زواج المسيار في 5 بلدان عربية
غزة-دنيا الوطن
فتح مسلسل «قصة الأمس» قصة وسيناريو وحوار محمد جلال عبد القوي وبطولة إلهام شاهين ومصطفى فهمي وميرنا وليد وإخراج انعام محمد علي الذي عرض في رمضان الماضي الباب على مصراعيه لمناقشة زواج المسيار السري الذي تطرق إليه المسلسل مما أثار حالة من الجدل بين مؤيدين لهذا الزواج الآخذ في التنامي عربياً بحجة أنه حل لمشكلة العنوسة وبين رافضين له على اعتبار أنه ينتقص من حقوق المرأة وكرامتها، وبينما يحذر علماء النفس والاجتماع من الآثار السلبية لهذا الزواج الذي يتعدى الأسرة إلى المجتمع، ينقسم علماء الدين بين وصفه بالحلال خاصة أنه مستوف لكافة أركان وشروط الزواج فيما عدا حق المرأة في المبيت التي تتنازل عنها برضاها، وبين تحريمه سداً للذرائع وغلقاً للباب في وجه أصحاب الأهواء ممن يحاولون الوصول من خلاله إلى غايات بعيدة عن فكرة بناء أسرة مستقرة هنا مزيد من الآراء يشملها ملف «سيدتي» حول زواج المسيار المدعم بعدد من الحالات لزوجات وأزواج تجرعوا مرارته..
في السعودية
البحث عن الستر وراء زواج المسيار الذي ليس فيه هضم لحقوق امرأة ارتضت التنازل عن حقها بالمبيت.
اكتشفت زواجه السري
تتجرع «أم فادي» المرارة والألم جراء زواج زوجها سراً عليها فتقول: اكتشفت زواجه من أخرى حينما اتصلت عليَّ امرأة لا أعرفها وأخبرتني بزواج زوجي عليَّ لكنه أنكر حينما واجهته بالأمر.
وتستدرك قائلة: إلا أنني لم أصدقه وقررت مراقبته بمساعدة أخي الذي اكتشف تردده على بيت امرأة ما فما كان منا سوى الذهاب لها لتصعقني بقولها: إنهما متزوجان بشكل شرعي منذ سنتين لكنه لم يثبت الزواج رسمياً وبقي سراً حتى لا يخسر بيته وأسرته فصعبت عليَّ نفسي وحزنت كثيراً على صبري معه ومساعدتي له بالمال إلى أن وقف على قدميه وأصبحت له تجارة كبرى داخل وخارج المملكة لكنه تنكر لكل هذه العشرة التي دامت لـ23 عاماً كما قصر في الإنفاق عليَّ أنا وأولاده رافضاً تطليق زوجته الثانية بحجة أنها حامل فما كان مني سوى طلب الطلاق والاحتفاظ بأبنائي وبناتي.
وعن تجاربها مع زواج المسيار تقول «مريم 29 عاماً»: تزوجت أربع مرات منها ثلاث مسيار تزوجت في سن الـ17 عاماً زوجي الأول بشكل رسمي لأنجب منه طفلاً إلا أنه سرعان ما حدث خلاف بيننا، فخلعته وبعد العدة مباشرة تقدم لي رجل يكبرني بعشرين عاماً متزوج وشرطه الوحيد أن يبقى زواجنا سراً حرصاً على بيته وأسرته فوافقت واستمر زواجنا السري لمدة 5 سنوات قرر بعدها إبلاغ زوجته الأولى التي رضيت بينما غضب أولادها الذين حاولوا بشتى الطرق تدمير زوجي إلى أن نجحوا في ذلك لأتجرع وأطفالي منه مرارة الطلاق لأجد نفسي في الشارع، فما كان مني سوى الزواج مسياراً بأستاذ جامعي لحاجتي لمن ينفق عليَّ فتزوجني وأسكنني في سكن خاص بمنسوبي الجامعة وبات يسرق الوقت ليقضيه معي وكأنني عشيقة لا زوجة شرعية، فلم يطل زواجنا وطلقني.
وتتابع: لأجد نفسي في الشارع مجدداً فرفعت مشكلتي الى وزارة الشؤون الاجتماعية التي حولتني الى دار الحماية الاجتماعية بجدة، وخلال فترة وجودي في الدار طرحت عليَّ فكرة الزواج من أحد الأشخاص الذين تقدموا للزواج من بنات الدار، وافقت على الفور، خاصة وأنه شاب وسيم لم يسبق له الزواج كما أنه ميسور الحال وكان شرطه الوحيد أن يكون الزواج سرياً فتزوجته إلا أنه فاجأني بإسكاني في شقة بعمارة جميع سكانها شباب غير متزوجين، ومنذ الليلة الأولى جلب المسكرات والمخدرات الى المنزل، وفي الثانية جاء أصدقاؤه الى بيتنا وسهروا بصحبة المخدرات والأفلام الخليعة مما دفعني للاتصال بالمسؤولة في الدار، شارحة لها ما يحدث معي فكانت نصيحتها لي بطلب الطلاق حماية لنفسي وعرضي فكان طلاقي وعودتي للدار مجدداً في انتظار من يتزوج بي ليستر عليَّ سواء أكان تحت مسمى المسيار أو غيره من الأسماء المهم أن يكون زواجاً.
في انتظار الإشهار
تسرد شادية المتزوجة سراً تجربتها فتقول: بعد طلاقي من زوجي الأول انتظرت عشر سنوات حتى كبر أبنائي الثلاثة ووصلوا الى نهاية مرحلة التعليم الجامعي حينه، قبلت بالزواج السري خاصة أن من تقدم لي انسان متدين وميسور الحال ومناسب لعمري وأقمنا في مكان غير معروف كي لا يكتشف أمرنا أحد ما فكنا نسرق الوقت كالعشاق وكنت أقابله وأنا بكامل أناقتي، خاصة أنه كان يطلب مني عدم دخول المطبخ وألا أنجب الأطفال حتى لا أكون كزوجته الأولى التي نسيته منتصرة لأطفالها ومطبخها مما جعله يبحث عن زوجة ثانية إلا أنها بدأت تشك فيه مما أقلقه وجعله يقلل من مرات حضوره لبيتنا، خاصة مع اعتقاده بمعرفتها بأمر زواجنا وأني وراء هذا الأمر.
وتضيف: هذا ما جعلني أعتقد برغبته في انهاء زواجنا والانفصال عني خوفاً على زوجته وبيته، مما دفعني لسؤاله عن مستقبل زواجنا ليفاجئني بقوله إنه لا يزال يحبني معلناً نيته إشهار زواجنا بعد أن تهدأ الأمور مع زوجته الأولى حتى لا يخسر بيته وأسرته.
أتعاطف مع ميرنا وليد
تتعاطف (عبير) مع ميرفت التي لعبت دورها الفنانة ميرنا وليد في مسلسل «قصة الأمس» خاصة حينما تركها أحمد الشيخ الذي جسد شخصيته الفنان مصطفى فهمي بعد رفضه إعلان زواجهما قائلة: الرجال دائماً ما يخدعون المرأة ويستغلون ظروفها، فبطل العمل تزوج لمجرد احتياجه إلى امرأة لفترة تواجده بالغربة، وهو ما حدث معي حينما قبلت زواج المسيار بعدما تقدم بي العمر ووصلت لسن الأربعين وطاردتني كلمة عانس، مما جعلني أوافق على الزواج من رجل متزوج ولديه أبناء فتزوجنا سراً وكان يزورني مرة كل أسبوع وبعدها أصبح كل ثلاثة أسابيع، وعندما عاتبته قال لي أنت ارتضيت ذلك وكان يعايرني ويسيء معاملتي مشيراً إلى أني لولاه لما ذقت طعم الزواج أبداً إلى أن فاض بي الكيل وطلبت الطلاق فساومني على مالي إلا أنني هددته بإبلاغ زوجته وأبنائه بزواجنا فكان طلاقي بلا أي مقابل مادي أو لأي حقوق لي.
المسيار سبب طلاقها
أما (مها صالح 25 عاماً) فأيدت تصرف زهرة التي لعبت دورها الفنانة (إلهام شاهين) في مسلسل «قصة الأمس» حين طلبت الطلاق من زوجها بسبب زواجه من أخرى مضيفة: أي امرأة تعلم أن زوجها تزوج عليها تشعر بالاهانة والخديعة، خاصة إذا ما كانت أسباب زواجه غير مقنعة ومجرد نزوة، ومثل ما حدث معي حينما فتشت جيوب زوجي لأصعق، حيث وجدت اسم ورقم امرأة وسند تحويل مبلغ كبير إلى إحدى الدول العربية التي سافر إليها أخيراً، وعندما واجهته بالأمر استنكر تفتيشي لملابسه، وبعد إصرار وإلحاح اعترف بزواجه المسيار من تلك المرأة مما جرحني، خاصة أن زواجنا لم يمض عليه سوى عام فكان إصراري على الطلاق.
الأطفال الضحية
ولا يتفق الفنان طاهر بخش مع ردة فعل زهرة في قصة الأمس بالقول: طلبها للطلاق بعد معرفتها بزواج زوجها عليها أمر مبالغ فيه، خاصة أنٍ المرأة مطالبة بألا تهدم بيتها بيدها، خوفاً على أطفالها كما أن نظرة المجتمع الخليجي والعربي لا تزال متحفظة بالنسبة للمطلقة كما لا بد أن تفهم موقف زوجها خاصة أنها قد تكون أحد الأسباب التي دعته إلى الزواج أو أن زواجه من ثانية لحظة ضعف سرعان ما ستنتهي لتحتفظ بزوجها وأسرتها بقليل من التريث.
أما سيدة الأعمال ومصممة أثواب الرجال منى حداد فتقول: أنا مع (إلهام شاهين) في ردة فعلها حينما طلبت الطلاق بعد علمها بزواج زوجها لإحساسها بالخداع والمهانة إذ أن أصعب شيء على المرأة أن تُخدع من زوجها ويفاجئها بزواجه من أخرى.
وتستدرك قائلة: لكن إذا طلق الرجل زوجته الثانية وأرادت الأولى التكيف مع هذا الوضع عبر إلغاء مشاعرها واستخدام عقلها من أجل أبنائها فلا بأس بذلك كي تستمر الحياة الأسرية وإن كان من الصعب عليها في ما بعد أن تثق به.
ويرى المخرج المسرحي عمر الجاسر أن إلهام شاهين في «قصة الأمس» تسرعت باتخاذ قرار الانفصال وكان عليها أن تتريث، وتستطلع حقيقة ارتباط زوجها بأخرى فهناك أسباب كثيرة جعلته يتزوج بها، منها الغربة واحتياجه إلى امرأة قريبة منه تشاركه همومه مما يستدعي من زوجته الأولى أن تفهم ذلك واستيعابه من جديد كي تستقيم وتستمر الحياة الزوجية التي غالباً ما يدفع الأبناء ثمن انهيارها.
