قصة الموساد بقلم:د . سمير محمود قديح

قصة الموساد

د . سمير محمود قديح

باحث في الشئون الامنية والاستراتيجية

يطلق اسم "الموساد" على جهاز الاستخبارات الخارجية الصهيوني، والاسم الرسمى الكامل للموساد هو "مؤسسة الاستخبارات والمهام الخاصة". وأدت سلسلة من الفضائح والعمليات الفاشلة، التى منى بها هذا الجهاز خلال السنوات الاخيرة، والتى كان آخرها، هزيمة العدوان الاسرائيلى الأخير على لبنان بسبب الفشل فى تقدير قوة حزب الله، وقضية الشكوك القوية حول وجود جاسوس صهيونى فى وزارة الدفاع الأميركية المرشحة للتفاعل هذه الأيام وقبلها قضية إلقاء القبض على عملاء لهذا الجهاز فى نيوزيلاندا وتقديمهم إلى المحاكمة بتهمة إنتهاك سيادة تلك الدولة وتفاعلاتها المستمرة حتى الآن، الى تسليط قدر كبير من الاضواء الصحافية والاعلامية على هذا الجهاز الذى حرصت الدولة العبرية منذ تأسيسه فى العام 1951، على اضفاء هالة من الغموض، وستار من السرية والتكتم الشديدين، على عمله وأنشطته التجسسية وعملياته الخاصة.

ولعله لم يكن من باب المصادفة ان يستهل الرئيس السابق للموساد، افرايم هليفي، مهام منصبه بعد يومين على صدور القرار الرسمى بتعيينه فى الرابع من مارس-اذار 1998، بنشر مقالة مذيلة بتوقيعه فى احدى الصحف العبرية الاوسع انتشارا فى الدولة العبرية، قيمت على انها محاولة من جانب "هليفي"، الذى امضى سنوات طويلة من الخدمة فى "الموساد"، لخطب ود الصهاينة ولاصلاح صورة الجهاز وسمعته التى اهتزت فى نظرهم بفعل سلسلة الفضائح والاخفاقات المتتالية التى تعرض لها، وأدت تداعيات اثنتين منها منى بهما الجهاز على التوالى عام 1996، بفشل فريق من عملائه فى تنفيذ محاولة اغتيال فى الاردن استهدفت رئيس المكتب السياسى لحركة المقاومة الاسلامية "حماس" خالد مشعل، -فى ايلول-سبتمبر 1996-، واخفاق فريق آخر من عملاء الجهاز فى تنفيذ عملية تجسس فى سويسرا -فى فبراير-شباط 1997-، الى الاطاحة برؤوس عدد من كبار قادة ومسؤولى "الموساد" بينهم رئيسه الجنرال دانى ياتوم، الذى اضطر مرغما الى تقديم استقالته من منصبه، ورئيس قسم العمليات فى الجهاز الذى استقال طوعا -قبل ياتوم- بعد فترة قصيرة من تكشف فضيحة فشل محاولة اغتيال مشعل، فضلا عما تسببت به فضيحتا الفشل من ضرر واساءة كبيرين لسمعة اسرائيل وموقفها عربيا ودوليا وعلى الاخص علاقاتها مع الاردن.

تأسس "الموساد" فى العام 1951 بقرار صدر عن اول رئيس وزراء للدولة العبرية، ديفيد بن غوريون، ليكون بمثابة ذراع استخبارات خارجية رئيسة ضمن اجهزة الاستخبارات السرية المتعددة التى عملت فى ذلك الوقت فى خدمة الحركة الصهيونية ودولتها الوليدة التى لم يكن قد مضى على اعلان قيامها فى الجزء الاكبر من حدود فلسطين التاريخية سوى ثلاث سنوات.

وقد تشكل "على انقاض الدائرة السياسية" التى عملت فى نطاق وزارة الخارجية الصهيونية فى حينه ، وكانت مهمتها الرئيسية جمع المعلومات خارج اسرائيل.. وقد عمل "الموساد" فى البداية تحت تسميات مختلفة ، منها "المركز الرئيسى للتنسيق"، ثم "المؤسسة الرئيسية للاستخبارات والامن" وانتهى لاحقا بظهوره باسمه الرسمى الحالى "مؤسسة الاستخبارات والمهمات الخاصة".. ويعتبر الاول من نيسان عام 1951، من ناحية رسمية ، يوم تأسيس "الموساد"، حيث قام رئيس وزراء الدولة العبرية "بن غوريون" بتعيين مستشاره ومساعده الخاص للشؤون الخارجية "روبين شيلوح"، واسمه الحقيقى "روبين زاسلانسكي"، ليكون اول مدير -رئيس- لجهاز "الموساد".

