ماذا نريد من قناة الجزيرة الفضائية

ماذا نريد من قناة الجزيرة الفضائية ؟
بقلم: محمد أبو علان
عندما انطلقت فضائية الجزيرة لم تكن الأقمار اللاقطة منتشرة في كل بيت كما هي هذه الأيام، وأسعارها لم تكن في متناول معظم الناس في حينه، وكنت أنا أحد هؤلاء الناس الذين لا يملكون قمراً لاقطاً في بيته، فكنت انتظر يوم الثلاثاء بشغف وشوق لأرى الاتجاه المعاكس في منزل أحد الأصدقاء، كنت أنتظره لما كان فيه من تجديد على مستوى الإعلام العربي، فكانت من المعجزات أن ترى مثقف عربي أو محلل سياسي ينتقد القيادات العربية وفي عقر دارهم، هذا إلى جانب برامج أخرى كانت على درجه من الأهمية ومنها شاهد على العصر.
بكلمات أخرى حققت الجزيرة نقله نوعية غير مسبوقة في الإعلام العربي، ولا أعتقد أن القائمين عليها سموها عبثاُ بالجزيرة، بل كان لهذه التسمية دلالتها لديهم بغض النظر عن مواقفهم ومقاصدهم السياسية من وراء إطلاق هذه القناة بهذا المنهج الإعلامي المختلف عما هو سائد ومعروف في عالمنا العربي، عالم عربي امتاز الإعلام فيه بالرسمية والتبعية المطلقة للأنظمة والحكومات ولبعض المتنفذين.
وعلى الصعيد الفلسطيني كان لفضائية الجزيرة الدور الكبير في متابعة ما يجري على الأرض الفلسطينية المحتلة، وكشفت بالبث الحي والمباشر الكثير من جرائم الاحتلال وممارساته القمعية ضد الشعب الفلسطيني، وكان ذلك بشكل خاص في فترة الانتفاضة الثانية، مما خلق لها شعبية في الشارع الفلسطيني لم تحظى بها غيرها من الفضائيات، وعلى الصعيد العربي لم يكن دوروها أقل، فقد نقلت جرائم الاحتلال الأمريكي في العراق، والجرائم الإسرائيلية في لبنان، وفي غيرها من الأماكن التي استطاعت الوصول إليها والعمل بحرية فيها.
ومع بدء حالة الانقسام الفلسطيني، وبدء المواجهات المسلحة بين طرفي الصراع على الساحة الفلسطينية "حركتي فتح وحماس" أصبحت هذه الفضائية محط خلاف في الشارع الفلسطيني، وبات الموقف منها جزء من حالة الاستقطاب السائدة في الشارع الفلسطيني، فهناك من ثبتت وجهة نظره بهذه الفضائية واعتبرها مؤسسة إعلامية موضوعية تتعاطى مع الحدث ومع الواقع بسلبياته وإيجابياته، وهناك من اعتبرها بأنها خانت رسالتها الإعلامية وجعلت من نفسها بوق إعلامي للون سياسي واحد على الساحة الفلسطينية، والبعض ذهب لأبعد من ذلك واعتبرها محرضة وتسعى لزيادة حدة التوتر الداخلي الفلسطيني لخدمة طرف دون آخر.
والموقف الفلسطيني المناهض لقناة الجزيرة لم يقتصر على جزء من الشارع الفلسطيني بل تجاوزه ليصل لجزء من السياسيين والإعلاميين وبعض المثقفين، فبتنا نرى بعض كتاب الأعمدة ومقالات الرأي يهاجمونها صبح مساء، وبمناسبة وبدون مناسبة، وفي ظل هذه المواقف يطفو على السطح سؤال صريح وهو ماذا نريد نحن الفلسطينيين من قناة الجزيرة ؟، هل نريدها أن تكون ناطقة باسم الشعب الفلسطيني فقط؟، وهذا بالتأكيد غير ممكن، وإن هي أرادات فلن تستطيع، فنحن كشعب فلسطيني يواجه نفس الظروف السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وأصحاب قضية وطنية غير قادرين على بلورة موقف سياسي فيه ولو الحد الأدنى من نقاط التقاطع بيننا، موقف سياسي نستطيع أن نخرج به للمجتمع الدولي ونقول له بلغة واحده هذا هو الذي يريده الشعب الفلسطيني لتعيش المنطقة بأكملها في هدوء وأمن.
