إسرائيل تبدأ حملة دولية لإسقاط الشرعية عن الأسد وباريس مستعدة للتصويت على قرار إدانة في مجلس الأمن

غزة - دنيا الوطن
قررت الحكومة الإسرائيلية إحداث تغيير جذري في سياستها تجاه النظام السوري، وبدأت حملة دولية لنزع الشرعية عن النظام ومحاربته في الساحة كنوع من «الانتقام» من الرئيس السوري بشار الأسد، بسبب الاتهامات التي توجهها له الحكومة الإسرائيلية بفتح جبهة مسيرات لاجئين من سوريا إلى الحدود الإسرائيلية في يومي «النكبة» و«النكسة» في الأسابيع الثلاثة الماضية. وكانت إسرائيل قد امتنعت عن اتخاذ موقف رسمي من الأحداث في سوريا طيلة الشهور الماضية، باستثناء بعض التصريحات الساخرة من قمع المظاهرات. وقد نشط نائب وزير التعاون الإقليمي في الحكومة الإسرائيلية أيوب قرا، في الشهرين الأخيرين، في مساع لمصالحة بين المعارضة السورية ونظام الأسد. والتقى عددا من المسؤولين من الطرفين في تركيا، الشهر الماضي. وقال قرا يومها، في تصريح لـ «الشرق الأوسط» إن هذه اللقاءات تتم بمعرفة وتأييد رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، «وكل من يجب أن يعرف عنها في إسرائيل».
ولكن منذ «يوم النكبة» في 15 من الشهر الماضي، بدأت تسمع في تل أبيب تصريحات معادية لسورية، مثل: «فتحوا جبهة ضد إسرائيل لحرف الأنظار عن الجرائم التي يرتكبها النظام في دمشق ضد الشعب السوري». كما راح بعض المسؤولين يهددون سوريا بالحرب، إذا هي واصلت إشعال النار في هذه الجبهة.
وبعد أحداث يوم النكسة الأحد الماضي، شدد الإسرائيليون من لهجتهم ضد سوريا بشكل حاد، وبدأوا حملة دولية للتحريض على نظام الأسد. وقال وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك، إن النظام السوري «سوف يسقط في النهاية، فهو قد فقد الشرعية، وبات مصيره مماثلا لمصير نظام صالح في اليمن والقذافي في ليبيا». وادعى باراك أن «الرئيس السوري قد أنهى مهام منصبه، وبالتالي فهو لم يعد شريكا للسلام مع إسرائيل ولم يعد ممكنا احتسابه ذا صلة بالمفاوضات، لأنه لا يستطيع اتخاذ القرارات بعد أن فقد شرعيته بنظر شعبه»، على حد تعبيره.
وقال نتنياهو من جانبه، خلال حديثه أمام كتلة حزبه البرلمانية (الليكود)، إن «الأسد فقد شرعيته كونه يرتكب مذابح ضد شعبه، وأن إسرائيل لن تسمح له بتصدير أزمته إلى حدودها». وتوجه وزير الخارجية، أفيغدور ليبرمان، إلى سفرائه في الخارج ومندوبيه في الأمم المتحدة، يطلب منهم وضع القضية السورية في رأس سلم الاهتمام «والتوضيح للعالم أن نظام الأسد يحاول إثارة القلاقل مع إسرائيل لكي يغطي على المذابح التي يرتكبها ضد شعبه، بما يخالف قوانين حقوق الإنسان».
وكشف المحرر السياسي لصحيفة «معاريف»، عوفر شلح، أن هذه الحملة الإسرائيلية «لا تتم بدوافع الغضب والانتقام وحسب، بل إنها تنطلق من الشعور بأن الصدام مع الأسد سيرفع من أسهم إسرائيل». وكتب شلح مقالا تحت عنوان: «كنز واسمه الأسد»، نشرته الصحيفة على صدر صفحتها الأولى، قال فيه إن القيادة الإسرائيلية تحتاج إلى الموقف الصارم ضد مسيرات اللاجئين حتى تظهر قوة الردع وتعطي رسالة حازمة ضد مسيرات كهذه في المستقبل، وأنه كان من حظ إسرائيل أن المواجهات الدامية جرت على الحدود مع سوريا بالذات.
