شويكار.. سيدتي الجميلة

شويكار.. سيدتي الجميلة
غزة-دنيا الوطن

نجحت في بداياتها في لفت الأنظار إليها لا من باب الموهبة وحسب، لكن أيضاً من باب التميز في الملامح، ولكنة حديثها. ساعدها على ذلك أصولها التركية التي مهدت لها أداء الأدوار الارستقراطية ببراعة لا في السينما وحدها، لكن على خشبة المسرح أيضاً. إلا أن موهبتها هي الأخرى كانت وراء نجاحها في تجسيد شخصية بنت البلد ببراعة. من سماتها قوة الشخصية والحسم في اتخاذ ما تصل إليه من قرارات إلى جانب بعض العصبية التي تعترف بها وتؤكد عليها. كان لارتباطها بواحد من عمالقة الكوميديا، تأثير كبير، لا في حياتهما هما الاثنين فقط، بل في مسيرة الكوميديا المصرية ذاتها.

ترى أن أهم ما يميز حياتها هو نجاحها في الحفاظ على تاريخها كفنانة، وكرامتها كإنسانة. هي شويكار التي كونت مع الفنان الراحل فؤاد المهندس، ثنائيا كوميديا لسنوات طويلة بدأ بالزواج وانتهى بالانفصال في الفن والحياة قبل العودة مرة أخرى في أعمال قليلة فقدا فيها بريق التواصل.

هي شويكار إبراهيم طوب صقال، التي ولدت في 24 نوفمبر (تشرين الثاني) 1936. وكان جدها الأكبر طوب صقال، صاحب رتبة عسكرية. وتعني الكلمة باللغة التركية الدارجة «اللحية المدببة». كانت ومنذ صغرها عاشقة لفن التمثيل وبخاصة على خشبة المسرح، قدوتها في ذلك نجمات التمثيل في تلك الفترة من أمثال فاطمة رشدي وأمينة رزق. كما كان من النادر ان تفوت عليها فيلما أو مسرحية من دون ان تشاهدها مع والدتها التي تكن لها كل التقدير في ما آل إليها من نجاح. وهو ما قالت عنه: «كانت أمي أول من شجعني ووقف بجانبي يدعم موهبتي. كانت تسعى دائماً لفتح الطريق أمامي فكانت ترافقني إلى شركات الإنتاج ومواقع التصوير. وأعترف أنني اكتسبت منها العديد من الصفات المميزة، خاصة في أسلوب الحديث الذي كان أهم ما فيه الثقة بالنفس».

كانت بداية شويكار في دور قصير في فيلم «حبي الوحيد» مع المخرج كمال الشيخ عام 1960، وهو الفيلم الذي قدمته مع عمر الشريف ونادية لطفي وكمال الشناوي، ولفت إليها الأنظار بشدة. لتتوالى عليها العروض بعد ذلك، فقدمت في عام 1961 فيلم «غرام الأسياد» مع المخرج رمسيس نجيب، ونخبة من النجوم من بينهم عمر الشريف وأحمد مظهر ولبنى عبد العزيز. إلى أن وصل عدد الأفلام التي قدمتها في عام 1962، لأربعة أفلام دفعة واحدة. كانت السمة الغالبة على أفلام شويكار في تلك المرحلة هي التراجيديا التي ظلت ملازمة لها حتى كان اللقاء مع المسرح في بداية عام 1962، حيث كان لقاؤها مع الفنان عبد المنعم مدبولي الذي كان يبحث عن بطلة لمسرحية «السكرتير الفني»، فوجد ضالته في شويكار التي انبهرت بالدور الذي أسند إليها، وأقنعها مدبولي بأداء الدور بتلقائيتها وطبيعتها من دون تمثيل، وهو ما نجحت فيه. لتنطلق راكبة أعمالها مع المهندس في المسرح والسينما أيضاً، وليشكلا ثنائياً فنياً حقق الكثير من النجاح على مدى سنوات متتالية. ففي المسرح قدما معاً عدداً من الأعمال التي لا تقل في مستواها عن مسرحية «السكرتير الفني»، ومنها «حالة حب»، «أنا وهو وهي»، «حواء الساعة 12»، و«سيدتي الجميلة».

