كتاب جديد حول ملفات الاخوان المسلمين السرية يكشف اسرار الاغتيالات التي نفذها الجهاز

كتاب جديد حول ملفات الاخوان المسلمين السرية يكشف اسرار الاغتيالات التي نفذها الجهاز
غزة-دنيا الوطن

أصدر مركز المحروسة للنشر والخدمات الصحافية والمعلومات الجزء السابع من موسوعة الحركات الاسلامية الصادر تحت عنوان الاخوان المسلمون من حسن البنا الي مهدي عاكف للباحث في شؤون الجماعات الاسلامية عبد الرحيم علي.

صدر المؤلف كتابه بمقدمة بدأها من السجال السياسي متصاعد الوتيرة بين السلطة وجماعة الاخوان المسلمين طارحا الأسئلة الشائكة التي ينتظر المجتمع الاجابة عنها من حركة الاخوان في اطار مراجعة يراها عبدالرحيم علي ضرورية مثل موقف الامام المؤسس من قضايا الحزبية والتعددية السياسية، والديمقراطية الداخلية وصلاحيات المرشد العام وقضية السمع والطاعة ، والموقف من أفكار امام المتشددين في القرن العشرين سيد قطب، والتي ما زال الاخوان يتخذونها مرجعا أساسيا لحركتهم، وكذلك الموقف من العمليات الارهابية التي نفذها الجهاز السري الخاص بالجماعة، والموقف من فكرة الجهاز السري ذاتها، وصولا للموقف من قضايا الارهاب وحملة الأفكار المبررة له، كذلك الموقف من الدولة المدنية والدستور المدني ومفاهيم المواطنة وتقديم الاخوان برنامجا سياسيا اجتماعيا واضحا ومعبرا عن انحيازات ومواقف واضحة ومحددة.

ويبدو منذ المقدمة موقف المؤلف المناهض للجماعة وهي حالة ـ من حيث المبدأ ـ تتناقض مع البحث الموضوعي الذي يصل عبر الأدلة والمقدمات الي النتائج المرجوة، فيقول عبدالرحيم لا يخلو تاريخ الجماعة من بعض الاشتباك التبريري لموقف ما أو مسلك بعينه، وهناك بعض الاجابات المراوغة أو المبهمة أو الفضفاضة ـ وهناك افتعال أعذار ـ أو حتي خلق أعذار وهمية ـ ولكن تبقي الضبابية والخطاب متعدد الأوجه هما السياق العام الذي تدور في فلكه تلك المراوغات .

النشأة والتأسيس

خصص الباحث الفصل الأول من كتابه لنشأة وتطور حركة الاخوان المسلمين، بادئا من رصد للحالة المصرية في الربع الأول من القرن العشرين وبالتحديد منذ عام 1907 عندما ظهرت مجموعة من الأحزاب التي تعبر عن توجهات وآراء مختلفة، ثم انهيار الدولة العثمانية رسميا وقيام الحرب العالمية الأولي، وهي من الأسباب التي يرصدها مرجعاً لنشأة الحركة، ثم يستعرض ثورة 1919 والتوجه الوطني. ويري أن الحركة نشأت نتيجة للسجال الذي دار بين التيارين التحديثي والمحافظ، وعلي أثره نشأت جماعة الشبان المسلمين عام 1927، ثم الاخوان المسلمون عام 1928.

ثم يستعرض المؤلف كيف بدأ الشيخ المؤسس حسن البنا دعوته من الاسماعيلية عندما عمل مدرسا بها والتف حوله ستة من المؤسسين الأوائل من الفقراء ذوي المهن البسيطة، وفي عام 1931 بعد اشهار الجماعة برز نشاطها في القاهرة حيث أسس البنا عددا من الشعب في أكثر من محافظة.

وفي الفصل الثاني يناقش المؤلف رحلة التأسيس من عام 1928 حتي عام 1945 ويطرح سؤالا بدئيا هو: هل الجماعة دينية أم سياسية؟ ويجيب بأن المؤسس كان في الفترة الأولي حريصا علي تقديم الجماعة كجماعة دعوية تعمل بأسلوب الحكمة والموعظة الحسنة، الا أن المؤلف يذكر أنه في عام 1938 قام حسن البنا بطرح التحول من الدعوة الي النضال بالأعمال حيث شدد علي أن الجماعة ستخاصم جميع الزعماء والأحزاب، سواء كانوا في الحكم أو خارجه، خصومة وصفها بأنها لا سلم فيها ولا هوادة معها ان لم يعملوا علي نصرة الاسلام واستعادة حكمه ومجده. وأعلن شعاره الذي بات شعارا للاخوان حتي هذه اللحظة وهو الاسلام دين ودولة، ومصحف وسيف، لا ينفك واحد من هذين عن الآخر . تبع ذلك اعلان الجماعة كهيئة سياسية في المؤتمر الخامس عام 1939.

