موريتانيا: الحكومة تدافع عن اعتقال أقارب ولد الطايع وتقول انهم استحواذوا على أموال عمومية

موريتانيا: الحكومة تدافع عن اعتقال أقارب ولد الطايع وتقول انهم استحواذوا على أموال عمومية
غزة-دنيا الوطن
استمرت الساحة السياسية الموريتانية الأحد في غليانها الذي سببته انتفاضة المعارضة التي بدأتها الأربعاء احتجاجا على ما أسمته منسقيتها "الانفلات الأمني واعتقال رجال الأعمال المعارضين وارتفاع أسعار المواد الأساسية".
وتتصدر قضية رجال الأعمال من أقرباء الرئيس الأسبق معاوية ولد الطايع الصادرة حاليا حيث بدأ قاضي التحقيق استجوابهم أمس الأحد بعد أن انتهى من الاستماع لمحافظ البنك المركزي السابق سيدي المختار ولد الناجي المشمول معهم في ملف واحد.

وخصصت الحكومة الموريتانية مؤتمرها الصحافي الأسبوعي الأحد للدفاع عن موقفها من قضية اعتقال رجال الأعمال الثلاثة الشريف ومحمد وعبدو الموقوفين لتسديد مبالغ للبنك المركزي الموريتاني حولت إليهم عام 2001 ضمن دعم حكومي لقطاع الزراعة واعتبرتها الحكومة الحالية غير مستحقة.

وأشار كان عثمان وزير المالية ان المبالغ التي حولت من البنك المركزي لصالح مواطنين، ضمن ما بات يعرف بقضية البنك المركزي الموريتاني، حولت لأسباب غير معروفة ويعود تاريخها إلى سنتي 2001 و2002.

وأضاف انه في تشرين الأول/ديسمبر سنة 2004 اجري تفتيش في البنك المركزي الموريتاني وكان من نتائجه ان مبالغ مهمة تم تحويلها لصالح بعض المواطنين دون مبرر قانوني واضح.

وقدر الوزير المبالغ المحولة بحوالي 13 مليون اوقية (حوالي 52 مليون دولار)، قال انها تمثل 20% من رواتب الموظفين الموريتانيين آنذاك وتقدر بنسبة 10% من ميزانية الدولة لسنة 2010 وانها حولت لصالح اقل من خمسة اشخاص.

وأوضح وزير المالية أن الحكومة، في تعاملها مع هذه القضية كانت امام خيارين: اما ان تهمل الموضوع وتلغيه بشكل نهائي وهو مايتنافي مع روح العدالة والانصاف او ان تتعامل معه كباقي القضايا المطروحة في العديد من الملفات .

وأكد سيد أحمد ولد الرايس محافظ البنك المركزي الموريتاني في مداخلة له في المؤتمر الصحافي "أن المبالغ المحولة لرجال الأعمال الثلاثة يجب استرجاعها وأنه ليس من العدل ان يعاقب المواطن البسيط على أمور بسيطة بينما لا يعاقب المواطن غير البسيط على قضايا غير بسيطة،منبها الى انه لا يقبل من النخب السياسية ان تتخلي بأي حال من الأحوال عن المبادئ والقيم المتعارف عليها لدى الشعب الموريتاني وانه من واجبها أن تتحد بجميع مشاربها أمام اي خطر يداهم البلد، مثل الارهاب بعيدا عن التشفي في الحكومة.

ورد وزيرا المالية والاتصال ومحافظ البنك المركزي في نهاية المؤتمر الصحافي على أسئلة الصحافة التي انصبت على محاربة الفساد وتوضيح ملف رجال الأعمال المعنيين بالقضية المذكورة ونقاط أخرى متفرقة وردت في عروض المسؤولين.
واوضح محافظ البنك المركزي في رده على سؤال بشأن الحديث عن مبالغ اكبر من المبالغ المذكورة، انه تم جرد جميع الامور وان المبالغ المعنية خارج الاتفاقية التى تمت بين وزارة المالية والبنك المركزي والتدقيق كشف ان خمسة مليارات من المبلغ لم تحول وبالتالي ما يتعلق به الامر هو عشرة مليارات.

