الإعدام لأخوي صدام والسجن 15 عامًا لطارق عزيز

الإعدام لأخوي صدام والسجن 15 عامًا لطارق عزيز
غزة-دنيا الوطن
قضت المحكمة الجنائية العراقية العليا اليوم بإعدام وطبان ابراهيم الحسن وسبعاوي ابراهيم الحسن الاخوين غير الشقيقين للرئيس السابق صدام حسين والسجن مدى الحياة على سكرتيره عبد حمود والسجن 15 عامًا على طارق عزيز وزير الخارجية نائب رئيس الوزراء السابق في قضية اعدام 42 تاجرًا عام 1992. واصدرت المحكمة في جلسة خاصة في بغداد ترأسها القاضي رؤوف رشيد عبد الرحمن أحكامًا بالسجن لمدة 15 عامًا لكل من طارق عزيز وعلي حسن المجيد ومزبان خضر هادي وعلى احمد حسين حقي السجن لست سنوات، فيما قررت تبرئة عصام رشيد حويش والافراج عنه.

وكانت المحكمة قد بدأت بمحاكمة المتهمين الثمانية في 29 نيسان / أبريل عام 2008 وهم : طارق عزيز نائب رئيس الوزراء العراقي في عهد النظام السابق والأخوين غير الشقيقين لصدام حسين وطبان إبراهيم الحسن الذي كان يشغل منصب وزير الداخلية وقت الحادث وسبعاوي إبراهيم الحسن مدير الأمن العام بين عامي 1991 و1995 وعلي حسن المجيد ابن عم صدام ومزبان خضرهادي عضوا مجلس قيادة الثورة وقيادة الحزب المنحلان وعبد حميد محمود سكرتير صدام وأحمد حسين خضير وزير المالية بين عامي 1992 و1995 وعصام رشيد حويش محافظ البنك المركزي بين عامي 1994 و2003. وهذا اول حكم بالسجن على علي حسن المجيد بعد ثلاثة احكام بالاعدام سابقة في قضايا الدجيل والانفال وانتفاضة مدينة الصدر.

وقد ضمت هيئة الدفاع عن طارق عزيز المحامي الفرنسي الشهير جاك فيرغس ومحاميا فرنسيًا آخر من أصل لبناني وأربعة محامين إيطاليين. وتعود قضية اعدام التجار العراقيين الى صيف عام 1992 عندما كان العراق يرزح تحت حصار دولي مشدد بسبب دخول القوات العراقية الى الكويت حيث شهدت الاسعار في ذلك الوقت ارتفاعًا حادًا مما دفع بالنظام السابق الى اعتقال هؤلاء التجار واعدامهم بتهمة مساهمتهم في زيادة الاسعار وتخريب الاقتصاد الوطني وهي تدخل ضمن الجرائم ضد الانسانية. وترأس المحكمة في هذه القضية القاضي عبد الرحمن الذي حكم بالإعدام على صدام حسين عام 2006 بتهم اعدام 148 مواطنًا من سكان بلدة الدجيل شمال بغداد الذين اتهمهم بمحاولة اغتياله. وقد اعدم صدام في 30 كانون الاول (ديسمبر) من العام نفسه كما اعدم نائبه طه ياسين رمضان وبرزان ابراهيم الحسن الاخ غير الشقيق لصدام وعواد احمد البندر رئيس محكمة الثورة بعد فترة قصيرة لثبوت تورطهم في القضية ذاتها.

حيثيات قضية اعدام التجار

وقد حمل قرار الاعدام الذي وقعه رئيس النظام السابق صدام حسين في الرابع والعشرين من تموز (يوليو) عام 1992 فيما اطلق عليها مذبحة التجار تهم رفع الاسعار وعدم التبرع للمجهود الحربي والمضاربة في السلع في وقت كان العراق فيه تحت حصار اقتصادي لكن مصادر عراقية اشارت الى ان هذه التهم كانت غطاء لاتهامات وجهت للتجار بحشد المواطنين ضد السلطة من خلال اقامة مآدب طعام يومية لفقراء الناس والتبرع للمساجد مما اعتبر توجها معاديا لها.. بالاضافة الى عدم دفع عمولات لعدي صدام حسين الذي كان يهيمن على الحياة التجارية في العراق عن تعاملاتهم التجارية حيث كان يتقاضي نسبة من ارباح الشركات والتجار.

