اليابان تمنح دول العالم الثالث 40 مليار دولار سنويا دون شروط
طوكيو-دنيا الوطن- أسعد العزوني
قبل آلاف السنين كان اليابانيون يقطعون الأشجار للتدفئة فتم اصدار قانون يقضي بقطع يد كل من يقطع شجرة وعمدوا الى تعديل كودات البناء من حيث الجدران وما يزال ذلك ساريا حتى يومنا هذا ومنبوذ من تمتد يده الى شجرة ليقطعها .
هذه أول معلومة حصلت عليها في مطار اوساكا القائم على الماء من قائد فرقة دبابات ياباني عائد من الغرب بعد مشاركته في دورة عسكرية ولعل هذه المعلومة قد حسمت الكثير من موجات البحث المتسارعة التي دبت في ذاكرتي قبيل السفر الى اليابان .
اليابان الحديثة دولة قائمة لكنها في نفس الوقت دولة طافحة بالأسرار وكل خطوة تمشيها تكتشف بواسطتها ألف سر وسر من حيث الامبراطور والاستسلام والنهضة والتربية والتعليم والابداع ووضع المرأة .
أول ما لمسناه في اليابان حركة المواطنين السريعة وممنوع التصادم والاصطدام وحركة الشعوب تدل على نمط تفكيرها وهم مربوطون بالآلة في المصنع والمكتب في الشركة وحركة القطار في المحطة وقد فقدنا القطار مرتين الأولى لأننا تاخرنا ثانية واحدة فتحرك دون ان يعبأ بالمتأخرين الكسولين في حين أقفل باب القاطرة امامنا ونحن نهم بالدخول وهذا ما يجعل اليابانيين يتراكضون على السلالم المتحركة في محطات سكة الحديد خوفا من التخلف عن القطار ولا سمنة لديهم ولا ترهل كما هو الحال في عالمنا العربي.
اول نزولنا في اليابان كان في مطار اوساكا القائم على البحر وهم بذلك يشتركون مع الهولنديين في توسيع رقعة بلادهم اليابسة على حساب الماء ويقول الهولنديون هنا أن الله خلق بلدان العالم فيما هم تولوا خلق بلدهم من خلال زرع اليابسة في البحر.
ومن الدروس التي تعلمتها في طوكيو ان سر نهضة اليابان تكمن في يقظة رأس الهرم بمعنى ان "الناس على دين ملوكهم" كما يقول المثل الدارج وهم يمتازون بالنظام والتنظيم والرغبة الداخلية بالتطور وسرعة الحركة والقراءة وقال وزير الحرب الاسرائيلي السبق موشيه داين في معرض تهكمه على العرب أنهم لا يقرأون وان قراوا لا يفهمون ما يقرأون وأنه سيخاف منهم عندما يراهم يقفون في الطابور انتظارا للحافلة وهذا ما جعل اسرائيل تكرر خططها الحربية ضد العرب لادراكها انهم لا يقرأون وان قرأوا لا يستوعبون.
صوت اليابانيين لا يعلو على صوت محدثهم وهم بشوشون يبتسمون بتواضع وشوارعهم نظيفة وتخلو من التلوث كما هو الحال في الشوارع العربية التي يخنقها التوث بأشكاله السمعي والبصري والرئوي ولا حوادث سير أو عراكات بين المواطنين فالموج البشري يهدر بانتظام لا صوت له سوى وقع الخطوات السريعة.
يتعرض اليابانيون لغزو امريكي من نوع آخر فبعد الاستسلام والغزو العسكري جاء دور الغزو الغذائي المتمثل ب"الفاست فود"ما جعل البدانة تشق طريقها الى أجسام اليابانيين واليابانيات الرشيقة وهم آلة تعمل ولا عمل يدوي يقومون به حتى ان اماكن جمع القمامة عندهم نظيفة .
