الـ«هاربْ» إيقاع منتظم من النغمات يعيد السكينة للقلوب

غزة-دنيا الوطن
احتضنتها بعشق ووله شديدين، وفي حميمية بدأت في العزف عليها بتؤدة عدداً من الأنغام المصرية والعربية الرائعة لتنقل ببراعة حالة الوجد التي اعترتها إلى جمهورها الذي كان يستمع إليها ونسمات الهواء الباردة تهب عليه بين الحين والآخر في ليلة من ليالي القاهرة الشتوية التي تحولت بفضل العازفة منال محي الدين إلى ليلة عشق لآلة الـ«هارب» في ساقية الصاوي التي باتت مركزاً ينير بين الحين والآخر بومضات من الفن والأدب الذي يحيي الأمل في النفوس. فالآلة التي يضرب تاريخها في جذور التاريخ المصري القديم، تمنحك بصوتها الهادئ ذي الإيقاع المنتظم حالة من الاسترخاء وسط ضجيج الحياة وإيقاعها السريع، لتراودك مشاعر رومانسية حالمة نحو الحياة والبشر. الحديث إلى منال، الباسمة دائماً، يبدو بسيطاً كآلتها التي نجحت في تسليط الأضواء عليها في عالم الموسيقى الكلاسيكية المصرية، حيث تؤكد أن علاقتها بالـ«هاربْ» بدأت وهي في سن العاشرة حينما لاحظ والدها الدكتور محي الدين حسين، أحد فناني الخزف البارزين، عشقها للموسيقى بوجه عام، فألحقها بالكونسرفتوار لتلحظ معلمتها هناك اهتمامها بآلة الـ«هارب» وامتلاكها موهبة خاصة تجاهها، لتبدأ العلاقة الوطيدة مع تلك الآلة والتي امتدت حتى الآن. وتعد آلة الـ«هاربْ» من أقدم الآلات الموسيقية في تاريخ البشرية، وارتبط ظهورها عند ممارسة الطقوس الدينية في معابد مصر الفرعونية، وما زالت نقوش المعابد تؤكد تلك الحقيقة من خلال صور العازفات عليها وهي عبارة عن تجويف من الخشب المجفف تماما يتم شد الأوتار عليه لتصدر رنينا منتظماً، ويقدر ارتفاعها بنحو 170 سم. وقد انتقلت آلة الـ«هاربْ» من الحضارة المصرية إلى الحضارات المجاورة لها في ذلك الوقت كالحضارة الآشورية وحضارة ما بين النهرين، ثم أخذها الإغريق وصنعوا آلة مشابهة لها أطلقوا عليها إسم «اللير»، بعدها انتقلت إلى الرومان ومنها إلى أوروبا لتصبح واحدة من الآلات الكلاسيكية التي يعتبر وجودها في الأوركسترا من الأساسيات. كما تستخدم أحياناً مع فرق موسيقى الحجرة لإضفاء أجواء خاصة على الموسيقى. وضع آلة الـ«هارب» عند العزف عليها قد يكون أحد الأسباب وراء تلك العلاقة الحميمية بين الآلة والعازفين عليها، كما تقول الدكتورة منال، وتضيف «وضعية الجلوس عند العزف لها دور في ارتباط العازف بالآلة، حيث يجب أن يجلس بوضع يشعره وكأنه يحتضنها ويضمها إليه، مما يخلق علاقة ارتباط مميزة بين العازف وآلته». وعلى الرغم من البدايات المصرية لتلك الآلة الموسيقية، إلا أن حضورها في الموسيقى الغربية الكلاسيكية أكثر بكثير من تعامل الموسيقى الشرقية معها، وهو ما توضحه الدكتورة منال بقولها: «للأسف لا توجد نوتة موسيقية خاصة بالموسيقى الشرقية على آلة الهارب، وهو الأمر الذي أثر على مدى انتشار تلك الآلة في موسيقانا العربية ومدى ارتباط الناس بها، كما أنه من الصعب اقتناء الآلة التي يبلغ سعرها نحو 60 ألف جنيه مصري، وقد دفعني الإحساس بالمسؤولية تجاه آلة الهارب إلى تقديم الموسيقى الشرقية من خلالها فيما أحييه من حفلات داخل مصر وخارجها، كما طلبت من الأساتذة المختصين إعداد نوتة موسيقية شرقية خاصة بآلة الهارب». لا تعد منال محي الدين أول عازفة «هارب» مصرية، ولكنها من القلائل الذين نجحوا في إبراز تلك الآلة إلى دائرة الأضواء وبخاصة في حفلاتها الداخلية والخارجية والتي كان آخرها في منتصف شهر نوفمبر الماضي بقاعة المصريات بالمتحف البريطاني بإنجلترا حيث شاركت بالعزف على شرف افتتاح معرض مقتنيات الفرعون المصري توت عنخ أمون، وهو العزف الذي جذب أنظار الجمهور وتفاعل معه .
