الإعلام ..الحكايات المخبأة وفضائح الكبار

غزة-دنيا الوطن
عاصفة التوترات الدبلوماسية التي رافقت احتجاز البحارة البريطانيين الخمسة عشر لمدة 13 يوما، خلال الشهر الجاري، انتهت مع اطلاق سراحهم، بفتح «باب رزق» لبيع الأسرار مثل اي «بضاعة»، بتعبير ذات الرداء الأزرق، الأميركية، مونيكا لوينسكي، في سوق اعلامي مفتوح على الفضائح والحكايات المخبأة وقصص العشق المسموح والمحرم، وحتى لبيع افراح الآخرين وأحزانهم، مما لم يكن ابدا في حسابات أي من البحارين الذين تخضع حكاياتهم في اثناء الخدمة لشروط عسكرية واعتبارات تتعلق بأسرار الجيش وتقاليده وسمعته العامة وأخلاقيات جنوده ايضا. الباب تسللت اليه بعض وسائل الاعلام، بعد ان رفعت وزارة الدفاع البريطانية «الحراسة» المفروضة عليه، بضوابط تلك الاعتبارات التقليدية، وسمحت للعسكريين ببيع قصصهم الشخصية اثناء وجودهم في الخدمة، لاعتبارات قالت انها تتعلق بـ«ظروف استثنائية». وبينما كان مقدرا ان يتم البيع بطريقة جماعية، اي بالجملة، طالما ان الواقعة تخص فريق البحارة بأكمله، وليس متوقعا ظهور تمايزات او فروقات كبيرة في قصص الجنود الذين عاشوا الحدث معا، باستثناء تباين مشاعرهم وردود افعالهم الفردية تجاه ما حدث، فقد حظيت فاي تورني (26 عاما)، بالفرصة الأكبر للانفراد بقول شيء ما «مختلف»، فهي المرأة الوحيدة بين زملائها اولا، وأم لطفلة صغيرة انتظرت عودتها ثانيا.
وهكذا تلقفها كل من تلفزيون ITV وصحيفة «الصن» الشعبية. اجرى الأول حوارا معها تم بثه عاجلا من على شاشاتها، وانفردت «الصن» بحوار نشر في اليوم التالي للبث التلفزيوني، الذي اثار عاصفة غير متوقعة في وجه وزارة الدفاع، تخطئ قرارها وتعتبره «اساءة» لسمعة البحرية البريطانية، طالما ان الخدمة العسكرية ليست «استثمارا».
حزب المحافظين المعارض تصدر الحملة، وقادها بلسان وزير دفاع الظل، ليام فوكس، الذي صرح بأن «من بين الأشياء العظيمة لقواتنا المسلحة مستواها الاحترافي وكرامتها. العديد من الناس الذين عاشوا في قلق نتيجة عملية الاختطاف، سوف يشعرون بأن بيع قصص البحارة يسيء لكرامتهم، وهو ادنى بكثير مما نتوقعه من رجالنا ونسائنا في الخدمة».
قيل، بعد ذلك، إن فاي تورني، حصلت على 150 الف جنيه استرليني، ثمنا لقصتها، ذهب بعضها الى عائلات بحارة بريطانيين، وكانت فاي قد ابرمت عقدا مشتركا مع كل من «الصن» و ITV، كان من نصيب المذيع ومقدم البرامج الشهير، تريفور ماكدونالد.
تراجعت وزراة الدفاع، وقال وزيرها، دس براون، ان خطوتها تلك، كانت «محاولة لوضع قوانين ثابتة» في مجال بيع القصص الشخصية.
لم يكد يغلق الباب على قصص الباقين من البحارة، حتى استقبلت بريطانيا عاصفة اخرى: تسونامي اجتاح شواطئ المشاعر هذه المرة، وضرب بقسوة العلاقة الغرامية بين الأمير وليم وصديقته كيت ميدلتون، التي تواصلت لخمس سنوات، حملت الصحافة الشعبية كيت خلالها الى قصر بكنغهام، وتوجتها، ثقة منها بعمق العلاقة، وربما لمزيد من الاثارة، ملكة على بريطانيا «قبل الهنا بسنة» كما يقال.
