جورج تينيت يكشف أسرارًا حول الشرق الأوسط

جورج تينيت يكشف أسرارًا حول الشرق الأوسط
غزة-دنيا الوطن

يعرض مدير وكالة الإستخبارات الأميركية السابق جورج تينيت في كتابه الذي صدر في أميركا في 30 نيسان (أبريل) 2007، تحت عنوان "في قلب العاصفة... سنواتي في الـ سي آي إيه"، أبرز الأحداث التي تخللتها الفترة التي شغل فيها منصبه منذ العام 1997، حيث كان بيل كلينتون رئيسًا للولايات المتحدة الأميركية وصولاً إلى العام 2004 حين استقال من منصبه. ويكشف تينيت في 594 صفحة تفاصيل وخفايا التحضيرات للحرب على العراق، ويهاجم مكتب وزير الدفاع ديك تشيني والمحافظين الجدد في الإدارة الأميركية، من دون أن يغفل عن ذكر العلاقة المميزة التي كانت تربطهم برئيس حزب المؤتمر الوطني العراقي أحمد الجلبي.

وتتضمن مذكرات جورج تينيت التي نشرت هذا الأسبوع أفكارًا وملاحظات حميمة لرجل كان يوصف في تلك الفترة بأنه "في وسط العاصفة".

وشغل تينيت منصب مدير وكالة الإستخبارات المركزية (سي أي إيه) خلال ولايتين رئاسيتين متتاليتين بين العام 1997 و2004، وعايش أبرز حدث في التاريخ الأميركي: هجمات 11 ايلول(سبتمبر).

ويستذكر تينيت في كتابه أنه في اليوم التالي لهجمات 11 أيلول (سبتمبر)، إلتقى بالمسؤول السابق في وزارة الدفاع وأحد أبرز مفكري المحافظين الجدد ريتشارد بيرل، بينما كان الأخير خارجًا من البيت الأبيض. ويقول تينيت إن بيرل، الذي لم يكن يشغل منصبًا رسميًا في الإدارة الأميركية، علّق قائلا ً إن على العراق أن يدفع ثمن ما حدث بالأمس. إنه يتحمل المسؤولية. صدم تينيت بما سمع، فالتفت إلى الخلف سائلاً نفسه: "ما الذي يتحدث عنه هذا الرجل". كما تساءل عن سبب وجود بيرل في البيت الأبيض في أولى ساعات ذاك اليوم تحديدًا؟.

وجاء هذا، كما يكتب تينيت، رغم حقيقة أن المعلومات الإستخبارية حينئذ والآن، لم تكشف عن أي دليل على تورط عراقي في هجمات 11 أيلول.

ويتهم تينيت في مذكراته عددًا من مستشاري الرئيس الأميركي جورج بوش وخاصة بيرل ونائب وزير الدفاع بول ولفويتز ونائب الرئيس ديك تشيني بالتخطيط مسبقًا للحرب على العراق، وبربط قرار الحرب بهجمات 11 أيلول لتبريرها.

ويشير تينيت إلى أن التحقيقات التي أجرتها وكالة الإستخبارات المركزية (سي أي إيه) لم تثبت حيازة نظام صدام حسين لأسلحة الدمار الشامل، مبينًا أن خطة إقصاء صدام حسين أعدّت قبل أحداث 11 سبتمبر.

عرض أردني

ويسلط تينيت الضوء على علاقة الإدارة الأميركية ببعض الزعماء العرب في الشرق الأوسط. ويوضح أن العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني أعرب للإدارة الأميركية عن استعداده لإرسال كتيبتين من القوات الخاصة الأردنية إلى خطوط المواجهة مع أفغانستان. يضيف تينيت: "إن بن لادن كان يشكل التهديد الأكبر بالنسبة إلى العاهل الأردني، وأرادنا أن نعرف أن الأردن مستعد للمواجهة إن لزم الأمر... فكيف لنا ألا نحترم الملك الأردني وعائلته بعد مبادرة من هذا النوع؟".

صداقة مع السعودية

ولدى حديثه عن المملكة العربية السعودية، انتقد تينيت بطأها في التعاون مع الولايات المتحدة الأميركية بعد أحداث أيلول (سبتمبر). إلا أن التعاون بين البلدين توطد، بعد أن ضرب الإرهاب الأراضي السعودية في أيار (مايو) من العام 2003، إذ بدأت المملكة بإتباع خطة محكمة لمهاجمة الإرهابيين في الداخل. ووصف تينيت ولي العهد السعودي عبدالله بن عبد العزيز الذي التقاه عدة مرات بـ"الشخصية المؤثرة بشكل لا يصدق" مضيفا أنه لم ينس أبدًا جذوره.

