مجتمع واقف علي حاجز البكارة وبشر تحركهم السلطة والمال والجنس

مجتمع واقف علي حاجز البكارة وبشر تحركهم السلطة والمال والجنس
زهرة مرعي
- لدي اللقاء الأول بالصحافة لعرض مقاطع من حلقات قليلة منجزة تماماً من مسلسل إمرأة من ضياع شوقنا الكاتب شكري أنيس فاخوري لمتابعة مسلسله الجديد علي شاشة (نيو تي في). كتبنا عنه في بداياته ومع الوصول إلي الحلقة التاسعة لا بد من العودة إليه لتسجيل ما لنا وله في أكثر من إتجاه. فشكري أنيس فاخوري هذه المرة يعود إلي الدراما المفتوحة دون تحديد الحلقات سلفاً كما حدث معه في مسلسلي العاصفة تهب مرتين و نساء في العاصفة اللذين تم عرضهما قبل حوالي عقد من الزمن علي شاشة تلفزيون لبنان فأعاده إلي خريطة الطريق التي علي المشاهد أن يختارها برغبة.
إلي تلك الدراما التي ينتظرها الهواء في التاسعة والنصف من مساء كل أربعاء نضيف بأن فاخوري يقارب هذه المرة أيضاً كما في مجمل أعماله حياة النساء في مجتمعنا اللبناني المفتوح بدوره علي الكثير من المغريات والتحديات التي تنبت من هنا ومن هناك بمواجهة أية إمرأة تملك مقومات الحد الأدني من الإطلالة الحسنة.
في إمرأة من ضياع يبدو أن شكري أنيس فاخوري أراد أن يتحدي وبقوة كبيرة جداً كافة الفاسدين بالأرض الذين يتحلقون حول بطلته ورد الخال التي تحمل في المسلسل إسم نور ليؤكد بأنها إمرأة لا تساوم ولا تهادن في كل ما يسمي مباديء وقيم وأخلاق. يضيق الخناق حول عنقها، خاصة وأن فلذة كبدها ووحيدها في وضع صحي حرج، ومع ذلك تبقي علي ثباتها في مواجهة محور الشر المتعدد الأطراف الذي ينتظر أن تضعف وتلين لينهش لحمها الطري، لكنها تبقي صامدة.
في الواقع نفهم أن تواجه إمرأة جميلة متروكة من زوجها، أو أرملة أو فقيرة هذا الهجوم الشرس من قبل الرجال أو حتي من قبل إمرأة معروفة سلفاً بشذوذها الجنسي. لكن ما نعجز عن فهمه هو أن تصبح تلك المرأة المعترة هدفاً أساسياً من أهداف مافيا المال رجالاً كانوا أم نساءً. تلك المافيا التي تغزو أهلها الخيانة الزوجية وكأن هذا السلوك في حياتهم هو تحصيل حاصل.
أراد شكري أنيس فاخوري عملاً درامياً كلاسيكياً في نقطته المركزية حيث الصراع يحتدم بين محوري الفضيلة والرذيلة. وكان أقطاب الفضيلة قلة قليلة في عمل يطغي عليه حضور أقطاب الرذيلة علي مختلف المستويات والتي وصلت إلي حدود التصفية الجسدية. ولأن الكاتب يهدف لمزيد من التشويق ففي حلقتيه الأخيرتين كان الحصار حول بطلته الأولي يتضخم بصورة تخرج أحياناً عن حدود المنطق. كذلك كان الأمر بالنسبة لبطله الثاني الممثل سامر الغريب، الرسام الذي يؤدي دور زياد والذي يعيش من أجل إبنته بعد أن هجرته زوجته للتزوج بعجوز ثري ولتعيش حياتها بالعرض والطول.
البطلان نور وزياد وهما النموذجان الصالحان في هذه الدراما يعيشان تداعيات ما يحيط بهما من بشر تحركهم السلطة والمال والجنس. فنور تكاد تري العالم كله من حولها وكأنه علي إستعداد دائم للإنقضاض عليها ونهش لحمها دون ادني إحساس بالرحمة أو الشفقة علي طفلها المريض. وزياد يعيش الأزمة النفسية التي سببتها له زوجته التي هجرته وتركت طفلتها برعايته بحثاً عن المال والجنس. لذلك يقول بعد الحرب صرنا نفتش تفتيشا عن المرأة الفاضلة. ماخور صارت الدني .