لقد فاجأ الأمير وليم البريطانيين ووسائل اعلامهم بإنهاء علاقته الغرامية بكيت، عبر مكالمة واحدة من هاتفه النقال، فسارع الجميع يرفعون التاج عن رأس الصبية وينزلونها عن العرش الذي رفعوها اليه قبل ان تنضج شروط العائلة المالكة للإعلان عن ملكة المستقبل.
صارت كيت ميدلتون قصة، بل وتملك هي نفسها اهم القصص وأغلاها ثمنا حتى اشعار آخر، او ربما حتى فضيحة اخرى تفوق فضيحة مونيكا لوينسكي، وتغطي على مشاعر ابناء القصر وتفاصيل حكاياتهم: انها تملك ادق التفاصيل الحميمة لـ«الأمير الصغير»، الذي سيصبح ملكا، وهي الملكة التي ستعود الى صفوف «الشعب»، بعد ان تربعت على عرش احلامه وأحلام الأمير، وسوف يتسابق الجميع على تقديم العروض.
خارج المألوف، وبعيدا عن التوقعات، جاء موقف كيت. وقفت السيدة الصغيرة، البالغة من العمر 25 عاما، تواجه الارتدادات الكثيرة للبراكين الأولى التي اعقبت انتشار الخبر، وأطلقت بشجاعة اثارت اعجاب البريطانيين، وعدا اسطوريا يشبه قصتها نفسها، بأنها لن تخون الأمير ببيع قصتهما لأي من وسائل الإعلام.
كيت لم تكن تطلق في الواقع وعدا وحسب، بل كانت تذكر الجميع، بمن فيهم الأمير وليام نفسه، بأنها ليست من طراز اولئك النساء، والأحرى, الذين يستغلون مثل هذه الفرص على حساب الآخرين، فهي «تحترم نفسها كثيرا». لقد طمأنت الجميع من أفراد العائلة المالكة، الذين لم ينسوا طعم المرارة التي أذاقهم إياها بول بوريل، كبير طهاة الراحلة ديانا، اميرة ويلز، بنشر قصته، فقد اكدت كيت بأنها لن تفعل ما فعله الآخرون.
لقد بذلت اوساط العائلة، حينذاك، جهودا مضنية لمنع آخرين من المساعدين العاملين لديها، من القيام بنشر حكايات مماثلة. وقد سعت الملكة الى ايجاد قوانين خاصة تلزم العاملين بعدم بيع قصصهم، والتوقيع على تعهد ملزم بذلك. من حسن حظ العائلة المالكة، انها لم تعد بحاجة الى اي من تلك الضوابط ابدا لربط لسان الفتاة كيت، فقد اثبتت، بما لا يدع مجالا للشك، حتى الآن على الأقل، بأنه يمكن الاعتماد عليها، لقد اعطت وعدها.
غير ان تلك الجهود الملكية جاءت متأخرة في حينها، فقد قام العشيق السابق للأميرة ديانا، جيمس هيوت، بطرح حقوق نشر قصة علاقته بالأميرة، التي قيل انها استمرت خمس سنوات، على مزاد علني بين الصحف، يتحصل بموجبها على نصف مليون جنيه استرليني. وبالفعل اجرى هيوت (40 عاما) في حينها، اتصالات مع كل من الصحيفتين «ميل اون صانداي»، و«نيوز اوف ذي وورلد»، لنشر القصة، التي كان اصدرها في كتاب، على حلقات. بقية ما جرى ليس مهما، وبعض التفاصيل المتعلقة بالصحيفتين اهم بكثير. فكلاهما لم يوفر هيوت في وقت سابق، وخرج بعناوين رئيسية تدين مسلكه لاستثمار قصته الغرامية مع ديانا ماليا، ووصفتا هيوت بـ«مفشي الغراميات الملكية»، و«هاتك الأسرار»، هو الذي اخذت «اسراره» لاحقا للنشر العلني بعيدا عن تلك النعوت. لقد حصل هيوت على 800 الف جنيه استرليني وفق بعض التقديرات، مقابل نشر تلك الحلقات.
