على مكتب اللواء الطيراوي..اصلاح جهاز المخابرات الفلسطينية

على مكتب اللواء الطيراوي..اصلاح جهاز المخابرات الفلسطينية
بقلم:خليل سليم*
حسم الرئيس أبو مازن الجدل والأقاويل التي أثيرت في الآونة الأخيرة حول تسمية الرئيس الجديد للمخابرات الفلسطينية, حيث أنه ومنذ تعرض الرئيس السابق للمخابرات الفلسطينية اللواء طارق أبو رجب لمحاولة اغتيال بغزة واضطراره للسفر للخارج لفترة طويلة لتلقى العلاج كثر القيل والقال في أوساط المخابرات وخارجها حول الشخصية التي تقود هذا الجهاز.
جدل وإشاعات وأقاويل انشغل بها ضباط المخابرات العامة حول مصير الجهاز وقيادته والإصلاحات التي باتت ضرورية ولم تعد تحتمل التأجيل وتسلم خلال الفترة الماضية اللواء توفيق الطيراوى مهام رئيس المخابرات بالإنابة فوجد نفسه أمام كم هائل من المشاكل المتراكمة والقضايا التي طفت على السطح بسبب رغبة أكيدة من غالبية ضباط المخابرات بأن يأخذ اللواء توفيق الطيراوى على عاتقه القيام بإصلاحات فورية وجذرية.
والحق يقال أنه حاول ولكنه لم ينجح في إجراء الإصلاحات المطلوبة لأسباب عديدة منها: أن المخابرات أصبح يشهد ازدواجية في القيادة اى أن الجهاز أصبح يقوده رئيسان أبو رجب والطيراوى رغم ابتعاد أبو رجب بسبب حالته الصحية ولكن الازدواجية كانت قائمة وأخذت المسألة بعداً أخلاقياً ومعنوياً فالرئيس السابق للجهاز وان كانت حالته الصحية لم تسمح له بالعودة إلى أرض الوطن لم يكن باستطاعة الطيراوى وضباط الجهاز تجاوز أبو رجب.
وربما هذا السبب الأقوى الذي حال دون اتخاذ قرارات من شأنها أحداث تغييرات جذرية داخل جهاز المخابرات رغم إلحاح ضباط الجهاز في كل زيارة للواء الطيراوى إلى غزة على التغيير والإصلاحات.
فحاول التغيير وأجرى تنقلات ولكنها لم تحمل في طياتها الإصلاحات الجذرية المطلوبة.
فنظرية أن لا يبقى مدير الإدارة في منصبه أكثر من عامين أو ثلاثة لم تكن نظرية فيها كثير من الصحة فالمقياس هو أداء مدير الإدارة وليس الفترة الزمنية التي مكثها في منصبه, وفى الأجهزة الاخرى في دول أخرى يستمر مدير الإدارة في منصبه لسنوات طويلة ما دام يقوم بواجبه خير قيام فالتجربة والخبرة في مجال عمل هذا المدير أو ذاك أحياناً لا تعوض وبالتالي حتى لا يضطر الجهاز إلى تنقلات سريعة تضر بأداء الإدارات والجهاز بشكل عام بسبب تعيينات لمدراء لا يوجد لديهم خبرة في مجال الاختصاص ولا يكفى أن نأتي بضابط في رتبة ما ثم نسلمه إدارة يحتاج لسنوات ربما لاكتساب الخبرة والتجربة اللازمة في مجال اختصاصه.
هذه وجهة نظر في نظرية عدم بقاء مدير الإدارة على رأس إدارته لفترة تزيد عن عامين أو ثلاثة في حين انه في بعض الدول يبقى مدير الإدارة على رأس إدارته لفترة قد تصل عشرين عاماً وما دام تقييم رئيس الجهاز لأدائه مرضياً فلا يوجد مشكلة وعادة يصل الأمر بالضباط العاملين تحت إمرة مدير الإدارة إلى نفس مستوى مدير إدارتهم من الخبرة والكفاءة وبالتالي فان الجهاز لا يشكو في مثل هذه الحالة من فراغ قيادي على كافة المستويات.
