محاضرة في ابو ظبي حول أفغانستان ومستقبلها بعد ابن لادن

محاضرة في ابو ظبي حول أفغانستان ومستقبلها بعد ابن لادن
ابوظبي –دنيا الوطن-جمال المجايدة
 
نظّم "مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية"، في مقره في أبوظبي أمس، محاضرة تناولت الحديث عن واقع أفغانستان حالياً ومستقبلها بعد خروج قوات الولايات المتحدة الأمريكية وحلف "الناتو" منها بحلول عام 2014، خاصة في ظل المستجدات الراهنة التي تشهدها الساحتان الإقليمية والدولية بعد مقتل زعيم تنظيم "القاعدة"، أسامة بن لادن.

كما تطرّقت المحاضرة، التي ألقاها الأستاذ الدكتور علي أحمد جلالي، باحث رئيسي في "مركز الشرق الأدنى وجنوب آسيا للدراسات الاستراتيجية" في "جامعة الدفاع الوطني" في الولايات المتحدة الأمريكية وحملت عنوان "أفغانستان: الطريق إلى المرحلة الانتقالية وما بعدها" إلى دور القوى الإقليمية والدولية في أفغانستان وتأثيرها في الأمن والاستقرار والتنمية الاقتصادية هناك، فضلاً عن إبراز أهم التحدّيات التي تواجهها أفغانستان بعد مرور 10 سنوات من الحرب الأمريكية على الإرهاب.

وأكد الدكتور علي جلالي أنه "ليس هناك حل عسكري للوضع في أفغانستان" أي أن محاولة حل الصراع الدائر بين الحكومة الأفغانية والمتمردين (حركة طالبان) من خلال استخدام المواجهات العسكرية لن يعود بالنفع على الجانبين إنما يتطلّب الأمر ضرورة اللجوء إلى الحوار والرغبة في تحقيق تسوية قائمة على أساس سيادة القانون وتحقيق العدالة.

وأشار جلالي إلى أن تحقيق الأمن والاستقرار المستدام هناك يحتاج إلى استراتيجية أمنية وسياسية وتنموية تقوم على شرعية النظام الحاكم المستمدّة من الشعب وتحقيق المصالحة مع المتمردين والتوصّل إلى تسوية مناسبة، وكسب دعم القوى الإقليمية والدولية لبناء الاقتصاد. لافتاً النظر إلى أن الوصول إلى ذلك الاستقرار المنشود في أفغانستان لن يتحقق إلا من خلال إقامة دولة لا تضرّ بمصالح جيرانها في المنطقة، وذلك وفق "رؤية أفغانستان 2020" القائمة على بناء دولة ديمقراطية مستقرة وآمنة ذات حكومة جيدة تحمي الشعب، وبناء مجتمع مزدهر وبنية تحتية واقتصاد قوي يركز على القطاع الخاص واقتصاد السوق والتنمية المستدامة لتوفير احتياجات الشعب ومتطلّباته ومكافحة البطالة وتقليل المخاطر وبناء القدرات الأمنية للدولة وتجنّب شنّ حروب من قبل دول أخرى على أفغانستان.

ولفت جلالي النظر إلى أن الإمارات أصبحت وسيطاً محتملاً لتحقيق السلم والمصالحة بين الحكومة الأفغانية والمتمردين، مبيّناً أن "الإمارات من أفضل الدول المرشحة للعب هذا الدور من خلال حضورها القوي داخل أفغانستان في المجالات المختلفة، خاصة دورها البارز والحيوي في إعادة الإعمار وبناء البنية التحتية وتنمية الاقتصاد الأفغاني".

وأوضح أن إيران تعدّ أكبر المستفيدين من سقوط حركة "طالبان"، موضّحاً أنها تسعى الآن إلى بسط نفوذها في كابول من خلال تمويل المتمردين وعدد من وسائل الإعلام والمنظمات في أفغانستان لاستخدامهم في مواجهة أعدائها. محذّراً من استمرار التوغّل الإيراني في التراب الأفغاني لما لذلك من مخاطر كبيرة في عدم استقرار الأوضاع هناك.