في الولايات المتحدة، لم تتردد مونيكا لوينسكي في كنس التقولات من طريقها اولا، قبل ان تعرض ما لديها للبيع. قالت بوضوح، تعقيبا على مساعيها لنشر قصتها، مع الرئيس الأميركي السابق، بيل كلينتون، الذي كادت ترمي به خارج عتبات البيت الأبيض: «تكون غبيا ان لم تحصل على المال». وأضافت «المعلنون، قنوات التلفزيون، المذيعون، كل شخص يتلقى مالا، قصتك بضاعة». باعت لوينسكي «بضاعتها»، بمبلغ 718800 دولار اميركي للقناة الرابعة في التلفزيون البريطاني.
بيع القصص قديم قدم اصحاب القصص انفسهم، طالما كانت هناك ثرثرة ونميمة وأسرار تفتح ملايين العيون والآذان للحملقة والإنصات العميق، وطالما، وهذا هو الأهم، هناك من يشتري، يدفع ويستثمر ايضا. الذين شاهدوا فيلم «تايتانيك» قبل سنوات، وتجمدوا خلف مقاعدهم في دور السينما، ترتجف قلوبهم حزنا على العاشق الذي مات مجمدا، والعاشقة التي روت الحكاية بعد سنين طويلة، لم يخطر ببالهم ابدا، ان صحيفة «نيويورك تايمز» الشهيرة، دفعت عام 1912، عام تحطم السفينة العملاقة، الف دولار لعامل اللاسلكي في السفينة المنكوبة مقابل ان يروي لها قصته. ترى كم يساوي ذلك المبلغ اليوم؟.
ومن بين القصص الطريفة، ما عرف بقصة «ابن لينبيرغ». فقد اختطف ابن الطيار الاميركي الشهير، تشارلز لينبيرغ، عام 1932، وكان عمره عامان فقط، حيث قتل لاحقا. القت السلطات القبض على المدعو برونو هوبتمان، وبدأت محاكمته. تقدم مالك احدى الصحف، ويدعى راندولف هيرست لدفع المصاريف القانونية للمحاكمة مقابل انفراده بـ«خبطة» صحافية، بالسماح له بنشر وقائع الجلسات. وعندما اقرت المحكمة ان المتهم هوبتمان مذنب وتقرر اعدامه، عرض عليه هيرست مبلغ 90 الف دولار شرط ان يعترف بمسؤوليته عن الجريمة، ورفض هوبتمان وبقي مصرا على انه بريء حتى مات.
عام 1983 دفعت كل من مجلة «شتيرن» الالمانية، و«الصنداي تايمز» البريطانية، مبلغا ثمن «يوميات هتلر» سيئة السيرة، التي تبين لاحقا انها مزورة. حصة «شتيرن» بلغت 5 ملايين دولار، بينما دفعت «الصنداي تايمز» 400 الف دولار.
بالعودة الى بريطانيا، نستعيد ادعاء ربيكا لوز الاسبانية بوجود علاقة غرامية لها مع لاعب الكرة الشهير، ديفيد بيكام. احتلت القصة واجهة الصحف لأسابيع، وتلقت لوز مبلغ 150 الف دولار لقاء ظهورها في برنامج على قناة «سكاي نيوز» البريطانية. بينما قبضت فاريا الم سكرتيرة اتحاد الكرة الإنجليزية مبلغ 100 الف جنيه استرليني، من شبكة «آي تي في»، لقاء ما روته عن علاقتها بمدرب الفريق الانجليزي السابق، (السويدي) سفن غوران ايريكسون. فاريا رددت في حينه ما رددته مونيكا لوينسكي قبلها، من ان ما حصلت عليه من «ريع» قصتها، شكل ضمانة لمستقبلها.
«هل لديك قصة للبيع»، سؤال تطرحه مواقع عدة على الإنترنت، وبعضها قد يقتنص ما يستحق الثمن. غير ان احدا لن يقتنص كيت ماديلتون، الملكة التي نزلت عن العرش البريطاني الموعود، ومشت صامتة خارج صفحات قصة غرامها، تاركة احلامها على شاطئ من التساؤلات التي لن تعدم «باباراتزي» سمج ملحاح، لا يركض وراء صورتها، بل خلف اسئلة يعيد طرحها للمرة الألف: لماذا انفصل الامير وصديقته؟ لربما وجد ذات يوم من يقول له شيئا حقيقيا، عن قصة حب تسلقت اسوار القصر ووقعت ميتة، والثمن جاهز دائما، والدفع «على قد القول» بالطبع.
