المخابرات الامريكية في العراق وافغانستان: جمع المعلومات يعتمد على مخبرين محليين لا يهمهم الا جمع الاموال

المخابرات الامريكية في العراق وافغانستان: جمع المعلومات يعتمد على مخبرين محليين لا يهمهم الا جمع الاموال
غزة-دنيا الوطن
اثار تحليل لاستراتيجية امريكا في مكافحة المقاومة في كل من العراق وافغانستان نقدا شديدا وطرح اسئلة حول العمليات القتالية في كل من البلدين والمعلومات الاستخباراتية التي تجمع قبل تنفيذها.
وتقدم وثيقة ذات سرية عالية سربت صورة قاتمة عن عمليات مكافحة المقاومة التي تقول انها اضعفت بسبب العجز الاستخباراتي.
ويقوم التحليل على مقابلات مع عدد من العسكريين والدبلوماسيين والمحللين الكنديين والبريطانيين والامريكيين ويحمل علامة 'للاستخدام الرسمي فقط'. ويبلغ حجم الوثيقة حجم كتاب وهي نقد لاذع للامريكيين الذين تقول انهم غير مستعدين للتعاون الامني مع حلفائهم وقادتهم العسكريين.
وتظهر الوثيقة قادة ميدانيين يحصلون على معلومات هائلة قائمة على المعلومات المخزنة في قواعد حفظ المعلومات وفي احيان اخرى يرفضون المعلومات الامنية التي تقدمها لهم وكالتهم الاستخباراتية الاساسية 'سي اي ايه'. وترى الدراسة ان سياسة مكافحة المقاومة تعاني من الضعف لانها تعتمد على المعلومات التي يقدمها المخبرون المحليون في كل من افغانستان والعراق. والهم الاساسي وراء المعلومات التي يقدمها المخبرون هي الحصول على المال من القادة الامريكيين.
وتنتقد الدراسة او التحليل اعتماد القادة العسكريين على مؤشرات جامدة حول التقدم الاقتصادي والعسكري والسياسي كعلامات على تحسن الاوضاع في البلدين مع انها قد تكون بلا معنى. وتنتقد الدراسة التي سربت الى موقع 'ويكيليكس' واعدتها وحدة البحث الدفاعي في مؤسسة راند الامريكية القادة الامريكيين على اعتمادهم على اكذوبة تناقص عدد 'الجثث' كعلامة على نجاعة استراتيجيتهم.
وتشير الدراسة الى ان طياري مقاتلات (اف ـ 16) هولنديين في افغانستان طلب منهم الامريكيون ضرب مواقع لطالبان ليكتشفوا منعهم فيما بعد من المشاركة في 'تقييم الاضرار الناجمة عن المعركة' لان الهولنديين لم يحصلوا على اذونات امنية تسمح لهم بتقييم طبيعة الاهداف التي ضربوها.
ويصف احد الذين تمت مقابلتهم كيف ان كل دولة لها قوات في جنوب افغانستان خاصة كامب هولاند في تارين كووت كان لها مكتب تحقيقات استخباراتية قائلا انه كانت هناك 13 دائرة للاستراليين والامريكيين والبريطانيين وغيرهم بدون ان يكون هناك ادنى تنسيق بينهم.
ويقول المشارك في التقرير انه لو تم جمع الدوائر كلها في دائرة واحدة لتم التوفر على كل المعلومات ولتمت معرفة كل شيء عن تحركات طالبان خاصة ان احدى الدوائر كانت تعرف عن وجود مصنع للقنابل المحلية. وتثير الدراسة اسئلة حول الاستراتيجية الامريكية الجديدة في ضوء ما اعلن عنه الرئيس الامريكي الجديد زيادة عدد القوات هناك من اجل التصدي لتصاعد عمليات طالبان وانتقادات ادارته للحكومة التي يتزعمها حامد كرزاي في كابول باعتبارها فاسدة وضعيفة. وطلب اوباما مراجعة الاستراتيجية التي تدعو الى اعادة النظر في طريقة جمع المعلومات الامنية. وتثير الدراسة اسئلة حول العمليات اليومية التي تتم من عمليات البحث عن السلاح وعمليات قتل او اعتقال المطلوبين وتقترح ان هذه الاساليب تعمل على عزل السكان ولا تحقق اي العمليات الا اهدافا قليلة.
ونقلت الدراسة عن سير جنرال جون كيزلي، الممثل العسكري البريطاني ان بعض العمليات العسكرية في العراق تم الحكم عليها وعلى نجاحها على ارضية ان كانت التكتيكات العسكرية التي استخدمت ناجحة. من خلال عدد القتلى او الاسرى من الجانب الاخر، اضافة لعدد الاسلحة والمتفجرات التي تم العثور عليها وكذلك المنطقة التي تمت السيطرة عليها وعبر هذه المعايير يتم اعتبار العملية ناجحة او فاشلة. ويقول الجنرال البريطاني ان هذه المعايير لا تأخذ بالاعتبار اثر العملية على المواطنين وحقيقة انه خلال شهور سيعود 'المتمردون' للمنطقة التي تمت السيطرة عليها.
وبحسب مصدر امتنع عن ذكر اسمه قال ان القادة العسكريين سمحوا لانفسهم بتصديق اكذوبة عدد القتلى من الجانب الاخر واحصاء عدد الجثث من طالبان ومقارنتها بالشهر الذي سبق. وبخلاف ذلك فان حقيقة زيادة عدد الجثث يعني زيادة في اعداد المقاتلين في الميدان اكثر من الشهور التي مضت. وعلى الرغم من التأكيد الكبير في اساليب مقاومة التمرد التي تعطى للمدنيين قام محررا الوثيقة وهما راسل غلين وجيمي غايتون بتذكير قرائهم بأهمية المدنيين وحمايتهم سواء من قوات العدو او من قواتنا. وترى الدراسة ان الذين قوبلوا اثناء اعدادها اكدوا على ان قوات التحالف نفسها تجاهلت معاملة المدنيين بطريقة مناسبة. وتشير صحيفة 'الغارديان' التي نقلت عن الدراسة الى ان غالبية المشاركين اكدوا على غياب الاستراتيجية الواضحة. وتنقل عن البريغادير ثيو فيلغيلز قوله انه عندما بدأ مع قواته في جنوب افغانستان لم تكن لديهم خطة للحملة فطلبوا واحدة من القيادة العليا التي زودتهم بواحدة ولكنها لم تكن عن العملية التي كان من المفترض عليهم ان يقوموا بها.
ويتزامن الكشف عن غياب الاستراتيجية الواضحة في مكافحة المقاومة الافغانية والعراقية في الوقت الذي تواصل فيه واشنطن البحث عن طرق جديدة لتزويد قواتها والتعامل مع الحكومة الافغانية وسبل اشراك دول الجوار في الاستراتيجية الجديدة، ففي الوقت الذي تعاني باكستان مما اصبحت تعاني منه افغانستان تبدو الادارة الامريكية الجديدة اكثر انفتاحا نحو ايران، فقد اعلنت وزيرة الخارجية الامريكية هيلاري كلينتون عن ضم ايران في مؤتمر كبير يناقش الوضع في افغانستان مما يفتح الباب امام اول مواجهة بين ايران وامريكا منذ الثورة الاسلامية الايرانية عام 1979.
وجاءت دعوة ايران تحت ما اسمته كلينتون مظلة تجتمع تحتها كل الاطراف ذات المصلحة في افغانستان. وسيعقد الاجتماع في هولندا نهاية الشهر الحالي وتترأسه الامم المتحدة. وترى تعليقات ان خطوة كلينتون تؤشر الى اعتقاد الادارة الجديدة ان افغانستان قد تكون مفتاحا للحوار الامريكي الايراني. وكانت كلينتون قد اشارت الى الدور الذي يمكن ان تلعبه ايران في الاستقرار خاصة ان مسؤوليها تمت استشارتهم بشكل مستمر في الايام الاولى للحرب التي اطاحت بطالبان. وتعمل واشنطن من جهة اخرى على تأمين خط الامدادات الذي يمر الان من وسط اسيا وباكستان وايجاد خط جديد لمواجهة زيادة القدرات بنسبة خمسين بالمئة مع تدفق الاف جديدة من القوات الامريكية. ومن الطرق الجديدة التي يتم فحصها الان خط من روسيا عبر قازاخستان الى افغانستان. وجاء البحث عن خطوط جديدة للامدادات نظرا لتعرضها للهجمات خاصة ان هناك امكانية لاغلاق اخر قاعدة عسكرية في قيرغيستان.
وتخطط القوات زيادة الامدادات غير العسكرية من وقود وطعام ومياه مع بداية وصول القوات الامريكية الى 100 حاوية في اليوم. وفي الوقت الحالي تمر معظم الامدادات عبر باكستان ومن خلال ممر خيبر وتتعرض في معظم الاحيان لهجمات.

