دنيا الوطن مع مصوري الفضائيات بغزة.. بين ضحايا العدوان الإسرائيلي والاقتتال الداخلي

غزة ـ دنيا الوطن ـ سالي ثابت
سواتر وحواجز ورصاص وشظايا متطايرة ، دبابات تقذف حمم الموت .طائرات تقصف كل حي يتحرك, وجنود احتلال انتزعت إنسانيتهم من قلوبهم قبل إرسالهم لميدان القتل ، دمويون يحرقون الأخضر واليابس وحرب شرسة عنصرية يفتحونها على الفلسطينيين .. وبالمقابل رسل مهنة نبيلة يؤرخون الحدث الفلسطيني لا تثنيهم المخاطر عن أداء واجبهم ومهنتهم التي يقدسونها، فتراهم بخوذاتهم ودروعهم التي قلما يلبسونها متسلحين بكاميراتهم يخوضون أتون الأحداث تحت لهيب نيران المعارك من أجل توثيق وكشف جرائم الاحتلال وهمجيته حتى لو كانت على حساب أرواحهم.
إنهم المصورون الصحفيون الفلسطينيون أصحاب البصيرة الثاقبة الذين يضحون من أجل الحقيقية الفلسطينية " لكل واحد منهم قصة لكنهم جميعا مع زملائهم في الوطن يؤلفون الرواية الفلسطينية الصادقة، وينحتون في الذاكرة الإنسانية صورة فلسطين الكفاح والأمل بالانتصار
يروون لدنيا الوطن مخاطر الموت التي أحدقت بهم أثناء أدائهم لمهاراتهم المهنية يعبرون عن مشاعرهم الإنسانية ومشاعر زوجاتهم وأمهاتهم وأبناءهم فيما يكونوا في دائرة الأحداث الخطيرة.

سامر أبو دقة مصور قناة الجزيرة الفضائية (27 )عاما متزوج حاصل على دورة تدريبية في التصوير في العام 97 من شركة دينا للإنتاج في رام الله قال لدنيا الوطن :" كانت رغبتي وحلمي في التصوير منذ الطفولة بأن أكون مصورا.. كنت مدفوعا بشعور داخلي للحصول على عمل مميز.فوجدت ما أردت خلال هذه المهنة التي أعشقها, فانا أحب المغامرة والبحث عن المخاطر"
يقول أبو دقة :"إن المصور الصحفي يحمل روحه على كفه لأنه ذاهب إلى المجهول ويتوقع بأنه سيموت بأي لحظة.
يقاطعني سامر ليؤكد لي أنه لن يبخل بتقديم نفسه شهيدا فداءا للوطن وحبا فيه لتوصيل الحقيقة وكل الحقيقة إلى الجمهور.
ويميز أبو دقة بين عملية الوصول إلى أماكن الأحداث فقول :" ان الأمر مرتبط بنوع الحدث ومكانه فعند الذهاب لتغطية احتفال معين أو مهرجان فإن عملية التصوير والتغطية تكون سهلة في حين أن أحداث الاجتياح والاقتتال يتطلب تغطيتها جهد أكبر، مؤكدا
وبادرته بسؤالي حول خشيته من الموت عند الذهاب الى توصيل الاجتياجات والحوادث فأكد لي عند الذهاب لتغطية أي عملية اجتياح أو عدوان إسرائيلي في أي مكان في القطاع أو خارجه يجهز المصور نفسه للذهاب الى الموت مضيفا بأن أماكن الاجتياح هي ساحات حرب طاحن شرسة حيث أن المصورين يرتدون الشارات الصحفية ولكن لا من مجيب فإطلاق النار والقصف يستهدفهم بشكل مباشر.
نحن بشر ونخشى الموت
وعن خشيته من الموت أضاف أبو دقة نحن بشر ونخاف الموت ونخشاه لحظة وقوعه ولكن أروحانا ليست بأغلى من أرواح الشهداء الذين قدموا أنفسهم فداء للوطن وتضحية من أجل نصرة قضيتهم الفلسطينية وتحريرا لأرضهم.

صور تجرح الذاكرة
وعن المواقف التي مرت بحياة سامر أبو دقة أوضح لنا أن هناك العديد من المواقف المأساوية التي مرت بحياته وأثرت بنفسيته مشيرا بأنه لو ذكر المواقف التي تعرض لها لن يكفي هذا التقرير لرصدها.
ويستعرض أحد الأحداث المأساوية فيقول كنا نغطي أحد الجتياحات لبيت لاهيا حيث الدمار والقصف العشوائي من كل اتجاه وفوجئنا بالجيش الإسرائيلي يحاصرنا ويطلق النيران باتجاهنا وبشكل مباشر على الرغم من تعريفنا لأنفسنا بأننا صحافة ولكن لا حياة لمن تنادي وكأنك تؤذن في مالطة مؤكدة أنهم زادوا من وحشيتهم وبدأوا بإطلاق النيران علينا وعلى رجال المقاومة وهنا بدأنا نتشهد على أرواحنا لأننا تأكدنا بأننا لن نبرح هذا المكان إلا ونحن محمولين على الأكتاف ولكن هربنا بأعجوبة مضيفا أن الشيء الذي آثر في نفسيتي وأشعرني بالألم أننا عندما عدنا للمكان لتصوير شباب المقاومة وجدناهم شهداء وأشلاء.
وموقف آخر في حياة سامر أبو دقة أكد لي أنه أثناء تصوير أحد الاجتياحات لبلدة بيت حانون فوجئت بمنظر تقشعر له الأبدان ولن أنساه ما حييت حيث كانت مجموعة من الجنود الإسرائيليين تنكل بجثماني شهيدين من رجال الأمن الوطني.

