د.الأخرس:مركز الأمل للتأهيل في نابلس بحاجة إلى تفعيل ودعم وإسناد

د.الأخرس:مركز الأمل للتأهيل في نابلس بحاجة إلى تفعيل ودعم وإسناد
نابلس- دنيا الوطن – غازي ابو كشك

اتحاد لجان الرعاية الصحية احد أهم المؤسسات الصحية الأهلية الفلسطينية التي نشأت في مواجهة سياسة التبعية والإلحاق والهيمنة الإسرائيلية على مختلف مناحي الحياة للمواطن الفلسطيني بما فيها القطاع الصحي، فمع نهاية السبعينات وبداية الثمانينات بدأت تتبلور منظمات العمل الأهلي الفلسطيني كما الأطر القطاعية والجماهيرية, من الواقع السياسي والاجتماعي الفلسطيني في ظل الاحتلال الإسرائيلي, وشكلت امتدادا طبيعيا للجمعيات الخيرية التي تشكل عددا منها في عهد الانتداب ومع مطلع الخمسينات .

انطلاقا من هدا , تداعى عدد من العاملين في القطاع الصحي لتأسيس اتحاد لجان الرعاية الصحية في القدس عام 1985، وكان تأسيس الاتحاد يهدف بالدرجة الأولى التخفيف من الأعباء عن المواطن والمساهمة في رفع المستوى الصحي للمجتمع الفلسطيني, سيما وان القطاع الصحي برمته كان يدار من قبل الإدارة المدنية الإسرائيلية التي بذلت كل الجهود من اجل جعل كل ما هو فلسطيني في جميع مناحي حياته ملحقا ومعتمدا عليها من خلال سيطرتها على كافة المؤسسات الخدماتية الفلسطينية كسلطة احتلال .

عن تلك الفترة يقول الدكتور نهاد الأخرس رئيس لجان الرعاية الصحية أن الإدارة المدنية كانت تعمل كل ما بوسعها من اجل جعل القطاع الصحي الفلسطيني مرتبطا بها من خلال عدم منح التراخيص لبناء مستشفيات بل على العكس تم إغلاق بعض منها (الهوسبيس في القدس) وتحويل بعضها إلى معتقلات (سجن جنيد بنابلس) ومنع الأطباء الفلسطينيين من السفر للالتحاق بالجامعات بهدف التخصص خارج الوطن, وعدم تمكين الجامعات الفلسطينية من افتتاح كليات خاصة بالمهن الطبية بما فيها الطب, إلى دلك وضع العراقيل أمام إمكانية استيراد التكنولوجيا الحديثة المرتبطة بالتجهيزات الطبية المختلفة، كل ذلك عكس ذاته بطبيعة الحال, سلبا على الواقع الصحي للمجتمع الفلسطيني, بسبب من سياسات الاحتلال .

أهداف وغايات

تجلت أهداف الرعاية الصحية منذ تأسيسها في السعي إلى رفع المستوى الصحي للمواطن الفلسطيني عبر عدد من البرامج الصحية التي تستهدف قطاعات مختلفة, سيما المرأة والطفل والمزارعين والعاطلين عن العمل وذوي الاحتياجات الخاصة والاجتماعية، ومنذ التأسيس وحتى بداية الانتفاضة الأولى تركزت برامج وأنشطة الرعاية الصحية على الإعمال التطوعية, سيما التوعية المرتبطة بالتثقيف الصحي وكذلك الخدمات العلاجية المتنقلة في أنحاء مختلفة من الضفة وغزة.

ويقول د. الأخرس: الانتفاضة الأولى ألزمتنا بإستراتيجية جديدة تتناسب والواقع الفلسطيني في تلك المرحلة, الذي تجلى في الهجمة الاحتلالية وما نجم عنها من تقطيع أوصال الجغرافيا الفلسطينية عبر الحواجز المنتشرة في الضفة الغربية ومنع التجول لفترات طويلة مما عكس ذاته سلبا على صحة المواطن مع تدني مستوى الخدمات الصحية التي تقدمها الإدارة المدنية في حينه, مما حدا بنا إلى افتتاح 42 عيادة ومركزا طبيا في مناطق مختلفة من الضفة الغربية وقطاع غزة على مدار خمس سنوات ابتداء من العام 1989 لسد النقص الحاصل في الخدمات المقدمة سيما في الريف والمناطق النائية، وطوردنا من قبل قوات الاحتلال بحجة عدم الترخيص وأغلق مقرنا الرئيس في بيت حنينا –القدس, وتمكنا من الاستمرار في تقديم الخدمات كونها تأتي في إطار تلبية الاحتياجات الصحية للمجتمع الفلسطيني، بل وتمكنا إلى جانب الأطر الصحية الاخرى من أن نكون بديلا حقيقيا للخدمات الصحية التي تقدمها الإدارة المدنية والتفت الجماهير حول هذه الأطر ودافعت عنها في كل مرة حاول الاحتلال المس بها.

