رؤيا لصياغة امن قومي واقعي على هامش مؤتمر فلسطين للاستثمار

الأمن المتاح والأمن الذي نريد
رؤيا لصياغة امن قومي واقعي
على هامش مؤتمر فلسطين للاستثمار
اقل من أمن قومي وأكثر من أمن وطني أما الفارق بينهما هو ما نحتاجه من امن لا أكثر من ذلك ولا اقل ، ولا نريد امن المؤسسة البوليسي ، ولا الأمن الشخصي الذي يبيح لطالبه تجاوز المسموح وطنيا وقوميا لكيلا نفقد الامنيين معا
ناصـــر دمــــج -رام الله
مدخـــــل .
ان الخصوصية التي ينفرد بها الصراع العربي الإسرائيلي أو تنفرد به في شقه الفلسطيني هي التي تقودنا الى البحث عن وصفة خاصة للأمن القومي الفلسطيني لا تشبه امن الآخرين في شيء ولا تقل عنه ولربما تتجاوزه في الحساسية الأمنية المعمول بها لدى الآخرين .
الأمن الوطني الفلسطيني الذي انتقلت أدوات عمله وتطورت من صيغة الثورة الى الدولة أو ما يشبهها ، دخل في التباس غير مسبوق في توصيف مهامه وأهدافه بسبب الاملاءات الاسرائيليه التي شوهت نشاة السلطة السياسيه والقانونيه وبالتالي الوظيفية مما ترك أثره البالغ على ( مضمون العقيدة الأمنية ألمحدده لصياغة الأمن القومي الفلسطيني ) ، وذلك بسبب الحاضنة السياسية التي أنتجت السلطة الوطنية الفلسطينية ( اسلو ) والتي أنتجت بدورها أجهزة الأمن المختلفة ، والتي لا تشبه مهامها مهام منظمة التحرير القديمة وأجهزتها الأمنية السابقة في شيء ألا بثبات الأشخاص القائمون على النوعين من المراحل مع مراعاة التبدل الكلي والشامل لمهامهم ووظائفهم ، وهم الذين ينكرون هذا التبدل الجذري على المهام خجلا من ألذات ومن دونية الدور الذي اكتشفوا بأنه مكرس لحماية امن الخصم الذي أصبح جزء مؤسس لأمن السلطة ، أن هذه الوصفة السريالية في صياغة امن موحد للضحية والقاتل في آن ، وصفة غير مسبوقة في صراع الأضداد على مر التاريخ وهي بالضرورة انعكاس ميتافيزيقي للعلاقة التي أنتجتها قدرة إسرائيل في الإملاء وإخضاع الخصم ( كأحد منطلقات واستراتيجيات الأمن القومي الإسرائيلي النافذة بسلاسة على الفلسطينيين ) ، ولكن هناك من يقر من قادة أجهزة الأمن الفلسطينية بهذه الحقيقة ويقرون بأنهم ينتمون الى سلطة اسمها الحقيقي ( السلطة الفلسطينية ) وليس السلطة الوطنية الفلسطينية كما يحلو لبعضهم وصف مؤسساتهم الأمنية والمدنية بهذه الصفة غير ألقانونيه وفقا لمرجعية تفسير المصطلحات الواردة في اتفاق إعلان المبادىء ،
وهنا نجد أحدى مساحات الألتباس المثير لكل خلاف ليس بين الفلسطينيين والاسرائيلين بل بين الفلسطينيون أنفسهم وهو حسم التعريف الوطني والقومي للسلطة ووظيفتها القومية وصولا الى تحديد طبيعة مهامها ودورها السياسي والقانوني وفي القلب من ذلك الأمني .
أن معرفة الأجهزة الأمنية لحدودها وصلاحياتها أمر يساعد في تفسير الألغاز المحيطة بالعلاقة القائمة بين الأجهزة الأمنية الفلسطينية والإسرائيلية وهو ما اصطلح على تعريفه ( بالتنسيق الأمني ) وهو أمر يلزم الدارسيين الإطلاع على هذه الاتفاقات الأمنية الفلسطينية الإسرائيلية المعروفة وغير المعروفة والمتفق عليها ضمن ( إعلان المبادىء وترتيبات الحكومة الذاتية المؤقتة (Declaration of Principles on Interim Self Government Arrangements ) التي أصدرت شهادات الميلاد للأجهزة الأمنية الرئيسة ) .
أن الصيغة التي حكمت الاتفاق السياسي وهي " حكم ذاتي فلسطيني في أطار إسرائيل " تصلح لحسم أمر الوصف الوظيفي للأجهزة الأمنية الفلسطينية ، كجزء مكمل لعدم السماح للسلطة الاستفادة من مقدرات الأرض الطبيعية التي نشأت فوقها لأنه لا ولاية حقيقية لها عليها وكذا السماء التي فوقها فيمكن لهذه السلطة أن تستفيد من كافة المجالات المذكورة وفقا لاتفاق تبادل مصالح معد سلفا مع ألدوله الممتلكة للسيادة وهي إسرائيل ، في هذا الإطار تندرج ادوار ومهام الأجهزة الأمنية الفلسطينية وهذا ما حددته بروتوكولات سرية ملحقة بالاتفاقات المعلنة كما ذكرنا وهي على إيه حال لا تتعارض مع الاستراتيجيات الأمنية الإسرائيلية القائمة طبعا على تقويض كل ما من شانه الحفاظ على فلسطينية الأرض الفلسطينية .
عليه فان الحديث عن دور قومي للأجهزة الأمنية الفلسطينية يقع في باب الخيال وفقا لبطلان القاعدة السياسية والقانونية المؤسسة التي تفسد مثل هذا المسعى لذا فان الخوض في مشكلات الأجهزة اللوجستيه والهيكلية والتكاملية فيما بينها كأنها مداخل أو مخارج مساعدة للوصول الى سياسة امن قومي عليا للسلطة الفلسطينية أمر فيه كثير من عدم التركيز وتغاضي عن حقيقة المعطيات المعيقة لصياغة امن قومي فلسطيني جاد .
وهذه هي الحقيقة الرئيسة التي ساهمت في صياغة أجهزة امن فاقده لعقيدة امن عسكرية ذات محتوى قتالي واستبدلت بأخرى ذات محتوى وظيفي خدماتي يراعي مصالح الخصم الإسرائيلي في الدرجة الأولى والمصلحة الفلسطينية بالدرجة الثانية والمصلحة العربية بالدرجة الثالثة هنا سنجد مظهرين بارزين نتجا عن شيوع تلك الظروف .
الأول:- عزوف أفراد تلك الأجهزة عن مهامهم في حال توفرت لهم فرص عمل أفضل حتى لو كان هذا العمل في داخل إسرائيل وعمل العديد من أفراد الأجهزة الأمنية الفلسطينية لدى مقاولين اسرائيلين وهم على راس عملهم في الأجهزة الأمنية الفلسطينية قبل اندلاع انتفاضة الأقصى وخلالها .
الثاني :- وتبلوت أرضية متينه للضياع الشخصي في داخل هذه الأجهزة بسبب الطبيعة الوظيفية لها الأمر الذي وفر المناخ لازدهار الفساد فيها .
فبسبب المظهرين المذكورين عمد العديد من قادة الأجهزة الى انتهاج سياسة ترقين القيد وهو أجراء أداري يتم بموجبه امتناع المؤسسة الإدارية للجهاز عن تسليم الجندي مرتبه بينما تواصل المؤسسة المذكورة استلام هذا المرتب على اسم نفس الجندي المفصول من " وزارة المالية " وقد تم التأكد من أن هناك أكثر من عشرين ألف جندي وهمي كانوا مدرجين على كشوف الأمن العام الفلسطيني تم قبض رواتبهم من قبل القائمين على هذا الأمن من عام 1994م – 2002م ، حيث كانت تدفع رواتب المنتسبين للأجهزة نقدا خلال الفترة المذكورة ( المصدر - تقرير حول ورشة " دور القوات الأمنية الفلسطينية – التحديات السياسية والقانونيه / جامعة القدس – أبو ديس ص 6 DCAf ) .
أن هذا المناخ انبت في صدور أعضاء الأجهزة الأمنية قرار سري وخاص جدا وذا طابع انتقامي بأنه لن يدافع عن السلطة في حال تعرضها للخطر رغم كونه احد أفرادها ألا أن قادتها نجحوا في تبديد دافعية ومعززات الانتماء لديهم ، السلطة ذاتها لم تكترث بما حدث في انتخابات ( المجلس التشريعي - 2006م ) ولم تخضع النسبة الهائلة التي حصلت عليها حماس من أفراد الأمن الوطني للدراسة الجادة والمطلوبة وبقي كل مسئول في مكانه مكرسا لسياسة القهر على الأفراد ، فكانت النتيجة أكثر مأساوية يوم 14/6/2007م حين تخل أفراد الأجهزة عن سلطتهم عندما أخذتها حماس في غزة ، علما أن فرع السلطة في غزة كان يستهلك أكثر من 50% من موازنتها والتي ينفق منها 25% على قوات الأمن أي 500 من أصل 1000 مليون دولار سنويا فضلا عن الموازنة الإضافية التي أنفقت في غزة نفسها في أطار محاولة أمريكا استرداد السلطة من حماس والتي قدرت بـ 100 مليون دولار فيما عرف بخطة دايتون .
