
فالمشهد يكون أحيانا؛ إما سفير جيد ومحترم يُفرض عليه طاقم مهترئ فاسد، أو سفير تابع لرجل الأمن الذي يقبع في إحدى مكاتب السفارة. ولا صوت يعلو فوق صوت ضابط الأمن الذي يكافح من اجل الحصول على شهادة الثانوية العامة (توجيهي) بعد أن اشتعل الرأس شيبا وبلغ من العمر عتيا ..
لماذا يجري قبل المصالحة وبعدها "تدويخ" أهالي قطاع غزة من الذين يريدون أن يختموا ويصادقوا على شهاداتهم العلمية وأوراق الزواج والطلاق ووكالاتهم من الشئون القنصلية بغزة، فيرفض السفير في الخارج التعامل مع الأوراق المختومة في غزة، ويقول لهم اذهبوا فقط للضفة – لكي يخسر المواطن المطحون بذلك أتعاب بريد إضافية ويتحمل خطر فقدان أوراقه للضفة وإحضارهم-، ولا يوافق على إرسال ورقة من فاكس السفارة لأي مواطن للشئون القنصلية بغزة ليسهل عليه الطريق، فيعقد الأمر تاركا المواطن عرضة وضحية لمناكفات عقيمة.
ولماذا وحتى هذه اللحظة لا يسمح للفلسطيني في الخارج العودة لغزة إلا بحصوله على فيزا من سفارة مصر بالخارج؟؟ هل يحتاج المواطن الفلسطيني لكي يعود لأهله في غزة بان يصطف في طابور طويل أمام السفارة المصرية بين العديد من الجنسيات من الأعاجم والفرس والاعراب و التي تريد أن تزور مصر، ويدفع الواحد منا مائة دولار على الأقل لكي يحصل على الفيزا؟ هل هي صفقة بين طرفين وجزء من مؤامرة سخيفة تحاك ضد من تقطعت بهم السبل وضاقت بهم الأرض بما رحبت من الفلسطينيين العالقين في الخارج؟ نريد تفسيرات لا تهديدات ..
وفي الختام أقول كلمة لإبراء الذمة أمام الله سبحانه وتعالى وأمام الجميع؛ فانا لا اطمع من وراء تدبيج مثل هذه المقالات إلا قول كلمة حق ، وانتصارا لكرامة الفلسطيني، ولا أتطلع لما في أيدي الناس، فقد حباني الله بكل ما قد يحتاجه الإنسان، ووهب لي من نعمه ما يستوجب الذكر والشكر، بسطة في الجسم، وشهادة في العلم، وسعة في الرزق.
يتبــــــع...
[email protected]
كاتب وأكاديمي فلسطيني
فهمي شــــراب *
"خان يونس ليست بعيدة عن موسكو".. و"سنقتل كل من اسمه فهمي".. هذا كل ما يستطعه أنصار دولة فسادستان! إطلاق سهام وحراب تهديداتهم الفارغة عبر البريد الالكتروني، ليذودوا عن حياض مكتسباتهم ومستقبل دولتهم التي آذنت بالفناء. ، لقد ضاق الأفق وانحصرت السبل واتسعت فقط الحناجر ، فهؤلاء تعودوا أن لا يواجهوا احتجاجات الناس بإجراء التغيير المرغوب وتلبية الحد الأدنى من مطالب الجماهير، وتمسكوا وتمترسوا بالتهديد والوعيد فقط كأداة لحل الخلاف، وقد نشهد معارك تشبه معركة الجمل المصرية، ليخرج ناطق بلسان الجميع ليقول في النهاية " لم نكن ننوي البقاء والاستمرار لولاية أخرى" . انه إعلان بالإفلاس والسقوط الأخلاقي . والتهديدات التي أرسلها صاحبها عبارة عن "شخص ارعن يضرب الهواء بالعصي" وتدل على أن القوة التي في أيديهم ستهوي تحت وطأة وزنها، لأنها تسير بغير هدىً و حكمة، ودون رشاد، ولأنهم وضعوا أنفسهم في موضع من " لا يُسأل عما يفعل"، بل يريدون أن يسكتوا صوتا صدح بما يجيش في صدور الناس من مكنونات الشعور بالقهر والسخط والظلم.