وأن نحاكم هذه الفضائية من منطلق المصلحة الفلسطينية البحتة سيكون أيضاً موقفاً يخلو من الموضوعية والمنطقية، فهي ليست فضائية فلسطينية رسمية ملزمة بالموقف الرسمي الفلسطيني لأي من الحكومتين الفلسطينيتين سواء المقالة أو حكومة تسيير الأعمال، فهي فضائية إخبارية تسعى لتحقيق السبق الصحفي بغض النظر عن المستفيد أو المتضرر من هذا السبق الصحفي، كما أن رجالات الحكومتين يأخذون مساحة لا بأس بها على فضائية الجزيرة عندما يكون حدث له مستوى معين من الأهمية في التأثير على مجريات الأحداث.
وعدم الرضا عن السياسية الإعلامية لفضائية الجزيرة أو غيرها من الفضائيات العربية والأجنبية لا يكون بتوجيه الاتهامات لها، لا بل يكون ببناء مؤسسات إعلامية فلسطينية حقيقية، لديها من الإمكانيات المادية والفنية والكفاءات الإعلامية ما يمكنها من الوقوف في وجه أية جهة إعلامية تحاول قلب الحقائق، أو تحاول نقل الحدث بصورة تعكس نفسها سلباً على الوضع الداخلي الفلسطيني، فنحن لا زلنا تحت خط الفقر المدقع في الموضوع الإعلامي على الرغم من أهمية وشرعية قضيتنا الوطنية.
وتعرض قناة الجزيرة للكثير المضايقات في أكثر من موقع فيه ما يكفي من المؤشرات التي تدل على أن هذه الفضائية لا زالت تلتقي في توجهاتها مع جزء كبير من الشارع العربي، فقتل طارق أيوب في العراق، واعتقال مصورها على الحاج في غوانتانامو، والإقامة الجبرية على تيسير علوني في اسبانيا شواهد كافية على مصداقيتها في الكثير من المواقف، وإن كان لنا بعض الملاحظات على أدائها على الساحة الفلسطينية.
[email protected]
بقلم: محمد أبو علان
عندما انطلقت فضائية الجزيرة لم تكن الأقمار اللاقطة منتشرة في كل بيت كما هي هذه الأيام، وأسعارها لم تكن في متناول معظم الناس في حينه، وكنت أنا أحد هؤلاء الناس الذين لا يملكون قمراً لاقطاً في بيته، فكنت انتظر يوم الثلاثاء بشغف وشوق لأرى الاتجاه المعاكس في منزل أحد الأصدقاء، كنت أنتظره لما كان فيه من تجديد على مستوى الإعلام العربي، فكانت من المعجزات أن ترى مثقف عربي أو محلل سياسي ينتقد القيادات العربية وفي عقر دارهم، هذا إلى جانب برامج أخرى كانت على درجه من الأهمية ومنها شاهد على العصر.
بكلمات أخرى حققت الجزيرة نقله نوعية غير مسبوقة في الإعلام العربي، ولا أعتقد أن القائمين عليها سموها عبثاُ بالجزيرة، بل كان لهذه التسمية دلالتها لديهم بغض النظر عن مواقفهم ومقاصدهم السياسية من وراء إطلاق هذه القناة بهذا المنهج الإعلامي المختلف عما هو سائد ومعروف في عالمنا العربي، عالم عربي امتاز الإعلام فيه بالرسمية والتبعية المطلقة للأنظمة والحكومات ولبعض المتنفذين.
وعلى الصعيد الفلسطيني كان لفضائية الجزيرة الدور الكبير في متابعة ما يجري على الأرض الفلسطينية المحتلة، وكشفت بالبث الحي والمباشر الكثير من جرائم الاحتلال وممارساته القمعية ضد الشعب الفلسطيني، وكان ذلك بشكل خاص في فترة الانتفاضة الثانية، مما خلق لها شعبية في الشارع الفلسطيني لم تحظى بها غيرها من الفضائيات، وعلى الصعيد العربي لم يكن دوروها أقل، فقد نقلت جرائم الاحتلال الأمريكي في العراق، والجرائم الإسرائيلية في لبنان، وفي غيرها من الأماكن التي استطاعت الوصول إليها والعمل بحرية فيها.