وقامت سلطات النظام السابق قبل صدور قرار الاعدام باقتياد التجار من بيوتهم ومحالهم الى جهة مجهولة بعد ان ابلاغهم ان اجتماعاً ينتظرهم مع شخصيات مسؤولة في الحكومة وبعد يومين اعادت جثثهم الى عائلاتهم بعد تنفيذ حكم الاعدام بهم من دون ذكر أي اسباب لذلك، لكنه تم تحذير العائلات من اقامة مجالس للفاتحة على ارواحهم لأنهم "متهمون بالخيانة العظمى كونهم من التجار الجشعين" على حد قول السلطات. وقد تم اعدام عدد منهم وتعليقهم على اعمدة الكهرباء في بعض مناطق بغداد. وكان من بين المعدومين تاجرين كبيرين هما الحاج رعد طبرة والحاج لطيف السامرائي اللذين عرفا بتوزيعهما للمعونات شهرية على عدد كبير من العوائل الفقيرة اضافة الى مساهمتهما في تأمين مصاريف حج بيت الله الحرام لعدد كبير من الناس.

نوع الجريمة التي حوكم بها المتهمون

وتقع الجريمة التي حوكم وفقها المتهمون تحت مسمى جريمة ضد الانسانية وان زمان وقوع الجريمة كان ضمن سياسة منهجية لاعتقال التجار استمرت بين عامي 1992 و 1995 متضمنة أصدار أحكام بالاعدام وقطع الايادي والوشم بين الحاجبين ومصادرة الاموال المنقولة وغير المنقولة." والادلة المتحصلة لإدانة المتهمين هي أقوال المشتكين والمدعين بالحق الشخصي والشهود ووثائق وكتب رسمية واضابير خاصة باعدام التجار وقرارات أحكام قطع الايادي والوشم بين الحاجبين وكذلك شهادات الوفاة وهويات الاحوال المدنية وشهادات الجنسية العراقية فضلاً عن الاقراص الصوتية والمرئية المدمجة وتدوين اقوال المتهمين مع افادات الشهود الناجين والمشتكين التي زادت على 300 شكوى وافادة.

وقد تبين من مجريات المحاكمة ان صدام حسين أصدر توجيهاته في الخامس والعشرين من تموز عام 1992 الى وزير الداخلية ومدير الامن العام لتنفيذ حملة كبيرة لاعتقال تجار المواد الغذائية في سوقي الشورجة وجميلة في بغداد وهو ما اسفر عن اعتقال اكثر من مئتي شخص تم اختيار 42 منهم ارسلوا عصر اليوم نفسه الى المحكمة الخاصة في وزارة الداخلية انذاك واستمرت المحكمة حتى بعد منتصف الليل وانتهت باصدار احكام الاعدام على جميع المتهمين وتنفيذ الحكم في اليوم التالي مباشرة دون منحهم فرصة مقابلة ذويهم او توديعهم وبدون حضور ممثل عن الادعاء العام او رجل دين.

طارق عزيز.. سيرة ذاتية

ويعتبر طارق عزيز من اشهر الشخصيات العراقية دوليًا التي حكم عليها اليوم وهو المتهم رقم 12 في قائمة المطلوبين الاثنين والاربعين من كبار المسؤولين العراقيين السابقين لدى القوات الأميركية والمحتجز منذ 24 من نيسان (ابريل) عام 2003 بعد ان سلم نفسه للقوات الأميركية وقد بدأت علاقته بالرئيس السابق صدام حسين في الخمسينات من القرن الماضي حيث كان يشغل لحين اعتقاله منصب نائب رئيس الوزراء.

ويعد طارق عزيز واحدًا من أشهر مسؤولي النظام السابق خصوصًا على المستوى الدولي وشغل مناصب سياسية وإعلامية مختلفة. وقد ولد عزيز عام 1936 في بلدة تلكيف في العراق وهي بلدة صغيرة تقع قرب مدينة الموصل في شمال العراق وهو مسيحي الديانة من الطائفة الكلدو-آشورية وكان المسيحي الوحيد في حكومة النظام السابق.

درس الأدب الإنجليزي في جامعة بغداد وعمل في الصحافة منذ عام 1958 حيث كان محررا في جريدة الجمهورية العراقية ثم انتقل للعمل مديراً لجريدة الجماهير في عام 1963 لدى استلام حزب البعث للسلطة في العراق للمرة الاولى. وانتقل للعمل بالصحافة في سوريا بعد انقلاب 18 تشرين الثاني) نوفمبر) عام 1963 الذي قاده الرئيس العراقي الراحل عبد السلام عارف ضد البعثيين. وبعد انقلاب 17 تموز (يوليو) عام 1968 تولى رئاسة تحرير صحيفة (الثورة) الناطقة باسم حزب البعث في العراق.