عاصفة التوترات الدبلوماسية التي رافقت احتجاز البحارة البريطانيين الخمسة عشر لمدة 13 يوما، خلال الشهر الجاري، انتهت مع اطلاق سراحهم، بفتح «باب رزق» لبيع الأسرار مثل اي «بضاعة»، بتعبير ذات الرداء الأزرق، الأميركية، مونيكا لوينسكي، في سوق اعلامي مفتوح على الفضائح والحكايات المخبأة وقصص العشق المسموح والمحرم، وحتى لبيع افراح الآخرين وأحزانهم، مما لم يكن ابدا في حسابات أي من البحارين الذين تخضع حكاياتهم في اثناء الخدمة لشروط عسكرية واعتبارات تتعلق بأسرار الجيش وتقاليده وسمعته العامة وأخلاقيات جنوده ايضا. الباب تسللت اليه بعض وسائل الاعلام، بعد ان رفعت وزارة الدفاع البريطانية «الحراسة» المفروضة عليه، بضوابط تلك الاعتبارات التقليدية، وسمحت للعسكريين ببيع قصصهم الشخصية اثناء وجودهم في الخدمة، لاعتبارات قالت انها تتعلق بـ«ظروف استثنائية». وبينما كان مقدرا ان يتم البيع بطريقة جماعية، اي بالجملة، طالما ان الواقعة تخص فريق البحارة بأكمله، وليس متوقعا ظهور تمايزات او فروقات كبيرة في قصص الجنود الذين عاشوا الحدث معا، باستثناء تباين مشاعرهم وردود افعالهم الفردية تجاه ما حدث، فقد حظيت فاي تورني (26 عاما)، بالفرصة الأكبر للانفراد بقول شيء ما «مختلف»، فهي المرأة الوحيدة بين زملائها اولا، وأم لطفلة صغيرة انتظرت عودتها ثانيا.
وهكذا تلقفها كل من تلفزيون ITV وصحيفة «الصن» الشعبية. اجرى الأول حوارا معها تم بثه عاجلا من على شاشاتها، وانفردت «الصن» بحوار نشر في اليوم التالي للبث التلفزيوني، الذي اثار عاصفة غير متوقعة في وجه وزارة الدفاع، تخطئ قرارها وتعتبره «اساءة» لسمعة البحرية البريطانية، طالما ان الخدمة العسكرية ليست «استثمارا».
حزب المحافظين المعارض تصدر الحملة، وقادها بلسان وزير دفاع الظل، ليام فوكس، الذي صرح بأن «من بين الأشياء العظيمة لقواتنا المسلحة مستواها الاحترافي وكرامتها. العديد من الناس الذين عاشوا في قلق نتيجة عملية الاختطاف، سوف يشعرون بأن بيع قصص البحارة يسيء لكرامتهم، وهو ادنى بكثير مما نتوقعه من رجالنا ونسائنا في الخدمة».
قيل، بعد ذلك، إن فاي تورني، حصلت على 150 الف جنيه استرليني، ثمنا لقصتها، ذهب بعضها الى عائلات بحارة بريطانيين، وكانت فاي قد ابرمت عقدا مشتركا مع كل من «الصن» و ITV، كان من نصيب المذيع ومقدم البرامج الشهير، تريفور ماكدونالد.
تراجعت وزراة الدفاع، وقال وزيرها، دس براون، ان خطوتها تلك، كانت «محاولة لوضع قوانين ثابتة» في مجال بيع القصص الشخصية.
لم يكد يغلق الباب على قصص الباقين من البحارة، حتى استقبلت بريطانيا عاصفة اخرى: تسونامي اجتاح شواطئ المشاعر هذه المرة، وضرب بقسوة العلاقة الغرامية بين الأمير وليم وصديقته كيت ميدلتون، التي تواصلت لخمس سنوات، حملت الصحافة الشعبية كيت خلالها الى قصر بكنغهام، وتوجتها، ثقة منها بعمق العلاقة، وربما لمزيد من الاثارة، ملكة على بريطانيا «قبل الهنا بسنة» كما يقال.
