الوثائق البريطانية ـ خفايا عملية عنتبي للجبهة الشعبية 1976تثير الجدل

الوثائق البريطانية ـ  خفايا عملية عنتبي للجبهة الشعبية 1976تثير الجدل
غزة-دنيا الوطن

ثلاثون عاما مضت على تنفيذ إسرائيل لعملية مطار عنتبي الشهيرة والحرب الباردة في ذروتها، والدولة العبرية أرادتها جرعة تجمل بها وجه هزيمة أكتوبر 1973 في الحرب العربية الرابعة فروجت بعد انتصارها في عملية إنقاذ الرهائن بمطار عنتبي في عمق الأدغال الأفريقية عند خط الاستواء لنظرية الذراع الطويلة، أي الدولة القادرة للوصول إلى ما تريد وحيثما تريد وبلا نظر للقانون الدولي، ومع تداعيات الانتفاضة الأولى، والحرب الباردة تحتضر، أرادت إسرائيل أيضا أن تحيي نظرية الذراع الطويلة فتمكنت من اغتيال المناضل الفلسطيني خليل الوزير (أبو جهاد) في تونس في ابريل 1988. إسرائيل مع حدث عنتبي، وبعد أسبوع من اختطاف ناشطين في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين لطائرة فرنسية من مطار أثينا وتحويل مسارها الى يوغندا في 27 يونيو 1976، داهمت المطار بعملية عسكرية شاورت فيها البريطانيين، وبالطبع الأميركيين والفرنسيين المعنيين أصلا بطائرتهم.

الوثائق المنشورة اليوم تحتوي على جدل جميل بين سفير بريطانيا لدى إسرائيل، بعد أن تدارست بريطانيا مسألة إرسال سلاح الى كينيا لتنفيذ العملية من هناك، فتراجعت عن الفكرة أمام تحكيم منطق العقل، وتداعيات الخطوة إذا تم تسريبها على علاقاتها العربية، فيما، وكما هو معتاد بررت واشنطن استخدام تل أبيب لطائرة عسكرية أميركية بخرق لقانون المبيعات العسكرية الأميركية، فأطلقت، أي واشنطن، على عملية عنتبي، دفاعا عن النفس.

تستحق عملية عنتبي التوقف عندها، حيث دخلت العملية، بتمويل يهودي، أو ربما إيحاءات أو ضغوط الى حقل السينما، فشهدنا الى عام 2000 أربعة أعمال سينمائية عن الحدث كان أولها (الانتصار في عنتبي) من إخراج مارفين جومسكي عام 1976، ثم (الغارة على عنتبي) عام 1977، ثم (صعود وهبوط عيدي أمين) في 1980، وأخيرا (عملية الصاعقة.. عنتبي) عام 2000. لعملية عنتبي أكثر من وجه، وحلقة اليوم ملامح من وجه كشف عنه ملفان بالوثائق السرية البريطانية.

* وثيقة رقم: 131

* التاريخ: 18 أكتوبر 1976

* من: بي يارنولد، إدارة الدفاع البريطانية

* الى: داث، سري للغاية

* الموضوع: مسار الدعم، الموضوع الواسع الذي رفعته مسألة السلاح الى كينيا

* عزيزي:

1/ في مذكرتك بتاريخ 8 اكتوبر، قلت إن د. أوين علق على مذكرة ويلبرفروص بتاريخ 4 أكتوبر كما يلي:

هذه الورقة ترفع عددا من القضايا المثيرة:

لماذا لا نرسل السلاح الى اسرائيل ونترك الأمر الى الاسرائيليين ليواصلوا الأمر من جانبهم؟

هل يتجاهل الاسرائيليون المعاهدات العادية أو كيف سيوصلون السلاح الى كينيا؟

بمنطق هذه الورقة، وبالتحديد، ما هي الدول التي يمكن أن تدعم من قاعدتنا (اكروتيري) بقبرص، بمعنى أننا لن نستطيع تقديم دعم مستخدمين، قل قاعدة الناتو، في صقلية؟

2/ نحن نضع قيد الإعتبار إحتمال إرسال الساح جوا الى اسرائيل ليأخذ طريقه الى كينيا بواسطة الإسرائيليين , وعلى كل، فنحن نضع قيد الاعتبار أن تتعرض مثل هذه العملية لأن تصبح معلومات عامة بالتسريب، وإذا حدث ذلك، فعلينا أن نتوقع رد فعل حاد جدا من الدول العربية ودول أفريقية كثيرة، وسيتم اتهامنا بالتواطؤ مع اسرائيل وكينيا ضد اوغندا والكراهية لبعض المنفذين لعملية عنتبي، والتي تم تنفيذها قبل ثلاثة أسابيع فقط، وكل ذلك سيتم مسحه على وجوهنا.

