بعض سفارات فلسطين في الخارج .. دولة خارج الدولة (ج2)

بعض سفارات فلسطين في الخارج .. دولة خارج الدولة (ج2)
بعض سفارات فلسطين في الخارج .. دولة خارج الدولة (ج2)/

 فهمي شراب

في هذا الجزء الثاني، ننكأ الجراح عمدا ومع سبق الاصرار والترصد ، ليس اجترارا لمشاعر الحسرة وتجرع مرارة الآلام، ولكن لالقاء قبسات من نور على بقعة مظلمة في غورٍ معتمٍ سحيق، وتسليط الضوء اكثر على معاناة الأغلبية الصامتة رغما عنها في الخارج من أهلنا، وإعلاء صوتهم الذي وللأسف لا يتجاوز حدود الظلم وحاجز الخوف الواقع عليهم والمفروض كقدر الاحتلال وكقدر الانظمة الكلاسيكية التوتاليتارية التي تلعب وما زال البعض منها دور الذيل لوحش الاستعمار، و التي بدأت تتهاوى في عصر ربيع الثورات العربية.

وكما يقول المفكر اينشتاين فيما معناه، ان العالم يصبح خطرا ليس فقط لوجود المجرمين (الفاسدين) الذين يتسببون في معاناة الناس، ولكن لوجود اولائك الذين ينظرون اليهم ولا يحركوا ساكنا . لذا وجب التحرك ووجب الكلام، وخاصة في ظل هذا الربيع والحصاد المر الذي يجنيه من اظلم في حق بلده وابناء بلده، وذلك بما فعلت ايديه.
ندرك بان هناك امثلة رائعة ووجوه مشرقة في بعض السفارات ولكنهم للاسف قلة، تعمل في صمت..

وبرغم معرفتي بان هناك مؤسسات تحمي الفساد وتغول رموزه، وان هذه المؤسسات تشبه الاخطبوط بتشعب اذرعها الا انني اثق بان صاحبة الجلالة قد اصبحت سلطة اولى تسبق السلطات الكلاسيكية الثلاثة، وسوف تنتصر بحد سيف القلم باذن الله.

ونريد هنا ان نحرك ساكنا بازاحة الستار قليلا، او القاء عدة احجار علها تحرك المياه الساكنة في مستنقع الفساد العميق الضارب جذوره منذ السبعينيات على حد اعتراف ابرز القادة الفلسطينيين، و لكي نكون قناة الناس والمواطنيين الذين عدموا طريقة لايصال صوتهم للمسئولين.

فالاساءات والاضرار التي تلحق بالرعايا في الخارج او المقيمون مؤقتا في الدولة المضيفة من قبل موظفي السفارات سواء اكانت عن قصد او عن غباء او بسبب وجود شخصيات غير مؤهلة يجب فتح تحقيق بشأنها، او تشكيل لجنة لا تتم لكفتتها و ضبضبتها ولملمتها حيث من الخطأ المؤسساتي و الرقابي ان يتم ارسال لجنة تحقيق من نفس الوزارة دون ان تشمل هيئة اخرى مستقلة و حيادية، حتى لا تتم مكافئة المخطئ القوي، ومعاقبة المحق الضعيف، وحتى لا تتكرر قصة ذلك السفير واظنه السفير الاسبق لفلسطين في الهند ، حيث ومن كثرة اللغط الذي اثير حوله والشبهات والاتهامات اضطرت الدولة الهندية من ان ترسل للسلطة الفلسطينية عدة رسائل تفيد بضرورة نقل السفير لمكان اخر وعدم ابقائه لديها، وعندما لم ترد السلطة الفلسطينية على هذه الرسائل، اضطرت الهند لارسال انذار اخير للسلطة ومنحها فرصة زمنية مدتها 24 ساعة قبل ان تطرده سلطات الهند بنفسها في سابقة لم نشهدها كثيرا في العلاقات الدبلوماسية بين فلسطين ودول اخرى.
فاضطرت السلطة الفلسطينية الى نقله على ما يبدو ليقاتل الاحباش ضمن رجالات سيف بن ذي يزن.