ثم تولى مهمة نائب رئيس مكتب الثقافة والإعلام القومي وفي أوائل عام 1974 انتخب عضواً مرشحاً للقيادة القطرية لحزب البعث العربي الاشتراكي وفي تشرين الثاني (نوفمبر) عام 1974 أصبح وزيراً للإعلام. وفي عام 1977 نفسه أصبح عضواً في مجلس قيادة الثورة كما انتخب عضواً في القيادة القومية لحزب البعث فاستقال من الوزارة وتفرغ للعمل الحزبي.
ثم تولى منصب نائب رئيس الوزراء بين عامي 1979 و1983 ثم وزيرا للخارجية حتى عام 1991 ثم أعيد تعيينه نائبا لرئيس الوزراء في اذار (مارس) عام 1991 حتى عام 2003. وكان طارق عزيز قريب جداً من الرئيس العراقي السابق صدام حسين ولعب في اغلب الأوقات دور ممثل رئيس الحكومة الفعلية في الاجتماعات والقمم الدبلوماسية العالمية والعربية وقد يكون إتقانه اللغة الإنجليزية ساعد عل قيامه بهذا الدور.

وفي نيسان (ابريل) عام 1980 نجا طارق عزيز من محاولة اغتيال لدى زيارته الى الجامعة المستنصرية في بغداد قالت السلطات انذاك انها من تدبير عملاء لايران واتهمت عناصر قالت انهم من حزب الدعوة بتنفيذها. وفي التاسع من كانون الثاني (يناير) عام 1991 التقى طارق عزيز في جنيف مع وزير الخارجية الأميركي جيمس بيكر في لقاء شهير لإيجاد حلول لموضوع انسحاب العراق من الكويت وإنهاء احتلاله لها. وفي 14 شباط (فبراير) عام 2003 قام طارق عزيز بمقابلة البابا يوحنا بولص الثاني ومسؤولين آخرين في الفاتيكان حيث نقل رغبة الحكومة العراقية في التعاون مع المجتمع الدولي وخاصة حول نزع الأسلحة.

وقد استسلم عزيز للقوات الاميركية في نيسان (ابريل) عام 2003 وهو محتجز في سجن كامب كروبر بمطار بغداد الدولي في ضواحي بغداد الغربية. وتطالب عائلته باستمرار باطلاق سراحه بسبب وضعه الصحي. وقد تم تسليمه من الناحية القانونية إلى السلطات العراقية في الثلاثين من حزيران (يونيو) عام 2004 وتتولى قوات التحالف في العراق فقط "توفير الامن والحماية للموقوفين ومن بينهم عزيز الذي أفهم بالجرائم المنسوبة إليه أصوليا وتليت عليه حقوقه وفقا لأحكام القانون وبذلك إنتقلت عملية توقيفه بشكل قانوني من مسؤولية قوات التحالف إلى القضاء العراقي.

وكانت المحكمة الجنائية العراقية العليا قد برأت عزيز والحكم بإعدام ثلاثة اخرين من رموز النظام السابق وعلى ثلاثة اخرين بالمؤبد وذلك عن مسؤوليتهم عن احداث صلاة الجمعة بمدينة الصدر في بغداد والتي اعقبت الاضطرابات التي شهدتها اثر اغتيال آية الله السيد محمد محمد صادق الصدر ونجليه (والد الزعيم الشيعي مقتدى الصدر وشقيقيه) عام 1999.

فقد اصدرت المحكمة حكمًا بتبرئة عزيز والحكم باعدام ثلاثة من المتهمين هم علي حسن المجيد ابن عم الرئيس السابق صدام حسين وهو الحكم الثالث من نوعه في قضايا سابقة ايضا وعلى محمد فيزي من قادة حزب البعث وعزيز صالح النومان القيادي والوزير السابق. ثم حكمت بالسجن مدى الحياة على كل من لطيف نصيف جاسم وزير الاعلام السابق ومحمد زمام عبد الرزاق وزير الداخلية السابق وعبد حمد سكرتير الرئيس السابق صدام حسينوجاسم محمد وبرأت كلا من طارق عزيز وسيف الدين محمود وعكلة عبد صابر وابراهيم صالح كرم. ومن الاحكام الاخرى السجن 15 عامًا لصبار ماهود ومحمد شاكرو6 سنوات لقيس جاسم. ويحاكم عزيز حاليًا مع 15 متهمًا آخرين في قضية قتل وتهجير الاكراد الفيليين الشيعة خلال ثمانينات القرن الماضي حيث اكد في اول جلسة انعقدت الشهر الماضي انه لاعلاقة له بهذه االقضية وانه بريء من الاتهامات التي وجهت له حولها..

التعليقات