تفاصيل 5 ساعات من المحادثات بين الوزير عمر سليمان ووفد حماس

تفاصيل 5 ساعات من المحادثات بين الوزير عمر سليمان ووفد حماس
غزة-دنيا الوطن
كتب محمود بكري في صحيفة الاسبوع المصرية التقرير التالي:"5 ساعات كاملة من المحادثات الصعبة جرت مساء الثلاثاء الماضي بين الوزير عمر سليمان مدير المخابرات العامة ووفد حركة حماس الذي ترأسه الدكتور موسي أبومرزوق نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس الذي ضم في عضويته عماد العلمي ومحمد نصر عضوي المكتب السياسي للحركة بالخارج والدكتور محمود الزهار وخليل الحية وجمال أبوهاشم

من قيادات الحركة بالداخل.. المحادثات اتسمت بالصعوبة لكونها استهدفت الوصول إلي موقف للتعاطي مع الشروط التي وضعتها حكومة أولمرت الصهيونية للقبول بالتهدئة والتعاطي مع الإعلان الذي انطلق من القاهرة قبل بضعة أسابيع بموافقة كافة الفصائل الفلسطينية.
خلال الساعات الخمس كان واضحا أن جهود الوزير سليمان قد جوبهت بتصلب إسرائيلي خلال محادثاته الأخيرة مع رئيس الحكومة إيهود أولمرت ووزير دفاعه إيهود باراك ووزيرة الخارجية تسيبي ليفني وقادة الأجهزة الأمنية الإسرائيلية.. حيث لم تقدم الحكومة الصهيوينة أية تعهدات للقبول بإعلان التهدئة.. واكتفت بإطلاق مواقف عامة تؤكد أن التهدئة تعني من وجهة نظرها 'وقف إطلاق النار من الجانب الإسرائيلي في مقابل وقف إطلاق الصواريخ الفلسطينية'.. ويعني ذلك أن 'إسرائيل' لن تلتزم بأية تعهدات بشأن رفع الحصار المفروض علي قطاع غزة، أو فتح المعابر، أو القبول بالتهدئة المتزامنة والشاملة بين الجانبين.
هذا الموقف الإسرائيلي - الذي شكل صدمة للجانبين المصري والفلسطيني - تزامن مع الضوء الأخضر الذي حصلت عليه حكومة أولمرت من الرئيس الأمريكي جورج بوش خلال مشاركته للدولة الصهيونية ذكري احتفالها الستيني باغتصاب أرض فلسطين، وهو ما أوضحه الرئيس الإسرائيلي شيمون بيريز الذي قال إن ما جاء في زيارة الرئيس الأمريكي هو بمثابة إطلاق العنان لإسرائيل في التصدي للإرهاب 'في إشارة واضحة لفصائل المقاومة الفلسطينية وعلي رأسها حركتا حماس والجهاد'.
وقد بدا ذلك واضحا في ضوء اللغة التي تحدث بها إيهود باراك وزير الدفاع الإسرائيلي في أعقاب لقائه الأخير مع الرئيس حسني مبارك يوم الاثنين الماضي علي هامش منتدي دافوس، الذي أكد أن حكومته سوف تستخدم كل الأساليب لمواجهة الأوضاع في قطاع غزة.. وهو ما ترافق مع ما كشفت عنه الصحافة الإسرائيلية في الآونة الأخيرة من عزم جيش الاحتلال الإسرائيلي تصعيد عملياته العسكرية ضد قطاع غزة في أعقاب منحه الضوء الأخضر من الرئيس الأمريكي جورج بوش.
وفي هذا السياق فإن مصر - التي أبلغت وفد حماس علي لسان الوزير سليمان أنها تسعي للوصول إلي اتفاق بشأن التهدئة لتجنيب قطاع غزة عملية اجتياح وتصعيد عسكري إسرائيلي متوقعة - حذرت 'إسرائيل' من مغبة الإقدام علي أية خطوة باجتياح القطاع.. حيث أشار الوزير سليمان إلي أن القاهرة لن تقف مكتوفة الأيدي إزاء عملية كهذه في الوقت الذي تعهدت فيه الفصائل الفلسطينية لمصر بدعم التهدئة في قطاع غزة.
