غازي ابوكشك: كسر الحاجز بين الامن والاعلام علاقة تكاملية

بيروت-دنيا الوطن-جورج الدخيل
في لقاء مميز مع الاعلامي غازي ابوكشك المدير العام للمؤسسة الفلسطينية للاعلام قال ان كسر الحاجز بين رجل الامن والاعلام الهدف الذي من اجله ان تكون هناك علاقة تكاملية بين الاعلام والامن وخاصة في سبيل الحصول على المعلومة الحدثية التي تخدم بالتالي المصلحة المشتركة مابين هاتين القطاعين ويقول الاعلامي غازي ابو كشك :الإعلام الأمني الفلسطيني من المتغيرات الحديثة التي انتشرت واخذت مكانتها يبن مختلف الاسلوب الإعلامي النوعي، وهو كل ما تقوم به الجهات ذات العلاقة من أنشطة إعلامية ونشرالفكر والتوعية بهدف الحفاظ على أمن المواطن والجماهير وأمن الوطن والانجازات في ظل المصالح الفوضوية التي عاثت فسادا على هذه الارض وكادت تقضي على العديد من الانجازات والمكتسبات الوطنية وذلك بفضل الاعلام الامني .
ويتوقف وجود إعلام أمني فاعل وناجح على مدى اهتمام الأجهزة الأمنية وقناعتها بأهمية هذا النوع من الإعلام، الذي يعتمد في تغذيته على مدى تعاون الأجهزة الأمنية التي تقدم المادة الاخبارية والحقائق الأمنية إلى وسائل الإعلام، لتقوم هذه الوسائل بإعدادها في الشكل الإعلامي المناسب لنشرها على القراء بما يحقق انسجاما تاما مابين رجل الاعلام ورجل الامن وهذا ايضا بعود بالفائدة على جميع شرائح المجتمع الفلسطيني
ويضيف الاعلامي غازي ابوكشك بانه على الرغم من القوة التي تتمتع بها وسائل الإعلام الفلسطينية للعمل على تنمية الفكر الأمني، فإنها تبقى رهينة للمصادر التي تزودها بالمعلومات (وهي الأجهزة الأمنية التي تمتلك المعرفةوالمعلومات
ومن ناحية أخرى يرى الاعلامي ابوكشك ان الأمن يتاثر تأثرا خطيراً بما تعرضه أجهزة الإعلام من برامج ومواد إعلامية، فالإعلام يقوم على مخاطبة الجماهير ، والأمن في حد ذاته شعور يحس من خلاله الفرد بالأمان والاطمئنان، لذلك فان مخاطبة هذا الشعور من خلال أجهزة الإعلام يؤثر تأثيراً بالغاً وسريعاً، ومن هنا كان للإعلام تأثيره البالغ على الأمن، فقد يكون هذا التأثير في بعض الاحيان على المواطن، يشعره بالأمان والامن ووجوب الهيبة والاحترام لرجال الأمن الفلسطيني، وقد يكون العكس بإحداث تأثير سلبي لا يخدم الأمن بل يؤدي إلى تقليل أهمية الأجهزة الأمنية وإظهارها بغير مظهرها الحقيقي، الأمر الذي يؤدي إلى زعزعة الثقة في مقدرة أجهزة الأمن على تحقيق أهدافها.
ومن هنا يؤكد الاعلامي ابوكشك ان الحاجة تقتضي تنسيق المصلحة المتبادلة بين وسائل الإعلام والأجهزة الأمنية الفلسطينية ، ويتجلى في المحافظة من وسائل الإعلام الفلسطينية منها الورقية والمرئية والاكترونية على استقاء المعلومات من المصدر الاصلي في الأجهزة الأمنية الفلسطينية ، وأن تتحرى ما يصل إليها من معلومات من خارج هذه الأجهزة بهدف التأكد ليس الا ، وأن تناقش وتحلل هذه المعلومات وصولاً إلى المعرفة التي تهم المجتمع الفلسطيني برمته وكذلك تساعد طبيعة العمل الأمني على تزويد الوسائل الإعلامية بأخبار وتقارير على جانب كبير من الأهمية، لذا فعلى الأجهزة الأمنية الفلسطينية ، أن تقدم هذه المعلومات الاكيدة حرفيا لوسائل الاعلام الفلسطيني لتجنب الفتن والمبالغات التي تتجاوز حقائق الحدث لعدم الافساح لااية فوضى تثير البلبلة، فالاصلاحات الإعلامية للأحداث والقضايا الأمنية الفلسطينية يجب أن تتم بحرص شديد وإذا كان الإعلام الأمني الفلسطيني هو في الأساس إحدى شرائح الإعلام التي تهم المجتمع الفلسطيني بالكامل والتي ينبغي أن تؤديها وسائل الإعلام الفلسطينية بكفاءة وتقنية عالية، فإن قيام الأجهزة الأمنية في الدول الاخرى بالتنسيق مع وسائل الإعلام في تحقيق هذا الدور يأتي في مقدمة أوليات التعاون بين الطرفين.