جمعتني الصدفة بالكاميرا
ونواصل حديثنا مع جمال أبو نحل مصور قناة الـ mbc العربية والبالغ من العمر 35 عاما ولديه ثلاثة أبناء.
بدأت التصوير لنفسي وبشكل عشوائي
ويبدأ جمال بسرد قصته لدنيا الوطن بالقول أنه كان يملك كاميرا فيديو من نوع high8 وبشكل ارتجالي وعفوي بدأ يصور الأحداث الجارية على الأراضي الفلسطينية وذلك منذ عام 1987 في عهد الانتفاضة الأولى مؤكدا أنه كان يصور لنفسه فقط بدون أن ترى أي جهة صحفية ما التقطته كاميراته التي يحبها ويعتبرها صديقة، حيث أشار أبو نحل وأنه بالصدفة طلب مني صحفي عدد من المقاطع واللقطات فأعجب بتصويري واللقطات التي أخذتها ومن هنا بدأ مشواري مع التصوير كما ذكر لنا جمال ويتابع أبو نحل بعدها عملت كصحفي حر وغير تابع لأجي جهة حيث أصبحت أعمل بالقطعة، مضيفا بأنه في فترة عام 1987 كانت الأراضي الفلسطينية تعج بالمصورين الأجانب الذين توفر لهم السلطات الإسرائيلية الآمان حيث كانوا يصورون بالجانب الإسرائيلي دون أن يتعرض لهم الجيش الإسرائيلي بينما المصورين الفلسطينيين كانوا يتعرضون لشتى أنواع التعذيب والإهانة حيث كان يطلق علينا النار وبشكل مباشر ومستهدف من قبل الجيش الإسرائيلي، وذلك باعتبارنا دائما هدفا لهم بعد المقاومة فهم لا يريدون للحقيقة أن تظهر بحيث نعتبر كمصورين فلسطينيين مجرمين في نظرهم فنحن نكشف فضائحهم وانتهاكاتهم لحقوق الإنسان من ذبح ودمار وتشريد لأبناء الشعب الفلسطيني.
ويوضح أبو نحل أنه في تلك الفترة عمل على تقوية قدراته ومهارات بأخذ عدة دورات تصوير مع مؤسسات عدة مضيفا أنه بعد ذلك عمل كمدرس في إحدى لمؤسسات التي تعطي دورات تصويرية لبعض الطلبة والمهنيين لأنه في تلك الفترة كان قد احترف مهنة التصوير وأجادها.
ويؤكد أبو نحل أن العوائق والمصاحب التي يواجهها المصور أنه بصعوبة يصلون الى مكان الحدث حيث أشار لنا عن تجربته في تصوير أحداث الانتفاضة الاولى حيث قال كنا نلتقط الصورة خفية لأن الجيش الإسرائيلي لو اكتشف أمرهم لأطلق النار عليهم معللا ذلك أن جنود الاحتلال يريدون أن يفعلوا بالفلسطينيين ما يحلو لهم من قتل وتشريد ودمار دون أن يعكر صفوهم من أي مصور فلسطيني وذلك لإخفاء الحقيقة.
سبعة عشرا شهيدا
وعن سؤالنا له حول موقف أثر في نفسيته فكر أبو نحل قليلا وكأنه يرجع بذاكرته الى الوراء ليذكر الحدث بحذافيره وصمت قليلا وقال أنه في قصف سعد العرابيد من كتائب عز الدين القسام عند جامع الإمام الشافعي اصطحبت معي أحد أقربائي لمكان الحدث وفي هذا القصف شاركك كل من طائرات الأباتشي والأف 16 في العملية، مؤكدا أنه ضرب أو صاروخ على السيارة وأصاب ما بداخلها ولكنهم لم يستطيعوا الخروج من السيارة فبدأ الناس بالتجمع تجاه السيارة لحماية من بداخلها وهنا بدأت الطائرات بالقصف على التجمع تجاه لحماية من بداخلها وهنا بدأت الطائرات بالقصف على التجمع واستشهد سبعة عشر موطنا ومن شدة الانفجار وقعت على الأرض وكل الغبار وشظايا القصف تطايرت باتجاهي ولكن الأصعب هنا أنني لم أجد قريبي الذي اصطحبته معي وعندما استجمعت قواي من هول الموقف بدأت بالسؤال عن قريبي وكانت المفاجأة بأن أحد المصورين قال لي أنه رآه تمزق وتناثرت أعضاءه مع المجموعة التي قصفت فسقطت على الأرض من الذهول ولكني بعد ساعات تأكدت أنه بخير ولم يصب، "أصبت على أثر هذه الحادثة بشلل في رجلي دام أياما، ناهيك عن الزيارات المتكررة للطبيب النفسي جراء ما حدث معي في ذلك اليوم.
نقابة الصحفيين في سبات عميق
وعن سؤالي لأبو نحل حول دور نقابة الصحافيين حيث وصفها بأنها في سبات عميق مؤكدا أن معظم هيئتها مستقيلين وليس هناك عناصر فعالية في النقابة، مشيرا أنه لا يوجد صحفيين يطالبون بإعادة تشكيل النقابة ويوضح أبو نحل بأن المصورين قاموا بخطوة تدعم الشباب الجدد من المصورين وذلك بتشكيل جمعية للمصورين للاهتمام بهموم وأعباء المصور الفلسطيني، مؤكدا أن المصور يتعرض للقصف وإطلاق النيران عليه بشكل مباشر مثله مثل أي إنسان يكون في ساحة المعركة.

