عاجل

  • وزارة الصحة في غزة: ارتفاع مقلق في حالات الإصابة بالحمى الشوكية وسط تدهور صحي وإنساني وبيئي غير مسبوق

نحو تقابة فاعلة للموظفين العموميين

نحو نقابة فاعلة للموظفين العموميين
بقلم فايز السويطي
لقد شخصت في المقالين السابقين واقع نقابة العاملين في الوظيفة العمومية من باب "تشخيص الداء هو نصف الدواء" وساطرح في هذا المقال الثالث والاخير كما وعدت جمهور الموظفين مقترح يمثل مرتكزات اساسية لتشكيل نقابة فاعلة للموظفين العموميين.
اهم العقبات التي تعيق تاسيس نقابة فاعلة للموظفين العموميين
1- التعصب الفئوي والحزبي
2- عدم نضج القوانين والانظمة وقدم بعضها وضبابية تفسير بعض البنود والفقرات
3- الانقسام الفلسطيني السياسي والجغرافي
4- الصراع بين عدة اجنحة وجهات حتى داخل التنظيم الواحد للاستحواذ على النقابة على حساب المهنية والمصداقية والشفافية
5- ترهل النقابات القائمة وعدم تمثيلها فعليا لشرائح الموظفين المختلفة وانقسامها على نفسها ومحدودية التنسيق فيما بينها.

ملاحظات على واقع العمل النقابي في فلسطين
1- الموظف العمومي حائر في ايجاد الجهة التي تمثله، فالمعلم مرتبط باتحاد المعلمين للدفاع عن حقوقه، والعاملون في المهن الصحية مرتبطون بنقابة تدافع عنهم بالرغم من وجود خلافات وانقسامات فيما بينهم، والمهندس الموظف حائر في مرجعية تمثيله هل هي نقابة المهندسين ام نقابة الموظفين العموميين، وكذلك الطبيب والمحامي وغيرهم،وترى نقابة الموظفين العموميين احيانا تدافع عن كل موظفي الحكومة بما فيهم العسكريين،في فحين يقول العسكري الذي يعرف القانون ان نقابة الموظفين العموميين غير مخولة بالتحدث نيابة عنهم، وتسمع هذا الكلام ايضا من المعلم ومن العاملين في المهن الصحية.
2- هناك تشرذم وانقسام في العمل النقابي العمالي وصل الى درجة وجود اتحادين للعمال يدعي كل منهم احقيته في تمثيل العمال بينما لا يعرف أي منهم عدد العمال المنتسبين اليه، وحصل كل رئيس لاتحاد
العمال على درجة وكيل في السلطة،فهل الوكيل في السلطة يدافع عن سياسة الحكومة ام عن مصالح العمال، واذا ما اختلفت الحكومة مع العمال فمع أي جهة سيقف
3 – قانون العمل الفلسطيني يستثني الموظف العمومي من العمل النقابي بينما نقابة الموظفين العموميين تشكلت على اساس قانون العمل
4 – لا يوجد حتى الان قانون للنقابات المهنية كالمهندسين والاطباء،بينما يوجد قانون للجمعيات تدخل النقابات المهنية في اطاره
5 -لا يوجد حتى الان قانون لتنظيم العمل النقابي، وجرت على مدار عشر سنوات محاولات لتقديم حوالي عشرة مشاريع قوانين لتنظيم العمل النقابي ولم يقر أي منها حتى الان

