الدراما السورية والبدوية تألقت في رمضان وسحرت قلوب وعقول ملايين المشاهدين

الدراما السورية والبدوية تألقت في رمضان
 وسحرت قلوب وعقول ملايين المشاهدين
دبي – دنيا الوطن-لما جمال المجايدة
سحرت الدراما التلفزيونية العربية المتميّزة، قلوب وعقول ملايين المشاهدين في العالم العربي طوال شهر رمضان المبارك , و بصراحة استأثرت شاشة mbc1 بوهج أضواء الدراما العربية المشوقة، واستقطبت الملايين من مشاهدي هذا النوع من الإنتاج التلفزيوني نظراً لما تضعه بين أيدي العائلة العربية وأفرادها من مجموعة أعمال راقية ومختارة بعناية، مع الحفاظ على منظومة واحدة من القيَم والمعايير الفنية والأخلاقية الراقية التي تشكّل مظلةً تنضوي تحتها المسلسلات الدرامية، لتكون بذلك على قدر تطلّعات المشاهد العربي وأذواقه، هو المتحلّق حول الشاشة الصغيرة طوال الشهر الفضيل.

هذا العام، عرضت mbc1 نخبةٍ من المسلسلات الدرامية العربية المميزة والحصرية على غرار "باب الحارة3"، و"عيون عليا"، و"فنجان الدم"، بالإضافة إلى أعمال درامية أخرى لقيت صدىً إيجابياً كبيراً كالمسلسل التاريخي "أبو جعفر المنصور"، وأعمال نوعية كبيرة أخرى مثل "بعد الفراق"، و"ظلّ الياسمين"، وغيرها.

من يعثر على مفتاح باب الحارة ؟
عاد إلينا مسلسل "باب الحارة3" محمّلاً بعبق الياسمين الدمشقي الفوّاح والأصالة الشامية المستوطنة في قلب الحارة الدمشقية القديمة بكل تفاصيلها التراثية وأبعادها الإجتماعية والتاريخية مع الحفاظ على الهامش التاريخي الذي تتحرّك الأحداث بمحاذاته.
حظى "باب الحارة3" بقدرٍ عالٍ من الإهتمام والمتابعة لا سيّما بعد انضمام عددٍ من نجوم الدراما السورية إلى العمل، مع الحفاظ على حبكة القصّة، السيناريو والحوار، وروعة اللمسات الإخراجية للمبدع بسام الملا.

هل يطفئ التعطّشَ للثأر فنجانٌ من الدم؟
قامتmbc1 خلال شهر رمضان بعرض المسلسل البدوي الملحمي "فنجان الدم" الذي يلعب أدوار البطولة فيه نخبة من النجوم السوريين والعرب كجمال سليمان، وميساء مغربي، وعبد المحسن النمر، وباسم ياخور، وقصيّ خولي، وغسان مسعود، ونسرين طافش، وعبير شمس الدين، وسواهم. فيما يُدير العملية الإخراجية ببراعة المخرج المبدع "الليث حجو"، الذي يُقدّم لنا صورةً بصريةً فنيّةً أخّاذة يُجسّد من خلالها رؤيته الجمالية لسحر البادية، ويُوَثّق الكثير من التفاصيل الحياتيّة لأهلها. أما مُجريات الحبكة الدرامية التي خطّتها أنامل عدنان العودة، فتتصاعد ضمن إطارٍ زمنيٍّ تاريخيٍّ عام، حيث تدور أحداث المسلسل في بداية القرن التاسع عشر، حين كان العثمانيون يبسطون سيطرتهم على معظم البلاد العربية، فيما كانت الصراعات دائرةً على جبهتين: الجبهة الأولى تجمع القبائل العربية من جهة والعثمانيين من الجهة الأخرى، والثانية تجمع بعض القبائل العربية في مواجهة بعضها. وفي خضمّ تلك الصراعات تتركّز الأحداث حول قبيلة المعيوف بشخوصها وأبطالها ووجهائها وشعرائها وملاحمها.
وبموازاة هذا الخطّ الدرامي الشيّق تدور العديد من الصراعات والأحداث التي تَصيغ بمُجمَلِها قصصاً أُخرى، كقصّة الحب المستحيلة التي تجمع بين فارس قبيلة النوري الجزاع الذي يلعب دوره "جمال سليمان" و"عليا" حسناء قبيلة المعيوف التي تجسّد شخصيتها "ميساء مغربي"، بالإضافة إلى قصة حب أخرى تجمع بين عرّافة قبيلة المعيوف "نسرين طافش" وعقيد القبيلة "بنيّة المحزّم". يُضاف إلى كلّ هذا وذاك التنافس الشعري بين الشاعر الصلبي الأعمش وشاعر المعيوف عباس حد النذر، ناهيك عن دخول المستشرق الإنكليزي "السير جون سميث" على خطّ النار بعد أن يأتي البادية طالباً المعرفة والتوثيق، ويخرج منها خاطفاً زوجة الأعمش..