أرفض هذا الزواج
أنا لا ألوم زهرة في «قصة الأمس» لصدمتها في زوجها الذي تزوج عليها بهذه العبارة بدأت الاستشارية النفسية دعد محمود مارديني مضيفة: زواج المسيار قد يكون حلاً لمشكلات بعض النساء لكن الظلم في هذا الزواج يتعلق بعدم إخبار زوجته الأولى به والتي ما أن تعلم بأمره حتى تشعر بجرح غائر يطال نفسيتها وينعكس عليها وعلى أطفالها سلباً مما يحول البيت إلى ساحة للخلافات والمعارك الأسرية التي لا تنتهي.
ترفض د. سهيلة زين العابدين ـ عضوة الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان والتي تستعد لإصدار كتاب عن زواج المسيار ـ هذا الزواج مرجعة السبب في ذلك إلى عدم نيل الزوجة حقوقها كاملة، كما أن زوجها غالبا ما يأتيها خلسة وإذا أتت بأبناء فهم لا يعرفون أشقاءهم فأين العدل؟ مستغربة من النساء اللاتي يرضين بهذا الزواج الذي يُعفى فيه الزوج من الإنفاق على بيته أو مساواتها بزوجاته الأخريات منوهة بأن الإسلام أحلّ للرجل أن يتزوج بأربع فلماذا لا يتزوج ويخبر زوجته بدل الزواج المخفي؟
الرأي القانوني
يقول المحامي أمجد التويجري: إن زواج المسيار زواج شرعي يعقد من قِبل مأذون شرعي وبوجود ولي أمر الزوجة وبموافقتها مع وجود شاهدي عدل ولها مهر لكنها تتنازل عن حقها في المبيت والنفقة.
ويضيف: لا يوجد نص قانوني أقرّ زواج المسيار وإنما المجمع الفقهي للبحوث الإسلامية هو الذي أقرّه بدورته المنعقدة بمكة المكرمة منوهاً بأن الزوجة الأولى ليس من حقها طلب الطلاق في حال اكتشفت زواجه من ثانية لكنها من الممكن أن تطلب الخلع.
زواج فاشل
أما الداعية محمد الماجد فيقول: أنا ضد أي زواج خارج نطاق الزواج الشرعي سواء كان المسفار أو المسيار وإذا ما التقت فيه مصلحة الطرفين فيكون الزواج ناجحاً أما ذلك الذي يستغل فيه الرجل حاجة المرأة فلا يصح ويكون زواجاً فاشلاً.
تضييق الحلال
أما الداعية أحمد الشقيري فيقول: زواج المسيار ظهر بسبب توسيع دائرة الحرام بالمجتمع وتضييق دائرة الحلال خاصة المسيار الذي يكون بالسر وبدوري لا أؤيد ولا أعارض هذا الزواج فلكل إنسان ظروفه الخاصة به التي تحكم حكمنا على هذا الزواج.
ويضيف: الزواج عقد لا يجب الإخلال بأي من بنوده وشروطه وكما حدث مع السيدة (سودة بنت زمعة ـ رضي الله عنهاـ) عندما خشيت أن يطلقها الرسول فتنازلت عن يومها (لعائشة ـ رضي الله عنهاـ) فهذا تنازل برضاها عن شرط من شروط الزواج الطبيعي وهو العدل بالمبيت وهو ليس فيه أي هضم لحقوق المرأة، فإذا ما كان هناك إثبات للزواج فللمرأة الحق بأن تتنازل عمّا تشاء برضاها.
في الإمارات
عن تجربتها مع زواج المسيار تقول ميرنا: تعرفت في غربتي الى شاب أحببته ووثقت به وعرض عليَّ زواج المسيار حتى لا يتحمل أي مسؤولية ولأن سنوات عمري تمر سريعاً في الغربة كانت موافقتي على الزواج. وتضيف: استمرت علاقتنا لمدة عام ذقت خلاله طعم الاستغلال بشتى أنواعه مما جعلني أطلب الطلاق الذي ساومني عليه مادياً لأخرج خاسرة على جميع المستويات مما يجعلني أنصح الجميع بعدم الإقدام على هذا الزواج المدمر.
وتلتقط خولة أطراف الحديث لتروي حكاية صديقتها التي اكتشفت زواج زوجها عليها من فتاة عربية سراً بالقول: بعدما وقفت صديقتي لجوار زوجها وبدأت مظاهر الغنى تلون حياته إذ به يتنكر لها ويذهب للزواج من إنسانة بعمر بناته دون أن يقدر مشاعر زوجته الأولى أو حقوق أطفاله، كما أنه سرعان ما تنكر لزوجته الثانية وبات مدمناً على زواج المسيار الذي يأخذه ستاراً للاستمتاع ببنات الناس ومن ثم رميهن دون أي حقوق. وترى نورهان أحمد أن مسلسل «قصة الأمس» لم يعبر بالشكل العميق عن مأساة الزوجة الثانية بقدر ما أبرز معاناة الأولى على الرغم من تعاطفها الشديد مع ميرفت التي جسدت دورها الفنانة ميرنا وليد ومع من هن على شاكلتها خاصة وأنها الخاسرة الوحيدة على جميع المستويات، مشيرة إلى حاجتنا لأعمال تلامس الواقع وتسلط الضوء على مشاكلنا بكل موضوعية وصدق فني زاد منه الأداء الرائع لأبطال العمل.
إهدار لكرامة المرأة
وتشير إيمان فارس ـ سيدة اعمال ـ إلى أن زواج المسيار فيه إهدار لكرامة وحقوق الزوجة التي تتنازل عن حقها في المبيت وخلافه مما يشجع زوجها على التنكر لحقوقها واحداً بعد الآخر، كما أنه لن يكون حلاً لمشكلة العنوسة كما يدعي البعض لأنه يعمل على تدمير الاستقرار الزوجي والأسري الذي شرع الإسلام لأجله الزواج الذي وصفه بالسكن والمودة وهو ما يتنافى مع هذا الزواج القائم على الاستغلال وإشباع الرغبات.
واذا ما كانت ايمان فارس ترفض وبشدة زواج المسيار الذي ترجعه للطفرة المادية والحياتية التي يعيشها المجتمع وعدم حاجة المرأة في كثير من الأحيان للرجل مادياً إلا أنها تؤيد تعدد الزوجات بشرط العدل بينهن طالما كان في النور وبعلم الزوجة الأولى مما يمثل حلاً للعديد من المشكلات الاجتماعية مطالبة الدراما والإعلام بلعب دور أكثر فعالية وشفافية في التعريف بمثل هذه الزيجات الغريبة عن ديننا وعاداتنا ومجتمعاتنا.
وترفض فاطمة المغني ـ مديرة مركز التنمية الاجتماعية بخورفكان ورئيسة اللجنة التنفيذية بمجلس سيدات الأعمال بالشارقة ـ بشدة زواج المسيار قائلة: يفتقد هذا الزواج لشرط الإشهار والاستمرارية مما يجعلني أرفضه وبشدة خاصة أن الهدف من الزواج تكوين أسرة مسلمة مستقرة وهو ما لا يعرفه هذا النوع من الزواج الذي يلبي رغبات البعض دون أن يفكروا في زوجاتهم والأطفال الناتجين عن هذا الزواج وحقوقهن مما يؤثر سلبا في هؤلاء الأطفال. وتلقي فاطمة المغني باللوم على المرأة لقبولها هذا الزواج لأنها صاحبة القرار في الرفض من عدمه كما أنها من تدفع تبعات هذا الزواج الذي يأتي على حقوقها وكرامتها مشيرة إلى أن العنوسة ليست سبباً للقبول بهذا الزواج الذي يسيء للمرأة.
وتتعاطف الفنانة موزة المزروعي مع الزوجة الأولى إلهام شاهين في «قصة الأمس» فتقول: ما أحوجنا لمسلسلات على شاكلة «قصة الأمس» تناقش واقعنا العربي دون تجميل وبمنتهى الصدق والموضوعية بشرط عدم المبالغة أو التساهل في المعالجة والطرح حيث ناقش زواج المسيار الذي اعتبره دخيلاً علينا مما يدفعني لرفضه بشدة وإن كنت لا اخفي تعاطفي مع الزوجة الأولى دوماً كونها الأحق بزوجها، خاصة أنها دائماً ما تقف إلى جواره إلى أن يكبر وعندها يبدأ في البحث عن أخرى وكأن ذلك هو مكافأتها على خدمته والتفاني معه.
انقسام الفقهاء
وعن رأي الشرع في زواج المسيار تقول د. أسماء أحمد العويس مساعدة عميد كلية الشريعة والدراسات الإسلامية بدبي: انقسم جمهور الفقهاء وعلماء الدين في أمر هذا الزواج بين الإباحة مع الكراهة والقول بالتحريم والقول بالتوقف أمام هذه الظاهرة ودراستها جيداً، بينما أرى أن زواج المسيار وإذا ما كان العقد فيه صحيحاً لاشتماله جميع الشروط والأركان إلا أنه محرم وغير جائز لما يورده من إسقاط لحق الزوجة في العدل والمبيت والنفقة، كما أن عقد هذا الزواج وإذا ما كان مستوفياً لشروط الزواج في الظاهر إلا أنه يكمن بداخله الضرر للمجتمع مما يجعلني أحرمه من باب سد الذرائع وغلق الباب في وجه أصحاب الأهواء الذين يتخذون منه هدفاً ووسيلة للوصول لغايات ومقاصد أبعد ما تكون عن بناء أسرة مستقرة.
القانون يكفل حقوق أطفال المسيار
د. عبد السلام درويش رئيس قسم التوجيه والإصلاح الأسري بمحاكم دبي ـ فيقول: لا يمكن الحكم على زواج المسيار إلا وفقاً لكل حالة على حدة حيث ان بعضها يقوم على أسس واضحة وسليمة مما يضمن نجاحه، بينما النوع الآخر يكون بهدف إشباع الأهواء مما يدمر هذا الزواج الصحيح على مستوى العقد.
ويضيف: إن القانون يضمن للمرأة حقوقها كافة من مهر ومؤخر ونفقة وكذلك الأطفال والإنفاق عليهم لكنها تتنازل وبرضاها عن شرط المبيت وغالبية المشاكل في هذا الإطار تنبع من هذه النقطة، حيث انها وبعد موافقتها تضيق ذراعاً بهذا الأمر وتبدأ الخلافات التي تنتهي بالطلاق.
في الأردن
سفر الأزواج يقود
إلى المسيار.
لم تحتمل «فريدة» فكرة خذلانها من قبل زوجها الذي طالما وعدها خلال فترة الخطبة بأن يهيئ لها منزلاً فخماً بمجرد أن ينتهي من جمع ثمنه من عمله في بلاد الغربة، فوافقته على أمل أن يكون فراقه المؤقت مثمراً ومفيداً لتأمين حياة كريمة لها ولأولادها مستقبلا.