بناءا على ما تقدم يجب ان نعترف وبمرارة ان العمل النقابي في فلسطين سيئ جدا،وبالمقابل اذا ما اردنا الاصلاح والتغيير والبناء والتنمية يجب ان نتحدث بلغة صريحة جدا لا تجامل احدا
واذا ما اردنا ان نقيم دولة المؤسسات في غضون عامين كما هو مخطط لها فيجب على الحكومة التي وضعت المخطط ان تسمع الموظف، كذلك على النقابات القائمة وخاصة نقابة الموظفين العموميين ان تسمع الموظف ايضا لانه لا خلاف مع أي طرف على ان الموظف هو اللبنة الاساسية لقيام دولة المؤسسات.وعندما اذكر كلمة موظف فانني اعني غالبية الموظفين الذين يعيشون مرارة الواقع ويشكلون حوالي 90% ممن مجموع الموظفين، واني على قناعة تامة بان الموظف الذي حصل على درجة مدير عام فما فوق لم ولن يتفاعل مع هموم الموظفين لانه ينفذ سياسة الحكومة اكثر مما يعنيه هم الموظف العادي عدا عن انشغاله بامور ومهمات واعمال اخرى تحول دون تفرغه لقضايا الموظف، مع العلم ان كثير من الانظمة والقوانين الدولية تستثني اصحاب الدرجات العليا من تمثيلهم للموظفين، وهذا ما يجب ان نقتنع به ونطبقه في فلسطين.
من هنا اسال السؤال المهم التالي: هل نستطيع تشكيل نقابة للموظفين العموميين تدافع حقا عن حقوق الموظفين وكيف؟
الاجابة ليست سهلة، ولكن ساقدم حلا(مقترحا) بعد استعراض لاهم الخيارات والبدائل.
اذا ما اردنا ان نؤسس لنقابة فاعلة فان اهم شيئ يجب بحثه وحله هو كيفية وصول الشريحة التي تمثل الموظف خير تمثيل الى راس الهرم في قيادة النقابة، بمعنى اخر الشريحة التي تمثل غالبية الموظفين وتعيش همومهم واقعا وتمتلك الوعي والارادة والاصرار للثبات والصمود والدفاع عن حقوق الموظف من جهة وتؤمن بالانتماء والبناء والنماء من جهه اخرى .
ما من شك اننا بحاجة الى تطوير النظام الداخلي وخاصة النظام الانتخابي ليعبد الطريق امام وصول هذه الشريحة الى سدة القرار
اهم الخيارات لانظمة الانتخابات لاختيار الشريحة المطلوبة
1- الانتخابات على مستوى المؤسسات(الوزارات) : نظام يفرز ممثلين عن كل مؤسسة ليمثلوا المؤسسة في النقابة وتتشكل النقابة من مجموع ممثلي المؤسسات، فمثلا معظم المؤسسات الحكومية لها مديريات في المحافظات عدا عن المؤسسة او الوزارة المركزية في رام اللة،يمكن للمديريات ان تنتخب ممثلا لها وبالتنسيق مع ممثلي مركز الوزارة يمكن فرز ممثل او اكثر ليمثل المؤسسة في النقابة العمومية. لكن يوجد سلبيات كبيرة لهذا النظام لا يعرفها الا من عاشها وجربها:-
ا- المتنفذون في معظم المؤسسات يريدون السيطرة على كل شيئ حتى على قرار راي الموظف، فيتدخلون لاختيار موظف موالي لهم بغض النظر عن كفاءته او خبرته ويستعملوا كل نفوذهم لتخجيل او ترغيب او ترهيب الموظفين لاستمالتهم او اجبارهم على التصويت لمرشحهم، وقد قدر لي ان اكون شاهدا على انتخابات جرت في احدى المديريات مورست خلالها ابشع انواع التدخلات والضغوطات لاختيار ممثل موالي للمؤسسة يعترف لزملائه انه لم يقدم شيئا في الفترة السابقة لتمثيله في النقابة ولا يعرف شيئا حتى الان عن النظام الداخلي للنقابة وتم استبعاد ممثل مهني ومستقل، ووصل الامر الى ابعد من ذلك حيث فرض ممثلوا الوزارة المركزية على ممثلي دوائر المحافظات تمثيلهم بضعف العدد بالرغم من ان عدد موظفي مركز الوزارة لا يساوي نصف عدد موظفي المديريات في المحافظات، وبالتالي تم فرز او (انتخاب) شريحة تمثل توجهات المتنفذين في الوزارة اكثر مما تمثل توجهات الموظفين ،وقد جرى هذا الفيلم في محافظات اخرى واكتملت المسرحية بلعبة انتخابية افرزت ثلاثة موظفين في اقسى الشمال-قلقيلة،طولكرم وجنين ليمثلوا كل المحافظات ورسبت المحافظات الكبرى مثل الخليل ونابلس
ب – بعض المؤسسات يوجد فيها الاف الموظفين وبعضها يوجد فيه العشرات فقط، فمثلا وزارة الاوقاف في الخليل فيها 700 موظف من مجموع 1200 موظف عمومي-باستثناء المعلمين وموظفي الصحة-، وبعض المؤسسات في الخليل لا يزيد عدد موظفيها عن عشرة فكيف يمكن التوفيق في التمثيل النهائي؟وقد كان هذا الاشكال احد اسباب تاجيل الانتخابات في محافظة الخليل للموظفين الذين يتبعون نقابة الموظفين العموميين.
2 – الانتخابات على مستوى المحافظات: يمكن للموظفين في كل محافظة ان يشكلوا قوائم انتخابية تخوض الانتخابات وتمثل هذه القوام كل المؤسسات الحكومية في المحافظة،وهنا تتكرر سلبيات النظام السابق(مستوى المؤسسات)على هذا النظام حيث سيشكل المدراء العامون القوائم وتسيطر المؤسسات الكبيرة على الصغيرة ان لم ينعدم تمثيل المؤسسات الصغيرة.
3 – الانتخابات على مستوى الوطن: ستتكرر السلبيات السابقة وستظهر قوائم انتخابية تتبع الى تنظيمات سياسية مختلفة وياكل الكبير الصغير.
4 – الانتخابات على مستوى النقابات: يمكن ثقسيمها الى قسمين:-
ا- نقابات للعاملين في المؤسسات الحكومية: تفرز ممثلا عنها او اكثر- حسب الحجم- وهنا قد نحتاج الى تشكيل ثلاثين نقابة جديدة بعدد الوزارات والهيئات والسلطات الموجودة في الحكومة، عدا عن مشكلة التمثيل بعدد موظفي كل مؤسسة حيث سياكل الكبير الصغير ايضا.
ب- نقابات للعمال والمهن والحرف : يوجد بعض النقابات القائمة مثل المهندسين،المعلمين،الاطباء والمحامين لكننا بحاجة الى تاسيس حوالي ثلاثين نقابة لتمثيل باقي المهن والحرف للعاملين في الحكومة وسنصطدم مرة اخرى بحجم التمثيل فمثلا المعلمون عددهم بعشرات الالاف بينما عدد موظفي الارصاد الجوية بالعشرات عدا عن عدم نضج واكتمال القوانين والانظمة واللوائح التي تنظم عمل النقابات العمالية والمهنية.
بعد هذا الاستعراض للخيارات المتاحة والمالوفة وانسداد الافق امام تاسيس نقابة فاعلة تمثل تطلعات معظم الموظفين بما فيها المعلمين وموظفي الصحة هل من خيار اخر يوصلنا الى النتيجة المطلوبة؟
والجواب في نظري نعم وساقدم الخيار الخامس والذي اراه مناسبا ويمكن اعتماده بعد تطويره وهو على شكل مرتكزات اساسية
اهم المرتكزات الاساسية لتشكيل نقابة فاعلة للموظفين العموميين