ولما كان "شيلوح" من بين الناشطين الصهيونيين الذين اوكلوا بتأدية مهام سرية وتجسسية منذ الثلاثينيات، بما فى ذلك فى دول عربية، وأحد الذين عهدت اليهم المنظمة العسكرية المركزية فى الحركة - الصهيونية -الهاغناه- فى اواسط الثلاثينيات بمهمة اقامة "دائرة مخابرات محترفة لحماية المصالح البعيدة المدى للييشوف اليهودي" فى فلسطين، لتظهر بعد ذلك بفترة وجيزة اول مؤسسة استخبارات فى الحركة الصهيونية عرفت فى حينه باسم "شاي" ، وهو الاسم المختصر لـ "خدمة المعلومات"، فقد كلف "بن غوريون" مساعده المقرب "شيلوح" باعادة تنظيم وهيكلة جهاز الاستخبارات الخارجية "الموساد" على اسس جديدة، تضع حدا لحالة الفوضى والتخبط التى سادت العمل الاستخبارى الصهيونى الخارجى ابان تلك الفترة، فقام "شيلوح" بحل الدائرة السياسية الخارجية، وباعادة تنظيم العمل الاسخبارى الخارجي، فى اطار الجهاز الجديد -الموساد- الذى اصبح منذ ذلك الحين يخضع مباشرة لمسؤولية رئيس الوزراء، ملغيا بذلك النمط السابق للتجسس الخارجى الذى كان يخضع لمسؤولية وزير الخارجية، وفق نموذج المخابرات السرية فى بريطانيا -ام - اى - 6- ليحل بدلا من ذلك نموذج وكالة المخابرات المركزية الاميركية -السى - اي- ايه- التى تتبع مباشرة إلى المكتب البيضاوى - مكتب الرئيس الاميركي.

وبخلاف الـ "سى - اى - ايه" لم تكن لدى "الموساد" خلال الفترة الاولى من عمله شعبة عمليات، حيث اقتصرت مهامه على انشطة التجسس وجمع المعلومات، لكن رؤساءه عملوا مع ذلك ضمن لجنة مشتركة مع قادة شعبة الاستخبارات العسكرية فى الجيش الصهيونى -"امان"- اشرفت خلال سنوات الخمسينيات والستينيات على تنفيذ عمليات ومهمات خاصة خلف خطوط المواجهة مع دول الطوق العربية عن طريق وحدات عسكرية سرية اقامها الجيش الصهيوني.

وقد ظلت نشاطات "الموساد" الذى شهد منذ ذلك الحين العديد من التغييرات والاضافات الوظيفية والبنيوية الداخلية، تخضع من حيث المبدأ للرقابة العسكرية فى الدولة العبرية التى كانت تفرض بقاء اسم رئيس الجهاز سريا حتى العام 1996، حيث كشفت للمرة الاولى عن اسم رئيس "الموساد" الجنرال دانى ياتوم عقب تعيينه فى اذار من العام المذكور فى المنصب الذى اضطر للاستقاله منه بعد مرور اقل من سنتين على توليه لرئاسة الجهاز.

وفيما يتعلق بمهمة جمع المعلومات، فان الطريقة التى تميز العمل التجسسى للموساد، وفقا لما ذكره يوسى ميلمان فى تقريره المنشور فى صحيفة "هآرتس" فى 26 شباط 1998، تستند الى العنصر البشرى - العملاء- وهى طريقة تدعى باللغة المهنية "هيومانت"، وتعنى الاستخبارات الانسانية. ويقوم "الموساد" بموجب هذه الطريقة بزرع عملاء -جواسيس- صهاينة يحصلون على هوية جديدة فى دولة او تنظيم يتحولان الى مصدر مباشر لجمع المعلومات. وبحسب ما يذكره فيكتور اوستروفسكى عميل "الموساد" السابق فى كتابة "عن طريق الخداع"، فان استخدام هؤلاء العملاء يتم بواسطة وحدة ميدانية فى -الموساد- يطلق عليها اسم "متسادا".. ويقول "ميلمان" ان 90 فى المائة من جهود وطاقات جهاز "الموساد" توجه نحو مهمة "جمع المعلومات"، وان جزءا ضئيلا من انشطته وفعالياته يكرس لتنفيذ "عمليات خاصة" او حسب وصف ميلمان "عمليات عنيفة وصاخبة" فى اشارة لمسلسل طويل من اعمال الاغتيالات والتصفيات الجسدية التى وقف "الموساد" مباشرة او اشترك مع اجهزة وفرق استخبارية وعسكرية اخرى فى تنفيذها، وعلى الاخص منذ مطلع السبعينيات ، دون ان تعترف الدولة العبرية او تنسب لهذا الجهاز التجسسى المسؤولية عنها، تمشيا مع قواعد السرية شبه المطلقة التى احيط بها عمل "الموساد" منذ تأسيسه وحتى الان، ضمن نسق ونهج ينسجمان مع تقاليد الدولة العبرية فى "تمجيد الاغتيالات السرية" وسعيها الدؤوب إلى ابقاء جهازها الاستخبارى الخارجى محاطا بهالة من الغموض تضفى عليه هيبة و"جبروت الذراع الخفية" القادرة على التسلل والوصول الى كل مكان فى العالم.

