الإعلاميّة نشوة الرّويني:لا أتوقّف أمام من يشوّهون سمعة الآخرين بالأكاذيب

الإعلاميّة نشوة الرّويني:لا أتوقّف أمام من يشوّهون سمعة الآخرين بالأكاذيب
غزة-دنيا الوطن-أجرت الحوار: هويدا عطا
امرأة عنيدة..نعم..

امرأة متفائلة.. نعم أيضًا..

امرأة لا تنكسر أمام حروب أعداء النّجاح.. نعم ثالثة وأكيدة..

إنّها الإعلاميّة نشوة الرّويني، المرأة التي غامرت يومًا، وهجرت وضعها الوظيفي المرموق والمستقر في (MBC) ، لتضرب بأجنحتها في فضاء الحلم، باحثة عن تحقق خاص يتيح لها أن تضع لونًا أو ظلا متميزا على خريطة العمل الفني والإعلامي.

نشوة الرّويني لا تحب أن تجلس على كرسي الاعتراف، وإن كانت عبر برامجها تحترف استخراج أسرار ضيوفها، ولهذا يصبح هذا الحوار الذي تنشره "المرأة اليوم" في جزأين، حوارا نادرا تدلي فيه الرّويني بأقوالها.. واعترافاتها.. وتسرد جوانب مجهولة من عالمها.. وتقدّم صورة أخرى لشخصيّتها، صورة امرأة تعبت في بناء وتشكيل وعيها، وثقافتها.

من سنوات الطّفولة والغربة.. إلى الطب والإعلام.. إلى الماجستير والدّكتوراه.. مرورا بالبرامج التلفزيونيّة وصولا إلى النّجاح الذي صنع حولها دائرة من الشّائعات.. عن كلّ هذا وغيره تتحدّث نشوة الرّويني.. وما قالته كثير..



- من هي نشوة الرّويني؟

- نشوة الرّويني إنسانة عربيّة مصريّة، والدتي من مدينة الاسكندريّة، ووالدي من محافظة الغربيّة، وفي طفولتي لم يكن حلمي أن أصبح إعلاميّة على الرّاغم من أنني كنت أستولي على كل فقرات الإذاعة المدرسيّة من كلمة الصّباح إلى حكمة اليوم، نهاية بالأخبار الجارية، ولكن هذا النّشاط كان في اعتقادي في ذلك الوقت مجرّد نشاط مدرسي وجزءًا من مهامي وقتها بصفتي رئيسة لمركز الطّلبة، وكنت أتولى تنظيم فعاليات كثيرة مثل الاحتفال بيومي الأرض والبيئة، وغيرهما من المناسبات العالميّة والمحلّية، وأثناء ذلك كان اهتمامي وتفكيري قائما على حلم دراسة الطّب، فقد كنت متعلّقة بهذا الأمر تعلّقا كبيرا، وكانت أمنيتي أن أصبح طبيبة، وكان خالي –رحمة الله عليه- يسألني دائما: (تحبّي تبقي إيه لمّا تكبري؟) ، وكنت أجيبه: (نفسي أكون دكتورة.. دكتورة نشوة)، وشاءت الأقدار أن ألتحق بالإعلام، وحدث ذلك مصادفة حيث كان من المفروض أن أسافر من (قطر) التي كنّا نقيم فيها إلى القاهرةلدراسة الطّب، وحين وصلت القاهرة شعر والدي بالقلق من إقامتي بمفردي وقال لي إنّه من غير المقبول أن أعيش بعيدا عنه وعن والدتي، كما لم يقبل فكرة تقسيم العائلة باقتراح إقامة والدتي معي في القاهرة، وهكذا عدت إلى قطر بعدما مكثت في كليّة الطب بالقاهرة 15يوما فقط، وفي جامعة قطر التحقت بكليّة الآداب قسم اللغة الانجليزيّة، ثمّ أكملت دراسة الماجستير في جامعة لندن وكان موضوع رسالتي (السياسة الخارجيّة لإيران في منطقة الخليج) ، كما حصلت على درجة الدكتوراه من جامعة لندن أيضا، وكان موضوعها (الخطابة في الإسلام) ، وأحمد الله أنني عبرت هذه الفترة بنجاح وأنهيت رسالة الدكتوراه لأنني كنت وقتها محمّلة بمسؤوليّات عديدة منها رئاسة مجموعة (إم بي سي) في مصر وشمال أفريقيا، ومتابعة برنامج (من سيربح المليون) والعمل على تنفيذه في مصر بدلا من لندن وهو ما نجحت فيه رغم اعتقاد كثيرين أنّ ذلك لن ينجح.

- متى تحديدا بدأت خطواتك الأولى على طريق العمل الإعلامي؟

- تعلّقت بالعمل الإعلامي عندما وجدت نفسي فيه، وحين قدّمت أعمالا متميّزة لاقت ترحيبا من الناس، شعرت بحب كبير لهذا العالم الساحر، خصوصا أن هذا العمل أتاح لي أن أقدّم أشياء مختلفة، وبالتّالي توالت خطواتي الواثقة بعون الله وبحب النّاس، وصرت أحرص سنة بعد سنة على تجويد ما أقدّمه، والحقيقة أنني أصرّ دائما على أن تكون أعمالي ذات مضمون وشكل لا يشبهان أعمال الآخرين، وعندما كنت في السّابعة عشرة من عمري قدّمت نشرة الأخبار في تلفزيون قطر، وكنت أصغر قارئة نشرة أخبار في العالم العربي، وكنت في داخلي أشعر بسعادة بالغة حين أقرأ نشرة الأخبار لأنني أبدو كفتاة ناضجة وكبيرة السّن (يعني مش عيّلة صغيّرة) ، لكن عندما كبرت شعرت بأنّ هذا العمل ليس به أيّ إبداع، وأنّ دوري فيه محدود للغاية، فأنا مجرّد مذيعة تجلس أمام الكاميرا وتقرأ الأخبار، ولذلك فكّرت في إعداد وتقديم البرامج الترفيهيّة والمُسابقات ومنها (صباح الخير يا عرب) و (غلطة بورطة) و (جوائز على الهواء) و (سهرة مع فنّان) ثمّ بدأت أتّجه إلى البرامج الحواريّة وقدّمت برنامج (بصراحة مع نشوة) و (حوار صريح) و (كلام نواعم) وبرنامج (نشوة) على تلفزيون دبي.

