مآسي الحرب على غزة "محفورة" في أذهان الفلسطينيين وآمالهم في محاكمة مرتكبيها تبددت بعد عامين على العدوان

مآسي الحرب على غزة "محفورة" في أذهان الفلسطينيين وآمالهم في محاكمة مرتكبيها تبددت بعد عامين على العدوان
غزة - دنيا الوطن
  بعد عامين على اندلاعها، ما زال الفلسطينيون يحتفظون في ذاكرتهم بكل تفاصيل الحرب على غزة، خصوصاً أولئك الذين فقدوا فلذات أكبادهم أمام ناظريهم أو تلك العائلات التي تشردت بعد أن سوت الجرافات الإسرائيلية منازلها بالأرض، ناهيك عن الذين تقطعت بهم السبل من دون حصولهم على الطعام أو الماء أو الدواء.

ويستذكر أنور بعلوشة (40 عاماً) لحظات استشهاد بناته الخمس بكل تفاصيلها، إذ أن توقيت القصف ومشاهد الدماء والدمار لا تغادر مخيلته منذ لحظة وقوعها، خصوصاً انه ما زال يعيش حياة التشريد إلى جانب مأساة فقدان الأبناء.

وقال: "ما زلت أنظر إلى أجساد بناتي الخمس ممزقة أمامي عيني وكأني الجريمة وقعت اليوم، فكل الهموم والمشاكل التي واجهتها بعد استشهادهما لم تمحو من ذاكرتي تلك المشاهد المؤلمة". وأضاف: "في مثل هذه الأيام يتذكر الناس الحرب والشهداء، لكن صور أطفالي الشهداء ظلت محفورة في عقلي طوال هذين العامين ولن أنساهما ما حييت".

وقتلت قوات الاحتلال خلال عدوانها على غزة نهاية عام 2008 وبداية 2009 ما يزيد عن 1400 فلسطيني، غالبيتهم من المدنيين، بينما ألحقت دماراً واسعاً بالبنى التحتية والمنازل التي دمر منها أكثر من 5000 بيت. لم يتمكن الغزيون من إعادة إعمارها جراء الحصار الإسرائيلي ومنع إدخال مواد البناء.

الأوضاع النفسية الصعبة لعائلة بعلوشة هي ذاتها

التي تعيشها آلاف العائلات التي تضررت جراء الحرب، إذ أن المآسي لا يمكن أن تمحوها السنين أو تتجاوزها الذاكرة كما قال وائل السموني (32 عامًا) الذي كان شاهداً على المجزرة التي اقترفها جنود الاحتلال بحق العائلة وأدت إلى استشهاد نحو 30 فرداً من أبنائها.

وأوضح أن وجوه الجنود الملونة بالسواد لا تغادر ذاكرته كلما تحرك في الحي، كما أن رائحة الموت تفوح في المكان وبيته الذي كان شاهداً على الجريمة، إذ جمع جنود الاحتلال العائلة بداخله واستهدفوه بالقصف، لافتاً إلى أنه لم يستطيع الوقوف على قدميه لحظة مشاهدته جثث الأطفال والنساء مكدسة فوق بعضها. وهذا ما يحدث معه حالياً كلما اقترب من المكان.

وقال السموني: "من يعيش تلك اللحظات المريرة لا يمكن أن ينساها ولو بعد زمن طويل". وأضاف: "يجب ألا تنسى من الذاكرة، بل الواجب تعليمها للأبناء والأحفاد، حتى يتذكروا دوماً ما الذي فعله الاحتلال بنا".

لكن أكثر ما يؤلم ذوي الضحايا هو بقاء المجرم خارج إطار العدالة رغم كل المحاولات بذلتها الجهات الحقوقية الفلسطينية والدولية، لا بل أن الاحتلال يستعد لتنفيذ جرائم جديدة من دون أن يحرك العالم ساكناً، وفقاً لأحمد عبد ربه الذي فقد طفلتيه جراء إطلاق الرصاص عليهما وهو يحملهما هارباً من القصف في عزبة عبد ربه شرق غزة.

واعتبر أن شواهد الجريمة مكتملة وهي بحاجة فقط إلى تقديم مرتكبيها إلى العدالة، حتى يستطيع ذوو الضحايا أن يشعروا بالعدالة والقصاص ممن قتلوا أبنائهم، لافتاً إلى أنه أدلى بشهادات لمجموعة من المؤسسات الحقوقية على أمل أن يشاهد القتلة خلف القضبان.

وتساءل عبد ربه: "كيف لنا نسيان أطفالنا الذين قتلوا أمامنا من دون أي ذنب يقترفوه؟ وتابع "إلى هذا الحد لا يستطيع أحد الوقوف في وجه إسرائيل وجنرلاتها!"

وأكد أن استمرار فرار المجرمين من العدالة سيظل يؤرق ذوي الشهداء، كما أنه سيمنحهم الفرصة من جديدة لارتكاب جرائم أخرى بحق الفلسطينيين.

التعليقات