1- وضع نظام داخلي عصري لنقابة الموظفين ياخذ بعين الاعتبار التمثيل على مستوى المؤسسة والمحافظة والوطن، كما ويمثل معظم فئات وتخصصات الموظفين ويركز على الاسس التالية:-
ا – اقرار نظام انتخابي يعتمد على قوائم انتخابية على مستوى الوطن
ب – كل قائمة تشمل 16 مرشحا بعدد محافظات الوطن(11في الضفة،5 في غزة)
ج - يجب ان تشمل كل قائمة مرشحا من احدى الوزارات او المؤسسات لتمثل معظم المؤسسات الحكومية وخاصة الكبيرة والمهمة.
د – يجب ان تتنوع التخصصات في كل قائمة لتشمل معظم المهن الرئيسية والمهمة مثل مهندس،طبيب،محامي،معلم................الخ
ه – يجب تمثيل المراة في الانتخابات وذلك بشمول كل قائمة على امراتين.
و – اعتماد مبدا التمثيل النسبي في الانتخابات، ويفضل اعتماد النظام المقر في قانون انتخاب الهيئات المحلية.
ز – حصر معظم موظفي القوائم على الموظفين من الفئة الاولى وحتى الخامسة واستبعاد ترشيح الموظفين من درجة مدير عام فما فوق.
ح – ضرورة ان يكون المرشح مكرسا ما امكن جل وقته وجهده للعمل النقابي وخدمة الموظفين(ولا مانع من التفرغ)، وهذا يعني استبعاد ترشيح الموظف الذي يعمل في كثير من المؤسسات والدوائر والشركات المختلفة.
2 – اعتماد مجموعة المعايير الأخلاقية التي تتضمن قواعد سلوكية وقيم ممارسة فعلية وردت في مدونة سلوك المنظمات النقابية الفلسطينية وهي :- سيادة القانون والمواثيق الدولية ،الالتزام باولويات التنمية،الاستقلالية،الديمقراطية،الفاعلية،النزاهة،الشفافية،منع تضارب المصالح،المسائلة،المساواة والشمول،التوافق،الكفاءة،التضامن،الاستجابة
3 – تحييد موظفي الاجهزة الامنية والعسكرية وعدم النطق او التحدث باسمهم،فقد التقيت بعض القيادات الامنية والعسكرية بعضهم برتبة لواء واجمعوا على ان نقابة الموظفين العموميين غير مخولة بالتحدث نيابة عنهم فلهم انظمتهم وقوانينهم الخاصة، فالعامل العسكري يحل مشاكله من خلال جهازه والمتقاعد العسكري يحل مشاكله من خلال الهيئة الوطنية للمتقاعدين العسكريين.

ارجو من الموظفين وكل المعنيين من نقابات او اتحادات او احزاب او مؤسسات اعلامية او تنقيذية او تشريعية ان تبدي ملاحظاتها وتعليقاتها ونقدها البناء لهذا المقترح حتى يتم تطويره وتعديله وتنقيحه بما يتناسب مع مكانة وكرامة الموظف الفلسطيني الذي يعول عليه الدور الاعظم في بناء دولة المؤسسات.
ملاحظة:
بسبب كتاباتي الحرة والمسؤولة ونقدي للمترهلين والفاسدين وصلني تهديد من المتنفذين في الوزارة التي اعمل بها بنقلي من الخليل الى الشمال(طولكرم او جنين)وهنا اتسائل:-
- من الذي يجب ان ينقل
- هل سيجبن او سيسكت قلمي عن الكتابة والنقد ام سيزداد اصرارا وعنادا حتى يغربوا عن وجوهنا
- الم يقل دولة رئيس الوزراء د.سلام فياض قبل اسبوع ان حرية الراي والكلمة هي من اعمدة بناء الدولة
- واخيرا ساختم حديثي بهذه النكته،اذا نفذ المتنفذون تهديدهم بنقلي من سيدافع عني النقابة ام الحكومة؟!
المهندس فايز السويطي/الخليل/جوال 0599925677/[email protected]

التعليقات