الطريف أنه وعلى الجانب الاخر من العالم وتحديداً في مدينة يوربانا بولاية إيلينوي الأميركية، توجد آلة الهارب ولكن بشكل مختلف، فالعزف عليها لا يتم من خلال أوركسترا المدينة أو في دار الأوبرا الخاصة بها، ولكن في غرفة العمليات الجراحية الخاصة بالقلب المفتوح والتي يوجد بها أحد جراحي القلب الأميركيين ويدعى دكتور كوشريل، الذي يتولى إدارة قسم «الإلكتروفيزيولوجي» بمركز بوريانا الطبي والذي يؤمن بتأثير صوت الموسيقى النابع من آلة الـ«هارب» على انتظام دقات القلب، من خلال إجرائه مجموعة من التجارب على 15 شخصا كانوا يعانون من خلل في نبض القلب، مثبتاً أن الإيقاع الطبيعي لنبض القلب قريب من إيقاع نقر أوتار الـ«هارب» بالنغمات الشائعة في مقطوعات الموسيقى الكلاسيكية، ولهذا فمن المعتاد رؤية عازفة «هارب» بملابس بيضاء معقمة تعزف مقطوعات عالمية كلاسيكية في غرفة عمليات ذلك الطبيب أثناء إجرائه عملياته الجراحية.
احتضنتها بعشق ووله شديدين، وفي حميمية بدأت في العزف عليها بتؤدة عدداً من الأنغام المصرية والعربية الرائعة لتنقل ببراعة حالة الوجد التي اعترتها إلى جمهورها الذي كان يستمع إليها ونسمات الهواء الباردة تهب عليه بين الحين والآخر في ليلة من ليالي القاهرة الشتوية التي تحولت بفضل العازفة منال محي الدين إلى ليلة عشق لآلة الـ«هارب» في ساقية الصاوي التي باتت مركزاً ينير بين الحين والآخر بومضات من الفن والأدب الذي يحيي الأمل في النفوس. فالآلة التي يضرب تاريخها في جذور التاريخ المصري القديم، تمنحك بصوتها الهادئ ذي الإيقاع المنتظم حالة من الاسترخاء وسط ضجيج الحياة وإيقاعها السريع، لتراودك مشاعر رومانسية حالمة نحو الحياة والبشر. الحديث إلى منال، الباسمة دائماً، يبدو بسيطاً كآلتها التي نجحت في تسليط الأضواء عليها في عالم الموسيقى الكلاسيكية المصرية، حيث تؤكد أن علاقتها بالـ«هاربْ» بدأت وهي في سن العاشرة حينما لاحظ والدها الدكتور محي الدين حسين، أحد فناني الخزف البارزين، عشقها للموسيقى بوجه عام، فألحقها بالكونسرفتوار لتلحظ معلمتها هناك اهتمامها بآلة الـ«هارب» وامتلاكها موهبة خاصة تجاهها، لتبدأ العلاقة الوطيدة مع تلك الآلة والتي امتدت حتى الآن. وتعد آلة الـ«هاربْ» من أقدم الآلات الموسيقية في تاريخ البشرية، وارتبط ظهورها عند ممارسة الطقوس الدينية في معابد مصر الفرعونية، وما زالت نقوش المعابد تؤكد تلك الحقيقة من خلال صور العازفات عليها وهي عبارة عن تجويف من الخشب المجفف تماما يتم شد الأوتار عليه لتصدر رنينا منتظماً، ويقدر ارتفاعها بنحو 170 سم. وقد انتقلت آلة الـ«هاربْ» من الحضارة المصرية إلى الحضارات المجاورة لها في ذلك الوقت كالحضارة الآشورية وحضارة ما بين النهرين، ثم أخذها الإغريق