أمل مرقس تقدم: باقة غنائية شعبية بعطر النعنع

غزة-دنيا الوطن
في عملها الجديد "نعنع يا نعنع" تنتقي أمل مرقس باقة من الأغاني الشعبية الفلسطينية التي تشبه بنضرتها الأعشاب الأصيلة ذات الروائح العطرة التي تولد من رحم هذه البلاد منذ الأزل مثل النعنع، الحبق، الفل، الميرمية، الزعتر.. تقطفها من جذورها من البيوت الحجرية ذات الأقواس، من دروب القرية، من كروم الزيتون، العنب والتين، من حقول القمح. من حلقات الدبكة الشعبية، من ترانيم وتهاليل الأطفال، من أهازيج النساء الأصيلات الطيبات، من أغاني السفر ودموع الفراق من أغاني الحصاد والنضال، من أغاني الزواج والولادة، من الشوق والحنين، من الأمل والمجد ومن البهجة والسرور تقدم لنا أمل مرقس باقة أغنيات بعطر النعنع مع أعضاء فرقتها: نسيم دكور (عود، كمان)، جميل منصور (بزق، عود)، ألفرد حجار (ناي)، رمزي بشارات (إيقاع)، أمين أطرش (طبول)، د. ايلمار بال (بيانو)، ريمون حداد (باس).
عروسة حلوة بتقطف نعنع..
اسم عملك الجديد "نعنع يا نعنع" يذكرني بالأغنية التي تغنى في الأعراس وعشب النعنع. لماذا اخترت هذا الاسم؟
أولا وزن الكلمة دفعني لاختيارها.. ثانيا أن كثير من الأنا الفلسطيني بدأت تضيع بسبب كل التطورات والتقدم التكنولوجي ولكن النعنع والمرمية وكل الأعشاب العطرية بقيت وأخذت تشكل مركب هام في العلاجات الحديثة. وقد اخترت الاسم بعد أن اختيار الأغنيات التي أريد أن أحييها بعد أن قررت زيارة هذا العالم التراثي الغني. فوجدت نفسي وأنا أقوم باختيار الأغاني - من خلال لقائي بسيدات فلسطينيات او أبي وأمي وحماتي او من كتب التراث- أتذكر نفسي عندما أقوم بجمع الأعشاب العطرية.. وشعوري عندما اغني هذه الأغنيات تماما كشعوري عندما اشرب كأس من شاي الأعشاب المفيد للجسم والصوت.
ما الهدف من إحياء الأغنيات التراثية بالنسبة لأمل؟
العمل "نعنع يا نعنع" سيسجل قريبا في اسطوانة واخترت الأغنيات الشعبية لأنها تستحق التخليد، ولا اقصد مجرد التوثيق أنما إعطاء الأغنية حلة جديدة معاصرة لا تقتصر على توزيع جديد، هناك إضافات على الأغنيات سواء مقطوعات موسيقية او أبيات شعرية. وبرأيي فأن الأغاني جميلة جدا وإيقاعاتها تحرك الروح والجسم وهذه من ميزات الموسيقى الشعبية، إنها تستوعب بسهوله عند المتلقي لها. الكثير من الفرق الموسيقيه وثقت التراث، هدفي ليس فقط التوثيق، هناك أهمية لنقل المعلومات للأجيال الشابة وهناك أهمية فنية للعمل بكون الأغاني أخذت روح جديدة، واعتبر هذا المشروع الفني" محطة" أردت التوقف عندها وأن يزور صوتي هذه النغمات التي تشكل جذوري الفنية.
معظم أغانينا الشعبية هي أغاني الأعراس النسائية..
أنا أرى أهمية كبيرة في إبراز دور الغناء النسائي والمواضيع التي تغنيها النساء لنساء، وكم يحمل هذا الغناء من حزن في اللحن والأداء.. وعندما أقدم الأغنية على المسرح أعطي هذه الملاحظة. واعتقد بأن هذا الأمر لا يحتاج إلى تفسير كبير لأننا كشعب عندنا حزن موروث يبرز بالغناء، ويمكن أن يفسر في غناء الأعراس بعدم اختيار الفتاة للعريس او الغربة وابتعادها عن بيت الأهل.
إذا أنت تقدمين أغان معروفة بهيئة جديدة.
أمل: ليست كل الأغاني معروفة، هناك أغان غير معروفة تماما، أنا نفسي لم أكن اعرفها وتعلمتها أثناء العمل، واعتقد أن الأجيال الجديدة لم تسمع بها. وهنالك أغنيات معروفة في منطقة المثلث غير معروفة في الجليل.
بما أنك ذكرت موضوع الحزن في الأغاني فهل هذا يعني أن كل الأغاني تحمل مضمونا حزينا؟
كلا، لكن قسم كبير من الأغنيات به شجن يذيب المشاعر، هناك أغاني حب مثل "اه يا اسمر اللون"، "سكابا"، "عذب الجمال قلبي". وهناك أغنية التغييث- طلب المطر فهي تحوي كلام قديم بأسلوب جديد جدا. وقد كأن طقس طلب المطر قديما عبارة عن خروج النساء والأطفال إلى الأزقة مع بعض الأدوات المنزلية التي كانت تصدر الأصوات عند الضرب عليها- ونحن نقدم الأغنية إيقاعيا فقط حرصا على الأسلوب الأصلي- وعندما قدمت العمل في اسبانيا قيل لي أن الشعب الاسباني قديما كأن يتبع عادة شبيهة لطلب المطر. وقد وجدنا النص في احد الأبحاث التي أجريت في جامعة بير زيت وقام الفنان نسيم دكور بإعطائها روح شعبية قريبة أكثر إلى عالم الأطفال. النص عبارة عن صور لمظاهر الحياة الفلسطينية بكل ما تحويه مظاهر اجتماعية وسياسية.
