استمرار فعاليات مهرجان الشرق الأوسط السينمائي الدولي الاول

استمرار فعاليات مهرجان الشرق الأوسط السينمائي الدولي الاول
ابوظبي – دنيا الوطن-جمال المجايدة

يتابع عشاق الفن السابع بشغف كبير في فندق قصر الإمارات بأبو ظبي، فعاليات مهرجان الشرق الأوسط السينمائي الدولي الاول , وحضور العديد من الافلام المشاركة , ويتيح فيلم البومة والعصفور المشارك في مسابقة الأفلام في المهرجان فرصة للمشاهد للتعرف على نمط آخر من الأفلام الروائية كما أنه فرصة للتعرف على السينما العالمية من وجهة نظر فيتنامية. تتمحور قصة فيلم البومة والعصفور حول ثلاث شخصيات لكل واحدة منها قصة، شخصية بائعة الورد 'ثوي' التي تقوم بدورها الممثلة الصغيرة (فام ثاي هان) ومضيفة الطيران 'لان' تقوم بدورها (كات لاي) وعامل حديقة الحيوان 'هاي' ويقوم بدوره 'لي ذا لو'. ويسرد الفيلم قصصا لشخصيات وسط عالم متغير تمثلة مدينة سايجون عاصمة فيتنام العصرية المليئة بالضجيج والصخب الناجم عن محاولة ثمانية ملايين نسمة التأقلم مع الحياة التي يمضي فيها الكل بسرعة..

الفيلم يقدم صورة مختلفة عن سايجون التي ظهرت في أفلام كثيرة أغلبها أميركية حيث كانت تمثل الاشتراكية وعاصمة الفايوتنج أعداء القوات الأميركية الألداء. وقد شاهدنا أفلاما تسجيلية عن قصص واقعية حدثت في سايجون حملت بصمات مخرجين مشاهير مثل اوليفر ستون وغيره.. لكن رؤية ستيفاني جايجير هنا مختلفة..

ثوي الطفلة اليتيمة التي لم تتجاوز العاشرة تهرب بحثا عن شيء ما في المدينة الصاخبة تاركة مصنع عمها لصناعة الخيزران الذي كانت تعمل فيه بالرغم من معاملتهم الحسنة لها، لكن بحثها عن مستقبل أفضل ربما واستكشاف المدينة الضخمة، جعلاها تضع أغراضها القليلة في حقيبتها الصغيرة ولكنها فوجئت عندما وصلت إلى المدينة أن الأمر ليس كما تخيلته..

ولم تجد من عمل غير بيع الورد في شوارع المدينة الصاخبة المزدحمة ولم تجد من أصدقاء غير اثنين يعانيان هما أيضا من الوحدة والغربة..

التقت هاي (لي ذا لو) عامل حديقة الحيوان الذي يمر بفترة من الشقاء يجعله يختفي عن عالم البشر ليعيش في مملكة الحيوانات التي يحبها بعد أن تركته خطيبته وتخلت عنه، الأمر الذي جعله يتخذ من رعاية الحيوانات التي يحبها ملجأ له، لكنه فوجيء بان حديقة الحيوان تنوي بيع فيلة صغيرة حديثة الولادة كان يعتني بها إلى الهند من أجل تخفيض النفقات..

في حين أن مضيفة الطيران 'لان' (كات لاي) تبحث عن الحب من أجل تأسيس عائلة صغيرة تعيلها وتعيش معها، وتقيم 'لان' في سايجون عادة لمدة أربعة أيام واضعة الأمل في ايجاد حبها في ذلك المدرج الصغير الذي تنزل فيه طائرتها كل أربعة أيام

لكن العقبة الوحيدة التي قد تقف أمام 'ثوي' هي أن سلطات المدينة تسعى لوضعها في مركز لإيواء الايتام حتى يتم العثور على عمها ليستلمها..

الفيلم من إخراج ستيفاني جايجير فيتنامي 97 دقيقة وهو من إنتاج 2007

وقد فاز بثلاث جوائز عالمية من مهرجانات عالمية هي جائزة أحسن فيلم في مهرجان سان فرانسيسكو، وأحسن فيلم في مهرجان لوس انجليس والفيلم الرئيسي في مهرجان روتردام للسينما

التعويض

واستطاع فيلم: 'التعويض' للمخرج الإنجليزي جو رايت الذي عرض في افتتاح المهرجان أن يبرهن على قدرة السينما في تحويل النص الروائي إلى حقل بصري مستقل ومليء بالدهشة والإمتاع معا، فهذا الفيلم يأخذك منذ لقطاته الأولى إلى منطقة سينمائية مغايرة، ويوغل منذ مشهده الافتتاحي في مناخ مكثف من الإغواء البصري واستدراج العين نحو تركيبات صادمة ورهيفة في آن واحد.

يغوص الفيلم ومن منظور داخلي في حالات وأمزجة الفتاة بريوني تاليس في العام 1935 والتي تعيش وسط عائلة ثرية ومحاطة بكل المظاهر الارستقراطية، تفسر هذه الفتاة حياتها من خلال مفهوم خيالي مستحوذ عليها وقادم من قراءاتها المسرحية واطلاعاتها الأدبية وشغفها بالموسيقا، ومن هنا فهي تفسر علاقة شقيقتها سيسيليا (تقوم بدورها كيرا نايتلي) مع ابن كبير الخدم روبي (يقوم بدوره جيمس مكافوي) بأنها علاقة آثمة. ونكتشف في سياق الفيلم أن الفتاة بريوني المراهقة سبق وأن أعجبت بروبي ولكنه صدها بعنف ولم يتقبل مزاحها الثقيل، فعندما رمت بنفسها في حوض الماء وأنقذها روبي من الموت ظنته تصرفا طبيعيا من عشيقها المنتظر!، تحولت هذه الصدمة إلى رغبة لاواعية وشريرة في الانتقام من روبي، فعندما تتعرض إحدى المقيمات لدى العائلة للاغتصاب من قبل ضيف العائلة الذي تعرفه بريوني جيدا، تقوم باتهام روبي بدلا عن المغتصب الحقيقي. عموما فإن فيلم (التعويض) لا يستند على السرد الروائي وحده، ولكن يستفيد من الامكانات الهائلة للسينما الفنية في المزج بين الحالات الداخلية ومظاهر الطبيعة المحيطة، ففي اللحظات المشبوبة بالعاطفة تتحول الكاميرا إلى لسان بصري ينطق بشعرية الريف، والشرود الجميل والمزهر للمكان، وعندما تصطدم الأحداث بأجواء الحرب تتحول الكاميرا إلى عين راصدة للدماء والدموع وتشوهات العنف البشري وعبثيته.

قدم المخرج من خلال لقطاته الحنينية للسهوب والأرياف الأوروبية في أواسط القرن الماضي ما يشبه اللوحات الزيتية لمونييه ورينوار، فهو يستخدم مرشحات خاصة للكاميرا بحيث تتحول اللقطة إلى خامة أو نسيج شمعي منزوع من الواقعية الجافة، ومسترسل برفق في مياه حالمة .

التعليقات