برلسكوني يصارع للبقاء في الحكم تجنباً للمحاكمة لكنه قد يحتفظ بالسلطة بفضل صوت واحد

غزة - دنيا الوطن
يعد نواب المعارضة الايطالية الساعات الى ان يحين موعد التصويت بحجب الثقة غداً عن حكومة سلفيو برلسكوني العرجاء ليريحوها من بؤسها قبل عيد الميلاد – وليركلوا رئيس الوزراء-البليونير المحاصر اذا استطاعوا نحو منطقة العتمة السياسية الخارجية.

لكن برلسكوني حذر اليوم الاثنين من ان فتح ازمة حكومية سيكون "ضربا من الجنون السياسي" واقترح حلا على خصومه وذلك عشية تصويت حاسم على الثقة بالحكومة في البرلمان.

وقال برلسكوني في كلمة امام مجلس الشيوخ: "اسألكم... التفكير في الجنون السياسي الذي سينجم عن فتح ازمة اليوم من دون حل مرتقب وذي مصداقية".

واضاف: "تشهد بلادنا توترات جدية تطال النظام الاقتصادي في الصميم والمصداقية المالية للدولة".

وتابع ان الاستقرار المالي في ايطاليا "رهن بالتصويت على حجب الثقة".

وعرض برلوسكوني توسيع التحالف الحاكم ليشمل حزب اتحاد الوسط المعارض وعناصر من حركة المستقبل والحرية لايطاليا برئاسة خصمه جيانفرانكو فيني.

وقال برلوسكوني: "اريد اعادة تشكيل الائتلاف الذي ضم كل القوى المعتدلة التي كانت اساس تعهدنا السياسي".

واضاف: "ان شعب المعتدلين يطالبنا بالاتحاد لصالح ايطاليا"، معتبرا ان الامر يتعلق بـ"ارث لا يقدر" ولا احد "يمكن ان يتحمل مسؤولية تدميره".

وتابع: "نحن بحاجة الى استمرارية وفاعلية ممتازة وقدرة على اتخاذ القرارات وليس الى ازمة بالقفز الى المجهول"، مشددا على ضرورة الحفاظ على "الاستقرار" ازاء الازمة الاقتصادية والاضطرابات في الاسواق المالية الاوروبية.

ويصوت مجلس الشيوخ الايطالي غداً الثلاثاء على طلب دعم للحكومة فيما يصوت مجلس النواب بشكل شبه متزامن على مذكرتين لحجب الثقة عنها.

غير ان الاتفاق بين اعضاء المعارضة لم يتم بصورة نهائية باي حال من الاحوال، مع ايحاء المحللين السياسيين بان تبادل الاتهامات بين البرلمانيين في الدقائق الاخيرة بصورة محمومة ومحاولة عقد صفقات قد يعنيان ان برلسكوني سيتمكن من البقاء بهامش ضيق قد لا يزيد عن صوت واحد. وقد ابرزت ادعاءات عن تزوير في التصويت وشكوك حول ما اذا كانت ثلاث من اعضاء البرلمان هن الآن في المراحل الاخيرة من الحمل سيتمكَن من حضور جلسة حجب الثقة ان مصير رئيس الوزراء الواسع الثراء ما زال بعيداً عن الحسم. ولكن محللين قالوا امس ان برلسكوني قد ينجو من حجب الثقة عنه بـ314 صوتاً مقابل 313.

ويقول بيرلسكوني انه على ثقة من فوزه بغالبية الاصوات رغم تخلي حليفه السابق جيانفرانكو فيني عنه، وسحب 40 من نواب اليمين الوسط معه. ويقول فيني واحزاب يسار الوسط ان لديهم في جعبتهم من الاصوات ما يكفي لاسقاط الحكومة. وقال فيني امس: "ليس لدي كرة كريستال سحرية، ولكني لا اعتقد ان بيرلسكوني سيفوز في الانتخابات".

وفي حال سقوط الحكومة، فان بيرلسكوني سيجد نفسه مضطرا الى تقديم استقالته الى الرئيس الايطالي جورجيو نابوليتانو.