واختلاف فلسفة كل من رجل الإعلام ورجل الأمن في النظر إلى الجريمة وأسلوب معالجتها إعلامياً قد أدى في كثير من المواقف إلى أنواع من الصراع بينهما، كما أدى في بعض المواقف الأخرى إلى الإساءة إلى سير التحقيقات الجارية، وإلى قضية العدالة ذاتها، غير أن الخدمات الجليلة التي تؤديها وسائل الإعلام المختلفة والصحافة بصفة خاصة، في مجالات الأمن والعدالة الجنائية تحتم على رجال الأمن ضرورة التوصل إلى صيغة مناسبة لما يجب أن تكون عليه العلاقة الطيبة السليمة بين الإعلام والأمن، بحيث يمكن التغلب على مثل هذه المشاكل مما يساهم في تقديم إعلام أمني يرقى إلى مستوى طموح الإعلاميين والأمنيين.
ويضيف الاعلامي ابو كشك إن الهوّة الشديدة - في العالم كله - بين رجال الأمن من جهة وبين الإعلاميين من جهة أخرى أوجدت اتهاماً متبادلاً بين السلطتين، إذ ينظر الإعلاميون إلى أن رجال الأمن غير مدربين على الاتصال الإعلامي الجيد، وينقصهم الوعي في علاقتهم بوسائل الاعلام، ولذلك يميلون إلى فرض رقابة على الأنباء.
وفي الوقت نفسه ينظر رجال الأمن إلى الإعلاميين على أنهم متسرعون، ولا يميلون إلى التريث والمضي وراء التحقيق أو التفاصيل بصبر ووعي هادئ، وأنهم يبحثون عن الإثارة دون تقدير للمسؤولية، كما يبالغون في نقل الحدث وقد يضر رجال الإعلام بالاجراءات القانونية.. ويؤثرون على الرأي العام.
وباعتقادي ان رجال الأمن الفلسطيني أن الإعلامي لا يهمه إلا ما يقدمه.. ولا يقدر متاعبهم، ولا يفهم الفرق بين ما يذاع وينشر، وبين ما ينبغي حجبه، فهم يطالبون بالكثير، ويريدون التفاصيل التي لم تتبلور بعد.. والتي لا يسمح لرجل الأمن بحكم عمله وواجبه ومسؤوليته أن يكشف عنها لأسباب أمنية أو نظامية أو اجتماعية أو إنسانية.
وهناك الكثير من الصدق فالاتهامات الموجهة لكلا الطرفين.. ولكن حرص الاعلامي على الحصول على تفاصيل كثيرة وجديدة تجعله ينسى أو يتناسى عدداً كبيراً من الأساسيات، وبالتالي قد لا يتنبه للظروف التي تعمل في إطارها الأجهزة الأمنية.. وبهذا يزيد الشعور بعدم الثقة.. وتبالغ الأجهزة الأمنية في الحفاظ على السرية.. ويثارالصحفي غضباً.. وتمضي الأمور على هذا الاتجاه حتى يفهم كل منهما رسالة الآخر.. ويقدر العناء الذي يتكبده، ويدرك أن وظيفتيهما في النهاية هي خدمة المواطن.. رجل الأمن بتأمين حياته.. وماله، والإعلامي بتزويده بالأخبار ونقل الحقائق إليه.
وهناك للعلاقات المتبادلة بين الإعلاميين ورجال الأمن الكثير من المعوقات نذكر بعضاً منها:
1- الحرية الإعلامية، ما زال الجدل قائماً بين الإعلاميين ورجال الأمن منذ ظهور فكرة الحرية الإعلامية، حيث يؤمن الإعلاميون أن الحرية الإعلامية تساعد على تحقيق العدالة وإخضاع رجل الأمن إلى تحري الدقة وصولاً إلى الهدف الحقيقي، وهو إظهار العدل ومحاربة الجريمة، ويرى مسؤولو الأمن أن الحرية الإعلامية تساعد على نشر البلبلة وتخويف الآمنين, ونشر المعلومات المضللة للعدالة، وتلفيق الأقاويل التي تؤدي إلى عرقلة العدالة، إضافة إلى أن حرية الصحافة والإعلام تتشابك مع الكثير من الحريات والحقوق الفردية، التي يرى رجال الأمن أنهم مسؤولون عن حمايتها، وتكمن مشكلة الحرية في الاعلام العربي في فهمه لمعنى الحرية، حيث يتصور أن الإعلام الحر هو الإعلام الذي يناصب الحكومات العداء، حيث تكون قاعدته هي الاختلاف مع هذه الحكومات ومصارعتها بأية صورة من الصور.