ولقد كشفت الثورة المصرية العديد من الحقائق بهذا الصدد، منها ضعف وهشاشة النظام والتمثيل الدبلوماسي الفلسطيني في الخارج، إذ عصفت تداعيات الثورة وآثارها بظروف الفلسطينيين في الخارج، اقلها: أن الفلسطيني مُنع من العودة لغزة لفترة ثلاث شهور على الأقل، حيث من جاء للعلاج، ومن جاء لإنهاء دورة تدريبية، ومن أنهى دراسته، لم يستطيع أي منهم العودة واضطر للبقاء رغما عنه، ودفع الكثير من التكاليف المترتبة على تجديد الإقامة والجواز وتكاليف إقامة هو في غنى عنها، والتي لم تكن بعض الدول على دراية كافية بظروف العالقين بها تقصيرا من سفاراتنا، حتى أن السفارة الفلسطينية في ماليزيا –كما باقي السفارات- لم تكن على دراية بالأمر وكانت آخر من يعلم، و بعد مرور أسبوع على قضية العالقين سألنا احد موظفي السفارة –سكرتير أول- وكنا أربعة أفراد؛ (عما إذا ما كنا عالقين؟!) وهل هناك من الأصل أناس عالقين! فهو لا يعرف عن العالقين شيئا.
ولكي اكشف باقي الحقيقة فانه وفي أيام أزمة العالقين فقد (تم منح تسهيلات خاصة واستثنائية وهي السماح للدبلوماسيين الفلسطينيين فقط وزوجاتهم وموظفي السفارات بالتنقل والسفر لمصر والعودة وقتما شاءوا لغزة، أما المواطنين الفلسطينيين فلا عزاء لهم) .
علق منا الكثير وبالآلاف في سوريا وفي بلجيكا وفي تركيا وفي الإمارات والسعودية والكويت والجزائر وتونس وفي كل بقاع الأرض حتى أمريكا اللاتينية، وذاق الفلسطيني من جديد الويل وكان الفلسطيني يتأرجح بين شعورين متنافرين : شعور الفرح بربيع الثورات العربية من جهة، وشعور الحزن والقلق واليأس بسبب انه عالق لدى الدول الأخرى رغما عنه.
واذكر أنني أثناء الأيام الأولى للثورة المصرية هاتفت صاحبي الماليزي لأقابله حسب الموعد الذي كان بيننا،فقال لي يا أخي فهمي، أنا في مصر الان، وآسف لعدم تمكني من مقابلتك. فسألته وماذا تفعل في مصر يا أخي في هذا الوقت تحديدا؟ فأجاب إننا ذهبنا لإحضار أولادنا وطلابنا وعالقينا بطائراتنا من مصر قبل أن يحصل لهم أي مكروه.. فشكرته وعذرته متمنيا له العودة بالسلامة. ومن ثم غرقت في بحر واقعنا المرير، وتفرق من ذهني ما كان مجتمعا، وتجمع من همي وحزني ما كان متفرقا.
الشعوب الأخرى تتسابق في إرسال السفن عبر الموانئ وإرسال الطائرات والطواقم البشرية لكي تأتي بأبنائها العالقين في مصر ونحن لا نستطيع أن نستأجر طائرة لنقل العالقين، وليست لنا قوة ضغط على الدول المضيفة لكي يسعفونا وينقذونا من الموت! وذلك ليس عن نقص في الموارد بل إهمالا وتقصيرا.