وما أن تمّ الزفاف حتى سافر زوج فريدة ليتركها وحيدة لأربع سنوات يعود بعدها وبصحبته زوجته الثانية وابنها الذي لم تحظ فريدة بفرصة للإنجاب مثلها لبعده عنها لتنهار أحلام فريدة التي زاد من صدمتها كلمات زوجها بأنه قد خشي على نفسه من الوقوع في الرذيلة، فكان زواجه الذي لم يكلفه شيئاً.
وتعترف «نبيلة» التي يناهز عمرها الأربعين بأنها تزوجت من رجل فقير كي تتخلص من عنوستها وتحظى بنعمة الأمومة التي طالما حلمت بها، غير أنّ زوجها الذي عقد قرانه عليها مقابل تنازلها عن حقها في المبيت والنفقة تركها بعد ثلاثة أشهر، بعدما احتال عليها وأقنعها بالتنازل له عن جزء كبير من أموالها.
ويقول الناقد الفني عبد الرحيم غنام: «سفر الزوج هو أبرز أسباب زواج المسيار الذي غالبا ما ينجم عنه هضم لحقوق الزوجة الأولى وكذلك الزوجة السرية الثانية، وهو الأمر الذي رصده مسلسل (قصة الأمس) الذي يناقش موضوعاً خطيراً ويترجم واقعاً نعيشه».
وتعتقد الأديبة منال حمدي أن زواج المسيار يعتبر وسيلة للتخلص من الجفاء الزوجي الذي يتسبب به وجود الزوجين الدائم مع بعضهما، إذ ان الحب والاشتياق بين الزوجين يظل قائماً بصورة أكبر في حالة زواج المسيار، مما يجعلني أؤيده ولا أمانع من الارتباط وفقاً له. ويحذر المرشد النفسي والاجتماعي عاصم اشتية من عواقب زواج المسيار الذي يسبب ـ على حد قوله ـ خللاً في البناء الاجتماعي والأسري، حيث يعمل على فقدان أسباب وعوامل الرحمة والسكينة والودّ التي تربط الزوجين وتؤمن حياة كريمة لهما ولأولادهما.
ويلفت المحامي يوسف سالم الى أن القانون لا يعطي الزوجة في حال تنازلت عن حقها في النفقة أو المبيت في عقد الزواج أية حقوق.
وتؤكد هيفاء حيدر ـ مسؤولة برنامج الإرشاد في اتحاد المرأة الأردنية ـ أن زواج المسيار في الأردن ينتشر بين الفئة العمرية (18 -40) سنة، وأن ما يميزه أن الزوج غالبا ما يكون من جنسية عربية والزوجة أردنية، بينما يطالب الدكتور تيسير الفتياني ـ مدرس علم الشريعة ـ بمنع زواج المسيار في الأردن، وذلك من باب القياس، ويوضح موقفه بالقول: «وقفت على ما يزيد عن (100) حالة زواج مسيار وهو حلال شرعاً، ولا يوجد ما يبطله، كونه مكتمل الأركان والشروط، إلا أنني أطالب بمنعه، لأنّ استخدامه على أرض الواقع يؤدي إلى استغلاله في إثارة المفاسد، حيث نسمع عن رجال يلجأون إليه من باب المتعة أو المنفعة المادية.
٪95 من الأردنيات يرفضن «المسيار»
وافق (65%) من أصل (200) رجل تمّ استفتاؤهم في الأردن على أنّ زواج المسيار يعتبر حلا لمشكلة ارتفاع المهور والعنوسة، ما جعلهم يؤيدونه، في حين رفضه (30%) منهم لأسباب تتعلق بكونه ينتقص من كينونة الرجل الشرقي، فيما بقي (5%) من العينة غير قادرين على تحديد موقفهم من هذا الزواج. وفي المقابل، رفضت الغالبية الساحقة (95%) من (200) امرأة تم استطلاع آراؤهن، فكرة زواج المسيار، كونه يتنافى مع مفهوم الاستقرار الأسري، ولامتهانه لحقوق وكرامة المرأة، بينما اعتبرت (5%) منهن أن المسيار يحول دون وقوع النساء في شرك العنوسة، خاصة وأن هناك (96) ألف عانس في الأردن.
في مصر
بعد نجاح «قصة الأمس»
إلهام شاهين وميرنا وليد ترفضان زواج المسيار
زواج المسيار إحدى القضايا المهمة التي ناقشها مسلسل المخرجة إنعام محمد علي «قصة الأمس»، والذي عرض في شهر رمضان على أكثر من قناة فضائية وأرضية.
تعاطف المشاهدون مع إلهام شاهين بطلة المسلسل التي قامت بدور «زهرة» زوجة المهندس أحمد الشيخ «مصطفى فهمي» والذي كان يعمل في الكويت، وبعد أن تركته الزوجة وانتقلت للإقامة في مصر؛ لدخول الابنة الكبرى الجامعة، فشعر بالوحدة والاحتياج، فتزوج زواج مسيار محددا بوقت وجوده في الكويت من المهندسة ميرفت «ميرنا وليد» التي كانت تعمل تحت رئاسته، ولم تعلم زهرة بهذا الزواج إلا بعد عودته إلى مصر بعد أن ترك عمله، وقام بطلاق ميرفت في الكويت.
زواج المسيار الذي قامت حوله الأحداث أثار رفضا كبيرا من المشاهدين، واختلف حوله الكثير، وها هو حوارنا مع بطلتي العمل، والذي خرجتا منه صديقتين.
في منزل إلهام شاهين كان اللقاء مع الصديقتين إلهام وميرنا، كلن لابد أن نبدأ الحوار مع البطلة الأولى للعمل إلهام شاهين، والتي قالت عنها الفنانة هند رستم: إنها سيدة الإحساس في جيلها، وبينما تكشف المخرجة إنعام محمد علي عمق إلهام شاهين في الأداء التمثيلي، وتؤكد أنها وصلت لدرجة قمة النضج، وخاصة المشاهد التي تكشف فيها خيانة زوجها، والأخرى عندما تتمرد على حياتها، وتحاول أن تثبت لأحمد الشيخ أنها ما زالت امرأة تحب، ويحبها الآخرون.
بدأت إلهام شاهين حوارها معنا عن رأيها في المرأة التي تقبل زواج المسيار فقالت: إن هذا النوع من الزواج منتهى المهانة للمرأة؛ لأنها تجعل من نفسها أداة تلبي حاجات الرجل فقط، وليس لها كيان ولا أهمية ولا مشاعر، تعامل معاملة الحيوانات، ومنتهى الأنانية من الرجل، وكأنه يقول إنني سأتزوجك لليلة واحدة.
وقالت: المسيار كارثة والمسلسل تناوله بشكله الصحيح، وأنا أرفضه بوجه عام.
الاشتياق للزوج
< ماذا تقولين للزوجة التي يعيش زوجها في الغربة، وهي تعيش بعيدة عنه؟
أحيانا تضطر ظروف الحياة أن تكون الزوجة في بلد والزوج في بلد آخر، هنا على الزوجة أن تهتم بزوجها باستمرار، وتتصل به وتشعره بأنها في شوق إليه، ومن الصعب عليها بعده هذا عنها، وهي تنتظر اللحظة التي يعود فيها، وتجعل المادة في آخر اهتماماتها.
أسباب النجاح
< ما أسباب نجاح هذا العمل بهذا الشكل، الذي يتحدث لأول مرة عن مشاكل الغربة وأثر البعد بين الزوجين؟
مصداقية العمل ونجاحه تأتي من أن كل الشخصيات تجمع بين الأخطاء والشخصية الجيدة، فبالنسبة لزهرة بعد اكتشافها خيانة زوجها، وهي من أصعب المشاهد التي قمت بأدائها فقد شعرت بصدقه، فبمقدار حبها له كانت صدمتها، فهي ليست غيرة على كرامتها فقط، لكن سبب الصدمة أنها كانت تثق فيه ثقة عمياء، فتحول الحب لكراهية شديدة، وتحولت زهرة لشخصية عنيدة؛ لتثبت لأحمد الشيخ أنها ناجحة.
قدوة للناس
< عودة زهرة لزوجها المهندس أحمد الشيخ بعد نجاة ابنهما من حادث أليم، هل نعتبرها نهاية تقليدية؟
النهاية اختارها الكاتب محمد جلال عبد القوي، والمخرجة إنعام محمد علي بهذه الطريقة لإسعاد المشاهدين، فنحن نقدم دراما، ويجب أن نكون قدوة للناس، فنحن نقول كفريق عمل: عن الزوج والزوجة عندما يكون بينهما حب لابد أن يحافظا عليه؛ حتى تستقر الأسرة من أجل الأبناء.
< هذه هي المرة الثانية التي تعملين فيها مع المخرجة إنعام محمد علي. ماذا أضافت لك بعد كل سنوات النضج والنجومية؟
استفدت كثيرا من إنعام محمد علي؛ فهي مخرجة مختلفة، تهتم بتفاصيل العمل، وتضبط إحساس الممثل في كل مشهد.
مسألة صعبة جدا
< هل نجاح مسلسل «قصة الأمس» جعلك في مأزق في اختيار المسلسل القادم؟
مسألة صعبة جدا؛ لأن أي عمل قادم لابد وأن يكون في مستوى «قصة الأمس» وأعلى منه، فصعب أن تجدي عملا في نفس مستوى الكتابة والإخراج، ويكون متميزا بهذا الشكل.
< هل معنى هذا أنه كانت هناك سلبيات في أعمالك الماضية؟
إلى حد كبير لأنها كانت أعمالا متعجلة، وكانت النصوص بها بعض الأخطاء، وتحتاج إلى تعديل، ولكن لضيق الوقت والسرعة لم يتم تعديلها، وبالتالي ظهرت بعض العيوب.
أحاسيس متضاربة
جو من الحب والصداقة جمع بين إلهام وميرنا بعد العمل، فهما صديقتان في الحياة، وعلى الشاشة ضرتان.
ميرنا بدأت حوارها برأيها في زواج المسيار فقالت:
المرأة التي تقبل على زوجها أن تتزوج بطريقة المسيار تخطيء في حق نفسها، مهما كانت تحبه ومهما كانت مبرراتها.
وتضيف ميرنا: إن "ميرفت" لم ترَ نفسها خاطئة عندما قبلت بزواج المسيار الذي اشترطه عليها أحمد؛ لأنها تحبه وتحب أولاده وعائلته، واعتقدت أنه مثالية مع أولاده وزوجته سوف تتكرر معها؛ لأنه إنسان متدين أيضاً كانت تتصور أنه لن يتخلى عنها، لكنه تخلى عنها ولم يعطها أي حق.
كما أن ميرفت وجدت فيه الأب الذي تبحث عنه؛ لأنها لم تجرب سلطة الرجل لا مع زوجها الذي رحل عنها في عز شبابها وأصبحت أرملة ولا مع والدها الذي تركهم ولم تعش معه فوجدتها في المهندس أحمد الذي احتواها وكان يهتم بها ويخاف عليها.