- دعينا نتحدّث عن الغربة التي مررت بها أثناء انتقالك من بلد إلى بلد.. كيف تنظرين الآن إلى هذه الفترة من طفولتك؟

- كما قلت من قبل فإنّ مشكلتي كفرد من عائلة مغتربة أثرت على قرار اختياري لدراستي، ولم يقبل والدي أن أعود من قطر وأبقى في القاهرة بمفردي، وهي مشكلة كلّ المغتربين وأبنائهم، وبالنسبة لي فقد عشت الغربة في سن صغيرة عندما تركت مصر مع عائلتي وتنقلت من سفر إلى سفر، وقد كنّا عائلة نووية، والعائلة النووية عندما تغترب وتترك بلدها تصبح أكثر تماسكا وقوّة، لأنّها تعتبر أفرادها هم (العزوة)، في حين تبقى العائلة الممتدة في الوطن الذي نعود إليه في الإجازات. ولذلك كان من الصعب أن أفتت هذه العائلة الصغيرة المتماسكة، فضحيت بدراسة الطب وعدت إلى قطر كما قلت، ولأنني كنت طفلة حين سافرنا مع أبي إلى قطر، لم أشعر بالغربة وكان إحساس أبي وأمّي بها قويًا، وكنت أرى هذه المشاعر في عيونهما في المناسبات والأعياد وفي حالات الوفاة التي تحدث لأشخاص نعرفهم في مصر، كنت لحظتها أرى الألم يعصر أبي وأمّي، والآن أنا أشعر أنّ قلبي يحمل مشاعر حبّ ووفاء لبلدان كثيرة عشت فيها ومنها المملكة العربيّة السّعوديّة وقطر وبريطانيا والآن الإمارات العربيّة المتّحدة، وكلّ بلد عشت فيه كنت أشعر أنّه بيتنا، وكما يقول الشّاعر: (وكلّ مكانٍ ينبت العزّ طيّب) ، لذلك أعتبر هذه البلدان جزءًا من وجداني، وعندما يسألونني: أين بيتك؟ أقول: في السّعوديّة..في قطر..في الإمارات..في لندن.

- وهل ثمّة بيت أغلى وأقرب إليك من الآخر؟

- ليس هناك بيت أغلى وأقرب من الآخر، أو جزء من مكان أغلى من جزء ومكان ثانٍ، لأنّ طفولتي مقسّمة، وكلّ مكان عشت فيه لديّ عنه ذكريات كثيرة جميلة، وأذكر العام الماضي عندما ذهبت إلى المؤتمر الإسلامي الأمريكي الذي عقد في العاصمة القطريّة الدّوحة، كانت السيّارة تدور بي في شوارع الدّوحة ومعها كانت تدور بي الذّكريات الجميلة التي عشتها من قبل، فكلّ مكان يعيش فيه الإنسان يصبح جزءًا منه، إنّها ملكيّة مزدوجة، المكان بذكرياته يملكنا، ونحن بذكرياتنا عنه نملكه.

- وأين موقع الإمارات في قلبك؟

- (أنا بحب الإمارات بجد).. لأنني أشعر أنّها بلد يجمع بين روح العصر وبين التقاليد والقيم العربيّة والإسلاميّة، وذلك مزيج رائع ومدهش، كما أنّ الإمارات بلد منفتح على العالم كلّه، ووطن يجمع بين الثقافات من خلال اندماج نادر بين الحضارات، وهنا تجدين تمازجًا فكريًا لا يوجد في أيّ مكان آخر في العالم، وإضافة إلى ذلك هناك مسألة مهمّة لا تتوافر في أيّ مكان، هذه المسألة تتعلّق بفرص الإبداع التي تتيحها الإمارات للمقيمين على أرضها، ولذلك يشعر كلّ فرد لديه موهبة أو قدرة على التميّز أنّه يعيش في وطنه، وأنّ الفرص مفتوحة أمامه طالما كان مخلصا وصادقا وموهوبا، كما أنّ الجميل هو أن تعطي الإمارات الفرصة كاملة لأيّ امرأة لديها طموحات، وهذا شيء بالنّسبة لي له معان كبيرة وعظيمة، ولم أشعر بهذا الإحساس وهذه القوّة إلا في الإمارات فقط، فهنا تجدين الوزيرات، وعضوات البرلمان، وسيّدات الأعمال النّاجحات، وتجدين مبدعات في كلّ مكان أخذن الفرص كاملة، فالإمارات وطن المبدعين، ووطن الفرص الذّهبيّة لمن يملك الإرادة والإصرار والعرفان. لقد فرحت حين صممت الإماراتيّة عزّة القيسي جائزة مهرجان الشّرق الأوسط السينمائي الدّولي، كما أننا نجد هنا كثيرًا من الفعاليّات العالميّة، وفي أبو ظبي تحديدًا الفعاليّات لا تتوقّف، فهناك معرض بيكاسو في قصر الإمارات، وأمامنا الفورمولا، وهذا شيء لا يحدث إلا في دول ذات حضارات قديمة، وأنا أعتقد أنّ أبو ظبي الآن والإمارات عامّة تصنع التّاريخ في هذا الوقت.