لقد فاجأ الأمير وليم البريطانيين ووسائل اعلامهم بإنهاء علاقته الغرامية بكيت، عبر مكالمة واحدة من هاتفه النقال، فسارع الجميع يرفعون التاج عن رأس الصبية وينزلونها عن العرش الذي رفعوها اليه قبل ان تنضج شروط العائلة المالكة للإعلان عن ملكة المستقبل.
صارت كيت ميدلتون قصة، بل وتملك هي نفسها اهم القصص وأغلاها ثمنا حتى اشعار آخر، او ربما حتى فضيحة اخرى تفوق فضيحة مونيكا لوينسكي، وتغطي على مشاعر ابناء القصر وتفاصيل حكاياتهم: انها تملك ادق التفاصيل الحميمة لـ«الأمير الصغير»، الذي سيصبح ملكا، وهي الملكة التي ستعود الى صفوف «الشعب»، بعد ان تربعت على عرش احلامه وأحلام الأمير، وسوف يتسابق الجميع على تقديم العروض.
خارج المألوف، وبعيدا عن التوقعات، جاء موقف كيت. وقفت السيدة الصغيرة، البالغة من العمر 25 عاما، تواجه الارتدادات الكثيرة للبراكين الأولى التي اعقبت انتشار الخبر، وأطلقت بشجاعة اثارت اعجاب البريطانيين، وعدا اسطوريا يشبه قصتها نفسها، بأنها لن تخون الأمير ببيع قصتهما لأي من وسائل الإعلام.
كيت لم تكن تطلق في الواقع وعدا وحسب، بل كانت تذكر الجميع، بمن فيهم الأمير وليام نفسه، بأنها ليست من طراز اولئك النساء، والأحرى, الذين يستغلون مثل هذه الفرص على حساب الآخرين، فهي «تحترم نفسها كثيرا». لقد طمأنت الجميع من أفراد العائلة المالكة، الذين لم ينسوا طعم المرارة التي أذاقهم إياها بول بوريل، كبير طهاة الراحلة ديانا، اميرة ويلز، بنشر قصته، فقد اكدت كيت بأنها لن تفعل ما فعله الآخرون.
لقد بذلت اوساط العائلة، حينذاك، جهودا مضنية لمنع آخرين من المساعدين العاملين لديها، من القيام بنشر حكايات مماثلة. وقد سعت الملكة الى ايجاد قوانين خاصة تلزم العاملين بعدم بيع قصصهم، والتوقيع على تعهد ملزم بذلك. من حسن حظ العائلة المالكة، انها لم تعد بحاجة الى اي من تلك الضوابط ابدا لربط لسان الفتاة كيت، فقد اثبتت، بما لا يدع مجالا للشك، حتى الآن على الأقل، بأنه يمكن الاعتماد عليها، لقد اعطت وعدها.
غير ان تلك الجهود الملكية جاءت متأخرة في حينها، فقد قام العشيق السابق للأميرة ديانا، جيمس هيوت، بطرح حقوق نشر قصة علاقته بالأميرة، التي قيل انها استمرت خمس سنوات، على مزاد علني بين الصحف، يتحصل بموجبها على نصف مليون جنيه استرليني. وبالفعل اجرى هيوت (40 عاما) في حينها، اتصالات مع كل من الصحيفتين «ميل اون صانداي»، و«نيوز اوف ذي وورلد»، لنشر القصة، التي كان اصدرها في كتاب، على حلقات. بقية ما جرى ليس مهما، وبعض التفاصيل المتعلقة بالصحيفتين اهم بكثير. فكلاهما لم يوفر هيوت في وقت سابق، وخرج بعناوين رئيسية تدين مسلكه لاستثمار قصته الغرامية مع ديانا ماليا، ووصفتا هيوت بـ«مفشي الغراميات الملكية»، و«هاتك الأسرار»، هو الذي اخذت «اسراره» لاحقا للنشر العلني بعيدا عن تلك النعوت. لقد حصل هيوت على 800 الف جنيه استرليني وفق بعض التقديرات، مقابل نشر تلك الحلقات.