وقال شلح إن وقوع قتلى وجرحى بين المدنيين برصاص الجيش الإسرائيلي، «كان يمكن أن يضع إسرائيل في عزلة دولية شديدة ويخنقها بالاستنكار الدولي». ولكن، ولأن هؤلاء الضحايا سقطوا على الحدود السورية ولأن النظام السوري يقف وراء تنظيم المسيرات، تحظى إسرائيل بالتعاطف الدولي: «فالعالم مجند بشكل واسع ضد الأسد جراء ما يفعله لشعبه. وكل مواجهة معه تستقطب التأييد لإسرائيل».
وفي أول استقالة رسمية من داخل النظام السوري، قدمت السفيرة السورية في باريس لمياء شكور استقالتها أمس احتجاجا على الحملة الحكومية ضد المتظاهرين، وأعلنت دعمها لـ«مطالب الشعب». وقالت شكور في تصريح لتلفزيون «فرانس 24» الفرنسي، إن «رد الحكومة لم يكن ملائما. لا يمكنني دعم دورة العنف (...) وتجاهل مقتل متظاهرين وأن تعيش عائلات متألمة». وأضافت «أبلغت السكرتير الخاص للرئيس بشار الأسد نيتي الاستقالة. إنني أقر بمشروعية مطالب الشعب بمزيد من الديمقراطية والحرية». وأوضحت الدبلوماسية السورية قائلة «استقالتي تدخل حيز التنفيذ فورا».
وقد قال وزير الخارجية الفرنسي، ألان جوبيه، أمس، إن الرئيس السوري، بشار الأسد، فقد شرعيته للاستمرار في الحكم، وإنه حان الوقت لأن يجعل آراء مجلس الأمن الدولي معلنة. وأكد أن فرنسا مستعدة لأن تطلب من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة الاقتراع على مشروع قرار يدين سوريا لقمعها الوحشي للاحتجاجات المطالبة بالديمقراطية على الرغم من احتمال أن تستخدم روسيا حق النقض (الفيتو).
وأضاف قائلا في كلمة ألقاها في مركز أبحاث في واشنطن بعد يوم من المحادثات مع مسؤولين أميركيين من بينهم وزيرة الخارجية، هيلاري كلينتون: «الموقف واضح جدا. في سوريا عملية الإصلاح ميتة، ونعتقد أن بشار فقد شرعيته لحكم البلاد». وأضاف: «نعتقد–كلنا معا–أننا يتعين علينا الآن أن نمضي قدما ونوزع مشروع القرار هذا في مجلس الأمن»، مضيفا أنه يعتقد أن القرار قد يحصل على 11 صوتا مؤيدا على الأقل في المجلس المؤلف من 15 عضوا. وقال: «سنرى ما الذي سيفعله الروس. إذا استخدموا (الفيتو) فإنهم سيتحملون مسؤوليتهم. ربما أنهم إذا رأوا أن هناك 11 صوتا مؤيدا للقرار فإنهم سيغيرون رأيهم. إذن هناك مخاطرة؛ ونحن مستعدون لتحملها».
وجاء ذلك في وقت قال وزير الخارجية البريطاني، ويليام هيغ، أمس، إن الأسد «يفقد شرعيته، وإنه ينبغي له إما الإصلاح أو التنحي»، في أشد لهجة تستخدمها بريطانيا خلال الاحتجاجات التي تشهدها سوريا منذ 12 أسبوعا. وقال هيغ في كلمة أمام مجلس العموم البريطاني، أمس: «الرئيس الأسد يفقد الشرعية وينبغي له الإصلاح أو التنحي». وأضاف أن بريطانيا تبحث مع شركائها في الاتحاد الأوروبي احتمال فرض مزيد من العقوبات ضد الحكومة السورية إذا استمر العنف.
واجتازت باريس عتبة جديدة في تعاطيها مع النظام السوري لجهة تصعيد الضغوط عليه لحمله على وقف أعمال القمع والعنف على أنواعها وإطلاق سراح الموقوفين وسجناء الرأي وغير ذلك من المطالب التي كررتها فرنسا ومعها الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة منذ أواسط مارس (آذار) الماضي.