هل حاولت تقديم الأغاني التي تحمل المغزى او اللحن الحزين بشكل اكثر فرحا؟
حاولنا أينما استطعنا أن يكون المبنى الموسيقي أسرع وفيه فرح أكثر.. مثلا أغنية "عذب الجمال" تبدأ بجملة حزينة وهناك بساطة ورتابة في اللحن نظمت عن قصد لتعطي شعور بأن درب الجمال طويلة ودربنا كبشر في الدنيا طويلة ونحن مثلة نحمل هموم ونحلم..هناك أيضا أغنية "عالروزنا" التي يأخذ فيها الإيقاع حصة كبيرة.
هل يتقبل الجمهور الأغاني الحزينة؟
الجمهور ينسجم مع الأغاني التي تحمل الحزن ووصلتني ردود فعل مؤثرة من الجمهور الذي حضر الأمسيات في القدس، الكابري ويفعات، ولكن في العمل هناك أغان فرحة كثيرة ومرحة بالمضمون وأغاني الدبكة التي يصعب الوقوف أمامها بدون ان نرقص على أنغامها وفي أحدى الأمسيات نصب الجمهور حلقة دبكة وصفقوا طربا وأنا أيضا أكون مسكونة بفرح كبير يحركني خلال الغناء.
إلى جانب طرحك الخاص حرصت في اسطواناتك على تقديم أغنية شعبية؟
صحيح، أولا أود أن اذكر أنه في الاسطوانة الأولى "أمل" كأن من الصعب علي إيجاد ملحنين للعمل معهم، وللأسف الملحنين الموجودين معظمهم يلحن تبعا للمألوف في العالم العربي من الحان سريعة وأغان محوسبة، وأنا أحب التجديد لكن ليس على حساب الرقي الموسيقي والجملة الموسيقية الجميلة. "أمل" كأن هويتي واحتوى على8 اغان خاصة كما اخترت أغنية "يا عود" للسيدة فيروز وأغنية "عصفور طل من الشباك" التي لقيت بتوزيعها الجديد استحسان مارسيل خليفة (صاحب الأغنية) وأغنيتي "عالاوف مشعل" و"يابا لالا" الشعبيتين، وفي اسطوانتي الثانية "شوق" اخترت أغنية "يما مويل الهوى" الشعبية وذلك لأني أحب التحدي الكامن في غناء أغنيات شعبية معروفة..
نلاحظ أن تعاملك مع الملحنين والشعراء لا يتعدى حدود الدولة.
ملاحظة صحيحة "تقريبا"، ما عدا على صعيد الشعر قصيدة "ورق" للشاعر احمد فؤاد نجم التي قدمتها في اسطوانة "شوق"، وأغنية الدويتو "في الجنة معك" لملحن ايطالي جتاني مع فرقة" ستاديو" الشهيرة عام 2001 وكذلك أغنيتي :" نور ألأب"، "الأطفال كالورود" 1998 اللتان لحنهما لي فنان الموسيقى الروحانية اوليفير شانتي من المانيا، وفي اسطوانة "سبع مرات سبعة " الموزعة عالميا.. وهل ممكن غير ذلك؟ أي هل يسمح الواقع المفروض علينا ان أتعامل مع ملحنين من العالم العربي بشكل جدي؟؟
وكان لك تعامل مع ملحنين وموزعين يهود مثل ألون اوليارتشيك وعاموس هدأني وعادي رينير ورافي كاديشزون.
نعم، أنا احتاج طاقات فنية جيدة ومحترفة ومهنية ولا أتردد في اختيار أي ملحن او موزع تبعا لقوميته، خاصا اذا كان بيننا تواصل وحوار فني، وأنا لا أؤمن بأني يجب أن أسافر إلى أوروبا كي أجد موزع لامتنع عن التعامل مع اليهود.. ألون تعاملت معه في أغنية "سلام" بعد أن رآني اغني الأغاني الاحتجاجية في الاحتفالات الشعبية في العام 86 - قبل عملية السلام- هذا فتح لي المجال لأن أقول ما أريد كفنانة عربية. هذا إلى جانب تبرعه بإنتاج الأغاني – أي وضع الصيغة النهائية لها بعد أن رفضت شركات الإنتاج في البلاد ذلك. عاموس هداني لحن أغنية "تمهلي يا طفلتي""ورسالته الأخيرة" عدي رنارط لحن لي أغنية "شوق" ورافي أشرف على توزيع الغنيات سيمفونيا ولكني ارفض أن يستغل الإعلام هذه النقطة..
ماذا تقصدين باستغلال الإعلام لهذا الشركة؟
انتبهت أن الإعلام العربي والعبري على حد سواء يستغل هذه الشراكة الفنية لخدمة مصالح معينة..
في تسجيل اسطوانة "شوق" كنت السباقة إلى التسجيل الحي.
سباقة في التسجيل حي والفرقة السيمفونية.. لقد عملنا في مسرح تتوفر فيه الإمكانيات للتسجيل الحي وكأن عازفو الآلات الوترية من الفرقة السيمفونية إلى جانب أعضاء فرقتي السبعة وسجلنا 7 أغنيات.. العمل سباق بالألحان السيمفونية والمغامرة في التسجيل..فخرج العمل طبيعي ويشعر المستمع أنه في حفل..
هل يعتبر هذا طلائعيا في مجال التسجيل؟
التسجيل الحي والتوزيع السيمفوني متبع في العالم العربي والغربي، لكن في الوسط العربي هنا ما فعلناه هو طلائعي جدا! ولم يكن هنا من يعطي العمل حقه في التقدير!
معايير أخرى بمعنى تجاهل التعب الذي بذل في أنتاج العمل؟
ربما ليس تجاهل وإهمال، وربما لا يستطيع الإعلاميون التعاطي مع العمل. ولا ننسى أنه لا يوجد ناقد فني ينتقد العمل بمهنية..
رفع الستار عن..