يقودنا ذلك الى التوقف لا المرور عن ما يذكر ، أن النتيجة البسيطة التي يمكن أن يستنتجها الدارس لهذا الأمر هو أن الامكانات ألماديه لا قيمة لها أمام غياب القناعة بالمهمة والولاء للمؤسسة ، وهذا ما نجحت السلطة بتدميره لدى أفرادها بامتياز . وهذا ما فسر أيضا رغبة العشرات من أفراد الأجهزة الأمنية خلال انتفاضة الأقصى ألالتحاق بالمليشيا ت المسلحة وتوسعت هذه الظاهرة مكتسبة غلاف ومضمون وطنيين بل على العكس فاعتبرها بعض قادة الأجهزة بديل لمؤسسته واخذ يدعمها بكل ما أوتي من قوة واعتبر أفراد جهازه الملتحقين بها مصدرا مزدهرا للنفوذ الجديد في الشارع الذي انتقل الحكم فيه الى ايدى المسلحين وقد ساعدت إسرائيل في ذلك بتدميرها لمقرات الأجهزة ألرسميه الذين اشتدت المنافسة بينهم على من يسيطر أكثر على المسلحين فدفعوا بالمزيد من عناصرهم أليها ، وكان حصاد هذه الدراما ما عرف بالفلتان الأمني لان الصغار الذين دفع بهم الى الشارع مع بنادقهم نضجوا بسرعة وأصبحوا لا يكترثون بتعليمات المسئول السابق واعتقدوا بأنهم أهم منه لأنهم هم الميدانيين لذا فان القرار من حقهم وهذا ما كان فحصدت هذه الظاهرة من أرواح الفلسطينيين مئات القتلى وعشرات الملايين من الخسائر جراء انفلات القوة من عقالها ، وأصبح للأجهزة الأمنية ذنب لا يغتفر في تدمير المجتمع الفلسطيني ، هنا يبرز السؤال الهام في أي اللحظات من الممكن أن تحتاج الشعوب للأمن ؟؟ في لحظات الرخاء والازدهار أم في لحظات أخرى تشبه الحالات التي مر بها المجتمع الفلسطيني من2002 – 2007م ؟؟؟
كان ينبغي على الأجهزة الأمنية وأعضاء ( مجلس الأمن القومي - العسكريين ) منع العبث بأمن المواطنين لوئد فكرة الهجرة وترك البلاد من قبل الكفاءات العلمية والتكنوقراطيه بلا رجعة ، السؤال هنا النتيجة الاجمالية كانت في خانة أي من الأمنيين تصب الإسرائيلي أم الفلسطيني ؟؟
أن تخل الأجهزة الأمنية الفلسطينية عن دورها الأسمى وهو حماية المواطنين من غول الفلتان الأمني كان كفيل بكشف حقيقتها أما م نفسها اولا وأمام الشعب الفلسطيني ، عندما كان المراجع يتوجه الى أيا من الأجهزة الأمنية طلبا للحماية من زعران الفلتان الأمني كانوا يقولون له بان السلطة غير قادرة على مواجهة خصومك وعليك الاتصال على هاتف 101 طلبا للنجدة . أن هذه الظاهرة عبرت بجلاء عن حالة البلبلة التي عاشتها السلطة وما زالت أمام توالي ضربات الخصم الإسرائيلي الذي عطل أجندة السلطة في بناء ذاتها واستدراك انهيارها واستكمال مهمة التحرير وأتضح بان هذه السلطة هي أمام " معضلة استراتيجيه كبيرة قوامها الفشل في التوفيق بين متطلبات التحرير ومقاومة الاحتلال من جهة ومتطلبات بناء الدولة من جهة أخرى " ( المصدر - إطار عام لعقيدة امن قومي فلسطيني / حسين اغا واحمد الخالدي ص76 ) .
" وتجسد السلطة الوطنيه في حقيقة الأمر هذه المعضلة تجسيدا كاملا فعلى الرغم من تمتعها بالكثير من مظاهر السيادة كالعلم ونظام ألخدمه ألمدنيه ورئيس وبرلمان ألا أنها فعليا تفتقر الى مقومات السيادة الفعلية فهي لا تتمتع بالسيادة على أراضيها ولا تفرض سيطرتها على حدود هذه الأراضي كما لا تتمتع بالسلطة الكاملة على مواطنيها " ( نفس المصدر السابق ص 76)
" خلاصه القول ، أن السلطة الوطنيه هي عبارة عن مخلوق هجين فهي تمثل منتصف الطريق الذي لا يمكن إن يلبي أيا من طرفي ألحاجه الفلسطينية فهي لا تستطيع إن تتصرف كدولة بسبب السلطات المحدودة التي تتمتع بها ، وبسبب الحقيقة القائلة بأنها تواجه قوة محتله لازالت تتحكم بكل مناحي الحياة الفلسطينية ولكنها من ناحية أخرى لم تصمم أصلا لتكون حاضنة للمقاومة المسلحة أو لحركة التحرير الوطني " ( نفس المصدر ص 77 ) .
الأمر الذي يقدم لنا حقيقة هامة وهي غياب الإرادة الرسمية لصياغة امن قومي فاعل وجاد مكرس لمواجهة العدوان وحماية الشعب الفلسطيني في داخل الضفة الغربية فكيف سيكون الحال مع حماية اللاجئون في الشتات والجاليات الفلسطينية في المهجر وهي مكونات أساسية في صياغة أية استراتيجية امن قومي تمثل المصالح العليا للشعب الفلسطيني على قاعدة إن أي استراتيجية امن قومي لها بعدين :-
الأول. دفاعي يختص بمنع أو ردع كل عدوان أو تهديد للتراب الفلسطيني .
الثاني . أنساني لدرء أي عدوان يستهدف الفلسطينيين كإفراد ومجتمعات ومؤسسات سواء على الأراضي الفلسطينية أم خارجها .
ما هي سياسة الأمن القومي ؟
هي أجمالي السياسات والاستراتيجيات التي تنفذها الدولة لحماية نفسها وحماية مواطنيها من كافة المخاطر الراهنة والمستقبلية والوافدة على البلد من المجهول وهذا يعني بان مفهوم الأمن القومي واسع ألدلاله والشمولية ولا ينحصر في حدود الأمن العسكري ووظائفه البوليسية ونشاطات الأجهزة الأمنية في مكان ما .
لذا فان مقومات الأمن القومي ليست ضيقه في حدود البرنامج الاستخباري ذا الاجنده ألداخليه بل هو شامل ومتسع باتساع مجالات الحياة المكونة للمجتمع والمخاطر المصاحبة لكل مجال على حدا ويبدأ ذلك بالحالة ألاقتصاديه والاجتماعية والبيئية والكوارث الطبيعية وصولا الى العسكرية والمخابراتية واختصاصاتها .
لان الخطر العام من الممكن أن يدهم البلاد من زاوية الفيضانات أو الزلازل لا الغزو العسكري الخارجي أو وهذا يندرج في صميم الأمن القومي سلبا وإيجابا لذا فان سياسة الأمن القومي تضطلع بدورين أني ومستقبلي تتحدد فيهما المصالح الجوهرية الخاصة بآلامه ويضع الأسس الارشاديه اللازمة للتعامل مع التهديدات الحالية والمتوقعة وفرص وقوعها من عدمه .
من هنا فان سياسة الأمن القومي تحظى بمكانتها الرفيعة بين باقي السياسات الأمنية الأخرى لاتسامها بالشمولية والعمق والتشعب الممنهج .
لذا لا يجوز بأي حال من الأحوال حصر التعريف للأمن القومي بمفاهيم عسكريه فقط ، لان هذا الحصر لا يكترث بباقي المخاطر التي توازي الخطر العسكري على البلاد وتفوقه فيه في غير مجال ومجال .
استنتاج . أن الأمن القومي هو : -
وضع العلاج المسبق للخطر المفترض وهو صيغة شاملة ومرنه ولا يتسم بالثبات وهو مفهوم نسبي وغير مطلق .
ما هو الأساس القانوني الذي ترتكز عليه سياسة الأمن القومي ؟
ثمة معضلة في الحالة الفلسطينية يمكن معها الجزم بان الأمن القومي بالمعنى الذي يريده الفلسطينيون مسالة قد ذهبت أدراج الرياح بسبب الاتفاق السياسي مع إسرائيل الذي حدد شكل الولاية والسيادة الفلسطينية فوق الأراضي ألمقامه عليها السلطة الفلسطينية وهي سلطة ذات مؤسسات لكن بلا أية سيطرة على منافذ ومخارج الخطر الاستراتيجي وهي الحدود والسماء ، سيضاف الى ذلك الإطار القانوني الذي يحكم علاقة السلطة السياسية والأمنية مع إسرائيل وهي باختصار علاقة سلطة تتمتع بحكم ذاتي داخل دولة ذات سيادة سمحت بإنشاء هذا الحكم على أراضيها على افتراض أن إسرائيل تحيط بأراضي السلطة من الجهات الأربعة فجميع حدودها مع إسرائيل وإسرائيل هي متنفسها الوحيد .