ويتحدث افى دغان، الذى قدمته صحيفة "يديعوت احرونوت" فى مقابلة اجرتها معه ونشرتها فى عددها الصادر بتاريخ 21/4/8991 على انه مسؤول كبير سابق فى "الموساد" تحول لاحقا الى "العمل الخاص والحياة المدنية" بعد ثلاثين عاما امضاها فى العمل السري، عن تجربته فى مجال تجنيد العملاء.. يقول "دغان"، الذى ترأس بين السنوات 1990- 1997 القسم الاكثر اهمية فى الموساد، قسم جمع المعلومات: ".. ليست هناك اداة لجمع المعلومات افضل من تشغيل العملاء... صحيح ان التنصت والكاميرات الخفية هامة الا ان المعلومات التى يحملها العميل هى التى تساعد على فهم المعطيات وتحليلها..".

وبالعودة الى مرجعيات تبلور مهام ووظائف "الموساد"، كما تسردها المصادر الصهيونية، يتضح ان الجهاز اضطلع منذ تأسيسه، الى جانب مهمته الاساسية فى جمع المعلومات فى الخارج بوظيفة ودور هامين فى تنظيم حملات تهجير لليهود من الدول العربية، ومن بين الحملات الشهيرة التى اشرف "الموساد" على تنظيمها كعمليات احيطت بالسرية، احيانا من خلال عقد "صفقات" وتقديم رشاوى واحيانا اخرى تحت طائلة ممارسة الابتزاز والتخويف والترهيب، تهجير القسم الاكبر من يهود المغرب واليمن والعراق فى الخمسينيات، وتهجير اليهود -الفلاشا- من اثيوبيا اواسط الثمانينيات، وقد تمت هذه العمليات والحملات بواسطة وحدة خاصة فى " الموساد" يطلق عليها اسم "بتسور".

وبحكم الطابع السرى الذى اتسمت به غالبا ولا تزال دبلوماسية الدولة العبرية وسياستها الخارجية، كنتاج بديهى منبثق عن طبيعة تكوينها ونشوئها، فقد كان من الطبيعى ان يضطلع جهازها التجسسى "الموساد" بمسؤوليات ووظائف هامة فى نسج وارساء علاقات وصلات الدولة العبرية الخارجية، وحتى فى مجال عقد اتفاقيات وصفقات عسكرية وتجارية واقتصادية واحيانا سياسية، لحسابها مع دول وجهات مختلفة فى انحاء العالم.

وقد اقام "الموساد" لهذا الغرض، فى وقت لاحق، قسما رئيسيا خاصا ضمن صفوفه ليكون مكلفا ومسؤولا عن ملف العلاقات الخارجية.. ولا يزال هذا القسم الذى يطلق عليه اسم "تيفيل" يدير الى الان عشرات الممثليات والمحطات الثابتة والمتنقلة فى العديد من دول العالم، يعمل بعضها بصفة رسمية وبعضها الاخر الى جانب سفارات الكيان الصهيونى او تحت غطاء بعثاتها الدبلوماسية والتجارية والاقتصادية وغيرها .. وكثيرا ما تسببت النشاطات الموازية لممثليات ومراكز هذا القسم فى "الموساد" باحتكاكات واحتجاجات، طفت على السطح احيانا، مع وزارة الخارجية الصهيونية وبعثاتها الدبلوماسية فى الخارج، التى رأت فى نشاطات "الموساد" هذه ليس فقط مصدر منافسة لوظيفتها بل تجاوزا وتهميشا لصلاحياتها ودورها كممثل وناطق رسمى للدولة العبرية فى الخارج.

وبحسب ما يسرده كتاب "امراء الموساد" فقد تحول "قسم الاتصال والعمل السياسي" فى الموساد منذ العام 1963 الى ما يشبه "وزارة خارجية سرية ثانية، كانت تتفوق فى بعض الاحيان على الوزارة الاصلية".

ومهمة هذا القسم تتمثل فى اختراق المؤسسات والدوائر التجارية والصناعية والمعلوماتية، خاصة الامنية والعسكرية، وغيرها من المؤسسات والاجهزة الحساسة فى الدول المستهدفة عن طريق ارسال مستشارين او دس "عملاء محليين" يتمتعون بمراكز نفوذ وتأثير، ليس بهدف جمع المعلومات عن برامج وخطط وتوجهات هذه الدول فقط، بل ولممارسة التأثير على سياسات حكوماتها بقصد توجيهها فى اتجاهات معينة بما يخدم مصالح واهداف اسرائيل والحركة الصهيونية .

وعموما، وبحسب مصادر مختلفة، فان جهاز "الموساد"، الذى شهد فى عهد رئيسه الثالث الجنرال مائير عميت -1963- 1968- اوسع اصلاحات وتغييرات فى بنيته وهيكله التنظيمى اصبح، ولا يزال تقريبا، يتكون من مجموعة اقسام ودوائر رئيسية تتبعها شعب ووحدات ومحطات ميدانية وفرعية، تعرف وفق التسميات التالية:

- قسم جمع المعلومات، ويدعى "تسومت" -مفترق- وهو منظم على اساس اقليمى ووظيفى تخصصي، تتبع له وحدة ميدانية رئيسية تسمى "متسادا"-حصن، قلعة- تنظم وتضم فى صفوفها الجواسيس الصهاينة -اليهود-

- قسم العمليات، ويعد من الاقسام الرئيسية الاهم فى "الموساد"، وتتبع له دائرة للتخطيط العملياتى والتنسيق، كما تخضع لمسؤوليته المباشرة وحدات وفرق التنفيذ الميدانية المتخصصة فى عمليات التجسس المعقدة والاغتيالات والتصفيات الجسدية وعمليات "الاختطاف" وما شابه..