3/ لدينا قليل من الشك تجاه قدرة الإسرائيليين على حمل السلاح لكينيا، فقد أظهروا خلال غارة عنتبي بأنهم على استعداد لخرق القانون الدولي خلال عبورهم لأجواء أطراف ثالثة دون فسح دبلوماسي. ولكن، (وفيما عدا اختراق المجال الجوي المصري لسيناء المحتلة إسرائيليا حينما يطيرون عبر خليج العقبة)، فلن يكون من الضروري لهم في حقيقة الأمر أن يعبروا أرضا ثالثة ليتمكنوا من توصيل السلاح الى كينيا.

4/ فيما يتعلق بالسؤال الثالث، فميزة استخدام قاعدة أكروتيري كنقطة انطلاق لدعم العمليات الجوية، تكمن في أنها تقع ضمن السيادة البريطانية بمنطقة القاعدة في قبرص، وليس مطلوبا منا أن نبحث عن فسح دبلوماسي في حال استخدامها، وبالتالي فليست عرضة للضغوط الدبلوماسية ما استخدامنا لها ليس جليا لجهة إخافة السلطات اليونانية بقبرص. البديل المحتمل الآخر في صقلية سيكون في الحقيقة القواعد الإيطالية، وليس هناك قواعد للناتو كما هو الحال في دول الناتو، إذ وفقط، قواعد قومية، حيث بوسع الدول الأعضاء أن تجعل الأمر متاحا لأهداف الناتو والأعضاء الآخرين للحلف. ومن هنا وإذا ما رغبنا في استخدام بعض التسهيلات الإيطالية لدعم ليس ذا صلة بعملية للناتو، فعلينا أن نبحث عن فسح دبلوماسي من الحكومة الإيطالية، بنفس الطريقة التي سبق وأن بحثنا بها (وفشلنا) الحصول على فسح للطيران من تركيا (عضو في الناتو وسنتو ذأيضا) لرحلات تحمل السلاح الى كينيا. وفيما لا نعتقد بأن الإيطاليين سيرفضون إعطاءنا إذنا باستخدام مطاراتهم (قدموا أصلا فسحا للطيران للرحلات المجهضة لحمل السلاح لكينيا) ولكن البحث عن فسح للطيران سيأخذ وقتا .ومن هنا فالأفضل أن نستخدم قاعدة أكروتيري كنقطة إنطلاق في شرق البحر الأبيض المتوسط، برغم أن الصعوبة الأساسية في شأن المسار الشرقي لا تزال كيف سنصل الى ما وراء قبرص جنوبا وشرقا.

* توقيع : بي يارنولد - إدارة الدفاع

***

* وثيقة رقم :127

* التاريخ: 30 يوليو 1976

* من: إف. بي. ويلر، إدارة شمال وشرق أفريقيا

* الى: إم .جي. نوينجتون، السفارة،

* تل أبيب.

* الموضوع: السلاح الى كينيا.

- 1/ شكرا على خطابك بتاريخ 28 يوليو جول إمكانية إرسال سلاح الى كينيا عبر الجزء المتاخم لخليج العقبة من سيناء.

2/ النقطة ليست عقائدية بالمعنى المشاع، فالمصريون يطالبون بسيادتهم على سيناء (وهو طلب أيدناه من جانبنا واعترفنا به)، وهم غيورون تجاه أي اختراق واضح لهذه السيادة، وسيكونون معنيين على وجه الخصوص إذا اعتقدوا أن ذلك الاختراق تمّ في سياق مؤامرة بريطانية اسرائيلية كينية.

3/ لسنا متفائلين مثلك بأن المسار لرحلة السلاح مرورا بالعقبة سيكون سريا، حتى إذا لم تدر الانتباه له أي دولة، فربما يعلمون بالطائرة والرحلة، أضف لذلك، فرص التسريب في نهاية الأمر، (إذا راجعنا السوابق مع مثل هذه الحالات)، أو حتى في نيروبي، وتبقى تلك الفرص قائمة بقوة. ومن هنا، وإذا ما كان لطيراننا على أرض مصرية محتلة أو عبر مياهها الإقليمية، بدون إذن مصري، أن ينكشف، فعلينا أن نتوقع رد فعل حاد من القاهرة والدول العربية الأخرى، وربما بعض الدول الأفريقية.