وبالنسبة لجهاز المخابرات خلال السنوات الماضية كان هنالك خلل كبير في مستوى القيادات المؤهلة لقيادة الإدارات المختلفة وحتى المحافظات فكانت سياسة التهميش هي السياسة السائدة فنجد بعض مدراء الإدارات يتجنبون تعيين الكفاءات في إداراتهم ويهمشون من هم تحت إمرتهم بل أن ما هو أسوأ من ذلك أن الضباط لم يكن لديهم أي حقوق أو امتيازات أكثر من راتبهم وكل الامتيازات المالية والمعنوية كانت بحوزة شخص واحد لا يتنازل عنها أبداً وهو مدير الإدارة حتى أن نائبه في الإدارة نجده مثل مالك الحزين لا حول له ولا قوة.
ولنأخذ مثالاً على مستوى أجهزة الأمن في دول أخرى فنجد أن الامتيازات الوظيفية محددة وموزعة بالعدل على كافة ضباط جهاز المخابرات وفى الدول العربية التي يتقاضى موظفيها رواتب متدنية توزع مهاماً خارجية ودورياً على كافة الضباط لهذين الأول اكتساب الخبرة والثاني تحسين الوضع المعيشي لهم إضافة إلى توزيع عدد من الضباط دورياً على سفاراتهم في العالم لتحقيق الهدفين المذكورين معاً اكتساب الخبرة وتحسين الوضع المعيشي.
ونأمل أن يتسع صدر اللواء توفيق الطيراوى لكل هذه الملاحظات وقد بدأ بتسلم مهامه كرئيس للمخابرات العامة يقع على كاهله الآن مسئولية الإصلاحات والنهوض بالجهاز لأنه لم يعد هنالك أي عقبات تعترض كما كان في السابق بعد نيله ثقة الرئيس القائد أبو مازن.
كان هنالك عدد محدود من ضباط المخابرات لا يزيد عددهم عن عدد أصابع اليد الذين توكل إليهم المهمات الخارجية ومنذ 12 عاماً لم يتركوا طائرة تعتب عليهم ولا دولة تشكو من قلة زيارتهم لها وبقية ضباط الجهاز مجرد متفرجين على الامتيازات التي تمنح لهؤلاء بشكل مبالغ فيه مما ولد حالة من الإحباط على مستوى الضباط المؤهلين بمثل هذه المهمات الخارجية وحرموا منها لأمر في نفس يعقوب.
والجانب الثاني أن مالية الجهاز ضجت في أحيان كثيرة من حجم المساعدات التي يتلقاها بعض الضباط بين فترة وأخرى وبدون انقطاع لتحسين وضعهم رغم أنهم كانوا في وضع مالي أكثر من الحسن, وبالمقابل كان الضابط التي يتقدم بطلب مساعدة مالية بسيطة لا تذكر يضرب بالشلوت أي أن المساعدات كانت تقدم لأناس لا يحتاجونها حتى تندر بعض الضباط حول هذا الوضع السابق بمشهد من مسرحية الواد سيد الشغال للفنان عادل إمام عندما دخل إلى مطبخ الباشا الذي يعمل عنده وقال:" ناس عندهم لحمة عازمين ناس عندهم لحمة " مستغرباً من أن يدعو الباشا الذي تمتلئ ثلاجته باللحمة علية القوم الذين في بيوتهم لحمة كما هو الحال في بيت الباشا.