في الولايات المتحدة، لم تتردد مونيكا لوينسكي في كنس التقولات من طريقها اولا، قبل ان تعرض ما لديها للبيع. قالت بوضوح، تعقيبا على مساعيها لنشر قصتها، مع الرئيس الأميركي السابق، بيل كلينتون، الذي كادت ترمي به خارج عتبات البيت الأبيض: «تكون غبيا ان لم تحصل على المال». وأضافت «المعلنون، قنوات التلفزيون، المذيعون، كل شخص يتلقى مالا، قصتك بضاعة». باعت لوينسكي «بضاعتها»، بمبلغ 718800 دولار اميركي للقناة الرابعة في التلفزيون البريطاني.
بيع القصص قديم قدم اصحاب القصص انفسهم، طالما كانت هناك ثرثرة ونميمة وأسرار تفتح ملايين العيون والآذان للحملقة والإنصات العميق، وطالما، وهذا هو الأهم، هناك من يشتري، يدفع ويستثمر ايضا. الذين شاهدوا فيلم «تايتانيك» قبل سنوات، وتجمدوا خلف مقاعدهم في دور السينما، ترتجف قلوبهم حزنا على العاشق الذي مات مجمدا، والعاشقة التي روت الحكاية بعد سنين طويلة، لم يخطر ببالهم ابدا، ان صحيفة «نيويورك تايمز» الشهيرة، دفعت عام 1912، عام تحطم السفينة العملاقة، الف دولار لعامل اللاسلكي في السفينة المنكوبة مقابل ان يروي لها قصته. ترى كم يساوي ذلك المبلغ اليوم؟.
ومن بين القصص الطريفة، ما عرف بقصة «ابن لينبيرغ». فقد اختطف ابن الطيار الاميركي الشهير، تشارلز لينبيرغ، عام 1932، وكان عمره عامان فقط، حيث قتل لاحقا. القت السلطات القبض على المدعو برونو هوبتمان، وبدأت محاكمته. تقدم مالك احدى الصحف، ويدعى راندولف هيرست لدفع المصاريف القانونية للمحاكمة مقابل انفراده بـ«خبطة» صحافية، بالسماح له بنشر وقائع الجلسات. وعندما اقرت المحكمة ان المتهم هوبتمان مذنب وتقرر اعدامه، عرض عليه هيرست مبلغ 90 الف دولار شرط ان يعترف بمسؤوليته عن الجريمة، ورفض هوبتمان وبقي مصرا على انه بريء حتى مات.
عام 1983 دفعت كل من مجلة «شتيرن» الالمانية، و«الصنداي تايمز» البريطانية، مبلغا ثمن «يوميات هتلر» سيئة السيرة، التي تبين لاحقا انها مزورة. حصة «شتيرن» بلغت 5 ملايين دولار، بينما دفعت «الصنداي تايمز» 400 الف دولار.
بالعودة الى بريطانيا، نستعيد ادعاء ربيكا لوز الاسبانية بوجود علاقة غرامية لها مع لاعب الكرة الشهير، ديفيد بيكام. احتلت القصة واجهة الصحف لأسابيع، وتلقت لوز مبلغ 150 الف دولار لقاء ظهورها في برنامج على قناة «سكاي نيوز» البريطانية. بينما قبضت فاريا الم سكرتيرة اتحاد الكرة الإنجليزية مبلغ 100 الف جنيه استرليني، من شبكة «آي تي في»، لقاء ما روته عن علاقتها بمدرب الفريق الانجليزي السابق، (السويدي) سفن غوران ايريكسون. فاريا رددت في حينه ما رددته مونيكا لوينسكي قبلها، من ان ما حصلت عليه من «ريع» قصتها، شكل ضمانة لمستقبلها.
«هل لديك قصة للبيع»، سؤال تطرحه مواقع عدة على الإنترنت، وبعضها قد يقتنص ما يستحق الثمن. غير ان احدا لن يقتنص كيت ماديلتون، الملكة التي نزلت عن العرش البريطاني الموعود، ومشت صامتة خارج صفحات قصة غرامها، تاركة احلامها على شاطئ من التساؤلات التي لن تعدم «باباراتزي» سمج ملحاح، لا يركض وراء صورتها، بل خلف اسئلة يعيد طرحها للمرة الألف: لماذا انفصل الامير وصديقته؟ لربما وجد ذات يوم من يقول له شيئا حقيقيا، عن قصة حب تسلقت اسوار القصر ووقعت ميتة، والثمن جاهز دائما، والدفع «على قد القول» بالطبع.
التعليقات