فنحن نسمع عن بعض سفراء فلسطين في الخارج يرفضون أن يسكنوا في فيلات وبيوت إن لم يكن فيها حوض سباحة، ويصرون على البقاء أشهرا في فنادق ذوات خمس نجوم، محملين الشعب الفلسطيني تكاليف تغطية رفاهية عائلاتهم وذويهم . فهل ميزانية وزارة الخارجية الفلسطينية تستطيع تحمل مثل تلك النفقات ولا تستطيع تحمل عبئ إنقاذ الفلسطينيين من الجحيم.
فموظفو السفارات غارقون في همومهم الشخصية وفي ترقياتهم المستحقة وفي علاوات إضافية وتحسين أوضاعهم وفي ترتيب وضع أفضل لذويهم وإدخال من لا يحمل أي شهادة أو كفاءة السلك الدبلوماسي، كمرافق السفير وحارس السفير وعنصر الأمن الوفي، والمراسل الذي يجهز الشاي والقهوة وساعي البريد!! وقد حصل في سفاراتنا في دول الخليج.
وأنا هنا إذ أتحدث عن السفارات لا أغفل عن مأساة نعيشها في غزة ولا يفوتني التنويه بأنه وعلى ما يبدو أن التركيبة البشرية الفلسطينية كلها تحتاج لتأهيل ودورات تثقيفية وتنويرية في الصين واليابان والمانيا، ففي غزة أيضا ينشغل الأطباء عن المرضى بالحديث عن الترقيات والتغييرات والعمل الإضافي في العيادات، فوزارة الصحة كانت توفر كل شيء إلا الرعاية الصحية، وقد تدخل المستشفى سليما، فتخرج مريضا بعاهة يتسبب فيها طبيب متدرب أو مستهتر غير خائف من عواقب الأمور لقلة المساءلة، ويسافر عن طريق معبر رفح بسهولة من كان له واسطة!!
وعموما ولكي لا أكون جزء من المجتمع الساكت والفاسد والذي يغري بسكوته الظالم والفاسد فيتمادى ظانا بأنه "يحسن صنعا".
نريد أن نطرح بعض الأسئلة والتي بالإجابة عليها نخرج بحزمة توصيات يمكن للرئيس أبو مازن أو أي رئيس قادم أن يأخذها بعين الاعتبار:- لماذا يتجاوز السفير فترة الأربع سنوات المحددة له حسب القانون الدبلوماسي لعام 2005؟ وتمتد فترة ولايته لأربعين سنة؟ ألانه يقوم بإنشاء شركات تجارية تحتاج إلى وقت طويل لتدر عليه الأرباح؟
لماذا لا تتدخل السفارة لإخراج بعض الطلاب والأفراد المعتقلين لدى سجون الدول المضيفة وخاصة الذي يدخل غياهب السجون بدون تهمة بناء على بند قانون الطوارئ؟ أما الثابت عليه تورطه بجرم أو ذنب فليأخذ عقابه كاملا دون شفقة أو تعاطف من احد.
لماذا يتم إطلاق أيدي عناصر أمنية يتسترون بتاريخ نضالي وثوري مزعوم؟ فيعيثوا فسادا و إرهابا وقمعا داخل أروقة السفارة وخارجها كما في سفارة قبرص اليونانية، بأي حق يعتدي بالضرب على موظف في السفارة مشهود له بحسن السيرة والسلوك ومساعدة الجميع؟ ولماذا يوعز لأحد زعرانه وشبيحته لضرب احد أعضاء الهيئة الإدارية للجالية الفلسطينية؟ فقط لأن هذا الأخ قدم ملاحظات لوزير الخارجية رياض المالكي أثناء محاضرة ألقاها في زيارته الأخيرة لقبرص، وكان المالكي قد برر أن الحصار المفروض على غزة سببه حماس وليس إسرائيل.
