إبراهيم ابوالنجا : ويكيليكس غيت
ويكيليكس غيت
بقلم: إبراهيم ابوالنجا
ابووائل
غيت تعني فضيحة ، وأول فضيحة بائنة بينونة كبرى تلك التي اقترفت باسم الرئيس الأمريكي الأسبق نيكسون ، وهي ووتر غيت والقضية معروفة حيث التزوير في الانتخابات والتي على إثرها فقد منصبه كرئيس .
وتلتها أكثر من غيت ولكن تختلف باختلاف حجمها ونوعها وتأثيرها وما يترتب عليها من إضرار بالوطن أو بالأفراد أو بالحق العام أو الحق الخاص .
واليوم نحن أمام غيت جديدة تلك التي كشفها موقع ويكيليكس ، وهو موقع ليس عربيا وليس من دول العالم الثالث لا لأن العرب لا يعرفون بل لأنهم لا يستطيعون البوح أو الكشف أو الجهر بما يغضب السيد الأكبر ، سيد العالم وولي النعمة .
الكل يسمع بالفضيحة ، ورغم المحاولات والضغوطات بسحبها من الموقع ، واعتبارها صناعة الأرضة التي تصيب أجهزة الحاسوب ، والتلويح بأنها تضر بسمعة الجيش الأمريكي ، وكذلك تأتي في حُمّى الانتخابات النصفية الأمريكية مما يؤثر على الحزب الديمقراطي ، حزب الرئيس الأمريكي أوباما .
لم يصدر عن الإدارة الأمريكية اعتذار أو أسف أو وعد بمتابعة المقترفين للجرائم التي تسببت في مقتل مئات الآلاف من المدنيين العراقيين ، والذين لم يستدل على جثت غالبيتهم حتى الآن ، وما زال ذووهم يعتبرونهم غائبين سرعان ما يعودون ، وأن الآلاف منهم لم يحظوا بدفن كما يدفن الآدميون بكرامة . بل قبروا في خنادق وأهالوا عليهم التراب والطين ، ولكن الكلاب نبشت هذه المقابر الجماعية وتغذت على اللحوم الآدمية ، واستدل على هذه المقابر بفضل الكلاب ولكن لم تبق علامات تدل على أصحابها .
الإبادة الجماعية هي وصفة أمريكية تلصق بمن يختلف مع سياستها ، بالأمس كان الرئيس الراحل صدام حسين رحمه الله ، مجرم حرب ويحترف الإبادة الجماعية ، واعتبرت الإدارة الأمريكية أن التخلص منه واجبٌ أخلاقي وديني وإنساني ، علّ الإنسانية تهنأ بعده وتعيش في حرية وراحة ، واليوم الرئيس السوداني عمر البشير اتهم من قبل محكمة الجنايات التي بمجرد أن نطقت بالحكم ، تلقفت الإدارة الأمريكية التهمة واعتبرته مجرم حرب ، وعليه تسليم نفسه وأنذرت الدول التي ينزل عليها ضيفاً إن لم تسلمه سيطالها غضب أمريكا ، وهي تذرف دموع التماسيح على سكان دارفور ، ولأنها لم تنل منه حتى الآن فقد دبرت مؤامرة فصل جنوب السودان عن شماله ، وإذا لم يتحقق ذلك فسيكون القتلى بالملايين . هذا ما تبشر به أمريكا .
جرائم أمريكا وإبادتها الجماعية سواء كانت للهنود الحمر ، أو لسكان هيروشيما وناجازاكي ، أو للفيتناميين ، أو العراقيين ، أو الأفغان ، أو الباكستانيين ، لا تنطبق عليها وصفتها التي ألصقتها بالآخرين .
والإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني على أيدي الإسرائيليين ، هي سياسة الدفاع عن النفس في نظر الإدارة الأمريكية ، وهي أي الإدارة الأمريكية تصب جام غضبها على أي دولة تريد معاداة إسرائيل متذرعة باستهداف حقوق الإنسان ومعاداة السامية ، كأن تعلن عن تبنيها لبعض المعتوهين في أكثر من دولة تعد بعشرات الملايين أو مئات الملايين أو أكثر من ألف مليون. أي أن حرية شخص ما في نظر أمريكا أهم من حرية شعوب هذه الدول ، وسرعان ما تبادر بترشيحه لنيل جائزة نوبل ، عمل كهذا ليس احتراماً لحق الإنسان في التعبير أو معارضة نظام ما، ولكنه لقهر هذه الشعوب ، ووضعها في قائمة الإرهاب ومعاداة الديمقراطية .