وتتربع شويكار على خشبة المسرح وكانت أول فنانة تكتب لها مسرحيات خاصة، إلى الحد الذي لقبها النقاد فيه بلقب «سيدة المسرح»، وهو اللقب الذي رفضته مبررة ذلك بقولها: «ربما كنت متميزة جداً على صعيد المسرح الكوميدي، لكن كان هناك فنانات عظيمات لا يمكن إنكار أدوارهن. بداية بأمينة رزق التي تعلمنا منها الكثير، ومروراً بسميحة أيوب وسناء جميل وسهير البابلي، فكيف أكون أنا سيدة المسرح بمفردي في وجود كل هذه الأسماء؟».

المؤرخ لحياة شويكار المسرحية لا يجد بداً من التوقف عند تلك الفترة المسرحية التي ربطت بينها وبين نصفها الفني الآخر فؤاد المهندس، الذي جسد معها جزءاً من تاريخ المسرح من خلال ما يقرب من 50 مسرحية جددت شباب الحركة المسرحية المصرية، حيث خرجت الأعمال التي قدمت من خلالهما عن عباءة التقليدية التي سادت وقت رواد المسرح القديم في نفس الوقت الذي حافظت فيه على تقاليد المسرح القديم.

ومن المسرح كانت انطلاقة الثنائي فؤاد وشويكار نحو السينما التي قدما فيها عدداً من الأفلام بدأت في منتصف الستينات عندما قدما فيلم «أقتلني من فضلك» مع المخرج حسن الصيفي. لتتوالي أفلامهما في ما بعد فيقدمان في عام 1966 فيلم «اجازة بالعافية»، وكان من إخراج نجدي حافظ. ثم فيلم «أخطر رجل في العالم»، عام 1967 مع المخرج نيازي مصطفى. كما قدما في نفس العام فيلم «الراجل ده حيجنني»، للمخرج عيسى كرامة.

أما عام 1968، فقد قدما فيه ستة أفلام هي: «مطاردة غرامية»، «عالم مضحك جداً»، «مراتي مجنونة مجنونة»، «المليونير المزيف»، «شنبو في المصيدة»، وفيلم «أرض النفاق». وفي عام 1969، قدما فيلم «العتبة قزاز» للمخرج نيازي مصطفى. أما آخر تعاون سينمائي بينهما فكان فيلم «فيفا زلاطا»، الذي قدماه في عام 1976.

وكما ربط الفن بين شويكار والمهندس، ربطت بينهما قصة حب بدأت تفاصيلها عند قيامهما ببطولة مسرحية «السكرتير الفني»، ليتوجا تلك القصة بالزواج الذي استمر لسنوات طويلة قدما من خلالها العديد من الأعمال الرائعة التي انعكست من خلالها قوة الرابطة التي ربطت بينهما.

إلا أن الانفصال وقع بينهما في نهاية السبعينات، وهو ما تتحدث عنه شويكار بقولها: «استمر تعاوننا وزواجنا أعواما طويلة حتى وصلنا لمرحلة أصبحت عملية استمرارنا كزوجين شبه مستحيلة، وهي حالة تصيب الكثير من حالات الزواج. لكننا اتفقنا على استمرار الصداقة التي ربطت بيننا حتى آخر يوم في حياتنا».

في نهاية الثمانينات عاد الثنائي المهندس وشويكار وقدما مسرحية «روحية اتخطفت»، لكنها لم تلق النجاح المتوقع، على الرغم من أنها شهدت عودتهما بعد غياب طويل. وهو ما بررته شويكار بقولها: «هذا شيء طبيعي جداً، فقد ابتعدنا أعواماً طويلة وافتقدنا حالة الانسجام الروحي والإنساني التي كنا عليها من قبل».