أما المرحلة الثالثة في تطور لجان الرعاية الصحية جاءت مع دخول السلطة وتوليها مسؤولية القطاع الصحي , كان بالضرورة لا بد من التنسيق الكامل والتعاطي بايجابية مع الواقع الجديد، وبناء على هذا التطور قامت الرعاية الصحية بإغلاق عدد واسع من عياداتها المنتشرة في الريف حيثما افتتحت وزارة الصحة مراكز لها, من جانبنا تم التركيز على تطوير خدمات الرعاية الصحية الأولية وافتتاح مراكز متطورة بناء على دراسات مسحية وبالتعاون مع مؤسسات المجتمع المحلي في تلك المناطق , اخذين بالاعتبار عدالة توزيع الخدمات جغرافيا ما آمكن وتمكنا من تعزيز العمل المشترك في سبيل تكامل الخدمات سيما مع وزارة الصحة من افتتاح مركز مشترك هو الأول من نوعه على مستوى محافظة قلقيلية، ونحن بصدد افتتاح مركز أخر في عصيره القبلية- محافظة نابلس, عندما تتوفر الظروف المناسبة التي اتفق عليها مع مديرية صحة نابلس وبناء على طلب مجلس محلي عصيره .

وفي مقابل ذلك, افتتحت الرعاية الصحية أيضا العديد من المراكز الطبية في عدد من القرى، ويقول د. الأخرس: افتتحنا مراكز طبية متطورة في عدد من القرى بناء على طلب مجالسها المحلية في كل من عزون بمحافظة قلقيلية، وعصيره الشمالية وبيتا في محافظة نابلس، وهناك تتوزع خدماتنا في كافة محافظات الضفة الغربية وقطاع غزة, حيث يدير الاتحاد 21 مركزا طبيا متطورا بالإضافة إلى مراكز تخصصية في العلاج الطبيعي والتأهيل في نابلس وطولكرم تماشيا مع الأهداف التي تسعى لجان الرعاية الصحية لتحقيقها, والتي تتأتى ليس فقط عبر المراكز الثابتة التي تسهم في تعزيز البنى التحتية الفلسطينية, وإنما أيضا من خلال البرامج الصحية الهادفة إلى رفع المستوى الصحي للفئات المستهدفة واستقطاب الكادر الطبي المتخصص وتعزيز المفاهيم الصحية في إطار تنموي عبر الشراكة الحقيقية مع الفئات المستهدفة من جانب والمؤسسات الصحية العاملة في المجال الصحي على المستوى الرسمي والأهلي حتى تنصب كل الجهود في خدمة المجتمع الفلسطيني في إطار من العدالة الاجتماعية والمفاهيم التنموية.

تنوع البرامج

البرامج التي تعمل عليها الرعاية الصحية متعددة, منها التثقيف الصحي، الصحة المدرسية، عيادة الطفل السليم، الأيام الطبية التخصصية، صحة المرأة، إصابات الملاعب، برنامج التأهيل المبني على المجتمع، والعديد من البرامج الاخرى التي يتم تنفيذها بالشراكة مع المؤسسات المحلية والفئات المستهدفة.

