الحزب القومي السوري الاجتماعي يكرم الفنان دريد لحام

الحزب القومي السوري الاجتماعي يكرم الفنان دريد لحام
دمشق –دنيا الوطن- محمد أنور المصري

يستحق الفنان دريد لحام أكثر من تكريم وقد غدا اسمه المعادل الموضوعي للفن السوري بكل ما ينطوي عليه من الخصوصية المحلية على مدار نصف قرن.

ولعل في زحام قاعة المحاضرات في مكتبة الأسد التي شهدت مساء الاثنين 20/8/2007ندوة تكريمية للفنان الكبير دريد لحام أقامها الحزب السوري القومي الاجتماعي، ما يؤكد أن ثمة تكريماً شعبياً لرجل سبق تكريمه الرسمي وأن ماحازه دريد لحام من ريادة في الفن صادقت عليه قلوب الملايين قبل أذواقهم الفنية. ‏

الندوة التكريمية التي أدارها الدكتور نذير العظمة وحضرها السادة: وزير الاعلام د. محسن بلال ود.صابر فلحوط وعدد من الشخصيات الرسمية والثقافية والشعبية افتتحها د. العظمة بكلمة حدد فيها ثلاثة ملامح أساسية تشكل شخصية دريد لحام الفكرية والفنية.





أولها أنه فنان يحلم بواقع أفضل وأجمل لم يتخرج من معهد للفنون التمثيلية ولكنه يتحكم لقدرته الميدانية وتثقيف الذات في التمثيل والتأليف والاخراج فترك لنا تراثاً شكل حجر الزاوية في فنوننا الدرامية. ‏

الملمح الثاني لشخصية دريد تأثره الفني والجمالي في أعماله إذ يقدم للمشاهد متعة فنية ويحدث بهجة وفرحاً تضيء أصالة هذا الفنان وتسكنه في الذاكرة والوجدان. ‏

ولفت د.العظمة إلى أن دريد ينتمي إلى مفهوم الدراما الشاملة بأنواعها المعروفة ويمنحها من نفسه بقدر ما تتطلبه المناسبة والحاجة الفنية. وشمولية الفن الدرامي عند دريد لم تقتصر على الأشكال بل تناولت البيئة الدرامية فهي ترتبط بقدرتها على الأداء وتقمص الشخصيات مستخدماً لغة الجسد ولغة السيناريو لتحقيق ذلك، ‏

أما الملمح الثالث والأهم في شخصية دريد لحام كما يرى د. العظمة فهو المخزون الأمين الذي تدفق في فكره وولائه وانتمائه لهوية حضارية وثقافية مميزة قادرة على العطاء والإبداع بقدر ما هي قادرة على اختيار الحرية وحق الانتماء تحت سقف المشبوهية.



ومع حرص دريد على بنية درامية في اعمال فنية تحقق المتعة الجمالية فإن أعماله على الأغلب تحمل رسائل اجتماعية أو وطنية في إطار انساني محققة التوازن بين البنية الدرامية والرسالة المحمولة فلا تكون إحداهما على حساب الأخرى، وبذلك لعب فن دريد دوراً مزدوجاً في بناء وعي الموطن واهتمامه بهذا البناء وتمسكه بالحرية وحقه بالشهادة عن طريق الذائفة الجمالية الفنية، لذلك تكيفت عنده البنية الدرامية للمسرح والفيلم لتصبح سلة واحدة لفنون متعددة.





د.ماري شهر ستان وفي مداخلتها(رحلة الكيميائي السوري إلى قمم الفكر والفن) ‏ قدمت صورة بانورامية عن مسيرة دريد لحام الفنية والإنسانية فتحدثت بداية عن تكريم السيد الرئيس د.بشار الأسد له وتقليده وسام الاستحقاق السوري من الدرجة الممتازة تقديراً لمسيرته الفنية كما عددت الأوسمة العربية والعالمية التي نالها الأستاذ دريد لحام والمناصب التي تقلدها وصولاً إلى تخليه عن منصبه سفيراً للنيات الحسنة اعتراضاً على مساواة المقاومة بالإرهاب فاستحق منا وساماً تاريخياً في الإباء القومي. ‏

وتطرقت د.ماري إلى حياة دريد لحام العائلية والمراحل التي مرت بها تجربته الفنية وأهم المحطات التي شكلت علامات فارقة في حياته الفنية كشراكته مع الفنان القدير نهاد قلعي وتجربته مع الأديب الراحل محمد الماغوط. ‏

وتوقفت د.ماري مطولاً عند تجربة دريد سينمائياً ولاسيما ما قدمه للأطفال في فيلمه الأخير(الآباء الصغار)الذي منح الأطفال فيه مساحة للحوار ليبرز التآزر العائلي وتبادل المسؤولية بين الآباء والأبناء.. وختمت د.ماري مداخلتها بالقول: حتى هذه الساعة لايزال الكيميائي السوري يتابع أسطورته بشغف ليزهر في وطنه هيكلاً من المحبة بريئاً من الحقد مرتقياً بتفاعل أبنائه.