ولئن قيل بأن هناك كيلاً بمكيالين إلا أن لكل دولة لدى الإدارة الأمريكية مكيالاً خاصاً .
كما أن للأفراد المعادين لها ملفاً خاصاً ولا يستبعد أن تلصق تهم كبيرة ترقى إلى وجوب الحكم المؤبد على صاحب موقع ويكيليكس .
ولكن ماذا لو لم يكشف موقع ويكيليكس عن فضيحة الجيش الأمريكي في العراق ؟ هل كنا بحاجة إلى تفجير هذه القنبلة ؟ الم ير العالم المجندات الأمريكيات وقد ربطن العراقيين من رقابهم وأخذن باقتيادهم لأنهن اعتدن على أن يكون لكل منهن كلب .
أين الرأي العام العالمي من هذا المشهد ؟
الم ير العالم الجيش الأمريكي يتدرب على تعرية العراقيين من ملابسهم وتصويرهم عراة ؟ ألم يعترف الجنود الأمريكيون بارتكاب أعمالٍ تتنافى وتعاليم الكتب السماوية ؟
كل هذا حدث وباعتراف الأمريكيين قيادات عسكرية وسياسية ولكن لأن الضحية عربية فلا ضير في ذلك .
وإذا كان الأمريكيون تجردوا من كل مقومات الأخلاق والإنسانية إزاء العرب بالدرجة الأولى ، ولم ولن تأخذهم شفقة ولا رحمة أليس من حقنا أن نتساءل :
هل لدى القادة العرب فهم للوظيفة التي تراد منهم ، وإذا حادوا عنها فمصيرهم معروف ، ولذا فقد سلّموا بما قسم ورسم .
ولكن هل يزيدهم هذا احتراماً من قبل الإدارة الأمريكية ؟ أم ستقول عنهم من يهن يسهل الهوان عليه ؟ .
إن الفضيحة القائمة هي حلقة في سلسلة فضائح سابقة ولا حقه ولكنها لا تطالهم وحدهم فنحن موصومون بها ولئن لم تتلطخ أيدينا بدم العراقيين بشكل مباشر إلا أنها كذلك بشكل غير مباشر عن سبق إصرار ومعرفة والنتيجة واحدة ، ودليلنا على ذلك :
سكوتنا على الأحداث الدامية في كل لحظة وفي كل شارع ومدينة وقرية ، أليس القتلى عراقيين ؟ هل كلهم صداميون حسب الحقد غير المبرر ؟
ألم نر بنات ونساء العراق العربيات وهن يشققن جلابيبهن عن أجسادهن ، ويلطمن خدودهن من فرط وهول ما يحدث ؟ أليست كل واحدة منهن المرأة العمورية ؟
أليس فينا معتصم واحد ؟ أم أن اللطم عادة عراقية ممارسة يجب أن لا يحرم العراقيون من حرية ممارستها حزناً على الحسين رضي الله عنه ، والصلاة والسلام على جده رسولنا الكريم محمد بن عبد الله ، وكرم الله وجه والده الإمام علي . وإذا كان الأمر كذلك فقط ، فلماذا صمت أشقاؤنا عن المجازر التي طالت شعبنا في صبرا وشاتيلا ؟ والاجتياح قبلها لجنوب لبنان ، وحرب الإبادة ضد الفلسطينيين .
هل كل شعبنا صدامي ؟ أم أنه الخنوع العربي ؟
أليس في هذه الأمة من كاسترو واحد ؟
أو شافيز واحد ؟ أم أن مصير كل من جمال عبد الناصر والملك فيصل وهواري بومدين وياسر عرفات وصدام حسين رحمهم الله جميعاً ماثل أمامهم ؟ .
إننا نخشى أن يكون الصمت العربي حالة حتمية لأن لدى الإدارة الأمريكية على قادتنا ما هو أعظم ، ولكن في حينه .
ولأننا نمقت لغة وحالة التشاؤم وفقدان الأمل ، فلا بد من أن يقيض الله لهذه الأمة من فارس يرفع شأنها ويعلي هامتها بين الأمم ، وليس ذلك على الله بعزيز .