تبلغ سرعة القطار السريع 270 كم في الساعة وهم يتحركون بالقطار الذي يشق طريقه تحت الأرض وتحت المياه اكثر مما يسير فوق الأرض كما أن الجسور عندهم طبقات فوق الأرض وفوق الماء تماما كما هي الأنفاق تحت الأرض وتحت الماء ويبلغ عدد سكان طوكيو 12 مليون نسمة يشكلون 10% من سكان اليابان البالغ عددهم 120 مليونا.وتضم اليابان 23 مدينة كبيرة و10 مدن صغيرة والغريب أن صوت سيارات الاسعاف لا يسمعه أحد ولا يرى الناظر سيارات نجدة أو اي مظهر عسكري آخر.
تاتي مدينة يوكوهاما بعد طوكيو التي دمرت بالكامل في الحرب العالمية الثانية وأقيمت على انقاضها مدينة جديد تعج بناطحات السحاب كما هو الحال بالنسبة لبقية المدن اليابنية التي دمرتها قوات التحالف التي استثنت في اللحظة الأخيرة مدينة كيوتو الجميلة لقدمها وجمالها واهميتها التاريخية .
تعرضت اليابان لزلزال كبير في العام 1923 هدم المدينة بالكامل وتم اعادة بنائها من جديد ولذلك فان عمرها قصير وهي تنام مبكرا وتقفل محالها في الثامنة مساء وتشهد شوراعها حركة في أوقات الذروة المتمثلة في بالتوجه الى العمل ومغادرته وتكون مناطق محطات القطار خلايا نحل بشري يهدر بصمت .
في طريقنا الى يوكوهاما مررنا ببرج طوكيو وطوله 337 مترا وقيل لنا انهم يبنون برجا آخر في أوساكا هو الأول من نوعه في اليابان وطوله 637 مترا وخلال هذه الرحلة صعدنا فوق جسر الرينبو الشهير في طوكيو المقام على منطقة شاطيء طوكيو وبعده مررنا بنفق تحت الماء .
ما يميز طوكيو شانها شان كافة المناطق في اليابان أن اللون الخضر لا يغيب عن شوارعها وان الأشجار الملونة تشاهد بوضوح وقد أهدى اليابانيون العديد من هذه الأشجار للبيت الأبيض الأمريكي وقد مررنا على مطار هينيدا الذي افتتح قبل أيام .
يشبه نظام السير في اليابان النظام الانجليزي حيث يجلس السائق على اليمين ويمتاز اليابانيون بالتزامهم بالمسارب والقيادة الهادئة ويطلق على المدن اليابانية بحق انها ابداع معماري وزخارف متميزة حيث البنايات الشاهقة والجسور المتراكمة فوق بعضها فوق الأرض وتحتها وكذلك الموانيء المتناثرة وفي الطريق الى كيوتو الجميلة رأينا أشجار الحمضيات المقزمة مزروعة في بيوت بلاستيكية.
الأبنية السكنية في اليابان صناديق صغيرة والعائلة اليابانية تتجه الى تربية طفلين بدلا من طفل واحد وقد تعهدت الحكومة الجديدة بدفع 200 دولار للأسرة عن كل طفل يولد لها علما أن الزواج في اليابان مقتر ونسبة العنوسة في ارتفاع وتدفع الحكومة للمطلقة وهم يقومون باستغلال كل شبر متوفر من الأرض للزراعة الى درجة انهم يقومون بزراعة الأسطح كونهم يشكون من قلة اليابسة ورفهم عادي وما يزال محافظا على الطراز المعماري الياباني القديم وينشرون غسيلهم على البلكونات والبناء هناك أفقي.
ولدى سؤالهم عن نظرتهم للعرب قالوا أننا قسمان عرب النفط الذين يسعون اليهم للحصول على عقود ومشاريع وعرب القحط الذين يتلقون مساعدات من االيابان لكن دون شروط سياسية وهم يحترمون جميع الأديان مع أن العائلة تقيم احتفالا لمن يعتنق اليهودية أو المسيحة لكنها لا تقبل لأي من أفرادها اعتناق الاسلام.