- نعود لحياتك العمليّة..البعض يظنّ أنّ نشوة الرّويني لم تواجه أيّة عقبات في طريقها المهني، وأنّ الدّروب كانت مفتوحة أمامها.. ما قولك؟

- حياتي المهنيّة (والله) لم تكن سهلة، وعندما دخلت مجال الإعلام لم يكن أعمامي سعداء بهذا الأمر، كانوا يقولون لأبي: (إيه العيّلة الصّغيّرة دي اللي دخّلتها الإعلام.. إنت مش عارف الإعلام ده أوّله إيه وآخرته إيه؟) ، وكان والدي يردّ عليهم بثقة: (ابنتي سوف تصبح مثل باربرا والترورز) ، وكان يقصد المذيعة الأمريكيّة الشهيرة، وكانوا يعترضون على هذا الحلم وعلى هذا الطريق الذي اخترته، ويشككون في أنني قد أصبح يومًا مذيعة معروفة لأسباب كثيرة من بينها اعتقادهم أنّ العالم العربي لا يمكن أن يمنح امرأة هذه الفرصة، لكنني والحمد لله كنت عند حسن ظن والدي، وعلى قدر الثقة التي منحني إيّاها، ولو كنت في يوم من الأيّام شعرت بأنني لست أهلا لهذه الثقة لكنت قد انسحبت، أنا امرأة عنيدة جدًا، وعندما أضع هدفًا أمامي لابد أن أنفذه، ومثل كل مواليد برج القوس لدي صفة العناد الشّديد، لذلك قلت سأجرّب هذا الطّريق وكنت وقتها لا أزال في مراحلي الدّراسيّة، ورغم ذلك عملت في التلفزيون وشاركت في تحرير مجلّة (ندى) وراسلت عدّة مجلات وقنوات أجنبيّة، ويومي لعملي يبدأ عادة من بعد صلاة الفجر حتى السّاعة الثانية عشرة بشكل متواصل ومن دون أخذ أيّ قسط من الرّاحة، وهذه عاداتي التي لا أتخلّى عنها، وطول عمري أحبّ هذه العادات وأحرص عليها، باختصار أنا صاحبة طاقة كبيرة، لا أنام أكثر من 5ساعات في اليوم وبقيّة السّاعات عبارة عن عمل متواصل.

- ألا يؤثّر هذا كلّه على بيتك وأسرتك؟ وزوجك ألا يعترض على انشغالك الدّائم بعملك؟

- أنا متزوّجة (من زمان قوي) .. وفي بداية زواجي كان الأمر صعبًا، خصوصا لامرأة مثلي تمنح وقتها للعمل ثمّ يأتي من يشاركها هذه الحياة، بالطبع كان الموضوع يحتاج إلى نوع من التّوازن بين العمل وبين الزّوج والأبناء، ولم يكن الأمر سهلا، لكن الحمد لله فإنّ زوجي يتفهّم هذه الظّروف كاملة، كما أنني أملك القدرة على التحمّل (كتير أوي أجي على نفسي) ، والمشكلة الحقيقيّة هنا أنّ المساحة الخاصّة بنشوة بدأت تتقلّص بشكلٍ كبير، بل وتختفي نهائيًا أحيانًا مقابل اتّساع المساحات الأخرى المخصصة للعمل والزّوج والأبناء، أحيانا كثيرة أشعر أنني ضائعة من نفسي، وأسأل: أين أنا؟ أين نشوة؟ ثمّ أتذكّر أنني جزء من كلّ هذه المساحات التي أوجد فيها، فأعود ثانية إلى قوّتي وإرادتي وطموحاتي بعد أن أكون قد أصبت بالإرهاق والتّعب.

- إذن متى تشعرين تماما بنفسك وتقولين: هذه نشوة..هذه أنا؟

- أشعر بذلك لحظة أواجه معوقات الدّنيا كلّها في عمل أقوم به ثمّ أبدأ في الوصول إلى أوّل خيط من خيوط النّجاح، لحظتها يمنحني الله سبحانه وتعالى عزيمة وقوّة كبيرتين لأستمر في طريقي.

- أشعر بحس ديني جميل في كلامك؟

- قوّتي الحقيقيّة أستمدّها من ربّ العباد ، أنا إنسانة كثيرة التأمّل والشكر والرّضا، وبيني وبين الخالق سبحانه وتعالى علاقة خاصّة جدا، وعندما تغلق الدّنيا في وجهي أحجز على أوّل طائرة وأسافر إلى مكّة المكرّمة، وهناك أقيم حتى أشعر براحة نفسيّة تعيدني إلى الهدوء والطمأنينة، أذهب إلى هذا المكان المبارك حتى ولو كنت (زعلانة من نفسي) وغير متصالحة معها، وبهذه الطّريقة يعود السلام إلى روحي، والمدّة التي أقضيها في مكّة المكرّمة في مثل هذه الحالات ترتبط بدرجة الحزن والقلق الذي أعيشه، المهمّ ألا أترك مكة إلا بعد أن أشعر أنني غسلت قلبي من هموم الدنيا، ساعتها أخرج من جديد إلى الحياة وأقول: ليس هناك ما يستحق الغضب والحزن.