فما كان لاعتراض الأخ إلا أن يواجه بالضرب المبرح بعد ذلك. وكأن تكميم الأفواه وقمع المنتقدين وإرهاب الفلسطينيين هو مبرر وجود أمثال هؤلاء في السفارات، فهل تلك هي السياسة المتبعة لدى وزارة الخارجية الفلسطينية؟. وإلا فما تبرير أن تعلم وزارة الخارجية ويبلغ أكثر من مسئول فلسطيني بتجاوزات هذا المدعو ولم يحرك أحدا ساكنا (ورسائل الجالية الفلسطينية لدي، حتى انه قد وصل بهم الحد للإعلان عن مقاطعة السفارة رسميا، لحين النظر في أمر هذا الشخص) فأين المحاسبة والمساءلة؟ وكيف لا يتمادى أمثال هؤلاء المفسدين وهم مسكوت عنهم ولا عقاب ولا حساب؟ وقد قيل "إذا امن العقاب أسيء الأدب".
لماذا لا يستطيع أي سفير جديد أن يغير طاقم السفارة العقيم والمحنط وغير المؤهل؟ ألأن أفراد السفارة متغلغلين في الأجهزة الأمنية ولهم سطوة مصدرها مكتب الرئيس أو وزير ما أو جهة ما داخل البلد المضيف؟؟؟
فالمشهد يكون أحيانا؛ إما سفير جيد ومحترم يُفرض عليه طاقم مهترئ فاسد، أو سفير تابع لرجل الأمن الذي يقبع في إحدى مكاتب السفارة. ولا صوت يعلو فوق صوت ضابط الأمن الذي يكافح من اجل الحصول على شهادة الثانوية العامة (توجيهي) بعد أن اشتعل الرأس شيبا وبلغ من العمر عتيا ..
لماذا يجري قبل المصالحة وبعدها "تدويخ" أهالي قطاع غزة من الذين يريدون أن يختموا ويصادقوا على شهاداتهم العلمية وأوراق الزواج والطلاق ووكالاتهم من الشئون القنصلية بغزة، فيرفض السفير في الخارج التعامل مع الأوراق المختومة في غزة، ويقول لهم اذهبوا فقط للضفة – لكي يخسر المواطن المطحون بذلك أتعاب بريد إضافية ويتحمل خطر فقدان أوراقه للضفة وإحضارهم-، ولا يوافق على إرسال ورقة من فاكس السفارة لأي مواطن للشئون القنصلية بغزة ليسهل عليه الطريق، فيعقد الأمر تاركا المواطن عرضة وضحية لمناكفات عقيمة.
ولماذا وحتى هذه اللحظة لا يسمح للفلسطيني في الخارج العودة لغزة إلا بحصوله على فيزا من سفارة مصر بالخارج؟؟ هل يحتاج المواطن الفلسطيني لكي يعود لأهله في غزة بان يصطف في طابور طويل أمام السفارة المصرية بين العديد من الجنسيات من الأعاجم والفرس والاعراب و التي تريد أن تزور مصر، ويدفع الواحد منا مائة دولار على الأقل لكي يحصل على الفيزا؟ هل هي صفقة بين طرفين وجزء من مؤامرة سخيفة تحاك ضد من تقطعت بهم السبل وضاقت بهم الأرض بما رحبت من الفلسطينيين العالقين في الخارج؟ نريد تفسيرات لا تهديدات ..
وفي الختام أقول كلمة لإبراء الذمة أمام الله سبحانه وتعالى وأمام الجميع؛ فانا لا اطمع من وراء تدبيج مثل هذه المقالات إلا قول كلمة حق ، وانتصارا لكرامة الفلسطيني، ولا أتطلع لما في أيدي الناس، فقد حباني الله بكل ما قد يحتاجه الإنسان، ووهب لي من نعمه ما يستوجب الذكر والشكر، بسطة في الجسم، وشهادة في العلم، وسعة في الرزق.
يتبــــــع...
[email protected]
كاتب وأكاديمي فلسطيني