سحر البادية في عيون عليا..
عرضت mbc1 المسلسل البدوي "عيون عليا" الذي تدور أحداثه حول "عناد"، الشاب الفتيّ والفارس القويّ الذي لا تنقصه الشجاعة أو العلم، فضلاً عن وافر الإحترام الذي يكّنه له قومه وأفراد عشيرته. أما "عليا"، فامرأةٌ وافرة الجمال وعريقة الحسب. فهي ابنة شيخ قبيلتها، وإليها تتناهى مطامع الفرسان وشيوخ القبائل الذين يوفدون الرُسُل أملاً في الإقتران بها ونيل شرف النسب الرفيع وحظوة الزواج من فاتنة البادية. يلعب دور البطولة في هذه الملحمة البدوية الأصيلة كلٌّ من ياسر المصري "عناد"، صبا مبارك "عليا"، بالإضافة إلى محمد المجالي، وآخرين من نجوم الدراما العربية. ووسط تهافت عليّة القوم على طلب يدها، تؤثر "عليا" أن تصدّهم خائبين زاهدةً في الإقتران بأيٍّ منهم بعد أن تَعَلّق قلبها بالفارس العاشق "عناد" الذي يعقد العزم على خطبتها، فيرسل جاهةً كبيرةً لم تشهد البادية لها نظيراً من قبل، بحيث يصعب على أهلها أن يردّوا وجهاء الجاهة خائبين. هنا تبدأ الحبكة الدرامية بالتصاعد لتبلغ أوجها عندما يقرّر شقيق "عليا" اللجوء بأخته إلى شيخ إحدى القبائل البعيدة، فيستمهل القوم حتى يُسدِل الليل ستاره لينطلق بشقيقته تحت جنح الظلام معلناً بداية فصلٍ جديدٍ من فصول هذه الملحمة البدوية العريقة بكلّ ما فيها من أحداثٍ متسارعة ووقائع مشوّقة وصراعات دامية تستحضر الماضي الغابر بعبقه التراثيّ الفواح وأصالته التي لا تزال حاضرةً في أذهاننا وحيّةً في ضمائرنا. أما أكثر ما يميّز هذا العمل فيكمن في سرد القصة وتعاقب الأحداث، بالإضافة إلى الأداء المتقن للمثلين والحرفية العالية للمخرج حسن أبو شعيرة الذي نجح في استيحاء أصالة البادية وتجسيدها في صورةٍ بصريةٍ حيّةٍ تحاكي قلوب المشاهدين وتحرّك أحاسيسهم بكلّ عفويةٍ وبراعة وحنين إلى البادية.

المسلسل التاريخي "أبو جعفر المنصور"
كما قامت mbc1 بعرض المسلسل التاريخي الدرامي "أبو جعفر المنصور" الذي يضمّ نخبة من نجوم الدراما العربية والسورية كالممثل القدير عباس النوري -الذي لعب دور "أبو عصام" في "باب الحارة2" وألهب قلوب الملايين- وهاني الروماني، ومنذر رياحنة، وإياد نصار، وعبير عيسى، ونبيل المشيني، وسمر بارودي، ومحمد المجالي، وريم القواسمي، وناريمان عبد الكريم، وسهيل جباعي، وأنور خليل، وآخرين. يتناول المسلسل قصة حياة "أبو جعفر المنصور"، ثاني الخلفاء العباسيين وأكثرهم قوةً وأذيَعَهم صيتاً، ضمن سياقٍ تاريخيٍّ يسلّط الضوء على حقبةٍ زمنيةٍ هامّةٍ تمتدّ منذ أواخر عهد بني أميّة وحتى نهاية عهد الخليفة أبي جعفر المنصور، بعد مرور حوالي خمسة وعشرين عاماً على تأسيس الدولة العباسية. يقدّم المخرج المبدع شوقي الماجري رؤية فنية درامية تاريخية بامتياز، حيث يَعمد إلى مزج الوقائع التاريخية بكل ما فيها من أحداث مُثبته ومؤرّخَة بالأبعاد الإنسانية التي ميّزت شخصية أبي جعفر المنصور والمحيطين به، ليقدّم رؤية تاريخية جديدة تتّسم بكونها تدبّ بالحياة وتذخر بالأحداث والمشاهد الوجدانية المؤثّرة، وهذا ما يجعلها أقرب إلى الواقعية منها إلى السرد التاريخي الصَرْف، فضلاً عن ابتعادها عن التكلّف المعهود في هكذا أنواع من السِيَر الذاتية التي غالباً ما تقع فريسةً لسطوة التاريخ بكل ما فيه من أحداث ضخمة ومحاور مفصلية وهامات عملاقة، ما يؤدي غالباً إلى تأطير الشخصيات المحورية وتقديمها في قوالب جامدة تُجرّدها من سِماتها الإنسانية، وذلك عبر محاولة إخفاء نقاط ضعفها وتجاوز إخفاقاتها وتحاشي انتقادها لتصبح بعض تلك الشخصيات خالية من الحياة وبعيدة عن قلوب المشاهدين. ولعلّ ما يميّز هذا العمل أيضاً هو محاولته لخلق توليفة تاريخية درامية تقدّم أبطالها بصورة البشر العاديين الذين يُحبّون ويكرهون، يخطؤون ويُصيبون، يفرحون ويحزنون، وقد تمتزج عندهم الأحقاد بالرغبات وتذوب الصرامة في البطش، ما يشدّ من إزرهم حيناً ويعمي بصيرتهم أحياناً.