ومع بدء حالة الانقسام الفلسطيني، وبدء المواجهات المسلحة بين طرفي الصراع على الساحة الفلسطينية "حركتي فتح وحماس" أصبحت هذه الفضائية محط خلاف في الشارع الفلسطيني، وبات الموقف منها جزء من حالة الاستقطاب السائدة في الشارع الفلسطيني، فهناك من ثبتت وجهة نظره بهذه الفضائية واعتبرها مؤسسة إعلامية موضوعية تتعاطى مع الحدث ومع الواقع بسلبياته وإيجابياته، وهناك من اعتبرها بأنها خانت رسالتها الإعلامية وجعلت من نفسها بوق إعلامي للون سياسي واحد على الساحة الفلسطينية، والبعض ذهب لأبعد من ذلك واعتبرها محرضة وتسعى لزيادة حدة التوتر الداخلي الفلسطيني لخدمة طرف دون آخر.
والموقف الفلسطيني المناهض لقناة الجزيرة لم يقتصر على جزء من الشارع الفلسطيني بل تجاوزه ليصل لجزء من السياسيين والإعلاميين وبعض المثقفين، فبتنا نرى بعض كتاب الأعمدة ومقالات الرأي يهاجمونها صبح مساء، وبمناسبة وبدون مناسبة، وفي ظل هذه المواقف يطفو على السطح سؤال صريح وهو ماذا نريد نحن الفلسطينيين من قناة الجزيرة ؟، هل نريدها أن تكون ناطقة باسم الشعب الفلسطيني فقط؟، وهذا بالتأكيد غير ممكن، وإن هي أرادات فلن تستطيع، فنحن كشعب فلسطيني يواجه نفس الظروف السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وأصحاب قضية وطنية غير قادرين على بلورة موقف سياسي فيه ولو الحد الأدنى من نقاط التقاطع بيننا، موقف سياسي نستطيع أن نخرج به للمجتمع الدولي ونقول له بلغة واحده هذا هو الذي يريده الشعب الفلسطيني لتعيش المنطقة بأكملها في هدوء وأمن.
وأن نحاكم هذه الفضائية من منطلق المصلحة الفلسطينية البحتة سيكون أيضاً موقفاً يخلو من الموضوعية والمنطقية، فهي ليست فضائية فلسطينية رسمية ملزمة بالموقف الرسمي الفلسطيني لأي من الحكومتين الفلسطينيتين سواء المقالة أو حكومة تسيير الأعمال، فهي فضائية إخبارية تسعى لتحقيق السبق الصحفي بغض النظر عن المستفيد أو المتضرر من هذا السبق الصحفي، كما أن رجالات الحكومتين يأخذون مساحة لا بأس بها على فضائية الجزيرة عندما يكون حدث له مستوى معين من الأهمية في التأثير على مجريات الأحداث.
وعدم الرضا عن السياسية الإعلامية لفضائية الجزيرة أو غيرها من الفضائيات العربية والأجنبية لا يكون بتوجيه الاتهامات لها، لا بل يكون ببناء مؤسسات إعلامية فلسطينية حقيقية، لديها من الإمكانيات المادية والفنية والكفاءات الإعلامية ما يمكنها من الوقوف في وجه أية جهة إعلامية تحاول قلب الحقائق، أو تحاول نقل الحدث بصورة تعكس نفسها سلباً على الوضع الداخلي الفلسطيني، فنحن لا زلنا تحت خط الفقر المدقع في الموضوع الإعلامي على الرغم من أهمية وشرعية قضيتنا الوطنية.
وتعرض قناة الجزيرة للكثير المضايقات في أكثر من موقع فيه ما يكفي من المؤشرات التي تدل على أن هذه الفضائية لا زالت تلتقي في توجهاتها مع جزء كبير من الشارع العربي، فقتل طارق أيوب في العراق، واعتقال مصورها على الحاج في غوانتانامو، والإقامة الجبرية على تيسير علوني في اسبانيا شواهد كافية على مصداقيتها في الكثير من المواقف، وإن كان لنا بعض الملاحظات على أدائها على الساحة الفلسطينية.
[email protected]
التعليقات