عاجل

  • طيران الاحتلال يشن غارتين على منطقة الجندي المجهول بحي الرمال غرب مدينة غزة

مسلسل باب الحارة يتسلل إلى أزقة غزة ويعكر حضور فعاليات ثقافية

مسلسل باب الحارة يتسلل إلى أزقة غزة ويعكر حضور فعاليات ثقافية
غزة-دنيا الوطن

لم يأبه الشاعر سائد السويركي بالأمسية الرمضانية والموشحات الأندلسية التي بدأت تصدح في قاعة غرناطة في مدينة غزة بعد الإفطار الجماعي الذي نظمته جمعية أفكار في مدينة غزة، فغادر القاعة بصحبة آخرين على عجل كي لا تفوتهم إحدى حلقات مسلسل "باب الحارة 2" السوري.

وداخل منزل الحاج أبو محمد البطاني في مخيم المغازي انشغلت الفتيات بسرعة البرق يلملمن الأواني والأطباق بعد الإفطار لتنظيفها للانتهاء من أعمال البيت، متناسين القطايف من أجل التفرغ لمتابعة تفاصيل المسلسل.

لقد بات "باب الحارة " الذي تعرضه قناة (MBC) جزءً من حديث الشارع الفلسطيني اليومي، في العمل والجامعة والمدرسة وهمس النسوة الذي لا ينتهي. ويضع الغزيون أياديهم على قلوبهم خوفاً من أن ينقطع التيار الكهربائي وقت عرض المسلسل، مصرين على متابعته في قنوات أخرى في حال هذه "المصيبة".

كذلك الحديث بين الركاب في سيارات التاكسي والحافلات لا يخلو من توقعات ومراهنات حول ما سيحدث في الحلقة القادمة. يخرج احد عشاق الانترنت ليفتخر بعلمه بتفاصيل مستقبلية قرأها على أحد منتديات الانترنت، التي تتناول أيضاً بطريقتها الخاصة تعليقاتها عليه ومنح المتصفحين فرصة تنزيل حلقات المسلسل مجاناً.

لم ينتقل باب الحارة إلكترونياً إلى صفحات الانترنت فقط، فرسائل الجوال أيضاً تضمنت دعاءً يتضمن شخصيات "باب الحارة"، "أتمنى من الله أن يمنحك حكمة الزعيم وشجاعة العقيد وصبر أبو حاتم وتوبة الادعشري ويحميك من غدر اصطيف وحقد فوزية ولسان فريال.

. وأهل الحارة بيسلموا عليك وكل عام وأنت بخير".

ولم يأبه الحلاق جمعة أبو علاء بكثرة الزبائن الذين تجمعوا في صالونه في مخيم جباليا، شمال غزة، وظل محملقاً في شاشة التلفاز يتابع أحداث مسلسل "باب الحارة" بكل شغف.

ويقول أبو علاء إن هناك ازدحاماً على صالونات الحلاقة إلا أنه يفضّل متابعة تفاصيل أحداث المسلسل دون اكتراث للزبائن المضطرين للانتظار بسبب ازدحام صالونات الحلاقة مع اقتراب حلول عيد الفطر.

لم يأخذ المسلسل عقول المشاهدين الكبار فقط، فللأطفال كان لهم نصيبهم على طريقتهم الخاصة، فـ "بَلِيـلَة" أبو غالب والبرغوت الذي "فركه" في عيد الفطر، باتت عبارات يرددها الأطفال الذين يجوبون أزقة مخيم جباليا يطرقون بعصيهم على غالونات الزيت البلاستيكية الفارغة، مهللين بقدوم العيد.

باب الحارة من تأليف كمال مرة وبطولة عدد من الممثلين السوريين أبرزهم عباس النوري وسامر المصري ووفاء موصلي وليلى سمور. يُبث حالياً على أكثر من قناة عربية هو الجزء الثاني من المسلسل الذي ينقل أحداث وقعت في سوريا أواخر العشرينيات سيتبعه جزء ثالث في رمضان القادم، وهو الأمر الذي يرفع من رصيد المسلسل الذي يحافظ على مشاهديه الذين يحرصون على متابعة الأحداث في الجزء الثالث.

وقال الشاعر سائد السويركي، إن المسلسل يحتوي على عدة عناصر جذابة أهمها أحياء الرجولة وتقديمه للمشاهد نماذج محبوبة إضافة إلى ما أشبه بتلقائية الممثلين الذين اسروا المشاهد.

وأضاف السويركي أن العالم الدمشقي الذي يعيشه المشاهد خلال المسلسل كفيل أن يكون دافعاً للمتابعة بجانب تناوله ظواهر اجتماعية.

وترى الطالبة الجامعية جميلة المفتي أن المسلسل قريب من المجتمع الفلسطيني وأنها باتت تشعر نفسها تعيش في حارة الضبع، التي لا تبعد أحاديث نسائها عن أحاديث نساء غزة".

أما خالد الجديلي، فقال إن المسلسل يخفف من الحالة التي تعيشها غزة، مشيراً أنه يتمنى أن يزور حواري الشام العتيقة التي تنقلها إليه MBC عبر باب الحارة، فهو بالنسبة له "بساط الريح" لمدة ساعة، لولا الإعلانات التي تنغص عليه استمتاعه بمتابعه أحداث المسلسل.

وقال عامل الدهان غالب الأعرج، إنه يتمتع بمراقبة ديكور الحارة، فالمنازل الشامية والبلاط والرخام والشوارع ذات الأقواس تدهشه بجمالها بجانب الأثاث المرصع بالصدف والرسومات الهندسية الرائعة التي يعشقها أكثر من تفاصيل الأحداث. ووافقه في الرأي السائق، عامر خلة، الذي أكد أن ابنه أحمد قد بدأ يتناول جرعات ترويض وهدأ من تمرده في البيت بعد أن رأى احترام الابن لأبيه من خلال أولاد أبو عصام وإبراهيم.

ورغم التحفظ الشديد الذي ميز العائلة الشامية إلا أن المخرج بسام الملاّ لم يُلغِ قصص الحب والغرام العذري التي احتواها المسلسل، محافظ على النزعة الإنسانية (السوية) ليزيد من تنوعه وتغطيته لأكثر من خط درامي.

خلود الهليس، موظفة في مؤسسة إعلامية، قالت إن المسلسل "شدّها" لعدة أسباب أنه يعمل على إعادة بعث لمبادئ بدأت بالاندثار أهمها احترام الجيرة والرجل الذي كان يثبت عند كلمته، إلى جانب محاكاته للواقع الحالي في فلسطين، فيما اختلفت معها أماني القرن التي قالت أنها لا تتابع المسلسل .

تسلل المسلسل إلى عقول المشاهدين عبر تنوع القضايا التي تمس الإنسان بذاته، والشخصية العربية ذات الثقافة المتوحدة، فثقافة القيل والقال كذلك الوضع السياسي الذي يحاكي، رغم قدمه، الواقع الفلسطيني، من تهريب سلاح ومقاومة الاحتلال وتسلل الخونة والعملاء (في شخصية اصطيف) الذي سيكون- كما هو متوقع- كمصير الخونة، يلفظهم الشارع الفلسطيني بعد أن باعوا وطنهم ودينهم متسترين وراء زيف وشخصيات "بريئة" وهم ألد الخصام.

التعليقات