وبخصوص نظرة اليابانيين لأمريكا التي دمرتهم عام 1945 وما تزال قواعدها العسكرية فوق أراضيهم تبين أن الأجداد كانوا ينظرون اليها على انها الحلم الخضر لغناها وقوتها وأن الآباء كانوا يتمنون ان تصبح اليابان مثل أمريكا في حين أن الأبناء يحترمونها من بعيد ولا تشكل لهم حلما لأن بلدهم اصبح غنيا.علما أن هناك من لايزال يحتفظ بذاكرته ما فعلته امريكا باليابان وقصفها لهيروشيما وناغازاكي بالقانابل الذرية
وقد زرنا مقاما للقائد الياباني ياسكوني الذي قاد حروب اليابان الاقليمية في عشرينيات القرن التاسع عشر وقيل لنا أن أتباع هذا القائد متشددون ويطالبون بتحديد العلاقة مع أمريكا واخراج قواتها من اليابان والثأر منها وأن القتلى اليابانيين في هذه الحروب مدفونون في هذه البقعة.
مدينة كيوتو الجميلة التي نجت من القصف الأمركي وأصبحت مركزا للمؤتمرات البيئية الدولية السنوية كانت العاصمة الأولى لليابان عام 1700 ويلاحظ ان قوة الساموراي التي فقدت الحكم لصالح الامبراطور تحولت الى قوة اقتصادية والغريب في الأمر ان المنتجات الصينية تغزو السوق اليابانية ويصعب ان تجد المنتجات اليابانية متوفرة في الأسواق المحلية وعند السؤال عن ذلك قيل لنا أن هذه المنتجات من تصميم ياباني أنتجتها مصانع يابانية في الصين وان اليابان تصدر البضائع غالية الثمن وتستورد الرخيصة وهذه سياسة اقتصادية مربحة علما أن اقتصادهم ما يزال يعاني أزمة نشبت عام 1990 وتشبه أزمة امريكا الحالية ويبلغ عدد المنتحرين سنويا 30 ألف شخص بسبب سوء الأوضاع الاقتصادية.
وخلال مرورنا بمبنى البرلمان تصادف وجود مظاهرة شاركت كافة قطاعات اللشعب دون تدخل من الشرطة تتعلق بالأمن الغذائي وقيل لنا ان الحكومة استوردت أرزا من الخارج في احدى السنوات لكن المواطنين قاطعوا الأرز في تلك السنة ولاء لمنتجهم المحلي .
اليابان كما هو معروف بلد الزلازل والبراكين وآخر زلزال وقع عام 2007 وهم يعتمدون نظام الحماية والطواريء اليقظ وأنهم يتوقعون ثورة الزلزال أو البركان في كل لحظة ولا تخلو بناية من هذا النظام وكما هو معلروف ايضا ان اليابان جزيرة تعج بالأنهار التي تنبع من الجبال ولذلك نراهم يركزون على معالجة مياه الأنهار ولا يهتمون بالمياه الجوفية ولا يرغبون ببناء السدود ويؤمنون بنظرية تقول ان اردت بحرا غنيا فازرع الجبل بمعنى ان الجبل الغني يجعل البحر غنيا وهذا ما يجعلهم يزرعن كل الجبال لتبدواليابان كلها غابة متصلة وهي بذلك تشبه طهران في خضرتها الدائمة وتدفق المياه من قمم الجبال على مدى العام .
غالبية الشعب الياباني تريد خروج القوات الأمريكية من اليابان وقد أجبر رئيس الوزراء السابق على الاستقالة من منصبه لأنه عجز عن تحقيق ما تعهد عليه للشعب لكن الحكومة الحالية هي الأخرى تشعر بصعوبة ذلك وتشهد جزيرة اوكيناوا التي يتواجد فيها اكبر قاعدة امريكية في الشرق الأقصى ململة واضحة وان محافظها يطالب لاخراج الأمريكيين علانية وقد كان لدى رئيس الوزراء السابق هوكوياما خطة لذلك لكنه اصطدم بالواقع وقد استخدمت امريكا كافة ادواتها للضغط عليه وأجبرته على الاستقالة .