- قسم الاتصال - الارتباط- والعمل السياسي، ويطلق عليه اسم "تيفيل" وتعنى فى تعريبها -المعمورة- او -الكون-.. وهو قسم واسع وكبير مكلف بمسؤولية العلاقات الخارجية بما يشمل اقامة وادارة روابط وعلاقات التنسيق والتعاون مع اجهزة الاستخبارات والتجسس فى دول العالم وتنظيم الاتصالات مع الجاليات والاقليات اليهودية فى "الدول المعادية"، كما ومن مهمة هذا القسم المنظم اقليميا ووظيفيا على اساس تخصصى مساعدة حكومات الدولة العبرية عن طريق ممثلياته ومحطاته العلنية والسرية الخارجية، فى اقامة وعقد الاتفاقات والروابط السياسية والدبلوماسية والامنية وغيرها مع جهات وحكومات فى دول اخري.

- قسم الادارة والتنظيم: ويعنى بشؤون العمل والتنظيم الداخلى للموساد ..

وتعمل الى جانب هذه الاقسام الرئيسية، مجموعة دوائر مساعدة، متخصصة فى مجالات البحث والتخطيط والعمليات الفنية والتكنولوجيا والتدريب والتنظيم، اضافة الى شعب ووحدات ميدانية تنفيذية.. وبحسب ما يذكره الصحافى يوسى ميلمان، فى تقريره المنشور فى صحيفة "هآرتس" فى 62/2/8991، فان جهاز "الموساد"، وفى اطار تكليفه بمسؤولية "تنظيم هجرة اليهود الذين يمرون فى ظروف صعبة ويقعون تحت تهديد انظمة معادية، وكذلك المساعدة فى الدفاع عنهم اذا ما دعت حاجة لذلك"، قام بتشكيل وحدة ميدانية هامة لهذا الغرض تعمل تحت اسم "بتسور" وتعنى -تحصين-.

وتشرف على قيادة عمل "الموساد" وانشطته هيئة قيادية عليا تضم رؤساء الاقسام وقادة الدوائر والوحدات الكبيرة، وتعمل هذه الهيئة التى يكون اعضاؤها عادة من ذوى الالمام العالى والخبرة والتجربة الشخصية فى مجال العمل الاستخبارى والتجسسى الميداني، كـ "هيئة اركان الموساد" وتعادل رتب اعضائها الرتب العسكرية لاعضاء هيئة الاركان العامة للجيش الصهيونى - جنرال وميجر جنرال -عميد-. يقول مراقبون ان "الموساد" برهن بلا شك، خلال سنوات عمله الطويلة، على قسوته وفاعليته كجهاز للتجسس والعمليات الخاصة.. وبالرغم عن حرص الدولة العبرية الشديد على ابقاء هالة الغموض والسرية المتناهية حول "الموساد" ونشاطاته، الا ان الصهاينة عموما، والمطلعون منهم على وجه الخصوص، ما زالوا يذكرون بقدر كبير من التفاخر والاعجاب مسلسل عمليات الاغتيال والتصفيات الجسدية "الناجحة" وغيرها من العمليات المنسوبة للموساد فيما مضي، حتى فى اثناء انشغال كبار مسؤوليهم فى مراجعة

وتفحص الاسباب والاخطاء التى ادت الى فشل عملية ما، نفذها "الموساد" وعملاؤه فى بلد او مكان ما فى الخارج، كما حدث بعد محاولة الاغتيال الفاشلة لخالد مشعل فى الاردن، فى ايلول 1997 وعملية "التجسس" الفاشلة فى سويسرا فى شباط 1998.

ومن الملاحظ واللافت للنظر ان "الموساد"، الذى يخضع النشر عن نشاطاته وعملياته لرقابة عسكرية مشددة فى الدولة العبرية، ينشط دوما لا سيما بعد كل فضيحة او فشل ذريع يرتبط اسمه بهما، فى تسريب معلومات وتقارير الى وسائل الاعلام، احيانا بواسطة صحافيين صهاينة واجانب "مقربين"، واحيانا اخرى عن طريق عملاء ومسؤولين "سابقين" فى الجهاز، وتتسم هذه التقارير والمعلومات المسربة غالبا بطابع "التمجيد بمآثر ونجاحات" سابقة تنسب للموساد، و"الدفاع عنه" فى غمرة فضيحة او فشل يمنى بهما.

بعد استقالة دانى ياتوم من رئاسة "الموساد" -فى اواخر شهر شباط 1998-، نشرت الصحف العبرية اليومية عشرات التقارير والمقالات التى تميز الكثير منها بهذا الطابع.

