الإمارات.. الأبراج الشاهقة تخفي آلاف الفقراء والمحتاجين

الإمارات.. الأبراج الشاهقة تخفي آلاف الفقراء والمحتاجين
غزة-دنيا الوطن
رغم النمو الاقتصادي القياسي الذي تحققه دولة الإمارات سنويا، والأبراج الشاهقة التي تتكاثر بفعل الطفرة العقارية في كافة أنحاء الدولة؛ إلا أن آلاف الفقراء الذين تتزايد أعدادهم أيضا يعيشون على المساعدات والصدقات، فيما يصفهم محللون وخبراء اقتصاديون أنهم "ضحايا للتضخم وارتفاع الأسعار".

ورغم أن الإمارات ربما تكون الأفضل حالا من حيث معدلات الفقر، مقارنة بنظيراتها من دول الخليج؛ إلا أن آلاف الفقراء يعيشون على المساعدات المالية التي يتلقونها من وزارة التنمية الاجتماعية، وصندوق الزكاة، وبعض الجمعيات الخيرية في الدولة.


ارتفاع مستويات الفقر

وتبين من دراسة أعدتها مؤخرا الخبيرة بوزارة الشؤون الاجتماعية الإماراتية الدكتورة موزة العبار أن عدد المستفيدين من المساعدات التي تقدمها الوزارة بصورة دورية على مستوى الإمارات ارتفع من 31139 حالة عام 2001 إلى 37848 حالة عام 2007، بمعنى أن نسبة متلقي الدعم الحكومي من الفقراء والمحتاجين ارتفعت بنحو 18% خلال السنوات الست الأخيرة.

وتشير الدكتورة العبار إلى أن المساعدات الاجتماعية الإجمالية التي يتم تقديمها من خلال الوزارة وحدها تبلغ 2.3 مليار درهم سنويا (الدولار يعادل 3.67 دراهم).

لكنَّ جيوب الفقراء في الإمارات تبتعد عن إمارتي الثراء؛ أبوظبي، ودبي، حيث تتركز في إمارتي الفجيرة ورأس الخيمة، وفق دراسة الخبيرة العبار التي قالت: "إن الحالات التي تتلقى المساعدة المالية من وزارة التنمية الاجتماعية ارتفعت في الفجيرة بنسبة 61% خلال السنوات السبع الأخيرة، بينما ارتفعت في رأس الخيمة بنسبة 34% خلال الفترة ذاتها".

والمساعدات المالية التي يحظى بها فقراء الإمارات هي الأفضل في المنطقة بأكملها بعد أن قرر رئيس الدولة الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان منحهم مكرمة مجزية هذا العام بمضاعفة مخصصاتهم المالية بالكامل، حيث يتلقى المحتاجون 4380 درهما، لكل فردٍ شهريا.

عزوف عن مهن

ويرى المحلل الاقتصادي رامي خريسات أن الارتفاع في أعداد الفقراء والمحتاجين بالإمارات يعود لأسباب عديدة، معتبرا أن أهمها "عزوف الكثير من المواطنين عن العمل في بعض المهن المرتبطة بالطفرة الاقتصادية التي تشهدها البلاد، مما يجعل أرباب العمل يلجؤون لتشغيل الوافدين".

وبحسب خريسات الذي تحدث لـ"الأسواق.نت" فمن الملاحظ أن "ثمة عزوفا من جانب المواطنين عن العمل في مهن كالهندسة المدنية والمعمارية وغيرها من المهن المرتبطة بالنمو الاقتصادي الذي تشهده البلاد".

لكنَّ خريسات يرى "ارتباطا وثيقا بين نسب التضخم العالية وارتفاع الأسعار الذي تشهده أسواق الدولة من جهة، وبين انتشار الفقر في بعض المناطق، وزيادة أعداد المحتاجين وطالبي المساعدة من الدولة".


حلول المشكلة

وللوصول إلى حلول مقنعة لمشكلة الفقر، يطالب خريسات بإجراء الدراسات والبحوث الاقتصادية والاجتماعية الشاملة التي من شأنها تحديد خط الفقر في دولة الإمارات، وأعداد الفقراء، وتعريف من هو الذي يحتاج المساعدة، ومن هو الذي لا يحتاجها، كما يطالب بمزيد من الشفافية فيما يتعلق بإعلان نسب التضخم الحقيقية.

وحسب خريسات فإن المبادرات الأخيرة التي أطلقها رئيس دولة الإمارات الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، ونائبه الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، والمتعلقة بمشاريع البنى التحتية في إمارات الفجيرة ورأس الخيمة وأم القيوين؛ ستكون عاملا مهما في القضاء على الفقر، خاصة إذا ما تمكنت من تشغيل أيدي عاملة مواطنة.

ويلفت خريسات إلى أن "علينا عدم انتظار الفقراء والمحتاجين ليعلنوا عن أنفسهم، وإنما يجب إجراء البحوث اللازمة للوصول إليهم، لأن الإنسان العربي الذي يعتز بكرامته يحاول إخفاء فقره وعوزه بأي شكل من الأشكال".

وانتهى خريسات إلى التأكيد بأن "الحلول تحتاج لبيانات ومعلومات دقيقة وشفافة" من أجل اتخاذ القرارات المناسبة في الوقت المناسب.


حالات كثيرة

وفيما تشهد الإمارات طفرة اقتصادية تاريخية وكبيرة؛ فإن الشكاوى تتزايد من عائلات محتاجة، كثير منها من المواطنين الذين كانوا حتى عهدٍ قريب ميسوري الحال، كحالة "أم أحمد" التي اتصلت مؤخرا بقناة الشارقة الفضائية تبكي بمرارة وتشكو من وضعها المادي المتهاوي.

وتقول المواطنة الإماراتية "أم أحمد": إنها تتقاضى 4 آلاف درهم كراتب شهري، تدفع منه 700 درهم فاتورة كهرباء، وتعيل بما تبقى منه أولادها وبناتها، وتقول: "لم نعد نستطيع العيش، إذا تناولنا طعام الغداء، فلا نجد ما نأكله للعشاء، الغلا ذبحنا.. يا حكومة شيلو عنا الهم".

وعبر إحدى الصحف المحلية بالإمارات ناشدت سيدة عراقية أهل الخير مساعدتها لتجد مأوى تسكن فيه فقط، لكن سيدة إماراتية سارعت إلى تأمينها بسكن مجاني في مدينة العين خلال أيام من نشر المناشدة.

كما تنشر الصحيفة ذاتها يوميا قصصا ومناشدات لعائلات في الإمارات على علاقة وثيقة بالفقر، لكنهم دائما يطلبون عدم نشر أسمائهم، فأحدهم لديه طفلة تبلغ من العمر 6 سنوات وتبين من الفحوصات الطبية أنها بحاجة لعملية جراحية تكلف 40 ألف درهم، لكن فقره يحول دون إجراء العملية لابنته الصغيرة.

أما أحد الموظفين في إمارة أم القيوين فيقول: إن راتبه الشهري 2500 درهم فقط، وإن المرض دهم ابنه الطالب في الثانوية ليكتشف أن ابنه الذي نهش المرض جسده يحتاج عملية جراحية في الخارج تتكلف 700 ألف درهم لتنقذه من الموت.

التعليقات