أي أن هنالك خلل خطير كان يشهده جهاز المخابرات وينطبق الحال على الأجهزة الأمنية الأخرى التي لم تكن بريئة من هذا الوضع في التعامل مع الضباط ومنحهم امتيازاتهم الوظيفية مما ولد حالة من الإحباط في أوساط جهاز المخابرات العامة والأجهزة الأخرى, فوصل الحال إلى ما وصلنا إليه في 15 حزيران الماضي وعلى مستوى توزيع السيارات على الضباط فتلك مأساة أخرى فكنا نجد المساعد والملازم تصرف له سيارة من الجهاز والعقيد يتجول في الشارع ماشياً أما لماذا تصرف للملازم ولا تصرف للعقيد فتلك حكاية لا نريد الخوض فيها, ولعل المهزلة التي تندر بها ضباط الجهاز أن نقيب في المخابرات وقبل الأحداث وبفعل نفوذه الغريب كان يتجول بموكب بغزة ترافقه ثلاث سيارات وعندما وقعت الواقعة كان أول الهاربين من معبر ايرز بل انه لم يتواجد في مقر الجهاز مطلقاً خلال الأحداث المؤسفة التي شهدها قطاع غزة بين أجهزة السلطة وحماس كما انه لم يكن مطلوباً لأحد.
هذه أمثلة بسيطة تعكس الوضع الذي وصل إليه جهاز المخابرات قبل أحداث غزة ونعتقد أن ما حصل يعطى الحق لكل الأقلام كي تقول رأيها في أداء ووضع أجهزة الأمن الفلسطينية التي أصدرت لجنة التحقيق برئاسة الأخ الطيب عبد الرحيم تقريراً نراه تاريخياً وسيشكل نقطة تحول جذرية فيه نحو بناء أجهزة امن فلسطينية بالمستوى المطلوب والكفاءة العالية وقرارات الرئيس القائد أبو مازن تعبر تعبيراً صادقاً عن هذا التوجه الاصلاحى من حيث الإقالات والعقوبات بحق المقصرين في أحداث قطاع غزة.
أن تقرير لجنة التحقيق بحاجة إلى حشد رأى عام لمساندته حيث نتوقع خلال الفترة المقبلة بدء عملية إصلاح جذرية على مستوى كافة أجهزة الأمن وقرار الرئيس أبو مازن بتعيين اللواء توفيق الطيراوى رئيساً للمخابرات يأتي كأولى الخطوات للإصلاح الذي يطمح إليه شعبنا.
إن استمرار الحال على ما هو عليه في جهاز المخابرات أصبح أمراً مستحيلاً ونقول المخابرات هنا لأننا اقتصرنا الحديث عن جهاز المخابرات وما ينطبق عليها ينطبق على بقية الأجهزة وبقاء سياسة" يبقى الحال على ما هو عليه وعلى المتضرر أن يضرب رأسه بالحيط". أمر لم يعد ممكناً وتقرير لجنة التحقيق في أحداث غزة وبعض الأمل الكبير الذي زرعه الرئيس أبو مازن في نفوس الناس بقراراته الحكيمة نحو إصلاحات جذرية لأجهزة الأمن الفلسطينية.
فالرئيس وبجزم الحكماء عاقب المقصر وقال للمحسن أحسنت وهذا يعنى أن الفساد والإهمال والتقصير في أجهزة الأمن سيولى إلى غير رجعة.
بعد أحداث غزة لم يكن هنالك مجال للمجاملة ولم يعد كلامنا عن أمجاد جهاز المخابرات مقنعاً لأحد فهذه الأمجاد طمستها مسلكيات المقصرين والفاسدين ونتوقع من اللواء الطيراوى خلال الفترة القادمة إصلاحات تثلج الصدر بعد أن أزاح الرئيس أبو مازن كابوسا كان يكتم أنفاسنا بقراراته بناء على توصية تقرير لجنة التحقيق بحق المقصرين والفاسدين.
أن القضية الآن ما هو قادم من إصلاحات نتوقعها من اللواء توفيق الطيراوى رئيس المخابرات العامة ونتوقع منه قرارات حاسمة واجراءات تنهض بجهاز المخابرات ليعود الجهاز متألقا على هدى نهج الشهداء القادة أبو إياد وأبو الهول وعاطف بسيسو وجاد التايه وكل شهداء جهاز المخابرات العامة الأكرم منا جميعاً.