تمكنت لجان الرعاية الصحية، وعلى مدار 23 سنة من العمل المتواصل، من تطوير أدائها المهني وانتشارها الجغرافي وعلاقاتها مع المؤسسات الفلسطينية والصديقة وبلورة هيكلية داخلية تسهم في استيعاب التطور الحاصل عبر عدد من دوائر العمل بما فيها دائرة نظم المعلومات، دائرة البرامج، دائرة العيادات والمراكز، دائرة التأهيل، دائرة التعليم المستمر والأبحاث، الدائرة المالية، دائرة المشاريع، دائرة الشباب للعمل التطوعي، وفي هذا السياق تأسست عدد من الدوائر لتلبية احتياجات في جانب منها مهني على غرار التعليم المستمر والأبحاث حيث صدرت عن لجان الرعاية في الأعوام الثلاثة الأخيرة دراستان في غاية الأهمية الأولى حول تنسيق وتقديم الخدمات الصحية في وضع الأزمات , والثانية صدرت بعنوان :دراسة مسحية في27 قرية فلسطينية في محافظتي قلقيلية وطولكرم كمقدمة لتنفيذ برنامج التأهيل المبني على المجتمع, إلى دلك دائرة نظم المعلومات التي توفر البيانات ذات العلاقة بالواقع الصحي وتزود بها المؤسسات والهيئات ذات العلاقة.

ويشير د. الأخرس إلى عدد من الدوائر التي تأسست بدافع وطني وأنساني على غرار دائرة الشباب للعمل التطوعي، وهنا لابد من الإشارة إلى أن لجان الرعاية الصحية تأسست من منظور تطوعي صحي مهني, وان العديد من برامج الرعاية الصحية تنفد من المتطوعين الأعضاء والأصدقاء من أطباء وممرضين ومخبرين وصيادلة , ولكن مع بداية انتفاضة الأقصى وما رافقها من هجمة شرسة لقوات الاحتلال والتي تمثلت في إعادة الاحتلال والاجتياح المتكرر كان معها لا بد من تنسيق وتنظيم الخدمات الطارئة, تلك التي أملت علينا تأطير عدد من الشباب المتطوع وتدريبه لان يكون قادرا على تقديم الخدمات في أجواء غاية في التعقيد كتلك التي نواجهها أثناء الاجتياح, حيث تنقسم مجموعات الشباب المتطوع في إطار الدائرة إلى مجموعات اتصال واخرى متخصصة في تقديم الإسعافات الأولية (خضعت لعدد من الدورات المتطورة في الإسعاف الأولي ودورات في الدفاع المدني بالتعاون مع اطفائية بلدية نابلس مثلا) ومجموعات الإخلاء والنقل, ومجموعات الإغاثة الإنسانية، حيث لعبت هذه المجموعات دورا بارزا أثناء الاجتياح في مناطق متعددة سيما في محافظات الشمال وتحديدا في مدينة نابلس.

وتتركز أعمال المتطوعين على الإسعاف الميداني وإخلاء ونقل الجرحى والمصابين للمستشفيات وإيصال الأدوية اللازمة للمرضى أثناء الاجتياح و منع التجول، وتوفير المواد الغذائية سيما حليب الأطفال والخبز للعائلات المحاصرة حيث تذاع أرقام هواتف لجان الرعاية عبر المحطات المحلية لتلقي نداءات الاستغاثة من الجمهور، وسبق أن تمكنت لجان الرعاية الصحية في اجتياح نيسان على سبيل المثال من تقديم مساعدات إنسانية لما مجموعه 45 اسرة تم تحطيم محتويات منازلها حيث قدمت لهم ابتداء من مستلزمات المطبخ الى الفراش اللازم ومدفئات وغيرها من المستلزمات , ولا بد من الإشارة إلى أن عمل الدائرة لا يقتصر على خدمات الطوارئ بل تتعداها لتنفيذ برامج اجتماعية , ثقافية وترفيهية بالتعاون مع مؤسسات شبابية محلية .

انتفاضة الأقصى

مع بداية انتفاضة الأقصى واستفحال هجمة الاحتلال على المدن والقرى الفلسطينية توجه مئات الشباب إلى المؤسسات الصحية بهدف التطوع واستوعبت لجان الرعاية عددا كبيرا منهم حيث تم تدريبهم وتأهيلهم وانتخاب هيئات إدارية لهم وتمكنت من تشكيل هيئات للمتطوعين في عدد من القرى والمدن في شمال الضفة الغربية حيث يوجد لديها ما يزيد عن 95 متطوعا مؤهلا وفاعلا في هذه المناطق.

ويؤكد د. الأخرس أن هناك تشجيعا من الأهالي لأبنائهم المتطوعين، ولا يتم قبول المتطوع إلا بعد تعبئة استمارة خاصة والحصول على موافقة خطية من ولي أمره، وتحرص الرعاية الصحية على تعزيز العلاقة مع ذوي المتطوعين من خلال لقاءات واحتفالات دورية.