وعلى رغم ما يبديه "الموساد" والقائمون عليه من حرص شديد حتى الان على فرض قاعدتى "السرية والتنصل" حول نشاطات وعمليات الجهاز، كما شدد على ذلك رئيسه الاسبق افرايم هليفي، الذى اشار الى ان "الحالتين" -الفشلين فى الاردن وسويسرا- اللتين اعترف "الموساد" بمسؤوليته عنهما "شاذتين عن القاعدة"، الا ان التسريبات، التى تمت بقصد او دون قصد، سمحت بتكوين اطلالة معينة على سجل "النجاح والفشل" للعمليات التى نفذها "الموساد" او نسب له الوقوف وراء تنفيذها.

ومن أبرز العمليات "الناجحة" التى ارتبط تنفيذها باسم "الموساد"، والتى تذكرها بشكل خاص مصادر وتقارير صهيونية:

- الإشراف منذ اوائل الخمسينيات على تنظيم سلسلة حملات تهجير سرية للقسم الاكبر من الجاليات اليهودية التى كانت تقيم فى الدول العربية، وخاصة يهود العراق و المغرب واليمن، وكان آخر هذه الحملات السرية تهجير اليهود الاثيوبيين -الفلاشا- فى منتصف الثمانينيات، والتى اطلق عليها اسم "عملية موسي"، حيث تم نقل بضعة الاف من اليهود الفلاشا الى اسرائيل عبر رحلات جوية اقلعت من مطار الخرطوم -عاصمة السودان- بموجب صفقة "رشوة" عقدها "الموساد" مع الرئيس السودانى فى حينه جعفر النميري، الذى اطيح به من الحكم بعد تكشف تواطئه فى تسهيل هجرة اليهود الاثيوبيين.

- ينسب الصهاينة لجواسيس "الموساد"، كانجاز هام، الحصول على الخطاب السرى الذى القاه الزعيم السوفياتى نيكيتا خروتشوف، امام المؤتمر العام للحزب الشيوعى الحاكم، فى موسكو فى شباط 1956، حيث قام "الموساد" بتسليم "النص الكامل" للخطاب السري، الذى شجب فيه خروتشوف "جرائم" سلفه ستالين، لوكالة المخابرات المركزية الاميركية الـ "سى اى ايه"، فى نطاق اتفاقية التعاون الموقعة بين الجهازين، الصهيونى والاميركي، وقد وصف رئيس "الموساد" فى حينه ايسار هارئيل، هذه "الخدمة" فى مذكراته بقوله "لقد قدمنا لنظرائنا الاميركيين وثيقة تعتبر من اهم الانجازات فى تاريخ الاستخبارات ..".

- اختطاف المسؤول النازى السابق ادولف ايخمان من الارجنتين عام 1960 ونقله الى اسرائيل حيث تمت محاكمته واعدامه.

- اغواء طيار فى الجيش العراقى واقناعه بالهرب بطائرته الحربية "ميغ 21" الى الدولة العبرية عام 1966.

- زرع الجاسوس ايلى كوهين فى سورية، حيث قام بامداد "الموساد" بمعلومات من دمشق التى يقال انه تمكن من التسلل، بعد وصوله اليها كـ "ارجنتيني" عام 1962، الى مراكز نفوذ قريبة من الحكم، الى ان ضبطته المخابرات السورية متلبسا بالتجسس لحساب الدولة العبرية العام 1965 حيث حوكم واعدم شنقا.

- اغتيال عدد من قادة اعضاء تنظيم "ايلول الاسود" الفلسطينى الذى نفذ عام 1972 عملية "ميونيخ" فى المانيا والتى قتل خلالها -11- لاعبا صهيونياً كانوا يشاركون فى دورة الالعاب الاولمبية التى اقيمت هناك .. وقد قام فريق اغتيالات تابع "للموساد" شكل بقرار وايعاز من رئيسة وزراء الدولة العبرية فى حينه، غولدا مائير، بقتل -12- فلسطينيا خلال عامى 72- 73، بدعوى علاقتهم بقتل الرياضيين الصهاينة، وكانت العديد من العواصم الاوروبية، كروما وباريس ونيقوسيا، مسرحا لمسلسل اغتيالات "الموساد" هذا.

- ينسب للموساد القيام بدور مساعد عن طريق جواسيسه وعملائه فى لبنان فى عملية اغتيال القادة الفلسطينيين الثلاثة كمال عدوان، محمود النجار، وكمال ناصر، فى بيروت فى نيسان 1973، وهى عملية نفذها فريق كوماندوز خاص من الجيش الصهيونى كان من قادته ايهود باراك. كما ينسب للموساد المساعدة والمشاركة بدور هام، بما فى ذلك عن طريق جواسيس عملوا لحسابه فى تونس، فى عملية اغتيال القائد الفلسطينى البارز خليل الوزير- ابو جهاد- فى منزله بضواحى العاصمة التونسية فى 16 ابريل-نيسان 1988.