فان كلمة الفصل على هذه الأرض ستكون لإسرائيل والسلطة مجبرة على الارتهان بالإرادة الاسرائيليه والعمل لصالحها في كافة المجالات بما فيها الامنيه وهنا يبرز الأشكال المحوري أثناء الحديث عن امن قومي نريده فتبدو الصورة سلبية فيتم التحول معها الى البحث عن الأمن الممكن ، وهو ( امن تعزيز الصمود والمقاومة المتنوعة فوق الارض الفلسطينية لاطول مدى زمني ممكن دون مشاركة الاحتلال في قهر المواطنين ) وذلك بسبب شذوذ القاعدة ألقانونيه الحاكمة لشكل ومضمون السلطة السياسي الذي يحرمها من صياغة خطة امن محليه وليس قومية ألا بمراجعة إسرائيلية كاملة لكافة محاورها وتفاصيلها .
رغم ذلك فان الأمن الممكن هو الأمن الذي يجب إن نعيد معه إحياء أساسيات الأمن القومي المفقود في واقع عسير وهو الأمن المقترن بالصمود بالمعنى المقاوم للمفهوم وهذا لا يستقيم مع سياسة المصالح العليا للسلطة لذا فان الأمن يجب وإجباريا إن يسير في اتجاه مخالف لحركة السير الرسمية على الشوارع المتعارف عليها للأمن الإسرائيلي وللأمن الفلسطيني الرسمي لذا يجب إن تكون هناك طبعتان لهذا الأمن شأننا في ذلك شأن الدول الكبرى التي تحتفظ بطبعتين لخطة الأمن القومي العليا الأولى سريه والثانية علنية تقدم للبرلمان وتحصل على الموازنة اللازمة ، فتجمد العلنية وتنفذ السرية بموازنة العلنية ، أما ما تنفذه الأجهزة الأمنية على الأرض وما يفترض أن تنفذه هيئة امن قومي حقيقي وسريه ينبغي أن تخدم نفس الهدف وهو تعزيز الصمود للمواطن وذلك من خلال :-
1- انفاذ خطة تنمية بشرية مستدامة تخدم الصمود وتعززه .
2- إشاعة مناخ العدالة والمساواة في المجتمع .
3- محاربة الجريمه المنظمة والفردية المدنيه والسياسيه
4- توفير مقومات الصمود المعيشيه في العيش الكريم والتعليم .
5- ايجاد فرص العمل ومحاربه هجرة العمالة والكفاءات .
6- رفع معدلات النمو والخصوبة والانجاب والمواليد وايلاء الحالة الديمغرافية الاهتمام المنسجم مع دورها في المقاومه .
7- استعمار الارض وتطويرها وتحسين ظروف السكن ودعم مشاريع الازواج الشابة وحالات الشيخوخه .
8- استقطاب ما يلزم من مشاريع الاستثمار المساعدة على محاربة البطالة ولجم غائلة الفقر
9- محاربة الفساد وترسيخ حقوق الاقليات على اختلافها وتمكين النساء وترسيخ اسس الحكم الصالح .
كيف يمكن أن تتم صياغة سياسة امن قومي فلسطيني ؟
أن سياسة الأمن القومي الفلسطيني هي انعكاس ضدي بالضرورة لسياسة الأمن القومي الإسرائيلي والعمل بما يعاكس استراتيجيات الأمن الإسرائيلي ، أي على الاستراتيجيات الفلسطينية أن توفر أسباب الصمود لأطول مدى زمني ممكن فوفقا ليسرائيل طال الذي لخص مفهوم الأمن القومي الإسرائيلي بأربع نقاط هي :-
1- التوازن والاستقرار .
التوازن هنا ليس مفهوما عسكريا كما قد يتبادر الى أذهاننا للوهلة الأولى فقط أنما هو مفهو م اشمل من ذلك ليضم البعدين الاقتصادي والديموغرافي أما الاستقرار فالمقصود به الثبات فوق الأرض والاستقرار عليها بعد إزالة كل معيق من ألأغيار .
2- التفوق .
وهذا مفهوم يحمل الدلالات نفسها في المعني ويشمل التفوق العلمي والصناعي والزراعي والذكاء الاصطناعي والابتكارات ألتقنيه وتحسين مستوى استخدام تكنولوجيا التصغير " النانو تكنولوجي "وتطوير أسلحة التهديف الدقيقة بما يكفل التفوق التكنولوجي الساحق وبقاء المساحة العربية مكشوفة للرادار الإسرائيلي .
3- الردع وتوازن المخاوف .
وهو تحصيل حاصل لما سبقه لأنه أن تحققت كامل الأهداف الموسعة ألمدرجه ضمن المفاهيم السابقة فان الردع سيكون تلقائي من خلال تعاظم القوة العسكرية وامتلاك القدرة على إخضاع العدو بعد اكتمال حلقة التفوق الداخلي .
4- التنازل والتكيف .
وهو الذي سيكفل لإسرائيل التحكم بأوراق اللعبة السياسية مع الأعداء ويمنحها المكانة المثلى في المفاوضات والتي تشكل في استراتيجية الأمن القومي الإسرائيلي الغاية النهائية لتحقيق الاستقرار والاستفادة من القوة العسكرية استراتيجيا وتاريخيا .
مبادىء أساسية في صياغة امن قومي فلسطيني واقعي .
أن أي استراتيجية امن قومي فلسطيني بالضروة هي قائمة على خيار المواجهة والممانعة والتصدي لنظرية الخصم الاسرائيلي وهي القائمة على إلحاق افدح الأضرار بالفلسطينين لإخلاء ارض النجاح من مسببات الفشل والمتمثلة بالحاق الهزيمة بهم .
المبدأ الأول.
التوازن والاستقرار .
لن يتحقق النجاح لهذا المبدأ من مبادىء الأمن القومي الإسرائيلي التي حددها يسرائيل طال ، ألا بتصفية الوجود القومي الفلسطيني بالمعنى السياسي والوجودي في الضفة وغزة والقدس الشرقية وداخل إسرائيل ، وبهذا الهدف ربط قادة إسرائيل استقلال بلادهم واعتبروا أن إسرائيل تقترب من الاستقلال بقدر ما تهجر من السكان العرب خلف الحدود ولهذا السبب لم ترسم إسرائيل حدودها ولم تعلن دستورها وهما القائمين على تحقق الهدف المذكور ، وعندما اعتلى شارون منصة القيادة في إسرائيل في آذار 2001م قال " جئت الى الحكم لأكمل مهمة الرواد في إنهاء حرب الاستقلال " وقد اعد ألعده مع بدء الغزو الأمريكي للعراق في آذار 2003م لغزو الأردن لترحيل الفلسطينيين الى هناك ، أمام ذلك يمكننا التأكد من " ان الصراع التاريخي حول فلسطين في كثير من الوجوه على انه صراع سكاني بين العرب واليهود " ( إطار لأمن قومي / مصدر سبق ذكره ص 74 ) .
وان ما يؤرق إسرائيل اليوم هو ابتعادها عن الاستقلال رغم مرور ستين عام على نهاية حرب عام 1948م ، لان التهجير الذي نفذه الإسرائيليون في ذاك العام لأكثر من 800 ألف فلسطيني لم يحل المشكلة لان العرب الفلسطينيين في الضفة الغربيه وغزة والقدس الشرقية وداخل إسرائيل سيحققون توازن ديمغرافي مع اليهود فوق ارض فلسطين التاريخية مع نهاية العام 2015م ( جهاز الإحصاء المركزي الفلسطيني - أيار 2008م ) أي عندما يصبح عدد سكان إسرائيل 14,5 مليون فان العرب سيشكلون من هذه النسبة 58% واليهود 42% وسيشكل عرب إسرائيل 30% من مجموع سكانها وان شخصا واحدا في إسرائيل من بين 5,6 هو فلسطيني وان شخص واحد من بين عشرة أشخاص في الضفة وغزة هو إسرائيلي ( المصدر Sergio dellapergola,demographic trends in Israel and Palestine: prospects and policy implications,American jewish year book 2003, vol.p38.reproduced with permission ) .
وفي بداية العام 2020 سيبدأ العد التنازلي ليهود إسرائيل من اغلبيه نسبيه الى أقلية ماضية الى الاضمحلال وفي العام 2048م أي بعد مرور مئة عام على قيام إسرائيل سيصبح اليهود أقلية في هذه البلاد وفقا لمسارات ومعدلات الخصوبة والنمو الديمغرافي في فلسطين وهذا ما أسس منذ زمن لمجمل الدعوات الإسرائيلية ألمطالبه باستكمال عمليات التهجير وطرد الفلسطينيين من فلسطين ، لان هذه الأرقام هي ما يؤرق الإسرائيليون لما يعد اكبر واخطر تهديد لوجودهم على المدى المنظور ، وهذا على أية حال يتفق مع ما قالة المفكر العربي عبد الوهاب المسيرى بان العقدين القادمين ستشهد فيهما المنطقة بروز إشارات حاسمة لزوال إسرائيل .