*كاتب فلسطيني-رام الله
بقلم:خليل سليم*
حسم الرئيس أبو مازن الجدل والأقاويل التي أثيرت في الآونة الأخيرة حول تسمية الرئيس الجديد للمخابرات الفلسطينية, حيث أنه ومنذ تعرض الرئيس السابق للمخابرات الفلسطينية اللواء طارق أبو رجب لمحاولة اغتيال بغزة واضطراره للسفر للخارج لفترة طويلة لتلقى العلاج كثر القيل والقال في أوساط المخابرات وخارجها حول الشخصية التي تقود هذا الجهاز.
جدل وإشاعات وأقاويل انشغل بها ضباط المخابرات العامة حول مصير الجهاز وقيادته والإصلاحات التي باتت ضرورية ولم تعد تحتمل التأجيل وتسلم خلال الفترة الماضية اللواء توفيق الطيراوى مهام رئيس المخابرات بالإنابة فوجد نفسه أمام كم هائل من المشاكل المتراكمة والقضايا التي طفت على السطح بسبب رغبة أكيدة من غالبية ضباط المخابرات بأن يأخذ اللواء توفيق الطيراوى على عاتقه القيام بإصلاحات فورية وجذرية.
والحق يقال أنه حاول ولكنه لم ينجح في إجراء الإصلاحات المطلوبة لأسباب عديدة منها: أن المخابرات أصبح يشهد ازدواجية في القيادة اى أن الجهاز أصبح يقوده رئيسان أبو رجب والطيراوى رغم ابتعاد أبو رجب بسبب حالته الصحية ولكن الازدواجية كانت قائمة وأخذت المسألة بعداً أخلاقياً ومعنوياً فالرئيس السابق للجهاز وان كانت حالته الصحية لم تسمح له بالعودة إلى أرض الوطن لم يكن باستطاعة الطيراوى وضباط الجهاز تجاوز أبو رجب.
وربما هذا السبب الأقوى الذي حال دون اتخاذ قرارات من شأنها أحداث تغييرات جذرية داخل جهاز المخابرات رغم إلحاح ضباط الجهاز في كل زيارة للواء الطيراوى إلى غزة على التغيير والإصلاحات.
فحاول التغيير وأجرى تنقلات ولكنها لم تحمل في طياتها الإصلاحات الجذرية المطلوبة.
فنظرية أن لا يبقى مدير الإدارة في منصبه أكثر من عامين أو ثلاثة لم تكن نظرية فيها كثير من الصحة فالمقياس هو أداء مدير الإدارة وليس الفترة الزمنية التي مكثها في منصبه, وفى الأجهزة الاخرى في دول أخرى يستمر مدير الإدارة في منصبه لسنوات طويلة ما دام يقوم بواجبه خير قيام فالتجربة والخبرة في مجال عمل هذا المدير أو ذاك أحياناً لا تعوض وبالتالي حتى لا يضطر الجهاز إلى تنقلات سريعة تضر بأداء الإدارات والجهاز بشكل عام بسبب تعيينات لمدراء لا يوجد لديهم خبرة في مجال الاختصاص ولا يكفى أن نأتي بضابط في رتبة ما ثم نسلمه إدارة يحتاج لسنوات ربما لاكتساب الخبرة والتجربة اللازمة في مجال اختصاصه.
هذه وجهة نظر في نظرية عدم بقاء مدير الإدارة على رأس إدارته لفترة تزيد عن عامين أو ثلاثة في حين انه في بعض الدول يبقى مدير الإدارة على رأس إدارته لفترة قد تصل عشرين عاماً وما دام تقييم رئيس الجهاز لأدائه مرضياً فلا يوجد مشكلة وعادة يصل الأمر بالضباط العاملين تحت إمرة مدير الإدارة إلى نفس مستوى مدير إدارتهم من الخبرة والكفاءة وبالتالي فان الجهاز لا يشكو في مثل هذه الحالة من فراغ قيادي على كافة المستويات.