ماذا يحتوي برنامجك الإذاعي "رفع الستار"؟
البرنامج يغطي مشاريع فنية ثقافية تشمل بداخلها كل أنواع الفنون بالأساس لفناني البلاد، بالأخص ما يقدمه الفنانين المبتدئين وأنا سعيدة بأن البرنامج يعطيهم منصة. ويجعلهم يفكرون نحو الأفضل، وعندما اسأل أي سؤال يكون هدفي الدخول إلى عالم الفنان لأعرف وليعرف الجمهور كيف يعمل، وهذا ناتج من فضولي الشخصي ليكون هذا البرنامج استمرارية لبرنامجي السابق "سهرة أمل"، والذي كأن يغطي جوانب عديدة من حياة ضيوف فنانين. هناك مواضيع فنية ثقافية من خارج البلاد أقدمها ضمن البرنامج، وقد ابتعدت قصدا عن النجوم في العالم العربي. البرنامج عبارة عن تغطية أسبوعية للأحداث الفنية الثقافية الآنية، حتى نحفز الجمهور لأن يخرج للعروض الفنية في مختلف القرى والمدن.
هل تعملين في المجال الإعلامي منذ فترة طويلة؟
أنا اعمل في الإعلام منذ فترة طويلة - لكني لا اسمي نفسي صحفية - بدأت عملي في التلفزيون التربوي ببرنامج أطفال احتوى مقابلات متنوعة لأني بطبيعتي أنسأن متنوع ولا يقتصر تفكيري على موضوع واحد او على فني الخاص فقط. وادرس الموضوع الذي سأقدمه قبل الحديث عنه في البرنامج. ويسعدني أن هناك كم هائل من البرامج الثقافية والإصدارات الأدبية التي يمكن تناولها ضمن البرنامج. البرنامج أيضا منصة لأكشف عن موسيقى مهمشة لكنها هامة، كما يهمني أن افتح المجال لأعمال أممية وذلك لمنع التقوقع في خانة ثقافية معينة. إلى جانب ترسيخ الهوية الثقافية وتقوية المرأة.
هل كان الإعلام ضمن مواضيع دراستك؟
لقد درست المسرح والأداء المسرحي والتعامل مع النص، إلى جانب تقديم البرامج والعمل أمام الكاميرا. وأنا أنسأن محب للشعر والأدب وأنا مطالعة يوميا للكتب و للصحافة وهذا ما تربيت عليه، الكتاب والاسطوانة أهم من أمور أخرى في الحياة. هذا يجعلني إعلامية جيدة انتقي المواضيع بتروي وأعطيها حقها أثناء التقديم.
هل تشعرين أن البرنامج هو عالم أمل الذي تريد كشفه للناس؟
لا ليس عندي هدف شخصي. أنا موجودة على الساحة الفنية والجمهور يعرفني، لأني اخترت الغناء بدون قناع، وكل أعمالي الفنية تنطلق من صدق داخلي، ولا اغني موضوع ما لأنه "يبيع أكثر". كل عملي الفني ينطلق من محفز داخلي لأمل كفرد من المجتمع و الجمهور .. لكن الأمر الشخصي في البرنامج هو المتعة الخاصة التي أجدها في عالم الراديو.. يمكن أن يكون البرنامج وسيلة أو منصة لكشف مواهب أخرى لدي..
ماذا تعنين بـ "الغناء بدون قناع"؟
أنا شخص واضح ومشاعري تظهر في الأغاني التي أقدمها.. ربما أنا إنسان يحمل هَم بالمفهوم الإنساني على جميع الأصعدة.
أبناء الفنان لا يهربون من الـ..
نزار زريق كان حاضرا دائما في أعمالك. كيف ترين التعامل معه بعيدا عن كونه الزوج؟
نزار له عمله المستقل في الهندسة المعمارية، خاض تجارب تلحين بالاعتماد على موهبة فطرية بدون دراسة للموسيقى. دائما كان لدى نزار حافز للتلحين وعندما التقيت به قبل زواجنا كانت لديه مجموعة الحان لقصائد شعراء مثل سميح القاسم ومحمود درويش، قدمها لي فغنيتها.. في منتصف الثمانينات كنت اغني وهو يشاركني العزف ونقدم أغاني مارسيل خليفة وأغنيات نزار الخاصة.. وأنا اغني اليوم من تأليفه لأنه يملك موهبة في الكتابة وفي التلحين. لا تزال هناك أغان من تلحينه لم أقدمها بعد..
هل يملك احد الأولاد موهبة فنية أيضا؟
كلاهما.. فراس ويارا يغنيان ويحبان الفن.. فراس (11 عاما) يتعلم العزف على التشيلو، وعنده فرقة اسمها "اثر" في رصيدها أغنية ساخرة من الحان نزار وتأليف إياد الحاج. يارا تتعلم موسيقى الجاز والعزف على البيانو وتطوير الصوت وتملك صوت جميل جدا وعندها دقة في الأداء، وقد غنت معي يارا في الجوقة عندما قدمت العام الماضي عرضي الغنائي "أمل تغني فيروز"..
هل عندك عتب على الوضع السائد في الساحة الغنائية؟
ليس عندي عتب.. تخطيت هذه المرحلة. العاتبون هم الذين لا ينتجون ويجدون لأنفسهم مبررا باستخدام هذا العتب. أحيانا يشغل بالي إيقاع عملي الفني وكيف يمكن أن يكون لو تواجدت في ظروف أخرى أفضل، ولكن تتقزم همومي الفنية أمام هموم الإنسان اليومية.. أنا راضية عن المرحلة التي وصلت إليها، راضية عن أنتاجي وسأستمر به..
هل لدينا اكتفاء من ناحية طاقات فنية؟
الوضع السائد يمكن أن يجعل الفنانين يعتمدون على المادة المنتجة في البلاد- ولا يستوردون الأعمال الفنية- مما يجعل الفنان أصيل لكون عمله الفني مستمد من بيئته، وتتماشى مع الوضع الاجتماعي والسياسي لشعبه. برأيي "الفنان" الذي يحاول التقليد فأن عمرة الفني سيكون قصير.