مقنعة دراما شكري أنيس فاخوري الجديدة لولا بعض الشطحات التي ربما نجد لها عذرها في بال فنان يهدف لمزيد من التأزيم ربما ليصل إلي الحل الذي يرضي شهية عامة الناس التي تجنح نحو الخير.
أما علي الصعيد التقني نقول بأن الإقناع كان متفاوتا علي صعيد مختلف شخصيات المسلسل. فبعضهم وفي الأدوار الثانوية لم يكن علي قدر من القوة المطلوبة بل كان ممثلاً بحق. لكن الإختيار علي صعيد الأدوار الرئيسية وبخاصة إختيار ورد الخال وسامر الغريب كان موفقاً. حتي أن وجود الطفلين في العمل ككل كان مقنعاً أكثر من بعض الممثلين الناضجين.
وفي جبهة الإخراج كان واضحاً وجود التفاوت بين دور وآخر وبين مشهد وآخر. لكن الرسالة وصلت بالحد المطلوب في عمل يصور ليصل في وقت قصير إلي الهواء المتربص بحركة الكاميرا. ولا شك بأن المخرج أيلي فغالي يعيش ضغوطاً كبيرة بعد أن رضي بالعمل في مسلسل لم تكتب ولم تصور كافة حلقاته.
اقرأوا!
- طالعتنا النشرة الإخبارية في محطة (أم بي سي) بخبر بطلته سيدة من السودان هي الحاجة زينب الكنزي التي تخطت السبعين من العمر وتستعد للتقدم لإمتحانات البكالوريا. الحاجة زينب تباهت بقدرتها علي الإستيعاب، وذكرتنا بالآية الأولي من القرآن الكريم إقرأ . وقالت: لازم أتوسع في العلم ما وراي حاجة. وأضافت: عاوزة أخَجَل الناس لإبتعادهم عن العلم.
الحاجة زينب نموذج نسائي عربي يفترض نشره ليصبح قدوة، ومن الجريمة أن تكون فقط خبراً يمر للحظات في إحدي نشرات الأخبار. ففي وطن ممتد بين المشرق والمغرب والخليج العربي حيث الأمية بين النساء تصل تقريباً إلي 70 مليون لا بد من إستخدام كافة الطاقات التي تتحلي بها الحاجة زينب لتشجيع النساء علي محو الأمية مهما كان عمرهن. مع العلم بأن الحاجة زينب ليست مصنفة من ضمن الفئة التي تهدف لمحو الأمية، بل هي تعمل للتوسع في العلم . ونتمني أن نشاهدها في العام المقبل علي المقاعد الجامعية. لما لا؟
جواز الترقيع
- عندما أفتي مفتي الديار المصرية بجواز أن ترقع الفتاة غشاء البكارة ترك في المجتمع العربي عاصفة من الأخذ والرد والتصريحات والجدل. برنامج آدم دخل علي خط القضية محاوراً الشيخ المعروف جمال قطب وإلي جانبه رجل علم مختص. وكان من الشيخ قطب أن رفض مبدأ الترقيع بشكل قاطع لأن في ذلك خوف من أن يأخذ أرباب الرذيلة قولنا حجة .
لاشك بأن كلام الشيخ قطب محق في العديد من الجوانب. وهو محق أكثر عندما أكد علي ضرورة الستر . أي أن يرضي رجل بالزواج من فتاة فقدت غشاء البكارة فيستر عليها ومن ثم يطلقها أو يبقيها كما قال. وفي كل الأحوال لا بد من الوقوف علي رأي هذا الشيخ في قوله تتوب ولا ترقع والتأكيد عليه. لكننا نقف ضده في قوله إذا كانت آخر الأسوار قد إنتهكت فهي لا تستحق أن تكون أماً ولها أسرة ! ففي هذا القول تجن كبير علي المرأة. فأهلية المرأة في أن تكون أماً وربة أسرة ليس مرتبطاً بما يسمي غشاء البكارة.
في كل الأحوال الصراحة هي المطلوبة في مثل هذه الحالات، لكن لا بد من الوقوف قليلاً عند مسألة تعلق مجتمعاتنا بغشاء البكارة وإعتبار فقده بطريقة من الطرق وهي متعددة فقداناً للشرف والعفة والطهارة. إذ لا رجاء من مجتمع تقف حدود مبادئه وقيمه عند غشاء البكارة، فيما ترتكب فيه المحرمات القومية والوطنية والإنسانية بالعرض والطول ولا نجد جفناً يرف خجلاً.