وقالت مصادر فرنسية لـ«الشرق الأوسط» إن جديد الموقف، كما عكسته تصريحات جوبيه في واشنطن، اعتباره للمرة الأولى وبشكل صريح وواضح، أن الرئيس السوري، بشار الأسد، «فقد شرعيته على رأس الدولة السورية». وبحسب هذه المصادر، فإن كلام جوبيه «اجتاز نصف الطريق» قبل الدعوة إلى رحيله باعتبار أنه إذا لم يعد نظام الرئيس السوري شرعيا، فهذا يعني أنه يتعين عليه الرحيل. وتنطلق باريس في هذا الاعتبار من نقطتين، الأولى قالها جوبيه صراحة حينما أعلن أن «مسار الإصلاح في سوريا قد مات»، والثانية، وفق المفهوم الفرنسي، أن باريس وصلت إلى قناعة مفادها أن الرئيس السوري، اختار نهائيا وقطعيا إدارة ظهره للإصلاحات واعتماد القمع لوضع حد للحركة الاحتجاجية فضلا عن تيقنها أن الإصلاحات التي أعلنها النظام من رفع حالة الطوارئ وإطلاق سراح سجناء الرأي ليست إلا من باب «ذر الرماد في العيون».
وترى باريس أن موقفها من نظام الأسد يذهب أبعد مما ذهبت إليه كلينتون حين اعتبرت قبل أيام أن الرئيس السوري «بصدد خسارة شرعيته». أما الجديد الآخر في الموقف الفرنسي فهو دفعها مجلس الأمن للتصويت على مشروع قرار قامت بإعداده بالاشتراك مع بريطانيا وألمانيا والبرتغال. ورغم توقع باريس أن تعمد روسيا إلى استخدام حق النقض لمنع تبنيه في مجلس الأمن، فإن الوزير الفرنسي يدفع باتجاه توزيعه وتقديمه للتصويت في أسرع وقت. وتصف باريس مشروع القرار بأنه «نص سياسي يدين القمع وانتهاكات حقوق الإنسان ويدعو السلطات السورية إلى الاستجابة لتطلعات السوريين».
وسبق للوزير الفرنسي أن قال قبل أيام إن «أكثرية آخذة بالتشكل» في مجلس الأمن. أما أول من أمس، فرأى أن هذه الأكثرية أصبحت موجودة ويمكن أن تتكون من 10 أو 11 عضوا، بينما المجهول المتبقي يتمثل في الموقف الذي يمكن أن تتخذه موسكو. وجدير بالذكر أن الرئيس ميدفيديف عارض خلال قمة دوفيل للدول للصناعية الإشارة إلى نقل الملف السوري إلى مجلس الأمن مما أفضى إلى حذف المقطع الوارد في مسودة المقررات.
غير أن باريس لم «تفقد الأمل» في أن تلين روسيا موقفها وأن تمتنع عن التصويت، مما سيحفز الصين على الاحتذاء بها على غرار ما حصل بخصوص القرار 1973 الخاص بليبيا علما بأن مشروع القرار لا ينص على التدخل العسكري الذي لم يشر إليه أي طرف. وبحسب المصادر الفرنسية، فإن التصويت يمكن أن يتم في أقرب وقت، وهو مسألة أيام ولم يعد مسألة أسابيع. ولا يستبعد أن تطلب روسيا أو غيرها في المجلس تعديل فقرة أو أكثر. ومن الناحية المبدئية، ستجد باريس ولندن وواشنطن نفسها أمام أحد خيارين: إما أن تقبل التعديلات، شرط أن لا تفرغ المشروع من محتواه، وإما أن تتمسك بحرفيته، مما يعني عدم صدور القرار. أما الموضوع الآخر الواجب حسمه فهو معرفة ما إذا سيكون تحت الفصل السابع أم لا.
من جهته، قال مسؤول في الخارجية الأميركية لـ«الشرق الأوسط» إن الولايات المتحدة تعمل لتوحيد كلمة المجتمع الدولي في ما يخص الخطوة التالية نحو سوريا. وأشار إلى تصريح كانت أدلت به كلينتون، بأن شرعية الرئيس السوري بشار الأسد «نفذت تقريبا». لكنه رفض التعليق على أخبار بأن ألان جوبيه، وزير خارجية فرنسا، أبلغ هيلاري كلينتون، وزيرة الخارجية الأميركية، أن الرئيس الأسد «فقد شرعيته ليحكم سوريا»، وأنه دعا كلينتون إلى الاستعجال بإصدار قرار من مجلس الأمن ضد الأسد، وللضغط على روسيا لتمتنع عن التصويت حتى يجاز مشروع القرار. وقال المسؤول إن كلينتون قالت إن شرعية الأسد «نفدت تقريبا»، لكنها لم تقل إن الأسد «فقد شرعيته».