وأشار إلى أن أفغانستان تقع في مكان يجعلها دائماً عرضه لتدخّل دول الجوار فيها، الأمر الذي يؤدّي إلى استمرار حالة عدم الاستقرار الأمني والسياسي في البلاد، وأضاف "الهند تتدخّل في أفغانستان من أجل مواجهة النفوذ والمدّ الباكستانيين.. وإيران تتدخّل أيضاً لمواجهة الولايات المتحدة الأمريكية.. كما أن روسيا والصين تتدخلان لتحقيق التوازن الدولي مع واشنطن ومحاولة كبح جماح الأحادية القطبية وانفراد الولايات المتحدة بالعالم".

وحول مستقبل تنظيم "القاعدة" بعد مقتل ابن لادن، قال جلالي إن (مقتل زعيم تنظيم "القاعدة"، أسامة بن لادن، سيكون له تأثير سلبي ونفسي كبير في أعضاء التنظيم في المستقبل)، ولكنه رجّح أن يقوم هؤلاء "المستعدون للموت من أجله" بعمليات انتحارية للثأر من مقتل زعيمهم على أيدي القوات الأمريكية.

وذكر جلالي أن أفغانستان ستحتاج إلى دعم مالي كبير خلال السنوات المقبلة، فقد تحتاج إلى 6 مليارات دولار سنوياً للإنفاق العسكري لبناء قوات عسكرية وأمنية تتراوح أعدادها بين 370 و400 ألف فرد بحلول عام 2014. وذلك في ظل ضعف الناتج القومي الإجمالي للدولة، ووجود تحدّيات عدّة متمثّلة في وجود نسبة لا تقل عن 70% من الشعب دون سن الخامسة والعشرين تحتاج إلى عمل، ورغبة 115 ألف خريج من المرحلة الثانوية في الالتحاق بالجامعات سنوياً، برغم أن مؤسسات التعليم العالي الأفغانية لا تستوعب إلا 40 ألف طالب سنوياً فقط، الأمر الذي يعني انضمام عدد ضخم من الطلاب إلى صفوف العاطلين عن العمل ومن ثم إلى ممارسة العنف وتصديره.

 وفي ختام حديثه لفت جلالي النظر إلى أن النقل الكامل للسيطرة الأمنية في عام 2014 من القوات الأمريكية وحلف "الناتو" إلى القوات الأمنية الأفغانية لا يشكّل ضماناً للسلام والاستقرار في أفغانستان، كما أن التوصّل إلى اتفاق سلام مع حركة "طالبان" لن يؤدّي في حدّ ذاته إلى سلام دائم في المنطقة إلا في حال التوصّل إلى وضع نهائي مقبول لدى الشعب الأفغاني دون الإضرار بالمصالح الأمنية المشروعة للأطراف الفاعلة في المنطقة وخارجها، الأمر الذي يستدعي معالجة مختلف المخاوف المشروعة الناشئة عن الوضع في أفغانستان سواء كانت محلية أو إقليمية أو دولية. وأضاف "يجب حشد المجتمع الأفغاني للعمل على تحقيق تطلّعاته بدلاً من السعي إلى تحقيق أهداف تفرضها برامج المساعدات".

تجدر الإشارة إلى أن المحاضر علي أحمد جلالي كان يشغل منصب وزير الداخلية في أفغانستان (يناير2003-سبتمبر2005). وقبل تولّيه ذلك المنصب كان يدير حلقات بلغات "البشتو" و"داري" و"الفارسية" في إذاعة "صوت أمريكا" 1982-2003 كانت موجّهة إلى أفغانستان وإيران وآسيا الوسطى. كما أنه مؤلّف كثير من الكتب والمقالات عن القضايا السياسية والعسكرية والأمنية. 

التعليقات