تطمح لجان الرعاية إلى تطوير خدماتها في إطار التكامل مع المؤسسات ذات العلاقة وتعزيز حضورها الجماهيري كمدخل لتوطيد وتطوير العلاقات مع مؤسسات المجتمع المحلي سيما المجالس المحلية في الريف حيث ما زالت الخدمات الطبية في حدودها الدنيا في بعض المواقع, على الرغم من الجهود الكبيرة التي تبدلها وزارة الصحة .

وعبر د. الأخرس عن أمل الرعاية الصحية بان تتمكن في الأشهر القليلة القادمة من افتتاح مستشفى عزون للطوارئ والتوليد وهذا المستشفى يقع في بلدة عزون بمحافظة قلقيليه، حيث تم البدء في إنشائه أواسط العام 2006 حيث جاء تطويرا لمركز طوارئ عزون التابع للرعاية الصحية بهدف تطوير الخدمات في تلك المنطقة , خاصة تلك المرتبطة في الطوارئ والتوليد والجراحة النسائية إلى جانب عيادات اختصاص متطورة , حيث عدد سكان القرى المجاورة يزيد عن 35 ألف نسمة.

يذكر أن الأرض التي أقيم عليها المستشفى تبرع بها اثنان من أهالي القرية وأسهمت بلدية عزون بتسهيل كل ما له علاقة بهذا المشروع، وتمكنت الرعاية الصحية حتى ألان من إنهاء المبنى وتشطيبه بالتعاون مع تجمع التعاون وتوريد الجزء الأكبر من الأجهزة والمعدات بدعم من منظمة الاوبيك والصندوق العربي للإنماء الاجتماعي والاقتصادي في الكويت, بالإضافة إلى مغتربين فلسطينيين وسكان محليين، وما زال لديها الكثير من النقص في بعض التجهيزات.

ويقول د. الأخرس: نأمل بتوفير الإمكانات والموازنات اللازمة من اجل افتتاح مستشفى عزون وتقديم الخدمات لهذه المنطقة المحاصرة بعدد كبير من المستوطنات, اخذين بالاعتبار أن بناء هذا المستشفى جاء في إطار التنسيق مع وزارة الصحة بما يتواءم مع استراتيجياتها، ونحن نؤكد بان هذا الانجاز ما كان ليتم لولا دعم ومؤازرة الأهالي والسلطات المحلية في المجلس الإقليمي والمؤسسات الداعمة, ولا يسعنا إلا شكر كل من ساهم ونتمنى المزيد من الدعم والمساندة سواء العينية أو المادية من اجل انجاز المشروع.

مركز الأمل للتأهيل

على صعيد أخر، فان احد ابرز الطموحات للفترة المقبلة بالنسبة للرعاية الصحية السعي إلى تطوير وتفعيل مركز الأمل للتأهيل في مدينة نابلس حيث تم إنشاء هذا المركز بناء على توصيات دراسة أعدت بهدف معرفة احتياجات التأهيل في شمال الضفة الغربية, مع الأخذ بالاعتبار أن مثل هذه الخدمات متوفرة بشكل جيد ومرضٍ في الوسط والجنوب وفي غزة.

من هنا جاءت فكرة إنشاء مركز الأمل في نابلس لخدمة محافظات الشمال حيث بوشر في إنشائه أواسط العام 1996 بمساعدة اسبانية وقطرية ومن مؤسسة التعاون ومغتربين فلسطينيين ومحليين وأنجز في بداية العام 2000 بما يتواءم مع إستراتيجية وزارة الصحة التي عبرت عنها في لقاء مع وكيل وزارة الصحة في حينه.