- يسجل للموساد "كانجاز" استدراج التقنى النووى الصهيونى مردخاى فعنونو من لندن الى روما ثم خطفه واحضاره الى الدولة العبرية عام 1986، حيث حكم عليه بالسجن بتهمة التجسس وافشاء اسرار الدولة العبرية الذرية ومفاعلها النووى فى ديمونا الذى كان فعنونو يعمل مهندسا فيه. وقد اطلق سراح فعنونو مؤخرا -فى ايار 2004- بعد ان امضى محكوميته .

- نجاح "الموساد" فى اغتيال زعيم حركة الجهاد الاسلامى الفلسطينية، د. فتحى الشقاقي، فى تشرين الاول عام 1996 فى مالطا.

وتقول مصادر صهيونية وغربية ان هناك عددًا آخر من العمليات الناجحة التى نفذها "الموساد" ولم تكشف الدولة العبرية عنها لدواع امنية.

يخضع "الموساد" منذ تأسيسه فى العام 1951 لمسؤولية رئيس الوزراء الصهيونى المباشرة، وهو الذى يقرر فى مسألة تعيين رئيس الجهاز، كما يصادق على عملياته وخططه الهامة.. وقد ابقت الدولة العبرية اسماء رؤساء الجهاز سرية يحظر نشرها لغاية العام 1996، حيث سمح للمرة الاولى باشهار واعلان اسمى رئيسى الجهازين الاستخباريين السريين، الاستخبارات الخارجية -الموساد- والمخابرات الداخلية -الشين بيت- ضمن تقليد جديد صادق عليه الكنيست -البرلمان- الصهيوني. فترة الولاية القانونية المحددة لمنصب رئيس "الموساد"، مدتها خمس سنوات لكن عددا من الذين تولوا المنصب، وهم غالبا اما "جواسيس محترفين" عملوا فى خدمة الدولة العبرية واجهزتها الاستخبارية سنوات طويلة او جنرالات عسكريين لامعين استقدموا مباشرة من الخدمة فى الجيش الصهيونى لرئاسة الجهاز، اشغلوه فى عدد من الحالات لفترات اطول، واحيانا اضطروا للاستقالة قبل انتهاء فترة ولايتهم المحددة، بسبب فضائح او اخفاقات منى بها "الموساد" تحت رئاستهم.. وتشمل قائمة الذين اشغلوا رئاسة "الموساد" منذ تأسيسه الاسماء التالية:

- روبين شيلوح. عين فى نيسان 1951 كأول رئيس للموساد، لكنه امضى اقل فترة فى المنصب اذ اضطر لتقديم استقالته فى سبتمبر-ايلول 1952.

- ايسار هارئيل. وامضى اطول فترة فى رئاسة الجهاز -12 عاما- من عام 1952 وحتى عام 1963، ويقال انه اضطر للاستقالة اثر فضيحة اعتقال جاسوسين للموساد فى سويسرا، فى ذلك الوقت.. و"هارئيل" من مواليد روسيا عام 1912.

- الجنرال مائير عميت من 1963 وحتى 1968. ويعتبر اول من يعين لمنصب رفيع فى الموساد من خارجه.. حيث استقدم مباشرة من رئاسة شعبة الاستخبارات العسكرية فى الجيش الصهيونى -أمان- وقد جمع لفترة من الوقت بين رئاسته للجهازين الاستخباريين فى آن واحد..

- الجنرال تسفى زامير -من مواليد بولندا عام 1925- عين كرئيس للموساد عام 1968 وتقاعد من الخدمة عام 1974.

- الجنرال اسحق حوفى -من مواليد عام 1927- عينه زميله فى قوات " البلماح" ولاحقا فى الجيش الصهيوني، رئيس الوزراء فى حينه اسحق رابين، وقد اشغل "حوفي" قبل تعيينه فى رئاسة "الموساد" منصب قائد المنطقة العسكرية الشمالية خلال حرب 73، ويقال ان "حوفي" كان من بين القلائل الذين نبهوا سلفا من حرب اكتوبر التى فوجئت بها اسرائيل وانه لعب خلال فترة رئاسته للموساد التى امتدت لغاية عام 1982، دورا هاما فى الاتصالات السرية التى مهدت لزيارة الرئيس السادات للدولة العبرية عام 1977.

- ناحوم ادمونى -من مواليد عام 1929- وكان نائبا لرئيس "الموساد" قبل تعيينه لرئاسة الجهاز عام 1982، وتقاعد من الخدمة عام 1989.

شبتاى شبيط اشغل رئاسة الموساد بين سنوات 1990 و 1996.

- الجنرال دانى ياتوم، عينه شمعون بيريس رئيسا للموساد فى مارس- اذار 1996 واضطر الى تقديم استقالته فى فبراير-شباط 1998 بسبب تداعيات فضيحتى الفشل فى الاردن وسويسرا.. وكما هو معروف فقد عين رئيس الوزراء الصهيونى بنيامين نتياهو، افرايم هليفي، نائب رئيس "الموساد" السابق، خلفا لدانى ياتوم فى رئاسة الجهاز وذلك لفترة انتقالية، عول عليه خلالها اعادة تنظيم واجراء اصلاحات فى صفوف وهيكلية "الموساد" التى اصابها الكثير من الترهل والوهن مع مرور الزمن.

