هل الدراما السورية تمر في مرحلة مواجهة المؤامرات

هل الدراما السورية تمر في مرحلة مواجهة المؤامرات
هل الدراما السورية تمر في مرحلة مواجهة المؤامرات

دمشق –دنيا الوطن- محمد أنور المصري

كثر الحديث منذ مدة ليست بالقصيرة عن مخاوف ومؤامرات وحروب وأزمات ومصاعب و .. تعيشها الدراما السورية , لا بل ذهب البعض للقول أنها لعبة (كسر عظم) والدراما السورية عالمحك فالمقدمات لا تنذر بنتائج طيبة تسر الخاطر ..

بينما رأى البعض أن الدراما السورية بخير وستكون الأفضل خلال الدورة البرامجية الرمضانية القادمة لأن هناك جسور ثقة بينها وبين المشاهد العربي أينما كان .. ولكن هل هذه الجسور تكفي ?.. ما الذي يخبئه شهر رمضان للدراما السورية ? هل ستكون في امتحان حقيقي أم أن الغلبة ستكون لها منذ الأيام الأولى من الشهر الكريم ? كيف يستقرئ أهل الاختصاص الصورة التي ستكون عليها الدراما السورية في رمضان ? وما التوقعات حولها هل ستكون منافساً صعب المراس أم ستكون مهمشة ? وما حقيقة تعامل المحطات التلفزيونية مع الأعمال السورية ? وهل هناك حرب على المسلسل السوري في المحطات حقاً أم أنها حجج ليس إلا ?!.‏‏

تساؤلات وضعناها بين عدد من أهل الاختصاص في مجالات الإنتاج والإخراج والتمثيل , والحصيلة نرصدها عبر السطور التالية :‏‏

نجدة أنزور : الإنتاج السوري المحلي لم يجد له مكاناً في التسويق‏

هناك مشكلة تعاني منها الدراما السورية وهي غياب التسويق الصحيح , فكلها عبارة عن مبادرات فردية , وصدقني أن سورية موجودة في كل بيت عربي من خلال الدراما السورية ومن يحقق نجاحاً في هذه الدراما فهو إنسان غير عادي وأن دخل كل بيت في الوقت الذي يفرضون فيه علينا حصاراً فهو إنجاز وإعجاز , ولكن هناك حقيقة يجب ألا نتجاهلها وهي هبوط مستوى الإنتاج من العامين الماضين حتى الآن وإن قمنا بمراجعة ما تم إنتاجه العام الماضي وما أُنتِج هذا العام لوجدنا أن الرقم تناقص بشكل واضح , وهذا مؤشر خطير يجب الانتباه إليه والسبب أنه ليس من بيع فالمحطات لا تأخذ دراما سورية مما يؤكد أن هناك حصاراً . فالانتاجات الحالية في معظمها هي انتاجات عربية ويتم تسويقها أما الإنتاج السوري المحلي فلا يجد له مكاناً في التسويق , لذلك لا بد من أن يكون هناك خطة للتسويق تدعمها الدولة فيجب إعادة النظر في مسألة دعم وتسويق الإنتاج السوري , كما ينبغي على المسؤولين الانتباه أكثر للفنانين ويسعون لحل مشكلاتهم .‏

إن أهم الأعمال على الشاشة هي الأعمال السورية سواء نفذت بإنتاج عربي أو محلي , ونحن متفائلون بمسلسل (سقف العالم) لحساسية الموضوع الذي يطرحه فهو سيستقطب الأسرة بكامل أفرادها ونتوقع أن نكسب الجمهور على مختلف شرائحه فالعمل يفضح حقيقة الغرب ويكشف الكثير من الأمور وقد بذل الكاتب الأستاذ حسن م. يوسف جهداً كبيراً للحصول على هذه الحقائق ونقدم العمل ضمن توليفة جديدة دون أي تنازلات , وسيتم عرض المسلسل على العديد من الشاشات التلفزيونية .‏