وأضاف ان فلسفة الاصلاح بعيدا عن تصفية الحسابات وجر الكثير من المواطنين الى المشاكل تقوم على ضرورة احتواء المشكلة مع مراعاة القوانين المعمول بها في البلد.

وردا على سؤال عن نسف مزعوم لحل حصل مع المعنيين لهذه القضية، قال ولد الرايس، ان المؤسسات المعنية دفعت جزءا من المبالغ لكنه دون المطلوب وان التعامل مع القضية خال من الخداع والمراوغات، لكن البعض تجاوب مع مقترح الحل فى حين لم يتجاوب البعض الاخر وطلب شروطا غير المقترحة.

وقال انه بناء على ذلك ، لم يحصل الاتفاق وان كان الباب مفتوحا على مصراعيه للتسوية، مبرزا ان الاهم هو عدم تسييس الموضوع وان الشعب الموريتاني معني بفهم حقيقة ان محاولات الاصلاح والتغيير في البلد تم اجهاضها بشكل من اساليب التعامل مع الامور، وبان المطلوب من الجميع اليوم هو حماية دولة القانون بمراعاته للقانون.

واضاف" يجب أن نعرف جميعا أنه لا أحد فوق القانون ومن غير المقبول أن تطال النصوص الناس العاديين ويفلت منها صاحب مال أو نفوذ، فبنيان الدول يقتضى ان تعم القاعدة الجميع دون استثناء والمعنيون أنفسهم قد لا يرغبون في بعض تفاصيل هذه القضية لكنهم يعرفون عن يقين أن المبدأ سليم وان ما هو موجه إليهم صحيح كل الصحة،ولا شك ان التطلع الى قيام موريتانيا عصرية تعتمد على قدراتها ومواردها يحتم علينا التضحية والترشيد ومراعاة المسطرة القانونية مع العلم بان الهيئات المعنية بهذه القضية (وزارة المالية-البنك المركزي) سعت جاهدة لاحتواء الموضوع وتسويته طبقا للقانون".

وقال "وما لا خلاف فيه هو ان تسييس القضية ليس الحل الانجع، وعلى ذكر المعارضة وهي الساعية دائما الى النيل من السلطة، يجب ان تعي ان ثمة ثوابت ينبغي ان يتم حولها الإجماع، كديموقراطية البلد وقدسية امنه وسمو المصلحة العامة عن اي خلاف، وما نطمح اليه هو ان يتم التوصل الى حل ودي يعيد المبالغ التى اختفت خارج المسطرة القانونية، مع أن ضرورة الاصلاح والتضحية تقتضى منا جميعا امتثال القانون ".

وقال محافظ البنك المركزي الموريتاني ان "تقدم البلاد يقتضى التضحية والحد الادني من التضامن في القضايا الحساسة، خاصة على مستوى النخبة السياسية المعنية قبل غيرها بعدم التلاعب والمزايدة بمصلحة البلد، مع العلم أن التشفي في القضايا الأمنية مرفوض أخلاقيا وغير وارد والسياسي يجب ان يتعلق بالإجماع ويربأ بنفسه عن ما لا يليق".

الإعلام الحكومي يغطي المعارضة

وقد تعاملت الحكومة الموريتانية مع تظاهرات المعارضة بايجابية، حيث اقتصر دور الشرطة على حفظ النظام، بينما غطت وسائل الإعلام الحكومية هذا النشاط لأول مرة.

وركز المتحدثون في التجمع الخطابي الذي نظم بالمناسبة على "التنديد باعتقال رجال الأعمال الثلاثة الذين ورطتهم النيابة في قضية مالية معقدة وألزمتهم بإرجاع مساعدات مالية قدمت لهم قبل ثمان سنوات ضمن دعم حكومي للقطاع الزراعي".

