أسبوع قطري لمكافحة الفساد في العالم

أسبوع قطري لمكافحة الفساد في العالم
غزة-دنيا الوطن
بينما اختتم المنتدى العالمي السادس لمكافحة الفساد وحماية النزاهة أعماله في العاصمة القطرية الدوحة مساء الأحد 8-11-2009 بالتحذير من خطورة الفساد على دول العالم، تستعد الدوحة الإثنين 9-11-2009 لاستضافة المؤتمر الثالث للدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد الذي يستمر حتى يوم الجمعة القادم.

وحذر المنتدى العالمي السادس لمكافحة الفساد وحماية النزاهة من أن الفساد يعتبر تحديا أمام الدول في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية ويهدد الديمقراطية والتنمية المستدامة وسيادة القانون والأمن العالمي في البلدان المتقدمة والنامية على حد سواء.

ونبه المنتدى في توصياته التي صدرت في ختام أعماله مساء الأحد إلى التأثير المدمر للفساد في نشر الجريمة المنظمة عبر الحدود والإرهاب، إضافة إلى الممارسات غير المشروعة التي تشكل تهديدا للأمن والرفاهية في المجتمعات.

وقرر المشاركون رفع التوصيات الصادرة عن المنتدى إلى المؤتمر الثالث للدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد الذي يبدأ أعماله الإثنين، ويستمر على مدار 5 أيام.

وأكد المشاركون في المنتدى أهمية اقتلاع جذور الفساد على جميع المستويات الحكومية لكسب ثقة الشعب لاسيما في مجال الأمن وإنفاذ القانون وتحقيق العدالة، إضافة إلى القطاعات الاقتصادية والمالية والتجارية عبر الدخول في شراكات مع المنظمات غير الحكومية من أجل إرساء ثقافة الشرعية وتعزيز سيادة القانون في المجتمعات.

وحثوا المجتمع الدولي على مضاعفة الجهود لتعزيز أنظمة النزاهة الوطنية والإستراتيجيات التي تعمل على محاربة جميع أشكال الفساد.

عابرة للقارات

المشاركون أجمعوا في بيانهم الختامي على أن الفساد أصبح ظاهرة عابرة للحدود وللقطاعات، مشددين على ضرورة التصدي لهذه الظاهرة عبر صياغة نهج شامل يشارك فيه القطاعان العام والخاص، إضافة إلى المجتمع المدني والأوساط الأكاديمية ووسائل الإعلام والمنظمات الدولية ذات الشأن.

ودعوا رجال الأعمال والشركات إلى تطبيق برامج مكافحة الفساد وتبني سياسات طوعية في هذا المجال. وأوصوا بتشجيع رجال الأعمال على التعاون مع الجهات المعنية بمكافحة الفساد من أجل مكافحة الفساد في المجال التجاري.

واتفقوا على ضرورة تطبيق قوانين مكافحة الرشوة على المستوى العالمي، خاصة القوانين التي صدرت عبر اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، واتفاقية منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية حول رشوة الموظفين العموميين الأجانب في المعاملات التجارية الدولية.

ثقافة النزاهة

وحث المشاركون في بيانهم الختامي المجتمع الدولي على أن يكون يقظا إزاء الممارسات الرامية إلى تقويض سلطات مكافحة الفساد. وأوصوا الحكومات باتخاذ التدابير اللازمة لضمان إسهام سلطات مكافحة الفساد في الوقاية منه والكشف عنه والتحقيق في حالاته وملاحقة مرتكبيه قضائيا ومعاقبتهم.

وأكدوا على ضرورة إرساء ثقافة النزاهة بين المواطنين والمسئولين الحكوميين ومسئولي القطاع الخاص، ودعوا القادة على كافة المستويات، وفي جميع قطاعات المجتمع، إلى قيادة الحملة ضد الفساد من أجل التصدي له بجميع أشكاله ومظاهره.

وشددوا على أهمية المبادرات التعليمية في إرساء ثقافة النزاهة عبر وضع إستراتيجيات طويلة الأمد إضافة إلى تعميم القيم الأخلاقية، ومكافحة الفساد، من خلال البرامج المهنية عن طريق توفير التدريب المتخصص في هذا الشأن.

وأكدوا أيضا على أهمية الدور الذي تلعبه وسائل الإعلام في كشف قضايا الفساد وتوعية الجمهور، وأهمية تعزيز نزاهة القضاء واستقلاله في عمليات التحقيق والملاحقة القضائية، إضافة إلى دور البرلمانات في مكافحة الفساد. ودعوا إلى إعطاء أولوية في اعتماد تدابير وقائية واسعة عبر صياغة إستراتيجية شاملة لمكافحة الفساد.

العام والخاص

وأكد المشاركون على ضرورة وجود نظم قوية لتعزيز السلامة بين مسئولي القطاعين العام والخاص عبر صياغة مدونات قواعد سلوك واضحة وقابلة للتنفيذ.

وأعربوا عن قلقهم من تفشي الفساد في مجال المشتريات العامة، وفي مجال المناقصات في بعض القطاعات مثل الدفاع والهندسة والصحة العامة والطاقة والبنية التحتية، وما قد يشكله من تهديد خطير على الأمن العام في الدول.

وحثوا الحكومات على الوقاية من الفساد في المناقصات من خلال اتباع الشفافية، واتخاذ تدابير صارمة تعتمد على المساءلة على النحو المنصوص عليه في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد.