اليابان هي أكبر دولة تصنع الكاميرات المتطورة لكن ما لايعرفه الجميع ان اليابانيين يرفضون أن يصورهم أجنبي ويفسرون ذلك بانه عقدة من التصوير وخاصة من قبل الأجانب.
يبدو ان المرأة اليابانية المعاصرة لم تعد هي ذاتها المرأة القديمة التي عاشت قبل الاستسلام وكانت توصف بأنها أكثر امرأة مخلصة لزوجها وتنتظره حتى يكمل طعامه لتقوم بتناول ما تركه لها من طعام وهي راضية مرضية ويبدو أيضا انها انتقمت منه وعاقبته بعد الاستسلام بأن خلعت عنها عباءته لكن واقع الحال يقول أن العقاب هو للرجل الزوج فقط بينما الرجل العشيق او الصديق ما يزال يتمتع بالحنان وهي تمارس مهامها الأنثوية على اكل وجه ولكن ليس مع الزوج.
جبل فوجي في اليابان هذه الأيام محط للسواح الجانب ويقع بين اقليمي يا ماناشي وشيزوكا وهو بركاني يبلغ ارتفاعه 3776 مترا وآخر ثورة لبركانه كانت عام 1707 حيث غمر المنطقة بالرماد البركاني ثم توقف .
أغرب ما سمعته في اليابان أن هناك تقليدا في مطاعمها يطلق عليه " طاولة لاثنين " وهو اسم لمنظمة انسانية تأسست عام 2007 لتوزيع الغذاء على جوعى العالم وتم جمع 5 ملايين وجبة غذاء قيمتها 102 453 100 ينا يابانيا ويتمثل بان يطلب المواطن وجبة لاثنين ويدفع 20 ينا زيادة على سعر وجبته.
تعاني اليابان من العنوسة وعدم الاقبال على الزواج لانهماك الجميع بالعمل والخشية من فقدانه بسبب تربية الطفل ونسبة العنوسة في اليابان مرتفعة ومعدل الولادة يبلغ 1.3 % والبنات يفضلن الدراسة والعمل على الزواج وتبلغ نسبة البطالة في اليابان 5%.
تبلغ كلفة الزواج في اليابان نحو 3 ملايين ين ويقوم العرسان باستئجار ملابس الحفلة ويقدم المدعوون " نقوطا " قد يصل الى 30 ألف ين لتغطية التكاليف فيما يدفع القارب 50 ألف ين ويعيش ما نسبته 30% من الشباب والشابات معا قبل الزواج .
لقد خسرت اليابان ما بين 240-500 ألفا في الحرب الكونية الثانية عدا خسائر هيروشيما التي بلغ عدد ضحاياها 300 ألفا كما ان الجنود مستثنون من هذا الرقم ويذكر ان الطائرات الأمريكية كانت تسقط انذارات لسكان المدن اليابنية تنذرهم فيها بالقصف وبضرورة المغادرة لكنها لم تفعل ذلك في هيروشيما.وقد انتحر قائد الجيش الياباني عند التحقق من الهزيمة .
وتعد مدينة كوبي أول مدينة يابانية شهدت تناول القهوة حيث أحضر أحد المسافرين القهوة من الخارج كما تعرضت لزلزال عام 1995 راح ضحيته ستة آلاف قتيل .
هناك عتب ياباني على بعض الدول العربية التي تفضل شركات الغرب لتنفيذ مشاريعها الضخمة لكنهم يقولون ان ذلك أمرا سياسيا يتعلق بوضع بعض الدول الغربية في مجلس الأمن.
منطقة أوكوياما غنية بالأسماك ومشهورة بزراعة الفواكه الحمضيات والزيتون الذي دخل البلاد منذ 40 عاما وأحضره بعضهم من اوروبا وبعد أبحاث عديدة عليه تقرر زراعته في اليابان .
حتى اللحظة فان اليابان تجد نفسها في خطر فهناك تحديات الصين وكوريا الشمالية والانتقام الأمريكي بسبب الرغبة اليابانية في مغادرة القوات المريكية ومع ذلك فان الآلة اليابانية لم تتوقف ولم يخلد العقل الياباني الى السبات .