بقلم: إبراهيم ابوالنجا
ابووائل
غيت تعني فضيحة ، وأول فضيحة بائنة بينونة كبرى تلك التي اقترفت باسم الرئيس الأمريكي الأسبق نيكسون ، وهي ووتر غيت والقضية معروفة حيث التزوير في الانتخابات والتي على إثرها فقد منصبه كرئيس .
وتلتها أكثر من غيت ولكن تختلف باختلاف حجمها ونوعها وتأثيرها وما يترتب عليها من إضرار بالوطن أو بالأفراد أو بالحق العام أو الحق الخاص .
واليوم نحن أمام غيت جديدة تلك التي كشفها موقع ويكيليكس ، وهو موقع ليس عربيا وليس من دول العالم الثالث لا لأن العرب لا يعرفون بل لأنهم لا يستطيعون البوح أو الكشف أو الجهر بما يغضب السيد الأكبر ، سيد العالم وولي النعمة .
الكل يسمع بالفضيحة ، ورغم المحاولات والضغوطات بسحبها من الموقع ، واعتبارها صناعة الأرضة التي تصيب أجهزة الحاسوب ، والتلويح بأنها تضر بسمعة الجيش الأمريكي ، وكذلك تأتي في حُمّى الانتخابات النصفية الأمريكية مما يؤثر على الحزب الديمقراطي ، حزب الرئيس الأمريكي أوباما .
لم يصدر عن الإدارة الأمريكية اعتذار أو أسف أو وعد بمتابعة المقترفين للجرائم التي تسببت في مقتل مئات الآلاف من المدنيين العراقيين ، والذين لم يستدل على جثت غالبيتهم حتى الآن ، وما زال ذووهم يعتبرونهم غائبين سرعان ما يعودون ، وأن الآلاف منهم لم يحظوا بدفن كما يدفن الآدميون بكرامة . بل قبروا في خنادق وأهالوا عليهم التراب والطين ، ولكن الكلاب نبشت هذه المقابر الجماعية وتغذت على اللحوم الآدمية ، واستدل على هذه المقابر بفضل الكلاب ولكن لم تبق علامات تدل على أصحابها .
الإبادة الجماعية هي وصفة أمريكية تلصق بمن يختلف مع سياستها ، بالأمس كان الرئيس الراحل صدام حسين رحمه الله ، مجرم حرب ويحترف الإبادة الجماعية ، واعتبرت الإدارة الأمريكية أن التخلص منه واجبٌ أخلاقي وديني وإنساني ، علّ الإنسانية تهنأ بعده وتعيش في حرية وراحة ، واليوم الرئيس السوداني عمر البشير اتهم من قبل محكمة الجنايات التي بمجرد أن نطقت بالحكم ، تلقفت الإدارة الأمريكية التهمة واعتبرته مجرم حرب ، وعليه تسليم نفسه وأنذرت الدول التي ينزل عليها ضيفاً إن لم تسلمه سيطالها غضب أمريكا ، وهي تذرف دموع التماسيح على سكان دارفور ، ولأنها لم تنل منه حتى الآن فقد دبرت مؤامرة فصل جنوب السودان عن شماله ، وإذا لم يتحقق ذلك فسيكون القتلى بالملايين . هذا ما تبشر به أمريكا .
جرائم أمريكا وإبادتها الجماعية سواء كانت للهنود الحمر ، أو لسكان هيروشيما وناجازاكي ، أو للفيتناميين ، أو العراقيين ، أو الأفغان ، أو الباكستانيين ، لا تنطبق عليها وصفتها التي ألصقتها بالآخرين .
والإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني على أيدي الإسرائيليين ، هي سياسة الدفاع عن النفس في نظر الإدارة الأمريكية ، وهي أي الإدارة الأمريكية تصب جام غضبها على أي دولة تريد معاداة إسرائيل متذرعة باستهداف حقوق الإنسان ومعاداة السامية ، كأن تعلن عن تبنيها لبعض المعتوهين في أكثر من دولة تعد بعشرات الملايين أو مئات الملايين أو أكثر من ألف مليون. أي أن حرية شخص ما في نظر أمريكا أهم من حرية شعوب هذه الدول ، وسرعان ما تبادر بترشيحه لنيل جائزة نوبل ، عمل كهذا ليس احتراماً لحق الإنسان في التعبير أو معارضة نظام ما، ولكنه لقهر هذه الشعوب ، ووضعها في قائمة الإرهاب ومعاداة الديمقراطية .
