السعوديون ينجحون في ضرب العسكر والثورات عبر المسلسلات
غزة-دنيا الوطن
فجأة ومن دون مقدمات خرج المفكر المصري البارز سعد الدين إبراهيم من جلده، لاعنًا كل خلفاء الملوك من الزعماء العسكر الثوّار، في سياق تعليقه على المسلسل التلفزيوني المثير "الملك فاروق" الذي بثته فضائية "أم.بي.سي" الممولة سعوديًا، مما يشير إلى أن النخبة التي أنتجت الثورات العربية وكانت حليفتها التقليدية قد أصبحت ضدها. وبهذه الطريقة إستطاع السعوديون أن يلعنوا الحكومات الثورية في العالم العربي على طريقتهم من خلال تمويلهم بشكل مباشر المسلسل الذي حقق نسبة مشاهدة عالية خلال شهر رمضان الفائت، الأمر الذي أيقظ الحنين إلى الأزمنة الملكية، وخصوصًا المصرية، بعد أن قطفتها حكومات العسكر الثوار بدءًا من منتصف القرن الميلادي الفائت.
وكتب إبراهيم في مقال نشرته صحيفة الشرق الأوسط اللندنية: "كان زمن المسلسل جزءًا من عصر ليبرالي إزدهرت فيه الحريات والآداب والفنون. كانت فيه خصومات وصراعات، ولكنها لم تتحول إلى عداوات أو تصفيات. وربما هذه السمات هي التي جعلت كثيرين ممن تابعوه شعروا بالحنين إلى ذلك الزمن الجميل".
ومضى في مقاله للصحيفة الممولة سعوديًا: "جمال ذلك الزمن تحقق بأثر رجعي. فما رأيناه بعد ذلك من قبح وانحطاط، من استغلال وانحلال، جعل الناس تترحم لا فقط على زمن الملك فاروق والنحاس في مصر، ولكن أيضًا على زمن الملك فيصل ونوري السعيد في العراق، والملك إدريس السنوسي ومصطفى بن حليم في ليبيا. فرحمة الله عليهم، ولعنة الله على من خلفهم من مستبدين. آمين".
وانتصر "آل الرياض" لنظامهم الملكي في وجه أعدائه التقليديين من الزعماء العرب، أصحاب الرتب العسكرية الذين جاؤوا على ظهر الثورات إلى كراسي الحكم من خلال مسلسل تلفزيوني حقق نجاحًا باهرًا لم تستطع البلايين التي صرفت على الفكر الصحوي الديني، في الثمانينات، أن تفعل فعله مواجهة أولئك الضباط الثوار المتعاطفين مع الفكر الشيوعي بطريقة أو بأخرى. وحققوا بالتلفزيون ما لم يستطيعوا تحقيقه برجال الدين والإسلاميين، الذين كانت تدفع لهم المليارات في كل عام طوال تلك الفترة المتوترة في تاريخ العالم العربي الحديث الذي شهد صراعًا بين أنظمة الحكم الملكية التقليدية وبين الحكومات الثورية الطارئة.
وفي محاولتها لتحجيم النفوذ الثوري والقومي الذي كان امتداده هادرًا أوائل الخمسينات، قدمت الحكومة السعودية دعمًا غير مسبوق للأحزاب الإسلامية وجماعاتها في العالم العربي بغية إحداث توازن يخفف من سقف الطموحات الثورية، على الرغم من أنها محاولة لم يكتب لها النجاح بشكل كبير. وحظي المسلسل بردود فعل عربية واسعة أبدت وجهة نظر إيجابية إزاء الملكية الفاروقية التي حكمت مصر.
وبثت فضائية "أم.بي.سي" التي يملكها الوليد بن إبراهيم، صهر الملك الراحل فهد بن عبد العزيز، مسلسلاً شاملاً عن حياة الملك فاروق، آخر ملوك مصر، في ما يربو على ثلاثين حلقة مظهرةً إياه في صورته الحقيقية، التي طمستها ماكينات الثورة الإعلامية، حين صورته وكأنه مثال للملك الغارق في ملذاته وضعفه فيما هو يرى كرسي العرش يهتز كورقة خريف. وبعد رحيل فاروق ووفاته عاش بعض من أفراد عائلته عيشة ضيقة عقب مصادرة العديد من الأملاك الخاصة بالأسرة الملكية في مصر.