كانت مصادر سياسية قد أشارت إلي أن اللواء عمر سليمان أبلغ وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك - خلال محادثاتهما مؤخرا في تل أبيب - ضرورة أن تتعاطي 'إسرائيل' بإيجابية مع التهدئة التي طرحتها مصر.. مقدما في هذا السياق تعهدا مصريا باستئناف الجهود لإطلاق سراح الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط فور دخول التهدئة حيز التنفيذ.
وإزاء الشروط التي وضعتها إسرائيل لعرقلة المجهودات المصرية للتوصل الي التهدئة.. تقررت دعوة وفد حركة حماس إلي القاهرة للتباحث مع الوزير عمر سليمان في تلك المستجدات.. في محاولة للوصول إلي موقفي يكرس اتفاق التهدئة الذي تم الإعلان عنه مؤخرا.. وبحسب المصادر فقد جرت النقاشات خلال جولة المحادثات المطولة التي جرت مساء الثلاثاء الماضي وتم فيها تدارس الأوضاع من مختلف الاتجاهات.. خاصة في ظل التهديدات الإسرائيلية المتواصلة باجتياح غزة.. ولعل ذلك ما دفع بقيادات حماس في الداخل والخارج لإجراء سلسلة من المشاورات المكثفة للوقوف علي أبعاد الموقف الذي سيتم إبلاغ الوزير سليمان به علي ضوء الشروط الإسرائيلية التي تجهض كل الأهداف التي انطلقت من أجلها محاولات التهدئة التي اقترحتها مصر في السابق.
وكان واضحا علي ضوء المشاورات التي استمرت حتي صباح الأربعاء وتواصلت علي مدار النهار أن حماس رأت في الموقف الإسرائيلي 'صفقة خاسرة' وعلي حساب الشعب الفلسطيني الذي لن يحظي بأية مكاسب جراء مثل هذا الطرح الذي يفتقر للأسس السياسية والأمنية لتجاوز حالة الحصار الخانق التي تواجه سكان قطاع غزة.
وكانت واحدة من القضايا التي شغلت المسئولين في حركة حماس تتعلق بالتعهد المصري السابق بفتح معبر رفح أمام الفلسطينيين إذا لم تبادر الحكومة الإسرائيلية وتتجاوب مع مسعي التهدئة الذي قدمت فيه الفصائل الفلسطينية كل ما تستطيع من أجل تهدئة الأوضاع في الداخل، وحماية الشعب الفلسطيني في مواجهة الاعتداءات الإسرائيلية وحالة الحصار الخانق المستمرة التي أفضت إلي تدهور الأحوال الإنسانية بشكل غير مسبوق في قطاع غزة علي وجه التحديد.
وفي هذا السياق .. ووفقا لمصادر مطلعة فقد أعد وفد حماس ردا مكتوبا جري إبلاغه للمسئولين المصريين ظهر الأربعاء، تضمن موقف الحركة من الشروط الإسرائيلية التعسفية.. وعلي إثر ذلك غادر وفد الخارج المشكل من الدكتور موسي أبومرزوق نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس وعماد العلمي ومحمد نصر عضوي المكتب السياسي القاهرة عصر الأربعاء فيما اكدت مصر مواصلة مجهوداتها مع المسئولين الاسرائيليين لتجاوز العقبات علي صعيد التهدئة.. بينما تقرر أن يغادر وفد الداخل عبر منفذ رفح بعد مغادرة وفد الخارج.
وفي ضوء المجهودات المصرية المتواصلة للتهدئة، وفي ظل الضوء الأخضر الذي منحه الرئيس الأمريكي بوش للقادة الإسرائيليين خلال زيارته الأخيرة.. باتت التوقعات تتصاعد حول الاجتياح أو التصعيد العسكري الإسرائيلي المتوقع ضد قطاع غزة.. وهو تصعيد سوف تدفع إسرائيل ثمنا فادحا إذا ما أقدمت عليه: فكوادر حماس والفصائل الفلسطينية الأخري تمرست علي مواجهة المحتل واجتياحاته المختلفة.. ولعل العدو سوف يتلقي في العملية المتوقعة دروسا من المناضلين والمجاهدين سوف تفسد كل ما خطط له باراك وأركان الحكم الصهيوني لإخراج الجيش الإسرائيلي من حالة الهزيمة التي مني بها خلال حرب العدوان علي لبنان في مواجهة المقاومة اللبنانية الباسلة".

التعليقات