- ما أقسى اللحظات التي مرّت بك؟

- عشت صدمات كثيرة أحزنتني وكسرت قلبي، وأوّل هذه الصّدمات فقدي لخالي، وكنت قريبة منه لأنّ فارق السن بيننا كان صغيرا ، وكنت أعتبره ليس شقيق والدتي فقط، بل كان الأخ والصديق والأب وكل شيء في حياتي، وكانت علاقتي به قويّة للغاية، كان ظهري الذي يسندني في الأزمات، وصدمة وفاته كانت كارثة بالنسبة لي، كذلك عشت حزنًا كبيرا عندما فقدت طفلا من أطفالي، كان الأمر صعبًا وقاسيًا على قلبي كأم، ولم أستطع لفترات طويلة أن أتعايش معه، وفي النهاية لم يكن أمامي إلا أن أقبل قضاء الله وقدره، ماذا كان بيدي؟! (ربّنا استردّوديعته) ، وأذكر أنّ وفاة طفلي وكان اسمه (عبد الرّحمن) هزّني بشدّة (كان صعبًا أن أصدّق غيابه ورحيله الأبدي) ، والحمد لله تجاوزت المحنة بذهابي إلى مكّة المكرّمة بعد خروجي من المستشفى مباشرة.

- دعينا ننتقل إلى لحظات الفرح في حياتك.. ما أسعد لحظات عمرك التي تتذكرينها ببهجة ورضا؟

- أسعد لحظات عمري عشتها مع ولادة أبنائي.. يا الله .. ليس هناك شيء في العالم يوازي ابتسامة طفل صغير.

- هل تتوقعين أو تتمنين لأبنائك السير على خطاك؟

- هذا الأمر يرجع إليهم عندما يكبرون ويملكون القرار والاختيار، أنا لا أتحكّم في قراراتهم ولا أريد ذلك، دوري وواجبي أن أنصحهم ولدن لا أختار لهم مستقبلهم، هم الأحق بالاختيار واتخاذ القرار.

- من المعروف أن المنافسة بين أبناء المهنة الواحدة تصل أحيانا إلى حد تشويه السمعة والاتهامات والحروب الخفية والمعلنة.. هل عشت مثل هذه الأجواء؟

- ضحكت نشوة الرويني وهي تأخذ نفسا عميقا وتتحدّث عبر تنهيدة طويلة قائلة: (يااااه كتير جدًا) : ثمّ تضيف: لقد تعرّضت لحروب كثيرة وشائعات لا حصر لها، لكنّ الله سبحانه وتعالى كان بجانبي باستمرار، وأقول دائما إنّ القافلة تسير على الرّغم من كل أعداء النّجاح، كما أنّ الأشجار المثمرة هي التي يقذفها الفاشلون بالأحجار. أنا إنسانة تعرف ربّها جيدًا، وتربيت على قيم وأخلاق لا تجعلني أدخل في حروب وعداءات بدافع الحقد والحسد، ولا أعطي اهتمامي لمن يشوهون سمعة الآخرين بالأكاذيب، أنا أعرف طريقي وأحدد هدفي وأثق باللذين أعتمد عليهم وأعتمد على حكمتهم وضمائرهم الحية في معرفتي، هؤلاء الذين يقفون معي ويمنحونني الفرصة من خلال وعيهم ونظافة قلوبهم وعدالة عقولهم هم الأهم بالنسبة لي، ولذلك لا أتوقف أمام الأحقاد والحروب ومحاولات تدميري بالشائعات، لأنني أثق بالله سبحانه وتعالى أولا، وأثق بقدراتي ثانيا، وأثق بعدالة من أعمل معهم ويقفون معي، ومهما فعل الذين يصنعون الأذى حولي لن يقتلونني، ربما أقع وأفشل مرة أخرى بسببهم، لكني أعود من جديد لأقف على قدمين ثابتتين، وهذا كرم من الله سبحانه وتعالى، وبركة دعاء الوالدين.

- ولمن تهدين نجاحك؟

- أنا أعتبر نفسي على طريق النجاح، ولم أحصد نجاحًا يستحق أن أهديه إلى أحد.

- هل هذا تواضع منك؟

- لا.. الموضوع (مش حكاية تواضع) .. مازال أمامي الكثير لأقول إنني نجحت، أنا مازلت في البداية، وأعتقد أنّ ما فعلته حتى الآن لا يجوز أن أطلق عليه وصف النجاح بمعناه الذي نعرفه جميعا، ومع ذلك إذا كنت تعتبرين أنّ ما وصلت إليه اليوم يمكن أن يكون نجاحا بشكل من الأشكال، فأنا أهديه إلى كل فرد شارك فيه من أهلي ومن العاملين معي، ومن أصدقائي، ومن الجمهور.