بدءاً من النصف الأول من السبعينات أيقنت شويكار أنها لم تعد ذات الفتاة التي يمكنها تقديم شخصية البنت الدلوعة الاستعراضية، فشاركت في عدد من الأفلام تخلت فيها عن أدوار البطولة المطلقة، كما كانت السينما قد بدأت في تقديم شكل مختلف من الأفلام التي ميزت فترة ما بعد انتصار أكتوبر. فقدمت أدواراً في أفلام مثل «الشحات» مع الفنان محمود مرسي وأحمد مظهر ونيللي، وكان من إخراج حسام الدين مصطفى. ثم فيلم «الإخوة الاعداء»، مع حسين فهمي ونادية لطفي ويحيى شاهين وميرفت أمين.

وفي عام 1975، قدمت فيلم «الجبان والحب» مع حسن يوسف وشمس البارودي وهند رستم، وكان من إخراج حسن يوسف. و«الكداب» مع محمود ياسين وميرفت أمين ومديحة كامل، والمخرج صلاح أبو سيف. و«الكرنك» مع سعاد حسني ونور الشريف، والمخرج على بدرخان. وفي عام 1976، شاركت في فيلم «سنة أولى حب» مع نجلاء فتحي ومحمود ياسين وبوسي ومريم فخر الدين، قصة مصطفى أمين، وتولى إخراجه أربعة مخرجين هم صلاح أبو سيف ونيازي مصطفى وعاطف سالم وحلمي رفلة.

في عام 1979، كان قرارها بالتوقف عن العمل بالسينما لإعادة حساباتها واستمر ابتعادها حتى عام 1981، حين عادت بفيلم «خلف أسوار الجامعة» مع سعيد صالح ويونس شلبي وصلاح السعدني، وإخراج نجدي حافظ. ثم فيلم «الذئاب» مع نور الشريف وبوسي وفاروق الفيشاوي وفريد شوقي، إخراج عادل صادق. لتتوالى أعمالها في فترة الثمانينات ومن بينها «أرزاق يا دنيا» مع نور الشريف ويسرا. «درب الهوى» مع مديحة كامل ويسرا وأحمد زكي وفاروق الفيشاوي. «الموظفون في الأرض»، «سعد اليتيم»، «اليوم السادس».

أما علاقة شويكار بالتلفزيون فلم تكن علاقة مؤثرة كما كانت علاقتها بالسينما والمسرح، وهو ما جعلها مقلة في تعاملها معه. إلا أن أبرزها يبقى مسلسل «الشرسة» مع آثار الحكيم، ومسلسل «بنت من شبرا» مع ليلى علوي، الذي يعد آخر أعمالها، وهددت بالانسحاب منه بعد البدء في تصويره والسبب كما قالت: «فوجئت بأن الشركة حددت لي مبلغ 1500 جنيه كأجر عن الحلقة الواحدة، فشعرت بإهانة شديدة وعدم تقدير لاسمي ومكانتي وتاريخي، خاصة أن هذا المبلغ يحصل عليه الذين يشاركون بأدوار ثالثة ورابعة وليس لديهم واحد على عشرة من تاريخي، فكيف أقبل لنفسي هذا؟، فطلبت زيادة اجري إلى 7000 جنيه عن الحلقة الواحدة وإلا فليبحثوا عمن تقوم بالدور غيري. والحقيقة أن العاملين بالمسلسل تفهموا وجهة نظري». في حياة شويكار الخاصة ثلاثة أبناء من زوجها الأول المحاسب حسن نافع، الذي تزوجته وعمرها لم يتجاوز العشرين، وأنجبت منه بنتا وولدين.

ومنذ عدة أسابيع كرم مهرجان المسرح القومي الفنانة شويكار عن مجمل عملها الفني، وهو ما أشعرها، كما قالت، بالسعادة لأن عمرها الذي قضته في الفن لم يضع هباء.

التعليقات