أعشق الكاميرا منذ صغري
وننتقل من قناة العربية الى وكالة رويترز لنلتقي بمحمد شناعة مصور وكالة رويترز البالغ من العمر 26 عاما ومتزوج وأب لطفل هو نور الدين قال منذ صغري وأنا أعشق الكاميرا فأنا أحب المخاطرة، وهوايتي في هذه الحياة هو متابعة الأخبار وملاحقتها حتى لو كانت بآخر العالم فأنا من عائلة تعشق الصحافة فعمي هو شمس يعمل منذ ثلاثة عشر عاما بهذه المهنة وقد شربني هذه المهنة وحببني فيها بالإضافة الى هوياتي، ويؤكد شناعة أن مهنة التصوير هي مهنة الصعاب والمخاطر كما يقول قبل ما تشيل كاميرا لازم يكون التصوير بدمك.
محمد شناعة يعمل منذ عام 1996 مع وكالة رويترز مشيرا أنه بدأ بتصوير الأحداث في العام 2000 مع بداية انتفاضة الأقصى وبدأت المخاطر منذ تلك اللحظة وعن الصعوبات والعوائق التي تواجه المصور أوضح لنا شناعة بأننا لا نصل الى مكان الحدث بسهولة كما تظنون فلا أحد يراعي أنك سحفي ويحترمك لأنك سوف تكشف الحقيقة فعلى سبيل المثال لا يحق لك أن تقطع الإشارة حتى لو كنت متوجه الى تصوير حدث مهم فالشرطي لا يسمح لك باجتياز الإشارة ناهيك عن بعض الأناس واتهاماتهم لك بأنك تصور المذابح التي يتعرضون لها بهدف الشهرة ولم الفلوس
ويؤكد شناعة أن المجتمع الغزي غير متعاون مع المصور أيضا يوضح لنا بأنه إذا صورت فصيل من فتح فإنك تعتبر في نظل الفصيل الآخر انقلابي بينما إذا صورت فصيل من حماس فتعتبر دموي في نظر الفصيل المقابل.
وعن العوائق والصعوبات التي تعيقنا من نقل الحدث من قبل السلطات الإسرائيلية هي كثيرة ومتنوعة فهم يتفننون في إعاقة جهودنا للوصول للحدث بسهولة متذرعين بجميع الحجج فعلى سبيل المثال تطلق النيران على السيارات التي نقودها والمكتوب عليها "صحافة" ، مؤكدا لا يأبه الجيش الإسرائيلي بأي قانون يحمي الصحفي فهو لا يرى المصور في السيارة بل يرى الفلسطيني المهدور دمه من جهته.
مواقف ومواقف ومواقف
ويوضح لنا شناعة عن بعض المواقف التي تعرض لها في حياته فقال انحجزت على حاجز أبو هولي 12 ساعة ولم يقدروا أنني صحفي وأظهرت لهم بطاقتي الصحفي ولم يأبهوا بها اتصلت بغزة ورام الله والقدس لتخليصي من هذه المعاناة ولكن لم يحرموني وبدأوا بتفتيشي بشكل مهين ومستفز وفجأة نظر الى اليمين لأرى مشهد دمرني نفسيا مجموعة من المواطنين أجبروا على خلع ملابسهم في البرد القارص مدفوعين الى الأرض بجانب دباباتهم ناهيك عن الرشاش مسلطا باتجاه رأسي لا أستطيع أن أتحرك وإلا قتلت فورا، ولكن الشيء الذي آلمني أني لم أستطيع نقل هذا المشهد المريع بكاميرتي الى العالم لأبين وحشية الاحتلال.
وعن موقف آخر يروي لنا شناعة كنا في بيت يعود لعائلة أبو ناموس في خانيونس مختبئين هناك لنقل الأحداث وأردت أن أنصب كاميرتي فزحفت زحفا باتجاه الشباك لأن الدبابة لا تبعد عنا فهي بجوار البيت ولا يفصل بيننا وبينها إلا الجدار مؤكدا بأنه بدأ القصف من كل مكان باتجاهنا فأصبت بكل أنحاء جسمي حتى اعتقدت أنني مت وشالوني شهيد، حتى أهل البيت أصيبوا جميعا بإصابات مختلفة فمنهم من فقد عينه ومنهم من فقد رجله وكل هذا أمام عيني.
وموقف آخر يؤكد شناعة كنت في اجتياح بيت حانون أصور الأحداث الدائرة هناك وفوجئت بالدبابة الإسرائيلية تواجه الجيب والجندي يصرخ علي أطلع لأطخك ناهيك عن الألفاظ الجارحة والبذيئة ويشير شناعة وما أصعب أن ترى أناسا كنت قد سلمت عليهم قبل عدة دقائق وقدموا لك الطعام والشراب في الاجتياح وتجرع بعد سويعات لتصورهم وهم أشلاء وهنا كانت نفسيتي كما أكد شناعة.
نرتدي الشارات ولا يأبهون بنا
ونترك الآن المجال لإياد الزعيم مصور قناة أبو ظبي والبالغ من والعمر 28 سنة متزوج منذ عام ونصف العام ليبدأ قصته بالقول بداياتي مع التصوير كانت كتدريب في وكالة رامتان في العام 1999 الى العام 2000 ثم الانتقال الى مركز غزة للإعلام كعمل ثابت واحترفت التصوير في هذه المؤسسة والجدير بالذكر أن إياد الزعيم شارك في تصوير عدة أفلام فلسطينية من خلال تدريبه في وكالة راماتان والأفلام هي "العكاز" وهو فيلم يعالج العنف ضد المراة وفيم آخر بعنوان "الظل" يعالج فضية الشعوذة.
صورني الله يخليك
وعن الصعوبات والعوائق التي واجهته في حياته الصحفية أكد لي أن الجيش الإسرائيلي لا يتوانى عن عرقلة طريقهم للوصول الى الحقيقة، مؤكدا أن أي اجتياح نذهب لنقل الأحداث نكون مستهدفين بشكل مباشر، مضيفا بأن جنود الجيش الإسرائيلي يصوبون رشاشاتهم باتجاهنا ولا يحترموننا كوننا صحفيون ونرتدي الدروع المشار عليها بأننا صحافة ومع ذلك يتعمدو إطلاق النار علينا ويذكر الزعيم أنا ما حصل للمصور حمزة العطار مصور وكالة راماتان الذي أطلق عليه النار وأصيب إصابة خطيرة ويرى الزعيم أن سياسة إسرائيل في استهدافهم كمصورين لن ترده شخصيا عن مواصلة المشوار الذي يعتبره نضالي، مؤكدا أن سياسة واحدة وهي قتل كل ما هو فلسطيني فهي لا تفرق بين مصور أو ضابط.
وعن موقف أثر في نفسي إياد الزعيم مصور قناة أبو ظبي قال كنا نصور منطقة المنطار في العام 2001 وكانت بداية الأحداث الساخنة وهناك تفاجأنا بدخول الدبابات الإسرائيلية وبتصويب النيران بكثافة باتجاهنا واتجاه رجال الأمن الوطني الذي كان خلفنا واستهدفونا مباشرة نحن ورجال الأمن الوطني، وما كان منا إلا أن أخذنا وضع انبطاح على الأرض لتفادي الرصاص العزيز ويضيف الزعيم هنا أدركنا أننا سوف نموت حتما فقرنا نستشهد حيث أننا حوصرنا لساعات طويلة ومن حلاوة الروح صرت انحت الاسفلت بأظافري لأخبئ رأسي يؤكد الزعيم الشئ الذي يخشاه دونما هو أن يطلق الرصاص علي وتصيبني في أحد أعضاء جسمي وتسبب لي عاهة مستديمة.
وسرد لنا الزعيم موقف آخر لن ينساه أبدا حيث أنه كان يصور في منطقة المنطار في العام 2001 ومن خلال تصويري كان هناك مجموع من الأطفال يطلقون الحجارة على الدبابات مضيفا أنه كان هناك طفل يلح على بأن أصوره لدرجة أنه ترجاني وهو يقول لي صورني ..صورني الله يخليك مؤكدا أنني ترجيته هو بأن يغادر المكان حتى لا يموت لأن المكان كان خطر جدا.
ويشير الزعيم وعند وصولنا إلى غزة طلب من أن أذهب لمستشفى الشفاء لأن إسرائيل قتلت ثلاث أطفال وهنا كانت المفاجأة عندما وجدت من بين الشهداء ذلك الطفل الذي ألح علي بتصويره وها أنا اليوم أصوره وبرغبتي لا برغبته وهذا الموقف لن أنساه.

نجوت من الموت أربعة مرات
ثم توجهت إلى وكالة رامتان لأجراء مقابلة مع كلا من محمود البايض وزكريا أبو هربيد والجدير بالذكر أن المصور زكريا أبو هربيد هو مصور مجزرة هدى غالية التي فقدت عائلتها محمود البايض 27 سنة متزوج وأب لطفلين يؤكد لي أن مهنة الصحافة هي مهنة المتعة وفيها توصيل للحقائق للمجتمع العربي والغربي فيشير البايض أن المصورون عانوا الكثير في حياتهم الصحفية من أجل أيضا الحقيقة للجمهور وكشف فضائح الاحتلال فالبايض أصيب أربع مرات فالمرة الأولى في اغتيال خضر الحصري الذي استهدف بصاروخ أباتشي والمرة الثانية عند المدرسة الأمريكية حيث أصيب إصابة مباشرة في يديه وتمزق عصبه والمرة الثالثة في اجتياح جباليا وهو يصور طفل كان بجانب الدبابة ولم تأبه به الدبابة مؤكدا أن المرة الرابعة يوم اغتيال الشهيد الدكتور عبد العزيز الرنتيسي حيث أوضح البايض أن يده انكسرت وهي نفس اليد التي أصيب بها سابقا.
وأشار البايض أن المصورين أكثر الناس عرضة للخطر حيث أن كثير من الصحفيين قد أصيبوا واستشهدوا وتم إيقافهم من جانب الجيش الإسرائيلي عدة مرات وحوصروا أكثر من مرة مثل أحمد الخطيب الذي اعتقل من قبل الجيش الإسرائيلي.

وعن مواقف أثرت في نفسية محمود البايض مصور وكالة رامتان أكد البايض أنه يوم اجتياح بيت لاهيا وعندما وصلت الدبابات عند المدرسة الأمريكية هنا بدأ الجيش الإسرائيلي بالقصف العشوائي والمكثف على الكوادر ويضيف البايض على العلم أن الجيش الإسرائيلي كانوا يرونا ويعرفون أننا صحفيين من خلال الدروع المعاكسة المشار عليها بأننا صحافة حتى ضباط الاسعاف كانوا يلبسون أدرعهم ايضا الماكسة للطائرات ولكن من مجيب مؤكدا أنهم الجيش الإسرائيلي بدأ القصف من كل مكان في ذلك اليوم ولولا رحمة الله تعالى واستدلال أحد ضباط الاسعاف ورؤيته للصاروخ الذي نزل من الطائرة لكنا تمزقنا أشلاء ويضيف البايض أن المكان الذي تركناه كان ملئ بالشهداء والجرحى الذي قصفهم الصاروخ.
ويذكر البايض أنه أصيب مع زكريا أبو هربيد وكالة رامتان تابعت عملية سفرهما للخارج لإجراء عملية لكل منهما بـ 22 ألف دولار ومؤسسة حماية الصحفيين الدوليين دفعت الجزء المتبقي لهم.

