الاردن:مشروع العبدلي حلقة وصل بين عمان القديمة والجديدة ولا علاقة لعائلة الحريري بالبلدوزرات

الاردن:مشروع العبدلي حلقة وصل بين عمان القديمة والجديدة ولا علاقة لعائلة الحريري بالبلدوزرات
غزة-دنيا الوطن
'يقول فريق مؤسسة موارد الأردنية انهم لا يهتمون كثيرا للجدل والنقاش السياسي والإعلامي الذي يستهدف الملف العقاري في لانهم يصبون جهودهم 'على إنجاز المشاريع المقررة' في المناطق التي ستخضع للتطوير سواء في العاصمة عمان او محيطها. وأهم هذه المشاريع مشروع تطوير منطقة العبدلي في وسط عمان. وموارد هي المؤسسة العامة التي تشكلت بقانون خاص للإشراف على تطوير عدة مناطق في المملكة وتحديدا في العاصمة بالتعاون مع القوات المسلحة الأردنية. والمعماري أكرم أبو حمدان هو المشرف على تنفيذ مشروع تطوير العبدلي الذي يتضمن تغييرات معمارية جريئة ستشهدها عمان.
وعمليا لم يثر اي مشروع تطويري التساؤلات والانتقادات كما فعل هذا المشروع الذي يجري الترويج له شعبيا تحت شعار 'الغد لمن يراه' الذي ينتشر عبر لافتات عملاقة يقرأها الأردني كلما مر بجوار قلب عاصمته.
ويقود مؤسسة الموارد مجلس إدارة يترأسه رئيس هيئة أركان القوات المسلحة الأردنية. وتقول مصادر المجلس ان اعضاءه لا يجدون انفسهم معنيون لا بالرد على الجدل ولا حتى في الخوض بنقاشات خارج الإختصاص، ولهذا يكتفي المعماري اكرم أبو حمدان بإشارات خفيفة يفهم منها توقع قراءة سلبية أحيانا لأي فكرة تغيير او تطوير لكنه يصرعلى ان مؤسسته مفتوحة على كل الأفكار ومستعدة دوما للإجابة على أي تساؤلات تخص طبيعة العمل وأهدافه وما انجزو ما يخطط لإنجازه.
ويتضح من الحديث مع ابو حمدان ان المرحلة الأولى من تطوير موقع العبدلي أنجزت تخطيطيا وبنيوياً فيما تنتظر المؤسسة إقرار دراسات المراحل الثانية والثالثة من قبل أمانة عمان- البلدية - في إطار صلاحيات البلدية كجهة مسؤولة عن التنظيم والتخطيط الشمولي.
ويعتقد أبو حمدان بان النقاش حول مشروع تطوير العبدلي 'طبيعي جدا ومفهوم جدا' لكنه يضيف بان الفكرة وخلقيتها ظلمت قليلا او قرئت بصورة خاطئة في بعض الأحيان.
يقول الفريق المشرف على المشروع ان المسألة فنية وهندسية بالمقام الأول، فالمدن لها حياة ولها روح وينبغي ان تتطور وتواكب العصر بدون المساس بروحها وعراقتها.. وعمان المدينة فيها مساحات جمال مؤثرة يمكن توظيفها بالمعنى الجمالي والعمراني وحتى الإستثماري. وبالنسبة لفلسفة مشروع العبدلي فقد نظرت موارد لطبوغرافية عمان القديمة التي شقت شوارعها لتلتف حول تلالها وجبالها ولا تخترقها فتشكلت أحياء وتجمعات في عمق التلال غير مخدومة بقوة بالشوارع. ويضيفون انه في سياق هذا الوضع اصبح التخطيط يلحق بالنمو ولا يسبقه كما يتطلب المنطق. ويلاحظون هنا بان الشريانات الرئيسية للأحياء كانت 'وديانية' في اشارة إلى وديان جبال عمان السبعة وهذا واقع شوارع عريقة مثل شارع الملك حسين وشارع الأمير محمد في عمق المدينة.
ويقول خبراء التصميم والتخطيط في موارد انه في الستينيات بدأت تشكل ملامح ضواحي عمان الغربية التي إتخذت تكوينا هندسيا ومعماريا مختلفا تماما على شكل مربعات عمرانية عصرية.. ولم تعد الشريانات (الطرق) وديانية.. النتيجة كانت حصول فارق بين {النمطين}- إذا جاز التعبير- من حيث التكوين الهندسي والمعمار والبصمة الجمالية.
ويضيفون انه من هنا 'تولد التفكير بتطوير منطقة العبدلي التي تقع تماما في منطقة مفصلية بين النمطين وتعتبر بمثابة الخط الفاصل بين التكوين العضوي والهندسي فتطور التفكير لتحديث منطقة القلب لتلعب دور حلقة وصل جمالية وإستثمارية لا تكتفي فقط بالربط بين النمطين ولكنها تخدم اهالي المدينة وسكانها'.