قررت الحكومة الإسرائيلية إحداث تغيير جذري في سياستها تجاه النظام السوري، وبدأت حملة دولية لنزع الشرعية عن النظام ومحاربته في الساحة كنوع من «الانتقام» من الرئيس السوري بشار الأسد، بسبب الاتهامات التي توجهها له الحكومة الإسرائيلية بفتح جبهة مسيرات لاجئين من سوريا إلى الحدود الإسرائيلية في يومي «النكبة» و«النكسة» في الأسابيع الثلاثة الماضية. وكانت إسرائيل قد امتنعت عن اتخاذ موقف رسمي من الأحداث في سوريا طيلة الشهور الماضية، باستثناء بعض التصريحات الساخرة من قمع المظاهرات. وقد نشط نائب وزير التعاون الإقليمي في الحكومة الإسرائيلية أيوب قرا، في الشهرين الأخيرين، في مساع لمصالحة بين المعارضة السورية ونظام الأسد. والتقى عددا من المسؤولين من الطرفين في تركيا، الشهر الماضي. وقال قرا يومها، في تصريح لـ «الشرق الأوسط» إن هذه اللقاءات تتم بمعرفة وتأييد رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، «وكل من يجب أن يعرف عنها في إسرائيل».
ولكن منذ «يوم النكبة» في 15 من الشهر الماضي، بدأت تسمع في تل أبيب تصريحات معادية لسورية، مثل: «فتحوا جبهة ضد إسرائيل لحرف الأنظار عن الجرائم التي يرتكبها النظام في دمشق ضد الشعب السوري». كما راح بعض المسؤولين يهددون سوريا بالحرب، إذا هي واصلت إشعال النار في هذه الجبهة.
وبعد أحداث يوم النكسة الأحد الماضي، شدد الإسرائيليون من لهجتهم ضد سوريا بشكل حاد، وبدأوا حملة دولية للتحريض على نظام الأسد. وقال وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك، إن النظام السوري «سوف يسقط في النهاية، فهو قد فقد الشرعية، وبات مصيره مماثلا لمصير نظام صالح في اليمن والقذافي في ليبيا». وادعى باراك أن «الرئيس السوري قد أنهى مهام منصبه، وبالتالي فهو لم يعد شريكا للسلام مع إسرائيل ولم يعد ممكنا احتسابه ذا صلة بالمفاوضات، لأنه لا يستطيع اتخاذ القرارات بعد أن فقد شرعيته بنظر شعبه»، على حد تعبيره.
وقال نتنياهو من جانبه، خلال حديثه أمام كتلة حزبه البرلمانية (الليكود)، إن «الأسد فقد شرعيته كونه يرتكب مذابح ضد شعبه، وأن إسرائيل لن تسمح له بتصدير أزمته إلى حدودها». وتوجه وزير الخارجية، أفيغدور ليبرمان، إلى سفرائه في الخارج ومندوبيه في الأمم المتحدة، يطلب منهم وضع القضية السورية في رأس سلم الاهتمام «والتوضيح للعالم أن نظام الأسد يحاول إثارة القلاقل مع إسرائيل لكي يغطي على المذابح التي يرتكبها ضد شعبه، بما يخالف قوانين حقوق الإنسان».
وكشف المحرر السياسي لصحيفة «معاريف»، عوفر شلح، أن هذه الحملة الإسرائيلية «لا تتم بدوافع الغضب والانتقام وحسب، بل إنها تنطلق من الشعور بأن الصدام مع الأسد سيرفع من أسهم إسرائيل». وكتب شلح مقالا تحت عنوان: «كنز واسمه الأسد»، نشرته الصحيفة على صدر صفحتها الأولى، قال فيه إن القيادة الإسرائيلية تحتاج إلى الموقف الصارم ضد مسيرات اللاجئين حتى تظهر قوة الردع وتعطي رسالة حازمة ضد مسيرات كهذه في المستقبل، وأنه كان من حظ إسرائيل أن المواجهات الدامية جرت على الحدود مع سوريا بالذات.