لذا فان أية استراتيجية امن قومي فلسطيني تجعل من هذا المحور ( المقاومة والصمود وتنمية المجتمع ) قوامها الرئيس بالضرورة ة ستلغي خطر الهزيمة النهائية وإفشال المبدأ الأول في استراتيجية الأمن القومي الإسرائيلي وهو التوازن والاستقرار . ومواجهة مصادرة الأراضي بتفعيل وتيرة البناء الفلسطيني وتوسيع حدود المدن والقرى والعمل
باضطراد على زيادة معدلات النمو السكاني والمطالبة عبر كل محفل باحتياجات هذه الزيادة في الأراضي والمياه .
المبدأ الثاني.
التفوق .
طرق كل باب وتجريب كل محاولة في كافة مجالات المنافسة والمجالات الشبيهة لدى الخصم وتلك التي لا تخطر على باله وسبر غورها سعيا وراء التوازن معه والتفوق عليه .
أن المكتشاف الحديثة والمخترعات العلمية الاخيرة قدمت للمغامرين والاذكياء فرصة التجريب واتضح بان التفوق هو أمر في متناول الجميع " تعتبر الزيادة الهائلة في قوة المعالجات ألكمبيوتريه واحدة من أهم التطورات التكنولوجية التي طرأت في الآونة الاخيرة ومن المتوقع أن تستمر عمليه التطور في هذا المضمار بوتائر متصاعدة و سيكون لزيادة قدرة أجهزة الكمبيوتر على معالجة كميات اكبر من المعلومات تأثير مهم على تطور أنظمة التحسس والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات واستخدامها بشكل عام بما فيها تقنيات التشفير والتعامل الفوري مع المعلومة والقدرة على متابعة أهداف عدة في وقت واحد " ( مصدر سبق ذكرة ص 69 ) .
" يمكن للتطورات التكنولوجية إن تقوم بدور هام في تعديل ميزان القوى لصالح الفلسطينيين بعبارة أدق يمكن لأي تكنولوجي في القدرات الفلسطينية حتى لو كان هامشيا أن يضيف الى قابليتها الردعية والدفاعية وبالنسبة للفلسطينيين يعتبر ولوج ميادين متخصصة في عالم التكنولوجيا كالحرب الالكترونية والروبوتات مفيدا من الناحية العلمية " ( مصدر سابق ص 72 ) لعل هذا الاحتمال هو الأقرب الى العقل ولعلة من قوة المفارقات القوية في الصراع العربي الإسرائيلي أن نتذكر بان استمالة الموقف البريطاني لصالح الحركة الصهيونية قبل وعد بلفور بدا باكتشاف علمي لمغامر صهيوني اسمه " حايم وايزمن " اخترع الديناميت في بداية الحرب العالمية الأولى الأمر الذي كان له الفضل في انتصار بريطانيا في الحرب ، فجلس على باب الملكة البريطانية أسبوعا كاملا ينتظر المكافأة فمنحه البريطانيون " الوعد المشئوم - وعد بلفور " .
أن تقليص الفجوة القائمة في ميزان القوى بين إسرائيل والفلسطينيين والتي ضمن لها التفوق أمر يمكن تغييره وعلى الفلسطينيون اليوم وخاصة المشتتين عبر العالم أن يقدموا لأبناء شعبهم الاختراع الذي يكفل أعادة مسار التاريخ الى رشده ، ومن حق هذا الشعب أن يعبث ويبحث عن سبل وطرق غير تقليديه للرد على التهديدات الاسرائيليه أي بعبارة أوضح امتلاك القنابل النووية والجرثومية والكيماوية لكسر معادلة التفوق ألعنكبوتيه الاسرائيليه .
المبدأ الثالث .
الردع وتوازن المخاوف
أثبتت حرب العام 2006م بين إسرائيل وحزب الله إمكانية الوصول الى هذا المستوى من العلاقة الصراعية بين الأضداد وجعل سحر هذا المبدأ ينقلب على ساحرته إسرائيل وهذا سيتم فقط من خلال مقاومة جادة ومنظمة ضد عدو جاد ومنظم عندها فقط سيجبر هذا الخصم على التردد والتفكير مليا بما يقوم به في أطار علاقة متبادلة من توازن المخاوف .
المبدأ الرابع
التنازل والتكيف .
ويشكل هذا المبدأ الغاية النهائية من تطبيق المبادىء الثلاثة السابقة وهو ما سيكفل لإسرائيل تحديد خيارات خصمها السياسي على طاولة المفاوضات بعد إخضاعه عسكريا ليتكيف معها سياسيا ويتنازل ويتخلى عن ماضيه وهذا ما طبقته إسرائيل بشكل حرفي على م.ت.ف ، في اتفاقية غزة أريحا وما تحاول فرضه حاليا على المفاوض الفلسطيني ، ومواجهة هذا المبدأ تتمثل بعدم قبول املائاته وترك المفاوضات بدون اتفاق .
خلاصة .
التسوية السياسية أو اتفاقية السلام القائمة على أيجاد حل الدولتين وترسيم الحدود للحفاظ على الحقوق الفلسطينية هي أمر مهم ويخدم سياسة الأمن القومي الفلسطيني ويعزز مقومات الصمود وذلك لسببين .
الأول. عامل الزمن وهو يعمل لصالح الشعب الفلسطيني ، أذ سينحاز في الرهان الديموغرافي في فلسطين لصالح الفلسطينيين. وان إسرائيل ستخسر سباقها السكاني كسلاح من أقوى الأسلحة المستخدمة في الصراع وان إسرائيل اذا لم تزول من الوجود فأنها ستتحول الى دولة عربيه ومن العجيب أن أبطال هذا الانتصار سيكونون الأطفال ، لذا يجب تعزيز إدرار أرحام النساء الفلسطينيات " كسلاح بيولوجي في المعركة " ( المصدر ruthie blum.the jerualem post.may 20,2004 ) ودعم مبادرات الإنجاب والعمل على محاصرة ظاهرة العقم بين الأزواج ألشابه من خلال تطوير برنامج دائرة العلاج الخارجي في وزارة الصحة .، والعمل على تعزيز وتيرة النمو السكاني
الثاني . الظرف التاريخي . الذي يعزز من عوامل زوال إسرائيل ليس وفقا للنظرية الدينية غير المنظورة فقط بل لأسباب عسكرية واقتصادية هامة أخذه في البروز خلال العقدين القادمين .وذلك بسبب ضمور الدور ألخدماتي لإسرائيل كدولة تابعة في أطار اللعبة الرأسمالية التاريخية.
أن وجود سياسة امن قومي جاد سيعزز من صمود الفلسطينيين فوق أرضهم ولعل مبادرة جلب استثمارات راسماليه الى الضفة الغربية التي أطلقها د. سلام فياض ود . حسن أبو لبده من خلال تنظيم مؤتمر بيت لحم للاستثمار تخدم هذا الهدف اجل خدمه وهو ما أشعل في راسي هذه الأفكار ، أن تعزيز الصمود بالتنمية المستدامة ومنع تدمير المجتمع وبناه التحتيه والحد من انتشار الفقر أمر يندرج في باب خدمة أفضل سياسات الأمن القومي المانعة للهزيمة وا لمعززة للصمود .
الصيغة الأمنية المتاحة والتي نريدها .
لطالما ارتبطت الصيغ الأمنية التي نريد وفقا للاحتياج القومي بالإتفاق السياسي مع الاسرائيلين الذي سيسمح لهذه الصيغة بالولادة والعمل بحرية أو بقيود ، ولان الحالة الناتجة عن المفاوضات المباشر مع الاسرائيلين لا تبشر بأي تقدم فان التقدم فيما يليها سيكون عسيرا ايضا ، فإلى جانب العمل الحثيث الذي تنفذه الحكومة من خلال د . سلام فياض في ترتيب أحوال البيت الداخلي الفلسطيني فان المستوى السياسي الفلسطيني مطالب بالتمسك بحل الدولتين بأي حال من الأحوال لان أقرار العالم بهذه الصيغة وفي مقدمتهم الرئيس الأمريكي جورج بوش سيجعل من الصعب التراجع عنها من قبل الإدارة الأمريكية ذاتها وعلى الحكومة الفلسطينية ان تسعى بذكاء لإنجاز استحقاقات هذه الدولة وكأنها موجودة وخاصة في مجال استقطاب مساعدات تنموية كبيرة تساهم في تعزيز استراتيجية الصمود محور هذا التصور .
لذا أرى بأن هناك فاصلا أخذ في الوضوح بين المهام الأمنية ذات الطابع الوطني والمضمون القومي وهي من اختصاص أجهزة الأمن الداخلية على اختلاف أشكالها ومسمياتها ، وبين مهام ذات طابع اقتصادي وتنموي في مختلف اختصاصاته هي ذات مضمون قومي واستراتيجي .
عليه فان الاحتياج في هذا البند ينحصر بالمبادرة الى تشكيل هيئة امن قومي رشيده يكون طابعها الوظيفي مدني قوامه خبراء في الاستراتيجية وعلوم المستقبل ، وهي لا يمكن ان تكون هيئة عسكرية وهيكليا ووظيفيا تكون مرتبطة برأس الدولة وعلاقتها بأجهزة الأمن الأخرى علاقة تكاملية في مجالات الاختصاص .