- البعض يسأل ما هو سر ثقة المسؤولين بنشوة الرّويني في أيّ مكان تعمل فيه ؟

- الحمد لله عملت مع أشخاص كثيرين في حياتي، وفي أماكن مختلفة من بلدان مختلفة، علاقتي بهؤلاء لا تزال طيبة جدا، وتقوم على الاحترام المتبادل سواء عملت معهم من قبل أو لا أزال أعمل معهم، ومن طبيعتي عندما أغادر أي مكان، أحرص على أن أترك فيه أثرا إنسانيا طيبا، لا أحب أن أترك في قلب أحد من المسؤولين أو من زملاء العمل أية ضغينة، وكل عمل عملت به أعطيه كل طاقتي ومجهودي ووقتي وأفكاري، وأرغب دائما أن أكون مختلفة في عملي، وأفكّر بطريقة لا تشبه الآخرين، وأي مسؤول في أيّ عمل لا يمكن أن يثق بغير الذين يملكون القدرة على تطوير المكان ودعم نجاحه، ولا يمكن أن تبقى نشوة الرّويني في مكان لا تضيف إليه شيئا، قد تنفع المجاملات في البداية ولكن طبيعة العمل سوف تكشف الحقيقة، وإذا لم تكن نشوة أو غيرها جديرة بما وصلت إليه لكان أمرها قد انكشف وخرجت فاشلة، والعمل الإعلامي لا تجدي فيه المجاملات شيئا، لأنّه قائم على الابتكار والتميّز، وثقة الذين عملت معهم مصدرها عدالتهم في النظر إلى النّاس نظرة موضوعيّة بعيدًا عن المجاملات والاستماع إلى الشائعات المغرضة، وأقولها بصدق.. إنّ الذين وثقوا بنشوة الرّويني وثقوا أيضا بكثيرين غيرها لديهم القدرة على النّجاح والوفاء بوعودهم في تطوير عملهم.

- هذه الرّوح التي تملكينها بكلّ ما فيها من إصرار على النّجاح والتميّز، ألا تزيد أعبائك النفسيّة في مواجهة من يتربّصون بك من أعداء النّجاح؟

- أقول لكلّ من يتربّص بي، ويتحدّث عنّي، ويلقي بالغبار على اسمي ونجاحي، عليك أن تخاطر كما خاطرت أنا، عليك أن تغامر كما غامرت أنا، عليك أن تترك عملك الوظيفي المستقر والناجح وتقرر كما قررت أنا، أن أؤسس شركة إعلاميّة، وأحلم أن يكون لها اسم وكيان خلال سنة واحدة، عليك أن تفعل كما فعلت لتعرف كيف وصلت إلى ما أنا عليه، للأسف كثيرون لا يفعلون غير الكلام، وغير محاربة الذين حققوا نجاحهم بالتعب، لقد خاطرت يوما مع مجموعة من المستثمرين وأسسنا الشركة الإعلامية الخاصة بنا في وقت لم يكن يجروء فيه أحد على الاستثمار في مجال الإعلام، والحمد لله حان الوقت لكي نقطف الثمار بعد كلّ هذا الجهد الشاق والمضني، وبعد مخاطرة ومغامرة كبيرتين. أعود لأقول لمن يصنعون الفخاخ بالكلام والشائعات: بدلا من أن تضيعوا أوقاتكم في متابعة ومراقبة من حولكم والحقد عليهم، استثمروا هذه الأوقات في عمل مفيد لكم، لأنّ كل ما يفعله الإنسان من عمل، وكلّ ما يعطيه من طاقة إيجابيّة سوف يعود عليه بطاقة إيجابيّة، والعكس صحيح، وأنا مؤمنة بهذا المبدأ، فعلى قدر ما نعطي عملنا والناس من حب وإخلاص، على قدر ما نحصد الخير في كلّ خطوة نخطوها، وبقدر ما نستغرق في مطاردة الآخرين بالسموم والأحقاد، بقدر ما تتلوّن أرواحنا بالسواد والكراهية.

- يبدو أن هذا الموضوع مصدر حزن بالنسبة لك؟

- على الإطلاق،أنا لا أهتمّ ولا أقف أمام هذه المشاعر السلبيّة، ولا أحمل أيّة مشاعر عدائيّة ضد أيّ أحد حتى لو كان يحاربني في الخفاء، ولكنني أردت أن أجيبك على سؤالك، وإن كان لي عتاب فهو لكلّ إنسان كاذب ومخادع، فلا يوجد شيء يؤلمني في الحياة بقدر ما يؤلمني هؤلاء الذين يطعنون في الظهر، وعادتهم أن يبتسموا في وجهك وأن يرتدوا الأقنعة الزائفة، ويقدّموا أنفسهم كأبرياء وأصدقاء، ثمّ يطعنونك بخسّة في الظهر، لأنّهم لا يملكون الشجاعة على المواجهة، ولا يملكون القدرة على إثبات ما يقولونه عنك وجها لوجه.

- هل من رسالة حب إلى أحد ما في حياتك؟

- رسالة حب كبيرة وطويلة إلى أمّي أقول لها فيها: (أنت نور عيوني ونشوة لم تكن تصبح شيئا إلا بفضلك).

- هل ثمّة حلم في قلبك لا يزال عصيًا على التحقق؟

- كلّ يوم في حياتي لدي فيه حلم جديد، وكلّ فترة من فترات عمري لها أحلامها المختلفة، ولن أتوقّف يوما عن التعلّق بالأحلام ومطاردتها، وإن كنت الآن أتمنى أن تكون المبادرات التي نقوم بها لها صدى، فعندما ننظم أو نقيم حوارًا عن صورة العرب والإسلام في العالم، وأجد أصداء جميلة عن هذا الأمر أشعر بسعادة، وأتمنّى أن تكون نقطة الانطلاق منّا، ويكفي أن أقول لك إنني عندما تحدّثت مع هاورد جوردن وهو أحد مؤلّفي المسلسل الأمريكي الشهير (24ساعة) ، وجدته متأثرا بما يسمعه مني عن حقيقة الإنسان العربي وثقافته وحقيقة الإسلام وجوهره، وبالتالي أظنّ أنّه غيّر وجهة نظره عن الشخصيّة العربيّة والإسلاميّة التي كان يقدمها في مسلسله، ومن ناحيتي فإنني أرى أنّ الله أعطانا فرصة كبيرة لنكون تحت الضوء، ويكون لنا حضور إعلامي، وبالتالي يجب أن يستغلّ كلّ شخص معروف إعلاميا هذا الحضور في نقل الصورة الحقيقيّة عن العرب والمسلمين، كما أتمنى أن تكون هناك صناعة سينمائيّة وإعلاميّة عربيّة قويّة صادرة عن العالم العربي، وربما لا تصدّقين أنني أحلم أن يأتي الآخرون إلى بلداننا العربيّة للدراسة وتحصيل العلوم بدلا من أن نرسل أبناءنا إلى أمريكا و أوروبا، لأنّ الحضارة العربيّة والإسلاميّة كانت يوما في المقدّمة ومن الجميل أن تعود إلى حضورها وقوّتها، وأحلم أن تكون المنافسة بين أبناء المهنة الواحدة منافسة شريفة، وأن تفخر كلّ أم، وكل أب عندما يرغب أحد أبنائهما في العمل بالإعلام مثلما يفخران به إذا أصبح طبيبا أو مهندسا أو ضابطا أو محاميًا.