وبالنسبة لجهاز المخابرات خلال السنوات الماضية كان هنالك خلل كبير في مستوى القيادات المؤهلة لقيادة الإدارات المختلفة وحتى المحافظات فكانت سياسة التهميش هي السياسة السائدة فنجد بعض مدراء الإدارات يتجنبون تعيين الكفاءات في إداراتهم ويهمشون من هم تحت إمرتهم بل أن ما هو أسوأ من ذلك أن الضباط لم يكن لديهم أي حقوق أو امتيازات أكثر من راتبهم وكل الامتيازات المالية والمعنوية كانت بحوزة شخص واحد لا يتنازل عنها أبداً وهو مدير الإدارة حتى أن نائبه في الإدارة نجده مثل مالك الحزين لا حول له ولا قوة.
ولنأخذ مثالاً على مستوى أجهزة الأمن في دول أخرى فنجد أن الامتيازات الوظيفية محددة وموزعة بالعدل على كافة ضباط جهاز المخابرات وفى الدول العربية التي يتقاضى موظفيها رواتب متدنية توزع مهاماً خارجية ودورياً على كافة الضباط لهذين الأول اكتساب الخبرة والثاني تحسين الوضع المعيشي لهم إضافة إلى توزيع عدد من الضباط دورياً على سفاراتهم في العالم لتحقيق الهدفين المذكورين معاً اكتساب الخبرة وتحسين الوضع المعيشي.
ونأمل أن يتسع صدر اللواء توفيق الطيراوى لكل هذه الملاحظات وقد بدأ بتسلم مهامه كرئيس للمخابرات العامة يقع على كاهله الآن مسئولية الإصلاحات والنهوض بالجهاز لأنه لم يعد هنالك أي عقبات تعترض كما كان في السابق بعد نيله ثقة الرئيس القائد أبو مازن.
كان هنالك عدد محدود من ضباط المخابرات لا يزيد عددهم عن عدد أصابع اليد الذين توكل إليهم المهمات الخارجية ومنذ 12 عاماً لم يتركوا طائرة تعتب عليهم ولا دولة تشكو من قلة زيارتهم لها وبقية ضباط الجهاز مجرد متفرجين على الامتيازات التي تمنح لهؤلاء بشكل مبالغ فيه مما ولد حالة من الإحباط على مستوى الضباط المؤهلين بمثل هذه المهمات الخارجية وحرموا منها لأمر في نفس يعقوب.
والجانب الثاني أن مالية الجهاز ضجت في أحيان كثيرة من حجم المساعدات التي يتلقاها بعض الضباط بين فترة وأخرى وبدون انقطاع لتحسين وضعهم رغم أنهم كانوا في وضع مالي أكثر من الحسن, وبالمقابل كان الضابط التي يتقدم بطلب مساعدة مالية بسيطة لا تذكر يضرب بالشلوت أي أن المساعدات كانت تقدم لأناس لا يحتاجونها حتى تندر بعض الضباط حول هذا الوضع السابق بمشهد من مسرحية الواد سيد الشغال للفنان عادل إمام عندما دخل إلى مطبخ الباشا الذي يعمل عنده وقال:" ناس عندهم لحمة عازمين ناس عندهم لحمة " مستغرباً من أن يدعو الباشا الذي تمتلئ ثلاجته باللحمة علية القوم الذين في بيوتهم لحمة كما هو الحال في بيت الباشا.