اكتب هذه الكلمات وتنهال علي رسائل من كل العالم شارحة مقدار الظلم والاجحاف والغطرسة التي تواجهها الجاليات الفلسطينية من اعضاء وموظفي السلك الدبلوماسي الذين لا يقومون بادنى ما هو مطلوب منهم ورغم ذلك يتحصلون على اضعاف راتب مدير عام في اي وزارة، وكل ذلك يستقطع من اموال الشعب الفلسطيني الذي يبحث عن لقمة العيش فلا يجدها في الداخل.
وقد وردت الي من بعض الافراد الذين عانوا وقاسوا من ممارسات السفارات بعض الادلة بالوثائق والمراسلات التي تفضح ممارسات بعض السفارات ساكشف عنها في الاجزاء القادمة.

فعلا اصبحت السفارات في اغلبها بيت للرعب.. ان لم تعرف طريقها سلمت.. وان تاهت بك السبل واضطررت الى طرق بابها ضعت.
فلماذا يتم الابقاء على من ثبت ضده بالدليل القاطع فساد طويته وسلوكه وحتى مجاهرته امام الملأ بذلك؟ لماذا لا يتم تغيير من لا يتق مأثما، ولا يهاب منكرا، ولا يخرج من حان الا الى حان، ولا يودع مجمع من مجامع الفسق الا على موعدا من اللقاء؟
هناك شكاوى كثيرة ترد ضد السفير فائد مصطفى في روسيا، 

تزداد الشكاوى والاحتجاجات وتتعالى الاصوات المتذمرة تجاه سفيرنا في الامارات العربية السيد خيري العريدي متسائلين فقط كيف هي حياة السكنى في الفنادق؟ وماذا عن حياة القصور ؟ وماذا فعلت تجاه الفلسطينيين الذين علقوا اثناء الثورة المصرية؟ ولماذا تحول موظفين بشكل تعسفي الى اماكن اخرى وتقرب منك بعضهن؟ ما زلنا نحتفظ بذاكرة نضرة لم تخربها حياة البذخ والترف التي يعيشونها سكان السفارات..

نحن لا نبكي على شهدائنا الذين سقطوا ابطالا وشرفاء، بل نبكي على القوم الذين اصيبوا في اخلاقهم فكان حقا علينا ان نقيم عليهم مأتما و عويلا.
ونألم ونشفق على هؤلاء السفراء الذين ارتقوا مرتقا صعبا، حيث قابلوا دماء الشهداء بالتنكر لابنائهم وحقوقهم، والجحود امام معروف صبرهم وتحملهم شظف العيش في الداخل، فكانوا الوجه الاخر للاحتلال وجبروته.

والعنصر القاتل في موضوع امتيازات وصلاحيات السفارة في احتكارها وتوزيعها الحصري لعدد من المقاعد الدراسية والمنح والتي تعطيها الدولة المضيفة من اجل مساعدة شعب فلسطين المناضل ، مما يجعل الكل يحاول ان يخطب ودها متقربا بالهدايا والعطايا من افراد السفارة تنتهي بحرمان الذي يستحق من فئة ( الفقراء – ابناء الشهداء- ابناء الاسرى- الجرحى- المتفوقين بدون واسطة) . وليس سرا بأن الية توزيع المنح مبنية اساسا على المزاجية ومعايير المصلحة الشخصية الانانية، حيث تأخذ بعين الاعتبار ابناء المسؤولين وابناء السفراء وابناء فلسطينيو الخارج في الخليج والمقتدرون ماليا - مع احترامي لجميع ابناء فلسطين - غير ان الذي فقد جزء من افراد اسرته وهدم بيته وتم تسريح والده من العمل داخل الخط الاخضر وحرمانه من اي عمل قد يكون اولى واحق، هذا الذي اصبح حلم حياته ان لا تقطع الكهرباء عنه ولو لاسبوع حتى يستطيع ان يكمل امتحانات توجيهي على اتم وجه!
اما في بلاد السند وحضارة هارابا فالامر مكشوف للجميع بعد ان اصبحت قضية بيع المنح الدراسية حديث الساعة، وعدم تجديد جوازات السفر لبعض الناس الذين تهمتهم الوحيدة تنحصر في انهم يصلون في المساجد، ولسوف نخصص لمثل هذه القصص جزء كبير ضمن قادم المقالات.
يتبـــــــع....
[email protected]
كاتب ومحاضر جامعي
فلسطين.

التعليقات