2- اعتقاد البعض من أفراد المجتمع (ومنهم بعض رجال الإعلام) بأن رسالة الإعلام الأمني هي مسؤولية رجال الأمن والقائمين عليه وحدهم، بينما هي في الحقيقة مسؤولية عامة مشتركة يجب أن يقوم بها كافة أفراد المجتمع ومؤسساته.
3- صعوبة التعامل إعلامياً مع الحقائق الأمنية، حيث يتم التعامل في العلوم الطبيعية مع الحقائق كما هي قائمة، أما في العلوم الأمنية، فتبرز أهمية قراءة الحقائق، وتفسيرها، وتحليلها، وهذه عمليات تخضع أساساً لمفهوم الأمن، والمرجعية المتبناة لمواجهة الظاهرة الأمنية، ولفهم الصحفي الأمني وقناعاته.
4- تمثل ندرة المعلومات المتعلقة بالحدث أو الظاهرة الأمنية المتعلقة بالبيئة الاجتماعية لهذا الحدث أو لهذه الظاهرة - عائقاً حقيقياً في السعي الدائب لتقديم التغطية الإعلامية المناسبة للظاهرة الأمنية، وخاصة في الكثير من الأنظمة التي ما زال مفهوم الأمن فيها محدوداً، وما زال الإعلام الأمني فيها غير متطور، كما تمثل كثرة المعلومات والبيانات، وتناقضها، وتنوع مصادرها، وتنافر معطياتها ومضامينها، سواء عن الحدث أو الظاهرة، أو عن البيئة والمجتمع، عائقاً حقيقياً أمام تقديم تغطية إعلامية واضحة وموضوعية، وخاصة في الأنظمة المتطورة أمنياً وإعلامياً.
5- يزيد الطابع الرسمي والسري الغالب على مصادر البيانات والمعلومات والوقائع الضرورية للتغطية الإعلامية الأمنية وطبيعتها من مصاعب هذه التغطية.
6- عدم وجود الكادر البشري الإعلامي الأمني القادر على أن يقيم علاقات قوية مع الأجهزة الأمنية، والذي يمتلك الثقافة الأمنية العميقة الواسعة، والحس الأمني السليم، الذي يستطيع بالتالي اعتماداً على ما تقدم تقديم المعالجات المناسبة للأحداث والظواهر والتطورات والموضوعات الأمنية في المجالات المختلفة.
7- محدودية الإمكانات المادية (الميزانيات والاعتمادات والتجهيزات) ومحدودية الإمكانات الفنية (التقنية) وتواضع الإمكانات البشرية وتواضع الإنتاج الإعلامي والتوعوي.
8- قلة الاعتماد على الأساليب العلمية، وقلة البحوث والدراسات، والاستفتاءات، واستطلاعات الرأي وقياسه، والتقييمات في المجال الإعلامي المهني والتوعية الأمنية.
إذا كانت هذه هي خلاصة الصعوبات، فإن التعامل معها ومعالجتها، بأمل التغلب عليها أو حتى التخفيف من حدة تأثيراتها، يكون أمراً مطلوباً بإلحاح في هذا التطوير، وطريقاً للوصول إلى التطوير المستهدف.
وفي ظل العولمة الإعلامية وانتشار القنوات الفضائية الإذاعية والتلفزيونية وشبكات الانترنت العربية، وغير العربية لم يعد بمقدور أي دولة التحكم في سياسة إعلامها الأمني، كما كان سابقاً، إلا من خلال وسائلها الإعلامية المملوكة فقط والتي سوف يترتب عليها عدم مشاهدتها إلا في المناسبات الوطنية المهمة، لذا فالقيود الإعلامية أوشكت على التلاشي في ظل العولمة الكونية، وحل بدلاً عنها الانفتاح الاعلامي، وأصبح الحل الوحيد للحد من هذه المشكلة هو إيجاد قنوات فضائية حديثة ومتطورة بأجهزتها ومعداتها وآلياتها وكوادرها البشرية المؤهلة والمدربة لكي تحاول منافسة القنوات الفضائية الأخرى، من خلال جذب أكبر عدد ممكن من المشاهدين، وبالتالي ضمان استمرار العمل الاعلامي قبل أن تصبح هذه القنوات مجرد تكملة عدد للقنوات الفضائية الأخرى.