< متى اختلفت مع ميرفت؟
- "ميرفت شخصية طيبة جداً مع أهلها، ومع زوجها الذي رحل، لكنها أحبت فأخطأت؛ لذلك فإنها كانت تشعر دائما بتأنيب ضميرها وكانت أحيانا تنظر إلى المرآة ولا تطيق نفسها؛ لأنها لم تكن تريد أن تحطم حياته بالعكس كانت تحب أولاده وتحب زوجته، لكنه فجأة أصبح محور حياتها، ووجدت نفسها تحبه ولا تستطيع أن تعيش بدونه؛ لذلك فإن ميرفت ليست شريرة كما يعتقد البعض.
< ماذا أضاف لك دور ميرفت كممثلة؟
- ابتعدت عن أدوار الرومانسية، واتجهت لأدوار أخرى شريرة بعض الشيء.
< هل تعتبرين دور ميرفت من أصعب أدوارك مع إنعام محمد علي خاصة أن هذا العمل هو الرابع معها بعد "أم كلثوم" وقاسم أمين و"مباراة زوجية".
- لا أستطيع أن أقول ذلك؛ لأن دوري في قاسم أمين كان صعباً؛ لأن أؤدي شخصيتين "غازية" و"بنت فرنساوية"، وكان الاختلاف كبيراً في الشكل، أما ميرفت فكانت صعوبتها في إحساسها وعمق تركيبة شخصيتها، لديها أحاسيس متضاربة، من هذا المنطلق فإن إنعام محمد علي تهتم بأحاسيس الممثل الذي يعمل معها.
بطلات حقيقيات لـ «قصة الأمس»
تحكي بثينة حسين ـ 45سنة ـ قصتها مع المسيار، حيث إنها أم لأربعة أبناء أكبرهم في سن الـ17عاما قائلة: اضطررت جراء زواجي الفاشل إلى القبول بزواج المسيار كي ألبي احتياجاتي المادية واعيش حالة من الاستقرار والرفاهية.
ويتفق محمد زيادة ـ رجل أعمال 45 سنة ويؤكد عدم وجود حرمة في زواج المسيار، خاصة أنه جربه فيقول: تعرفت على إحدى الموظفات اللاتي تعمل لدي في الشركة وعرضت عليها زواج المسيار فوافقت لكنها اشترطت راتباً شهرياً وسكناً بأحد الأحياء الراقية وعدم الإنجاب فوافقت طالما أن هذا الزواج يلبي حاجاتي دون الإضرار بحاجات الآخرين.
وعن رأيها في مسلسل «قصة الأمس» تقول ماجدة السيد ـ مهندسة زراعية ـ: أنا سعيدة بهذه النوعية من الدراما لأننا مفتقدون إليها وسبب سعادتي يرجع إلى علاقة الحب القوية بين الزوجين، لكني حزينة لموقف إلهام شاهين التي تركت زوجها بحثاً عن زيادة المال وكان يجب ألا تترك زوجها. في الوقت نفسه ألتمس العذر لزوجها الذي تزوج عليها مرة أخرى لصعوبة بقاء الرجل مدة طويلة بمفرده وهذا الرأي نتيجة تجربة خاصة بي، حيث كنت بالغربة مع زوجي بالسعودية وعلى الرغم من أنه كان يشغل منصباً كبيراً فقد قرر عودتي أنا وبناتي لتكملة دراستهن بالإسكندرية، لكني صممت أن نعود معاً كما أني لا أوافق على زواج المسيار لأنه لا يتماشى مع العادات والتقاليد الإسلامية.
يؤكد د. محمد المهدي، أستاذ الطب النفسي بجامعة الأزهر، إن هذا النوع من الزواج يمكن أن نطلق عليه «زواج مصلحة» الذي ينتهي بانتهائها وهذا يرجع إلى غزو الثقافة الغربية للمجتمعات العربية وما أفرزته من أنماط سلوكية ونفسية جديدة على المجتمع العربي الذي ظل لفترات طويلة محافظاً على الزواج باعتباره رباطا مقدساً وميثاقاً غليظاً
ويشير د. المهدي إلى أنه من الصعب علينا تحديد الضحية والجاني في زواج المسيار، خاصة أن هذا النوع من الزواج يقوم على مبدأ الاستغلال المشترك بين الطرفين.
أما نجلاء محفوظ ـ الكاتبة والخبيرة الاجتماعية فترجع انتشار زواج المسيار إلى وجود مكاتب الزواج في مصر مما أوجد نوعاً من النخاسة غير المطلوبة، فهذه المكاتب هي إفراز المجتمع المصري الذي طرأت عليه تغيرات كبيرة في السنوات الأخيرة جعلته يقدم على القبول بمثل هذا الوضع خاصة مع زيادة حالة الركود في سوق الزواج بالطرق المعروفة. وعن الرأي الشرعي في هذه القضية يقول الدكتور محمد عبداللطيف البنا، أستاذ الشريعة بكلية أصول الدين بجامعة الأزهر: ان تفاقم زواج المسيار في مصر يرجع بالدرجة الأولى إلى فتوى مجمع البحوث الإسلامية التي زادت من معدلات هذا الزواج مما أوجد حالة من الذعر بين الأسر المصرية خاصة مع هروب الشباب لمثل هذا الزواج تحت دعوى أن الأزهر أجازه وحلله.
ويؤكد د. البنا أن الزواج بشكله الصحيح هو ما توافرت فيه مجموعة من الشروط والأركان لأنها هي التي تُفَرِّق بين عقد النكاح المشروع وعقود النكاح التي حَرَّمها الإسلام إلى أن تقوم الساعة، ولذلك فزواج المِسيار إذا تحققت فيه شروطه من رضا كامل بين الزوجين، وصيغة تدل على التأبيد أي استمرارية العلاقة ووجود وليّ الزوجة، والشهود العدول، والإشهار فهو زواج صحيح بصرف النظر عن مسماه ما دام أنه غيرُ مُحَدَّد بمدة، أما إذا انتفى أي شرط من هذه الشروط فيدخل في عداد الزواج الفاسد أو المحرم.
زيادة الطلب على زواج المسيار
أوضحت دراسة عُرضت على المجلس القومي للمرأة بمصر زيادة الطلب على زواج المسيار من الجنسين بشكل وصلت نسبته إلى أكثر من %70 رغبة في تحسين الظروف المادية.
«المسيار» مهين للمرأة
عن مسلسل “قصة الأمس” يقول مؤلفه محمد جلال عبد القوي: إن الظواهر والمشاكل الاجتماعية التي تأن منها المجتمعات المصرية والعربية كثيرة وهي تثير قلم أي مؤلف أو أديب للخوض في تفاصيل هذه الظواهر ومحاولة أبرازها علي الساحة حتى يتسنى للخبراء في مجالاتهم الالتفات إليها ومحاولة حلها ، وبالنسبة لزواج المسيار فهو ظاهرة انتشرت مع تزايد سفر الأزواج إلي بلاد بعيدة عن زوجاتهم وهو ما دفع هؤلاء الأزواج للارتباط بزوجات بشروطهم بشكل شرعي ترضية لضمائرهم وهذا السلوك من قبل هؤلاء الأزواج رغم مشروعيته إلا إنها عادة ما تخلف مشاكل أسرية واجتماعية كثيرة .
ويضيف : أما بالنسبة لقبول المرأة بهذا الزواج ومهما كانت الظروف مهينة لإنسانية الإنسان كونها قريبة من زواج المتعة الذي هو محرم شرعا.
في المغرب
المنفعة وراء هذا الزواج
طالت موضة المسيار بعض المغربيات اللائي يوافقن على مثل هذا الزواج طلبا للمتعة والمال وهو ما تقر به أمل ـ متزوجة من خليجي وأم لثلاث أطفال ـ تقول: أرى أن مسلسل «قصة الأمس» يحاكي الواقع العربي لحد كبير، وقد عشت قصة واقعية مشابهة إلى حد ما وأعتبر أن ميرفت بطلة العمل ضحية للرجل المتزوج الذي أغراها بحبه وحنانه، وتعتبر أن الرجل بالأساس هو المسؤول عن خراب بيته.
وتحكي منيرة عن زواجها السري بالقول: لم أنتبه يوماً لهذا الرجل الذي كان زميلاً لي في عملي ولم أكن نهائيا أهتم به لأنني أعرف سلفا أنه متزوج، لكن اشتغالنا جنباً إلى جنب وتفاهمنا على أمور عدة واتفاق طباعنا، ورطني في علاقة حب وزواج أشهدنا عليها الله وبعض الأصدقاء الذين كانوا يعرفون بالأمر.
وتستدرك قائلة: لكن فرحتي لم تدم أكثر من عامين حيث انسحب زوجي من حياتي دون أن يواجهني. وعن معاناتها مع الزواج السري تقول أمينة: تزوج زوجي سرا، ولم أعرف إلا بعد أن حملت زوجته، جن جنوني ولم أدخر وأولادي الثمانية جهدا لإبعادها عن حياتنا، لكنها تصرفت معنا بلباقة فغلبتنا وتغيرت الأمور بيننا.
ويلتقط أطراف الحديث محمد (60 عاما) ليحكي تجربته مع الزواج قائلاً: تزوجت في العشرين بزوجة صالحة وغنية، لم تبخل معي في شيء وحين كبر الأولاد أحسست بأنه علي تغيير إيقاع حياتي، بدأت أتطلع للسفر والنزهات وفي مقر عملي كانت هناك موظفة زميلة في الأربعين، ارملة أنيقة وبشوشة ومرحة.
ويتابع حديثه: تعودت عليها وعلى حديثها ونصائحها، فقررت أن أتزوجها سراً لشهور قبل أن يصل الخبر لزوجتي الأولى التي طار عقلها فما كان مني سوى تطليقها لأرحل بعيداً إلى مدينة أخرى.
رأي الشرع: زواج غير معترف به
عن رأي الشرع في زواج المسيار يقول علي بن ريسون ـ عالم دين وعضو المجلس العلمي بالشاون ـ:
زواج المسيار السري في المغرب غير معترف به وقد حدد الشرع القانوني المغربي ظروف وضوابط وشروط الزواج العام العلني عبر مدونة الأسرة في آخر تعديلاتها، الذي كان وقع الاتفاق عليه والتراضي حوله من طرف لجنة مختصة مختلطة عينها الملك محمد السادس وبالتالي فالزواج السري يعتبر خروجاً عن القانون ومعاقب عليه وغير ذي جدوى، إذ يعد في القانون لاغيا وفاسدا، كذلك من الناحية العرفية فإن التقاليد المغربية لا تسمح بهذا النوع من التعاقد، لأنه جرت العادات عبر القرون أن يكون النكاح مشهراً وأن يجري الزفاف علانية وفي جو واضح شفاف.