ويقول د. الأخرس: كان من المفترض أن يقدم المركز البالغ مساحة مبناه 2700 متر مربع خدماته في مجال التأهيل الطبي، وتمكنا من توفير أكثر الأجهزة تطورا في المجالات ذات العلاقة، ووفرنا كل متطلبات المركز النموذجي والمرافق والخدمات بما فيها المرتبطة بالعلاج الطبيعي بكافة أشكاله والعلاج الوظيفي والنطق, وورش التأهيل المهني (النحت على الخشب وعلى النحاس والرسم على الزجاج والكمبيوتر) وتوفير كل ما له علاقة بالأدوات المساعدة وصيانتها،والدعائم وتعديل الاحدية الطبية, والعيادات الخارجية والأشعة والمختبر, وكان من المفترض افتتاح القسم الداخلي بسعة 30 سريرا لغايات التأهيل الطبي إلا انه وللأسف الشديد لم نتمكن من افتتاح القسم بسبب اشتراطات وزارة الصحة المرتبطة بتوظيف طبيب تأهيل، وبذلنا كل الجهود الممكنة بما فيها استقطاب اختصاصي من خارج الوطن وفشلنا بسبب الأوضاع الراهنة في فلسطين وعدم الاستقرار من وجهة نظر من تم الاتصال بهم، وتوجهنا لوزارة الصحة لتوفير منحة لأحد الأطباء ليتسنى لنا افتتاح هذا المركز دون جدوى, علما أن المركز وعلى مدار سبع سنوات منذ العام 2000 مع بداية الانتفاضة كان السبب المباشر في علاج مئات الجرحى مجانا بما يعني آلاف جلسات العلاج الطبيعي والوظيفي وتوفير الأدوات المساندة والدعائم مجانا دون أي تغطية من احد باستثناء تبني لعدد بسيط من علاج الجرحى من قبل مؤسسة التعاون في العام 2001 ، وهذا شكل ضغطا ماديا على موازنة لجان الرعاية في الوقت الذي يقدم فيه الدعم لمؤسسات مثيلة ذات علاقة بالتأهيل حتى من قبل وزارة الصحة.

ويضيف د. الأخرس: الغريب بالأمر أن كل البيانات والمؤشرات تؤكد على ضرورة وجود مركز للتأهيل في محافظات شمال الضفة الغربية الأكثر عرضة للاجتياح والحصار وذات المدلول بارتفاع نسبة الإصابة وما ينتج عنها من إعاقات وقتية آو دائمة، ومن وحي التجربة فان عملية تحويل ذوي الاحتياجات الخاصة لغايات التأهيل الطبي إلى رام الله وبيت لحم يعني الكثير على الصعيد الجسدي والنفسي والمادي لذوي الاحتياجات الخاصة وعائلاتهم مع انتشار الحواجز العسكرية المكثفة في محيط المدن والقرى الفلسطينية عدا عن نسبة الإشغال العالية في المراكز المثيلة في الوسط والجنوب، والسؤال الذي يطرح نفسه: لماذا لم تتعاطى كل المؤسسات التي توجهنا إليها من اجل المساهمة في توفير طبيب تأهيل من جانب، ومحاولة حل بعض العقبات التي تواجه المرضى في الوصول إلى مركز الأمل مثل المواصلات حيث يبعد المركز عن مركز المدينة عدة كيلو مترات مع عدم توفر وسائل نقل مناسبة آو حتى سرفيس مما يعني اللجوء إلى التاكسي وهو ما يرهق المواطن ماديا, حيث توجهنا إلى جهات عديدة وفي طليعتها المحافظة والبلدية من اجل المساعدة في توفير وسيلة نقل مناسبة دون جدوى.

وأكد د. الأخرس أن الكل يدرك حاجة المنطقة لمركز التأهيل حيث ان المركز متوفر ومجهز، وبالتالي لماذا لا نجد الإسناد الحقيقي من اجل توفير ما هو مطلوب ليكون هذا المركز فاعلا وقادرا على توفير خدمات التأهيل المطلوبة ويوفر المعاناة على الفئات المستهدفة, وهدا بالمناسبة سؤال تطرحه أيضا الفئات المستهدفة وعديد المؤسسات والأطباء الدين زاروا المركز؟

مشاكل وعقبات

تعد الممارسات الإسرائيلية ابرز المشاكل التي تواجه القطاع الصحي عامة ومن ضمنها لجان الرعاية عبر إعاقة عمل الطواقم الطبية على الحواجز الإسرائيلية المنتشرة في كل مكان، بل ويتعدى ذلك إلى إطلاق النار المباشر على سيارات الإسعاف والطواقم الطبية حيث سقط شهداء من القطاع الصحي على مدار الانتفاضة وفي هذا السياق تعرض الكثير للإصابة بالأعيرة النارية منهم على الأقل خمسة من طواقم الرعاية الصحية حيث أجريت لأحدهم 8 عمليات جراحية ومازال يعاني من إعاقة دائمة وهو محمد ألكعبي، عدا عن تعرض العديد من الطواقم الطبية للضرب والاحتجاز والاعتقال فعلى سبيل المثال تم اعتقال فراس خضر مسئول المتطوعين وضابط الاسعاف على حاجز قلنديا من داخل سيارة الإسعاف وحكم بالسجن 18 شهرا وبعد الإفراج عنه تم اعتقاله ثانية ومن ثم الإفراج عنه.