واعتبر البنا أن الحياة الحزبية باطلة وأن الجماعة فوق جميع الأحزاب. وينقل المؤلف رأي المفكر الاسلامي عبدالله النفيسي الذي اعتبر هذا الموقف يعكس غيابا للنظرة المتكاملة نظرا لأن الموقف ينفي الأدوار المؤثرة للأحزاب السياسية في وقتها.

بعد ذلك يتناول عبدالرحيم الاطار التنظيمي والحركي الذي تبلور في عام 1935 حيث تتشكل الجماعة من المرشد، مكتب الارشاد، مجلس الشوري، نواب المناطق، نواب الفروع، مجالس الشوري المركزية، مؤتمرات المناطق، مندوبي المكتب، فرق الرحلات، فرق الاخوان، ثم صدر قانون للجماعة وتم اعداد نظام اداري، ومالية.

الا أن المؤلف يري أن الاطار الأساسي لم يكتمل سوي مع المؤتمر الخامس عام 1939 حسبما ينقل عن ريتشارد ميتشل، حيث انتشرت الدعوة وأصبحت في أوجها وصدرت القوانين الأساسية للجماعة ومجلتها الأسبوعية، واصدار مجلة النذير ، وانشاء الشعب، وتكوين التشكيلات الكشـــفية والرياضية، وتوضيح موقف الجماعة من الاصلاح الاجتماعي والسياسي وتشــــــجيع التعليم الديني ومقاومته التبشير، والدعوة الي المنهاج الاسلامي ومهاجمة الحكومات المقصرة اسلاميا مع مهاجمة الحزبية، وأخيرا مناصرة القضايا الاسلامية الوطنية، ولم يأت عام 1944 الا وكان كل مكان في مصر به شعبة من شعب الاخوان، حسبما ينقل المؤلف عن القيادي الاخواني محمود عبدالحليم.

ولا ينكر المؤلف الدور الذي قامت به الجماعة ابان الحرب الثانية حيث أعربت في خطاب لها لرئيس الوزراء علي ماهر عن تأييدها لعدم اشتراك مصر في الحرب ولعقد المساعدات المقدمة فيها لبريطانيا علي ما يلزمها به نص معاهدة 1936. ويضيف أنها فيما عدا ذلك واصلت الجماعة في الظاهر شرح قضيتها، كذلك قامت بدور فعال في اثارة المشاعر الوطنية ضد بريطانيا بالرغم من وجود حالة الحرب، الا أن المؤلف يشير الي تحالف الاخوان مع القصر ضد حزب الوفد الذي كان حزب الأغلبية وانتهي الأمر بالقبض علي حسن البنا وعبدالحكم عابدين أمين عام الجماعة عام 1941.

التحول الي حزب

في الفصل الثالث يعرض المؤلف للتحول منذ مؤتمر عام 1945 وذلك في ضوء مؤثرات ما بعد الحرب الثانية، حيث تحولت الحركة من جماعة الي هيئة الاخوان المسلمين العامة . وأعلن البنا أن الحركة أصبحت حزبا سياسيا وهو اشهار كان يتم لأول مرة، بعد ذلك يستعرض المؤلف استكمال الصياغة التنظيمية للاخوان، ثم بروز الوجه السياسي للحركة، حيث طرح البنا الرؤية السياسية للحركة التي تلخصت في اقامة الحكومة الاسلامية في كل قطر اسلامي، واحترام فرائض الاسلام وتحريم كل الموبقات كالخمر والزنا والقمار والكسب الحرام، وأن يتأسس تعليم اسلامي وأن تعد الشريعة الاسلامية هي المصدر الأول للقانون.

ثم يرصد المؤلف ما يسميه المحنة الأولي وحل الجماعة واغتيال حسن البنا وذلك بعد التنامي الملحوظ للجماعة منذ عام 1945 وتشكيل الجناح العسكري للاخوان واغتيال الخازندار والنقراشي الذي أصدر قرار حل الجماعة بعد تصاعد العمليات شبه اليومية للجهاز السري للاخوان، وقد رفض قاتل النقراشي في البداية الاعتراف بانتــــــمائه للجماعة لكن بعد أن أصدر البنا بيانـــــا قال فيه ان النقــــراشي مثال للنزاهة والعفة والوطنية جعل الشاب يعترف بجريمته، ثم اغتيال حسن البنا مساء السبت 12 شباط (فبراير) عام 1949 بعد أن حاول الجهاز السري تفجير محكمة الاستئناف للتخلص من الوثائق والمستندات التي تدين الجماعة.