ويلاحظ أبو حمدان بأن التكوين العضوي يتبع فيه التخطيط النمو العمراني والسكاني ولكن في المخططات الشمولية كتلك التي تعمل بلدية العاصمة عليها الآن يلحق النمو بالتخطيط، ومن هنا يحقق تطوير ضاحية العبدلي الهدف سالف الذكر ويربط وسط عمان القديمة بغربها فتزول الفوارق.
وقد اختيرت منطقة العبدلي تحديدا لان المنشآت والأبنية والأراضي الموجودة فيها تعود ملكية غالبيتها للخزينة ولملكية الدولة التي كانت خصصتها تحديدا للقوات المسلحة.. بمعنى ان 'الدولة تطور منطقة تملكهاعلى الأغلب ولا يملكها المواطنون ومستوى الملكيات الفردية الخاصة فيها محدود للغاية'.
ويتابع ابو حمدان انه في هذا السياق تأسست العلاقة القوية والجذرية بين القوات المسلحة الأردنية ومؤسساتها وبين مؤسسة موارد وخاصة بعد تشكيل صندوق تنموي خاص 'تتحدد من خلاله سياسة إستثمار القوات المسلحة لمواقعها وعقاراتها تجاوبا مع انماط عصرية وتثبيتا للأطر التنموية في بعدها الوطني وتفاعلا مع الأمر الواقع' حيث ان معسكرات القوات المسلحة موجودة بكثافة في المنطقة التي تقرر تطويرها.
لذلك يترأس رئيس هيئة الأركان مجلس إدارة مؤسسة الموارد الذي يضم ايضا مسؤولين معنيين في الحكومة بينهم أمين عام وزارة المالية وأمين عام وزارة البلديات مع تمثيل امانة عمان كجهة معنية ومختصة.
واشار الى ان وجود علاقات تعاون وطيدة مع القوات المسلحة يتطلبها الواقع الموضوعي فهناك إشغالات عسكرية وبرامج إخلاء لبعض المواقع مشددا على ان مشاركة القوات المسلحة في القرار والمشاريع التطويرية والتنموية أثبتت انها سياسة حصيفة ومنتجة بدليل نجاح القوات المسلحة الباهر في المواقع التي ادارتها إستثماريا سواء في عمان او في الزرقاء او في اي مكان أخر.
وتخضع مؤسسة موارد في نهاية الامر لمجلس الوزراء عندما يتعلق الأمر ببيع اوشراء أي قطعة أرض، ومشاريعها بالتالي خلافا للشائعات تخضع لرقابة ديوان المحاسبة ولرقابة مجلس النواب ولرقابة المؤسسات الرسمية الممثلة في مجلس الإدارة.
والإدارة التنفيذية للمؤسسة لا تملك صلاحية إنفاق أي مبلغ يتجاوز الفي دينار دون الرجوع الى لجان مختصة، ولا تستطيع موارد بكل الأحوال شراء او بيع ولو متر واحد من الأرض إلا بموافقة مجلس الوزراء وهو واقع يدفع أبو حمدان للإشارة لوجود آليات رقابة على عمل المؤسسة ومشاريعها وقراراتها التنفيذية لا يمكن إختراقها او تجاوزها. كما تحال العطاءات لتنفيذها عن طريق لجنة حكومية خاصة شكلها رئيس الوزراء وتتخذ قراراتها تحت مظلة وزارة الأشغال العامة.
ويؤكد ابو حمدان ان ما يشاع حول قيام مؤسسة الموارد باستملاك شقق سكنية او عقارات في منطقة العبدلي 'غير صحيح فقرارات الإستملاك لا تدخل في صلاحيات المؤسسة...وأي إستملاكات حصلت او ستحصل في منطقة العبدلي تقوم بها امانة عمان وضمن قنوات قانونية معروفة ولأغراض المنفعة العامة والبنية التحتية... ولسنا في موارد الجهة التي تستملك لإننا بإختصار لا نملك الحق بذلك إطلاقا وإن كانت موارد هي الجهة التي تدفع بدل الإستملاكات في إطار تفاهمها وتعاونها مع أمانة العاصمة'.
وتقول المؤسسة ان لديها ما يثبت عمليا ووثائقيا عدم مسؤوليتها عن اي عملية إخلاء للسكان والاهالي في منطقة العبدلي لأغراض المشروع، وتضيف ان من غادر 'فعل ذلك بإرادته وبعد عملية تفاوض وبيع وشراء بالتراضي وبأسعار لم يحلم بها البعض... وتتحدى موارد إثبات اي عملية ترحيل إجباري ولو واحدة بسبب المشروع بدليل ان بعض السكان الحاليين باعوا عقاراتهم بالتراضي وقبضوا الثمن وما زالوا في مساكنهم ولا تطالبهم موارد بالرحيل رغم ذلك حتى الآن'.