ومع ذلك..
مع ذلك تنقصنا المهنية، الفنانين غير مثقفين بما يكفي، والثقافة ليست باللقب الجامعي، أنما دراسة السيرة الذاتية لفنانين آخرين، الاطلاع والمطالعة على الصحافة والأدب والكتب الدينية أيضا.. يلفت انتباهي أن الممثلين يجيدون حفظ أدوارهم فقط فاشعر بأن الممثل فارغ.. ويعتمد كثير من الفنانين أيضا على الشكليات وليس العمق.. اعرف أن ما اطلبه صعب ويتطلب مضاعفة الجهد في العمل الفني والحياة اليومية..
من سيساهم في تغيير هذا الوضع للأفضل؟
الفنانون الأكبر عمرا وتجربة ملقى على عاتقهم هَم الأجيال القادمة، أين دورهم في إرشاد ودعم الفنانين الشباب، وأنا لا أنسى دعم الراحلين إميل حبيبي وتوفيق زياد والشاعر سميح القاسم لي أثناء غنائي على الرغم من أنهم شعراء وليسوا مطربين، عندما كنت طفلة كانوا ينتظرون نزولي عن المسرح ليعطوني الملاحظات حول الأداء وقواعد اللغة ويشجعوني كثيرا.. عندما يأخذ الفنان الناشئ دعم فنان كبير فأن ثقته بنفسه تزيد وأنا أدعو الفنانين المخضرمين للمبادرة إلى مشاريع فنية، ليساهموا في دعم المسيرة الفنية بشكل عام وأن لا يتقوقعوا في خانة الأنانية..
ما المطلوب إذا من الفنانين؟
مطلوب أخلاق عالية، إنسانية بالدرجة الأولى، مطلوب إطراء للفنانين الآخرين وحمل رؤية وهاجس.. من ناحية أخرى هناك فنانين رائعين مهمشين يحملون هذا الهاجس علينا دعمهم.
هل المحاولات الموجودة اليوم لإلقاء الضوء على فنانين شباب غير كافية برأيك؟
برأيي هذه المحاولات لا تدعم الناشئين بشكل حقيقي.. أنا أتوقع أكثر.. أتوقع إرشاد، دعم وتعليم. فكرت كثيرا في بداياتي كيف سأنتج أعمالي الفنية، وإذا توجه إلي اليوم فنان ناشئ عندي ما يمكن تقديمه إذا رأى في مسيرتي الفنية مثالا.. وقبل أن ادخل عالم الغناء لم تكن هناك فنانة سبقتني إلا كاميليا جبران التي تركت الرامة وسكنت القدس.. لم يكن من يرشدني في غنائي وكنت اغني تبعا للفطرة دون ان أتعلم أصول الغناء.. لا يمكن أن نلوم مغني ناشئ ونقول أنه يخطئ إذا لم تكن لدينا الأدوات لتعليمه الغناء الصحيح.. وأنا اسمح لنفسي اليوم بتقديم ملاحظات ناقدة بناءة لفنانين شباب..
من يلفت نظر أمل من ممثلين ومغنين شباب؟
هناك طاقات رائعة تمثيلا وغناءا وعزفا ولكني لن آتي على ذكر الأسماء كي لا اظلم احد.. أتمنى لهم النجاح وأتمنى أن لا يكونوا محبطين وأن يخلقوا أدوات لتطوير الفن..لدينا خامات رائعة اقدرها كثيرا وهناك كثيرين يحملون رسالة وسوف يتميزون اذا ما ثابروا.. وأن لا يتواضعوا في أحلامهم.
طائر السماء الذي لم يحلق!
كانت لديك تجربة في السنة الماضية لكنك تنازلت عنها.
لم أتنازل عنها.. ما حدث هو أني سافرت إلى ايطاليا بعد العرض الاحتفالي لمونودراما "طائر السماء" وعند عودتي فوجئت بأن الممثلة رنين بشارات أخذت الدور، دون أن يبلغني المسرح بذلك.. وبرأيي لم يحلق طائر السماء لأن الفكرة الإنسانية الموجودة في العمل قتلت.. بالنسبة للمسرح بشكل عام فأنا أحب المسرح ومثلت في صغري قبل أن اغني، وكانت تجمعني شراكة تمثيلية مع الممثلة خوله الحاج- دبسي في فترة الدراسة وحزنا معا على جوائز، كما أني قدمت عدة أعمال خلال الدراسة في بيت تسفي. ولكن يبدو أن الغناء والعمل التلفزيوني على مدى 17 عام وعدم وجود مسرح عربي مهني عند تخرجي عام 1990 أبعداني عن التمثيل المسرحي قليلا.. في العام 1990كانت عندي تجربة تمثيل تلفزيوني في عمل هام حمل اسم "غصن الزيتون" إلى جانب محمد بكري وسلوى نقارة وآخرون وشارع سمسم، وأمل حارتنا، وأولاد حارتنا، وكان يا مكان، وبورتريت.. ثم شاركت بفيلم "درب التبانات" للمخرج علي نصار. وأعرض الآن مسرحية "الحلم رسام كبير" عمل مسرحي غنائي راقص أقوم بالدور الرئيسي مع فرقة "نوعا دار" للرقص والمسرح الحديث.
وحزت على جائزة في مهرجان المسرح في حيفا في سنة 2003.
صحيح، جائزة أفضل ممثلة، وكانت تقديرا لدوري في مسرحية "عودة سمسم" في المهرجان العالمي لمسرح الأطفال.
تعلم تعلم ثم..
إذا كانت لدى أمل نصيحة فلمن توجهها؟
يمكنني أن أقول : تعلم تعلم ثم تعلم وهذه مقولة للينين.. أتمنى أن لا نفقد السذاجة ولا نفقد حبنا للأمور البسيطة.. أن لا نفكر بأنانية .. أن نرى الآخرين ونؤمن بالعطاء..