أي أن هنالك خلل خطير كان يشهده جهاز المخابرات وينطبق الحال على الأجهزة الأمنية الأخرى التي لم تكن بريئة من هذا الوضع في التعامل مع الضباط ومنحهم امتيازاتهم الوظيفية مما ولد حالة من الإحباط في أوساط جهاز المخابرات العامة والأجهزة الأخرى, فوصل الحال إلى ما وصلنا إليه في 15 حزيران الماضي وعلى مستوى توزيع السيارات على الضباط فتلك مأساة أخرى فكنا نجد المساعد والملازم تصرف له سيارة من الجهاز والعقيد يتجول في الشارع ماشياً أما لماذا تصرف للملازم ولا تصرف للعقيد فتلك حكاية لا نريد الخوض فيها, ولعل المهزلة التي تندر بها ضباط الجهاز أن نقيب في المخابرات وقبل الأحداث وبفعل نفوذه الغريب كان يتجول بموكب بغزة ترافقه ثلاث سيارات وعندما وقعت الواقعة كان أول الهاربين من معبر ايرز بل انه لم يتواجد في مقر الجهاز مطلقاً خلال الأحداث المؤسفة التي شهدها قطاع غزة بين أجهزة السلطة وحماس كما انه لم يكن مطلوباً لأحد.
هذه أمثلة بسيطة تعكس الوضع الذي وصل إليه جهاز المخابرات قبل أحداث غزة ونعتقد أن ما حصل يعطى الحق لكل الأقلام كي تقول رأيها في أداء ووضع أجهزة الأمن الفلسطينية التي أصدرت لجنة التحقيق برئاسة الأخ الطيب عبد الرحيم تقريراً نراه تاريخياً وسيشكل نقطة تحول جذرية فيه نحو بناء أجهزة امن فلسطينية بالمستوى المطلوب والكفاءة العالية وقرارات الرئيس القائد أبو مازن تعبر تعبيراً صادقاً عن هذا التوجه الاصلاحى من حيث الإقالات والعقوبات بحق المقصرين في أحداث قطاع غزة.
أن تقرير لجنة التحقيق بحاجة إلى حشد رأى عام لمساندته حيث نتوقع خلال الفترة المقبلة بدء عملية إصلاح جذرية على مستوى كافة أجهزة الأمن وقرار الرئيس أبو مازن بتعيين اللواء توفيق الطيراوى رئيساً للمخابرات يأتي كأولى الخطوات للإصلاح الذي يطمح إليه شعبنا.
إن استمرار الحال على ما هو عليه في جهاز المخابرات أصبح أمراً مستحيلاً ونقول المخابرات هنا لأننا اقتصرنا الحديث عن جهاز المخابرات وما ينطبق عليها ينطبق على بقية الأجهزة وبقاء سياسة" يبقى الحال على ما هو عليه وعلى المتضرر أن يضرب رأسه بالحيط". أمر لم يعد ممكناً وتقرير لجنة التحقيق في أحداث غزة وبعض الأمل الكبير الذي زرعه الرئيس أبو مازن في نفوس الناس بقراراته الحكيمة نحو إصلاحات جذرية لأجهزة الأمن الفلسطينية.
فالرئيس وبجزم الحكماء عاقب المقصر وقال للمحسن أحسنت وهذا يعنى أن الفساد والإهمال والتقصير في أجهزة الأمن سيولى إلى غير رجعة.
بعد أحداث غزة لم يكن هنالك مجال للمجاملة ولم يعد كلامنا عن أمجاد جهاز المخابرات مقنعاً لأحد فهذه الأمجاد طمستها مسلكيات المقصرين والفاسدين ونتوقع من اللواء الطيراوى خلال الفترة القادمة إصلاحات تثلج الصدر بعد أن أزاح الرئيس أبو مازن كابوسا كان يكتم أنفاسنا بقراراته بناء على توصية تقرير لجنة التحقيق بحق المقصرين والفاسدين.
أن القضية الآن ما هو قادم من إصلاحات نتوقعها من اللواء توفيق الطيراوى رئيس المخابرات العامة ونتوقع منه قرارات حاسمة واجراءات تنهض بجهاز المخابرات ليعود الجهاز متألقا على هدى نهج الشهداء القادة أبو إياد وأبو الهول وعاطف بسيسو وجاد التايه وكل شهداء جهاز المخابرات العامة الأكرم منا جميعاً.
*كاتب فلسطيني-رام الله
التعليقات