وكلنا نعرف أن التعتيم الإعلامي الأمني قد يتسبب أحياناً في انتشار الإشاعات التي تساهم في خلق البلبلة في المجتمعات المغلقة، ونظراً للانتشار الرهيب لمراسلي وكالات الأنباء ومراسلي الإذاعات والمحطات الفضائية التلفزيونية، فإنه أصبح من الأفضل بمكان أن تبادر الأجهزة الأمنية الفلسطينية بوضع استراتيجية إعلامية يتم من خلالها تقديم المعلومة الأمنية التي لا تخل بالأمن، لكنها تساعد على معرفة الحقيقة دون التعرض للإشاعات المغرضة التي تكون أضرارها أكثر بكثير من تقديم المعلومة الصحيحة، علماً أن الجمهور سوف يتعرف على الحقيقة عاجلاً أم آجلاً، فهل نحاول الحفاظ على ما تبقى لدينا من إعلام أمني من خلال توعية وتثقيف العاملين بالأجهزة الأمنية على الأسلوب الأفضل في التعامل مع وسائل الإعلام وتزويدها بالمعلومة الصحيحة التي أصبحت مطلباً للمواطن والمقيم وللجمهور الخارجي في جميع أرجاء العالم؟ وهل يصبح إعلامنا الأمني بالنسبة للاعلام الناجح يرى ابوكشك ان قناة الجزيرة تعد من القنوات الناجحة وهذا مااكده الكاتب صلاح عبد الصبور حيث " نظمت منظمة "صوت حر" الهولندية بالتعاون مع عدد من الجمعيات الإعلامية العربية غير الحكومية ـ في يونيو الماضي ـ ندوة تناولت قضية سطوع نجم قناة الجزيرة منذ نشأتها.
وأشارت الندوة إلى أن قناة الجزيرة نجحت في جذب انتباه الأوساط الإعلامية والسياسية، وحتى الأمنية والعسكرية، في العالم العربي والغربي على السواء منذ بدايتها، وأرجعت الندوة نجاح الجزيرة إلى قدرتها على مزاحمة الإعلام الغربي؛ لتوصيل وجهة نظر العرب والمسلمين إلى العالم؛ لتضع حدا لاحتكار وسائل الإعلام الغربية للمعلومة والخبر.
وتوصلت الندوة إلى أن من أسباب سطوع نجم الجزيرة منذ نشأتها أنها جاءت في ظل أحداث رئيسية عصفت بالمنطقة وبالعالم مثل "استهداف القاعدة لسفارتين أمركيتين في كينيا وتنزانيا عام 1998م"، والقصف الأمريكي لمصنع الشفاء للأدوية في السودان، ومعسكر القاعدة في أفغانستان في نفس العام، وشن عملية "ثعلب الصحراء" في عام 1998م ضد العراق، وتفاقم أزمة الحصار على الشعب العراقي، وانتفاضة الأقصى التي انطلقت بعد اقتحام شارون وجنوده للمسجد الأقصى عام 2000م؛ حيث كان للجزيرة دور بارز في الدعاية لها وانطلاقها حتى أن البعض وصفها بانتفاضة الجزيرة، وأحداث الحادي عشر من سبتمبر، والحرب على أفغانستان، التي استطاعت الجزيرة أن تنفرد بتغطية الأحداث؛ لكونها الوحيدة التي كان لها مكتب في العاصمة الأفغانية كابول، والغزو الأمريكي للعراق، وأخيرا العدوان الإسرائيلي على لبنان، كل هذا زاد من مصداقية القناة لدى الجمهور في العالمين العربي والغربي.
وذكر خبراء الإعلام المشاركين في الندوة أن من أسباب النجاح امتلاك الجزيرة أدوات قوية لفهم الواقع العربي والإسلامي، من لغة وثقافة؛ حيث يتمتع طاقمها من صحفيين ومراسلين بقدرات متنوعة من إتقان اللغات المحلية، وثقافة وتقاليد مسارح الأحداث التي هم بصدد تغطيتها، بالإضافة إلى امتلاكها للجرأة وللاستقلال في عرض الخبر وتحليله بطريقة مميزة عن غيرها من القنوات المنافسة.
وفي المقابل، قال المحللون: إن العامل البشري ليس هو الوحيد لدى الجزيرة؛ فمعظم صحفيي الجزيرة من إنتاج الدوائر الإعلامية المحلية العربية، باستثناء الصحفيين الذين حلوا على الجزيرة من القسم العربي للقناة البريطانية الـ(بي.بي.سي)، ولكن الجزيرة تعد الوحيدة في العالم العربي والإسلامي التي انتهجت هذا النهج الثوري في التعاطي مع العمل الصحفي.
جدير بالذكر، أن الجزيرة دفعت مقابلا لهذا النجاح، عندما فقدت مراسلها "طارق أيوب" الذي استشهد في العراق، ومصورها "رشيد الوالي"، وعندما اعتقل مصورها "سامي الحاج"، وسـُجن "تيسير العلوني" في إسبانيا؛ من أجل إجراء سبق صحفي كما جاء في نص الحكم. كما دفعت الثمن عندما قصفت مكاتبها بالمدفعية الأمريكية، ولم تتوقف المحاولات لتكميم أفواه مراسليها وصحفيها بين التهديد والمنع والحصار.