أنا والموت أصحاب
أما زكريا أبو هربيد البالغ من العمر 38 عاما ومتزوج وأب لتسعة أبناء فيؤكد أنه يعشق التصوير ويعتبرها أقدس وأشرف مهنة ويضيف أن الكاميرا هي بمثابة أداة تعبير فهي سلاح يعبر بها المصور عن مشاعره وأبو هربيد يتفق مع البايض في كل شئ مما ذكره أما الموقف الذي لن ينساه أبو هربيد وهو تصويره لمجزرة بيت لاهيا الذي ذهبت هدى غالية الطفلة الفلسطينية التي فقدت جميع أفراد أسرتها.
حيث سرد أبو هربيد تفاصيل الحادثة حيث أنه في التاسع من شهر يوليو للعام 2006 كان يوم صعب ومرهق حيث كان تشييع جثمان الشهيد جمال أبو سمهدانة ومعظم الطواقم كانت في رفح مشيرا إلا أنه كان بالمكتب وسمع خبرا أن هناك مجموعة من المقاومين ممن يطلقون الصواريخ تم استهدافهم مؤكدا أنه تحرك لتصوير الحدث شرق بيت حانون الذي تم استعافهم مشيرا إلا أنه وأثناء عودته سمع انفجار ثاني فكان صوت السيارة التي اسعفت الشبان ممن أطلقوا الصواريخ في بيت لاهيا إلا أن القدر لم يسعفهم فتحولوا إلى جثث متفحمة وكانوا اخويين وابن عمهم من عائلة الزعانين وبعدها توجه إلى مستشفى العودة لتصوير باقي الحدث وسمع على منطقة السودانية فتحرك للمكان وكان مئات الناس قد خرجوا على الشط من هول الانفجارات مشيرا إلى أنه توجه بكاميرته لرصد أي شئ جديد وهنا ذهل عندما اصطدم بكومة من الجثث البشرية المقطعة وكانت حوالي سبع إلى ثماني أفراد مقطعين أشلاء وقال بصراحة :ما عرفت من وين أبدى أصور" وكانت طواقم الاسعاف موجودة ولكن ما لفت انتباهي وجود طفلة تصرخ تتبعت صراخها بالكاميرا وأضاف أبو هربيد لا أعرف لماذا كانت تبكي الطفلة لكني فوجئت بها ترمي بنفسها على الرمل وهي تصرخ "يابا .. يابا.." حينها توجهت بالكاميرات حتى صدمت بجثة الأب ملقاه على الأرض وهنا شعرت بالحزب والتعب الشديد مؤكدا لنا أبو هربيد أن هذا موقف لن أنساه ما حييت.
مجبرين على التصوير
وعن شعورهم كمصورين عند خروجهم لتصوير الأحداث الداخلية "الاقتتال الفلسطيني الفلسطيني" يؤكد سامر أبو دقة "أخرج مجبر لتصوير الأحداث الداخلية وأتمنى من الله أن يهدي الجميع فلكنا أخوة يجب أن نوجه رصاصنا اتجاه صدور الاحتلال فالمتقاتلين نهم أبناء الشعب الفلسطيني الواحد.
أو جمال أبو نحل فيضيف "أشارك سامر بالرأي فأنا مجبر أيضا لتصوير أخوة التراب ورفاق الزنازين وهم يتقاتلون وكصحفي يرفض جمال أبو نحل تلك الأحداث ويتمنى من الله أن تهدى نفوسهم فالجدير بالذكر أن جمال أبو نحل أصيب في أحداث الاقتتال بصورة مباشرة وقد تناقلت المحطات الفضائية تلك الحادثة.
أما إياد الزعيم فيوضح أنه لا يجب تصوير الأحداث بين الأخوة والرفاق حيث أكد الزعيم نحن كمصورين في قناة أبو ظبي كنا حريصيين على عدم التقاط الصور التي تؤجج الشارع الفلسطيني حيث أنهم يصورون بشكل عام ولا يسلطون الضوء على فصيل بحد ذاته.
أما محمد شناعة أشار ما يؤلمني حقا وينزع الفرحة من عينه هو رؤية الأخوة الفلسطينيين يتقاتلون ويطلقون النار على بعض حيث أشار هؤلاء المتقاتلين هم أبناء عمنا وأخوتنا وأصدقاء فلا يهون علينا رؤيتهم يصفون بعضهم البعض بدم بارد.
فيما محمود البايض و زكريا أبو هربيد أكدا أن وكالة رامتان قررت وبالإجماع عدم بث ونقل هذه الأحداث المؤسفة لأن هذا الاقتتال عار على الفلسطينيين الذي ضحوا بأنفسهم من أجل فلسطين.
هواجس تملئ قلوب أمهاتهم
وعن شعور أمهاتهم وزوجاتهم عند خروجهم لتصوير الأحداث يتفقون جميعا أنه شعور مريب ملئ بالهواجس كأي أم تخاف على أبناءها وتدعو لهم بالسلامة دائما ولا تطمئن إلا إذا عادوا إليها ويجمعون على رأي واحد هو شرف لنا أن نموت ونحن نغطي الأحداث فالشهداء وأمهاتهم ليسوا أفضل منا ولا من أمهاتنا.
رأيت الموت بأم عيني
والجدير بالذكر أن جمال ابو نحل مصور قناة MBC له قصة طريفة مع الموت حيث روى لنا بأنه وفي بداية انتفاضة الأقصى كان موجود بنتساريم وكان هناك اشتباك عنيف وقصف بكل اتجاه كما ذكر أبو نحل مضيفا ما كان مني إلا أن اختبئ حتى ينتهي القصف لأن إطلاق النار الكثيف كان يستهدفني بشكل مباشر ويضيف اختبأت بمكان للأمن الوطني "قولبة" وكان زميلي يصورني وعندما شعرت أن إطلاق النار توقف لثواني معدودة هربت من "القولبة" بأعجوبة متوجها إلى بيارة مجاورة لاختبأ من أعين القناصة وهنا قام الجيش الإسرائيلي بقصف مباشر للقولبة وتحويلها إلى ركام وبدأ بث هذا الكاسيت على الفضائيات من الساعة الثانية عشر ظهر وأنا لم أكن أعلم ما يجري ووصلت الأخبار إلى أهلي وزوجتي أصابهما انهيار عصبي وأعمى عليهما ونقلتا إلى المستشفى أما إخواني والجيران بدأو بتجهيز بيت العزاء لاعتقادهم إني استشهدت وغلبت الدهشة والفرح والمفاجأة عندما عدت إلى المنزل في الساعة الخامسة وأنا مازالت على قيد الحياة والجميع يقول إلي حمد الله علا السلامة وما كان مني إلا أن سألت عن سبب ترحيب الناس بهذا الشكل وأكدوا لي إخواني أنهم روأه على التلفزيون عندما اختبأت في القولبة وقام الجيش الإسرائيلي بقصفها وهنا حمدت الله أنني مازلت على قيد الحياة وأتنفس الصعداء.
فهاهم الجنود المجهولون روينا عن بعض منهم فأتحفونا بقصصهم المشوقة ومغامراتهم الشيقة.
سواتر وحواجز ورصاص وشظايا متطايرة ، دبابات تقذف حمم الموت .طائرات تقصف كل حي يتحرك, وجنود احتلال انتزعت إنسانيتهم من قلوبهم قبل إرسالهم لميدان القتل ، دمويون يحرقون الأخضر واليابس وحرب شرسة عنصرية يفتحونها على الفلسطينيين .. وبالمقابل رسل مهنة نبيلة يؤرخون الحدث الفلسطيني لا تثنيهم المخاطر عن أداء واجبهم ومهنتهم التي يقدسونها، فتراهم بخوذاتهم ودروعهم التي قلما يلبسونها متسلحين بكاميراتهم يخوضون أتون الأحداث تحت لهيب نيران المعارك من أجل توثيق وكشف جرائم الاحتلال وهمجيته حتى لو كانت على حساب أرواحهم.
إنهم المصورون الصحفيون الفلسطينيون أصحاب البصيرة الثاقبة الذين يضحون من أجل الحقيقية الفلسطينية " لكل واحد منهم قصة لكنهم جميعا مع زملائهم في الوطن يؤلفون الرواية الفلسطينية الصادقة، وينحتون في الذاكرة الإنسانية صورة فلسطين الكفاح والأمل بالانتصار
يروون لدنيا الوطن مخاطر الموت التي أحدقت بهم أثناء أدائهم لمهاراتهم المهنية يعبرون عن مشاعرهم الإنسانية ومشاعر زوجاتهم وأمهاتهم وأبناءهم فيما يكونوا في دائرة الأحداث الخطيرة.