فتح مسلسل «قصة الأمس» قصة وسيناريو وحوار محمد جلال عبد القوي وبطولة إلهام شاهين ومصطفى فهمي وميرنا وليد وإخراج انعام محمد علي الذي عرض في رمضان الماضي الباب على مصراعيه لمناقشة زواج المسيار السري الذي تطرق إليه المسلسل مما أثار حالة من الجدل بين مؤيدين لهذا الزواج الآخذ في التنامي عربياً بحجة أنه حل لمشكلة العنوسة وبين رافضين له على اعتبار أنه ينتقص من حقوق المرأة وكرامتها، وبينما يحذر علماء النفس والاجتماع من الآثار السلبية لهذا الزواج الذي يتعدى الأسرة إلى المجتمع، ينقسم علماء الدين بين وصفه بالحلال خاصة أنه مستوف لكافة أركان وشروط الزواج فيما عدا حق المرأة في المبيت التي تتنازل عنها برضاها، وبين تحريمه سداً للذرائع وغلقاً للباب في وجه أصحاب الأهواء ممن يحاولون الوصول من خلاله إلى غايات بعيدة عن فكرة بناء أسرة مستقرة هنا مزيد من الآراء يشملها ملف «سيدتي» حول زواج المسيار المدعم بعدد من الحالات لزوجات وأزواج تجرعوا مرارته..
في السعودية
البحث عن الستر وراء زواج المسيار الذي ليس فيه هضم لحقوق امرأة ارتضت التنازل عن حقها بالمبيت.
اكتشفت زواجه السري
تتجرع «أم فادي» المرارة والألم جراء زواج زوجها سراً عليها فتقول: اكتشفت زواجه من أخرى حينما اتصلت عليَّ امرأة لا أعرفها وأخبرتني بزواج زوجي عليَّ لكنه أنكر حينما واجهته بالأمر.
وتستدرك قائلة: إلا أنني لم أصدقه وقررت مراقبته بمساعدة أخي الذي اكتشف تردده على بيت امرأة ما فما كان منا سوى الذهاب لها لتصعقني بقولها: إنهما متزوجان بشكل شرعي منذ سنتين لكنه لم يثبت الزواج رسمياً وبقي سراً حتى لا يخسر بيته وأسرته فصعبت عليَّ نفسي وحزنت كثيراً على صبري معه ومساعدتي له بالمال إلى أن وقف على قدميه وأصبحت له تجارة كبرى داخل وخارج المملكة لكنه تنكر لكل هذه العشرة التي دامت لـ23 عاماً كما قصر في الإنفاق عليَّ أنا وأولاده رافضاً تطليق زوجته الثانية بحجة أنها حامل فما كان مني سوى طلب الطلاق والاحتفاظ بأبنائي وبناتي.
وعن تجاربها مع زواج المسيار تقول «مريم 29 عاماً»: تزوجت أربع مرات منها ثلاث مسيار تزوجت في سن الـ17 عاماً زوجي الأول بشكل رسمي لأنجب منه طفلاً إلا أنه سرعان ما حدث خلاف بيننا، فخلعته وبعد العدة مباشرة تقدم لي رجل يكبرني بعشرين عاماً متزوج وشرطه الوحيد أن يبقى زواجنا سراً حرصاً على بيته وأسرته فوافقت واستمر زواجنا السري لمدة 5 سنوات قرر بعدها إبلاغ زوجته الأولى التي رضيت بينما غضب أولادها الذين حاولوا بشتى الطرق تدمير زوجي إلى أن نجحوا في ذلك لأتجرع وأطفالي منه مرارة الطلاق لأجد نفسي في الشارع، فما كان مني سوى الزواج مسياراً بأستاذ جامعي لحاجتي لمن ينفق عليَّ فتزوجني وأسكنني في سكن خاص بمنسوبي الجامعة وبات يسرق الوقت ليقضيه معي وكأنني عشيقة لا زوجة شرعية، فلم يطل زواجنا وطلقني.
وتتابع: لأجد نفسي في الشارع مجدداً فرفعت مشكلتي الى وزارة الشؤون الاجتماعية التي حولتني الى دار الحماية الاجتماعية بجدة، وخلال فترة وجودي في الدار طرحت عليَّ فكرة الزواج من أحد الأشخاص الذين تقدموا للزواج من بنات الدار، وافقت على الفور، خاصة وأنه شاب وسيم لم يسبق له الزواج كما أنه ميسور الحال وكان شرطه الوحيد أن يكون الزواج سرياً فتزوجته إلا أنه فاجأني بإسكاني في شقة بعمارة جميع سكانها شباب غير متزوجين، ومنذ الليلة الأولى جلب المسكرات والمخدرات الى المنزل، وفي الثانية جاء أصدقاؤه الى بيتنا وسهروا بصحبة المخدرات والأفلام الخليعة مما دفعني للاتصال بالمسؤولة في الدار، شارحة لها ما يحدث معي فكانت نصيحتها لي بطلب الطلاق حماية لنفسي وعرضي فكان طلاقي وعودتي للدار مجدداً في انتظار من يتزوج بي ليستر عليَّ سواء أكان تحت مسمى المسيار أو غيره من الأسماء المهم أن يكون زواجاً.
في انتظار الإشهار
تسرد شادية المتزوجة سراً تجربتها فتقول: بعد طلاقي من زوجي الأول انتظرت عشر سنوات حتى كبر أبنائي الثلاثة ووصلوا الى نهاية مرحلة التعليم الجامعي حينه، قبلت بالزواج السري خاصة أن من تقدم لي انسان متدين وميسور الحال ومناسب لعمري وأقمنا في مكان غير معروف كي لا يكتشف أمرنا أحد ما فكنا نسرق الوقت كالعشاق وكنت أقابله وأنا بكامل أناقتي، خاصة أنه كان يطلب مني عدم دخول المطبخ وألا أنجب الأطفال حتى لا أكون كزوجته الأولى التي نسيته منتصرة لأطفالها ومطبخها مما جعله يبحث عن زوجة ثانية إلا أنها بدأت تشك فيه مما أقلقه وجعله يقلل من مرات حضوره لبيتنا، خاصة مع اعتقاده بمعرفتها بأمر زواجنا وأني وراء هذا الأمر.
وتضيف: هذا ما جعلني أعتقد برغبته في انهاء زواجنا والانفصال عني خوفاً على زوجته وبيته، مما دفعني لسؤاله عن مستقبل زواجنا ليفاجئني بقوله إنه لا يزال يحبني معلناً نيته إشهار زواجنا بعد أن تهدأ الأمور مع زوجته الأولى حتى لا يخسر بيته وأسرته.
أتعاطف مع ميرنا وليد
تتعاطف (عبير) مع ميرفت التي لعبت دورها الفنانة ميرنا وليد في مسلسل «قصة الأمس» خاصة حينما تركها أحمد الشيخ الذي جسد شخصيته الفنان مصطفى فهمي بعد رفضه إعلان زواجهما قائلة: الرجال دائماً ما يخدعون المرأة ويستغلون ظروفها، فبطل العمل تزوج لمجرد احتياجه إلى امرأة لفترة تواجده بالغربة، وهو ما حدث معي حينما قبلت زواج المسيار بعدما تقدم بي العمر ووصلت لسن الأربعين وطاردتني كلمة عانس، مما جعلني أوافق على الزواج من رجل متزوج ولديه أبناء فتزوجنا سراً وكان يزورني مرة كل أسبوع وبعدها أصبح كل ثلاثة أسابيع، وعندما عاتبته قال لي أنت ارتضيت ذلك وكان يعايرني ويسيء معاملتي مشيراً إلى أني لولاه لما ذقت طعم الزواج أبداً إلى أن فاض بي الكيل وطلبت الطلاق فساومني على مالي إلا أنني هددته بإبلاغ زوجته وأبنائه بزواجنا فكان طلاقي بلا أي مقابل مادي أو لأي حقوق لي.
المسيار سبب طلاقها
أما (مها صالح 25 عاماً) فأيدت تصرف زهرة التي لعبت دورها الفنانة (إلهام شاهين) في مسلسل «قصة الأمس» حين طلبت الطلاق من زوجها بسبب زواجه من أخرى مضيفة: أي امرأة تعلم أن زوجها تزوج عليها تشعر بالاهانة والخديعة، خاصة إذا ما كانت أسباب زواجه غير مقنعة ومجرد نزوة، ومثل ما حدث معي حينما فتشت جيوب زوجي لأصعق، حيث وجدت اسم ورقم امرأة وسند تحويل مبلغ كبير إلى إحدى الدول العربية التي سافر إليها أخيراً، وعندما واجهته بالأمر استنكر تفتيشي لملابسه، وبعد إصرار وإلحاح اعترف بزواجه المسيار من تلك المرأة مما جرحني، خاصة أن زواجنا لم يمض عليه سوى عام فكان إصراري على الطلاق.
الأطفال الضحية
ولا يتفق الفنان طاهر بخش مع ردة فعل زهرة في قصة الأمس بالقول: طلبها للطلاق بعد معرفتها بزواج زوجها عليها أمر مبالغ فيه، خاصة أنٍ المرأة مطالبة بألا تهدم بيتها بيدها، خوفاً على أطفالها كما أن نظرة المجتمع الخليجي والعربي لا تزال متحفظة بالنسبة للمطلقة كما لا بد أن تفهم موقف زوجها خاصة أنها قد تكون أحد الأسباب التي دعته إلى الزواج أو أن زواجه من ثانية لحظة ضعف سرعان ما ستنتهي لتحتفظ بزوجها وأسرتها بقليل من التريث.
أما سيدة الأعمال ومصممة أثواب الرجال منى حداد فتقول: أنا مع (إلهام شاهين) في ردة فعلها حينما طلبت الطلاق بعد علمها بزواج زوجها لإحساسها بالخداع والمهانة إذ أن أصعب شيء على المرأة أن تُخدع من زوجها ويفاجئها بزواجه من أخرى.
وتستدرك قائلة: لكن إذا طلق الرجل زوجته الثانية وأرادت الأولى التكيف مع هذا الوضع عبر إلغاء مشاعرها واستخدام عقلها من أجل أبنائها فلا بأس بذلك كي تستمر الحياة الأسرية وإن كان من الصعب عليها في ما بعد أن تثق به.
ويرى المخرج المسرحي عمر الجاسر أن إلهام شاهين في «قصة الأمس» تسرعت باتخاذ قرار الانفصال وكان عليها أن تتريث، وتستطلع حقيقة ارتباط زوجها بأخرى فهناك أسباب كثيرة جعلته يتزوج بها، منها الغربة واحتياجه إلى امرأة قريبة منه تشاركه همومه مما يستدعي من زوجته الأولى أن تفهم ذلك واستيعابه من جديد كي تستقيم وتستمر الحياة الزوجية التي غالباً ما يدفع الأبناء ثمن انهيارها.