وحسب ما ذكره الكاتب المصري أنيس منصور، فإن الأميرة فريال، آخر بنات الملك فاروق، قد عاشت حياة قاسية في سويسرا بعد قيام الثورة؛ فقد كانت تجمع الثمار من حدائق البيوت السويسرية المجاورة لها، ولم ينقذ الأميرة وأخاها الملك أحمد فؤاد إلا الأمير عبد العزيز بن فهد، نجل الملك السعودي الراحل.
وفي حديث مع أحد المحطات العربية، قالت الأميرة فريال إنها لم تكن لتستطيع العيش لولا "مساعدة الأسرة السعودية المالكة". وفي أغلب الأفلام التي أنتجتها السينما المصرية (ظهرت بعد "ثورة يوليو") لإلقاء الضوء على حياته كان فاروق يظهر دومًا وكأنه "ملك من قش" .. "رجل من غير شارب حقيقي"، الأمر الذي أنعكس سلبًا على النظرة الشعبية إزاء الأنظمة الملكية وملوكها في العالم العربي خلال فترة كانت بالغة الحرج بشكل كبير.
وحاولت "إيلاف" الاتصال برئيس الشركة المنتجة للعمل حسن عسيري، وهو فنان معروف في السعوديةً، دون أن يتسنّى لها ذلك. وإتهم الكاتب المصري المعروف أسامة أنور عكاشة السعودية بأنها من خلال دعمها لهذا المسلسل إنما تريد "تمجيد الملكية" من خلال إلقاء الضوء بشكل إيجابي على شخصية الملك فاروق، على الرغم من أن النص الذي كتبته الدكتورة لميس جابر تمت مراجعته تاريخيًا مع عدد من الجهات المصرية ذات العلاقة.
وتبدو السعودية وهي ترفع شعار النصر بيدها اليمنى بعد أن استطاعت إيصال الرسالة التي تريد إيصالها بهدوء إلى من لم يعترف بالزوابع في عمله السياسي، وذلك من خلال اعتمادها على وسائل الإيصال الحديثة الأبلغ تأثيرًا.
وعلى وقع هدير الأمواج الثورية الصاخبة هوت عروش الملكيات العربية في كل من العراق وليبيا ومصر بينما احتفظت ممالك السعودية والمغرب والأردن بأقدامها على أرض صلبة حتى انضمت إليهم المملكة حديثة السن .. البحرين.
فجأة ومن دون مقدمات خرج المفكر المصري البارز سعد الدين إبراهيم من جلده، لاعنًا كل خلفاء الملوك من الزعماء العسكر الثوّار، في سياق تعليقه على المسلسل التلفزيوني المثير "الملك فاروق" الذي بثته فضائية "أم.بي.سي" الممولة سعوديًا، مما يشير إلى أن النخبة التي أنتجت الثورات العربية وكانت حليفتها التقليدية قد أصبحت ضدها. وبهذه الطريقة إستطاع السعوديون أن يلعنوا الحكومات الثورية في العالم العربي على طريقتهم من خلال تمويلهم بشكل مباشر المسلسل الذي حقق نسبة مشاهدة عالية خلال شهر رمضان الفائت، الأمر الذي أيقظ الحنين إلى الأزمنة الملكية، وخصوصًا المصرية، بعد أن قطفتها حكومات العسكر الثوار بدءًا من منتصف القرن الميلادي الفائت.
وكتب إبراهيم في مقال نشرته صحيفة الشرق الأوسط اللندنية: "كان زمن المسلسل جزءًا من عصر ليبرالي إزدهرت فيه الحريات والآداب والفنون. كانت فيه خصومات وصراعات، ولكنها لم تتحول إلى عداوات أو تصفيات. وربما هذه السمات هي التي جعلت كثيرين ممن تابعوه شعروا بالحنين إلى ذلك الزمن الجميل".
ومضى في مقاله للصحيفة الممولة سعوديًا: "جمال ذلك الزمن تحقق بأثر رجعي. فما رأيناه بعد ذلك من قبح وانحطاط، من استغلال وانحلال، جعل الناس تترحم لا فقط على زمن الملك فاروق والنحاس في مصر، ولكن أيضًا على زمن الملك فيصل ونوري السعيد في العراق، والملك إدريس السنوسي ومصطفى بن حليم في ليبيا. فرحمة الله عليهم، ولعنة الله على من خلفهم من مستبدين. آمين".