4/ (أسطر ساقطة من عملية التصوير في بداية هذه الفقرة، وبقيتها تقرأ.. والإيضاح من الشرق الأوسط)... علينا أن نترك الفكرة جانبا إذا لم نجد طريقا آخر لتوصيل السلاح الى كينيا ويجيء الحكم تجاه الحاجة لتوصيله الى كينيا محتملا للتجاوز.

5/ أرسلت صورة من هذا الخطاب، مع صورة من خطابك أيضا الى القاهرة.

* توقيع: أفز بي . ويلر

* نوينجنتون يصر على محاججة رؤسائه بلندن لتقديم السلاح في عملية عنتبي خدمة لإسرائيل

* سخر من جدلية القانون الدولي والسيادة المصرية على سيناء

* وثيقة رقم : 126

* التاريخ :28 يوليو 1976

* من: أم. جي. نوينجنتون، السفارة البريطانية، تل أبيب.

* الى: أف. بي. ويلر، سري وشخصي.

* الموضوع: السلاح الى كينيا.

1/ اندهشنا قليلا تجاه الفقرة 2 من برقية الخارجية رقم 159 التي توجهنا بأخذ خط في واقعة عرض الإسرائيليين بالسماح للطائرة بالطيران عبر جزء سيناء المتاخم لخليج العقبة، فنحن لم نتحر الأمر الى هذا الوقت حيث أن البرقيات الأخرى جعلت الأمر يبدو كما لو أنه من غير المحتمل أن يتم توجيهنا بالتحدث الى الإسرائيليين.

2/ أفهم جيدا أن هناك أسبابا عقائدية لجهة عدم رغبتنا في طيران طائرة بريطانية، كانت مدنية أو عسكرية، فوق أراض محتلة، أو حتى على مياه إقليمية لأرض محتلة. وأفهم أيضا أنه، ومن ناحية قانونية على الأقل، بأن طلبا للإسرائيليين للسماح لطائرة بالرحلة، ربما يحمل تأسيسا لقياس اعتراف بسيادة إسرائيلية على سيناء (برغم وجود جدلية لجهة أن الإسرائيليين أنفسهم لم يزعموا سيادة على سيناء). ومن الطبيعي أن نزن أو نقيس الأمور في ضوء هذه الأهمية مقروءة مع الاعتبارات، لاتجاه يقود ضد أهمية إرسال سلاح الى الكينيين بصورة سريعة، وليس لنا هنا أن نتساءل حول حكمك في هذا الموضوع. ولكن، هل ترى الأمر، وبموجب القانون الدولي، بأننا سنكون ملزمين بالبحث عن تنازل مصري لرحلة ستكون على بعد أميال من أرض تحت السيطرة المصرية الفعلية، فيما ستكون بالتأكيد خارج منطقة المعلومات المصرية في شأن الطيران؟ من هنا فجدلية أن نبحث عن تنازل مصري، وأن ذلك سيتم رفضه من قبلهم، أخشى، أن تكون ضعيفة لدى الإسرائيليين. وسيكون بوسعهم أن يتشككوا حول ما إذا كنا جادين في توصيل السلاح للكينيين على وجه السرعة. وإذا كان الإسرائيليون أنفسهم قد سئلوا للمساعدة، وحكموا بأن ذلك سيكون في مصلحتهم القومية، فلن أرى أنهم سيتراجعون أمام ضرورات قانونية من تلك الشاكلة.

والسؤال المحوري هنا، فيما يبدو لي، هو، ما إذا كنا سنستطيع المرور بخليج العقبة من دون أن يصنع المصريون أو غيرهم موضوعا سياسيا من المسألة. وبالنظر لهذا الأمر من هنا، فالمخاطرة لن تكون بأي حال كبيرة فيما جاء الانطباع من البرقيات الواردة الينا منكم بأن المخاطرة كبيرة، وحتى إذا تم رصد الطائرة من دول الجوار، فتقديري أنهم سينظرون للجهة الأخرى، فيما سيرفض المصريون إذا ما طلبنا منهم التنازل. ولكن، هل سيتوقعون هم أنفسهم أن يتم تقديم طلب لهم؟

3/ لا أحد يمكن أن يتصور أو لا يتصور أن وضعا مماثلا يمكن أن يحدث في المستقبل، ولكن المشاكل التي تصاعدت من هذا الوضع أوحت لي بأن أي تخطيط لعمل عسكري لا بد وأن يستسلم لاحتمال استخدام مسار خليج العقبة، حتى إذا بدا بقابلية للكشف، ومن البديهي أن نقاط الجذب في هذه الحالة ستكون:

(أ) الإسرائيليون الى جانبنا وسيلتزمون الصمت والهدوء.