ولئن قيل بأن هناك كيلاً بمكيالين إلا أن لكل دولة لدى الإدارة الأمريكية مكيالاً خاصاً .
كما أن للأفراد المعادين لها ملفاً خاصاً ولا يستبعد أن تلصق تهم كبيرة ترقى إلى وجوب الحكم المؤبد على صاحب موقع ويكيليكس .
ولكن ماذا لو لم يكشف موقع ويكيليكس عن فضيحة الجيش الأمريكي في العراق ؟ هل كنا بحاجة إلى تفجير هذه القنبلة ؟ الم ير العالم المجندات الأمريكيات وقد ربطن العراقيين من رقابهم وأخذن باقتيادهم لأنهن اعتدن على أن يكون لكل منهن كلب .
أين الرأي العام العالمي من هذا المشهد ؟
الم ير العالم الجيش الأمريكي يتدرب على تعرية العراقيين من ملابسهم وتصويرهم عراة ؟ ألم يعترف الجنود الأمريكيون بارتكاب أعمالٍ تتنافى وتعاليم الكتب السماوية ؟
كل هذا حدث وباعتراف الأمريكيين قيادات عسكرية وسياسية ولكن لأن الضحية عربية فلا ضير في ذلك .
وإذا كان الأمريكيون تجردوا من كل مقومات الأخلاق والإنسانية إزاء العرب بالدرجة الأولى ، ولم ولن تأخذهم شفقة ولا رحمة أليس من حقنا أن نتساءل :
هل لدى القادة العرب فهم للوظيفة التي تراد منهم ، وإذا حادوا عنها فمصيرهم معروف ، ولذا فقد سلّموا بما قسم ورسم .
ولكن هل يزيدهم هذا احتراماً من قبل الإدارة الأمريكية ؟ أم ستقول عنهم من يهن يسهل الهوان عليه ؟ .
إن الفضيحة القائمة هي حلقة في سلسلة فضائح سابقة ولا حقه ولكنها لا تطالهم وحدهم فنحن موصومون بها ولئن لم تتلطخ أيدينا بدم العراقيين بشكل مباشر إلا أنها كذلك بشكل غير مباشر عن سبق إصرار ومعرفة والنتيجة واحدة ، ودليلنا على ذلك :
سكوتنا على الأحداث الدامية في كل لحظة وفي كل شارع ومدينة وقرية ، أليس القتلى عراقيين ؟ هل كلهم صداميون حسب الحقد غير المبرر ؟
ألم نر بنات ونساء العراق العربيات وهن يشققن جلابيبهن عن أجسادهن ، ويلطمن خدودهن من فرط وهول ما يحدث ؟ أليست كل واحدة منهن المرأة العمورية ؟
أليس فينا معتصم واحد ؟ أم أن اللطم عادة عراقية ممارسة يجب أن لا يحرم العراقيون من حرية ممارستها حزناً على الحسين رضي الله عنه ، والصلاة والسلام على جده رسولنا الكريم محمد بن عبد الله ، وكرم الله وجه والده الإمام علي . وإذا كان الأمر كذلك فقط ، فلماذا صمت أشقاؤنا عن المجازر التي طالت شعبنا في صبرا وشاتيلا ؟ والاجتياح قبلها لجنوب لبنان ، وحرب الإبادة ضد الفلسطينيين .
هل كل شعبنا صدامي ؟ أم أنه الخنوع العربي ؟
أليس في هذه الأمة من كاسترو واحد ؟
أو شافيز واحد ؟ أم أن مصير كل من جمال عبد الناصر والملك فيصل وهواري بومدين وياسر عرفات وصدام حسين رحمهم الله جميعاً ماثل أمامهم ؟ .
إننا نخشى أن يكون الصمت العربي حالة حتمية لأن لدى الإدارة الأمريكية على قادتنا ما هو أعظم ، ولكن في حينه .
ولأننا نمقت لغة وحالة التشاؤم وفقدان الأمل ، فلا بد من أن يقيض الله لهذه الأمة من فارس يرفع شأنها ويعلي هامتها بين الأمم ، وليس ذلك على الله بعزيز .
التعليقات