قبل آلاف السنين كان اليابانيون يقطعون الأشجار للتدفئة فتم اصدار قانون يقضي بقطع يد كل من يقطع شجرة وعمدوا الى تعديل كودات البناء من حيث الجدران وما يزال ذلك ساريا حتى يومنا هذا ومنبوذ من تمتد يده الى شجرة ليقطعها .
هذه أول معلومة حصلت عليها في مطار اوساكا القائم على الماء من قائد فرقة دبابات ياباني عائد من الغرب بعد مشاركته في دورة عسكرية ولعل هذه المعلومة قد حسمت الكثير من موجات البحث المتسارعة التي دبت في ذاكرتي قبيل السفر الى اليابان .
اليابان الحديثة دولة قائمة لكنها في نفس الوقت دولة طافحة بالأسرار وكل خطوة تمشيها تكتشف بواسطتها ألف سر وسر من حيث الامبراطور والاستسلام والنهضة والتربية والتعليم والابداع ووضع المرأة .
أول ما لمسناه في اليابان حركة المواطنين السريعة وممنوع التصادم والاصطدام وحركة الشعوب تدل على نمط تفكيرها وهم مربوطون بالآلة في المصنع والمكتب في الشركة وحركة القطار في المحطة وقد فقدنا القطار مرتين الأولى لأننا تاخرنا ثانية واحدة فتحرك دون ان يعبأ بالمتأخرين الكسولين في حين أقفل باب القاطرة امامنا ونحن نهم بالدخول وهذا ما يجعل اليابانيين يتراكضون على السلالم المتحركة في محطات سكة الحديد خوفا من التخلف عن القطار ولا سمنة لديهم ولا ترهل كما هو الحال في عالمنا العربي.
اول نزولنا في اليابان كان في مطار اوساكا القائم على البحر وهم بذلك يشتركون مع الهولنديين في توسيع رقعة بلادهم اليابسة على حساب الماء ويقول الهولنديون هنا أن الله خلق بلدان العالم فيما هم تولوا خلق بلدهم من خلال زرع اليابسة في البحر.
ومن الدروس التي تعلمتها في طوكيو ان سر نهضة اليابان تكمن في يقظة رأس الهرم بمعنى ان "الناس على دين ملوكهم" كما يقول المثل الدارج وهم يمتازون بالنظام والتنظيم والرغبة الداخلية بالتطور وسرعة الحركة والقراءة وقال وزير الحرب الاسرائيلي السبق موشيه داين في معرض تهكمه على العرب أنهم لا يقرأون وان قراوا لا يفهمون ما يقرأون وأنه سيخاف منهم عندما يراهم يقفون في الطابور انتظارا للحافلة وهذا ما جعل اسرائيل تكرر خططها الحربية ضد العرب لادراكها انهم لا يقرأون وان قرأوا لا يستوعبون.
صوت اليابانيين لا يعلو على صوت محدثهم وهم بشوشون يبتسمون بتواضع وشوارعهم نظيفة وتخلو من التلوث كما هو الحال في الشوارع العربية التي يخنقها التوث بأشكاله السمعي والبصري والرئوي ولا حوادث سير أو عراكات بين المواطنين فالموج البشري يهدر بانتظام لا صوت له سوى وقع الخطوات السريعة.
يتعرض اليابانيون لغزو امريكي من نوع آخر فبعد الاستسلام والغزو العسكري جاء دور الغزو الغذائي المتمثل ب"الفاست فود"ما جعل البدانة تشق طريقها الى أجسام اليابانيين واليابانيات الرشيقة وهم آلة تعمل ولا عمل يدوي يقومون به حتى ان اماكن جمع القمامة عندهم نظيفة .