أرفض هذا الزواج
أنا لا ألوم زهرة في «قصة الأمس» لصدمتها في زوجها الذي تزوج عليها بهذه العبارة بدأت الاستشارية النفسية دعد محمود مارديني مضيفة: زواج المسيار قد يكون حلاً لمشكلات بعض النساء لكن الظلم في هذا الزواج يتعلق بعدم إخبار زوجته الأولى به والتي ما أن تعلم بأمره حتى تشعر بجرح غائر يطال نفسيتها وينعكس عليها وعلى أطفالها سلباً مما يحول البيت إلى ساحة للخلافات والمعارك الأسرية التي لا تنتهي.
ترفض د. سهيلة زين العابدين ـ عضوة الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان والتي تستعد لإصدار كتاب عن زواج المسيار ـ هذا الزواج مرجعة السبب في ذلك إلى عدم نيل الزوجة حقوقها كاملة، كما أن زوجها غالبا ما يأتيها خلسة وإذا أتت بأبناء فهم لا يعرفون أشقاءهم فأين العدل؟ مستغربة من النساء اللاتي يرضين بهذا الزواج الذي يُعفى فيه الزوج من الإنفاق على بيته أو مساواتها بزوجاته الأخريات منوهة بأن الإسلام أحلّ للرجل أن يتزوج بأربع فلماذا لا يتزوج ويخبر زوجته بدل الزواج المخفي؟
الرأي القانوني
يقول المحامي أمجد التويجري: إن زواج المسيار زواج شرعي يعقد من قِبل مأذون شرعي وبوجود ولي أمر الزوجة وبموافقتها مع وجود شاهدي عدل ولها مهر لكنها تتنازل عن حقها في المبيت والنفقة.
ويضيف: لا يوجد نص قانوني أقرّ زواج المسيار وإنما المجمع الفقهي للبحوث الإسلامية هو الذي أقرّه بدورته المنعقدة بمكة المكرمة منوهاً بأن الزوجة الأولى ليس من حقها طلب الطلاق في حال اكتشفت زواجه من ثانية لكنها من الممكن أن تطلب الخلع.
زواج فاشل
أما الداعية محمد الماجد فيقول: أنا ضد أي زواج خارج نطاق الزواج الشرعي سواء كان المسفار أو المسيار وإذا ما التقت فيه مصلحة الطرفين فيكون الزواج ناجحاً أما ذلك الذي يستغل فيه الرجل حاجة المرأة فلا يصح ويكون زواجاً فاشلاً.
تضييق الحلال
أما الداعية أحمد الشقيري فيقول: زواج المسيار ظهر بسبب توسيع دائرة الحرام بالمجتمع وتضييق دائرة الحلال خاصة المسيار الذي يكون بالسر وبدوري لا أؤيد ولا أعارض هذا الزواج فلكل إنسان ظروفه الخاصة به التي تحكم حكمنا على هذا الزواج.
ويضيف: الزواج عقد لا يجب الإخلال بأي من بنوده وشروطه وكما حدث مع السيدة (سودة بنت زمعة ـ رضي الله عنهاـ) عندما خشيت أن يطلقها الرسول فتنازلت عن يومها (لعائشة ـ رضي الله عنهاـ) فهذا تنازل برضاها عن شرط من شروط الزواج الطبيعي وهو العدل بالمبيت وهو ليس فيه أي هضم لحقوق المرأة، فإذا ما كان هناك إثبات للزواج فللمرأة الحق بأن تتنازل عمّا تشاء برضاها.
في الإمارات
عن تجربتها مع زواج المسيار تقول ميرنا: تعرفت في غربتي الى شاب أحببته ووثقت به وعرض عليَّ زواج المسيار حتى لا يتحمل أي مسؤولية ولأن سنوات عمري تمر سريعاً في الغربة كانت موافقتي على الزواج. وتضيف: استمرت علاقتنا لمدة عام ذقت خلاله طعم الاستغلال بشتى أنواعه مما جعلني أطلب الطلاق الذي ساومني عليه مادياً لأخرج خاسرة على جميع المستويات مما يجعلني أنصح الجميع بعدم الإقدام على هذا الزواج المدمر.
وتلتقط خولة أطراف الحديث لتروي حكاية صديقتها التي اكتشفت زواج زوجها عليها من فتاة عربية سراً بالقول: بعدما وقفت صديقتي لجوار زوجها وبدأت مظاهر الغنى تلون حياته إذ به يتنكر لها ويذهب للزواج من إنسانة بعمر بناته دون أن يقدر مشاعر زوجته الأولى أو حقوق أطفاله، كما أنه سرعان ما تنكر لزوجته الثانية وبات مدمناً على زواج المسيار الذي يأخذه ستاراً للاستمتاع ببنات الناس ومن ثم رميهن دون أي حقوق. وترى نورهان أحمد أن مسلسل «قصة الأمس» لم يعبر بالشكل العميق عن مأساة الزوجة الثانية بقدر ما أبرز معاناة الأولى على الرغم من تعاطفها الشديد مع ميرفت التي جسدت دورها الفنانة ميرنا وليد ومع من هن على شاكلتها خاصة وأنها الخاسرة الوحيدة على جميع المستويات، مشيرة إلى حاجتنا لأعمال تلامس الواقع وتسلط الضوء على مشاكلنا بكل موضوعية وصدق فني زاد منه الأداء الرائع لأبطال العمل.
إهدار لكرامة المرأة
وتشير إيمان فارس ـ سيدة اعمال ـ إلى أن زواج المسيار فيه إهدار لكرامة وحقوق الزوجة التي تتنازل عن حقها في المبيت وخلافه مما يشجع زوجها على التنكر لحقوقها واحداً بعد الآخر، كما أنه لن يكون حلاً لمشكلة العنوسة كما يدعي البعض لأنه يعمل على تدمير الاستقرار الزوجي والأسري الذي شرع الإسلام لأجله الزواج الذي وصفه بالسكن والمودة وهو ما يتنافى مع هذا الزواج القائم على الاستغلال وإشباع الرغبات.
واذا ما كانت ايمان فارس ترفض وبشدة زواج المسيار الذي ترجعه للطفرة المادية والحياتية التي يعيشها المجتمع وعدم حاجة المرأة في كثير من الأحيان للرجل مادياً إلا أنها تؤيد تعدد الزوجات بشرط العدل بينهن طالما كان في النور وبعلم الزوجة الأولى مما يمثل حلاً للعديد من المشكلات الاجتماعية مطالبة الدراما والإعلام بلعب دور أكثر فعالية وشفافية في التعريف بمثل هذه الزيجات الغريبة عن ديننا وعاداتنا ومجتمعاتنا.
وترفض فاطمة المغني ـ مديرة مركز التنمية الاجتماعية بخورفكان ورئيسة اللجنة التنفيذية بمجلس سيدات الأعمال بالشارقة ـ بشدة زواج المسيار قائلة: يفتقد هذا الزواج لشرط الإشهار والاستمرارية مما يجعلني أرفضه وبشدة خاصة أن الهدف من الزواج تكوين أسرة مسلمة مستقرة وهو ما لا يعرفه هذا النوع من الزواج الذي يلبي رغبات البعض دون أن يفكروا في زوجاتهم والأطفال الناتجين عن هذا الزواج وحقوقهن مما يؤثر سلبا في هؤلاء الأطفال. وتلقي فاطمة المغني باللوم على المرأة لقبولها هذا الزواج لأنها صاحبة القرار في الرفض من عدمه كما أنها من تدفع تبعات هذا الزواج الذي يأتي على حقوقها وكرامتها مشيرة إلى أن العنوسة ليست سبباً للقبول بهذا الزواج الذي يسيء للمرأة.
وتتعاطف الفنانة موزة المزروعي مع الزوجة الأولى إلهام شاهين في «قصة الأمس» فتقول: ما أحوجنا لمسلسلات على شاكلة «قصة الأمس» تناقش واقعنا العربي دون تجميل وبمنتهى الصدق والموضوعية بشرط عدم المبالغة أو التساهل في المعالجة والطرح حيث ناقش زواج المسيار الذي اعتبره دخيلاً علينا مما يدفعني لرفضه بشدة وإن كنت لا اخفي تعاطفي مع الزوجة الأولى دوماً كونها الأحق بزوجها، خاصة أنها دائماً ما تقف إلى جواره إلى أن يكبر وعندها يبدأ في البحث عن أخرى وكأن ذلك هو مكافأتها على خدمته والتفاني معه.
انقسام الفقهاء
وعن رأي الشرع في زواج المسيار تقول د. أسماء أحمد العويس مساعدة عميد كلية الشريعة والدراسات الإسلامية بدبي: انقسم جمهور الفقهاء وعلماء الدين في أمر هذا الزواج بين الإباحة مع الكراهة والقول بالتحريم والقول بالتوقف أمام هذه الظاهرة ودراستها جيداً، بينما أرى أن زواج المسيار وإذا ما كان العقد فيه صحيحاً لاشتماله جميع الشروط والأركان إلا أنه محرم وغير جائز لما يورده من إسقاط لحق الزوجة في العدل والمبيت والنفقة، كما أن عقد هذا الزواج وإذا ما كان مستوفياً لشروط الزواج في الظاهر إلا أنه يكمن بداخله الضرر للمجتمع مما يجعلني أحرمه من باب سد الذرائع وغلق الباب في وجه أصحاب الأهواء الذين يتخذون منه هدفاً ووسيلة للوصول لغايات ومقاصد أبعد ما تكون عن بناء أسرة مستقرة.
القانون يكفل حقوق أطفال المسيار
د. عبد السلام درويش رئيس قسم التوجيه والإصلاح الأسري بمحاكم دبي ـ فيقول: لا يمكن الحكم على زواج المسيار إلا وفقاً لكل حالة على حدة حيث ان بعضها يقوم على أسس واضحة وسليمة مما يضمن نجاحه، بينما النوع الآخر يكون بهدف إشباع الأهواء مما يدمر هذا الزواج الصحيح على مستوى العقد.
ويضيف: إن القانون يضمن للمرأة حقوقها كافة من مهر ومؤخر ونفقة وكذلك الأطفال والإنفاق عليهم لكنها تتنازل وبرضاها عن شرط المبيت وغالبية المشاكل في هذا الإطار تنبع من هذه النقطة، حيث انها وبعد موافقتها تضيق ذراعاً بهذا الأمر وتبدأ الخلافات التي تنتهي بالطلاق.
في الأردن
سفر الأزواج يقود
إلى المسيار.
لم تحتمل «فريدة» فكرة خذلانها من قبل زوجها الذي طالما وعدها خلال فترة الخطبة بأن يهيئ لها منزلاً فخماً بمجرد أن ينتهي من جمع ثمنه من عمله في بلاد الغربة، فوافقته على أمل أن يكون فراقه المؤقت مثمراً ومفيداً لتأمين حياة كريمة لها ولأولادها مستقبلا.