- لديك قبول مؤثر.. ألم تفكّري بالاتجاه إلى التمثيل؟

- تضحك نشوة الرّويني ضحكتها الشهيرة والطفوليّة وتقول: (ما ينفعش، مش هاعرف أقول كلمتين على بعض.. هاضحك على طول في أيّ مشهد).

- هناك تعتيم على حياتك الشخصيّة، فلا أحد يعرف تقريبًا أي شيء عن هذه المسألة..لماذا؟

- هذا قراري، أنا لا أحب أن تطال دائرة الضوء حياتي الشخصيّة، ولا أحبّ أن أتكلّم عنها، ولا أرغب في الحديث عن أموري كزوجة وأم.

- شهد مهرجان الشرق الأوسط السينمائي الدولي (أبو ظبي2008) الذي تترأسينه، حضورا متميزا لنخبة من نجوم الفن السابع عالميًا.. ماذا تقولين عن الدورة الثانية للمهرجان؟

- أقول الحمد لله أننا تجاوزنا الكثير من ملاحظات الدورة الأولى، وأثبت المهرجان في دورته الثانية أنّه وليد يستحق الرّعاية والاحتضان، وأنّ الطموحات الصادقة جديرة بالاحتفاء، وبصفة شخصيّة لديّ علاقات طيبة بنجوم الوسط الفني العربي والعالمي، وهم لم يقصروا معي أبدا، وعندما جاؤوا شعروا أنهم ضيوف أعزّاء، ونحن نتعامل معهم على أنّهم من أهل البيت.

- من خلال تجربتك في العمل الإعلامي.. ما هي أسرار النجاح التي يجب أن يحصل عليها من يخطو خطواته الأولى وخصوصا في عالم الفضائيّات؟

- أتمنى أن (يشتغل الإعلامي المبتدئ على نفسه) ، وأن يستثمر كلّ طاقاته حتى يصدّقه النّاس، عليه أن يهتم باللغة، وبالاطلاع والمتابعة لكلّ ما يدور في العالم، ومعرفة كلّ التقنيات العصريّة في هذا المجال، فكلّما وسّع الإعلامي دائرة اهتماماته ومعارفه وصل إلى ما يريد، وعليه أن يلغي جملة (الأحلام المستحيلة) ، فلا يوجد حلم مستحيل، بل توجد إرادة ضعيفة عن تحقيق هذا الحلم أو ذاك، كما يجب أن يعرف كلّ مذيع أو مذيعة أنّ الظهور على الشاشة والتحدّث بكلمتين لا يعني النجاح، لقد أنفقت حتى الآن أكثر من عشرين عامًا في هذا المجال، ومازلت أرى أنني على أوّل الطريق.





الجزء الثاني من الحوار

§ العدد398- الخميس27نوفمبر2008

- حدّثينا عن نشأتك وتأثيرها في تكوين وعيك وثقافتك، خصوصا وأنّ كثيرين يجهلون هذا الجانب ويعتقدون أنّ الحظ فقط هو الذي يقف وراء نجاحك؟

- أنا نتاج للمكوّن الثقافي الذي تربّيت عليه في طفولتي في البيت، ولولا هذا الأمر ما كنت انطلقت في طريقي بهذه الصورة، في الحقيقة أنا (دودة قراءة) منذ صغري، فقد عشت في الخليج منذ زمن وكانت وقتها وسائل الترفيه بالنسبة لنا كعائلة محدودة جدًا، فشجّعنا والدي على القراءة والاطلاع على الكتب بشكل كبير حتى يطرد عنّا الإحساس بالغربة، وفي الأساس فإنّ اهتمام والدي بالقراءة كان اهتماما غير عادي، وكان يمتلك ثلاث شقق مملوءة بالكامل بالكتب، شقتان في القاهرة وثالثة في لندن، ولذلك كنّا محاصرين بالكتب أينما ذهبنا وكان الاطلاع هو المتنفس الوحيد لنا، ولعلّ هذا يفسر اتجاهي وأنا في السادسة عشرة من عمري إلى تقديم نشرة الأخبار في التلفزيون وليس برامج المنوّعات، لقد كنت أشعر وقتها أنني مثقفة بما فيه الكفاية لأقرأ الأخبار الجادة؟، ولم أكن أفكّر أن أكون مذيعة لمجرّد الظهور فقط على الشاشة، وشعر والدي وقتها أنني موصل جيد للحدث المهمّ أقرأه، ثمّ حدث تحوّل فيما بعد عندما أحسست أنني غير متوافقة مع نشرات الأخبار، وأنّ ما أريده هو أن أجد تفاعلا بيني وبين النّاس أمام الشاشة، ففي قراءة الأخبار لا شيء سوى القراءة بطريقة معيّنة وبمنتهى الموضوعيّة والحياديّة أقرأ ما هو مكتوب أمامي، ولم يكن مسموحًا لي وقتها لصغر سنّي أن أشارك في برامج التحليلات السياسيّة أو تعليقات ما وراء الأخبار، ولهذا وجدت أنّ البرامج الاجتماعيّة هي التي تحقق ذاتي، وتمنحني التفاعل الذي أبحث عنه، وهذه البدايات كانت في تلفزيون قطر بسبب إقامتنا هناك مع والدي، وعندما انتقلت إلى لندن بدأت ببرنامج (صباح الخير يا عرب) الذي منحني فرصة الكلام في كلّ شيء، بدءا من السياسة حتى أحمر الشفاه، وأعتقد أنّ هذا البرنامج له تأثير كبير على حياتي المهنيّة، وتعرّفت من خلاله على أشخاص كثيرين من مختلف دول العالم، خصوصا وأن لندن –في ذلك الوقت- كان يهاجر إليها أو يقصدها كلّ العرب، وكان المكان بالنسبة لي مناسبا لصقل شخصيّتي.

