هآرتس: الضرورة تحتم تقسيم مدينة القدس والرئيس الاميركي لا يمنح عطاياه بنصف الثمن

هآرتس: الضرورة تحتم تقسيم مدينة القدس والرئيس الاميركي لا يمنح عطاياه بنصف الثمن
غزة - دنيا الوطن
في مقال نشرته اليوم صحيفة "هآرتس" الاسرائيلية يقول المعلق الصحافي عكيفا إلدار انه حتى في مدينة القدس فان الاكاذيب التي تتردد معظم الاحيان لا تتحول الى حقائق. فالحقيقة كانت وستظل بالنسبة لمدينة القدس اما ان تكون عاصمة لشعبين او ان تصبح اسرائيل دولة لشعبين.
ويمضي الكاتب قائلا ان الرئيس الاميركي باراك اوباما لا يمنح عطاياه مقابل نصف الثمن، ومثال ذلك تجميد موقت في البناء الاستيطاني. فلكي يتم الحصول على صفقة سخية من الحوافز الاميركية المعروضة عليه، فان على رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتياهو ان يعد قائمة بالمستوطنات الاسرائيلية التي ستزال عن الخريطة. ويجب ان تشتمل هذه القائمة على الخليل وغور الاردن وشمال البحر الميت وكذلك القدس الشرقية.


وعلى الخريطة في مكتب نتنياهو يطلق على هذه القطاعات من الارض اسم ، فيما تعتبر في خرائط حول العالم بانها "اراض محتلة". وليست هناك من دولة تعترف بضم 70 كيلومترا مربعا من اراضي الضفة الغربية الى حدود بلدية القدس (التي تبلغ مساحتها 6.4 كيلومتر مربع في فترة الحكم الاردني لها). ولا ريب في ان معارضة الانسحاب من القدس الشرقية يؤدي الى فشل المفاوضات والتخلي عن حل الدولتين.


وينسب الى رئيس الوزراء السابق ايهود باراك انه قام باول محاولة لكسر المحظور فيما يتعلق بتقسيم القدس سياسيا (علما بان القدس بقيت مقسمة دوما من حيث مختلف المعايير الاخرى). وقد سار (رئيس وزراء اسرائيل السابق) ايهود اولمرت على خطاه، ورسم خطا يفصل بين الضاحيتين اليهودية والعربية في القدس الشرقية.


وقد اظهرت الاستطلاعات ان الراي العام الاسرائيلي اليهودي بدأ يُسقط من حسابه الشعارات الكاذبة التي ظلت تستخدم للتغطية على الفشل في القيام باي عمل تجاه افقر مدن اسرائيل. فالكثيرون وجدوا انفسهم معتادين على فكرة انه سيكون عليهم رفع ايديهم عن مخيم اللاجئين في شعفاط وعن ربع مليون فلسطيني. الا انه ومنذ نشوء الخلاف على تجميد الاستيطان فانه لم يمض يوم واحد تقريبا من دون صدور بيان بالاسطورة المجيدة عن "العاصمة الابدية التي لن تقسم".


اذ قال نتنياهو ان "اسرائيل لا ترى اي علاقة بين مسيرة السلام وسياسة التخطيط والبناء في القدس التي لم يطرأ عليها تغيير منذ 40 عاما.. فالبناء في القدس لن يُعطل مسيرة السلام قط".


اما الحقيقة فتؤكد انه في اعقاب قرار نتنياهو في اوائل 1997 (عندما اصبح رئيسا للوزراء لاول مرة) بناء مستوطنة "هار هوما" (جبل ابو غنيم) في شرقي القدس، عقدت الجامعة العربية جلسة خاصة طارئة.


وندد الامين العام انذاك عصمت عبد المجيد بـ"سياسة تهويد القدس التي تهدف الى خلق واقع على الارض باقامة مستوطنة دائمة عشية المفاوضات". وارسل العاهل الاردني الراحل الملك حسين رسالة شديدة اللهجة الى نتنياهو محذرا من ان تلك الخطة ستؤدي الى تأزم المشاعر. كما اعربت مصر عن قلقها تجاه الضرر الذي سيلحقه هذا المشروع بمسيرة السلام.


وتعهد الرئيس الاميركي انذاك بيل كلتون امام رئيس السلطة الفلسطينية الراحل ياسر عرفات بانه سيستخدم نفوذه على نتنياهو لتجميد تلك الخطط. غير ان الزعيم الاسرائيلي رفض كل النداءات، وفازت "حماس" مرة اخرى في مواجهة مسيرة السلام.


وقال نتنياهو ان "القدس موحدة، وهي عاصمة الشعب اليهودي والسيادة عليها لا تقبل الجدال".


لكن الحقائق تشير الى انه وفقا لخارطة الطريق التي اقرتها حكومة شارون في العام 2003 (وكان نتنياهو احد كبار اعضاء تلك الحكومة) فان الاتفاق الدائم الذي كان من المفروض ان يتم التوقيع عليه في العام 2005 سيشمل "حلا متفقا عليه وعادلا ومنصفا وواقعيا لقضية اللاجئين، وحلا متفاوضا عليه فيما يتعلق بوضع القدس". كما جاء فيها ان الحكومة الاسرائيلية ستقوم في المرحلة الاولى باعادة فتح مكتب التجارة الفلسطيني ومؤسسات فلسطينية اخرى اغلقت في القدس الشرقية. واضافة الى ذلك فان اثنين من رؤساء الوزارات الاسرائيلية قاما باتخاذ سابقة تفيد بان السيادة الاسرائيلية على القدس الشرقية موضع خلاف.


وادعى نتنياهو انه "يحق لجميع سكان القدس امتلاك مساكن في كل نحاء المدينة".


وحقيقة الامر ان هناك بندا في دائرة الاراضي الاسرائيلية يتعلق باتفاقات الايجار التي تجعل بامكانهم تحاشي شراء المساكن اذا لم يكن البائع مواطنا اسرائيليا او ممن لا يحق لهم العودة بموجب قانون حق العودة (وبكلمة اخرى ليس يهوديا).


واستعرض تقرير تحقيقي نشر في 5 تشرين الثاني (نوفمبر) ("الدولة منحت اراضي القدس الشرقية الى جماعات يمينية من دون عطاء") العلاقة الرمزية بين الحكومة والعناصر اليمينية التي تريد طرد العرب من القدس الشرقية.


وكانت حكومة نتنياهو اول من منح المتنزه الوطني في مدينة داود الى منظمة ايلاد غير الحكومية من دون عطاء. وقال احد المسؤولين في منظمة ايلاد ان هدف المنظمة هو "امتلاك مناطق في القدس الشرقية لخلق اوضاع غير قابلة للتغيير في الحوض المقدس حول المدينة العتيقة".


ولكن حتى في القدس، لا تتحول الاكاذيب التي تتردد بكثرة الى حقائق. اذ ان الحقيقة تظل انه اما ان تصبح القدس عاصمة لشعبين او ان تصبح اسرائيل دولة لشعبين.

التعليقات