رشاوى وفساد في دوائر جوازات السفر العراقية: 1000 دولار للفئة الممتازة و500 للدرجة الثانية

غزة-دنيا الوطن

الحصول على جواز السفر العراقي الجديد، بعدما ثبت تزوير آلاف النسخ من الجواز القديم، صار الشغل الشاغل للعراقيين الذين تحصد أرواحهم أعمال العنف وتستنزف مواردهم تكاليف المعيشة المرتفعة والرشاوى الخيالية التي تدفع مقابل هذه الوثيقة.

يصف ابراهيم الاحمد (54 سنة)، مكاتب اصدار الجوازات بأنها «كبرج بابل اختلط فيه الحابل بالنابل»، ويقول ان «المعاناة تبدأ مع أول خطوة في رحلة الحصول على الجواز عندما أتذكر كيف ابتزني أحدهم لشراء استمارة المعلومات المختومة بعبارة «توزع مجاناً» وبمبلغ 50 الف دينار».

في باحة دائرة جوازات الكرخ يندس السماسرة بين المنتظرين في طابور طويل للحصول على استمارة المعلومات من فتحة صغيرة في كشك حديد.

والسمسار ينصح المتململين بمنحهم الاستمارة المطلوبة لقاء مبلغ مالي.

سالم عبدالكريم (45 سنة، أب لثلاثة أولاد) كان يصيح بين الناس «أريد ان أخلص أولادي من جحيم بغداد وأعدهم عن الموت المزروع في كل مكان لقد نصبوا عليَّ وأخذوا مالي (...) ان السماسرة المنتشرين في أرجاء المكان باعوني 3 استمارات كل واحدة بـ35 ألف دينار من باب المساعدة، لكن الضابط قال لي انها مزورة».

ويقول نائل محمود إن «هذه الفخاخ موجودة في كل زوايا مكتب الجوازات»، وروى انه تعرض للاحتيال، على رغم أنه يعمل في كافتريا الدائرة.

اما ام محمد (55 سنة من المحمودية) فتلوم نفسها لأنها لم تستمع الى نصائح السماسرة بدفع 500 دولار رشوة مقابل الحصول على الجواز، وتقول: «كنت مخدوعة بالشفافية ومكافحة الفساد وها أنا منذ اشهر أحاول الحصول على الجواز الجديد من دون جدوى».

وفي احدى زوايا باحة مكتب الجوازات كان شرطي حانق متذمر وهو ينظر الى المراجعين ورفض الافصاح عن سبب غضبه إلا بعد التعهد بعدم ذكر اسمه، فقال: «هناك مافيات داخل المكتب كل واحدة يقودها ضابط ولديهم لائحة اسعار بحسب نوع الجواز وفترة الحصول عليه وهي تراوح بين 300 إلى 400 دولار وتستغرق مدة اصدار الجواز من فئة S بين 10 أيام و15 يوماً أما فئة G وهي مرغوبة أكثر فبألف دولار ويحصل عليه في اليوم ذاته».

واستبدلت السلطات العراقية جواز السفر أربع مرات خلال 4 سنوات. في البداية كان من فئة N وهي وثيقة أصدرتها سلطة بريمر عام 2003 حتى نهاية عام 2004، وفئة S المعمول بها حالياً، وواجه مشاكل كثيرة في دول العالم، إذ رفضته الدول الأوروبية واميركا، ما اضطر الحكومة الى اصدار نوع جديد سمي G.

ويشكو الشرطي «تحول السماسرة الى عصابات لا يتوانون عن قتل من يحاول الاعتراض على ممارساتهم او إخبار دائرة المفتش العام».

وفي الجانب الثاني من العاصمة (الرصافة) يقع مجمع دوائر السفر والجنسية والإقامة ومقر جوازات بغداد، وتضم هذه الدائرة ايضا ثلاثة مكاتب للوافدين من دوائر بغداد والموفدين من المحافظات وطالبي فئة G.

ويقول أحد المراجعين: «في هذه الدائرة التي تعد للنخبة ترى العجب فالكل يدعي النزاهة في حين لا تمر أي معاملة من دون رشوة»، موضحاً «عندما جئت لتسليم طلبي وقفت في الطابور ولفت انتباهي تباين مواعيد تسلم الجواز اذ قال لي الضابط ان موعدي بعد 25 يوماً، فيما موعد الذي جاء بعدي في الطابو بعد 4 ايام فدفعني الفضول الى البحث فوجدت ان بعض الواقفين في الطابور مدعومين من اشخاص آخرين يقفون خلفهم وما ان يصل الدور حتى يتسلم الضابط الاشارة باعتبار (الاخ) مضمون الدفع».

آخرون يشكون ضياع طلباتهم لأكثر من مرة، بسبب رفضهم دفع الرشاوى، ويؤكد ابو ثامر ان طلبه «ضاع ثلاث مرات». و «منذ شباط (فبراير) حتى الآن أدور في الدوامة نفسها».

التعليقات