وفي هذه الحالة، سيجري رئيس الدولة مشاورات مع زعماء الاحزاب ومع رئيسي مجلسي البرلمان في محاولة منه لتشكيل حكومة ائتلاف جديدة تستطيع ان تسيطر على الغالبية في كلا المجلسين.

غير ان من المحتمل ان يتغيب بعض المعارضين، بدلا من المشاركة في التصويت ضد الحكومة، خشية ان يؤدي ذلك الى فوضى سياسية ضارة في وقت تخيم فيه الازمة المالية.

واحد الاحتمالات هو قيام احد اعضاء الحكومة الأكثر بعدا عن الخلاف على شخصه، مثل وزير الاقتصاد جويليو تريمونتي باستلام زمام الحكم بصورة موقتة، وربما تحت مسمى حكومة وحدة وطنية. وقد يغير ذلك نظام الانتخابات المثير للجدل ويتجه نحو تأمين قبضة قوية على الميزانية العامة في ايطاليا.

وتكهن استاذ العلوم السياسية في الجامعة الاميركية في روما جيمس والستون بان الاحداث ستمهد الطريق امام انتخابات آذار (مارس). وقال: "اذا لم يتمكن احد من تشكيل الحكومة خلال ايام قليلة، فان المشهد الاكثر احتمالا هو الدعوة الى اجراء انتخابات مبكرة. ويفضل المراهنون السابع والعشرين من آذار (مارس) لها. وما لم يقع شيء دراماتيكي خلال الايام القليلة المقبلة، فانني ساراهن على تلك النتيجة ايضا".

ومن الناحية النظرية يستطيع بيرلسكوني العودة في انتخابات الربيع، الا ان قبضته على شؤون السياسة الايطالية تبدو أكثر ضعفا مع مرور الايام نتيجة وصول شعبيته الى أدنى مستوى لها على الاطلاق، اضافة الى ما يقال عن تدهور حالته الصحية.

بل ان هناك اقوالا بان رئيس الوزراء الايطالي يحزم حقائبه، ويضع فيها مجموعة نكاته الفجة وينتقل الى وزارة الخارجية ليقوم بدور لا يناسبه هودور رئيسار الدبلوماسية الايطالية. ويستطيع برلسكوني عن طريق الاحتفاظ بدور وزاري ان يظل محميا من تهم الفساد.

وفي مقابلة تلفزيونية مع قناة "راي تري" سخر فيني من رئيس الوزراء، وقال ان "بيرلسكوني لا يريد ان يحكم، اذ ان كل ما يرغب فيه هو البقاء في "بالازو تشيغي" (المقر الرسمي لرئيس الوزراء). واكثر من ذلك انه يريد المحافظة على منصبه طالما كانت هناك موانع قانونية حيوية بالنسبة اليه لتحاشي المثول امام القضاء".

وقد وجد رئيس الوزراء طوفا يحميه يوم الجمعة لان المحكمة الدستورية اجلت حتى العام الجديد حكمها على دستورية "قانون العوائق المشروعة" الذي يسمح للوزراء بتحاشي المثول امام المحكمة طالما هم في مناصبهم. وكان من المقرر صدور قرار المحكمة في اليوم ذاته الذي يجري فيه التصويت على الثقة. وقال رئيس المحكمة الدستورية المنتخب حديثا يوغو دي سيرفو ان القضاة يرغبون في دراسة القضية "في جو اكثر هدوءا".

وكان ما تردد عن الفساد قد امتد لتلطيخ التصويت على الثقة المقرر غدا. وزعم انتونيو دي بييترو، احد دعاة مكافحة الفساد النيابي، ان هناك محاولات لشراء ذمم بعض النواب المترددين بالمال وعروض المناصب المغرية، وهو ما يرقى الى مرتبة "الاعمال الجنائية الكبيرة" التي "يجب الا تقع في دولة متحضرة".

الا ان الحكومة الايطالية نفت هذه الادعاءات.

التعليقات