مداخلة المخرج غسان جبري والتي غلب عليها طابع الذكريات بدت مؤثرة جداً ولاسيما أن الأستاذ جبري كان قد ختمها بالدموع، على المنصة يستعيد الأستاذ جبري ذاكرة البدايات في أول مسلسل أنجزه مع دريد لحام عام1960ولايتردد الأستاذ جبري بالحديث عن أن كوميديا دريد لحام تعادل كوميديا شارلي شابلن. ‏

يرسم المخرج جبري ملامح تلك الفترة وما عاناه مع دريد ورفاقه لافتاً إلى أن دريد دخل التلفزيون وله ثلاثة أشياء:(مثّل فأضحكنا ، غنى فأبكانا، وحكى فأوجعنا). ‏

وختم الاستاذ جبري مداخلته مستعرضاً أهم الشخصيات التمثيلية التي أداها دريد. ‏

المخرج ريمون بطرس قدم من خلال مداخلته دراما اللقاءات الأولى التي جمعته مع الفنان دريد لحام في السينما والتلفزيون والمسرح ثلاث محطات رئيسة للقاء حددها الأستاذ ريمون تجاوز فيها ما هو شخصي ليندمج وسط حالة شعبية أحبت دريد وتابعته بشغف فهو يصف ازدحام الجمهور الشديد أمام صالة سينما الشرق في مدينته حماة الذي جاء رغم البرد القارس ليشاهد غوار الطوشة وحسني البورظان في فيلم(عقد اللولو)دون أن ينسى أن الفيلم وأبطاله ظلوا الحديث الشاغل لطلاب اعدادية ابن خلدون على مدار أسابيع عدة وفي لقائه الثاني مع دريد يروي المخرج بطرس لنا حكاية الدار العربية دار أم جورج التي كانت تغص بضيوفها وتغلي بأحاديثهم التي لاتنتهي إلا بإعلان المذيعة بدء حلقة جديدة من(حمام الهنا)حيث يعم الصمت ولا يعلو سوى صوت غوار الطوشة وحسني البورظان و«أبو صياح»، أمام صالة مسرح القباني سيكون اللقاء الثالث بين ريمون بطرس ودريد لحام من خلال مسرح الشوك حيث سيتعرف هناك على فنانين أصبحوا فيما بعد نجوماً واستطاعوا أن يحملوا الشام إلى أرجاء العرب ورداً وعطراً.



ومن ثمّ علق المخرج بطرس على تجربة الفنان دريد مع الأديب محمد الماغوط فوصفهما بأنهما الثنائي الاستثنائي في تاريخ الفن السوري الذي لم يمر على نحو عابر بل مرّ مثيراً الاسئلة والنقاشات والجدل. ‏

ريمون عبر في ختام مداخلته عن قناعاته بأن دريد يستطيع أن يقول نعم أشهد أني عشت حياتي حقاً. ‏

آخر المتحدثين كانت الإعلامية عائدة سلامة التي اختارت الحديث عن المقاومة والفن كمدخل للحديث عن تجربة الفنان دريد لحام متسائلة هل كانت حياتنا هي نفسها لولا وجود دريد لحام فيها، وقالت الإعلامية سلامة قد نختلف نحن المواطنين على دريد لحام وعلى دوره في بناء ثقافة سورية، ولكن لن نختلف على أن حضوره الفني والثقافي هو حضور نوعي لا يمكن اغفاله، داعية إلى التمحيص به واستعادة الرؤى التي طرحها في استشراف المستقبل. ‏

ورأت سلامة أن دريد جسد حالة شعبية بسيطة، ربما لم تكن متناغمة مع الشعارات الثقافية والسياسية في المراحل التي مرت بها البلد ولكنها كانت دائماً تتجه إلى الجوهر وإلى المجتمع.



وأشارت سلامة إلى أن ما من نهاية سعيدة بالمعنى المتداول لمسلسلات دريد ومسرحه وإنما كانت الغصة سيدة الموقف، الغصة التي إذا مااستبدلناها بالمعادل الاجتماعي تصبح دعوة إلى العمل الصحيح أكثر منها دعوة إلى العمل الكثيف ففي ثنايا ما قدمه دريد نجد دعوة فعلاً إلى العمل والانتاج، دعوة أهم ما فيها النوعية. ‏

وجزمت سلامة في نهاية حديثها بأن دريد لحام لم يكن عادياً في حياتنا الثقافية والفنية. ‏

بدوره شكر دريد لحام المتحدثين في ندوته التكريمية وأصحاب المبادرة الحزب القومي السوري الاجتماعي، وكل من سانده في بداية مسيرته، غائبين وحاضرين، قبل أن يستلم درعاً من الحزب القومي السوري الاجتماعي ويشارك الحاضرين غناء «بكتب اسمك يا بلادي .

[email protected]

التعليقات