- ما سبب هذا الترحال الذي عاشه والدك من مصر إلى قطر إلى لندن؟

- والدي عاشق كبير للدراسة، وسر انتقاله من مكان إلى آخر ونحن معه بالتأكيد، يعود إلى هذا العشق الذي يحرّكه من بلد إلى بلد، فقد كان تربويا ويعمل مدرسًا بالمدارس الثانويّة ثمّ بالجامعة، وكان يدرس الدكتوراه في جامعة أكستر ببريطانيا، وقد حصل على عدد كبير من الدبلومات وشهادات الماجستير والدكتوراه، والغريب أنّ موضوعاتها مختلفة، فمن علم النفس إلى علم التربية إلى الجغرافيا والتاريخ، وكان مؤلفا للكتب المدرسيّة في مادة الجغرافيا للمراحل الدراسية المختلفة (إعدادي وثانوي وجامعي) ، أعود لأقول إنّ فترة إقامتنا في لندن مع والدي أثناء دراسته للدكتوراه، كانت فترة ذهبيّة بالنسبة لي.

- وماذا عن فترة دراستك في قطر؟

- ذهبت إلى قطر مع والدي وأنا طفلة صغيرة، وقد ألحقني والدي بالمدرسة وكان عمري وقتها أربع سنوات ونصف، وضم لي السنتين الدراسيتين الرابعة والخامسة في سنة واحدة فشعرت بالملل وقتها، وعندما أنهيت الثانوية العامة وأردت دراسة الطب في القاهرة، كما ذكرت من قبل، رفض والدي وأعادني من القاهرة إلى قطر بعد أسبوعين حتى لا أبقى بعيدا عنه وعن والدتي وإخوتي، وبالتالي درست في جامعة قطر قسم اللغة الانجليزية بكليّة الآداب، وقد قمت بضغط ساعات الدراسة في أربع سنوات بدلا من خمس سنوات وكنت من خريجات الدفعة الأولى التي يحمل أصحابها شهادة ليسانس الآداب في قسم اللغة الانجليزيّة، ولم أكن أكتفي بالدراسة في الجامعة بل كانت لي أنشطة كثيرة ومنها العمل في الإذاعة والتلفزيون في قطر كقارئة أخبار باللغة الإنجليزيّة، كما قدمت برنامجا إذاعيا لمدة ثلاث ساعات على الهواء مباشرة في إذاعة قطر، وبالرغم من كلّ ذلك الجو الإعلامي الذي كنت أعمل فيه إلا أنني عندما أنهيت دراستي الجامعيّة قلت لوالدي ووالدتي إنني أريد أن أدرس العلوم السياسيّة، لقد اخترت شيئا مختلفًا، وكان السبب هو أنني أريد أن أفهم ما يدور حولي في العالم.

- كان يمكن أن تكتفي بالقراءة عمّا يدور حولك؟

- كنت أقرأ عن أيّ شيء وكلّ شيء، لكن بقيت عندي أسئلة كثيرة وتفاصيل غامضة، ولذلك قررت دراسة العلوم السياسيّة، علما أنّ القراءة هي التي دفعتني إلى فكرة دراسة هذا العلم، فنحن حين نقرأ لا نحصل على إجابات فقط، بل تتولّد لدينا أسئلة كبيرة، وهكذا حصلت على درجة الماجستير بعد عامين وكان موضوع الرّسالة حول السياسة الخارجيّة لإيران في منطقة الخليج، ثمّ أكملت الرحلة بالحصول على درجة الدكتوراه عن موضوع الخطابة في الإسلام، وكنت قد بدأت دراستي العليا في جامعة كمبردج، لكنّ والدي أصرّ أن أدرس في العاصمة البريطانيّة لندن ولا أبقى وحيدة في كمبردج، ووافقت في النّهاية (قلت ماشي.. حلوه برصه..كلّها جامعات).

- يبدو أنّك مغرمة بالتحدّيات والصّعاب؟

- هذه حقيقة، أنا مغرمة إلى أقصى حد بالصّعاب، وأقول دائمًا: أعطوني تحدّيات واتركوني، لأنني أعشق الأشياء والأمور التي تحفّز طاقاتي الدّاخليّة، والأمور السهلة لا أعيرها اهتمامًا، حتى أنّ والدتي تقول لي (أنت تبتعدين عن السهل..جننتيني.. كلّ مرّه تختاري الصعب وتمشي وراه..) فأجيبها ضاحكة: (نعم، كلّ مرة كده أمشي وراء الصعب).