(ب) الدولة الوحيدة التي يبقى أمر عبورها جوا قائما هي إثيوبيا.

4/ فكرة أخرى: إذا كان لنا أن نرسل السلاح الى إيلات في المقام الأول، فمن الممكن إرساله الى ممبسا بالبحر، وربما كان قد وصل لحظة حديثنا الآن.

* توقيع: أم. جي. نوينجنتون

* السفير ليدويغ : إسرائيل جعلت مراسم الدفن تجمعا أسريا كنوع من التذكير بأن دولة إسرائيل ذاتها شأن أسري

* في مذكرة رفيعة عن وفاة بن غوريون مؤسس دولة إسرائيل

* لندن : «الشرق الأوسط»

* وثيقة رقم : 18/28

* التاريخ : 6 ديسمبر 1973

* من : دبليو بي جي ليدويغ، السفير ـ تل أبيب.

* الى: السير اليكس دوغلاس هيوم، وزير الخارجية ـ سري .

* الموضوع : وفاة ديفيد بن غوريون.

1 ـ توفي ديفيد بن غوريون، أول رئيس وزراء لإسرائيل، ومهندس الدولة اليهودية الحديثة، الذي سيطر على الحياة السياسية لفلسطين أولا ثم إسرائيل من بعد لزهاء ثلاثين عاما منذ منتصف الثلاثينيات، توفي إثر جلطة دماغية بعد وقت قليل بعد الساعة الحادية عشرة صباحا من يوم الأول من ديسمبر عن 87 عاما. أودع جثمانه في اليوم التالي في القدس بمناسبة أن اليوم يوم حج قومي.

2 ـ يرمز موت بن غوريون الى مرور جيل الرواد الصهاينة فيما جاء في وقت إعادة تقييم في إسرائيل جاءت هي الأخرى تالية حالة الجيشان والهياج التالي لحرب أكتوبر.

وكحالة انقطاع مع الماضي، جسد الموت لدى كثيرين ذلك الشعور من النوستالجيا أو الحنين الى الماضي نحو أيام، وبرغم أنها تؤشر نحو العكس بمقدار، إتسمت بالإرادة ووحدة الهدف، وهنا، ومع قياسات كهذه، يصبح بن غوريون معنيا للآخرين، فيما هناك الآن بعض نزوع للتخلص من وهم بعض الأفكار القديمة المتوارثة في إسرائيل، وكلاهما ممزوجان بحالة من عدم التيقن تجاه المستقبل.

ولكن إنجاز بن غوريون لم يتأثر بكل هذا، فقصة الرجل هي نوع من إعادة التأكيد بأن دولة إسرائيل ستبقى، ولذلك وبعد وقت وجيز من فورة الإحتفاء بالذكرى 25 لإيجاد دولة إسرائيل، توقع قليلون أنهم في حاجة الى إعادة مثل ذلك التأكيد لهم، فيما أصبحوا اليوم في حاجة اليه، ومثل هذه الحقيقة عبر عنها الآلاف ممن اصطفوا خلف جثمانه حينما وضع بمبنى خارج البرلمان في القدس.

3 ـ تقاعد بن غوريون عن العمل البرلماني في 1970 ليلعب بعد ذلك دورا رمزيا في الشؤون العامة، ومع ذلك ظل شفافا برغم تدهور عقله ونشطا جسمانيا إلى نهايات أيامه.

التقيت به مرتين، في أبريل الماضي في تل أبيب، فوجدته واعيا بقدر معقول، وأعاد علي فكرته أو قل خطابه بأن إسرائيل ليست أمة ودولة كاملة بعد، وأن مصيرها يتوقف على زيادة عدد سكانها واستزراع الصحراء، وقد دعاني لزيارته في سيدي بوكر، وهي (كيبوتز) في صحراء النقب حيث يسكن. لبيت له الدعوة في 29 أغسطس الماضي، وأظن أني آخر سفير يراه، وكان لا يزال نشطا جسمانيا، ولديه الكثير الذي يمكن أن يقول به عن طفولته في روسيا أكثر من حياته العملية في اسرائيل. وآخر عمل عام له كان إرسال خطاب الى غولدا مائير بعد الحرب الحالية اعرب لها فيه عن ثقته المتزعزعة في مستقبل إسرائيل.

4 ـ الرسالة التي بعث بها رئيس الوزراء على هامش رحيله، والتي بعثتها سيدي، لقيت ترحابا وتغطية إعلامية واسعة، وكذلك أحسنوا استقبال القرار بإيفاد السير كيث جوزيف وزير الدولة للخدمات الاجتماعية لحضور مراسم التشييع في القدس يوم 3 ديسمبر، والى ذلك فان وجود السير كيث وسط الممثلين الرسميين للدول الأخرى، وخاصة ممثلي أميركا وفرنسا وألمانيا، كان موضوعا للتعليق المقدر للخطوة من كل المسؤولين الرسميين والصحافة .