واعتبر زعيم المعارضة احمد ولد داده أن "التظاهرات المتواصلة ليست سوى وقفة تحسيسية لكافة الشعب الموريتاني الذي لا يقبل الظلم ضد أحد من أبنائه".

وقال "إن اليوم يختلف عن الأمس، فالشعب لم يعد يقبل بتدمير الديمقراطية".

وندد ولد داداه باعتقال رجال الأعمال معتبرا "أنهم مختطفون من طرف النظام مبرزا أن حكم السجن طبق فيهم قبل أن يصلوا إلى العدالة".

وقال "إن هذا الأمر مرفوض موضحا أن موريتانيا أصبحت تعيش في حالة مزرية بسب الظلم والانتقائية في المواقف كما أثنى ولد داداه على رجال الأعمال باعتبارهم العمود الفقري للاقتصاد الوطني.
أما مسعود ولد بلخير رئيس الجمعية الوطنية (البرلمان) فقد انتقد بشدة ما أسماه "استشراء الظلم والحيف واضطهاد الناس منذ تولي الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز مقاليد الحكم في البلاد"، قائلا "إن موريتانيا تمر بأسوء مراحلها التاريخية علي الإطلاق".

وقال ولد بلخير " لقد عارضت ولد الطايع عشرين سنة وعارضت العقيد اعل ولد محمد فال وعارضت الظلم الذي عانت منه شرائح كثيرة لكن لم أشاهد في حياتي أسوء من المرحلة الحالية ولا أشنع ظلما مما يمارسه الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز علي كافة أطراف المشهد السياسي". كما دعا الحكومة إلي وقفة جادة لمراجعة الذات والتعاطي مع الدولة بعقلية تختلف عن عقلية التاجر الذي لا يهتم بغير الربح وتحصيل الفوائد من السكان.

وقال ولد بلخير "لقد نصحت الرئيس (ولد عبد العزيز) وأبلغته معارضتي للفساد بكل أنواعه، لكن الظلم كالفساد لا يمكن ان تقوم عليه الدول". وأضاف: "وطالبته بأن يترك الملف للقضاء لكنه أصر علي تحويل المسألة إلي قضية شخصية ينتقم بموجبها من بعض رجال الأعمال المشهورين ويحاول تكريس الواقع الذي فرضه بموريتانيا منذ شهور".

الظلم مثل الفساد

وسخر ولد بلخير من بيان الحكومة الذي تعهدت فيه بضمان سلامة الرعايا الأجانب والسكان قائلا "اللهم إن أمني عليك ربنا لا على عزيز"!

وقال ولد بلخير "إن السبب في انهيار الأمن هو ما عبر عنه الرئيس الموريتاني ذاته قلة كفاءة القادة الأمنيين وضعف الوسائل الموجودة لدى الأجهزة الأمنية وانخراطهم في الحياة السياسية في وقت تعيش فيه البلاد موجة من فقدان الأمن غير مسبوقة علي الإطلاق".

وتحدث مسعود ولد بلخير عن اعتقال رجال الأعمال الموريتانيين الثلاثة قائلا "نحن فى هذه الوقفة نقول علنا إننا نتعاطف مع هؤلاء ونقف معهم بكل قوانا، لا لذواتهم بل لأننا نشعر بأنهم مظلومون ونحن مع المظلوم لا مع الظالم ولأنهم خصصوا دون سواهم بمعاملات كان يجب ان يخضع لها جميع رجال الاعمال ونطالب بإطلاق سراحهم فورا".

يذكر أن موريتانيا تشهد منذ انقلاب السادس آب/أغسطس 2008 الذي أطاح بالرئيس سيدي ولد الشيخ عبد الله، أزمة سياسية لم تجد حلا حتى الآن رغم التوقيع على اتفاقية المصالحة في داكار في يونيو حزيران الماضي بين أطراف الأزمة ورغم تنظيم انتخابات رئاسية في الثامن عشر يوليو تموز 2009

التعليقات