سامر أبو دقة مصور قناة الجزيرة الفضائية (27 )عاما متزوج حاصل على دورة تدريبية في التصوير في العام 97 من شركة دينا للإنتاج في رام الله قال لدنيا الوطن :" كانت رغبتي وحلمي في التصوير منذ الطفولة بأن أكون مصورا.. كنت مدفوعا بشعور داخلي للحصول على عمل مميز.فوجدت ما أردت خلال هذه المهنة التي أعشقها, فانا أحب المغامرة والبحث عن المخاطر"
يقول أبو دقة :"إن المصور الصحفي يحمل روحه على كفه لأنه ذاهب إلى المجهول ويتوقع بأنه سيموت بأي لحظة.
يقاطعني سامر ليؤكد لي أنه لن يبخل بتقديم نفسه شهيدا فداءا للوطن وحبا فيه لتوصيل الحقيقة وكل الحقيقة إلى الجمهور.
ويميز أبو دقة بين عملية الوصول إلى أماكن الأحداث فقول :" ان الأمر مرتبط بنوع الحدث ومكانه فعند الذهاب لتغطية احتفال معين أو مهرجان فإن عملية التصوير والتغطية تكون سهلة في حين أن أحداث الاجتياح والاقتتال يتطلب تغطيتها جهد أكبر، مؤكدا
وبادرته بسؤالي حول خشيته من الموت عند الذهاب الى توصيل الاجتياجات والحوادث فأكد لي عند الذهاب لتغطية أي عملية اجتياح أو عدوان إسرائيلي في أي مكان في القطاع أو خارجه يجهز المصور نفسه للذهاب الى الموت مضيفا بأن أماكن الاجتياح هي ساحات حرب طاحن شرسة حيث أن المصورين يرتدون الشارات الصحفية ولكن لا من مجيب فإطلاق النار والقصف يستهدفهم بشكل مباشر.
نحن بشر ونخشى الموت
وعن خشيته من الموت أضاف أبو دقة نحن بشر ونخاف الموت ونخشاه لحظة وقوعه ولكن أروحانا ليست بأغلى من أرواح الشهداء الذين قدموا أنفسهم فداء للوطن وتضحية من أجل نصرة قضيتهم الفلسطينية وتحريرا لأرضهم.

صور تجرح الذاكرة
وعن المواقف التي مرت بحياة سامر أبو دقة أوضح لنا أن هناك العديد من المواقف المأساوية التي مرت بحياته وأثرت بنفسيته مشيرا بأنه لو ذكر المواقف التي تعرض لها لن يكفي هذا التقرير لرصدها.
ويستعرض أحد الأحداث المأساوية فيقول كنا نغطي أحد الجتياحات لبيت لاهيا حيث الدمار والقصف العشوائي من كل اتجاه وفوجئنا بالجيش الإسرائيلي يحاصرنا ويطلق النيران باتجاهنا وبشكل مباشر على الرغم من تعريفنا لأنفسنا بأننا صحافة ولكن لا حياة لمن تنادي وكأنك تؤذن في مالطة مؤكدة أنهم زادوا من وحشيتهم وبدأوا بإطلاق النيران علينا وعلى رجال المقاومة وهنا بدأنا نتشهد على أرواحنا لأننا تأكدنا بأننا لن نبرح هذا المكان إلا ونحن محمولين على الأكتاف ولكن هربنا بأعجوبة مضيفا أن الشيء الذي آثر في نفسيتي وأشعرني بالألم أننا عندما عدنا للمكان لتصوير شباب المقاومة وجدناهم شهداء وأشلاء.
وموقف آخر في حياة سامر أبو دقة أكد لي أنه أثناء تصوير أحد الاجتياحات لبلدة بيت حانون فوجئت بمنظر تقشعر له الأبدان ولن أنساه ما حييت حيث كانت مجموعة من الجنود الإسرائيليين تنكل بجثماني شهيدين من رجال الأمن الوطني.