5 ـ السير كيث جوزيف وصل من لندن بطائرة كوميت RAF بعد رحلة أخذته طوال الليل، وتحركنا هو وأنا بعد الإفطار مباشرة الى القدس للمشاركة في مراسم التشييع التي عقدت خارج الكنيست. والنوايا الأصلية للإسرائيليين كانت أن يحضر الممثلون الأجانب هذه المراسم القصيرة فقط فيما تبقى مراسم الدفن ذاتها خاصة، ولكنهم ومع ميلهم أو قل موهبتهم في التحسين قرروا خلال الصباح أنه لا بدّ ان ينال أبرز ضيوف المناسبة بعض المزايا، ومن ثم أخذوا السير كيث وبعض الممثلين الأجانب الآخرين بطائرة هليكوبتر إلى كلية سيدي بوكر بالنقب حيث دفن بن غوريون إلى جانب زوجته بولا التي توفيت عام 1968.

6 ـ إلى ذلك حضر نحو 600 ضيف فقط الطقس الديني اليهودي المبسط في سيدي بوكر، وهم رئيس الوزراء وأعضاء المجلس والبرلمان وقضاة المحكمة العليا وقادة الجيش، ومع ذلك، فالمناسبة كانت أصلا لتجمع من المقربين والأسرة، كنوع من التذكير بالحد الذي تكون فيه دولة إسرائيل ذاتها شأنا اسريا. ومع ذلك فقد أتاحت فرصة الذهاب إليها للسير كيث جوزيف ليؤكد صدق تقديرنا لبن غوريون. وكان هناك أيضا قليل من الوقت أتاح التحدث للقادة الإسرائيليين، بما في ذلك وزير الخارجية أبا أيبان.

7 ـ وصل السير كيث جوزيف عائدا الى مطار تل أبيب بالطائرة المروحية عند الساعة 30: 03 بعد الظهر في نفس اليوم، استقبلته وأخذته إلى مطار اللد حيث غادر مباشرة إلى لندن بعد يوم مزدحم ولا بد أن يكون مرهقا برغم أنه لم يظهر ذلك.

وأريد هنا أن أضع الأمر مسجلا للتاريخ بأن هذا اليوم ومن وجهة نظري يوم ذو سانحة تستحق. فالأمر لم يكن كون حكومة جلالة الملكة قد أبدت التقدير المطلوب لبن غوريون، برغم أن ذلك، وكما اشرنا أعلاه، قد وجد التقدير هنا، فاليوم كان، وفوق ذلك، تذكيرا، بأنه، وبرغم الغضب المحسوس والحقيقي والمستمر بسبب سياسة بريطانيا في الشرق الأوسط منذ حرب 6 أكتوبر، فلا تزال بريطانيا وإسرائيل تمتلكان قدرا جيدا مما هو مشترك بينهما، وذلك المشترك لا ينبع فقط من الروابط التاريخية فقط، وإنما أيضا من التقدير المتماثل للقيم الإنسانية والقيم المتشابهة في الحياة العامة. ولبن غوريون زعم بالتبجيل البريطاني فيما ظل مبقيا هو ذاته على ذلك التبجيل، فقد كان وكيل عريف في سلاح الغدارة الملكي (Royal Fusiliers) إبان الحرب العالمية الأولى، وكتب في «من هو من» أنه قد ساعد في دفع وتكوين رابطة المحاربين القدامى اليهود وخدم في رتبها تحت قيادة الجنرال الينبي . والى ذلك، وفي نهاية مساره الطويل، وحين انتهى به الأمر لتأسيس جامعة سيدي بوكر، حمّلها آمالا عريضة من نسخة آماله فقال إنه يريدها أن تكون خليطا من أكسفورد M.I.T ويافين المركز القديم للتعليم التوراتي. فالفخر بالمكان أعطاه لأكسفورد، ولا أظن أن خلفاء بن غوريون سيلجأون الى إرباك ذلك النظام، فتقديرهم للثقافة البريطانية والإحساس بالقيم يبقى عاليا. وفي هذه الحقيقة أرى أملا خاصا في علاقاتنا المستقبلية يوم أن يأتي السلام للشرق الأوسط.

ولكم كامل التقدير.

* توقيع : دبليو بي جي ليدويغ - السفير ـ تل أبيب

التعليقات