صحافية من لبنان
*القدس العربي
زهرة مرعي
- لدي اللقاء الأول بالصحافة لعرض مقاطع من حلقات قليلة منجزة تماماً من مسلسل إمرأة من ضياع شوقنا الكاتب شكري أنيس فاخوري لمتابعة مسلسله الجديد علي شاشة (نيو تي في). كتبنا عنه في بداياته ومع الوصول إلي الحلقة التاسعة لا بد من العودة إليه لتسجيل ما لنا وله في أكثر من إتجاه. فشكري أنيس فاخوري هذه المرة يعود إلي الدراما المفتوحة دون تحديد الحلقات سلفاً كما حدث معه في مسلسلي العاصفة تهب مرتين و نساء في العاصفة اللذين تم عرضهما قبل حوالي عقد من الزمن علي شاشة تلفزيون لبنان فأعاده إلي خريطة الطريق التي علي المشاهد أن يختارها برغبة.
إلي تلك الدراما التي ينتظرها الهواء في التاسعة والنصف من مساء كل أربعاء نضيف بأن فاخوري يقارب هذه المرة أيضاً كما في مجمل أعماله حياة النساء في مجتمعنا اللبناني المفتوح بدوره علي الكثير من المغريات والتحديات التي تنبت من هنا ومن هناك بمواجهة أية إمرأة تملك مقومات الحد الأدني من الإطلالة الحسنة.
في إمرأة من ضياع يبدو أن شكري أنيس فاخوري أراد أن يتحدي وبقوة كبيرة جداً كافة الفاسدين بالأرض الذين يتحلقون حول بطلته ورد الخال التي تحمل في المسلسل إسم نور ليؤكد بأنها إمرأة لا تساوم ولا تهادن في كل ما يسمي مباديء وقيم وأخلاق. يضيق الخناق حول عنقها، خاصة وأن فلذة كبدها ووحيدها في وضع صحي حرج، ومع ذلك تبقي علي ثباتها في مواجهة محور الشر المتعدد الأطراف الذي ينتظر أن تضعف وتلين لينهش لحمها الطري، لكنها تبقي صامدة.
في الواقع نفهم أن تواجه إمرأة جميلة متروكة من زوجها، أو أرملة أو فقيرة هذا الهجوم الشرس من قبل الرجال أو حتي من قبل إمرأة معروفة سلفاً بشذوذها الجنسي. لكن ما نعجز عن فهمه هو أن تصبح تلك المرأة المعترة هدفاً أساسياً من أهداف مافيا المال رجالاً كانوا أم نساءً. تلك المافيا التي تغزو أهلها الخيانة الزوجية وكأن هذا السلوك في حياتهم هو تحصيل حاصل.
أراد شكري أنيس فاخوري عملاً درامياً كلاسيكياً في نقطته المركزية حيث الصراع يحتدم بين محوري الفضيلة والرذيلة. وكان أقطاب الفضيلة قلة قليلة في عمل يطغي عليه حضور أقطاب الرذيلة علي مختلف المستويات والتي وصلت إلي حدود التصفية الجسدية. ولأن الكاتب يهدف لمزيد من التشويق ففي حلقتيه الأخيرتين كان الحصار حول بطلته الأولي يتضخم بصورة تخرج أحياناً عن حدود المنطق. كذلك كان الأمر بالنسبة لبطله الثاني الممثل سامر الغريب، الرسام الذي يؤدي دور زياد والذي يعيش من أجل إبنته بعد أن هجرته زوجته للتزوج بعجوز ثري ولتعيش حياتها بالعرض والطول.
البطلان نور وزياد وهما النموذجان الصالحان في هذه الدراما يعيشان تداعيات ما يحيط بهما من بشر تحركهم السلطة والمال والجنس. فنور تكاد تري العالم كله من حولها وكأنه علي إستعداد دائم للإنقضاض عليها ونهش لحمها دون ادني إحساس بالرحمة أو الشفقة علي طفلها المريض. وزياد يعيش الأزمة النفسية التي سببتها له زوجته التي هجرته وتركت طفلتها برعايته بحثاً عن المال والجنس. لذلك يقول بعد الحرب صرنا نفتش تفتيشا عن المرأة الفاضلة. ماخور صارت الدني .