في لقاء مميز مع الاعلامي غازي ابوكشك المدير العام للمؤسسة الفلسطينية للاعلام قال ان كسر الحاجز بين رجل الامن والاعلام الهدف الذي من اجله ان تكون هناك علاقة تكاملية بين الاعلام والامن وخاصة في سبيل الحصول على المعلومة الحدثية التي تخدم بالتالي المصلحة المشتركة مابين هاتين القطاعين ويقول الاعلامي غازي ابو كشك :الإعلام الأمني الفلسطيني من المتغيرات الحديثة التي انتشرت واخذت مكانتها يبن مختلف الاسلوب الإعلامي النوعي، وهو كل ما تقوم به الجهات ذات العلاقة من أنشطة إعلامية ونشرالفكر والتوعية بهدف الحفاظ على أمن المواطن والجماهير وأمن الوطن والانجازات في ظل المصالح الفوضوية التي عاثت فسادا على هذه الارض وكادت تقضي على العديد من الانجازات والمكتسبات الوطنية وذلك بفضل الاعلام الامني .
ويتوقف وجود إعلام أمني فاعل وناجح على مدى اهتمام الأجهزة الأمنية وقناعتها بأهمية هذا النوع من الإعلام، الذي يعتمد في تغذيته على مدى تعاون الأجهزة الأمنية التي تقدم المادة الاخبارية والحقائق الأمنية إلى وسائل الإعلام، لتقوم هذه الوسائل بإعدادها في الشكل الإعلامي المناسب لنشرها على القراء بما يحقق انسجاما تاما مابين رجل الاعلام ورجل الامن وهذا ايضا بعود بالفائدة على جميع شرائح المجتمع الفلسطيني
ويضيف الاعلامي غازي ابوكشك بانه على الرغم من القوة التي تتمتع بها وسائل الإعلام الفلسطينية للعمل على تنمية الفكر الأمني، فإنها تبقى رهينة للمصادر التي تزودها بالمعلومات (وهي الأجهزة الأمنية التي تمتلك المعرفةوالمعلومات
ومن ناحية أخرى يرى الاعلامي ابوكشك ان الأمن يتاثر تأثرا خطيراً بما تعرضه أجهزة الإعلام من برامج ومواد إعلامية، فالإعلام يقوم على مخاطبة الجماهير ، والأمن في حد ذاته شعور يحس من خلاله الفرد بالأمان والاطمئنان، لذلك فان مخاطبة هذا الشعور من خلال أجهزة الإعلام يؤثر تأثيراً بالغاً وسريعاً، ومن هنا كان للإعلام تأثيره البالغ على الأمن، فقد يكون هذا التأثير في بعض الاحيان على المواطن، يشعره بالأمان والامن ووجوب الهيبة والاحترام لرجال الأمن الفلسطيني، وقد يكون العكس بإحداث تأثير سلبي لا يخدم الأمن بل يؤدي إلى تقليل أهمية الأجهزة الأمنية وإظهارها بغير مظهرها الحقيقي، الأمر الذي يؤدي إلى زعزعة الثقة في مقدرة أجهزة الأمن على تحقيق أهدافها.
ومن هنا يؤكد الاعلامي ابوكشك ان الحاجة تقتضي تنسيق المصلحة المتبادلة بين وسائل الإعلام والأجهزة الأمنية الفلسطينية ، ويتجلى في المحافظة من وسائل الإعلام الفلسطينية منها الورقية والمرئية والاكترونية على استقاء المعلومات من المصدر الاصلي في الأجهزة الأمنية الفلسطينية ، وأن تتحرى ما يصل إليها من معلومات من خارج هذه الأجهزة بهدف التأكد ليس الا ، وأن تناقش وتحلل هذه المعلومات وصولاً إلى المعرفة التي تهم المجتمع الفلسطيني برمته وكذلك تساعد طبيعة العمل الأمني على تزويد الوسائل الإعلامية بأخبار وتقارير على جانب كبير من الأهمية، لذا فعلى الأجهزة الأمنية الفلسطينية ، أن تقدم هذه المعلومات الاكيدة حرفيا لوسائل الاعلام الفلسطيني لتجنب الفتن والمبالغات التي تتجاوز حقائق الحدث لعدم الافساح لااية فوضى تثير البلبلة، فالاصلاحات الإعلامية للأحداث والقضايا الأمنية الفلسطينية يجب أن تتم بحرص شديد وإذا كان الإعلام الأمني الفلسطيني هو في الأساس إحدى شرائح الإعلام التي تهم المجتمع الفلسطيني بالكامل والتي ينبغي أن تؤديها وسائل الإعلام الفلسطينية بكفاءة وتقنية عالية، فإن قيام الأجهزة الأمنية في الدول الاخرى بالتنسيق مع وسائل الإعلام في تحقيق هذا الدور يأتي في مقدمة أوليات التعاون بين الطرفين.
