كتاب يثير عاصفة من الانتقادات ضد الاستخبارات الهندية

كتاب يثير عاصفة من الانتقادات ضد الاستخبارات الهندية
نيودلهي: هنري تشو *

تشير المزاعم السائدة في الهند عن وقوع فساد وسوء إدارة وتصرف داخل مؤسسة الاستخبارات الوطنية النظيرة لـ«سي آي إيه».

لكن الحكومة الهندية التي اتهمت مؤلف الكتاب، الذي يشير إلى هذا الفساد، بأنه قام بتسريب معلومات سرية ثم داهمت بيته، محولة بذلك ما كان ممكنا أن يكون إزعاجا ضئيل الشأن إلى حالة من سوء التفاهم احتلت عناوين الصحف الرئيسية.

وأثارت القضية الأسئلة حول ما إذا كان المؤلف، الذي كان ضابطا في الجيش قبل تقاعده، قد تعرض للمضايقة بسبب كشف أسرار إحدى المؤسسات الهندية الأكثر اختفاء، والتي تعرف باسم «جناح التحليل والبحث» وعملها هو جمع المعلومات الاستخباراتية.

وما وراء ذلك، أثار رد الفعل تجاه الكتاب نقاشا حادا عن السبب الذي يجعل الهند بعد 60 عاما من الاستقلال متمسكة في قانون إمبريالي خاص بالأسرار الرسمية تم تورثه من الحكام البريطانيين الذين استخدموه للسيطرة على شعب كان تواقا وبشكل متصاعد للحرية.

لكن الجهود لمراجعة القانون فشلت من تحقيق ذلك. مع ذلك فإن مناصري الإصلاح يأملون أن تدفع العاصفة الحالية بهذا الاتجاه.

ومن بين المناصرين للإصلاح هناك الميجور جنرال في كي سينغ الذي قال إنه لا يمتلك أي فكرة قبل قراءة كتاب «استخبارات الهند الخارجية: أسرار جناح التحليل والبحث» أن هناك هذا القدر من المشاكل تحت السطح.

وترك سينغ، 63 سنة، الخدمة العسكرية عام 2000 للعمل مع جناح التحليل والبحث في قسمها المسؤول عن استخبارات الاتصالات حيث عمل هناك لما يقرب من 4 سنوات. وما وجده هناك لا يتماشى مع التوقعات.

وكتب سينغ: «تصورت أن جناح التحليل والبحث يضم عددا كبيرا من العنيدين الشديدي الصلابة. لكن من التقيت به هناك كان هشا... واعتاد الكادر الأدنى أن يكون تحت حماية كبيرة ويبدو أنه متقاعس عن مواجهة المخاطر والظروف الشاقة. بالتأكيد هذا أمر يتعلق بالقيادة وهذا ما يفتقده أكثر الضباط الكبار هناك».

ويكرس فصل من الكتاب لتناول الكيفية التي تم وفقها شراء انتينات «هوائيات» بسعر يبلغ 100 مرة عن سعرها الحقيقي. وفي فصل آخر تعرضت الوكالة للانتقاص لفشلها في تطوير آليات فعالة لمكافحة التجسس قائلا إن الفشل في هذا المجال قد يكون ساعد على هروب ضابط مشتبه بكونه عميلا أميركيا.

يمكن القول إن قصص الكتاب خالية من الإطراء لكنها ليست شديدة الإثارة، ولم تكن مطالبة سينغ البرلمان كي يشرف على هذه الوكالة الاستخباراتية جديدة. وصدر الكتاب في يونيو الماضي بـ 3000 نسخة وكان ممكنا أن يتعرض الكتاب للنسيان لو أن الحكومة لم تتدخل.

فردا على الشكوى التي قدمها سكرتارية الحكومة قام فريق من مكتب التحقيقات المركزي بالتوجه إلى بيت سينغ الواقع خارج نيودلهي يوم 21 سبتمبر حيث تمت مصادرة جواز سفره وكومبيوتره وأوراقه الشخصية.

وفي اليوم اللاحق تمت مداهمة دار النشر التي طبعت الكتاب.

وقال سينغ: «ليس هناك أي شيء مما كتبته هو حقا ضد المصلحة الوطنية. أنا أشرت فقط إلى بعض حالات الفساد، وهذا أمر أراه يخدم المصلحة الوطنية. أظن أنه من الواجب على كل مواطن أن يشير على حالات الفساد. بالتأكيد لا يمكن اعتبارها فعلا ضد الوطن».

وزاد من إحراج الحكومة حينما اكتشفت أن المحققين لم يقرأوا الكتاب.

وقال فيجاي شانكار، رئيس مكتب التحقيقات المركزي عبر مقابلة هاتفية: «ليس من الضرورة أن أقرأ الكتاب. نحن لا نعيش في جمهورية كرتونية. نحن في بلد له نظام ديمقراطي منذ فترة طويلة. نحن لدينا حكم القانون».

ويرى المنتقدون أن المشكلة الحقيقية هي في القانون نفسه.

وعلى الرغم من أنهم يتفقون على ضرورة الحفاظ على القضايا المتعلقة بالمصلحة الوطنية فإن أنصار الإصلاح يقولون إن قانون الأسرار الرسمية البالغ من العمر 84 سنة أصبح مجرد رفات قديمة جدا تنتمي إلى عصر آخر، وهو شديد القسوة ويفتقد للدقة.

إذ أن تعريف ما هو «سري» غير محدد. بل قد تعد حتى حفلات الشاي التي ينظمها جناح التحليل والبحث سرية، حسبما قال سينغ، مثلما هو الحال مع صورة فوتوغرافية لمطار على الرغم من أننا نعيش في زمن أرض «غوغل».

وقال الاقتصادي بيبك دبروي في مقالة نشرها بصحيفة «إكسبرس» الهندية: «نظام السرية عندنا مبهم وغير شفاف واعتباطي. إنه لأمر لا يبعث على الراحة أن يكون نظام الصين الاستخباراتي مبهما أيضا».

وقال ناشطون إن الحكومة استخدمت القانون بطريقة انتقائية لحجم انتشار المعلومات وتنتقم من شخص تكلم بصراحة عن ذلك. وفي السنة الماضية، اوصت لجنة الإصلاح الإداري الحكومي بإلغاء قانون الأسرار الرسمية. وسمح قانون الحق بالمعلومات الجديد بتسليط ضوء أكبر على طرائق عمل الحكومة وجهازها البيروقراطي الضخم، لكن الكثير من الهنود ما زالوا يجهلونه.

ويواجه سينغ جلسة استماع قضائية يوم الاثنين المقبل.

وعلى الرغم من الاتهامات فإن المعلومات السرية المسربة في كتابه لم يتم إقصاؤها. بل إن هناك طبعة أخرى بثلاث آلاف نسخة أخرى حسبما قال الناشر فيفك غارغ، عن دار منشورات غارغ ماناس.

وقال غارغ: «لماذا لا يأخذ مكتب التحقيقات المركزي إجراء قضائيا ضد أولئك الذين كشفهم الكتاب، وهم الأشخاص الغارقون في سوء الإدارة والفساد؟ لكن بدلا من القيام بذلك اتخذوا إجراءات غير ضرورية ضد المؤلف».

* «لوس أنجليس تايمز»

التعليقات