يقول المهندس أبو حمدان وفريقه في موارد ان شركة سعودي اوجيه الاستثمارية التي تعود ملكيتها لعائلة الحريري دخلت كشريك مطورفي مشروع العبدلي لقطع الاراضي التي تملكها موارد في اطار آلية شفافة اجرائيا وعلنيا 'فقد تم ارسال رسائل أعدتها شركة بووز ألان الاستشارية (وهي بيت خبرة عالمي) تطلب عروضا من مطورين دوليين في مشروع العبدلي وشمل ذلك نحو 32 شركة مختصة ومعنية بالامر في العالم..بعض هذه الشركات اعتذر عن الشراكة وبعضها لم يرد اصلا وكانت المنطقة اّنذاك تتعامل مع تداعيات احداث أيلول (سبتمبر) عام 2001 ومسألة العروض هذه اثبتت ولاء بعض الشركات العربية للمنطقة فقد تلقى برنامج موارد في السياق عروضا من شركات سعودية وعراقية ولبنانية وعرضا واحدا من مطور تركي.. ونحن نتحدث هنا عن مطورين دوليين بمواصفات محددة وخبراء في النمط المطلوب وتبين بعد التدقيق في العروض التي تقدمت بها اربع شركات بينها سعودي اوجيه ودلة البركة بان الاتراك مثلا مقاولون وليس مطورين وبان غيرهم مختصون بالفنادق فيما كانت شركة دلة البركة السعودية مترددة بشأن العوائد والارباح المتوقعة قبل ان تحضر شركة سعودي اوجيه بثقة وتناقش إقتراحات مثل اقامة ركائز تنموية في المنطقة المطورة كمشروع الجامعة الأمريكية والتأسيس لمجتمع من حولها. واستقر الامر على شركة سعودي اوجيه بتوقيع مذكرة تفاهم ثم تأسيس شراكة بعد الدراسات اللازمة حصلت بموجبها على 50' كمطور وتملك نصف شركة اسست لاغراض التطوير هي شركة مشروع العبدلي للاستثمار والتطوير، ووقعت اتفاقية نوقشت عبر كل اللجان الرسمية وصادق عليها مجلس الوزراء.
بعد ذلك استوعبت شركة العبدلي شركة المشاريع الاستثمارية الكويتية بحصة تبلغ نحو 12 ونصف بالمئة من المشروع نفسه بعد ان اظهر الكويتيون اهتماما بركيزتين اساسيتين في المشروع وهما منطقة البوليفار والسوق المركزي، والاولى عبارة عن منطقة حديثة مخصصة للتسوق والترفيه وللمشاة فقط وتضم مكاتب ومقاهي ومطاعم ومحلات تجارية. اما السوق فهي عبارة عن مول كبير للتسوق مفتوح باحدث المواصفات.
وتؤكد موارد انها قدمت الارض في موقع المشروع وقوامها يزيد قليلا عن 300 دونم، وانها تعتمد مفهوم تطوير الموقع بالبنية التحتية الحديثة بحيث يحصل المستثمر بالدرجة الاولى على قطعة ارض مخدومة وجاهزة للاستثمار. وتشير الى ان مستثمرين أردنيين كثيرون قاموا بشراء الأراضي الى جانب بعض المستثمرين العرب وقاموا بتقديم تصاميم خلاقة تحظى بلغة تناغم وبمعايير وشروط موحدة وان كانت ليست صارمة لإعطاء المرونة والتنوع المرغوبين بحيث يخلق اطار جمالي موحد للمنطقة المطورة برمتها. واوضح ابو حمدان انه تم لاحقا صرف النظر، مؤقتا على الاقل، عن مشروع اقامة جامعة في اطار الدراسات المرورية التي انجزت وهو امر دفع باتجاه انسحاب الجامعة الامريكية التي كانت مقترحة كإحدى ركائز المشروع.
ويبدو الاّن ان المرحلة الثانية في مشروع العبدلي العملاق قد تحتاج الى ثلاث سنوات اضافية يتقرر خلالها المصير النهائي لمبنى القيادة العامة للقوات المسلحة في عمق الموقع، وهو امر اثير دوما من قبل بعض السياسيين كملاحظة نقدية وسلبية ضد مشروع تطوير العبدلي. الا ان فريق مؤسسة موارد يشير لافكار واقتراحات متعددة تدرس بهدوء فيما يخص مبنى القيادة العامة الذي يعتبر اشهر مباني المنطقة المطورة. فمثلا كانت هناك اقتراحات بان تزال او تتحول الى مقر رئاسة للجامعة اذا ما انشئت الجامعة مستقبلا وبعد الدراسات اللازمة. وهنالك اقتراحات بتحويل الموقع الى متحف فلكي، وبشكل عام هناك مشكلة تتعلق بالمباني العسكرية القديمة التي لا تتضمن تسويات تحت الارض او مواقف سيارات مثلا.. هذه المسائل كلها تطرح وتناقش حاليا في مطبخ فريق شركة العبدلي، علماً بأن الموارد حافظت على مسجد الافتاء القديم في حرم المشروع حيث تم ترميمه بكلفة مائتي الف دينار كما حافظت على الاشجار القديمة.
وتشير ادبيات مؤسسة موارد الى انه في المحصلة النهائية ستتميز ابنية المشروع وعناصره بتوفير متاجر ومطاعم ومقاه في الطوابق الأرضية وتخصص الطوابق العلوية للسكن والمكاتب وستقام مقرات للشركات الكبرى وفنادق وبنوك ومعارض وساحات مفتوحة ومرافق خدمية تدعمها بنية تحتية متكاملة.

التعليقات