نتنياهو يختار أفغانيا لرئاسة جهاز المخابرات العامة

نتنياهو يختار أفغانيا لرئاسة جهاز المخابرات العامة
غزة - دنيا الوطن
اختار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو شخصية مثيرة للخلاف لمنصب رئيس جهاز المخابرات العامة (الشاباك)، هو الجنرال يورام كوهين. وسيكون كوهين أول رئيس متدين لجهاز أمني في إسرائيل. وصدم اختياره قادة جهاز المخابرات، خصوصا رئيسه الحالي، يوفال ديسكين، الذي كان أوصى بجنرال آخر لخلافته. ونشرت وسائل الإعلام العبرية، أمس، تسريبات من الجهاز تقول إن نتنياهو رضخ بهذا الاختيار لضغوط مكثفة مارسها قادة المستوطنين في الضفة الغربية، الذين أرادوا منع تعيين جنرال آخر معروف بملاحقته تنظيمات الإرهاب اليهودية. وستكون مهام كوهين في المرحلة المقبلة متعددة، منها: معرفة كيفية عيش الأسير الإسرائيلي جلعاد شليط في أسره بقطاع غزة وفحص إمكانية إطلاق سراحه في عملية عسكرية، وفحص مدى جدية الأحاديث الفلسطينية عن انتفاضة ثالثة وطابع هذه الانتفاضة إن وجدت؛ سلمية أو مسلحة، ومتابعة نشاط تنظيمات الإرهاب اليهودية، ونشاط القوى الراديكالية من المواطنين العرب في إسرائيل ومنع تورط شبابها في علاقات عسكرية مع حزب الله أو حماس وغيرهما، وملاحقة تنظيمات اليسار الراديكالي في إسرائيل التي تنشط في أوروبا وغيرها من دول العالم من أجل مقاطعة إسرائيل، والتطوير التكنولوجي لقدرات «الشاباك» على العمل في المنطقة، ومتابعة نشاط التنظيمات المسلحة الفلسطينية وعلاقاتها الخارجية.

وينتمي كوهين إلى عائلة بسيطة هاجرت لإسرائيل من أفغانستان، في الخمسينات من القرن الماضي. ولد سنة 1960 في حي فقير في تل أبيب ويقطن بالقدس منذ سنة 1993 مع زوجته وأولاده الخمسة. درس في مدرسة دينية ابتدائية وثانوية، ثم أكمل دراسته في أكاديمية الأمن القومي وحصل على اللقبين الجامعيين الأول والثاني في العلوم السياسية. وتميز بدراسة اللغة العربية وإتقانها كلاما وكتابة.. لدى إنهائه الخدمة العسكرية انضم إلى جهاز المخابرات وعمل حارسا أمنيا.

تاريخه في المخابرات الاسرائييلة حافل، خصوصا في الموضوع الفلسطيني؛ فقد عايش فترة الانتفاضة الأولى، وفي السنة الثانية لها (1989) تولى أول منصب قيادي له، رئيسا لجهاز المخابرات في منطقة رام الله. وخلال عمله هناك، بادر إلى طرح فكرة الاغتيالات السياسية للقادة الفلسطينيين الميدانيين وأصبحت طرق عمله «مدرسة لمن خلفه».

وفي سنة 1996 ترأس وحدة الاغتيالات في جهاز المخابرات بالضفة الغربية والقدس الشرقية المحتلتين. وفي سنة 2001 أصبح رئيسا للوحدة الخاصة لما يسمى «مكافحة الإرهاب العربي والإيراني». وبعد سنتين، عين رئيسا لجهاز «الشاباك» في القدس وسائر الضفة الغربية، وتولى منصب نائب رئيس الجهاز في 2005.

في سنة 2009 سافر للدراسة في واشنطن، وعمل باحثا في معهد واشنطن للسياسة الأميركية في الشرق الأدنى. ونشر عدة دراسات حول أحداث وقضايا معينة، خصوصا في الموضوع الإيراني، والعلاقات بين إيران وسورية، ونشاط إيران في لبنان ومصر والمناطق الفلسطينية. ووقع على تلك الدراسات باسمه الصريح مع الإشارة إلى منصبه الأخير، كنائب لرئيس «الشاباك».

وكان اختيار كوهين لرئاسة الجهاز مفاجأة، حيث إنه من الناحية العملية بعيد عن هذا الجهاز منذ سنتين. وعندما بدأ نتنياهو البحث عن رئيس للجهاز يخلف يوفال ديسكين، المقرر أن ينهي خدمته في أواسط مايو (أيار) المقبل، كان كوهين المرشح الثاني أو الثالث من مجموع خمسة مرشحين. وبدأ الاتجاه السائد نحو جنرال آخر يبدأ اسمه أيضا بحرف الياء (في إسرائيل يحظر نشر أسماء أي ضابط أو عنصر في «الشاباك» وينشرون فقط اسم رئيس الجهاز). ويعرف هذا المرشح باسم «الجروجيني» لكونه من عائلة ولدت في جورجيا، وهو الذي بنى مجده من خلال نجاحه في رئاسة دائرة غير عربية وإجهاضه العديد من النشاطات الإرهابية اليهودية ضد الفلسطينيين.

وحسب صحيفة «هآرتس»، أمس، فقد شن قادة المستوطنين في الضفة الغربية حملة معادية لهذا المرشح منذ ثمانية أشهر، عندما أحسوا بأن رئيس «الشاباك» الحالي سيوصي به لخلافته. فاخترعوا أخبارا تقول إن «توترا شديدا يسود جهاز (الشاباك) مع معرفة نوايا ديسكين تعيين (الجنرال ي) رئيسا للجهاز». وراحوا يعددون ممارساته ضد المستوطنين وقيادتهم الدينية، وكيف أمر باعتقال الرباي يوسف شبيرا، للتحقيق معه في التحريض العنصري على العرب وتشريعه الاعتداءات على الفلسطينيين واقتياده إلى المعتقل وهو مقيد اليدين. ويذكرون له الإصرار على إبعاد عدد من قادة اليمين المتطرف الذين يمارسون العنف ضد الفلسطينيين في منطقة نابلس فاستصدر أوامر قضائية بطردهم خارج الضفة الغربية. ثم أرسلوا زعيمهم الروحي، الحاخام حاييم دروكمان، إلى نتنياهو ليطلب منه عدم تعيين هذا الجنرال.

ومع نشر خبر اختيار يورام كوهين رئيسا لـ«الشاباك»، اليوم، يؤكد الكثيرون أن نتنياهو رضخ لضغوط المستوطنين واختار رئيسا لـ«الشاباك» جنرالا يعتبره المستوطنون «ابن حارتنا». فهو متدين. وتاريخه مع الفلسطينيين يبعث الارتياح في نفوسهم بسبب سياسة الاغتيالات التي نفذها، خصوصا خلال الانتفاضة الثانية، ويسمونه «ملك الانتفاضة». وأشاد به، أمس، نائب رئيس الحكومة، موشيه يعلون، الذي يعتبر من غلاة المتطرفين، فقال إنه عندما كان رئيسا لأركان الجيش عمل مع كوهين ورأى مواهبه عن كثب.

ويأخذون عليه في إسرائيل أنه نشر أبحاثه في الولايات المتحدة تحت توقيعه باسمه الشخصي ولقبه «نائب رئيس (الشاباك)»، وهو أمر مخالف للقانون وعقاب مخالفة كهذه من إنسان عادي قد تكلف صاحبها السجن ثلاث سنوات. وعندما تبحث لجنة التعيينات الحكومية قرار تعيينه، سوف تطرح هذه القضية.

التعليقات