واختلاف فلسفة كل من رجل الإعلام ورجل الأمن في النظر إلى الجريمة وأسلوب معالجتها إعلامياً قد أدى في كثير من المواقف إلى أنواع من الصراع بينهما، كما أدى في بعض المواقف الأخرى إلى الإساءة إلى سير التحقيقات الجارية، وإلى قضية العدالة ذاتها، غير أن الخدمات الجليلة التي تؤديها وسائل الإعلام المختلفة والصحافة بصفة خاصة، في مجالات الأمن والعدالة الجنائية تحتم على رجال الأمن ضرورة التوصل إلى صيغة مناسبة لما يجب أن تكون عليه العلاقة الطيبة السليمة بين الإعلام والأمن، بحيث يمكن التغلب على مثل هذه المشاكل مما يساهم في تقديم إعلام أمني يرقى إلى مستوى طموح الإعلاميين والأمنيين.
ويضيف الاعلامي ابو كشك إن الهوّة الشديدة - في العالم كله - بين رجال الأمن من جهة وبين الإعلاميين من جهة أخرى أوجدت اتهاماً متبادلاً بين السلطتين، إذ ينظر الإعلاميون إلى أن رجال الأمن غير مدربين على الاتصال الإعلامي الجيد، وينقصهم الوعي في علاقتهم بوسائل الاعلام، ولذلك يميلون إلى فرض رقابة على الأنباء.
وفي الوقت نفسه ينظر رجال الأمن إلى الإعلاميين على أنهم متسرعون، ولا يميلون إلى التريث والمضي وراء التحقيق أو التفاصيل بصبر ووعي هادئ، وأنهم يبحثون عن الإثارة دون تقدير للمسؤولية، كما يبالغون في نقل الحدث وقد يضر رجال الإعلام بالاجراءات القانونية.. ويؤثرون على الرأي العام.
وباعتقادي ان رجال الأمن الفلسطيني أن الإعلامي لا يهمه إلا ما يقدمه.. ولا يقدر متاعبهم، ولا يفهم الفرق بين ما يذاع وينشر، وبين ما ينبغي حجبه، فهم يطالبون بالكثير، ويريدون التفاصيل التي لم تتبلور بعد.. والتي لا يسمح لرجل الأمن بحكم عمله وواجبه ومسؤوليته أن يكشف عنها لأسباب أمنية أو نظامية أو اجتماعية أو إنسانية.
وهناك الكثير من الصدق فالاتهامات الموجهة لكلا الطرفين.. ولكن حرص الاعلامي على الحصول على تفاصيل كثيرة وجديدة تجعله ينسى أو يتناسى عدداً كبيراً من الأساسيات، وبالتالي قد لا يتنبه للظروف التي تعمل في إطارها الأجهزة الأمنية.. وبهذا يزيد الشعور بعدم الثقة.. وتبالغ الأجهزة الأمنية في الحفاظ على السرية.. ويثارالصحفي غضباً.. وتمضي الأمور على هذا الاتجاه حتى يفهم كل منهما رسالة الآخر.. ويقدر العناء الذي يتكبده، ويدرك أن وظيفتيهما في النهاية هي خدمة المواطن.. رجل الأمن بتأمين حياته.. وماله، والإعلامي بتزويده بالأخبار ونقل الحقائق إليه.
وهناك للعلاقات المتبادلة بين الإعلاميين ورجال الأمن الكثير من المعوقات نذكر بعضاً منها:
1- الحرية الإعلامية، ما زال الجدل قائماً بين الإعلاميين ورجال الأمن منذ ظهور فكرة الحرية الإعلامية، حيث يؤمن الإعلاميون أن الحرية الإعلامية تساعد على تحقيق العدالة وإخضاع رجل الأمن إلى تحري الدقة وصولاً إلى الهدف الحقيقي، وهو إظهار العدل ومحاربة الجريمة، ويرى مسؤولو الأمن أن الحرية الإعلامية تساعد على نشر البلبلة وتخويف الآمنين, ونشر المعلومات المضللة للعدالة، وتلفيق الأقاويل التي تؤدي إلى عرقلة العدالة، إضافة إلى أن حرية الصحافة والإعلام تتشابك مع الكثير من الحريات والحقوق الفردية، التي يرى رجال الأمن أنهم مسؤولون عن حمايتها، وتكمن مشكلة الحرية في الاعلام العربي في فهمه لمعنى الحرية، حيث يتصور أن الإعلام الحر هو الإعلام الذي يناصب الحكومات العداء، حيث تكون قاعدته هي الاختلاف مع هذه الحكومات ومصارعتها بأية صورة من الصور.