وانتصر "آل الرياض" لنظامهم الملكي في وجه أعدائه التقليديين من الزعماء العرب، أصحاب الرتب العسكرية الذين جاؤوا على ظهر الثورات إلى كراسي الحكم من خلال مسلسل تلفزيوني حقق نجاحًا باهرًا لم تستطع البلايين التي صرفت على الفكر الصحوي الديني، في الثمانينات، أن تفعل فعله مواجهة أولئك الضباط الثوار المتعاطفين مع الفكر الشيوعي بطريقة أو بأخرى. وحققوا بالتلفزيون ما لم يستطيعوا تحقيقه برجال الدين والإسلاميين، الذين كانت تدفع لهم المليارات في كل عام طوال تلك الفترة المتوترة في تاريخ العالم العربي الحديث الذي شهد صراعًا بين أنظمة الحكم الملكية التقليدية وبين الحكومات الثورية الطارئة.
وفي محاولتها لتحجيم النفوذ الثوري والقومي الذي كان امتداده هادرًا أوائل الخمسينات، قدمت الحكومة السعودية دعمًا غير مسبوق للأحزاب الإسلامية وجماعاتها في العالم العربي بغية إحداث توازن يخفف من سقف الطموحات الثورية، على الرغم من أنها محاولة لم يكتب لها النجاح بشكل كبير. وحظي المسلسل بردود فعل عربية واسعة أبدت وجهة نظر إيجابية إزاء الملكية الفاروقية التي حكمت مصر.
وبثت فضائية "أم.بي.سي" التي يملكها الوليد بن إبراهيم، صهر الملك الراحل فهد بن عبد العزيز، مسلسلاً شاملاً عن حياة الملك فاروق، آخر ملوك مصر، في ما يربو على ثلاثين حلقة مظهرةً إياه في صورته الحقيقية، التي طمستها ماكينات الثورة الإعلامية، حين صورته وكأنه مثال للملك الغارق في ملذاته وضعفه فيما هو يرى كرسي العرش يهتز كورقة خريف. وبعد رحيل فاروق ووفاته عاش بعض من أفراد عائلته عيشة ضيقة عقب مصادرة العديد من الأملاك الخاصة بالأسرة الملكية في مصر.
وحسب ما ذكره الكاتب المصري أنيس منصور، فإن الأميرة فريال، آخر بنات الملك فاروق، قد عاشت حياة قاسية في سويسرا بعد قيام الثورة؛ فقد كانت تجمع الثمار من حدائق البيوت السويسرية المجاورة لها، ولم ينقذ الأميرة وأخاها الملك أحمد فؤاد إلا الأمير عبد العزيز بن فهد، نجل الملك السعودي الراحل.
وفي حديث مع أحد المحطات العربية، قالت الأميرة فريال إنها لم تكن لتستطيع العيش لولا "مساعدة الأسرة السعودية المالكة". وفي أغلب الأفلام التي أنتجتها السينما المصرية (ظهرت بعد "ثورة يوليو") لإلقاء الضوء على حياته كان فاروق يظهر دومًا وكأنه "ملك من قش" .. "رجل من غير شارب حقيقي"، الأمر الذي أنعكس سلبًا على النظرة الشعبية إزاء الأنظمة الملكية وملوكها في العالم العربي خلال فترة كانت بالغة الحرج بشكل كبير.
وحاولت "إيلاف" الاتصال برئيس الشركة المنتجة للعمل حسن عسيري، وهو فنان معروف في السعوديةً، دون أن يتسنّى لها ذلك. وإتهم الكاتب المصري المعروف أسامة أنور عكاشة السعودية بأنها من خلال دعمها لهذا المسلسل إنما تريد "تمجيد الملكية" من خلال إلقاء الضوء بشكل إيجابي على شخصية الملك فاروق، على الرغم من أن النص الذي كتبته الدكتورة لميس جابر تمت مراجعته تاريخيًا مع عدد من الجهات المصرية ذات العلاقة.
وتبدو السعودية وهي ترفع شعار النصر بيدها اليمنى بعد أن استطاعت إيصال الرسالة التي تريد إيصالها بهدوء إلى من لم يعترف بالزوابع في عمله السياسي، وذلك من خلال اعتمادها على وسائل الإيصال الحديثة الأبلغ تأثيرًا.
وعلى وقع هدير الأمواج الثورية الصاخبة هوت عروش الملكيات العربية في كل من العراق وليبيا ومصر بينما احتفظت ممالك السعودية والمغرب والأردن بأقدامها على أرض صلبة حتى انضمت إليهم المملكة حديثة السن .. البحرين.
التعليقات