في عملها الجديد "نعنع يا نعنع" تنتقي أمل مرقس باقة من الأغاني الشعبية الفلسطينية التي تشبه بنضرتها الأعشاب الأصيلة ذات الروائح العطرة التي تولد من رحم هذه البلاد منذ الأزل مثل النعنع، الحبق، الفل، الميرمية، الزعتر.. تقطفها من جذورها من البيوت الحجرية ذات الأقواس، من دروب القرية، من كروم الزيتون، العنب والتين، من حقول القمح. من حلقات الدبكة الشعبية، من ترانيم وتهاليل الأطفال، من أهازيج النساء الأصيلات الطيبات، من أغاني السفر ودموع الفراق من أغاني الحصاد والنضال، من أغاني الزواج والولادة، من الشوق والحنين، من الأمل والمجد ومن البهجة والسرور تقدم لنا أمل مرقس باقة أغنيات بعطر النعنع مع أعضاء فرقتها: نسيم دكور (عود، كمان)، جميل منصور (بزق، عود)، ألفرد حجار (ناي)، رمزي بشارات (إيقاع)، أمين أطرش (طبول)، د. ايلمار بال (بيانو)، ريمون حداد (باس).
عروسة حلوة بتقطف نعنع..
اسم عملك الجديد "نعنع يا نعنع" يذكرني بالأغنية التي تغنى في الأعراس وعشب النعنع. لماذا اخترت هذا الاسم؟
أولا وزن الكلمة دفعني لاختيارها.. ثانيا أن كثير من الأنا الفلسطيني بدأت تضيع بسبب كل التطورات والتقدم التكنولوجي ولكن النعنع والمرمية وكل الأعشاب العطرية بقيت وأخذت تشكل مركب هام في العلاجات الحديثة. وقد اخترت الاسم بعد أن اختيار الأغنيات التي أريد أن أحييها بعد أن قررت زيارة هذا العالم التراثي الغني. فوجدت نفسي وأنا أقوم باختيار الأغاني - من خلال لقائي بسيدات فلسطينيات او أبي وأمي وحماتي او من كتب التراث- أتذكر نفسي عندما أقوم بجمع الأعشاب العطرية.. وشعوري عندما اغني هذه الأغنيات تماما كشعوري عندما اشرب كأس من شاي الأعشاب المفيد للجسم والصوت.
ما الهدف من إحياء الأغنيات التراثية بالنسبة لأمل؟
العمل "نعنع يا نعنع" سيسجل قريبا في اسطوانة واخترت الأغنيات الشعبية لأنها تستحق التخليد، ولا اقصد مجرد التوثيق أنما إعطاء الأغنية حلة جديدة معاصرة لا تقتصر على توزيع جديد، هناك إضافات على الأغنيات سواء مقطوعات موسيقية او أبيات شعرية. وبرأيي فأن الأغاني جميلة جدا وإيقاعاتها تحرك الروح والجسم وهذه من ميزات الموسيقى الشعبية، إنها تستوعب بسهوله عند المتلقي لها. الكثير من الفرق الموسيقيه وثقت التراث، هدفي ليس فقط التوثيق، هناك أهمية لنقل المعلومات للأجيال الشابة وهناك أهمية فنية للعمل بكون الأغاني أخذت روح جديدة، واعتبر هذا المشروع الفني" محطة" أردت التوقف عندها وأن يزور صوتي هذه النغمات التي تشكل جذوري الفنية.
معظم أغانينا الشعبية هي أغاني الأعراس النسائية..
أنا أرى أهمية كبيرة في إبراز دور الغناء النسائي والمواضيع التي تغنيها النساء لنساء، وكم يحمل هذا الغناء من حزن في اللحن والأداء.. وعندما أقدم الأغنية على المسرح أعطي هذه الملاحظة. واعتقد بأن هذا الأمر لا يحتاج إلى تفسير كبير لأننا كشعب عندنا حزن موروث يبرز بالغناء، ويمكن أن يفسر في غناء الأعراس بعدم اختيار الفتاة للعريس او الغربة وابتعادها عن بيت الأهل.
إذا أنت تقدمين أغان معروفة بهيئة جديدة.
أمل: ليست كل الأغاني معروفة، هناك أغان غير معروفة تماما، أنا نفسي لم أكن اعرفها وتعلمتها أثناء العمل، واعتقد أن الأجيال الجديدة لم تسمع بها. وهنالك أغنيات معروفة في منطقة المثلث غير معروفة في الجليل.
بما أنك ذكرت موضوع الحزن في الأغاني فهل هذا يعني أن كل الأغاني تحمل مضمونا حزينا؟
كلا، لكن قسم كبير من الأغنيات به شجن يذيب المشاعر، هناك أغاني حب مثل "اه يا اسمر اللون"، "سكابا"، "عذب الجمال قلبي". وهناك أغنية التغييث- طلب المطر فهي تحوي كلام قديم بأسلوب جديد جدا. وقد كأن طقس طلب المطر قديما عبارة عن خروج النساء والأطفال إلى الأزقة مع بعض الأدوات المنزلية التي كانت تصدر الأصوات عند الضرب عليها- ونحن نقدم الأغنية إيقاعيا فقط حرصا على الأسلوب الأصلي- وعندما قدمت العمل في اسبانيا قيل لي أن الشعب الاسباني قديما كأن يتبع عادة شبيهة لطلب المطر. وقد وجدنا النص في احد الأبحاث التي أجريت في جامعة بير زيت وقام الفنان نسيم دكور بإعطائها روح شعبية قريبة أكثر إلى عالم الأطفال. النص عبارة عن صور لمظاهر الحياة الفلسطينية بكل ما تحويه مظاهر اجتماعية وسياسية.