واتفق المشاركون على أن الفساد يؤدي إلى تآكل الموارد المخصصة للتنمية والاستثمارات الخاصة في الدول النامية؛ ما يتسبب في حرمان تلك الدول من آفاق التنمية المستدامة والنمو الاقتصادي، مشددين على أن للفساد تأثيرا سلبيا على جهود المانحين؛ لأنه يقوض فرص النمو وتعزيز التنمية.

وحثوا رؤساء الشركات التجارية على ضمان أعلى معايير النزاهة والتمسك بها من قبل كافة الجهات الفاعلة في جميع مراحل عمل الشركات. ودعوا الجهات المانحة ورجال الأعمال على حد سواء، إلى التعاون لتزويد البلدان النامية ببنى تحتية لمكافحة الفساد، بما يتوافق مع اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد.

حماية كاشفي الفساد

وطالب المشاركون في المنتدى العالمي السادس لمكافحة الفساد وحماية النزاهة بحماية الأشخاص الذين يقدمون معلومات إلى السلطات المختصة تساعد في مكافحة الفساد بما يتفق مع أحكام اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد عن المبلغين عن المخالفات.

وأكدوا ضرورة تطوير إستراتيجيات جديدة لتقييم التحديات المتصلة بمكافحة الفساد ومدى انتشاره.

وأوصى البيان الختامي الحكومات بعدم توفير الملاذ الآمن للمسئولين الفاسدين، مشددا على ضرورة تعزيز التعاون الدولي في مجال تسليم المجرمين والمساعدة القانونية المتبادلة واستعادة وارجاع عائدات الفساد وفقا للاتفاقيات الدولية.

استقلالية القضاء

كذلك طالب المشاركون في المنتدى الحكومات وبرلماناتها بضرورة إعطاء سلطات مكافحة الفساد المختصة الاستقلالية والموارد لحسن تطبيق مهامهم في مجال مكافحة الفساد.

ودعوا إلى مضاعفة الجهود لحماية مسئولي الرقابة والصحفيين ومؤسسات المجتمع المدني وغيرهم من العاملين في هذا المجال.

ورحبوا باستضافة تايلاند للمؤتمر الدولي الرابع عشر لمكافحة الفساد (التحالف الدولي الرابع عشر لمكافحة التزوير) خلال الفترة من 10 إلى 13 نوفمبر من عام 2010.

شباب ضد الفساد

وفي كلمة ألقاها في الجلسة الختامية للمنتدى، قال ديمتري فاليس رئيس وحدة مكافحة الفساد والجرائم الاقتصادية في مكتب الأمم المتحدة لمكافحة المخدرات والجريمة وسكرتير اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، إن المناقشات والمحادثات الثرية التي جرت على مدى يومين وتضمنتها الطاولات المستديرة ساعدت في صياغة توصيات ونتائج هامة سيتم رفعها إلى المؤتمر الثالث للدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد.

وثمن المسئول الأممي البادرة الجديدة التي شهدها المنتدى والمتمثلة في عقد منتدى عالمي للشباب شارك فيه حوالي 50 طالبا وطالبة من مختلف أنحاء العالم، وعبروا فيه عن رؤاهم وتصوراتهم تجاه أفضل الوسائل لمحاربة الفساد وتكوين ثقافة مجتمعية موجهة للشباب تصب في هذا الاتجاه.

وكان المنتدى قد شهد مشاركة شبابية تمثلت في المنتدى العالمي للشباب لمكافحة الفساد وحماية الشفافية، الذي نظمه مركز مناظرات قطر، وتضمن عددا من الطاولات المستديرة التي بحثت موضوع "إنشاء والحفاظ على ثقافة النزاهة"، وموضوع "سد الثغرات بين القطاعين العام والخاص في الإصلاح".

وخرج هذا المنتدى الشبابي بعدد من التوصيات من أبرزها الدعوة إلى تضمين موضوع الفساد في المناهج الدراسية ورصد مكافأة سنوية ترعاها الأمم المتحدة تمنح لأفضل الشركات والمؤسسات التي تراعي قيم الشفافية والنزاهة والعمل على نشر ثقافة محاربة الفساد بين الشباب من خلال مختلف وسائل الإعلام وأبرزها الإنترنت.

وفي مبادرة شبابية قامت إحدى الطالبات المشاركات في المنتدى العالمي للشباب بإصدار "شريطة" تم اعتمادها كرمز لمحارب الفساد، وهي تحمل اللونين الأزرق والوردي، بحسب وكالة الأنباء القطرية.

جائزة لأوباما

وقرر المنتدى منح جائزته إلى الرئيس الأمريكي باراك أوباما، وذلك عرفانا بمبادرة الولايات المتحدة لإطلاق هذا المنتدى عام 1999 في واشنطن. والجائزة عبارة عن سيف عربي، وهو شعار المنتدى، ويرمز إلى القوة في مكافحة الفساد.

ويهدف المنتدى إلى جعل القوى السياسية تعمل مع القطاعين العام والخاص للحد من الفساد، وانبثقت عنه الاتفاقية الدولية لمكافحة الفساد، وانضمت إليها 129 دولة حتى الآن، وتولد عنها مؤتمر أطراف الاتفاقية الذي يعقد كل سنتين.

وناقش المنتدى السادس الذي عقد بالدوحة تحت شعار "العمل معا في محاربة الفساد" على مدار يومين، مسائل تتعلق بدور القطاعين العام والخاص في محاربة الفساد وتضارب المصالح إلى جانب موضوع المشتريات العمومية، وكذلك دور القضاء.

التعليقات