جمعتني الصدفة بالكاميرا
ونواصل حديثنا مع جمال أبو نحل مصور قناة الـ mbc العربية والبالغ من العمر 35 عاما ولديه ثلاثة أبناء.
بدأت التصوير لنفسي وبشكل عشوائي
ويبدأ جمال بسرد قصته لدنيا الوطن بالقول أنه كان يملك كاميرا فيديو من نوع high8 وبشكل ارتجالي وعفوي بدأ يصور الأحداث الجارية على الأراضي الفلسطينية وذلك منذ عام 1987 في عهد الانتفاضة الأولى مؤكدا أنه كان يصور لنفسه فقط بدون أن ترى أي جهة صحفية ما التقطته كاميراته التي يحبها ويعتبرها صديقة، حيث أشار أبو نحل وأنه بالصدفة طلب مني صحفي عدد من المقاطع واللقطات فأعجب بتصويري واللقطات التي أخذتها ومن هنا بدأ مشواري مع التصوير كما ذكر لنا جمال ويتابع أبو نحل بعدها عملت كصحفي حر وغير تابع لأجي جهة حيث أصبحت أعمل بالقطعة، مضيفا بأنه في فترة عام 1987 كانت الأراضي الفلسطينية تعج بالمصورين الأجانب الذين توفر لهم السلطات الإسرائيلية الآمان حيث كانوا يصورون بالجانب الإسرائيلي دون أن يتعرض لهم الجيش الإسرائيلي بينما المصورين الفلسطينيين كانوا يتعرضون لشتى أنواع التعذيب والإهانة حيث كان يطلق علينا النار وبشكل مباشر ومستهدف من قبل الجيش الإسرائيلي، وذلك باعتبارنا دائما هدفا لهم بعد المقاومة فهم لا يريدون للحقيقة أن تظهر بحيث نعتبر كمصورين فلسطينيين مجرمين في نظرهم فنحن نكشف فضائحهم وانتهاكاتهم لحقوق الإنسان من ذبح ودمار وتشريد لأبناء الشعب الفلسطيني.
ويوضح أبو نحل أنه في تلك الفترة عمل على تقوية قدراته ومهارات بأخذ عدة دورات تصوير مع مؤسسات عدة مضيفا أنه بعد ذلك عمل كمدرس في إحدى لمؤسسات التي تعطي دورات تصويرية لبعض الطلبة والمهنيين لأنه في تلك الفترة كان قد احترف مهنة التصوير وأجادها.
ويؤكد أبو نحل أن العوائق والمصاحب التي يواجهها المصور أنه بصعوبة يصلون الى مكان الحدث حيث أشار لنا عن تجربته في تصوير أحداث الانتفاضة الاولى حيث قال كنا نلتقط الصورة خفية لأن الجيش الإسرائيلي لو اكتشف أمرهم لأطلق النار عليهم معللا ذلك أن جنود الاحتلال يريدون أن يفعلوا بالفلسطينيين ما يحلو لهم من قتل وتشريد ودمار دون أن يعكر صفوهم من أي مصور فلسطيني وذلك لإخفاء الحقيقة.
سبعة عشرا شهيدا
وعن سؤالنا له حول موقف أثر في نفسيته فكر أبو نحل قليلا وكأنه يرجع بذاكرته الى الوراء ليذكر الحدث بحذافيره وصمت قليلا وقال أنه في قصف سعد العرابيد من كتائب عز الدين القسام عند جامع الإمام الشافعي اصطحبت معي أحد أقربائي لمكان الحدث وفي هذا القصف شاركك كل من طائرات الأباتشي والأف 16 في العملية، مؤكدا أنه ضرب أو صاروخ على السيارة وأصاب ما بداخلها ولكنهم لم يستطيعوا الخروج من السيارة فبدأ الناس بالتجمع تجاه السيارة لحماية من بداخلها وهنا بدأت الطائرات بالقصف على التجمع تجاه لحماية من بداخلها وهنا بدأت الطائرات بالقصف على التجمع واستشهد سبعة عشر موطنا ومن شدة الانفجار وقعت على الأرض وكل الغبار وشظايا القصف تطايرت باتجاهي ولكن الأصعب هنا أنني لم أجد قريبي الذي اصطحبته معي وعندما استجمعت قواي من هول الموقف بدأت بالسؤال عن قريبي وكانت المفاجأة بأن أحد المصورين قال لي أنه رآه تمزق وتناثرت أعضاءه مع المجموعة التي قصفت فسقطت على الأرض من الذهول ولكني بعد ساعات تأكدت أنه بخير ولم يصب، "أصبت على أثر هذه الحادثة بشلل في رجلي دام أياما، ناهيك عن الزيارات المتكررة للطبيب النفسي جراء ما حدث معي في ذلك اليوم.
نقابة الصحفيين في سبات عميق
وعن سؤالي لأبو نحل حول دور نقابة الصحافيين حيث وصفها بأنها في سبات عميق مؤكدا أن معظم هيئتها مستقيلين وليس هناك عناصر فعالية في النقابة، مشيرا أنه لا يوجد صحفيين يطالبون بإعادة تشكيل النقابة ويوضح أبو نحل بأن المصورين قاموا بخطوة تدعم الشباب الجدد من المصورين وذلك بتشكيل جمعية للمصورين للاهتمام بهموم وأعباء المصور الفلسطيني، مؤكدا أن المصور يتعرض للقصف وإطلاق النيران عليه بشكل مباشر مثله مثل أي إنسان يكون في ساحة المعركة.