- الجنرال مئير دغان، الرئيس الحالى للموساد، عينه أريئيل شارون بعد وصوله إلى كرسى رئيس الوزراء فى 2001. وقد أشغل فى السابق عدة مناصب فى الجيش. كما أشغل منصب مستشار رئيس الوزراء "لمكافحة الإرهاب". ويرتبط اسم "الموساد" ايضا بسلسلة طويلة من الاخفاقات والعمليات الفاشلة التى هزت صورة الجهاز وتسببت مرارا بحرج بالغ للدولة العبرية واحيانا الحقت ضررا بعلاقاتها على المستوى الدولي.. ولدى حديثها عن مسلسل الفشل فى تاريخ "الموساد"، تذكر المصادر الصهاينة ابرز ما فى قائمته على النحو التالي:

- فى يوليو- تموز عام 1973 اغتال عملاء "الموساد" خطأ فى منتجع "ليليهامر" الشتوى فى النرويج نادلا مغربيا، اعتقدوا انه المسؤول الفلسطينى -ابو حسن سلامة- عن منظمة ايلول الاسود.. وقد اعتقلت السلطات النرويجية اثر الحادث عددا من الصهاينة وحكم بالسجن على ثلاثة منهم ادينوا بالاشتراك فى العملية الفاشلة.

- ادت معلومات خاطئة قدمها "الموساد" الى قيام طائرة حربية صهيونية فى أغسطس-آب عام 1973 باعتراض طائرة ركاب مدنية ليبية واجبارها على الهبوط فى الدولة العبرية ظنا ان زعيم الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، د. جورج حبش، موجود على متنها، فتبين انه لا يوجد بين ركابها اى مسؤول فى المقاومة الفلسطينية، ما سبب حرجا بالغا فى حينه للدولة العبرية و"الموساد".

- يتهم "الموساد" بانه ساهم فى جر واقحام الدولة العبرية فى المستنقع اللبنانى -عام 1982- بتقديمه معلومات واحكام خاطئة ومضللة عن الوضع هناك، وخاصة ما يتعلق بقدرات حلفاء الدولة العبرية فى "المليشيات المسيحية المارونية" فى لبنان.

- فى ابريل-نيسان عام 1991 القى شرطى قبرصى القبض بمفرده على اربعة من عملاء "الموساد" بينما كانوا يحاولون وضع اجهزة تنصت فى السفارة الايرانية فى نيقوسيا.. وافرجت السلطات القبرصية عن العملاء الاربعة بالكفالة بعد اسبوعين بناء على تسوية توصلت لها مع الدولة العبرية..

- فى تشرين الثانى 1985 اوقفت السلطات الاميركية جوناثان بولارد، اليهودى الاميركي، الذى اتهم بانه عميل سرى للدولة العبرية وانه قام بحكم عمله كمهندس فى البحرية الاميركية بتزويد الاستخبارات الصهيونية بوثائق ومعلومات سرية وحساسة، وقد ادانته محكمة اميركية فى واشنطن بتهمة التجسس لحساب الدولة العبرية وحكمت عليه عام 1987 بالسجن المؤبد.. وفى منتصف التسعينيات منحت الدولة العبرية عميلها "بولارد" الجنسية الاسرائيلية فى نطاق ضغوطها على السلطات الاميركية لاطلاق سراحه.

- فى يناير-كانون الثانى 1997، تم فى الدولة العبرية توقيف يهودا جيل، وهو عميل سابق بارز فى "الموساد"، اتهم بمد المسؤولين عنه فى الجهاز طيلة سنوات عديدة بتقارير ومعلومات مضللة وملفقة نسب فيها الى سورية نوايا عدوانية لا وجود لها مما وضع البلدين فى اواسط التسعينيات مرتين على حافة اندلاع حرب بينهما خاصة فى صيف العام 1996. واعتبرت قضية "جيل" بمثابة فضيحة كبيرة لجهاز "الموساد".

- عملية الموساد الفاشلة فى الاردن: فى 25 سبتمبر-ايلول 1997 اعتقلت السلطات الاردنية فى العاصمة عمان عميلين صهاينة من عملاء "الموساد" اثر مشاركتهما فى محاولة الاغتيال الفاشلة التى استهدفت رئيس المكتب السياسى لحركة المقاومة الاسلامية -حماس-، خالد مشعل.. وقد استنكر الاردن بشدة محاولة الاعتداء التى تعرض لها المسؤول الفلسطينى على ارض الاردن، واحتجت كندا على استخدام عميلى "الموساد" جوازات سفر كندية مزورة اثناء تنفيذهما لمحاولة الاغتيال الفاشلة واضطرت الدولة العبرية الى الاعتذار للبلدين والى اطلاق سراح المرشد الروحى -الراحل- لحركة "حماس" الشيخ احمد ياسين بعد سجن دام ثمانى سنوات مقابل افراج السلطات الاردنية عن عميليها.