باسل الخطيب : هناك محطات أخذت قراراً بعدم عرض أي عمل سوري‏

مؤشرات الأزمة التي نمر فيها بدأنا بتلمسها منذ عدة سنوات وليس في هذا الموسم تحديداً , ولهذه الأزمة عدة تجليات : أولاً غياب المؤسسات الإنتاجية في سورية إذ يكاد لا يتجاوز عدد الشركات التي يمكن أن تنتج دراما الخمس شركات , وثانياً انعدام القدرة على جذب رؤوس الأموال واستثمارها في الإنتاج الفني التلفزيوني , فقبل سنوات كانت هناك محطات خليجية تنتج أعمالها في سورية وهذا الأمر حالياً غير موجود , وثالثاً وهو الأمر الذي نتحمل مسؤوليته بشكل مباشر وهو أننا لم نستطع حماية هذه المهنة ويحدث ذلك بالدرجة الأولى من خلال وضع أنظمة وضوابط لها بحيث لا تتحول مرتعاً للدخلاء فأي كان يمكن أن يصبح مخرجاًَ أو كاتباً أو .. فهذه العوامل الثلاث كانت تؤسس لأزمة كنا ننبه لها قبل عدة سنوات وأعتقد أن هذا الموسم الرمضاني تجلت بصورة واضحة فهناك عدد كبير من المحطات الخليجية التي أخذت قراراً منذ شهر آذار 2007 بعدم عرض أي عمل سوري .‏

الإنتاج السوري كان يتجاوز الأربعين مسلسلاً قبل عدة سنوات أما اليوم فالعدد لا يتجاوز الخمس والعشرين مسلسلاً وبالطبع إن تكلمنا عن الجيد منها فهي لا تتجاوز الخمس مسلسلات , وبرأي أن حل هذه الأزمة تتوزع مسؤوليته على عدة جهات فتتحمل الشركات الخاصة مسؤوليتها في هذا الأمر وأن تقوم المؤسسات المعنية في الدولة المعنية بواجبها في هذا المجال , فطوال هذه السنوات كنا نرى كيف خدمت الدراما السورية البلد بشكل كبير , وأعتقد أنه آن الأوان لأن تدعم المؤسسات الحكومية الدراما ليتم تسويقها وترويجها ودعمها , وهناك سبل معروفة لتحقيق هذا الأمر .‏

بسام كوسا : نساهم في القضاء على الدراما السورية‏

نحن مشهورون كأمة بالندب على الماضي وصرف جل جهدنا وطاقتنا بالتغني به وهذا ما فعلناه في كثير من الأمور.. , وكنا مساهمين في فقده لكي نمارس هوايتنا كأمة في الندب والبكاء على الأطلال , وأعتقد أن هذا الأمر سيحصل معنا لأننا نساهم في القضاء على الدراما السورية .. من المؤكد أن هناك أسباباً كثيرة منها أن مهنة الدراما مرتبطة بقرار سياسي وبظرف عام ودولي , ولكن الجزء الأهم كيف يدافع أهل المهنة (القائمين على هذه المؤسسات في القطاعين العام والخاص) عما هو بين يديهم , فالدراما السورية أثبتت عبر سنوات عديدة أنها قدمت أعمالاً مهمة , لا بل كانت بمثابة الإعلام المضاد أمام ما قد يواجه هذا البلد , وهي مسألة كانت بغاية الأهمية . لكن القطاع الخاص همه (كيف اربح) وبأية طريقة حتى إن كان على جثة الآخر , أما القطاع العام (القلعة الخربانة) فلم يعد يهم من يدير هذه المهنة سوى المكاسب الشخصية , فالتلفزيون السوري هو أكبر شركة إنتاج في البلد ومع ذلك ليس قادراً على إنجاز مسلسل مُتابع لأنه ليس من أحد يقبل العمل فيه إلا البقية الباقية مما لا عمل لهم , (وهنا أتكلم عن جانب مهني وليس أخلاقياً أو إنسانياً) . فالتلفزيون السوري هرّب الطاقات كلها رغم أننا كلنا ندين لهذا المبنى بالإحساس بالجميل فكل الطاقات الأساسية خرجت منه , وبرأي يجب أن يكون لديهم حجج منطقية ليثبتوا عكس ما نقول (فليثبتوا من خلال نوعية الإنتاج أو بعملهم أو بالجودة) لأقدم اعتذاراً إعلامياً في الفضائيات أو الصحف (وكلامي هنا عن الدراما تحديداً) وإن لم يكن لديهم الحجة الحقيقية فيجب أن يخجلوا ويذهبوا لبيوتهم (كل من يعملون في المؤسسات الثقافية) إن كان المسرح أو السينما أو التلفزيون أو بنقابة الفنانين , لقد وصلت الأمور لمرحلة بتنا نخجل منهم . وكل هذه الأمور التي نتكلم عنها ستؤدي حكماً لأن يهبط الحال الدرامي إلى مستوى متدنياً وأعتقد أن هذا ما سنراه في رمضان القادم , وبعد القادم , وبعد بعد القادم ..‏