وقال شلح إن وقوع قتلى وجرحى بين المدنيين برصاص الجيش الإسرائيلي، «كان يمكن أن يضع إسرائيل في عزلة دولية شديدة ويخنقها بالاستنكار الدولي». ولكن، ولأن هؤلاء الضحايا سقطوا على الحدود السورية ولأن النظام السوري يقف وراء تنظيم المسيرات، تحظى إسرائيل بالتعاطف الدولي: «فالعالم مجند بشكل واسع ضد الأسد جراء ما يفعله لشعبه. وكل مواجهة معه تستقطب التأييد لإسرائيل».
وفي أول استقالة رسمية من داخل النظام السوري، قدمت السفيرة السورية في باريس لمياء شكور استقالتها أمس احتجاجا على الحملة الحكومية ضد المتظاهرين، وأعلنت دعمها لـ«مطالب الشعب». وقالت شكور في تصريح لتلفزيون «فرانس 24» الفرنسي، إن «رد الحكومة لم يكن ملائما. لا يمكنني دعم دورة العنف (...) وتجاهل مقتل متظاهرين وأن تعيش عائلات متألمة». وأضافت «أبلغت السكرتير الخاص للرئيس بشار الأسد نيتي الاستقالة. إنني أقر بمشروعية مطالب الشعب بمزيد من الديمقراطية والحرية». وأوضحت الدبلوماسية السورية قائلة «استقالتي تدخل حيز التنفيذ فورا».
وقد قال وزير الخارجية الفرنسي، ألان جوبيه، أمس، إن الرئيس السوري، بشار الأسد، فقد شرعيته للاستمرار في الحكم، وإنه حان الوقت لأن يجعل آراء مجلس الأمن الدولي معلنة. وأكد أن فرنسا مستعدة لأن تطلب من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة الاقتراع على مشروع قرار يدين سوريا لقمعها الوحشي للاحتجاجات المطالبة بالديمقراطية على الرغم من احتمال أن تستخدم روسيا حق النقض (الفيتو).
وأضاف قائلا في كلمة ألقاها في مركز أبحاث في واشنطن بعد يوم من المحادثات مع مسؤولين أميركيين من بينهم وزيرة الخارجية، هيلاري كلينتون: «الموقف واضح جدا. في سوريا عملية الإصلاح ميتة، ونعتقد أن بشار فقد شرعيته لحكم البلاد». وأضاف: «نعتقد–كلنا معا–أننا يتعين علينا الآن أن نمضي قدما ونوزع مشروع القرار هذا في مجلس الأمن»، مضيفا أنه يعتقد أن القرار قد يحصل على 11 صوتا مؤيدا على الأقل في المجلس المؤلف من 15 عضوا. وقال: «سنرى ما الذي سيفعله الروس. إذا استخدموا (الفيتو) فإنهم سيتحملون مسؤوليتهم. ربما أنهم إذا رأوا أن هناك 11 صوتا مؤيدا للقرار فإنهم سيغيرون رأيهم. إذن هناك مخاطرة؛ ونحن مستعدون لتحملها».
وجاء ذلك في وقت قال وزير الخارجية البريطاني، ويليام هيغ، أمس، إن الأسد «يفقد شرعيته، وإنه ينبغي له إما الإصلاح أو التنحي»، في أشد لهجة تستخدمها بريطانيا خلال الاحتجاجات التي تشهدها سوريا منذ 12 أسبوعا. وقال هيغ في كلمة أمام مجلس العموم البريطاني، أمس: «الرئيس الأسد يفقد الشرعية وينبغي له الإصلاح أو التنحي». وأضاف أن بريطانيا تبحث مع شركائها في الاتحاد الأوروبي احتمال فرض مزيد من العقوبات ضد الحكومة السورية إذا استمر العنف.
واجتازت باريس عتبة جديدة في تعاطيها مع النظام السوري لجهة تصعيد الضغوط عليه لحمله على وقف أعمال القمع والعنف على أنواعها وإطلاق سراح الموقوفين وسجناء الرأي وغير ذلك من المطالب التي كررتها فرنسا ومعها الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة منذ أواسط مارس (آذار) الماضي.