ويطيب اللقاء بعد الفراق..
وعرضت mbc1 خلال رمضان الدراما المصرية "بعد الفراق"، باكورة الأعمال التلفزيونية للنجمة السينمائية الشابة هند صبري التي تُتوّج أول إطلالة لها على الشاشة الصغيرة من خلال تعاونها مع المخرجة شيرين عادل. تلعب هند صبري دور البطولة إلى جانب نجمٍ سينمائيٍّ آخر هو خالد صالح الذي اعتلى مؤخراً سلّم الشهرة بعد تقديمه لمجموعةٍ من الأفلام البارزة على غرار "الريّس عمر حرب"، و"هي فوضى"، و"حين ميسرة"، ومسلسل "سطان الغرام". تلعب هند صبري دور فتاة قروية حسناء يقوم عمّها بالاستيلاء على ميراثها لتجد نفسها وحيدةً في مواجهة مشقّات الحياة وهمومها، بعد سفر حبيبها، ما يضطرها للنزوح إلى القاهرة والعمل كخادمة منزل.

وللياسمين ظلٌّ يخفّف عبقه !
تتميّز الدراما الخليجية "ظل الياسمين" بقصّتها المؤثرة والقريبة من الواقع، حيث أبدعت الكاتبة وداد الكواري في صياغة تفاصيلها وأحداثها والمواقف المشّوقة والمشاهد العاطفية المؤثّرة التي تنقلها إلى وجداننا ببراعة كاميرا المخرج المُتمكّن أحمد المقلة. يلعب دور البطولة كل من: خالد أمين، وشهد ياسمين، وإبراهيم الصلال، ومرعي الحيان، وفاطمة عبد الرحيم. تدور أحداث "ظل الياسمين" في الفترة الممتدّة بين خمسينات وثمانينات القرن الماضي، وتتمَحور حول الفتاة اليتيمة "ياسمين" التي تعيش مع جدها المتسلّط والكبير في السن. تقع "ياسمين" في حُب شاب يعيش في حيّها ويدعى "مهنا"، وعندما يتقدّم لخطبتها يواجَه بالرفض من قِبَل الجَد الذي يُفضِّل عليه رجلاً آخر من أبناء عمومتها على الرغم من أن الأخير يكبرها بعشرات السنين. ويكون الجد بذلك قد أعطى الأفضلية للعريس الهرِم حتى على حساب شقيقه الأصغر "طلال" الذي تقدّم هو الأخر لخطبتها متنافساً بذلك مع شقيقه للفوز بقلب "ياسمين". تنتقل "ياسمين" برفقة زوجها الهرِم وجدّها للعيش في منطقةٍ بجوار البحر، وسرعان ما تبدأ مظاهر الإثراء المفاجئة وغير المشروعة بالظهور على زوجها المتوسط الحال، في ما بدى وكأنه نتيجة لعلاقته بأحد الرعايا الإنجليز الأثرياء والمتنفذّين، لتبدأ مرحلة جديدة في حياة "ياسمين"، ولا سيّما بعد أن تُرزق بمولودها الوحيد "جاسم" الذي تكرّس له حياتها ووقتها وجهدها وحنانها. يحملنا المسلسل من جيل الآباء إلى جيل الأبناء والأحفاد، حيث يظهر أبناء وبنات كلّ من "مهنا" و"طلال" بالإضافة إلى "ياسمين" وابنها "جاسم". كل ذلك يدور وسط حلقة من العِبر الأخلاقية والرسائل الإجتماعية الهادفة التي تطال مواضيع حساسة كزواج كبار السنّ بالشابّات، وتبعات التسلّط في الرأي والتعنّت وما ينتج عنهما من آثار مدمّرة على العائلة، بالإضافة إلى عقوق الأبناء وتنكّرهم لذويهم وعقاب الله العادل.

التعليقات