هناك انحسار على مستوى الكم والنوع وعلى مستوى التسويق , انظر للفضائيات العربية ونسبة ما الذي سيُعرض في رمضان والأعمال التي لم تُباع وتلك التي لم يستطيعوا أن يسوقوها والأعمال التي يبكي أصحابها , برأي أن هناك مجموعة أسباب كي لا نضع التبعة على فكرة أننا محاصرين فالبلد دائماً كانت محاصرة وبالتالي لم يتغير شيء ولكن الذي تغيّر هو آلية العمل في الدراما والقائمين عليها فليس لديهم أي خطة ومبدؤهم أضرب وأهرب فالمهم أن أربح في هذا العمل ومن بعدي الطوفان , ولكن هذا الكلام على المدى الاستراتيجي ليس مثمراً , ليس لدينا أي مسؤول ذهب للمحطات ليقول أن لدينا دراما كما تفعل بعض الدول الأخرى , فينبغي أن يكون هناك حماية وطنية من مؤسسات الدولة لهذا المنتج فليس هناك من حماية .‏

منذ سنوات عديدة قلت في أحد اللقاءات أنني أقرع ناقوس الخطر فاستغرب البعض وسخر واستهجن البعض الآخر , قلت يومها المهنة في خطر لأن القائمين عليها ليسوا على مستوى جيد ولا يخططون لشيء على المستوى العملي والمهني , ليس لدينا صناعة أو تقليد راسخ في الدراما ولم نستطع تحقيقه عبر ربع قرن , ما فعلناه هو الثرثرة (أصبحنا عالميين , سحبنا البساط ..) أما كم بذلنا جهد لخلق قواعد وأسس متينة لهذه المهنة بالتضامن بين القطاعين العام والخاص .. فهذا كله غير موجود , إنها عبارة عن معارك واستعراضات كلامية , ولكن بجرة قلم كل هذه المحطات يمكن أن تتجاوز الدراما السورية وهناك درامات قادمة وبقوة (المصرية , الخليجية ..) إنه كلام قد يدفع للتشاؤم ولكني سأعيد قرع ناقوس الخطر مرة أخرى لأن الوضع المهني خطير ومؤشراته واضحة .‏