رؤيا لصياغة امن قومي واقعي
على هامش مؤتمر فلسطين للاستثمار
اقل من أمن قومي وأكثر من أمن وطني أما الفارق بينهما هو ما نحتاجه من امن لا أكثر من ذلك ولا اقل ، ولا نريد امن المؤسسة البوليسي ، ولا الأمن الشخصي الذي يبيح لطالبه تجاوز المسموح وطنيا وقوميا لكيلا نفقد الامنيين معا
ناصـــر دمــــج -رام الله
مدخـــــل .
ان الخصوصية التي ينفرد بها الصراع العربي الإسرائيلي أو تنفرد به في شقه الفلسطيني هي التي تقودنا الى البحث عن وصفة خاصة للأمن القومي الفلسطيني لا تشبه امن الآخرين في شيء ولا تقل عنه ولربما تتجاوزه في الحساسية الأمنية المعمول بها لدى الآخرين .
الأمن الوطني الفلسطيني الذي انتقلت أدوات عمله وتطورت من صيغة الثورة الى الدولة أو ما يشبهها ، دخل في التباس غير مسبوق في توصيف مهامه وأهدافه بسبب الاملاءات الاسرائيليه التي شوهت نشاة السلطة السياسيه والقانونيه وبالتالي الوظيفية مما ترك أثره البالغ على ( مضمون العقيدة الأمنية ألمحدده لصياغة الأمن القومي الفلسطيني ) ، وذلك بسبب الحاضنة السياسية التي أنتجت السلطة الوطنية الفلسطينية ( اسلو ) والتي أنتجت بدورها أجهزة الأمن المختلفة ، والتي لا تشبه مهامها مهام منظمة التحرير القديمة وأجهزتها الأمنية السابقة في شيء ألا بثبات الأشخاص القائمون على النوعين من المراحل مع مراعاة التبدل الكلي والشامل لمهامهم ووظائفهم ، وهم الذين ينكرون هذا التبدل الجذري على المهام خجلا من ألذات ومن دونية الدور الذي اكتشفوا بأنه مكرس لحماية امن الخصم الذي أصبح جزء مؤسس لأمن السلطة ، أن هذه الوصفة السريالية في صياغة امن موحد للضحية والقاتل في آن ، وصفة غير مسبوقة في صراع الأضداد على مر التاريخ وهي بالضرورة انعكاس ميتافيزيقي للعلاقة التي أنتجتها قدرة إسرائيل في الإملاء وإخضاع الخصم ( كأحد منطلقات واستراتيجيات الأمن القومي الإسرائيلي النافذة بسلاسة على الفلسطينيين ) ، ولكن هناك من يقر من قادة أجهزة الأمن الفلسطينية بهذه الحقيقة ويقرون بأنهم ينتمون الى سلطة اسمها الحقيقي ( السلطة الفلسطينية ) وليس السلطة الوطنية الفلسطينية كما يحلو لبعضهم وصف مؤسساتهم الأمنية والمدنية بهذه الصفة غير ألقانونيه وفقا لمرجعية تفسير المصطلحات الواردة في اتفاق إعلان المبادىء ،
وهنا نجد أحدى مساحات الألتباس المثير لكل خلاف ليس بين الفلسطينيين والاسرائيلين بل بين الفلسطينيون أنفسهم وهو حسم التعريف الوطني والقومي للسلطة ووظيفتها القومية وصولا الى تحديد طبيعة مهامها ودورها السياسي والقانوني وفي القلب من ذلك الأمني .
أن معرفة الأجهزة الأمنية لحدودها وصلاحياتها أمر يساعد في تفسير الألغاز المحيطة بالعلاقة القائمة بين الأجهزة الأمنية الفلسطينية والإسرائيلية وهو ما اصطلح على تعريفه ( بالتنسيق الأمني ) وهو أمر يلزم الدارسيين الإطلاع على هذه الاتفاقات الأمنية الفلسطينية الإسرائيلية المعروفة وغير المعروفة والمتفق عليها ضمن ( إعلان المبادىء وترتيبات الحكومة الذاتية المؤقتة (Declaration of Principles on Interim Self Government Arrangements ) التي أصدرت شهادات الميلاد للأجهزة الأمنية الرئيسة ) .
أن الصيغة التي حكمت الاتفاق السياسي وهي " حكم ذاتي فلسطيني في أطار إسرائيل " تصلح لحسم أمر الوصف الوظيفي للأجهزة الأمنية الفلسطينية ، كجزء مكمل لعدم السماح للسلطة الاستفادة من مقدرات الأرض الطبيعية التي نشأت فوقها لأنه لا ولاية حقيقية لها عليها وكذا السماء التي فوقها فيمكن لهذه السلطة أن تستفيد من كافة المجالات المذكورة وفقا لاتفاق تبادل مصالح معد سلفا مع ألدوله الممتلكة للسيادة وهي إسرائيل ، في هذا الإطار تندرج ادوار ومهام الأجهزة الأمنية الفلسطينية وهذا ما حددته بروتوكولات سرية ملحقة بالاتفاقات المعلنة كما ذكرنا وهي على إيه حال لا تتعارض مع الاستراتيجيات الأمنية الإسرائيلية القائمة طبعا على تقويض كل ما من شانه الحفاظ على فلسطينية الأرض الفلسطينية .
عليه فان الحديث عن دور قومي للأجهزة الأمنية الفلسطينية يقع في باب الخيال وفقا لبطلان القاعدة السياسية والقانونية المؤسسة التي تفسد مثل هذا المسعى لذا فان الخوض في مشكلات الأجهزة اللوجستيه والهيكلية والتكاملية فيما بينها كأنها مداخل أو مخارج مساعدة للوصول الى سياسة امن قومي عليا للسلطة الفلسطينية أمر فيه كثير من عدم التركيز وتغاضي عن حقيقة المعطيات المعيقة لصياغة امن قومي فلسطيني جاد .
وهذه هي الحقيقة الرئيسة التي ساهمت في صياغة أجهزة امن فاقده لعقيدة امن عسكرية ذات محتوى قتالي واستبدلت بأخرى ذات محتوى وظيفي خدماتي يراعي مصالح الخصم الإسرائيلي في الدرجة الأولى والمصلحة الفلسطينية بالدرجة الثانية والمصلحة العربية بالدرجة الثالثة هنا سنجد مظهرين بارزين نتجا عن شيوع تلك الظروف .
الأول:- عزوف أفراد تلك الأجهزة عن مهامهم في حال توفرت لهم فرص عمل أفضل حتى لو كان هذا العمل في داخل إسرائيل وعمل العديد من أفراد الأجهزة الأمنية الفلسطينية لدى مقاولين اسرائيلين وهم على راس عملهم في الأجهزة الأمنية الفلسطينية قبل اندلاع انتفاضة الأقصى وخلالها .
الثاني :- وتبلوت أرضية متينه للضياع الشخصي في داخل هذه الأجهزة بسبب الطبيعة الوظيفية لها الأمر الذي وفر المناخ لازدهار الفساد فيها .
فبسبب المظهرين المذكورين عمد العديد من قادة الأجهزة الى انتهاج سياسة ترقين القيد وهو أجراء أداري يتم بموجبه امتناع المؤسسة الإدارية للجهاز عن تسليم الجندي مرتبه بينما تواصل المؤسسة المذكورة استلام هذا المرتب على اسم نفس الجندي المفصول من " وزارة المالية " وقد تم التأكد من أن هناك أكثر من عشرين ألف جندي وهمي كانوا مدرجين على كشوف الأمن العام الفلسطيني تم قبض رواتبهم من قبل القائمين على هذا الأمن من عام 1994م – 2002م ، حيث كانت تدفع رواتب المنتسبين للأجهزة نقدا خلال الفترة المذكورة ( المصدر - تقرير حول ورشة " دور القوات الأمنية الفلسطينية – التحديات السياسية والقانونيه / جامعة القدس – أبو ديس ص 6 DCAf ) .
أن هذا المناخ انبت في صدور أعضاء الأجهزة الأمنية قرار سري وخاص جدا وذا طابع انتقامي بأنه لن يدافع عن السلطة في حال تعرضها للخطر رغم كونه احد أفرادها ألا أن قادتها نجحوا في تبديد دافعية ومعززات الانتماء لديهم ، السلطة ذاتها لم تكترث بما حدث في انتخابات ( المجلس التشريعي - 2006م ) ولم تخضع النسبة الهائلة التي حصلت عليها حماس من أفراد الأمن الوطني للدراسة الجادة والمطلوبة وبقي كل مسئول في مكانه مكرسا لسياسة القهر على الأفراد ، فكانت النتيجة أكثر مأساوية يوم 14/6/2007م حين تخل أفراد الأجهزة عن سلطتهم عندما أخذتها حماس في غزة ، علما أن فرع السلطة في غزة كان يستهلك أكثر من 50% من موازنتها والتي ينفق منها 25% على قوات الأمن أي 500 من أصل 1000 مليون دولار سنويا فضلا عن الموازنة الإضافية التي أنفقت في غزة نفسها في أطار محاولة أمريكا استرداد السلطة من حماس والتي قدرت بـ 100 مليون دولار فيما عرف بخطة دايتون .