أعشق الكاميرا منذ صغري
وننتقل من قناة العربية الى وكالة رويترز لنلتقي بمحمد شناعة مصور وكالة رويترز البالغ من العمر 26 عاما ومتزوج وأب لطفل هو نور الدين قال منذ صغري وأنا أعشق الكاميرا فأنا أحب المخاطرة، وهوايتي في هذه الحياة هو متابعة الأخبار وملاحقتها حتى لو كانت بآخر العالم فأنا من عائلة تعشق الصحافة فعمي هو شمس يعمل منذ ثلاثة عشر عاما بهذه المهنة وقد شربني هذه المهنة وحببني فيها بالإضافة الى هوياتي، ويؤكد شناعة أن مهنة التصوير هي مهنة الصعاب والمخاطر كما يقول قبل ما تشيل كاميرا لازم يكون التصوير بدمك.
محمد شناعة يعمل منذ عام 1996 مع وكالة رويترز مشيرا أنه بدأ بتصوير الأحداث في العام 2000 مع بداية انتفاضة الأقصى وبدأت المخاطر منذ تلك اللحظة وعن الصعوبات والعوائق التي تواجه المصور أوضح لنا شناعة بأننا لا نصل الى مكان الحدث بسهولة كما تظنون فلا أحد يراعي أنك سحفي ويحترمك لأنك سوف تكشف الحقيقة فعلى سبيل المثال لا يحق لك أن تقطع الإشارة حتى لو كنت متوجه الى تصوير حدث مهم فالشرطي لا يسمح لك باجتياز الإشارة ناهيك عن بعض الأناس واتهاماتهم لك بأنك تصور المذابح التي يتعرضون لها بهدف الشهرة ولم الفلوس
ويؤكد شناعة أن المجتمع الغزي غير متعاون مع المصور أيضا يوضح لنا بأنه إذا صورت فصيل من فتح فإنك تعتبر في نظل الفصيل الآخر انقلابي بينما إذا صورت فصيل من حماس فتعتبر دموي في نظر الفصيل المقابل.
وعن العوائق والصعوبات التي تعيقنا من نقل الحدث من قبل السلطات الإسرائيلية هي كثيرة ومتنوعة فهم يتفننون في إعاقة جهودنا للوصول للحدث بسهولة متذرعين بجميع الحجج فعلى سبيل المثال تطلق النيران على السيارات التي نقودها والمكتوب عليها "صحافة" ، مؤكدا لا يأبه الجيش الإسرائيلي بأي قانون يحمي الصحفي فهو لا يرى المصور في السيارة بل يرى الفلسطيني المهدور دمه من جهته.
مواقف ومواقف ومواقف
ويوضح لنا شناعة عن بعض المواقف التي تعرض لها في حياته فقال انحجزت على حاجز أبو هولي 12 ساعة ولم يقدروا أنني صحفي وأظهرت لهم بطاقتي الصحفي ولم يأبهوا بها اتصلت بغزة ورام الله والقدس لتخليصي من هذه المعاناة ولكن لم يحرموني وبدأوا بتفتيشي بشكل مهين ومستفز وفجأة نظر الى اليمين لأرى مشهد دمرني نفسيا مجموعة من المواطنين أجبروا على خلع ملابسهم في البرد القارص مدفوعين الى الأرض بجانب دباباتهم ناهيك عن الرشاش مسلطا باتجاه رأسي لا أستطيع أن أتحرك وإلا قتلت فورا، ولكن الشيء الذي آلمني أني لم أستطيع نقل هذا المشهد المريع بكاميرتي الى العالم لأبين وحشية الاحتلال.
وعن موقف آخر يروي لنا شناعة كنا في بيت يعود لعائلة أبو ناموس في خانيونس مختبئين هناك لنقل الأحداث وأردت أن أنصب كاميرتي فزحفت زحفا باتجاه الشباك لأن الدبابة لا تبعد عنا فهي بجوار البيت ولا يفصل بيننا وبينها إلا الجدار مؤكدا بأنه بدأ القصف من كل مكان باتجاهنا فأصبت بكل أنحاء جسمي حتى اعتقدت أنني مت وشالوني شهيد، حتى أهل البيت أصيبوا جميعا بإصابات مختلفة فمنهم من فقد عينه ومنهم من فقد رجله وكل هذا أمام عيني.
وموقف آخر يؤكد شناعة كنت في اجتياح بيت حانون أصور الأحداث الدائرة هناك وفوجئت بالدبابة الإسرائيلية تواجه الجيب والجندي يصرخ علي أطلع لأطخك ناهيك عن الألفاظ الجارحة والبذيئة ويشير شناعة وما أصعب أن ترى أناسا كنت قد سلمت عليهم قبل عدة دقائق وقدموا لك الطعام والشراب في الاجتياح وتجرع بعد سويعات لتصورهم وهم أشلاء وهنا كانت نفسيتي كما أكد شناعة.
نرتدي الشارات ولا يأبهون بنا
ونترك الآن المجال لإياد الزعيم مصور قناة أبو ظبي والبالغ من والعمر 28 سنة متزوج منذ عام ونصف العام ليبدأ قصته بالقول بداياتي مع التصوير كانت كتدريب في وكالة رامتان في العام 1999 الى العام 2000 ثم الانتقال الى مركز غزة للإعلام كعمل ثابت واحترفت التصوير في هذه المؤسسة والجدير بالذكر أن إياد الزعيم شارك في تصوير عدة أفلام فلسطينية من خلال تدريبه في وكالة راماتان والأفلام هي "العكاز" وهو فيلم يعالج العنف ضد المراة وفيم آخر بعنوان "الظل" يعالج فضية الشعوذة.
صورني الله يخليك
وعن الصعوبات والعوائق التي واجهته في حياته الصحفية أكد لي أن الجيش الإسرائيلي لا يتوانى عن عرقلة طريقهم للوصول الى الحقيقة، مؤكدا أن أي اجتياح نذهب لنقل الأحداث نكون مستهدفين بشكل مباشر، مضيفا بأن جنود الجيش الإسرائيلي يصوبون رشاشاتهم باتجاهنا ولا يحترموننا كوننا صحفيون ونرتدي الدروع المشار عليها بأننا صحافة ومع ذلك يتعمدو إطلاق النار علينا ويذكر الزعيم أنا ما حصل للمصور حمزة العطار مصور وكالة راماتان الذي أطلق عليه النار وأصيب إصابة خطيرة ويرى الزعيم أن سياسة إسرائيل في استهدافهم كمصورين لن ترده شخصيا عن مواصلة المشوار الذي يعتبره نضالي، مؤكدا أن سياسة واحدة وهي قتل كل ما هو فلسطيني فهي لا تفرق بين مصور أو ضابط.
وعن موقف أثر في نفسي إياد الزعيم مصور قناة أبو ظبي قال كنا نصور منطقة المنطار في العام 2001 وكانت بداية الأحداث الساخنة وهناك تفاجأنا بدخول الدبابات الإسرائيلية وبتصويب النيران بكثافة باتجاهنا واتجاه رجال الأمن الوطني الذي كان خلفنا واستهدفونا مباشرة نحن ورجال الأمن الوطني، وما كان منا إلا أن أخذنا وضع انبطاح على الأرض لتفادي الرصاص العزيز ويضيف الزعيم هنا أدركنا أننا سوف نموت حتما فقرنا نستشهد حيث أننا حوصرنا لساعات طويلة ومن حلاوة الروح صرت انحت الاسفلت بأظافري لأخبئ رأسي يؤكد الزعيم الشئ الذي يخشاه دونما هو أن يطلق الرصاص علي وتصيبني في أحد أعضاء جسمي وتسبب لي عاهة مستديمة.
وسرد لنا الزعيم موقف آخر لن ينساه أبدا حيث أنه كان يصور في منطقة المنطار في العام 2001 ومن خلال تصويري كان هناك مجموع من الأطفال يطلقون الحجارة على الدبابات مضيفا أنه كان هناك طفل يلح على بأن أصوره لدرجة أنه ترجاني وهو يقول لي صورني ..صورني الله يخليك مؤكدا أنني ترجيته هو بأن يغادر المكان حتى لا يموت لأن المكان كان خطر جدا.
ويشير الزعيم وعند وصولنا إلى غزة طلب من أن أذهب لمستشفى الشفاء لأن إسرائيل قتلت ثلاث أطفال وهنا كانت المفاجأة عندما وجدت من بين الشهداء ذلك الطفل الذي ألح علي بتصويره وها أنا اليوم أصوره وبرغبتي لا برغبته وهذا الموقف لن أنساه.

نجوت من الموت أربعة مرات
ثم توجهت إلى وكالة رامتان لأجراء مقابلة مع كلا من محمود البايض وزكريا أبو هربيد والجدير بالذكر أن المصور زكريا أبو هربيد هو مصور مجزرة هدى غالية التي فقدت عائلتها محمود البايض 27 سنة متزوج وأب لطفلين يؤكد لي أن مهنة الصحافة هي مهنة المتعة وفيها توصيل للحقائق للمجتمع العربي والغربي فيشير البايض أن المصورون عانوا الكثير في حياتهم الصحفية من أجل أيضا الحقيقة للجمهور وكشف فضائح الاحتلال فالبايض أصيب أربع مرات فالمرة الأولى في اغتيال خضر الحصري الذي استهدف بصاروخ أباتشي والمرة الثانية عند المدرسة الأمريكية حيث أصيب إصابة مباشرة في يديه وتمزق عصبه والمرة الثالثة في اجتياح جباليا وهو يصور طفل كان بجانب الدبابة ولم تأبه به الدبابة مؤكدا أن المرة الرابعة يوم اغتيال الشهيد الدكتور عبد العزيز الرنتيسي حيث أوضح البايض أن يده انكسرت وهي نفس اليد التي أصيب بها سابقا.
وأشار البايض أن المصورين أكثر الناس عرضة للخطر حيث أن كثير من الصحفيين قد أصيبوا واستشهدوا وتم إيقافهم من جانب الجيش الإسرائيلي عدة مرات وحوصروا أكثر من مرة مثل أحمد الخطيب الذي اعتقل من قبل الجيش الإسرائيلي.

وعن مواقف أثرت في نفسية محمود البايض مصور وكالة رامتان أكد البايض أنه يوم اجتياح بيت لاهيا وعندما وصلت الدبابات عند المدرسة الأمريكية هنا بدأ الجيش الإسرائيلي بالقصف العشوائي والمكثف على الكوادر ويضيف البايض على العلم أن الجيش الإسرائيلي كانوا يرونا ويعرفون أننا صحفيين من خلال الدروع المعاكسة المشار عليها بأننا صحافة حتى ضباط الاسعاف كانوا يلبسون أدرعهم ايضا الماكسة للطائرات ولكن من مجيب مؤكدا أنهم الجيش الإسرائيلي بدأ القصف من كل مكان في ذلك اليوم ولولا رحمة الله تعالى واستدلال أحد ضباط الاسعاف ورؤيته للصاروخ الذي نزل من الطائرة لكنا تمزقنا أشلاء ويضيف البايض أن المكان الذي تركناه كان ملئ بالشهداء والجرحى الذي قصفهم الصاروخ.
ويذكر البايض أنه أصيب مع زكريا أبو هربيد وكالة رامتان تابعت عملية سفرهما للخارج لإجراء عملية لكل منهما بـ 22 ألف دولار ومؤسسة حماية الصحفيين الدوليين دفعت الجزء المتبقي لهم.