فراس إبراهيم : هناك عملية كسر عظم بكل الطرق‏

أعتبر أن هذه السنة هي الأقسى في التوزيع لأن هناك أربع أو خمس محطات ممتنعة عن التعامل مع العمل السوري وتضع العمل السورية للعرض المتوفر بعد رمضان , فأغلب الاتفاقات التي تمت ذهبت لما بعد رمضان وما بقي في رمضان هو العمل الخليجي والمصري مع الأسف , وهذا قرار .. الجميع يقول لا إنه ليس قراراً .. ولكن الواقع يقول العكس فهناك عدة محطات أعلنت عن برامجها ولم يكن العمل السوري على الخريطة .. وهذا السؤال يجب أن يجيب عليه القائمون على الدراما السورية , وأنا لن أنتج في السنة القادمة إذا مورست علي الضغوط نفسها التي مورست علي هذه السنة . فأعتقد أن الدراما السورية في خطر شديد وإن لم تنج هذه السنة فالسنة القادمة ستكون هي الأخطر . فمنذ السنة الماضية هناك أعمال لم تسوّق بعد , أعتبر نفسي من الشطار في التوزيع وعلى الرغم من ذلك أقول أن معاناتي كانت شديدة جداً . والسبب في ذلك أننا دخلنا بتوجه فردي على مدار سنوات فندفع ثمنه حالياً , فكلما جمعنا الشركات وقلنا دعونا ندخل للسوق كجماعة يقول كل منهم أن له علاقاته ويستطيع أن يدبّر أموره ولكن حالياً الجميع يبحثون عن (حدا) ينتشلهم ولكن بعد ماذا ?.. لذلك تجد أن هناك شركات كبيرة أوقفت أعمالها لأنها لم تجد لها مكاناً في التوزيع , فضلت أن تؤجلها عوضاً من أن تنتجها , هناك عملية كسر عظم بكل الطرق .‏

لقد سبق واجتمعنا في لجنة صناعة السينما وفي التلفزيون واجتمعنا مع رئاسة مجلس الوزراء ومع مسؤولين من عدة جهات وقلنا لهم أن الدراما السورية في خطر وتحتاج إلى دعم سياسي , وتحتاج إلى كل الوفود السياسية المغادرة أو المستقبلة لأن يكون فيها من يحاور من أجل الدراما كما يتم التحاور في أي قطاع صناعي وتجاري وسياحي , لكن الأمر يحتاج لمتابعة ولدافع شخصي واهتمام فالدراما السورية والفنان السوري خلال الخمس عشرة سنة الماضية كانوا واجهة للبلد بشكل جيد حتى في أحلك الظروف ولكن إن لم يؤخذ هذا الأمر بعين الاعتبار فستذهب شأنها شأن أمور كثيرة مهمة في حياتنا (عم تروح) .‏

منى واصف : درامانا ليست بطفل يحبو !..‏

لا يمكن معرفة التوقعات فهوليود أحياناً تراهن على فيلم وتضع ملايين الدولارات ولا يخرج بمستوى المراهنة , فنحن كلنا نترقب ما سيحدث في رمضان فلا تستطيع أن تراهن ولكني لست بخائفة على الدراما السورية وإن كان التسويق أقل من الأعوام الماضية . فقد أثبت أنها دراما حقيقية وناجحة , خاصة أنه تم تأسيسها بشكل صحيح منذ الستينيات وإلى الآن تنتشر وبالتالي لم يأتِ انتشارها من فراغ وهي ليست وليدة . وبالتالي لا نريد تلك المراهنات وكأنها تحبو كطفل سيقع إن سار نحو الأمام , لقد تجاوزنا هذا الأمر منذ زمن فهناك أعمدة تأسس عليها هذا الفن الثقافي الاجتماعي الهادف . أنا متفائلة وأرى أننا نتقدم نحو الأمام فمن خلال سفري ألمس مدى تواجدنا بالنسبة للجمهور العربي ومدى الاحترام الذي يشاهدون من خلاله أعمالنا . وإن كنت واحدة من اللواتي عملن مسلسل من إنتاج سعودية وكله فنانون سعوديون وأنا الوحيدة السورية وبلهجتي الشامية فهل معنى ذلك أن هناك من يستهدفنا !.. التسويق له علاقة بشركات التوزيع وبأنه ليس لدينا مسؤول يساعد في تسويق أعمالنا , فعندما يعتبرون أن الفن اقتصاد (كما في مصر) عندها يخافون على فشلهم ونجاحهم لكن الدراما حتى الآن لا يتم اعتبارها جزءاً من اقتصاد الدولة وبالتالي نحن غير محميين .‏

[email protected]

التعليقات