هل حاولت تقديم الأغاني التي تحمل المغزى او اللحن الحزين بشكل اكثر فرحا؟
حاولنا أينما استطعنا أن يكون المبنى الموسيقي أسرع وفيه فرح أكثر.. مثلا أغنية "عذب الجمال" تبدأ بجملة حزينة وهناك بساطة ورتابة في اللحن نظمت عن قصد لتعطي شعور بأن درب الجمال طويلة ودربنا كبشر في الدنيا طويلة ونحن مثلة نحمل هموم ونحلم..هناك أيضا أغنية "عالروزنا" التي يأخذ فيها الإيقاع حصة كبيرة.
هل يتقبل الجمهور الأغاني الحزينة؟
الجمهور ينسجم مع الأغاني التي تحمل الحزن ووصلتني ردود فعل مؤثرة من الجمهور الذي حضر الأمسيات في القدس، الكابري ويفعات، ولكن في العمل هناك أغان فرحة كثيرة ومرحة بالمضمون وأغاني الدبكة التي يصعب الوقوف أمامها بدون ان نرقص على أنغامها وفي أحدى الأمسيات نصب الجمهور حلقة دبكة وصفقوا طربا وأنا أيضا أكون مسكونة بفرح كبير يحركني خلال الغناء.
إلى جانب طرحك الخاص حرصت في اسطواناتك على تقديم أغنية شعبية؟
صحيح، أولا أود أن اذكر أنه في الاسطوانة الأولى "أمل" كأن من الصعب علي إيجاد ملحنين للعمل معهم، وللأسف الملحنين الموجودين معظمهم يلحن تبعا للمألوف في العالم العربي من الحان سريعة وأغان محوسبة، وأنا أحب التجديد لكن ليس على حساب الرقي الموسيقي والجملة الموسيقية الجميلة. "أمل" كأن هويتي واحتوى على8 اغان خاصة كما اخترت أغنية "يا عود" للسيدة فيروز وأغنية "عصفور طل من الشباك" التي لقيت بتوزيعها الجديد استحسان مارسيل خليفة (صاحب الأغنية) وأغنيتي "عالاوف مشعل" و"يابا لالا" الشعبيتين، وفي اسطوانتي الثانية "شوق" اخترت أغنية "يما مويل الهوى" الشعبية وذلك لأني أحب التحدي الكامن في غناء أغنيات شعبية معروفة..
نلاحظ أن تعاملك مع الملحنين والشعراء لا يتعدى حدود الدولة.
ملاحظة صحيحة "تقريبا"، ما عدا على صعيد الشعر قصيدة "ورق" للشاعر احمد فؤاد نجم التي قدمتها في اسطوانة "شوق"، وأغنية الدويتو "في الجنة معك" لملحن ايطالي جتاني مع فرقة" ستاديو" الشهيرة عام 2001 وكذلك أغنيتي :" نور ألأب"، "الأطفال كالورود" 1998 اللتان لحنهما لي فنان الموسيقى الروحانية اوليفير شانتي من المانيا، وفي اسطوانة "سبع مرات سبعة " الموزعة عالميا.. وهل ممكن غير ذلك؟ أي هل يسمح الواقع المفروض علينا ان أتعامل مع ملحنين من العالم العربي بشكل جدي؟؟
وكان لك تعامل مع ملحنين وموزعين يهود مثل ألون اوليارتشيك وعاموس هدأني وعادي رينير ورافي كاديشزون.
نعم، أنا احتاج طاقات فنية جيدة ومحترفة ومهنية ولا أتردد في اختيار أي ملحن او موزع تبعا لقوميته، خاصا اذا كان بيننا تواصل وحوار فني، وأنا لا أؤمن بأني يجب أن أسافر إلى أوروبا كي أجد موزع لامتنع عن التعامل مع اليهود.. ألون تعاملت معه في أغنية "سلام" بعد أن رآني اغني الأغاني الاحتجاجية في الاحتفالات الشعبية في العام 86 - قبل عملية السلام- هذا فتح لي المجال لأن أقول ما أريد كفنانة عربية. هذا إلى جانب تبرعه بإنتاج الأغاني – أي وضع الصيغة النهائية لها بعد أن رفضت شركات الإنتاج في البلاد ذلك. عاموس هداني لحن أغنية "تمهلي يا طفلتي""ورسالته الأخيرة" عدي رنارط لحن لي أغنية "شوق" ورافي أشرف على توزيع الغنيات سيمفونيا ولكني ارفض أن يستغل الإعلام هذه النقطة..
ماذا تقصدين باستغلال الإعلام لهذا الشركة؟
انتبهت أن الإعلام العربي والعبري على حد سواء يستغل هذه الشراكة الفنية لخدمة مصالح معينة..
في تسجيل اسطوانة "شوق" كنت السباقة إلى التسجيل الحي.
سباقة في التسجيل حي والفرقة السيمفونية.. لقد عملنا في مسرح تتوفر فيه الإمكانيات للتسجيل الحي وكأن عازفو الآلات الوترية من الفرقة السيمفونية إلى جانب أعضاء فرقتي السبعة وسجلنا 7 أغنيات.. العمل سباق بالألحان السيمفونية والمغامرة في التسجيل..فخرج العمل طبيعي ويشعر المستمع أنه في حفل..
هل يعتبر هذا طلائعيا في مجال التسجيل؟
التسجيل الحي والتوزيع السيمفوني متبع في العالم العربي والغربي، لكن في الوسط العربي هنا ما فعلناه هو طلائعي جدا! ولم يكن هنا من يعطي العمل حقه في التقدير!
معايير أخرى بمعنى تجاهل التعب الذي بذل في أنتاج العمل؟
ربما ليس تجاهل وإهمال، وربما لا يستطيع الإعلاميون التعاطي مع العمل. ولا ننسى أنه لا يوجد ناقد فني ينتقد العمل بمهنية..
رفع الستار عن..