في الفصل الرابع يتناول عبدالرحيم علي الاخوان والواقع السياسي المصري متناولا الاخوان والقصر ثم الاخوان و الوفد ، وكذلك مصر الفتاة والشيوعيين، ومما يذكره المؤلف في علاقة الاخوان بالشيوعيين هو طلب حسن البنا من السفارة الأمريكية تكوين مكتب مشترك بين الاخوان والأمريكان لمكافحة الشيوعية علي أن يكون أغلب أعضائه من الاخوان، وتتولي أمريكا ادارة المكتب ودفع مرتبات أعضاء الاخوان فيه.

وفي الفصل الخامس يتناول المؤلف الاخوان وموقفهم من قضايا رئيسية أولها الموقف من الديمقراطية والحزبية ويقول ان رسائل حسن البنا لا تخلو من مفارقات وتناقضات، فلا هي جماعة دينية تعمل في السياسة ولا هي جماعة سياسية ترفع شعارات دينية، ويذكر أن ما قاله البنا في البداية كان أقرب الي التمايل الشكلي والتلاعب اللفظي، ويقول المؤلف ان الجماعة تعلن دائما عن معاداتها للديمقراطية والتعددية ونظام الحكم الدستوري الذي يخلو من المنافسة والتعددية بحيث يخلو النظام من الأحزاب، حيث يعتقد الاخوان ـ حسب المؤلف ـ أن هذه الحزبية أفسدت علي الناس كل مرافق حياتهم وعطلت مصالحهم، وأتلفت أخلاقهم، ومزقت روابطهم وكان لها في حياتهم العامة والخاصة أسوأ الأثر.

الموقف من العنف

ثم يستعرض عبدالرحيم موقف الاخوان من العنف والارهاب، ويستعيد بالطبع التاريخ الذي ارتبط بتشكيل جهاز العمليات الخاصة بالاخوان والترتيب التنظيمي له ويستعيد كذلك عددا من الاغتيالات التي قام بها الجهاز مما يشير الي موقف الجماعة من العنف، وان كان موقفها الراهن موصوفا بالضبابية وعدم الوضوح، ثم يتناول المؤلف مذكرة حل الجماعة وكشف المستور، وهو يسوق ذلك عبر اعترافات العديد من القيادات بالتشكيلات والعمليات الارهابية التي قامت بها الجماعة.

ثم ينتقل المؤلف الي الموقف من المرأة وينقل عن الجماعة موقفها الداعي الي مقاومة التبرج والخلاعة وارشاد السيدات الي ما يجب أن يكون والتشديد في ذلك لا سيما علي المدرسات والتلميذات والطبيبات والطالبات ومن في حكمهن، واعادة النظر في مناهج تعلم البنات ووجوب التفريق بينهما وبين الاختلاط، ثم يستعرض موقف الاخوان من تولي المرأة المناصب العليا، وكذلك موقف الاخوان من الزي والمظهر، ويلخصها المؤلف في ذلك الموقف الاخواني القائل: حركة تحرير المرأة يحمل لواءها عبيد الاستعمار في العالم الاسلامي، ومن العجب أن يقوم بالدعاية لتحطيم الأسرة من يحسبون علي الاسلام، لقد تدهورت الآداب العامة ودفعت المرأة ضريبة فادحة، لما دفعت اليه من تبرج وانحلال واختلاط .

ثم ينتقل المؤلف الي موقف الاخوان من قضايا الوحدة الوطنية والموقف من الأقباط، ويعتبر أن هذه القضية من القضايا الدالة، سلبا وايجابا علي حالة مصر السياسية، وينقل عن رسالة للامام حسن البنا قوله: الاسلام يحمي الأقليات غير المسلمة ويصون حقوق الأجانب، غير أن الموقف كان متراوحا ووصل الي ذروته مع المرشد عمر التلمساني الذي شكك في ولاء غير المسلمين، ثم يستعرض المؤلف موقف الاسلام من بناء الكنائس عبر خطاب الاخوان المسلمين.

أما الباب الثاني الذي جاء تحت عنوان محطات في تاريخ الاخوان فقد ناقش الاخوان وثورة يوليو.. الوفاق والصدام، ثم الاخوان والسادات، والتنظيم الدولي للاخوان واقتصاديات الاخوان والأهداف الاستراتيجية بين الديني والسياسي، عبر مناقشة أفكار تيار الاخوان السبعيني، والمحافظين والمجددين ثم أسلحة المجتمع، ثم النقد الذاتي والموقف من السلطة، وعلاقة الاخوان بالولايات المتحدة، واستعراض انتخابات 2005 وآفاق المستقبل ثم تضمن الكتاب بعض الوثائق حول برامج الاخوان المسلمين.

التعليقات