2- اعتقاد البعض من أفراد المجتمع (ومنهم بعض رجال الإعلام) بأن رسالة الإعلام الأمني هي مسؤولية رجال الأمن والقائمين عليه وحدهم، بينما هي في الحقيقة مسؤولية عامة مشتركة يجب أن يقوم بها كافة أفراد المجتمع ومؤسساته.
3- صعوبة التعامل إعلامياً مع الحقائق الأمنية، حيث يتم التعامل في العلوم الطبيعية مع الحقائق كما هي قائمة، أما في العلوم الأمنية، فتبرز أهمية قراءة الحقائق، وتفسيرها، وتحليلها، وهذه عمليات تخضع أساساً لمفهوم الأمن، والمرجعية المتبناة لمواجهة الظاهرة الأمنية، ولفهم الصحفي الأمني وقناعاته.
4- تمثل ندرة المعلومات المتعلقة بالحدث أو الظاهرة الأمنية المتعلقة بالبيئة الاجتماعية لهذا الحدث أو لهذه الظاهرة - عائقاً حقيقياً في السعي الدائب لتقديم التغطية الإعلامية المناسبة للظاهرة الأمنية، وخاصة في الكثير من الأنظمة التي ما زال مفهوم الأمن فيها محدوداً، وما زال الإعلام الأمني فيها غير متطور، كما تمثل كثرة المعلومات والبيانات، وتناقضها، وتنوع مصادرها، وتنافر معطياتها ومضامينها، سواء عن الحدث أو الظاهرة، أو عن البيئة والمجتمع، عائقاً حقيقياً أمام تقديم تغطية إعلامية واضحة وموضوعية، وخاصة في الأنظمة المتطورة أمنياً وإعلامياً.
5- يزيد الطابع الرسمي والسري الغالب على مصادر البيانات والمعلومات والوقائع الضرورية للتغطية الإعلامية الأمنية وطبيعتها من مصاعب هذه التغطية.
6- عدم وجود الكادر البشري الإعلامي الأمني القادر على أن يقيم علاقات قوية مع الأجهزة الأمنية، والذي يمتلك الثقافة الأمنية العميقة الواسعة، والحس الأمني السليم، الذي يستطيع بالتالي اعتماداً على ما تقدم تقديم المعالجات المناسبة للأحداث والظواهر والتطورات والموضوعات الأمنية في المجالات المختلفة.
7- محدودية الإمكانات المادية (الميزانيات والاعتمادات والتجهيزات) ومحدودية الإمكانات الفنية (التقنية) وتواضع الإمكانات البشرية وتواضع الإنتاج الإعلامي والتوعوي.
8- قلة الاعتماد على الأساليب العلمية، وقلة البحوث والدراسات، والاستفتاءات، واستطلاعات الرأي وقياسه، والتقييمات في المجال الإعلامي المهني والتوعية الأمنية.
إذا كانت هذه هي خلاصة الصعوبات، فإن التعامل معها ومعالجتها، بأمل التغلب عليها أو حتى التخفيف من حدة تأثيراتها، يكون أمراً مطلوباً بإلحاح في هذا التطوير، وطريقاً للوصول إلى التطوير المستهدف.
وفي ظل العولمة الإعلامية وانتشار القنوات الفضائية الإذاعية والتلفزيونية وشبكات الانترنت العربية، وغير العربية لم يعد بمقدور أي دولة التحكم في سياسة إعلامها الأمني، كما كان سابقاً، إلا من خلال وسائلها الإعلامية المملوكة فقط والتي سوف يترتب عليها عدم مشاهدتها إلا في المناسبات الوطنية المهمة، لذا فالقيود الإعلامية أوشكت على التلاشي في ظل العولمة الكونية، وحل بدلاً عنها الانفتاح الاعلامي، وأصبح الحل الوحيد للحد من هذه المشكلة هو إيجاد قنوات فضائية حديثة ومتطورة بأجهزتها ومعداتها وآلياتها وكوادرها البشرية المؤهلة والمدربة لكي تحاول منافسة القنوات الفضائية الأخرى، من خلال جذب أكبر عدد ممكن من المشاهدين، وبالتالي ضمان استمرار العمل الاعلامي قبل أن تصبح هذه القنوات مجرد تكملة عدد للقنوات الفضائية الأخرى.