وما أن تمّ الزفاف حتى سافر زوج فريدة ليتركها وحيدة لأربع سنوات يعود بعدها وبصحبته زوجته الثانية وابنها الذي لم تحظ فريدة بفرصة للإنجاب مثلها لبعده عنها لتنهار أحلام فريدة التي زاد من صدمتها كلمات زوجها بأنه قد خشي على نفسه من الوقوع في الرذيلة، فكان زواجه الذي لم يكلفه شيئاً.
وتعترف «نبيلة» التي يناهز عمرها الأربعين بأنها تزوجت من رجل فقير كي تتخلص من عنوستها وتحظى بنعمة الأمومة التي طالما حلمت بها، غير أنّ زوجها الذي عقد قرانه عليها مقابل تنازلها عن حقها في المبيت والنفقة تركها بعد ثلاثة أشهر، بعدما احتال عليها وأقنعها بالتنازل له عن جزء كبير من أموالها.
ويقول الناقد الفني عبد الرحيم غنام: «سفر الزوج هو أبرز أسباب زواج المسيار الذي غالبا ما ينجم عنه هضم لحقوق الزوجة الأولى وكذلك الزوجة السرية الثانية، وهو الأمر الذي رصده مسلسل (قصة الأمس) الذي يناقش موضوعاً خطيراً ويترجم واقعاً نعيشه».
وتعتقد الأديبة منال حمدي أن زواج المسيار يعتبر وسيلة للتخلص من الجفاء الزوجي الذي يتسبب به وجود الزوجين الدائم مع بعضهما، إذ ان الحب والاشتياق بين الزوجين يظل قائماً بصورة أكبر في حالة زواج المسيار، مما يجعلني أؤيده ولا أمانع من الارتباط وفقاً له. ويحذر المرشد النفسي والاجتماعي عاصم اشتية من عواقب زواج المسيار الذي يسبب ـ على حد قوله ـ خللاً في البناء الاجتماعي والأسري، حيث يعمل على فقدان أسباب وعوامل الرحمة والسكينة والودّ التي تربط الزوجين وتؤمن حياة كريمة لهما ولأولادهما.
ويلفت المحامي يوسف سالم الى أن القانون لا يعطي الزوجة في حال تنازلت عن حقها في النفقة أو المبيت في عقد الزواج أية حقوق.
وتؤكد هيفاء حيدر ـ مسؤولة برنامج الإرشاد في اتحاد المرأة الأردنية ـ أن زواج المسيار في الأردن ينتشر بين الفئة العمرية (18 -40) سنة، وأن ما يميزه أن الزوج غالبا ما يكون من جنسية عربية والزوجة أردنية، بينما يطالب الدكتور تيسير الفتياني ـ مدرس علم الشريعة ـ بمنع زواج المسيار في الأردن، وذلك من باب القياس، ويوضح موقفه بالقول: «وقفت على ما يزيد عن (100) حالة زواج مسيار وهو حلال شرعاً، ولا يوجد ما يبطله، كونه مكتمل الأركان والشروط، إلا أنني أطالب بمنعه، لأنّ استخدامه على أرض الواقع يؤدي إلى استغلاله في إثارة المفاسد، حيث نسمع عن رجال يلجأون إليه من باب المتعة أو المنفعة المادية.
٪95 من الأردنيات يرفضن «المسيار»
وافق (65%) من أصل (200) رجل تمّ استفتاؤهم في الأردن على أنّ زواج المسيار يعتبر حلا لمشكلة ارتفاع المهور والعنوسة، ما جعلهم يؤيدونه، في حين رفضه (30%) منهم لأسباب تتعلق بكونه ينتقص من كينونة الرجل الشرقي، فيما بقي (5%) من العينة غير قادرين على تحديد موقفهم من هذا الزواج. وفي المقابل، رفضت الغالبية الساحقة (95%) من (200) امرأة تم استطلاع آراؤهن، فكرة زواج المسيار، كونه يتنافى مع مفهوم الاستقرار الأسري، ولامتهانه لحقوق وكرامة المرأة، بينما اعتبرت (5%) منهن أن المسيار يحول دون وقوع النساء في شرك العنوسة، خاصة وأن هناك (96) ألف عانس في الأردن.
في مصر
بعد نجاح «قصة الأمس»
إلهام شاهين وميرنا وليد ترفضان زواج المسيار
زواج المسيار إحدى القضايا المهمة التي ناقشها مسلسل المخرجة إنعام محمد علي «قصة الأمس»، والذي عرض في شهر رمضان على أكثر من قناة فضائية وأرضية.
تعاطف المشاهدون مع إلهام شاهين بطلة المسلسل التي قامت بدور «زهرة» زوجة المهندس أحمد الشيخ «مصطفى فهمي» والذي كان يعمل في الكويت، وبعد أن تركته الزوجة وانتقلت للإقامة في مصر؛ لدخول الابنة الكبرى الجامعة، فشعر بالوحدة والاحتياج، فتزوج زواج مسيار محددا بوقت وجوده في الكويت من المهندسة ميرفت «ميرنا وليد» التي كانت تعمل تحت رئاسته، ولم تعلم زهرة بهذا الزواج إلا بعد عودته إلى مصر بعد أن ترك عمله، وقام بطلاق ميرفت في الكويت.
زواج المسيار الذي قامت حوله الأحداث أثار رفضا كبيرا من المشاهدين، واختلف حوله الكثير، وها هو حوارنا مع بطلتي العمل، والذي خرجتا منه صديقتين.
في منزل إلهام شاهين كان اللقاء مع الصديقتين إلهام وميرنا، كلن لابد أن نبدأ الحوار مع البطلة الأولى للعمل إلهام شاهين، والتي قالت عنها الفنانة هند رستم: إنها سيدة الإحساس في جيلها، وبينما تكشف المخرجة إنعام محمد علي عمق إلهام شاهين في الأداء التمثيلي، وتؤكد أنها وصلت لدرجة قمة النضج، وخاصة المشاهد التي تكشف فيها خيانة زوجها، والأخرى عندما تتمرد على حياتها، وتحاول أن تثبت لأحمد الشيخ أنها ما زالت امرأة تحب، ويحبها الآخرون.
بدأت إلهام شاهين حوارها معنا عن رأيها في المرأة التي تقبل زواج المسيار فقالت: إن هذا النوع من الزواج منتهى المهانة للمرأة؛ لأنها تجعل من نفسها أداة تلبي حاجات الرجل فقط، وليس لها كيان ولا أهمية ولا مشاعر، تعامل معاملة الحيوانات، ومنتهى الأنانية من الرجل، وكأنه يقول إنني سأتزوجك لليلة واحدة.
وقالت: المسيار كارثة والمسلسل تناوله بشكله الصحيح، وأنا أرفضه بوجه عام.
الاشتياق للزوج
< ماذا تقولين للزوجة التي يعيش زوجها في الغربة، وهي تعيش بعيدة عنه؟
أحيانا تضطر ظروف الحياة أن تكون الزوجة في بلد والزوج في بلد آخر، هنا على الزوجة أن تهتم بزوجها باستمرار، وتتصل به وتشعره بأنها في شوق إليه، ومن الصعب عليها بعده هذا عنها، وهي تنتظر اللحظة التي يعود فيها، وتجعل المادة في آخر اهتماماتها.
أسباب النجاح
< ما أسباب نجاح هذا العمل بهذا الشكل، الذي يتحدث لأول مرة عن مشاكل الغربة وأثر البعد بين الزوجين؟
مصداقية العمل ونجاحه تأتي من أن كل الشخصيات تجمع بين الأخطاء والشخصية الجيدة، فبالنسبة لزهرة بعد اكتشافها خيانة زوجها، وهي من أصعب المشاهد التي قمت بأدائها فقد شعرت بصدقه، فبمقدار حبها له كانت صدمتها، فهي ليست غيرة على كرامتها فقط، لكن سبب الصدمة أنها كانت تثق فيه ثقة عمياء، فتحول الحب لكراهية شديدة، وتحولت زهرة لشخصية عنيدة؛ لتثبت لأحمد الشيخ أنها ناجحة.
قدوة للناس
< عودة زهرة لزوجها المهندس أحمد الشيخ بعد نجاة ابنهما من حادث أليم، هل نعتبرها نهاية تقليدية؟
النهاية اختارها الكاتب محمد جلال عبد القوي، والمخرجة إنعام محمد علي بهذه الطريقة لإسعاد المشاهدين، فنحن نقدم دراما، ويجب أن نكون قدوة للناس، فنحن نقول كفريق عمل: عن الزوج والزوجة عندما يكون بينهما حب لابد أن يحافظا عليه؛ حتى تستقر الأسرة من أجل الأبناء.
< هذه هي المرة الثانية التي تعملين فيها مع المخرجة إنعام محمد علي. ماذا أضافت لك بعد كل سنوات النضج والنجومية؟
استفدت كثيرا من إنعام محمد علي؛ فهي مخرجة مختلفة، تهتم بتفاصيل العمل، وتضبط إحساس الممثل في كل مشهد.
مسألة صعبة جدا
< هل نجاح مسلسل «قصة الأمس» جعلك في مأزق في اختيار المسلسل القادم؟
مسألة صعبة جدا؛ لأن أي عمل قادم لابد وأن يكون في مستوى «قصة الأمس» وأعلى منه، فصعب أن تجدي عملا في نفس مستوى الكتابة والإخراج، ويكون متميزا بهذا الشكل.
< هل معنى هذا أنه كانت هناك سلبيات في أعمالك الماضية؟
إلى حد كبير لأنها كانت أعمالا متعجلة، وكانت النصوص بها بعض الأخطاء، وتحتاج إلى تعديل، ولكن لضيق الوقت والسرعة لم يتم تعديلها، وبالتالي ظهرت بعض العيوب.
أحاسيس متضاربة
جو من الحب والصداقة جمع بين إلهام وميرنا بعد العمل، فهما صديقتان في الحياة، وعلى الشاشة ضرتان.
ميرنا بدأت حوارها برأيها في زواج المسيار فقالت:
المرأة التي تقبل على زوجها أن تتزوج بطريقة المسيار تخطيء في حق نفسها، مهما كانت تحبه ومهما كانت مبرراتها.
وتضيف ميرنا: إن "ميرفت" لم ترَ نفسها خاطئة عندما قبلت بزواج المسيار الذي اشترطه عليها أحمد؛ لأنها تحبه وتحب أولاده وعائلته، واعتقدت أنه مثالية مع أولاده وزوجته سوف تتكرر معها؛ لأنه إنسان متدين أيضاً كانت تتصور أنه لن يتخلى عنها، لكنه تخلى عنها ولم يعطها أي حق.
كما أن ميرفت وجدت فيه الأب الذي تبحث عنه؛ لأنها لم تجرب سلطة الرجل لا مع زوجها الذي رحل عنها في عز شبابها وأصبحت أرملة ولا مع والدها الذي تركهم ولم تعش معه فوجدتها في المهندس أحمد الذي احتواها وكان يهتم بها ويخاف عليها.