- سويسرا 1998: اخفاق فريق من عملاء "الموساد" فى تنفيذ مهمة تجسسية خاصة، فى مدينة "بيرن" استهدفت، حسب مصادر صهيونية، زرع اجهزة تنصت فى شقة مواطن من اصل لبنانى ينسب له الارتباط بعلاقة تعاون ونشاط لحساب منظمة "حزب الله" اللبنانية.. وقد اوقفت السلطات السويسرية وسجنت فى 19 فبراير-شباط 1998 احد عملاء فريق "الموساد" الذين ضبطوا متلبسين بالمحاولة.

- قضية نيوزيلاندا: فضيحة "الموساد" فى نيوزيلاندا انفجرت فى شهر يوليو-تموز 2004، لكنها بدأت ترّوج قبل عدة شهور. ففى حينه قررت اسرائيل القيام بعمليات اغتيال ضد عدد من قادة "حزب الله" والتنظيمات الفلسطينية فى مختلف انحاء العالم، وبشكل خاص فى لبنان وسورية. ولهذا الغرض، كما يبدو، حاولت الحصول على جوازات سفر لدول محايدة لا تثير الشبهات، وبينها نيوزيلاندا. الا ان المحاولة انكشفت هنا، إذ ان موظفا فى مكتب التسجيل فى وزارة الداخلية فى نيوزيلاندا كان متيقظا، فاكتشف محاولة لتزوير احد الجوازات لمواطن مقعد من نيوزيلاندا، وتم ضبط مواطنين صهاينة، هما ايلى فرا واريئيل زيسا، متلبسين. بينما فر مواطن صهيونى ثالث، يدعى زئيف وليام بركان، وجرى الحديث عن شخص رابع مجهول الهوية. وقد حكمت محكمة نيوزيلاندا على المتهمين الثلاثة بالسجن 6 أشهر، احدهم -بركان- كان الحكم عليه غيابيا. واستأنف الصهيونيين الحكم بدعوى انه قاس. أما الشخص الرابع، فقد تبين انه صهيونى سابق من عائلة "رزنيك" حصل على الجنسية النيوزيلاندية منذ 11 عاما، وهو يهودي، يعمل محاضرا فى معهد تكنولوجى ويتطوع فى الخدمة فى سيارات الاسعاف. وقد فر من البلاد الى هونغ كونغ فور انفجار الفضيحة. وحسب مصادر اعلامية، فإن "رزنيك" خدم فى الجيش الصهيوني، وملفه يقول على انه خدم ممرضا، مما يقوى الشكوك بأنه خدم فى "الموساد"، اذ ان "الخدمة ممرضا" تستخدم كثيرا للتغطية على الجواسيس، لأنها تدل على ان صاحبها لا يخفى أمر خدمته العسكرية ولكنه فى الوقت نفسه خدم فى مجال خدماتى غير حربي. وذكرت مصادر صهيونية بالمقابل ان "رزنيك" فى طريقه الى الدولة العبرية، حيث يريد ان يستقر فيها مع عائلته، التى هربت وراءه حالما غادر نيوزيلاندا الى هونغ كونغ. وتدل هذه المعلومات على تشعب فضحية "الموساد" فى نيوزيلاندا، خصوصا بعد تورط المواطن اليهودى فيها. وكانت نيوزيلاندا قد طالبت الدولة العبرية بالاعتذار حتى تغلق هذا الملف، الا ان الدولة العبرية خشيت من ان الاقدام على خطوة كهذه سيثير القضاء فى نيوزيلاندا، فيعيد محاكمة الجواسيس ويضاعف العقوبة عليهم عدة مرات. لذلك اختارت الصمت، وهذا، على ما يبدو، هو أكثر ما يغيظ السلطات الرسمية فى نيوزيلاندا. وقد اتهمت مصادر فى حكومة نيوزيلاندا، حكومة الاحتلال بالعودة الى سياسة استخدام يهود العالم لخدمة جهاز "الموساد"، وهى السياسة التى كانت متبعة فى الماضى وتقرر الغاؤها بعد ضبط المواطن اليهودى الاميركى جوناثان بولارد، يتجسس فى سلاح البحرية الاميركى لخدمة "الموساد". وتعهدت ادلولة العبرية بعد اعتقال بولارد قبل 18 عاما وأمام الولايات المتحدة بشكل خاص، وكذلك امام دول اخري، بألا تستخدم اليهود فيها لمهمات تجسس او لخدمة أى جهاز مخابرات صهيوني. وقيل فى حينه ان مثل هذا الاستخدام سيلحق الضرر الكبير بالمواطنين اليهود فى تلك الدول. وطلبت المنظمات اليهودية من حكومة الاحتلال، بحدة وحزم، ان تتوقف عن تلك السياسة، مؤكدة انها تتسبب فى كراهية اليهود وربما الاعتداء عليهم. وهكذا يأتى الاتهام من حكومة نيوزيلاندا حول نشاط "الموساد" على اراضيها ليثير ليس فقط دول العالم المختلفة التى تتعرض لهذا النشاط، بل ايضا المنظمات اليهودية فى تلك البلدان.

التعليقات