القاعدة والأسلحة النووية

ويكشف تينيت في مذكراته أيضًا أن تنظيم القاعدة أراد بين العامين 2002-2003 شراء أسلحة نووية من روسيا، إلا أنه تم إحباط المخطط. ويكتب تينيت أن العالم ما زال غير آمن، لكنه أكثر أمانًا اليوم جراء الخطوات الجدية التي تتخذها السعودية في محاربة الإرهاب. ولا يستبعد أن يكون تنظيم القاعدة لا يزال يبحث عن أسلحة نووية، ويوضح أن التهديد الأساسي هو النووي. مضيفًا: "أنا مقتنع بأن هذا هو الهدف الأساسي الذي يرغب بن لادن ومساعدوه في تحقيقه... في حال نجحوا بذلك، فسيغيرون التاريخ".

واي ريفر

وتضمن الكتاب فصلاً عن الضغوطات التي تعرض لها تينيت لإطلاق سراح الجاسوس الإسرائيلي جوناثان جاي بولارد. ويكشف تينيت الذي رفض إدراج قضية الجاسوس ضمن المفاوضات، أن هذه الضغوطات كادت أن تنسف المفاوضات التي تمخضت عن إتفاق الخليل (قمة واي ريفر) بين الإسرائيليين والفلسطينيين عام 1998.

ويقضي بولارد، وهو يهودي أميركي متهم بالتجسس على الولايات المتحدة لصالح إسرائيل، عقوبة السجن مدى الحياة منذ العام 1986. وكشف المدير السابق لوكالة الإستخبارات الأميركية للمرة الأولى، الأحداث التي دارت خلال قمة واي ريفر التي سبقت توقيع إتفاق الخليل.

وكاد كلينتون يخضع لتلك الضغوطات الإسرائيلية، إلا أن تينيت هدد بالإستقالة في حال وافق كلينتون على إطلاق سراح بولارد. ويقول تينيت إنه كان يتخوف من أن إدراج قضية إطلاق سراح بولارد ستعطي إنطباعًا لدى موظفيه بأن مواطنًا أميركيًا كوفئ لتجسسه على بلاده، مشيرًا إلى أن مسؤولين كبارًا في الإدارة الأميركية أيدوا إطلاق سراح الجاسوس الإسرائيلي.

تمويل الجلبي

ويتحدث تينيت عن التوتر الذي كان قائمًا بين وكالة الإستخبارات المركزية والبنتاغون، فيكشف أن البنتاغون كان يدفع لمؤسسة الشلبي 350 ألف دولار شهريًا لقاء معلومات إستخباراتية، إلا أن الجلبي كان يسرب معلومات حساسة إلى إيران. ويقول تينيت إن الـ سي أي إيه لم تثق يومًا بالجلبي، وإنه أصر على وقف البنتاغون دعمه المالي لهذا الرجل. يضيف تينيت أن بوش إقتنع في النهاية بوقف تمويل الجلبي.

العلاقات مع الخارج

90% من الرحلات التي أجراها تينيت خلال السنوات السبع التي أدار فيها وكالة الـ سي أي إيه كانت إلى الشرق الأوسط وجنوب ووسط آسيا، إذ سافر 77 مرة إلى 33 دولة، أبرزها كانت المملكة العربية السعودية التي زارها تسع مرات، الأمر الذي يعتبره تينيت مؤشرًا واضحًا على مدى أهمية الصداقة بين السعودية والولايات المتحدة.

وكان تينيت يزور الرئيس الباكستاني بيريز مشرف بإنتظام، ويقول إن مشرف تحول من مؤيد لجماعة طالبان إلى مؤيد للولايات المتحدة الأميركية، ودفع ثمن ذلك غاليًا، إذ كان أن يقتر مرتين وأحبط عدة مخططات أعدت لإغتياله.

ويقول تينيت إن الرئيس الأفغاني حميد كرزاي كاد أن يقتل في إحدى الهجمات التي شنتها القوات الأميركية بطائرات الـ بي-52 وأخطأت فيها الهدف، فأطلقت القنابل على كرزاي ورجاله، إلا أن عنصرًا من وكالة الاستخبارات رمى نفسه فوق كرزاي لإنقاذ حياته.

مقاطع خفيفة الظل

وتضمن الكتاب أيضًا أجزاءً أقل حدة مما سلف ذكره.

ويتذكر تينيت إحدى الاجتماعات مع الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، والتي حضرها الرئيس المصري حسني مبارك.

ولم ينس تينيت الحديث عن الزعيم الليبي معمر القذافي .فالقذافي الثائر على الولايات المتحدة بقميصه الذي يحمل خارطة أفريقيا. وفي إحدى المرات، حين اقترب موعد الإعلان عن الصفقة، أجل القذافي الإعلان يومًا كاملاً، كي لا يقطع بث التلفزيون الوطني الذي كان ينقل مباراة لكرة القدم، يلعب فيها الفريق الليبي بهذا الخبر.

التعليقات