ومن ابرز انتهاكات الاحتلال التي تعرضت لها الرعاية الصحية اقتحام مركز الأمل لأكثر من أربع مرات، ومركز عزون التخصصي لأكثر من 5 مرات، ومركز سيلة الظهر لأكثر من ثلاث مرات على يد قوات الاحتلال والمستوطنين، وأخيرا اقتحام المركز الطبي في بلدة بيتا خلال الاجتياح الأخير للبلدة قبل أيام، ناهيك عن منع الطواقم الطبية إثناء الاجتياح من القيام بواجبها تجاه المصابين والمرضى ومنعهم من الوصول إلى المنازل المستغيثة والأكثر من ذلك يتم استخدام سيارات الإسعاف ومن داخلها لإطلاق النار على المواطنين، وتكسير سيارات الإسعاف وتحطيم زجاجها في مناسبات عديدة من قبل الجيش, واستخدام سيارات الإسعاف في إطار الحملات الإعلامية الإسرائيلية المضللة كما حدث عندما وضعت قوات الاحتلال حزاما ناسفا إلى جانب سيارة الإسعاف التابعة للرعاية الصحية عند حاجز حواره ودعت الصحفيين لتصويره، ومن ثم قاموا بتفجيره مما الحق إضرارا بالغة بالسيارة وظهرت سيارة الإسعاف في الصحافة تحت عنوان "تفجير حزام ناسف على حاجز حواره"، مما يوحي بان الحزام كان داخل سيارة الإسعاف وكأن الفلسطينيين يستخدمون سيارات الإسعاف لنقل الأسلحة والمتفجرات، علما أن سائق السيارة طلب إبعاد السيارة قبل تفجير الحزام، إلا أن الضابط رفض وبشدة.

وهناك مشاكل ذات طبيعة مرتبطة بسوء الأوضاع الاقتصادية والمعيشية والتي تعني زيادة نسبة الإعفاءات والعلاج المجاني مع قلة الدعم لعدد من مشاريع الرعاية الصحية وبالتالي إثقال كاهل الموازنة التي أصبحت في العامين المنصرمين في غاية الصعوبة.

ويرى د. الأخرس إن سوء التنسيق ما بين مكونات القطاع الصحي الفلسطيني ما زالت تشكل عائقا أمام تطوير خدمات هذا القطاع من جانب، وزيادة الإنفاق غير المبرر بسبب ازدواجية تقديم الخدمات، وعلى الرغم من وجود تنسيق ميداني من حين إلى أخر إلا آن التنسيق ما زال غير فاعل وأحيانا غير مجدي لأسباب عديدة ومتعددة , في طليعتها الفئوية والتنافس على التمويل ووجود عدد كبير جدا من المؤسسات التي تنفد مشاريع صحية وهي مرخصة كزراعية مثلا , وأسباب أخرى أبرزتها دراسة قامت الرعاية الصحية بها بعنوان: "تنسيق وتقديم الخدمات الصحية في وضع الأزمات" وهي منشورة على موقعها الالكتروني لمن يريد الاطلاع.

ويختتم د. الأخرس حديثه بالقول: أمامنا الكثير من التحديات ولدينا طموح بان نتجاوز العقبات وعليه ندعو إلى رفع وتيرة التنسيق فيما بين القطاع الصحي ومكوناته لان ذلك هو المدخل الممكن الذي يوفر الأرضية والمناخ المناسب للوصول إلى تحقيق أهدافنا في رفع المستوى الصحي وكفاءة وجودة الخدمات وعدالة توزيعها جغرافيا ونحن في الرعاية الصحية كنا وما زلنا لدينا الرغبة في توفير الآليات الناجعة لتنسيق فعال عبر هيئة تنسيق تؤمن بالشراكة والعمل المشترك.

التعليقات