تبلغ سرعة القطار السريع 270 كم في الساعة وهم يتحركون بالقطار الذي يشق طريقه تحت الأرض وتحت المياه اكثر مما يسير فوق الأرض كما أن الجسور عندهم طبقات فوق الأرض وفوق الماء تماما كما هي الأنفاق تحت الأرض وتحت الماء ويبلغ عدد سكان طوكيو 12 مليون نسمة يشكلون 10% من سكان اليابان البالغ عددهم 120 مليونا.وتضم اليابان 23 مدينة كبيرة و10 مدن صغيرة والغريب أن صوت سيارات الاسعاف لا يسمعه أحد ولا يرى الناظر سيارات نجدة أو اي مظهر عسكري آخر.
تاتي مدينة يوكوهاما بعد طوكيو التي دمرت بالكامل في الحرب العالمية الثانية وأقيمت على انقاضها مدينة جديد تعج بناطحات السحاب كما هو الحال بالنسبة لبقية المدن اليابنية التي دمرتها قوات التحالف التي استثنت في اللحظة الأخيرة مدينة كيوتو الجميلة لقدمها وجمالها واهميتها التاريخية .
تعرضت اليابان لزلزال كبير في العام 1923 هدم المدينة بالكامل وتم اعادة بنائها من جديد ولذلك فان عمرها قصير وهي تنام مبكرا وتقفل محالها في الثامنة مساء وتشهد شوراعها حركة في أوقات الذروة المتمثلة في بالتوجه الى العمل ومغادرته وتكون مناطق محطات القطار خلايا نحل بشري يهدر بصمت .
في طريقنا الى يوكوهاما مررنا ببرج طوكيو وطوله 337 مترا وقيل لنا انهم يبنون برجا آخر في أوساكا هو الأول من نوعه في اليابان وطوله 637 مترا وخلال هذه الرحلة صعدنا فوق جسر الرينبو الشهير في طوكيو المقام على منطقة شاطيء طوكيو وبعده مررنا بنفق تحت الماء .
ما يميز طوكيو شانها شان كافة المناطق في اليابان أن اللون الخضر لا يغيب عن شوارعها وان الأشجار الملونة تشاهد بوضوح وقد أهدى اليابانيون العديد من هذه الأشجار للبيت الأبيض الأمريكي وقد مررنا على مطار هينيدا الذي افتتح قبل أيام .
يشبه نظام السير في اليابان النظام الانجليزي حيث يجلس السائق على اليمين ويمتاز اليابانيون بالتزامهم بالمسارب والقيادة الهادئة ويطلق على المدن اليابانية بحق انها ابداع معماري وزخارف متميزة حيث البنايات الشاهقة والجسور المتراكمة فوق بعضها فوق الأرض وتحتها وكذلك الموانيء المتناثرة وفي الطريق الى كيوتو الجميلة رأينا أشجار الحمضيات المقزمة مزروعة في بيوت بلاستيكية.
الأبنية السكنية في اليابان صناديق صغيرة والعائلة اليابانية تتجه الى تربية طفلين بدلا من طفل واحد وقد تعهدت الحكومة الجديدة بدفع 200 دولار للأسرة عن كل طفل يولد لها علما أن الزواج في اليابان مقتر ونسبة العنوسة في ارتفاع وتدفع الحكومة للمطلقة وهم يقومون باستغلال كل شبر متوفر من الأرض للزراعة الى درجة انهم يقومون بزراعة الأسطح كونهم يشكون من قلة اليابسة ورفهم عادي وما يزال محافظا على الطراز المعماري الياباني القديم وينشرون غسيلهم على البلكونات والبناء هناك أفقي.
ولدى سؤالهم عن نظرتهم للعرب قالوا أننا قسمان عرب النفط الذين يسعون اليهم للحصول على عقود ومشاريع وعرب القحط الذين يتلقون مساعدات من االيابان لكن دون شروط سياسية وهم يحترمون جميع الأديان مع أن العائلة تقيم احتفالا لمن يعتنق اليهودية أو المسيحة لكنها لا تقبل لأي من أفرادها اعتناق الاسلام.