يقودنا ذلك الى التوقف لا المرور عن ما يذكر ، أن النتيجة البسيطة التي يمكن أن يستنتجها الدارس لهذا الأمر هو أن الامكانات ألماديه لا قيمة لها أمام غياب القناعة بالمهمة والولاء للمؤسسة ، وهذا ما نجحت السلطة بتدميره لدى أفرادها بامتياز . وهذا ما فسر أيضا رغبة العشرات من أفراد الأجهزة الأمنية خلال انتفاضة الأقصى ألالتحاق بالمليشيا ت المسلحة وتوسعت هذه الظاهرة مكتسبة غلاف ومضمون وطنيين بل على العكس فاعتبرها بعض قادة الأجهزة بديل لمؤسسته واخذ يدعمها بكل ما أوتي من قوة واعتبر أفراد جهازه الملتحقين بها مصدرا مزدهرا للنفوذ الجديد في الشارع الذي انتقل الحكم فيه الى ايدى المسلحين وقد ساعدت إسرائيل في ذلك بتدميرها لمقرات الأجهزة ألرسميه الذين اشتدت المنافسة بينهم على من يسيطر أكثر على المسلحين فدفعوا بالمزيد من عناصرهم أليها ، وكان حصاد هذه الدراما ما عرف بالفلتان الأمني لان الصغار الذين دفع بهم الى الشارع مع بنادقهم نضجوا بسرعة وأصبحوا لا يكترثون بتعليمات المسئول السابق واعتقدوا بأنهم أهم منه لأنهم هم الميدانيين لذا فان القرار من حقهم وهذا ما كان فحصدت هذه الظاهرة من أرواح الفلسطينيين مئات القتلى وعشرات الملايين من الخسائر جراء انفلات القوة من عقالها ، وأصبح للأجهزة الأمنية ذنب لا يغتفر في تدمير المجتمع الفلسطيني ، هنا يبرز السؤال الهام في أي اللحظات من الممكن أن تحتاج الشعوب للأمن ؟؟ في لحظات الرخاء والازدهار أم في لحظات أخرى تشبه الحالات التي مر بها المجتمع الفلسطيني من2002 – 2007م ؟؟؟
كان ينبغي على الأجهزة الأمنية وأعضاء ( مجلس الأمن القومي - العسكريين ) منع العبث بأمن المواطنين لوئد فكرة الهجرة وترك البلاد من قبل الكفاءات العلمية والتكنوقراطيه بلا رجعة ، السؤال هنا النتيجة الاجمالية كانت في خانة أي من الأمنيين تصب الإسرائيلي أم الفلسطيني ؟؟
أن تخل الأجهزة الأمنية الفلسطينية عن دورها الأسمى وهو حماية المواطنين من غول الفلتان الأمني كان كفيل بكشف حقيقتها أما م نفسها اولا وأمام الشعب الفلسطيني ، عندما كان المراجع يتوجه الى أيا من الأجهزة الأمنية طلبا للحماية من زعران الفلتان الأمني كانوا يقولون له بان السلطة غير قادرة على مواجهة خصومك وعليك الاتصال على هاتف 101 طلبا للنجدة . أن هذه الظاهرة عبرت بجلاء عن حالة البلبلة التي عاشتها السلطة وما زالت أمام توالي ضربات الخصم الإسرائيلي الذي عطل أجندة السلطة في بناء ذاتها واستدراك انهيارها واستكمال مهمة التحرير وأتضح بان هذه السلطة هي أمام " معضلة استراتيجيه كبيرة قوامها الفشل في التوفيق بين متطلبات التحرير ومقاومة الاحتلال من جهة ومتطلبات بناء الدولة من جهة أخرى " ( المصدر - إطار عام لعقيدة امن قومي فلسطيني / حسين اغا واحمد الخالدي ص76 ) .
" وتجسد السلطة الوطنيه في حقيقة الأمر هذه المعضلة تجسيدا كاملا فعلى الرغم من تمتعها بالكثير من مظاهر السيادة كالعلم ونظام ألخدمه ألمدنيه ورئيس وبرلمان ألا أنها فعليا تفتقر الى مقومات السيادة الفعلية فهي لا تتمتع بالسيادة على أراضيها ولا تفرض سيطرتها على حدود هذه الأراضي كما لا تتمتع بالسلطة الكاملة على مواطنيها " ( نفس المصدر السابق ص 76)
" خلاصه القول ، أن السلطة الوطنيه هي عبارة عن مخلوق هجين فهي تمثل منتصف الطريق الذي لا يمكن إن يلبي أيا من طرفي ألحاجه الفلسطينية فهي لا تستطيع إن تتصرف كدولة بسبب السلطات المحدودة التي تتمتع بها ، وبسبب الحقيقة القائلة بأنها تواجه قوة محتله لازالت تتحكم بكل مناحي الحياة الفلسطينية ولكنها من ناحية أخرى لم تصمم أصلا لتكون حاضنة للمقاومة المسلحة أو لحركة التحرير الوطني " ( نفس المصدر ص 77 ) .
الأمر الذي يقدم لنا حقيقة هامة وهي غياب الإرادة الرسمية لصياغة امن قومي فاعل وجاد مكرس لمواجهة العدوان وحماية الشعب الفلسطيني في داخل الضفة الغربية فكيف سيكون الحال مع حماية اللاجئون في الشتات والجاليات الفلسطينية في المهجر وهي مكونات أساسية في صياغة أية استراتيجية امن قومي تمثل المصالح العليا للشعب الفلسطيني على قاعدة إن أي استراتيجية امن قومي لها بعدين :-
الأول. دفاعي يختص بمنع أو ردع كل عدوان أو تهديد للتراب الفلسطيني .
الثاني . أنساني لدرء أي عدوان يستهدف الفلسطينيين كإفراد ومجتمعات ومؤسسات سواء على الأراضي الفلسطينية أم خارجها .
ما هي سياسة الأمن القومي ؟
هي أجمالي السياسات والاستراتيجيات التي تنفذها الدولة لحماية نفسها وحماية مواطنيها من كافة المخاطر الراهنة والمستقبلية والوافدة على البلد من المجهول وهذا يعني بان مفهوم الأمن القومي واسع ألدلاله والشمولية ولا ينحصر في حدود الأمن العسكري ووظائفه البوليسية ونشاطات الأجهزة الأمنية في مكان ما .
لذا فان مقومات الأمن القومي ليست ضيقه في حدود البرنامج الاستخباري ذا الاجنده ألداخليه بل هو شامل ومتسع باتساع مجالات الحياة المكونة للمجتمع والمخاطر المصاحبة لكل مجال على حدا ويبدأ ذلك بالحالة ألاقتصاديه والاجتماعية والبيئية والكوارث الطبيعية وصولا الى العسكرية والمخابراتية واختصاصاتها .
لان الخطر العام من الممكن أن يدهم البلاد من زاوية الفيضانات أو الزلازل لا الغزو العسكري الخارجي أو وهذا يندرج في صميم الأمن القومي سلبا وإيجابا لذا فان سياسة الأمن القومي تضطلع بدورين أني ومستقبلي تتحدد فيهما المصالح الجوهرية الخاصة بآلامه ويضع الأسس الارشاديه اللازمة للتعامل مع التهديدات الحالية والمتوقعة وفرص وقوعها من عدمه .
من هنا فان سياسة الأمن القومي تحظى بمكانتها الرفيعة بين باقي السياسات الأمنية الأخرى لاتسامها بالشمولية والعمق والتشعب الممنهج .
لذا لا يجوز بأي حال من الأحوال حصر التعريف للأمن القومي بمفاهيم عسكريه فقط ، لان هذا الحصر لا يكترث بباقي المخاطر التي توازي الخطر العسكري على البلاد وتفوقه فيه في غير مجال ومجال .
استنتاج . أن الأمن القومي هو : -
وضع العلاج المسبق للخطر المفترض وهو صيغة شاملة ومرنه ولا يتسم بالثبات وهو مفهوم نسبي وغير مطلق .
ما هو الأساس القانوني الذي ترتكز عليه سياسة الأمن القومي ؟
ثمة معضلة في الحالة الفلسطينية يمكن معها الجزم بان الأمن القومي بالمعنى الذي يريده الفلسطينيون مسالة قد ذهبت أدراج الرياح بسبب الاتفاق السياسي مع إسرائيل الذي حدد شكل الولاية والسيادة الفلسطينية فوق الأراضي ألمقامه عليها السلطة الفلسطينية وهي سلطة ذات مؤسسات لكن بلا أية سيطرة على منافذ ومخارج الخطر الاستراتيجي وهي الحدود والسماء ، سيضاف الى ذلك الإطار القانوني الذي يحكم علاقة السلطة السياسية والأمنية مع إسرائيل وهي باختصار علاقة سلطة تتمتع بحكم ذاتي داخل دولة ذات سيادة سمحت بإنشاء هذا الحكم على أراضيها على افتراض أن إسرائيل تحيط بأراضي السلطة من الجهات الأربعة فجميع حدودها مع إسرائيل وإسرائيل هي متنفسها الوحيد .