وكلنا نعرف أن التعتيم الإعلامي الأمني قد يتسبب أحياناً في انتشار الإشاعات التي تساهم في خلق البلبلة في المجتمعات المغلقة، ونظراً للانتشار الرهيب لمراسلي وكالات الأنباء ومراسلي الإذاعات والمحطات الفضائية التلفزيونية، فإنه أصبح من الأفضل بمكان أن تبادر الأجهزة الأمنية الفلسطينية بوضع استراتيجية إعلامية يتم من خلالها تقديم المعلومة الأمنية التي لا تخل بالأمن، لكنها تساعد على معرفة الحقيقة دون التعرض للإشاعات المغرضة التي تكون أضرارها أكثر بكثير من تقديم المعلومة الصحيحة، علماً أن الجمهور سوف يتعرف على الحقيقة عاجلاً أم آجلاً، فهل نحاول الحفاظ على ما تبقى لدينا من إعلام أمني من خلال توعية وتثقيف العاملين بالأجهزة الأمنية على الأسلوب الأفضل في التعامل مع وسائل الإعلام وتزويدها بالمعلومة الصحيحة التي أصبحت مطلباً للمواطن والمقيم وللجمهور الخارجي في جميع أرجاء العالم؟ وهل يصبح إعلامنا الأمني بالنسبة للاعلام الناجح يرى ابوكشك ان قناة الجزيرة تعد من القنوات الناجحة وهذا مااكده الكاتب صلاح عبد الصبور حيث " نظمت منظمة "صوت حر" الهولندية بالتعاون مع عدد من الجمعيات الإعلامية العربية غير الحكومية ـ في يونيو الماضي ـ ندوة تناولت قضية سطوع نجم قناة الجزيرة منذ نشأتها.
وأشارت الندوة إلى أن قناة الجزيرة نجحت في جذب انتباه الأوساط الإعلامية والسياسية، وحتى الأمنية والعسكرية، في العالم العربي والغربي على السواء منذ بدايتها، وأرجعت الندوة نجاح الجزيرة إلى قدرتها على مزاحمة الإعلام الغربي؛ لتوصيل وجهة نظر العرب والمسلمين إلى العالم؛ لتضع حدا لاحتكار وسائل الإعلام الغربية للمعلومة والخبر.
وتوصلت الندوة إلى أن من أسباب سطوع نجم الجزيرة منذ نشأتها أنها جاءت في ظل أحداث رئيسية عصفت بالمنطقة وبالعالم مثل "استهداف القاعدة لسفارتين أمركيتين في كينيا وتنزانيا عام 1998م"، والقصف الأمريكي لمصنع الشفاء للأدوية في السودان، ومعسكر القاعدة في أفغانستان في نفس العام، وشن عملية "ثعلب الصحراء" في عام 1998م ضد العراق، وتفاقم أزمة الحصار على الشعب العراقي، وانتفاضة الأقصى التي انطلقت بعد اقتحام شارون وجنوده للمسجد الأقصى عام 2000م؛ حيث كان للجزيرة دور بارز في الدعاية لها وانطلاقها حتى أن البعض وصفها بانتفاضة الجزيرة، وأحداث الحادي عشر من سبتمبر، والحرب على أفغانستان، التي استطاعت الجزيرة أن تنفرد بتغطية الأحداث؛ لكونها الوحيدة التي كان لها مكتب في العاصمة الأفغانية كابول، والغزو الأمريكي للعراق، وأخيرا العدوان الإسرائيلي على لبنان، كل هذا زاد من مصداقية القناة لدى الجمهور في العالمين العربي والغربي.
وذكر خبراء الإعلام المشاركين في الندوة أن من أسباب النجاح امتلاك الجزيرة أدوات قوية لفهم الواقع العربي والإسلامي، من لغة وثقافة؛ حيث يتمتع طاقمها من صحفيين ومراسلين بقدرات متنوعة من إتقان اللغات المحلية، وثقافة وتقاليد مسارح الأحداث التي هم بصدد تغطيتها، بالإضافة إلى امتلاكها للجرأة وللاستقلال في عرض الخبر وتحليله بطريقة مميزة عن غيرها من القنوات المنافسة.
وفي المقابل، قال المحللون: إن العامل البشري ليس هو الوحيد لدى الجزيرة؛ فمعظم صحفيي الجزيرة من إنتاج الدوائر الإعلامية المحلية العربية، باستثناء الصحفيين الذين حلوا على الجزيرة من القسم العربي للقناة البريطانية الـ(بي.بي.سي)، ولكن الجزيرة تعد الوحيدة في العالم العربي والإسلامي التي انتهجت هذا النهج الثوري في التعاطي مع العمل الصحفي.
جدير بالذكر، أن الجزيرة دفعت مقابلا لهذا النجاح، عندما فقدت مراسلها "طارق أيوب" الذي استشهد في العراق، ومصورها "رشيد الوالي"، وعندما اعتقل مصورها "سامي الحاج"، وسـُجن "تيسير العلوني" في إسبانيا؛ من أجل إجراء سبق صحفي كما جاء في نص الحكم. كما دفعت الثمن عندما قصفت مكاتبها بالمدفعية الأمريكية، ولم تتوقف المحاولات لتكميم أفواه مراسليها وصحفيها بين التهديد والمنع والحصار.
التعليقات