وبخصوص نظرة اليابانيين لأمريكا التي دمرتهم عام 1945 وما تزال قواعدها العسكرية فوق أراضيهم تبين أن الأجداد كانوا ينظرون اليها على انها الحلم الخضر لغناها وقوتها وأن الآباء كانوا يتمنون ان تصبح اليابان مثل أمريكا في حين أن الأبناء يحترمونها من بعيد ولا تشكل لهم حلما لأن بلدهم اصبح غنيا.علما أن هناك من لايزال يحتفظ بذاكرته ما فعلته امريكا باليابان وقصفها لهيروشيما وناغازاكي بالقانابل الذرية
وقد زرنا مقاما للقائد الياباني ياسكوني الذي قاد حروب اليابان الاقليمية في عشرينيات القرن التاسع عشر وقيل لنا أن أتباع هذا القائد متشددون ويطالبون بتحديد العلاقة مع أمريكا واخراج قواتها من اليابان والثأر منها وأن القتلى اليابانيين في هذه الحروب مدفونون في هذه البقعة.
مدينة كيوتو الجميلة التي نجت من القصف الأمركي وأصبحت مركزا للمؤتمرات البيئية الدولية السنوية كانت العاصمة الأولى لليابان عام 1700 ويلاحظ ان قوة الساموراي التي فقدت الحكم لصالح الامبراطور تحولت الى قوة اقتصادية والغريب في الأمر ان المنتجات الصينية تغزو السوق اليابانية ويصعب ان تجد المنتجات اليابانية متوفرة في الأسواق المحلية وعند السؤال عن ذلك قيل لنا أن هذه المنتجات من تصميم ياباني أنتجتها مصانع يابانية في الصين وان اليابان تصدر البضائع غالية الثمن وتستورد الرخيصة وهذه سياسة اقتصادية مربحة علما أن اقتصادهم ما يزال يعاني أزمة نشبت عام 1990 وتشبه أزمة امريكا الحالية ويبلغ عدد المنتحرين سنويا 30 ألف شخص بسبب سوء الأوضاع الاقتصادية.
وخلال مرورنا بمبنى البرلمان تصادف وجود مظاهرة شاركت كافة قطاعات اللشعب دون تدخل من الشرطة تتعلق بالأمن الغذائي وقيل لنا ان الحكومة استوردت أرزا من الخارج في احدى السنوات لكن المواطنين قاطعوا الأرز في تلك السنة ولاء لمنتجهم المحلي .
اليابان كما هو معروف بلد الزلازل والبراكين وآخر زلزال وقع عام 2007 وهم يعتمدون نظام الحماية والطواريء اليقظ وأنهم يتوقعون ثورة الزلزال أو البركان في كل لحظة ولا تخلو بناية من هذا النظام وكما هو معلروف ايضا ان اليابان جزيرة تعج بالأنهار التي تنبع من الجبال ولذلك نراهم يركزون على معالجة مياه الأنهار ولا يهتمون بالمياه الجوفية ولا يرغبون ببناء السدود ويؤمنون بنظرية تقول ان اردت بحرا غنيا فازرع الجبل بمعنى ان الجبل الغني يجعل البحر غنيا وهذا ما يجعلهم يزرعن كل الجبال لتبدواليابان كلها غابة متصلة وهي بذلك تشبه طهران في خضرتها الدائمة وتدفق المياه من قمم الجبال على مدى العام .
غالبية الشعب الياباني تريد خروج القوات الأمريكية من اليابان وقد أجبر رئيس الوزراء السابق على الاستقالة من منصبه لأنه عجز عن تحقيق ما تعهد عليه للشعب لكن الحكومة الحالية هي الأخرى تشعر بصعوبة ذلك وتشهد جزيرة اوكيناوا التي يتواجد فيها اكبر قاعدة امريكية في الشرق الأقصى ململة واضحة وان محافظها يطالب لاخراج الأمريكيين علانية وقد كان لدى رئيس الوزراء السابق هوكوياما خطة لذلك لكنه اصطدم بالواقع وقد استخدمت امريكا كافة ادواتها للضغط عليه وأجبرته على الاستقالة .
اليابان هي أكبر دولة تصنع الكاميرات المتطورة لكن ما لايعرفه الجميع ان اليابانيين يرفضون أن يصورهم أجنبي ويفسرون ذلك بانه عقدة من التصوير وخاصة من قبل الأجانب.