وقالت مصادر فرنسية لـ«الشرق الأوسط» إن جديد الموقف، كما عكسته تصريحات جوبيه في واشنطن، اعتباره للمرة الأولى وبشكل صريح وواضح، أن الرئيس السوري، بشار الأسد، «فقد شرعيته على رأس الدولة السورية». وبحسب هذه المصادر، فإن كلام جوبيه «اجتاز نصف الطريق» قبل الدعوة إلى رحيله باعتبار أنه إذا لم يعد نظام الرئيس السوري شرعيا، فهذا يعني أنه يتعين عليه الرحيل. وتنطلق باريس في هذا الاعتبار من نقطتين، الأولى قالها جوبيه صراحة حينما أعلن أن «مسار الإصلاح في سوريا قد مات»، والثانية، وفق المفهوم الفرنسي، أن باريس وصلت إلى قناعة مفادها أن الرئيس السوري، اختار نهائيا وقطعيا إدارة ظهره للإصلاحات واعتماد القمع لوضع حد للحركة الاحتجاجية فضلا عن تيقنها أن الإصلاحات التي أعلنها النظام من رفع حالة الطوارئ وإطلاق سراح سجناء الرأي ليست إلا من باب «ذر الرماد في العيون».
وترى باريس أن موقفها من نظام الأسد يذهب أبعد مما ذهبت إليه كلينتون حين اعتبرت قبل أيام أن الرئيس السوري «بصدد خسارة شرعيته». أما الجديد الآخر في الموقف الفرنسي فهو دفعها مجلس الأمن للتصويت على مشروع قرار قامت بإعداده بالاشتراك مع بريطانيا وألمانيا والبرتغال. ورغم توقع باريس أن تعمد روسيا إلى استخدام حق النقض لمنع تبنيه في مجلس الأمن، فإن الوزير الفرنسي يدفع باتجاه توزيعه وتقديمه للتصويت في أسرع وقت. وتصف باريس مشروع القرار بأنه «نص سياسي يدين القمع وانتهاكات حقوق الإنسان ويدعو السلطات السورية إلى الاستجابة لتطلعات السوريين».
وسبق للوزير الفرنسي أن قال قبل أيام إن «أكثرية آخذة بالتشكل» في مجلس الأمن. أما أول من أمس، فرأى أن هذه الأكثرية أصبحت موجودة ويمكن أن تتكون من 10 أو 11 عضوا، بينما المجهول المتبقي يتمثل في الموقف الذي يمكن أن تتخذه موسكو. وجدير بالذكر أن الرئيس ميدفيديف عارض خلال قمة دوفيل للدول للصناعية الإشارة إلى نقل الملف السوري إلى مجلس الأمن مما أفضى إلى حذف المقطع الوارد في مسودة المقررات.
غير أن باريس لم «تفقد الأمل» في أن تلين روسيا موقفها وأن تمتنع عن التصويت، مما سيحفز الصين على الاحتذاء بها على غرار ما حصل بخصوص القرار 1973 الخاص بليبيا علما بأن مشروع القرار لا ينص على التدخل العسكري الذي لم يشر إليه أي طرف. وبحسب المصادر الفرنسية، فإن التصويت يمكن أن يتم في أقرب وقت، وهو مسألة أيام ولم يعد مسألة أسابيع. ولا يستبعد أن تطلب روسيا أو غيرها في المجلس تعديل فقرة أو أكثر. ومن الناحية المبدئية، ستجد باريس ولندن وواشنطن نفسها أمام أحد خيارين: إما أن تقبل التعديلات، شرط أن لا تفرغ المشروع من محتواه، وإما أن تتمسك بحرفيته، مما يعني عدم صدور القرار. أما الموضوع الآخر الواجب حسمه فهو معرفة ما إذا سيكون تحت الفصل السابع أم لا.
من جهته، قال مسؤول في الخارجية الأميركية لـ«الشرق الأوسط» إن الولايات المتحدة تعمل لتوحيد كلمة المجتمع الدولي في ما يخص الخطوة التالية نحو سوريا. وأشار إلى تصريح كانت أدلت به كلينتون، بأن شرعية الرئيس السوري بشار الأسد «نفذت تقريبا». لكنه رفض التعليق على أخبار بأن ألان جوبيه، وزير خارجية فرنسا، أبلغ هيلاري كلينتون، وزيرة الخارجية الأميركية، أن الرئيس الأسد «فقد شرعيته ليحكم سوريا»، وأنه دعا كلينتون إلى الاستعجال بإصدار قرار من مجلس الأمن ضد الأسد، وللضغط على روسيا لتمتنع عن التصويت حتى يجاز مشروع القرار. وقال المسؤول إن كلينتون قالت إن شرعية الأسد «نفدت تقريبا»، لكنها لم تقل إن الأسد «فقد شرعيته».
التعليقات