< متى اختلفت مع ميرفت؟
- "ميرفت شخصية طيبة جداً مع أهلها، ومع زوجها الذي رحل، لكنها أحبت فأخطأت؛ لذلك فإنها كانت تشعر دائما بتأنيب ضميرها وكانت أحيانا تنظر إلى المرآة ولا تطيق نفسها؛ لأنها لم تكن تريد أن تحطم حياته بالعكس كانت تحب أولاده وتحب زوجته، لكنه فجأة أصبح محور حياتها، ووجدت نفسها تحبه ولا تستطيع أن تعيش بدونه؛ لذلك فإن ميرفت ليست شريرة كما يعتقد البعض.
< ماذا أضاف لك دور ميرفت كممثلة؟
- ابتعدت عن أدوار الرومانسية، واتجهت لأدوار أخرى شريرة بعض الشيء.
< هل تعتبرين دور ميرفت من أصعب أدوارك مع إنعام محمد علي خاصة أن هذا العمل هو الرابع معها بعد "أم كلثوم" وقاسم أمين و"مباراة زوجية".
- لا أستطيع أن أقول ذلك؛ لأن دوري في قاسم أمين كان صعباً؛ لأن أؤدي شخصيتين "غازية" و"بنت فرنساوية"، وكان الاختلاف كبيراً في الشكل، أما ميرفت فكانت صعوبتها في إحساسها وعمق تركيبة شخصيتها، لديها أحاسيس متضاربة، من هذا المنطلق فإن إنعام محمد علي تهتم بأحاسيس الممثل الذي يعمل معها.
بطلات حقيقيات لـ «قصة الأمس»
تحكي بثينة حسين ـ 45سنة ـ قصتها مع المسيار، حيث إنها أم لأربعة أبناء أكبرهم في سن الـ17عاما قائلة: اضطررت جراء زواجي الفاشل إلى القبول بزواج المسيار كي ألبي احتياجاتي المادية واعيش حالة من الاستقرار والرفاهية.
ويتفق محمد زيادة ـ رجل أعمال 45 سنة ويؤكد عدم وجود حرمة في زواج المسيار، خاصة أنه جربه فيقول: تعرفت على إحدى الموظفات اللاتي تعمل لدي في الشركة وعرضت عليها زواج المسيار فوافقت لكنها اشترطت راتباً شهرياً وسكناً بأحد الأحياء الراقية وعدم الإنجاب فوافقت طالما أن هذا الزواج يلبي حاجاتي دون الإضرار بحاجات الآخرين.
وعن رأيها في مسلسل «قصة الأمس» تقول ماجدة السيد ـ مهندسة زراعية ـ: أنا سعيدة بهذه النوعية من الدراما لأننا مفتقدون إليها وسبب سعادتي يرجع إلى علاقة الحب القوية بين الزوجين، لكني حزينة لموقف إلهام شاهين التي تركت زوجها بحثاً عن زيادة المال وكان يجب ألا تترك زوجها. في الوقت نفسه ألتمس العذر لزوجها الذي تزوج عليها مرة أخرى لصعوبة بقاء الرجل مدة طويلة بمفرده وهذا الرأي نتيجة تجربة خاصة بي، حيث كنت بالغربة مع زوجي بالسعودية وعلى الرغم من أنه كان يشغل منصباً كبيراً فقد قرر عودتي أنا وبناتي لتكملة دراستهن بالإسكندرية، لكني صممت أن نعود معاً كما أني لا أوافق على زواج المسيار لأنه لا يتماشى مع العادات والتقاليد الإسلامية.
يؤكد د. محمد المهدي، أستاذ الطب النفسي بجامعة الأزهر، إن هذا النوع من الزواج يمكن أن نطلق عليه «زواج مصلحة» الذي ينتهي بانتهائها وهذا يرجع إلى غزو الثقافة الغربية للمجتمعات العربية وما أفرزته من أنماط سلوكية ونفسية جديدة على المجتمع العربي الذي ظل لفترات طويلة محافظاً على الزواج باعتباره رباطا مقدساً وميثاقاً غليظاً
ويشير د. المهدي إلى أنه من الصعب علينا تحديد الضحية والجاني في زواج المسيار، خاصة أن هذا النوع من الزواج يقوم على مبدأ الاستغلال المشترك بين الطرفين.
أما نجلاء محفوظ ـ الكاتبة والخبيرة الاجتماعية فترجع انتشار زواج المسيار إلى وجود مكاتب الزواج في مصر مما أوجد نوعاً من النخاسة غير المطلوبة، فهذه المكاتب هي إفراز المجتمع المصري الذي طرأت عليه تغيرات كبيرة في السنوات الأخيرة جعلته يقدم على القبول بمثل هذا الوضع خاصة مع زيادة حالة الركود في سوق الزواج بالطرق المعروفة. وعن الرأي الشرعي في هذه القضية يقول الدكتور محمد عبداللطيف البنا، أستاذ الشريعة بكلية أصول الدين بجامعة الأزهر: ان تفاقم زواج المسيار في مصر يرجع بالدرجة الأولى إلى فتوى مجمع البحوث الإسلامية التي زادت من معدلات هذا الزواج مما أوجد حالة من الذعر بين الأسر المصرية خاصة مع هروب الشباب لمثل هذا الزواج تحت دعوى أن الأزهر أجازه وحلله.
ويؤكد د. البنا أن الزواج بشكله الصحيح هو ما توافرت فيه مجموعة من الشروط والأركان لأنها هي التي تُفَرِّق بين عقد النكاح المشروع وعقود النكاح التي حَرَّمها الإسلام إلى أن تقوم الساعة، ولذلك فزواج المِسيار إذا تحققت فيه شروطه من رضا كامل بين الزوجين، وصيغة تدل على التأبيد أي استمرارية العلاقة ووجود وليّ الزوجة، والشهود العدول، والإشهار فهو زواج صحيح بصرف النظر عن مسماه ما دام أنه غيرُ مُحَدَّد بمدة، أما إذا انتفى أي شرط من هذه الشروط فيدخل في عداد الزواج الفاسد أو المحرم.
زيادة الطلب على زواج المسيار
أوضحت دراسة عُرضت على المجلس القومي للمرأة بمصر زيادة الطلب على زواج المسيار من الجنسين بشكل وصلت نسبته إلى أكثر من %70 رغبة في تحسين الظروف المادية.
«المسيار» مهين للمرأة
عن مسلسل “قصة الأمس” يقول مؤلفه محمد جلال عبد القوي: إن الظواهر والمشاكل الاجتماعية التي تأن منها المجتمعات المصرية والعربية كثيرة وهي تثير قلم أي مؤلف أو أديب للخوض في تفاصيل هذه الظواهر ومحاولة أبرازها علي الساحة حتى يتسنى للخبراء في مجالاتهم الالتفات إليها ومحاولة حلها ، وبالنسبة لزواج المسيار فهو ظاهرة انتشرت مع تزايد سفر الأزواج إلي بلاد بعيدة عن زوجاتهم وهو ما دفع هؤلاء الأزواج للارتباط بزوجات بشروطهم بشكل شرعي ترضية لضمائرهم وهذا السلوك من قبل هؤلاء الأزواج رغم مشروعيته إلا إنها عادة ما تخلف مشاكل أسرية واجتماعية كثيرة .
ويضيف : أما بالنسبة لقبول المرأة بهذا الزواج ومهما كانت الظروف مهينة لإنسانية الإنسان كونها قريبة من زواج المتعة الذي هو محرم شرعا.
في المغرب
المنفعة وراء هذا الزواج
طالت موضة المسيار بعض المغربيات اللائي يوافقن على مثل هذا الزواج طلبا للمتعة والمال وهو ما تقر به أمل ـ متزوجة من خليجي وأم لثلاث أطفال ـ تقول: أرى أن مسلسل «قصة الأمس» يحاكي الواقع العربي لحد كبير، وقد عشت قصة واقعية مشابهة إلى حد ما وأعتبر أن ميرفت بطلة العمل ضحية للرجل المتزوج الذي أغراها بحبه وحنانه، وتعتبر أن الرجل بالأساس هو المسؤول عن خراب بيته.
وتحكي منيرة عن زواجها السري بالقول: لم أنتبه يوماً لهذا الرجل الذي كان زميلاً لي في عملي ولم أكن نهائيا أهتم به لأنني أعرف سلفا أنه متزوج، لكن اشتغالنا جنباً إلى جنب وتفاهمنا على أمور عدة واتفاق طباعنا، ورطني في علاقة حب وزواج أشهدنا عليها الله وبعض الأصدقاء الذين كانوا يعرفون بالأمر.
وتستدرك قائلة: لكن فرحتي لم تدم أكثر من عامين حيث انسحب زوجي من حياتي دون أن يواجهني. وعن معاناتها مع الزواج السري تقول أمينة: تزوج زوجي سرا، ولم أعرف إلا بعد أن حملت زوجته، جن جنوني ولم أدخر وأولادي الثمانية جهدا لإبعادها عن حياتنا، لكنها تصرفت معنا بلباقة فغلبتنا وتغيرت الأمور بيننا.
ويلتقط أطراف الحديث محمد (60 عاما) ليحكي تجربته مع الزواج قائلاً: تزوجت في العشرين بزوجة صالحة وغنية، لم تبخل معي في شيء وحين كبر الأولاد أحسست بأنه علي تغيير إيقاع حياتي، بدأت أتطلع للسفر والنزهات وفي مقر عملي كانت هناك موظفة زميلة في الأربعين، ارملة أنيقة وبشوشة ومرحة.
ويتابع حديثه: تعودت عليها وعلى حديثها ونصائحها، فقررت أن أتزوجها سراً لشهور قبل أن يصل الخبر لزوجتي الأولى التي طار عقلها فما كان مني سوى تطليقها لأرحل بعيداً إلى مدينة أخرى.
رأي الشرع: زواج غير معترف به
عن رأي الشرع في زواج المسيار يقول علي بن ريسون ـ عالم دين وعضو المجلس العلمي بالشاون ـ:
زواج المسيار السري في المغرب غير معترف به وقد حدد الشرع القانوني المغربي ظروف وضوابط وشروط الزواج العام العلني عبر مدونة الأسرة في آخر تعديلاتها، الذي كان وقع الاتفاق عليه والتراضي حوله من طرف لجنة مختصة مختلطة عينها الملك محمد السادس وبالتالي فالزواج السري يعتبر خروجاً عن القانون ومعاقب عليه وغير ذي جدوى، إذ يعد في القانون لاغيا وفاسدا، كذلك من الناحية العرفية فإن التقاليد المغربية لا تسمح بهذا النوع من التعاقد، لأنه جرت العادات عبر القرون أن يكون النكاح مشهراً وأن يجري الزفاف علانية وفي جو واضح شفاف.
التعليقات