مقنعة دراما شكري أنيس فاخوري الجديدة لولا بعض الشطحات التي ربما نجد لها عذرها في بال فنان يهدف لمزيد من التأزيم ربما ليصل إلي الحل الذي يرضي شهية عامة الناس التي تجنح نحو الخير.
أما علي الصعيد التقني نقول بأن الإقناع كان متفاوتا علي صعيد مختلف شخصيات المسلسل. فبعضهم وفي الأدوار الثانوية لم يكن علي قدر من القوة المطلوبة بل كان ممثلاً بحق. لكن الإختيار علي صعيد الأدوار الرئيسية وبخاصة إختيار ورد الخال وسامر الغريب كان موفقاً. حتي أن وجود الطفلين في العمل ككل كان مقنعاً أكثر من بعض الممثلين الناضجين.
وفي جبهة الإخراج كان واضحاً وجود التفاوت بين دور وآخر وبين مشهد وآخر. لكن الرسالة وصلت بالحد المطلوب في عمل يصور ليصل في وقت قصير إلي الهواء المتربص بحركة الكاميرا. ولا شك بأن المخرج أيلي فغالي يعيش ضغوطاً كبيرة بعد أن رضي بالعمل في مسلسل لم تكتب ولم تصور كافة حلقاته.
اقرأوا!
- طالعتنا النشرة الإخبارية في محطة (أم بي سي) بخبر بطلته سيدة من السودان هي الحاجة زينب الكنزي التي تخطت السبعين من العمر وتستعد للتقدم لإمتحانات البكالوريا. الحاجة زينب تباهت بقدرتها علي الإستيعاب، وذكرتنا بالآية الأولي من القرآن الكريم إقرأ . وقالت: لازم أتوسع في العلم ما وراي حاجة. وأضافت: عاوزة أخَجَل الناس لإبتعادهم عن العلم.
الحاجة زينب نموذج نسائي عربي يفترض نشره ليصبح قدوة، ومن الجريمة أن تكون فقط خبراً يمر للحظات في إحدي نشرات الأخبار. ففي وطن ممتد بين المشرق والمغرب والخليج العربي حيث الأمية بين النساء تصل تقريباً إلي 70 مليون لا بد من إستخدام كافة الطاقات التي تتحلي بها الحاجة زينب لتشجيع النساء علي محو الأمية مهما كان عمرهن. مع العلم بأن الحاجة زينب ليست مصنفة من ضمن الفئة التي تهدف لمحو الأمية، بل هي تعمل للتوسع في العلم . ونتمني أن نشاهدها في العام المقبل علي المقاعد الجامعية. لما لا؟
جواز الترقيع
- عندما أفتي مفتي الديار المصرية بجواز أن ترقع الفتاة غشاء البكارة ترك في المجتمع العربي عاصفة من الأخذ والرد والتصريحات والجدل. برنامج آدم دخل علي خط القضية محاوراً الشيخ المعروف جمال قطب وإلي جانبه رجل علم مختص. وكان من الشيخ قطب أن رفض مبدأ الترقيع بشكل قاطع لأن في ذلك خوف من أن يأخذ أرباب الرذيلة قولنا حجة .
لاشك بأن كلام الشيخ قطب محق في العديد من الجوانب. وهو محق أكثر عندما أكد علي ضرورة الستر . أي أن يرضي رجل بالزواج من فتاة فقدت غشاء البكارة فيستر عليها ومن ثم يطلقها أو يبقيها كما قال. وفي كل الأحوال لا بد من الوقوف علي رأي هذا الشيخ في قوله تتوب ولا ترقع والتأكيد عليه. لكننا نقف ضده في قوله إذا كانت آخر الأسوار قد إنتهكت فهي لا تستحق أن تكون أماً ولها أسرة ! ففي هذا القول تجن كبير علي المرأة. فأهلية المرأة في أن تكون أماً وربة أسرة ليس مرتبطاً بما يسمي غشاء البكارة.
في كل الأحوال الصراحة هي المطلوبة في مثل هذه الحالات، لكن لا بد من الوقوف قليلاً عند مسألة تعلق مجتمعاتنا بغشاء البكارة وإعتبار فقده بطريقة من الطرق وهي متعددة فقداناً للشرف والعفة والطهارة. إذ لا رجاء من مجتمع تقف حدود مبادئه وقيمه عند غشاء البكارة، فيما ترتكب فيه المحرمات القومية والوطنية والإنسانية بالعرض والطول ولا نجد جفناً يرف خجلاً.
صحافية من لبنان
*القدس العربي
التعليقات