يبدو ان المرأة اليابانية المعاصرة لم تعد هي ذاتها المرأة القديمة التي عاشت قبل الاستسلام وكانت توصف بأنها أكثر امرأة مخلصة لزوجها وتنتظره حتى يكمل طعامه لتقوم بتناول ما تركه لها من طعام وهي راضية مرضية ويبدو أيضا انها انتقمت منه وعاقبته بعد الاستسلام بأن خلعت عنها عباءته لكن واقع الحال يقول أن العقاب هو للرجل الزوج فقط بينما الرجل العشيق او الصديق ما يزال يتمتع بالحنان وهي تمارس مهامها الأنثوية على اكل وجه ولكن ليس مع الزوج.
جبل فوجي في اليابان هذه الأيام محط للسواح الجانب ويقع بين اقليمي يا ماناشي وشيزوكا وهو بركاني يبلغ ارتفاعه 3776 مترا وآخر ثورة لبركانه كانت عام 1707 حيث غمر المنطقة بالرماد البركاني ثم توقف .
أغرب ما سمعته في اليابان أن هناك تقليدا في مطاعمها يطلق عليه " طاولة لاثنين " وهو اسم لمنظمة انسانية تأسست عام 2007 لتوزيع الغذاء على جوعى العالم وتم جمع 5 ملايين وجبة غذاء قيمتها 102 453 100 ينا يابانيا ويتمثل بان يطلب المواطن وجبة لاثنين ويدفع 20 ينا زيادة على سعر وجبته.
تعاني اليابان من العنوسة وعدم الاقبال على الزواج لانهماك الجميع بالعمل والخشية من فقدانه بسبب تربية الطفل ونسبة العنوسة في اليابان مرتفعة ومعدل الولادة يبلغ 1.3 % والبنات يفضلن الدراسة والعمل على الزواج وتبلغ نسبة البطالة في اليابان 5%.
تبلغ كلفة الزواج في اليابان نحو 3 ملايين ين ويقوم العرسان باستئجار ملابس الحفلة ويقدم المدعوون " نقوطا " قد يصل الى 30 ألف ين لتغطية التكاليف فيما يدفع القارب 50 ألف ين ويعيش ما نسبته 30% من الشباب والشابات معا قبل الزواج .
لقد خسرت اليابان ما بين 240-500 ألفا في الحرب الكونية الثانية عدا خسائر هيروشيما التي بلغ عدد ضحاياها 300 ألفا كما ان الجنود مستثنون من هذا الرقم ويذكر ان الطائرات الأمريكية كانت تسقط انذارات لسكان المدن اليابنية تنذرهم فيها بالقصف وبضرورة المغادرة لكنها لم تفعل ذلك في هيروشيما.وقد انتحر قائد الجيش الياباني عند التحقق من الهزيمة .
وتعد مدينة كوبي أول مدينة يابانية شهدت تناول القهوة حيث أحضر أحد المسافرين القهوة من الخارج كما تعرضت لزلزال عام 1995 راح ضحيته ستة آلاف قتيل .
هناك عتب ياباني على بعض الدول العربية التي تفضل شركات الغرب لتنفيذ مشاريعها الضخمة لكنهم يقولون ان ذلك أمرا سياسيا يتعلق بوضع بعض الدول الغربية في مجلس الأمن.
منطقة أوكوياما غنية بالأسماك ومشهورة بزراعة الفواكه الحمضيات والزيتون الذي دخل البلاد منذ 40 عاما وأحضره بعضهم من اوروبا وبعد أبحاث عديدة عليه تقرر زراعته في اليابان .
حتى اللحظة فان اليابان تجد نفسها في خطر فهناك تحديات الصين وكوريا الشمالية والانتقام الأمريكي بسبب الرغبة اليابانية في مغادرة القوات المريكية ومع ذلك فان الآلة اليابانية لم تتوقف ولم يخلد العقل الياباني الى السبات .
التعليقات