فان كلمة الفصل على هذه الأرض ستكون لإسرائيل والسلطة مجبرة على الارتهان بالإرادة الاسرائيليه والعمل لصالحها في كافة المجالات بما فيها الامنيه وهنا يبرز الأشكال المحوري أثناء الحديث عن امن قومي نريده فتبدو الصورة سلبية فيتم التحول معها الى البحث عن الأمن الممكن ، وهو ( امن تعزيز الصمود والمقاومة المتنوعة فوق الارض الفلسطينية لاطول مدى زمني ممكن دون مشاركة الاحتلال في قهر المواطنين ) وذلك بسبب شذوذ القاعدة ألقانونيه الحاكمة لشكل ومضمون السلطة السياسي الذي يحرمها من صياغة خطة امن محليه وليس قومية ألا بمراجعة إسرائيلية كاملة لكافة محاورها وتفاصيلها .
رغم ذلك فان الأمن الممكن هو الأمن الذي يجب إن نعيد معه إحياء أساسيات الأمن القومي المفقود في واقع عسير وهو الأمن المقترن بالصمود بالمعنى المقاوم للمفهوم وهذا لا يستقيم مع سياسة المصالح العليا للسلطة لذا فان الأمن يجب وإجباريا إن يسير في اتجاه مخالف لحركة السير الرسمية على الشوارع المتعارف عليها للأمن الإسرائيلي وللأمن الفلسطيني الرسمي لذا يجب إن تكون هناك طبعتان لهذا الأمن شأننا في ذلك شأن الدول الكبرى التي تحتفظ بطبعتين لخطة الأمن القومي العليا الأولى سريه والثانية علنية تقدم للبرلمان وتحصل على الموازنة اللازمة ، فتجمد العلنية وتنفذ السرية بموازنة العلنية ، أما ما تنفذه الأجهزة الأمنية على الأرض وما يفترض أن تنفذه هيئة امن قومي حقيقي وسريه ينبغي أن تخدم نفس الهدف وهو تعزيز الصمود للمواطن وذلك من خلال :-
1- انفاذ خطة تنمية بشرية مستدامة تخدم الصمود وتعززه .
2- إشاعة مناخ العدالة والمساواة في المجتمع .
3- محاربة الجريمه المنظمة والفردية المدنيه والسياسيه
4- توفير مقومات الصمود المعيشيه في العيش الكريم والتعليم .
5- ايجاد فرص العمل ومحاربه هجرة العمالة والكفاءات .
6- رفع معدلات النمو والخصوبة والانجاب والمواليد وايلاء الحالة الديمغرافية الاهتمام المنسجم مع دورها في المقاومه .
7- استعمار الارض وتطويرها وتحسين ظروف السكن ودعم مشاريع الازواج الشابة وحالات الشيخوخه .
8- استقطاب ما يلزم من مشاريع الاستثمار المساعدة على محاربة البطالة ولجم غائلة الفقر
9- محاربة الفساد وترسيخ حقوق الاقليات على اختلافها وتمكين النساء وترسيخ اسس الحكم الصالح .
كيف يمكن أن تتم صياغة سياسة امن قومي فلسطيني ؟
أن سياسة الأمن القومي الفلسطيني هي انعكاس ضدي بالضرورة لسياسة الأمن القومي الإسرائيلي والعمل بما يعاكس استراتيجيات الأمن الإسرائيلي ، أي على الاستراتيجيات الفلسطينية أن توفر أسباب الصمود لأطول مدى زمني ممكن فوفقا ليسرائيل طال الذي لخص مفهوم الأمن القومي الإسرائيلي بأربع نقاط هي :-
1- التوازن والاستقرار .
التوازن هنا ليس مفهوما عسكريا كما قد يتبادر الى أذهاننا للوهلة الأولى فقط أنما هو مفهو م اشمل من ذلك ليضم البعدين الاقتصادي والديموغرافي أما الاستقرار فالمقصود به الثبات فوق الأرض والاستقرار عليها بعد إزالة كل معيق من ألأغيار .
2- التفوق .
وهذا مفهوم يحمل الدلالات نفسها في المعني ويشمل التفوق العلمي والصناعي والزراعي والذكاء الاصطناعي والابتكارات ألتقنيه وتحسين مستوى استخدام تكنولوجيا التصغير " النانو تكنولوجي "وتطوير أسلحة التهديف الدقيقة بما يكفل التفوق التكنولوجي الساحق وبقاء المساحة العربية مكشوفة للرادار الإسرائيلي .
3- الردع وتوازن المخاوف .
وهو تحصيل حاصل لما سبقه لأنه أن تحققت كامل الأهداف الموسعة ألمدرجه ضمن المفاهيم السابقة فان الردع سيكون تلقائي من خلال تعاظم القوة العسكرية وامتلاك القدرة على إخضاع العدو بعد اكتمال حلقة التفوق الداخلي .
4- التنازل والتكيف .
وهو الذي سيكفل لإسرائيل التحكم بأوراق اللعبة السياسية مع الأعداء ويمنحها المكانة المثلى في المفاوضات والتي تشكل في استراتيجية الأمن القومي الإسرائيلي الغاية النهائية لتحقيق الاستقرار والاستفادة من القوة العسكرية استراتيجيا وتاريخيا .
مبادىء أساسية في صياغة امن قومي فلسطيني واقعي .
أن أي استراتيجية امن قومي فلسطيني بالضروة هي قائمة على خيار المواجهة والممانعة والتصدي لنظرية الخصم الاسرائيلي وهي القائمة على إلحاق افدح الأضرار بالفلسطينين لإخلاء ارض النجاح من مسببات الفشل والمتمثلة بالحاق الهزيمة بهم .
المبدأ الأول.
التوازن والاستقرار .
لن يتحقق النجاح لهذا المبدأ من مبادىء الأمن القومي الإسرائيلي التي حددها يسرائيل طال ، ألا بتصفية الوجود القومي الفلسطيني بالمعنى السياسي والوجودي في الضفة وغزة والقدس الشرقية وداخل إسرائيل ، وبهذا الهدف ربط قادة إسرائيل استقلال بلادهم واعتبروا أن إسرائيل تقترب من الاستقلال بقدر ما تهجر من السكان العرب خلف الحدود ولهذا السبب لم ترسم إسرائيل حدودها ولم تعلن دستورها وهما القائمين على تحقق الهدف المذكور ، وعندما اعتلى شارون منصة القيادة في إسرائيل في آذار 2001م قال " جئت الى الحكم لأكمل مهمة الرواد في إنهاء حرب الاستقلال " وقد اعد ألعده مع بدء الغزو الأمريكي للعراق في آذار 2003م لغزو الأردن لترحيل الفلسطينيين الى هناك ، أمام ذلك يمكننا التأكد من " ان الصراع التاريخي حول فلسطين في كثير من الوجوه على انه صراع سكاني بين العرب واليهود " ( إطار لأمن قومي / مصدر سبق ذكره ص 74 ) .
وان ما يؤرق إسرائيل اليوم هو ابتعادها عن الاستقلال رغم مرور ستين عام على نهاية حرب عام 1948م ، لان التهجير الذي نفذه الإسرائيليون في ذاك العام لأكثر من 800 ألف فلسطيني لم يحل المشكلة لان العرب الفلسطينيين في الضفة الغربيه وغزة والقدس الشرقية وداخل إسرائيل سيحققون توازن ديمغرافي مع اليهود فوق ارض فلسطين التاريخية مع نهاية العام 2015م ( جهاز الإحصاء المركزي الفلسطيني - أيار 2008م ) أي عندما يصبح عدد سكان إسرائيل 14,5 مليون فان العرب سيشكلون من هذه النسبة 58% واليهود 42% وسيشكل عرب إسرائيل 30% من مجموع سكانها وان شخصا واحدا في إسرائيل من بين 5,6 هو فلسطيني وان شخص واحد من بين عشرة أشخاص في الضفة وغزة هو إسرائيلي ( المصدر Sergio dellapergola,demographic trends in Israel and Palestine: prospects and policy implications,American jewish year book 2003, vol.p38.reproduced with permission ) .
وفي بداية العام 2020 سيبدأ العد التنازلي ليهود إسرائيل من اغلبيه نسبيه الى أقلية ماضية الى الاضمحلال وفي العام 2048م أي بعد مرور مئة عام على قيام إسرائيل سيصبح اليهود أقلية في هذه البلاد وفقا لمسارات ومعدلات الخصوبة والنمو الديمغرافي في فلسطين وهذا ما أسس منذ زمن لمجمل الدعوات الإسرائيلية ألمطالبه باستكمال عمليات التهجير وطرد الفلسطينيين من فلسطين ، لان هذه الأرقام هي ما يؤرق الإسرائيليون لما يعد اكبر واخطر تهديد لوجودهم على المدى المنظور ، وهذا على أية حال يتفق مع ما قالة المفكر العربي عبد الوهاب المسيرى بان العقدين القادمين ستشهد فيهما المنطقة بروز إشارات حاسمة لزوال إسرائيل .