- وبماذا تشعرين عندما تحققين أهدافك الصعبة؟

- أشعر بصفاء نفسي داخلي غير طبيعي، وثقة لا حدود لها.

- البعض يستغرب اتجاهك إلى عالم السينما، ليس كممثلة بالطبع،ولكن كمستشارة للشركات العالميّة وكمسؤولة عن مهرجان الشرق الأوسط السينمائي الدولي في أبوظبي؟

- لأنّ هؤلاء لا يعرفون شيئا عن نشوة سوى ما شاهدوه على التلفزيون كمذيعة، أنا شخصيّة مهووسة بالسينما، ولو أنّك رأيت مكتبة الأفلام السينمائيّة التي أمتلكها فسوف تتعجّبين، ولكن بطريقة إيجابيّة، وهذا العشق بدأ منذ طفولتي وكنت دائما ما أطلب من أهلي أن نسافر إلى لوس أنجلوس، لكي أتعرّف على صناعة السينما، وسبق لي أن زرت هذه الأماكن وغيرها، كما جمعتني معرفة طيّبة بالمخرج العربي العالمي الراحل مصطفى العقاد بحكم أنّه كان يأتي إلى لندن كثيرا في ذلك الوقت الذي كنت أعمل فيه هناك مذيعة وكان ضيفًا على برامجي، وكنت أتكلّم معه كثيرا عن عشقي للسينما وطموحاتي، وبدأت معه في التخطيط لبناء أكبر استديو سينمائي في الوطن العربي والشرق الأوسط، ولدي حتى الآن دراسات هذا المشروع بخط يد مصطفى العقّاد (رحمه الله) وعليها إهداء شخصي منه إليّ، وقد سعى العقّاد في أكثر من بلد عربي لإنشاء هذا الاستديو، وقبل وفاته بشهرين اتصل بي من إحدى الدول العربية التي كان يزورها وأخبرني أن المسؤولين وافقوا على المشروع، لكنّ القدر لم يمهله ورحل قبل أن يرى مشروعه النّور.

تصمت نشوة الرويني ربما لتستعيد بعضا من ذكرياتها مع السينما ونجومها وصنّاعها.. ثم تقول: خلال السنوات الماضية وعن طريق أصدقاء مشتركين قاموا بتحديد مواعيد لي مع كبار صنّاع السينما في العالم، فقابلت صاحب فيلم (قصّة مدينتين) وكان في الثمانين من عمره وقتها وبصحبته آخر زوجاته، كما قابلت منتج فيلم (المصارع) وستيفن سبلبرج ، وهذه الرّحلات والمقابلات بدأت منذ 1990، وعندما انتهيت من تأسيس الإم بي سي في مصر عدت إلى لندن لأشغل منصب مدير تطوير المجموعة ونفذنا عددا من المشروعات الكبيرة، و في تلك الأثناء أخبرني منتج فيلم المصارع أنّه يقوم بتنفيذ فيلمين جديدين هما (طرابلس) والثاني هو فيلم (مملكة الجنّة) وعرض عليّ أن أعمل معه كمستشارة إعلاميّة خصوصا وأنّ موضوع الفيلمين يتحدّث عن وقائع تدور أحداثها في المنطقة العربيّة والإسلاميّة، فأجبته (هذا شيء جميل جدًا، لكن لديّ وظيفة الآن وأنا على رأس عملي)، فردّ بقوله: (لكن أنا أعلم أنّ هذا حلمك القديم وقد وضعت اسمك بالفعل معنا كمستشارة ومن غير الطبيعي أن تفوّتي عليك الفرصة خصوصا وقد حصلنا على موافقة شركة فوكس)، وهكذا وجدتني في حيرة شديدة، لقد كنت وقتها أشغل منصبًا مهمًا ومستقرًا، وكنت ناجحة في عملي، ووصلت إلى منصب وظيفي لم يصل إليه في مجموعة (إم بي سي) أحد قبلي في مثل سنّي، لقد عشت وقتها صراعا نفسيا شديدًا، عشت الحيرة بين المغامرة والقفز إلى المجهول وبين الاحتفاظ بوضعي الراهن وعدم التعلّق بأحلام ربّما تفشل، وبعد تفكير ودراسة اتخذت قراري بالاستقالة من منصبي واتصلت أولا بالشيخ وليد الإبراهيم وتحدّثت إلى الشيخ علي الحديثي عن رغبتي في ترك الإم بي سي، ولم يصدّق وقتها الشيخ الحديثي عندما أخبرته إنني أريد أن أستقيل، فسألني منزعجًا: كيف ولماذا؟.. فقلت له إنّ لدي مشروعا أريد أن أنفذه، وهناك تضارب بينه وبين عملي، فطلب مني أن أحصل على إجازة حتى أنتهي من مشروعي الخاص ثمّ أعود إلى وظيفتي، فاعتذرت له وقلت (صاحب بالين كذّاب) وأنا أريد أن أنطلق ولا أرغب بعد اليوم في العمل بالمؤسسات، وإنّما أريد أن أنفّذ عملي الخاص، وقد تفهّموا جميعا في مجموعة الإم بي سي هذا الحلم ولم يقفوا في طريقي لحظة واحدة وكانوا كما عرفتهم دائما أسرة واحدة كبيرة.
*مجلّة المرأة اليوم

التعليقات