أنا والموت أصحاب
أما زكريا أبو هربيد البالغ من العمر 38 عاما ومتزوج وأب لتسعة أبناء فيؤكد أنه يعشق التصوير ويعتبرها أقدس وأشرف مهنة ويضيف أن الكاميرا هي بمثابة أداة تعبير فهي سلاح يعبر بها المصور عن مشاعره وأبو هربيد يتفق مع البايض في كل شئ مما ذكره أما الموقف الذي لن ينساه أبو هربيد وهو تصويره لمجزرة بيت لاهيا الذي ذهبت هدى غالية الطفلة الفلسطينية التي فقدت جميع أفراد أسرتها.
حيث سرد أبو هربيد تفاصيل الحادثة حيث أنه في التاسع من شهر يوليو للعام 2006 كان يوم صعب ومرهق حيث كان تشييع جثمان الشهيد جمال أبو سمهدانة ومعظم الطواقم كانت في رفح مشيرا إلا أنه كان بالمكتب وسمع خبرا أن هناك مجموعة من المقاومين ممن يطلقون الصواريخ تم استهدافهم مؤكدا أنه تحرك لتصوير الحدث شرق بيت حانون الذي تم استعافهم مشيرا إلا أنه وأثناء عودته سمع انفجار ثاني فكان صوت السيارة التي اسعفت الشبان ممن أطلقوا الصواريخ في بيت لاهيا إلا أن القدر لم يسعفهم فتحولوا إلى جثث متفحمة وكانوا اخويين وابن عمهم من عائلة الزعانين وبعدها توجه إلى مستشفى العودة لتصوير باقي الحدث وسمع على منطقة السودانية فتحرك للمكان وكان مئات الناس قد خرجوا على الشط من هول الانفجارات مشيرا إلى أنه توجه بكاميرته لرصد أي شئ جديد وهنا ذهل عندما اصطدم بكومة من الجثث البشرية المقطعة وكانت حوالي سبع إلى ثماني أفراد مقطعين أشلاء وقال بصراحة :ما عرفت من وين أبدى أصور" وكانت طواقم الاسعاف موجودة ولكن ما لفت انتباهي وجود طفلة تصرخ تتبعت صراخها بالكاميرا وأضاف أبو هربيد لا أعرف لماذا كانت تبكي الطفلة لكني فوجئت بها ترمي بنفسها على الرمل وهي تصرخ "يابا .. يابا.." حينها توجهت بالكاميرات حتى صدمت بجثة الأب ملقاه على الأرض وهنا شعرت بالحزب والتعب الشديد مؤكدا لنا أبو هربيد أن هذا موقف لن أنساه ما حييت.
مجبرين على التصوير
وعن شعورهم كمصورين عند خروجهم لتصوير الأحداث الداخلية "الاقتتال الفلسطيني الفلسطيني" يؤكد سامر أبو دقة "أخرج مجبر لتصوير الأحداث الداخلية وأتمنى من الله أن يهدي الجميع فلكنا أخوة يجب أن نوجه رصاصنا اتجاه صدور الاحتلال فالمتقاتلين نهم أبناء الشعب الفلسطيني الواحد.
أو جمال أبو نحل فيضيف "أشارك سامر بالرأي فأنا مجبر أيضا لتصوير أخوة التراب ورفاق الزنازين وهم يتقاتلون وكصحفي يرفض جمال أبو نحل تلك الأحداث ويتمنى من الله أن تهدى نفوسهم فالجدير بالذكر أن جمال أبو نحل أصيب في أحداث الاقتتال بصورة مباشرة وقد تناقلت المحطات الفضائية تلك الحادثة.
أما إياد الزعيم فيوضح أنه لا يجب تصوير الأحداث بين الأخوة والرفاق حيث أكد الزعيم نحن كمصورين في قناة أبو ظبي كنا حريصيين على عدم التقاط الصور التي تؤجج الشارع الفلسطيني حيث أنهم يصورون بشكل عام ولا يسلطون الضوء على فصيل بحد ذاته.
أما محمد شناعة أشار ما يؤلمني حقا وينزع الفرحة من عينه هو رؤية الأخوة الفلسطينيين يتقاتلون ويطلقون النار على بعض حيث أشار هؤلاء المتقاتلين هم أبناء عمنا وأخوتنا وأصدقاء فلا يهون علينا رؤيتهم يصفون بعضهم البعض بدم بارد.
فيما محمود البايض و زكريا أبو هربيد أكدا أن وكالة رامتان قررت وبالإجماع عدم بث ونقل هذه الأحداث المؤسفة لأن هذا الاقتتال عار على الفلسطينيين الذي ضحوا بأنفسهم من أجل فلسطين.
هواجس تملئ قلوب أمهاتهم
وعن شعور أمهاتهم وزوجاتهم عند خروجهم لتصوير الأحداث يتفقون جميعا أنه شعور مريب ملئ بالهواجس كأي أم تخاف على أبناءها وتدعو لهم بالسلامة دائما ولا تطمئن إلا إذا عادوا إليها ويجمعون على رأي واحد هو شرف لنا أن نموت ونحن نغطي الأحداث فالشهداء وأمهاتهم ليسوا أفضل منا ولا من أمهاتنا.
رأيت الموت بأم عيني
والجدير بالذكر أن جمال ابو نحل مصور قناة MBC له قصة طريفة مع الموت حيث روى لنا بأنه وفي بداية انتفاضة الأقصى كان موجود بنتساريم وكان هناك اشتباك عنيف وقصف بكل اتجاه كما ذكر أبو نحل مضيفا ما كان مني إلا أن اختبئ حتى ينتهي القصف لأن إطلاق النار الكثيف كان يستهدفني بشكل مباشر ويضيف اختبأت بمكان للأمن الوطني "قولبة" وكان زميلي يصورني وعندما شعرت أن إطلاق النار توقف لثواني معدودة هربت من "القولبة" بأعجوبة متوجها إلى بيارة مجاورة لاختبأ من أعين القناصة وهنا قام الجيش الإسرائيلي بقصف مباشر للقولبة وتحويلها إلى ركام وبدأ بث هذا الكاسيت على الفضائيات من الساعة الثانية عشر ظهر وأنا لم أكن أعلم ما يجري ووصلت الأخبار إلى أهلي وزوجتي أصابهما انهيار عصبي وأعمى عليهما ونقلتا إلى المستشفى أما إخواني والجيران بدأو بتجهيز بيت العزاء لاعتقادهم إني استشهدت وغلبت الدهشة والفرح والمفاجأة عندما عدت إلى المنزل في الساعة الخامسة وأنا مازالت على قيد الحياة والجميع يقول إلي حمد الله علا السلامة وما كان مني إلا أن سألت عن سبب ترحيب الناس بهذا الشكل وأكدوا لي إخواني أنهم روأه على التلفزيون عندما اختبأت في القولبة وقام الجيش الإسرائيلي بقصفها وهنا حمدت الله أنني مازلت على قيد الحياة وأتنفس الصعداء.
فهاهم الجنود المجهولون روينا عن بعض منهم فأتحفونا بقصصهم المشوقة ومغامراتهم الشيقة.
التعليقات