لذا فان أية استراتيجية امن قومي فلسطيني تجعل من هذا المحور ( المقاومة والصمود وتنمية المجتمع ) قوامها الرئيس بالضرورة ة ستلغي خطر الهزيمة النهائية وإفشال المبدأ الأول في استراتيجية الأمن القومي الإسرائيلي وهو التوازن والاستقرار . ومواجهة مصادرة الأراضي بتفعيل وتيرة البناء الفلسطيني وتوسيع حدود المدن والقرى والعمل
باضطراد على زيادة معدلات النمو السكاني والمطالبة عبر كل محفل باحتياجات هذه الزيادة في الأراضي والمياه .
المبدأ الثاني.
التفوق .
طرق كل باب وتجريب كل محاولة في كافة مجالات المنافسة والمجالات الشبيهة لدى الخصم وتلك التي لا تخطر على باله وسبر غورها سعيا وراء التوازن معه والتفوق عليه .
أن المكتشاف الحديثة والمخترعات العلمية الاخيرة قدمت للمغامرين والاذكياء فرصة التجريب واتضح بان التفوق هو أمر في متناول الجميع " تعتبر الزيادة الهائلة في قوة المعالجات ألكمبيوتريه واحدة من أهم التطورات التكنولوجية التي طرأت في الآونة الاخيرة ومن المتوقع أن تستمر عمليه التطور في هذا المضمار بوتائر متصاعدة و سيكون لزيادة قدرة أجهزة الكمبيوتر على معالجة كميات اكبر من المعلومات تأثير مهم على تطور أنظمة التحسس والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات واستخدامها بشكل عام بما فيها تقنيات التشفير والتعامل الفوري مع المعلومة والقدرة على متابعة أهداف عدة في وقت واحد " ( مصدر سبق ذكرة ص 69 ) .
" يمكن للتطورات التكنولوجية إن تقوم بدور هام في تعديل ميزان القوى لصالح الفلسطينيين بعبارة أدق يمكن لأي تكنولوجي في القدرات الفلسطينية حتى لو كان هامشيا أن يضيف الى قابليتها الردعية والدفاعية وبالنسبة للفلسطينيين يعتبر ولوج ميادين متخصصة في عالم التكنولوجيا كالحرب الالكترونية والروبوتات مفيدا من الناحية العلمية " ( مصدر سابق ص 72 ) لعل هذا الاحتمال هو الأقرب الى العقل ولعلة من قوة المفارقات القوية في الصراع العربي الإسرائيلي أن نتذكر بان استمالة الموقف البريطاني لصالح الحركة الصهيونية قبل وعد بلفور بدا باكتشاف علمي لمغامر صهيوني اسمه " حايم وايزمن " اخترع الديناميت في بداية الحرب العالمية الأولى الأمر الذي كان له الفضل في انتصار بريطانيا في الحرب ، فجلس على باب الملكة البريطانية أسبوعا كاملا ينتظر المكافأة فمنحه البريطانيون " الوعد المشئوم - وعد بلفور " .
أن تقليص الفجوة القائمة في ميزان القوى بين إسرائيل والفلسطينيين والتي ضمن لها التفوق أمر يمكن تغييره وعلى الفلسطينيون اليوم وخاصة المشتتين عبر العالم أن يقدموا لأبناء شعبهم الاختراع الذي يكفل أعادة مسار التاريخ الى رشده ، ومن حق هذا الشعب أن يعبث ويبحث عن سبل وطرق غير تقليديه للرد على التهديدات الاسرائيليه أي بعبارة أوضح امتلاك القنابل النووية والجرثومية والكيماوية لكسر معادلة التفوق ألعنكبوتيه الاسرائيليه .
المبدأ الثالث .
الردع وتوازن المخاوف
أثبتت حرب العام 2006م بين إسرائيل وحزب الله إمكانية الوصول الى هذا المستوى من العلاقة الصراعية بين الأضداد وجعل سحر هذا المبدأ ينقلب على ساحرته إسرائيل وهذا سيتم فقط من خلال مقاومة جادة ومنظمة ضد عدو جاد ومنظم عندها فقط سيجبر هذا الخصم على التردد والتفكير مليا بما يقوم به في أطار علاقة متبادلة من توازن المخاوف .
المبدأ الرابع
التنازل والتكيف .
ويشكل هذا المبدأ الغاية النهائية من تطبيق المبادىء الثلاثة السابقة وهو ما سيكفل لإسرائيل تحديد خيارات خصمها السياسي على طاولة المفاوضات بعد إخضاعه عسكريا ليتكيف معها سياسيا ويتنازل ويتخلى عن ماضيه وهذا ما طبقته إسرائيل بشكل حرفي على م.ت.ف ، في اتفاقية غزة أريحا وما تحاول فرضه حاليا على المفاوض الفلسطيني ، ومواجهة هذا المبدأ تتمثل بعدم قبول املائاته وترك المفاوضات بدون اتفاق .
خلاصة .
التسوية السياسية أو اتفاقية السلام القائمة على أيجاد حل الدولتين وترسيم الحدود للحفاظ على الحقوق الفلسطينية هي أمر مهم ويخدم سياسة الأمن القومي الفلسطيني ويعزز مقومات الصمود وذلك لسببين .
الأول. عامل الزمن وهو يعمل لصالح الشعب الفلسطيني ، أذ سينحاز في الرهان الديموغرافي في فلسطين لصالح الفلسطينيين. وان إسرائيل ستخسر سباقها السكاني كسلاح من أقوى الأسلحة المستخدمة في الصراع وان إسرائيل اذا لم تزول من الوجود فأنها ستتحول الى دولة عربيه ومن العجيب أن أبطال هذا الانتصار سيكونون الأطفال ، لذا يجب تعزيز إدرار أرحام النساء الفلسطينيات " كسلاح بيولوجي في المعركة " ( المصدر ruthie blum.the jerualem post.may 20,2004 ) ودعم مبادرات الإنجاب والعمل على محاصرة ظاهرة العقم بين الأزواج ألشابه من خلال تطوير برنامج دائرة العلاج الخارجي في وزارة الصحة .، والعمل على تعزيز وتيرة النمو السكاني
الثاني . الظرف التاريخي . الذي يعزز من عوامل زوال إسرائيل ليس وفقا للنظرية الدينية غير المنظورة فقط بل لأسباب عسكرية واقتصادية هامة أخذه في البروز خلال العقدين القادمين .وذلك بسبب ضمور الدور ألخدماتي لإسرائيل كدولة تابعة في أطار اللعبة الرأسمالية التاريخية.
أن وجود سياسة امن قومي جاد سيعزز من صمود الفلسطينيين فوق أرضهم ولعل مبادرة جلب استثمارات راسماليه الى الضفة الغربية التي أطلقها د. سلام فياض ود . حسن أبو لبده من خلال تنظيم مؤتمر بيت لحم للاستثمار تخدم هذا الهدف اجل خدمه وهو ما أشعل في راسي هذه الأفكار ، أن تعزيز الصمود بالتنمية المستدامة ومنع تدمير المجتمع وبناه التحتيه والحد من انتشار الفقر أمر يندرج في باب خدمة أفضل سياسات الأمن القومي المانعة للهزيمة وا لمعززة للصمود .
الصيغة الأمنية المتاحة والتي نريدها .
لطالما ارتبطت الصيغ الأمنية التي نريد وفقا للاحتياج القومي بالإتفاق السياسي مع الاسرائيلين الذي سيسمح لهذه الصيغة بالولادة والعمل بحرية أو بقيود ، ولان الحالة الناتجة عن المفاوضات المباشر مع الاسرائيلين لا تبشر بأي تقدم فان التقدم فيما يليها سيكون عسيرا ايضا ، فإلى جانب العمل الحثيث الذي تنفذه الحكومة من خلال د . سلام فياض في ترتيب أحوال البيت الداخلي الفلسطيني فان المستوى السياسي الفلسطيني مطالب بالتمسك بحل الدولتين بأي حال من الأحوال لان أقرار العالم بهذه الصيغة وفي مقدمتهم الرئيس الأمريكي جورج بوش سيجعل من الصعب التراجع عنها من قبل الإدارة الأمريكية ذاتها وعلى الحكومة الفلسطينية ان تسعى بذكاء لإنجاز استحقاقات هذه الدولة وكأنها موجودة وخاصة في مجال استقطاب مساعدات تنموية كبيرة تساهم في تعزيز استراتيجية الصمود محور هذا التصور .
لذا أرى بأن هناك فاصلا أخذ في الوضوح بين المهام الأمنية ذات الطابع الوطني والمضمون القومي وهي من اختصاص أجهزة الأمن الداخلية على اختلاف أشكالها ومسمياتها ، وبين مهام ذات طابع اقتصادي وتنموي في مختلف اختصاصاته هي ذات مضمون قومي واستراتيجي .
عليه فان الاحتياج في هذا البند ينحصر بالمبادرة الى تشكيل هيئة امن قومي رشيده يكون طابعها الوظيفي مدني قوامه خبراء في الاستراتيجية وعلوم المستقبل ، وهي لا يمكن ان تكون هيئة عسكرية وهيكليا ووظيفيا تكون مرتبطة برأس الدولة وعلاقتها بأجهزة الأمن الأخرى علاقة تكاملية في مجالات الاختصاص .
التعليقات