ماذا يحتوي برنامجك الإذاعي "رفع الستار"؟
البرنامج يغطي مشاريع فنية ثقافية تشمل بداخلها كل أنواع الفنون بالأساس لفناني البلاد، بالأخص ما يقدمه الفنانين المبتدئين وأنا سعيدة بأن البرنامج يعطيهم منصة. ويجعلهم يفكرون نحو الأفضل، وعندما اسأل أي سؤال يكون هدفي الدخول إلى عالم الفنان لأعرف وليعرف الجمهور كيف يعمل، وهذا ناتج من فضولي الشخصي ليكون هذا البرنامج استمرارية لبرنامجي السابق "سهرة أمل"، والذي كأن يغطي جوانب عديدة من حياة ضيوف فنانين. هناك مواضيع فنية ثقافية من خارج البلاد أقدمها ضمن البرنامج، وقد ابتعدت قصدا عن النجوم في العالم العربي. البرنامج عبارة عن تغطية أسبوعية للأحداث الفنية الثقافية الآنية، حتى نحفز الجمهور لأن يخرج للعروض الفنية في مختلف القرى والمدن.
هل تعملين في المجال الإعلامي منذ فترة طويلة؟
أنا اعمل في الإعلام منذ فترة طويلة - لكني لا اسمي نفسي صحفية - بدأت عملي في التلفزيون التربوي ببرنامج أطفال احتوى مقابلات متنوعة لأني بطبيعتي أنسأن متنوع ولا يقتصر تفكيري على موضوع واحد او على فني الخاص فقط. وادرس الموضوع الذي سأقدمه قبل الحديث عنه في البرنامج. ويسعدني أن هناك كم هائل من البرامج الثقافية والإصدارات الأدبية التي يمكن تناولها ضمن البرنامج. البرنامج أيضا منصة لأكشف عن موسيقى مهمشة لكنها هامة، كما يهمني أن افتح المجال لأعمال أممية وذلك لمنع التقوقع في خانة ثقافية معينة. إلى جانب ترسيخ الهوية الثقافية وتقوية المرأة.
هل كان الإعلام ضمن مواضيع دراستك؟
لقد درست المسرح والأداء المسرحي والتعامل مع النص، إلى جانب تقديم البرامج والعمل أمام الكاميرا. وأنا أنسأن محب للشعر والأدب وأنا مطالعة يوميا للكتب و للصحافة وهذا ما تربيت عليه، الكتاب والاسطوانة أهم من أمور أخرى في الحياة. هذا يجعلني إعلامية جيدة انتقي المواضيع بتروي وأعطيها حقها أثناء التقديم.
هل تشعرين أن البرنامج هو عالم أمل الذي تريد كشفه للناس؟
لا ليس عندي هدف شخصي. أنا موجودة على الساحة الفنية والجمهور يعرفني، لأني اخترت الغناء بدون قناع، وكل أعمالي الفنية تنطلق من صدق داخلي، ولا اغني موضوع ما لأنه "يبيع أكثر". كل عملي الفني ينطلق من محفز داخلي لأمل كفرد من المجتمع و الجمهور .. لكن الأمر الشخصي في البرنامج هو المتعة الخاصة التي أجدها في عالم الراديو.. يمكن أن يكون البرنامج وسيلة أو منصة لكشف مواهب أخرى لدي..
ماذا تعنين بـ "الغناء بدون قناع"؟
أنا شخص واضح ومشاعري تظهر في الأغاني التي أقدمها.. ربما أنا إنسان يحمل هَم بالمفهوم الإنساني على جميع الأصعدة.
أبناء الفنان لا يهربون من الـ..
نزار زريق كان حاضرا دائما في أعمالك. كيف ترين التعامل معه بعيدا عن كونه الزوج؟
نزار له عمله المستقل في الهندسة المعمارية، خاض تجارب تلحين بالاعتماد على موهبة فطرية بدون دراسة للموسيقى. دائما كان لدى نزار حافز للتلحين وعندما التقيت به قبل زواجنا كانت لديه مجموعة الحان لقصائد شعراء مثل سميح القاسم ومحمود درويش، قدمها لي فغنيتها.. في منتصف الثمانينات كنت اغني وهو يشاركني العزف ونقدم أغاني مارسيل خليفة وأغنيات نزار الخاصة.. وأنا اغني اليوم من تأليفه لأنه يملك موهبة في الكتابة وفي التلحين. لا تزال هناك أغان من تلحينه لم أقدمها بعد..
هل يملك احد الأولاد موهبة فنية أيضا؟
كلاهما.. فراس ويارا يغنيان ويحبان الفن.. فراس (11 عاما) يتعلم العزف على التشيلو، وعنده فرقة اسمها "اثر" في رصيدها أغنية ساخرة من الحان نزار وتأليف إياد الحاج. يارا تتعلم موسيقى الجاز والعزف على البيانو وتطوير الصوت وتملك صوت جميل جدا وعندها دقة في الأداء، وقد غنت معي يارا في الجوقة عندما قدمت العام الماضي عرضي الغنائي "أمل تغني فيروز"..
هل عندك عتب على الوضع السائد في الساحة الغنائية؟
ليس عندي عتب.. تخطيت هذه المرحلة. العاتبون هم الذين لا ينتجون ويجدون لأنفسهم مبررا باستخدام هذا العتب. أحيانا يشغل بالي إيقاع عملي الفني وكيف يمكن أن يكون لو تواجدت في ظروف أخرى أفضل، ولكن تتقزم همومي الفنية أمام هموم الإنسان اليومية.. أنا راضية عن المرحلة التي وصلت إليها، راضية عن أنتاجي وسأستمر به..
هل لدينا اكتفاء من ناحية طاقات فنية؟
الوضع السائد يمكن أن يجعل الفنانين يعتمدون على المادة المنتجة في البلاد- ولا يستوردون الأعمال الفنية- مما يجعل الفنان أصيل لكون عمله الفني مستمد من بيئته، وتتماشى مع الوضع الاجتماعي والسياسي لشعبه. برأيي "الفنان" الذي يحاول التقليد فأن عمرة الفني سيكون قصير.