مدرب كلاب ابو غريب

وفي تقرير منفصل اشارت صحيفة 'واشنطن بوست' الى ان مدرب كلاب استخدمت لانتهاك وترويع سجناء ابو غريب قتل في افغانستان مع كلبه زومي يوم السبت عندما انفجرت عبوة ناسفة زرعتها طالبان بسيارته. وقالت انه بعد اتهامه بالمشاركة في الانتهاكات حاول العودة للعمل مع الجيش الامريكي والعودة للعراق عام 2006 الا ان الجيش امره بالعودة لبيته بعد ان كشف عن خطة اعادته. ولكن سانتوس غاردونا عاد العام الماضي وسافر لافغانستان كمتعاقد مع الحكومة حيث عمل مع كلب الماني للبحث عن اسلحة ومتفجرات بدائية. وتقول الصحيفة ان مقتل غاردونا هو نهاية عنيفة لجندي حاول محو العار الذي حملته صور ابو غريب وانتشرت في كل انحاء العالم. وفي الوقت الذي تقول فيه عائلته والمقربون منه انه حاول التعامل مع مشكلته من خلال العودة للحرب الا انه كان حانقا على حكومته ورئيسها من انهم استخدموه ككبش فداء وكان هذا سبب تمزقه الداخلي.
ومن الصور المثيرة لغاردونا كانت مع كلبه دوكو وهو يلعق اجساد السجناء العراقيين العارية في ابوغريب.وفي اثناء محاكمته قال ان ما قام به هو تنفيذ لاوامر عليا وهو ما تشفع به الوثائق وتدعمه الشهادات، وبعد محاكمته قررت هيئة المحلفين تبرئة ساحته وسمح له البقاء في الجيش. ولكن ارث ابو غريب لاحقه ومنعه من التحرك في الجيش حتى اعفائه من مهماته عام 2007.
وتقول عائلته ان ظل حانقا على كل الذين امروه بعمل ما عمله ولم يقدموا للمحاكمة وظل يعتقد انه لم يفعل ذنبا. ونقلت عن زوجته قولها انه ظل غاضبا لانه سيرتبط بذاكرة ابو غريب فيما لم يدفع من اصدر اليه الاوامر الثمن.

التعليقات