وصنعوا آلة مشابهة لها أطلقوا عليها إسم «اللير»، بعدها انتقلت إلى الرومان ومنها إلى أوروبا لتصبح واحدة من الآلات الكلاسيكية التي يعتبر وجودها في الأوركسترا من الأساسيات. كما تستخدم أحياناً مع فرق موسيقى الحجرة لإضفاء أجواء خاصة على الموسيقى. وضع آلة الـ«هارب» عند العزف عليها قد يكون أحد الأسباب وراء تلك العلاقة الحميمية بين الآلة والعازفين عليها، كما تقول الدكتورة منال، وتضيف «وضعية الجلوس عند العزف لها دور في ارتباط العازف بالآلة، حيث يجب أن يجلس بوضع يشعره وكأنه يحتضنها ويضمها إليه، مما يخلق علاقة ارتباط مميزة بين العازف وآلته». وعلى الرغم من البدايات المصرية لتلك الآلة الموسيقية، إلا أن حضورها في الموسيقى الغربية الكلاسيكية أكثر بكثير من تعامل الموسيقى الشرقية معها، وهو ما توضحه الدكتورة منال بقولها: «للأسف لا توجد نوتة موسيقية خاصة بالموسيقى الشرقية على آلة الهارب، وهو الأمر الذي أثر على مدى انتشار تلك الآلة في موسيقانا العربية ومدى ارتباط الناس بها، كما أنه من الصعب اقتناء الآلة التي يبلغ سعرها نحو 60 ألف جنيه مصري، وقد دفعني الإحساس بالمسؤولية تجاه آلة الهارب إلى تقديم الموسيقى الشرقية من خلالها فيما أحييه من حفلات داخل مصر وخارجها، كما طلبت من الأساتذة المختصين إعداد نوتة موسيقية شرقية خاصة بآلة الهارب». لا تعد منال محي الدين أول عازفة «هارب» مصرية، ولكنها من القلائل الذين نجحوا في إبراز تلك الآلة إلى دائرة الأضواء وبخاصة في حفلاتها الداخلية والخارجية والتي كان آخرها في منتصف شهر نوفمبر الماضي بقاعة المصريات بالمتحف البريطاني بإنجلترا حيث شاركت بالعزف على شرف افتتاح معرض مقتنيات الفرعون المصري توت عنخ أمون، وهو العزف الذي جذب أنظار الجمهور وتفاعل معه .
الطريف أنه وعلى الجانب الاخر من العالم وتحديداً في مدينة يوربانا بولاية إيلينوي الأميركية، توجد آلة الهارب ولكن بشكل مختلف، فالعزف عليها لا يتم من خلال أوركسترا المدينة أو في دار الأوبرا الخاصة بها، ولكن في غرفة العمليات الجراحية الخاصة بالقلب المفتوح والتي يوجد بها أحد جراحي القلب الأميركيين ويدعى دكتور كوشريل، الذي يتولى إدارة قسم «الإلكتروفيزيولوجي» بمركز بوريانا الطبي والذي يؤمن بتأثير صوت الموسيقى النابع من آلة الـ«هارب» على انتظام دقات القلب، من خلال إجرائه مجموعة من التجارب على 15 شخصا كانوا يعانون من خلل في نبض القلب، مثبتاً أن الإيقاع الطبيعي لنبض القلب قريب من إيقاع نقر أوتار الـ«هارب» بالنغمات الشائعة في مقطوعات الموسيقى الكلاسيكية، ولهذا فمن المعتاد رؤية عازفة «هارب» بملابس بيضاء معقمة تعزف مقطوعات عالمية كلاسيكية في غرفة عمليات ذلك الطبيب أثناء إجرائه عملياته الجراحية.
التعليقات