ومع ذلك..
مع ذلك تنقصنا المهنية، الفنانين غير مثقفين بما يكفي، والثقافة ليست باللقب الجامعي، أنما دراسة السيرة الذاتية لفنانين آخرين، الاطلاع والمطالعة على الصحافة والأدب والكتب الدينية أيضا.. يلفت انتباهي أن الممثلين يجيدون حفظ أدوارهم فقط فاشعر بأن الممثل فارغ.. ويعتمد كثير من الفنانين أيضا على الشكليات وليس العمق.. اعرف أن ما اطلبه صعب ويتطلب مضاعفة الجهد في العمل الفني والحياة اليومية..
من سيساهم في تغيير هذا الوضع للأفضل؟
الفنانون الأكبر عمرا وتجربة ملقى على عاتقهم هَم الأجيال القادمة، أين دورهم في إرشاد ودعم الفنانين الشباب، وأنا لا أنسى دعم الراحلين إميل حبيبي وتوفيق زياد والشاعر سميح القاسم لي أثناء غنائي على الرغم من أنهم شعراء وليسوا مطربين، عندما كنت طفلة كانوا ينتظرون نزولي عن المسرح ليعطوني الملاحظات حول الأداء وقواعد اللغة ويشجعوني كثيرا.. عندما يأخذ الفنان الناشئ دعم فنان كبير فأن ثقته بنفسه تزيد وأنا أدعو الفنانين المخضرمين للمبادرة إلى مشاريع فنية، ليساهموا في دعم المسيرة الفنية بشكل عام وأن لا يتقوقعوا في خانة الأنانية..
ما المطلوب إذا من الفنانين؟
مطلوب أخلاق عالية، إنسانية بالدرجة الأولى، مطلوب إطراء للفنانين الآخرين وحمل رؤية وهاجس.. من ناحية أخرى هناك فنانين رائعين مهمشين يحملون هذا الهاجس علينا دعمهم.
هل المحاولات الموجودة اليوم لإلقاء الضوء على فنانين شباب غير كافية برأيك؟
برأيي هذه المحاولات لا تدعم الناشئين بشكل حقيقي.. أنا أتوقع أكثر.. أتوقع إرشاد، دعم وتعليم. فكرت كثيرا في بداياتي كيف سأنتج أعمالي الفنية، وإذا توجه إلي اليوم فنان ناشئ عندي ما يمكن تقديمه إذا رأى في مسيرتي الفنية مثالا.. وقبل أن ادخل عالم الغناء لم تكن هناك فنانة سبقتني إلا كاميليا جبران التي تركت الرامة وسكنت القدس.. لم يكن من يرشدني في غنائي وكنت اغني تبعا للفطرة دون ان أتعلم أصول الغناء.. لا يمكن أن نلوم مغني ناشئ ونقول أنه يخطئ إذا لم تكن لدينا الأدوات لتعليمه الغناء الصحيح.. وأنا اسمح لنفسي اليوم بتقديم ملاحظات ناقدة بناءة لفنانين شباب..
من يلفت نظر أمل من ممثلين ومغنين شباب؟
هناك طاقات رائعة تمثيلا وغناءا وعزفا ولكني لن آتي على ذكر الأسماء كي لا اظلم احد.. أتمنى لهم النجاح وأتمنى أن لا يكونوا محبطين وأن يخلقوا أدوات لتطوير الفن..لدينا خامات رائعة اقدرها كثيرا وهناك كثيرين يحملون رسالة وسوف يتميزون اذا ما ثابروا.. وأن لا يتواضعوا في أحلامهم.
طائر السماء الذي لم يحلق!
كانت لديك تجربة في السنة الماضية لكنك تنازلت عنها.
لم أتنازل عنها.. ما حدث هو أني سافرت إلى ايطاليا بعد العرض الاحتفالي لمونودراما "طائر السماء" وعند عودتي فوجئت بأن الممثلة رنين بشارات أخذت الدور، دون أن يبلغني المسرح بذلك.. وبرأيي لم يحلق طائر السماء لأن الفكرة الإنسانية الموجودة في العمل قتلت.. بالنسبة للمسرح بشكل عام فأنا أحب المسرح ومثلت في صغري قبل أن اغني، وكانت تجمعني شراكة تمثيلية مع الممثلة خوله الحاج- دبسي في فترة الدراسة وحزنا معا على جوائز، كما أني قدمت عدة أعمال خلال الدراسة في بيت تسفي. ولكن يبدو أن الغناء والعمل التلفزيوني على مدى 17 عام وعدم وجود مسرح عربي مهني عند تخرجي عام 1990 أبعداني عن التمثيل المسرحي قليلا.. في العام 1990كانت عندي تجربة تمثيل تلفزيوني في عمل هام حمل اسم "غصن الزيتون" إلى جانب محمد بكري وسلوى نقارة وآخرون وشارع سمسم، وأمل حارتنا، وأولاد حارتنا، وكان يا مكان، وبورتريت.. ثم شاركت بفيلم "درب التبانات" للمخرج علي نصار. وأعرض الآن مسرحية "الحلم رسام كبير" عمل مسرحي غنائي راقص أقوم بالدور الرئيسي مع فرقة "نوعا دار" للرقص والمسرح الحديث.
وحزت على جائزة في مهرجان المسرح في حيفا في سنة 2003.
صحيح، جائزة أفضل ممثلة، وكانت تقديرا لدوري في مسرحية "عودة سمسم" في المهرجان العالمي لمسرح الأطفال.
تعلم تعلم ثم..
إذا كانت لدى أمل نصيحة فلمن توجهها؟
يمكنني أن أقول : تعلم تعلم ثم تعلم وهذه مقولة للينين.. أتمنى أن لا نفقد السذاجة ولا نفقد حبنا للأمور البسيطة.. أن لا نفكر بأنانية .. أن نرى الآخرين ونؤمن بالعطاء..
التعليقات